فبيعت منه لؤلؤة أُخرى على ذلك الوصف، وكذا الكلام في الطعم والرائحة لمن كان مسلوب الذائقة والشامّة.
نعم، لو لم يُرَد من اختبار الأوصاف إلّا استعلام صحّته وفساده جاز شراؤها بوصف الصحّة كما في الدبس والدهن مثلاً، فإنّ المقصود من طعمهما ملاحظة عدم فسادهما، بخلاف بعض أنواع الفواكه والروائح التي تختلف قيمتها باختلاف طعمها ورائحتها، ولا يقصد من اختبار أوصافها ملاحظة صحّتها وفسادها»(1).
أقول: نحن نقترح حذف الاستشهاد بمسألة الغرر، لما مضى منّا من أنّ حديث نهي النبي(صل الله عليه وآله) عن بيع الغرر(2) _ بعد فرض تسليم سنده _ يكون أكبر الظنّ بمعنى النهي عن الخدعة، والنسبة بينها وبين عدم معرفة الصفات عموم من وجه.
فالأولى هو ما مضى منّا من الاستشهاد بنفس روايات اشتراط الكيل والوزن(3)؛ لأنّنا نفهم منها المنع عن بيع الجزاف، وقد يتّفق كون الجزاف لدى عدم معرفة صفات المبيع أشدّ من الجزاف لدى عدم الكيل والوزن.
والأولى بنا أن نترك المناقشة في بعض الأمثلة من قبيل ما مثّل به رحمه الله لما يكون اختباره لأجل فهم وصف الصحّة فحسب من الدبس، فلعلّ الدبس قد يختلف في الطعم أيضاً جودةً ورداءةً.
فيبقى أن نقسّم الأُمور بين ما يحتاج إلى الاختبار لأجل معرفة كونه صحيحاً أو معيباً وما يحتاج إلى الاختبار لأجل معرفة الجودة أو الرداءة.
أمّا ما لا يحتاج إلی اختباره إلّا لأجل معرفة الصحّة والعيب فالظاهر أنّه لا يجب فيه الاختبار؛ لأنّ الشرط المرتکز العقلائي وهو شرط الصحة کافٍ في إخراج البيع عن
(1) کتاب المكاسب، ج4، ص287.
(2) وسائل الشيعة، ج17، ص448، الباب40 من أبواب آداب التجارة، ح3.
(3) المصدر السابق، ص341 _ 342، الباب 4 من أبواب عقد البيع وشروطه.
کونه بيعاً جزافياً ولو وقع التصريح بینهما بشرط الصحّة وعدم العيب کان هذا آکد في عدم الجزاف، ولو اتفقا علی الاختبار في ما لا يفسده الاختبار فقد أصبح عدم الجزاف أوضح.
والأمر إلی هنا واضح لا غبار عليه.
ولکن الذي يستدعي الانتباه ما نسبه الشيخ؟ره؟ إلی بعض الأصحاب من أنّ ما لم يمکن فيه الاختبار لأنّه يفسده يجوز بيعه علی شرط الصحّة أو البراءة من العيوب(1).
فإنّنا لم نفهم ما معنی البراءة من العيوب، وکیف يتصوّر کون البراءة من العيوب مصحّحاً للبيع، أو لیست البراءة من العيوب توغّلاً في الجزاف؟!
ولهذا علّق السيد الخوئي؟ره؟ علی هذا الکلام بقوله: وأمّا ما اعتبره بعضهم من البراءة عن العيوب فإن أراد منه براءة المبيع عن العيوب فهذا عبارة أُخری عن اشتراط الصحّة في المبيع. وإن أراد منه تبرّي البائع عن العيوب بأن يبيع ويتبرّأ عن عيوب المبيع، وكأنّه يقول: بعتك هذا الموجود أعمّ من أن يكون معيباً أو صحيحاً، ورد عليه أنّ ذلك من أوضح أنحاء الغرر حينئذٍ، وهو نظير البيع كيفما كان، كما إذا باع حنطة موجودة أعمّ من أن تكون حقّة أو أزيد منها أو أنقص، وهو أمر غرري(2).
أقول: ونحن نوافق علی هذا الكلام مع تبديل كلمة الغرر بكلمة الجزاف. هذا.
ومن الطريف ما جرى على قلم الشيخ الأنصاري رحمه الله من التفصيل بين قسمين من الشكوك في بعض العيوب، فإنّ الشكّ في بعض العيوب قد لا يستلزم الغرر ككون الجارية ممّن لا تحيض في سنّ من تحيض ومثل هذا لا يعتبر إحراز السلامة عنه، وقد يستلزمه ككون الجارية خنثى وكون الدابّة لا تستطيع المشي أو الركوب
(1) کتاب المکاسب، ج4،ص292.
(2) موسوعة الإمام الخوئي(رحمه الله)، ج37، ص454.
والحمل عليها وهذه ممّا يعتبر إحراز السلامة عنها(1).
ولكنّه رحمه الله أوضح بعد أسطر بطلان ذلك بقوله: «ولكنّ الإنصاف أنّ مطلق العيب إذا التفت إليه المشتري وشكّ فيه فلابدّ من رفع الغرر من إحراز السلامة عنه إمّا بالاختبار وإمّا بالوصف وإمّا بالإطلاق إذا فرض قيامه مقام الوصف _ إمّا لأجل الانصراف وإمّا لأصالة السلامة _ من غير تفرقة بين العيوب أصلاً، فلابدّ إمّا من كفاية الإطلاق في الكلّ للأصل والانصراف، وإمّا من عدم كفايته في الكلّ...»(2).
ومع هذا التصريح منه رحمه الله لا أدري لماذا ورد في التنقيح نسبة هذا التفصيل إلى الشيخ ثم إبطاله(3).
وأمّا ما يحتاج إلى الاختبار لأجل معرفة مدى الجودة والرداءة بعد فرض الفراغ عن مشكلة الصحّة والسلامة _ ولو بمثل الشرط الضمني العقلائي _ فهذا يمكن تقسيمه إلى عدّة أقسام:
القسم الأوّل: ما ينضبط بضابط عرفي بمقدار دخله في القيمة ويكون بإمكان البائع ضمانه للمشتري، فيكفي في صحّة إخبار البائع به ووقوعه بالتالي في الشرط الضمني العقلائي بينه وبين المشتري، فإنّ الجزاف يرتفع بذلك، ولو اتّفقا على الاختبار فيما لا يوجب الاختبار فيه فساده كان الأمر أضبط.
والقسم الثاني: ما لا يقدر البائع فيه على إعطاء مستوى الجودة والرداءة للمشتري، فلا يمكنه مثلاً توضيح مقدار الحلاوة أو عذوبة الطعم ولكن يمكن الاختبار من دون أدائه إلى فساد العين، فهنا يتعيّن توافقهما على الاختبار حتّى يرتفع الجزاف.
والقسم الثالث: ما لا يقدر البائع فيه على إعطاء مستوى الجودة والرداءة إلّا
(1) کتاب المكاسب، ج4، ص294.
(2) المصدر السابق.
(3) موسوعة الإمام الخوئي(رحمه الله)، ج37، ص452 _ 453.
بالاختبار ولكنّ الاختبار غير ممكن له؛ لاستلزامه فساد العين أو سقوطه عن القيمة التي تثبت له قبل الكسر كما في مثل البرتقال مثلاً في الغالب وقد يتّفق ذلك في مثل الرقّي والبطّيخ أيضاً.
وفي هذا الفرض لا يدخل المقدار من التفاوت المجهول في عذوبة الطعم أو شدّة الحلاوة مثلاً في مقدار القيمة ولا مالية عرفاً لهذا التفاوت، فلا يصدق هنا في نظر العرف الجزاف بلحاظ مجهولية مدى العذوبة أو الحلاوة أو نحو ذلك، فيصحّ البيع بلا اختبار.
هذا هو التقسيم الثلاثي المفهوم بهذا الشكل أو بما يشبهه من كتاب التنقيح(1).
رفض البائع للاختبار
وهناك حالة لم يعرف حكمها من المقدار الموجود في التنقيح، وهي أنّه قد يتّفق عدم قبول البائع بالاختبار؛ لأنّه يفسد طعامه أو يكسر قيمته ولكن هناك أوصاف وعلائم ظاهرية تدلّ على مقدار معتدّ به من عذوبة الفاكهة مثلاً أو كون البرتقال ريّاناً أو قليل الماء أو كون البطّيخ حلواً أو غير حلو ونحو ذلك، فهل تجب على المتبايعين الدقّة في تلك الأوصاف حتّى لا يلزم الجزاف أو لا؟ ولو كان أحدهما لا يعرف هذه الأوصاف فهل عليه أن يتعلّم ذلك حتّى يرتفع الجزاف _ أو يرتفع الغرر على حدّ تعبيرهم _ لوضوح دخل ذلك في مقدار القيمة، أو لا يجب؟
وعلى تقدير عدم الوجوب أفليس هذا اعترافاً بعدم مبطلية الجزاف أو الغرر؟!
وعلى تقدير الوجوب أفليس هذا يعني بطلان كثير من البيوع العرفية الجارية لدى العقلاء والمتشرّعة؟!
ونقترح لحلّ هذه المشكلة عدّة اقتراحات:
(1) موسوعة الإمام الخوئي(رحمه الله)، ج37، ص456 _ 457.
الأوّل: أن يقال: إنّ الدليل اللفظي إنّما دلّ على وجوب معلومية كمّية المبيع من كيل أو وزن مثلاً، ولا نقيس على ذلك كيفية المبيع، فلا نحكم بوجوب معرفة كيفيّته.
ويرد عليه: أنّ الجزاف الموجود في عدم معرفة الكيفية قد يكون أشدّ بكثير من الجزاف الموجود في عدم معرفة الكمية، كما لو فرضنا الفاصل الكمّي المحتمل قليلاً والفاصل الكيفي المحتمل كبيراً، فلا شكّ في أنّ الفهم العرفي يتعدّى من مفاد الدليل اللفظي الدالّ على وجوب معرفة الكمّ إلى وجوب معرفة الكيف.
والثاني: أن يقال: إنّ المبيعات كما تختلف تبعاً للعرف من حيث ضرورة الدقّة في مقدارها، فمنها ما يكون مكيلاً أو موزوناً فترك الكيل والوزن يعدّ فيها جزافاً (أو غرراً على حدّ بعض التعبيرات)، ومنها ما لا يكون كذلك فيكتفی فيها التقدير بالرؤية مثلاً، كذلك الحال في الكيفية، فمنها ما يرى العرف في ذلك أنّ عدم الاختبار يعدّ جزافاً فلابدّ من الاختبار فيه أو الشرط حتّى يخرج عن الجزاف، ومنها ما لا يكون كذلك فلا يجب فيه الاختبار أو الشرط ويكتفی بالرؤية مثلاً، وتمييز هذا القسم عن ذاك القسم بيد العرف، ولا يوجد لدى العقل ضابط كلّي لذلك.
وهذا الوجه أيضاً مشكل؛ فإنّ نفوذ الرؤية المتعارفة في تشخيص الكمّية في غير مثل الموزونات والمعدودات أوضح بكثير من نفوذها في تشخيص بواطن الأمتعة، بل لا نفوذ لها في الثاني لغير من يعرف العلائم الظاهرية الكاشفة، فلا يمكن قياس هذا بذاك.
والثالث: أن يقال: إنّ المقياس في مثل هذه الأُمور هو الانتخاب وعدم الانتخاب، فللمتاع سعران سوقيّان مشخّصان: أحدهما سعره في فرض الانتخاب والآخر سعره في فرض عدم الانتخاب، والأخذ بالانتخاب أو بعدمه لا يعدّ جزافاً؛ لأنّ لكلّ واحد منهما سعره السوقي المخصوص به، ولا فرق في فرض عدم الانتخاب أن يكون ذلك بسبب التوافق بين البائع والمشتري على عدم الانتخاب وعلى سِعره الذي يتّفقان عليه في فرضه أو يكون ذلك بسبب جهل المشتري بالعلائم الدالّة على الجودة والرداءة.
صُور انکشاف فساد المبيع وأحکامها
مسألة: إذا تبيّن فساد المبيع فقد ذكر الشيخ الأنصاري رحمه الله لذلك أقساماً(1).
ونحن نتّبع هنا في طريقة التقسيم ما ورد في التنقيح(2)، لكونه أرتب وأوضح ثم نبدأ ببيان الحكم إن شاء الله.
فنقول: إذا باع ما يفسده الاختبار فكان الشراء بمثل الشرط الصريح أو الضمني العقلائي للصحّة ثم تبيّن فاسداً، فهناك ستّ صور:
لأنّ الفاسد تارة يساوي الصحيح بحسب القيمة ولا تختلف قيمته بحسب الصحّة والفساد. وقد مثّل لذلك في التنقيح(3) بما أخبر عنه _ عن زمان سالِف في النجف الأشرف _ من أنّ أواني الصفر كان هناك في وقت مّا صحيحها وفاسدها متساويين في القيمة؛ لأنّ الذي كان يتحكّم في السعر كان هو مادّة الصفر، غاية ما هناك أنّ شخصاً كان يتعلّق غرضه صدفةً بالصفر بصورة معيّنة كقدر للطبخ، فإذا اشترى الصفر بصورة القِدر ثم تبيّن فساد الصورة قال: إنّ العين المشتراة تبيّنت فاسدة.
وأُخرى: تكون قيمة الفاسد أقلّ من قيمة الصحيح كما هو المتعارف غالباً.
وثالثة: لا تكون للفاسد قيمة أصلاً كالبطّيخ المدوّد إلى حدّ يفترض أنّه غير قابل للأكل ولا لشيء آخر.
وعلى جميع التقادير الثلاثة ربّما يظهر الفساد بعد الكسر والتصرّف في المبيع، وأُخرى قبل الكسر والتصرّف. فهذه ستّ صور:
أمّا إذا فرضنا أنّ الفاسد مساوٍ بحسب القيمة للصحيح ولم يتصرّف المشتري فيه
(1) کتاب المكاسب، ج4، ص295 _ 296.
(2) موسوعة الإمام الخوئي(رحمه الله)، ج37، ص458 _ 459.
(3) المصدر السابق، ص458.
بالكسر فقد أفاد السيّد الخوئي رحمه الله: أنّ للمشتري الردّ خاصّة دون الأرش ومطالبة التفاوت بين قيمة الصحيح والفاسد؛ لأنّ الفرض عدم اختلاف القيمة بحسب الصحّة والفساد(1).
أقول: وبناء على أنّ رتبة الأرش تأتي بعد تعذّر الردّ فالأمر أوضح.
وأمّا إذا ظهر الفساد في هذه الصورة بعد الكسر والتصرّف فقد أفاد رحمه الله: أنّه ليس للمشتري لا الأرش ولا الردّ؛ أمّا أنّه ليس له الأرش فلأنّ المفروض عدم التفاوت بين القيمتين، وأمّا أنّه ليس له الردّ فلأجل التصرّف فيه بالكسر المانع عن الردّ(2).
وأمّا إذا فرضنا أنّ الفاسد أنقص بحسب القيمة من الصحيح ولم يتصرّف المشتري فيه بالكسر وبعد البيع ظهر الفساد فقد أفاد رحمه الله: أنّ للمشتري الردّ ومطالبة البائع بالأرش(3).
أقول: هذا مبنيّ على كون الأرش في عرض الردّ، دون ما لو قلنا بأنّ الأرش إنّما يكون بعد تعذّر الردّ.
وأمّا لو فرضنا أنّ الفاسد أنقص بحسب القيمة من الصحيح وقد وقع التصرّف بالكسر فقد أفاد رحمه الله: أنّه سقط الردّ وله الأرش.
وأمّا إذا لم تكن للفاسد قيمة أصلاً فقد أفاد رحمه الله: أنّ البيع باطل؛ لانكشاف أنّ العقد وقع على ما لا مالية له بحسب الفرض، وهذا من دون فرق بين القول باعتبار المالية في المبيع وبين القول بعدم اعتبارها؛ لأنّ الشيء بوصف أنّه من المتموّل يغاير الشيء المسلوب عنه المالية عند العرف ويعدّان شيئين متغايرين، فصورته النوعية مباينة له بعد سلب المالية عنه وإن كانا متّحدين في نظر العقل، والصورة النوعية
(1) المصدر السابق، ص459.
(2) المصدر السابق.
(3) المصدر السابق.
مقوّمة للمبيع وبتبدّلها ينعدم المبيع قهراً ولو لم نعتبر المالية فيه(1).
أقول: وبهذا تمّ بيان أحكام الصور الستّ، فإنّ الفرض الأخير _ وهو فرض ما إذا لم يكن للفاسد قيمة _ لا يفرّق فيه بين ما إذا كان انكشاف الفساد قبل الكسر أو بعده، فإذا قُسّم الفرض الأخير وهو الفرض الخامس إلى فرض انكشاف الفساد قبل الكسر وانكشافه بعد الكسر فقد تمّ بيان أحكام الفروض الستّ.
ثم إنّ مؤونة نقل المبيع الفاسد إلى محلّ الاختبار لو لم يرض المشتري بالبيع بعد انكشاف الفساد بالاختبار أو كان الفساد بنحو يُبطِل البيع إنّما يكون على البائع لو كان يعتبر غارّاً له على أساس رجوع المغرور إلى الغارّ، أمّا لو لم يكن يعدّ غارّاً كما لو كان البائع أيضاً جاهلاً فلا دليل على ضمانه. وكذلك الحال في مؤونة نقل المتاع من محلّ الاختبار إلى البائع لو لم يوافق البائع على عدم الإرجاع عليه، فالبائع ضامن للمؤونة إن كان غارّاً.
وأمّا مؤونة تنظيف المكان الذي تلوّث بالاختبار إن كانت له مؤونة فأيضاً إنّما يضمنها البائع لو كان غارّاً.
نعم، لو كان التنظيف واجباً عليه شرعاً كما لو وقع التلوّث في ملك أحد فألزمه المالك بالتنظيف فقد أفاد السيّد الخوئي رحمه الله: أنّه لا ضمان على البائع لتلك المؤونة حتّى ولو كان غارّاً في أصل البيع؛ لأنّ جعل الاختبار في مكان يجب بعد ذلك تنظيفه كان بسوء اختيار المشتري نفسه، ولا علاقة لذلك بتغرير البائع(2).
وهذا الكلام من السيّد الخوئي رحمه الله غريب؛ فإنّنا لو قلنا بجواز رجوع المشتري في مؤونة تنظيف بيته إلى البائع الغارّ فعجباً لماذا لا يرجع إليه في مؤونة تنظيف مكان يجب عليه تنظيفه؟!
(1) موسوعة الإمام الخوئي(رحمه الله)، ج37، ص459 _ 460.
(2) المصدر السابق، ص465.
بيع المسك في فأرته
مسألة في بيع المسك في فأرته(1).
قال الشيخ رحمه الله: «المشهور _ من غير خلاف يذكر _ جواز بيع المسك في فأره، والفأر _ بالهمزة _ قيل: جمع فأرة كتمر وتمرة، وعن النهاية أنّه قد لا يهمز تخفيفاً. ومستند الحكم العمومات غير المزاحمة بما يصلح للتخصيص»(2). ومقصوده بالعمومات عمومات حلّية البيع أو الوفاء بالعقود.
ثم ذكر(قدس سره) وجوهاً ثلاثة لإخراجه عن العمومات:
الوجه الأوّل: توهّم نجاسته باعتبار كون المسك دماً منجمداً.
وأجاب عليه بأنّه مندفع في باب النجاسات بالنصّ والإجماع(3).
أقول: بما أنّ الشيخ رحمه الله حوّل الكلام هنا إلى باب النجاسات فلا بأس أن أذكر أوّلاً نصّ كلام الشيخ حول أقسام المسك في باب النجاسات ثم أذكر روايات الباب. ثم أبدأ بتحقيق حكم فأرة المسك من ناحية النجاسة ومن ناحية البيع.
نقل الشيخ في كتاب الطهارة(4) عن تحفة الحكيم مؤمن(5) أنّ للمسك أقساماً أربعة:
أحدها: المسك التركي، وهو دم يقذفه الظبي بطريق الحيض أو البواسير فينجمد على الأحجار.
الثاني: الهندي ولونه أخضر: دم ذبح(6) الظبي المعجون مع روثه وكبده، ولونه أشقر.
(1) المقصود بالفأرة هنا سرّة غزال المسك ويعبّر عنها بنافجة الغزال، وكأنّ «النافجة» معرّب «ناف» بالفارسية.
(2) کتاب المكاسب، ج4، ص305.
(3) المصدر السابق.
(4) كتاب الطهارة(للشيخ الأنصاري)، ج5، ص57.
(5) تحفه حكيم، ص809
(6) الظاهر أنّ المقصود «دم يؤخذ من منحره» وطبعاً هذا نجس؛ لأنّه ليس من الدم المتخلّف بعد الذبح والتذكية.
قال الشيخ رحمه الله: وهذان ممّا لا إشكال في نجاستهما.
الثالث: دم يجتمع في سرّة الظبي بعد صيده، يحصل من شقّ موضع الفأرة وتغميز أطراف السرّة حتّى يجتمع الدم، فيجمد ولونه أسود.
قال الشيخ رحمه الله: وهو طاهر مع تذكية الظبي، نجس لا معها.
الرابع: مسك الفأرة(1) وهو دم يجتمع في أطراف سرّته ثم يعرض للموضع حكّة تسقط بسببها الدم مع جلدة هي وعاء له.
قال الشيخ رحمه الله: وهذا وإن كان مقتضى القاعدة نجاسته؛ لأنّه دم ذي النفس إلّا أنّ الإجماع دلّ على خروجه عن هذا العموم؛ إمّا لخروج موضوعه بدعوى استحالة الدم، أو بدعوى التخصيص في العموم. انتهى ما أردنا نقله عن عبارة الشيخ حول أقسام المسك.
وأمّا روايات الباب الواردة في الوسائل فهي ما يلي:
1_ صحيحة علي بن جعفر عن أخيه عليه السلام قال: «سألته عن فأرة المسك تكون مع من يصلّي وهي في جيبه أو ثيابه؟ فقال: لا بأس بذلك»(2).
2_ صحيحة عبدالله بن جعفر الحميري قال: «كتبت إليه _ يعني أبا محمد عليه السلام _ يجوز للرجل أن يصلّي ومعه فأرة المسك؟ فكتب(عليه السلام): لا بأس به إذا كان ذكيّاً»(3).
(1) ظاهر هذه العبارة أنّ مسك الفأرة اسم لخصوص ما تسقط بسبب الحك، ولكن يردّ ذلك صحيح عبدالله بن جعفر كتبت إليه _ يعني أبا محمد(عليه السلام) _ «...يجوز للرجل أن يصلّي ومعه فأرة المسك؟ فكتب(عليه السلام): لا بأس به إذا كان ذكيّاً» وسائل الشيعة، ج4، ص433، الباب 41 من أبواب لباس المصلّي، ح2. وبغضّ النظر عن هذه الرواية لا إشكال في أنّ المعنى اللغوي يقتضي إطلاق مسك الفأرة أو فأرة المسك لكلا القسمين؛ فإنّ الفأرة معناها النافجة أو السرّة.
(2) وسائل الشيعة، ج4، ص433، الباب41 من أبواب لباس المصلّي، ح1.
(3) المصدر السابق، ح2.
3_ رواية عبدالله بن الحارث غير التامّة سنداً، قال: «كانت لعليّ بن الحسين عليه السلام قارورة مسك في مسجده، فإذا دخل إلى الصلاة أخذ منه فتمسّح به»(1).
4_ صحيحة عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله عليه السلام قال: «كانت لرسول الله(صل الله عليه وآله) ممسكةٌ إذا هو توضّأ أخذها بيده وهي رطبة، فكان إذا خرج عرفوا أنّه رسول الله(صل الله عليه وآله) برائحته»(2).
5_ رواية أبي البختري عن أبي عبدالله(عليه السلام): «إنّ رسول الله(صل الله عليه وآله) كان يتطيّب بالمسك حتّى يرى وبيصه(3)في مفارقه»(4).
وقد قال النجاشي عن أبي البختري: «كان كذّاباً وله أحاديث مع الرشيد في الكذب»(5)، وقال الشيخ: «عاميّ المذهب ضعيف»(6).
6_ موثّقة الحسن بن جهم قال: «دخلت على أبي الحسن عليه السلام فأخرج إليّ مخزنةً فيها مسك فقال: خذ من هذا فأخذت منه شيئاً فتمسّحت به، فقال: أصلح واجعل في لبّتك(7) منه، قال: فأخذت منه قليلاً فجعلته في لبّتي، فقال: أصلح فأخذت منه أيضاً فمكث في يدي شيء صالح، فقال لي: اجعل في لبّتك(8)»(9).
(1) المصدر السابق، ص435، ح4.
(2) المصدر السابق، ص434، ح1.
(3) الوبيص: البريق.
(4) وسائل الشيعة، ج2، ص149، الباب95 من أبواب آداب الحمّام، ح4.
(5) رجال النجاشي، ص430، رقم1155
(6) الفهرست، ص173، رقم757.
(7) اللبّة: المنحر.
(8) قال الشيخ الحرّ (رحمه الله) في نسخة: لبّيتك. الکافي، ج6،ص512، باب فضل الطيب من أبواب قضاء التفث والتزین. ح3.
(9) وسائل الشيعة، ج2، ص148، الباب 43 من أبواب لباس المصلّي، ح1.
7_ موثّقة الحسين بن الجهم قال: «أخرج إليّ أبو الحسن عليه السلام مخزنة فيها مسك من عتيدة(1) آبنوس(2) فيها بيوت كلّها ممّا يتّخذها النساء»(3).
8_ رواية الوشّاء غير التامّة سنداً، قال: «سمعت أبا عبدالله(عليه السلام)(4) يقول: كان لعليّ بن الحسين عليه السلام أشبيدانة(5) رصاص معلّقة فيها مسك، فإذا أراد أن يخرج ولبس ثيابه تناولها وأخرج منها فتمسّح به»(6).
9_ رواية نوح بن شعيب عن بعض أصحابنا عن أبي الحسن عليه السلام قال: «كان يرى وبيص المسك في مفرق رسول الله(صل الله عليه وآله)»(7).
10_ صحيحة علي بن جعفر عن أخيه أبي الحسن عليه السلام «قال: سألته عن المسك في الدهن أيصلح؟ فقال: إنّي لأصنعه في الدهن، ولا بأس»(8).
11_ قال الكليني: «وروي أنّه لا بأس بصنع المسك في الطعام»(9).
12_ صحيحة علي بن جعفر في كتابه عن أخيه قال: «سألته عن المسك والعنبر وغيره من الطيب يجعل في الطعام؟ قال: لا بأس»(10).
13_ صحيحة علي بن جعفر عن أخيه «سألته عن المسك يصلح في الدهن؟
(1) العتيدة حقة يکون فيها طيب الرجل والعروس.
(2) آبنوس شجرٌ خشبه أسود صلب.
(3) وسائل الشيعة، ج2، ص148، باب95 من أبواب آداب الحمام والتنظیف، ح2.
(4) قال مخرّج الوسائل: في المصدر: أبا الحسن.
(5) أشبیدانة: موضع الطيب، معرّب. وفي بعض النسخ (شاندانة) وکأنّه معرّب بمعنی محلّ المشط
(6) وسائل الشيعة، ج2، ص149، باب95 من أبواب آداب الحمام والتنظیف ، ح3.
(7) المصدر السابق، ح6، ص150.
(8) المصدر السابق، ح7، ص150.
(9) الکافي، ج6، ص515، باب المسك من کتاب الزي والتجمل والمروءة، ح8.
(10) وسائل الشيعة، ج2، ص150، باب95 من أبواب آداب الحمام والتنظیف، ح9.
قال: إنّي لأصنعه في الدهن، ولا بأس»(1).
14_ صحيحة معمّر بن خلّاد قال: «أمرني أبو الحسن الرضا عليه السلام فعملت له دهناً فيه مسك وعنبر، وأمرني أن أكتب في قرطاس آية الكرسي وأُمّ الكتاب والمعوّذتين وقوارع من القرآن وأجعله بين الغلاف والقارورة ففعلت، ثم أتيته فتغلّف به وأنا أنظر إليه»(2).
15_ رواية عبدالغفّار غير التامّة سنداً، قال: «سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: الطيب: المسك والعنبر والزعفران والعود»(3).
حکم البيع بلحاظ شبهة النجاسة
وأمّا تحقيق الحال في فأرة المسك من ناحية البيع بلحاظ شبهة نجاسته:
فلا ينبغي الإشكال في جواز بيعها حتّى ولو كانت نجساً؛ وذلك لأنّه يكفي في جواز بيعها وجود منفعة محلّلة لها وهي الشمّ، ولهذا أفاد السيّد الخوئي رحمه الله في المقام: أنّ النجاسة بما هي غير مانعة عن البيع على ما حقّقناه في بحث المكاسب المحرّمة(4).
تحقيق الکلام في طهارة الفأرة ونجاستها
يبقى الكلام في النجاسة والطهارة.
فنقول: إنّ فأرة المسك على قسمين:
القسم الأوّل: أن تبقى متّصلة بالغزال إلى أن تذكّى، وهذه لا إشكال في طهارتها بحكم أدلّة التذكية، أمّا المسك الذي في الفأرة إن كان دماً غير متحوّل إلى ما هو
(1) المصدر السابق، ح10.
(2) المصدر السابق، ص151، الباب97 من أبواب آداب الحمام والتنظيف، ح1.
(3) المصدر السابق، ص152، ح2.
(4) موسوعة الإمام الخوئي(رحمه الله)، ج37، ص467.
خارج عن حقيقة الدم فأيضاً لا إشكال في طهارته على ما هو حكم الدم المتخلّف بعد التذكية بلا إشكال.
والقسم الثاني: هي الفأرة التي تسقط من الغزال على أساس تجمّع الدم في أطراف سرّته ثم يعرض للموضع حكّة وتسقط بالحكّ.
وهذا هو الذي نقلنا بشأنه عن الشيخ الأنصاري رحمه الله أنّه قال: «هذا وإن كان مقتضى القاعدة نجاسته؛ لأنّه دم ذي النفس إلّا أنّ الإجماع دلّ على خروجه عن هذا العموم إمّا لخروج موضوعه بدعوى استحالة الدم أو بدعوى التخصيص في العموم»(1).
أقول: لا ينبغي الإشكال في الحكم بطهارة هذا القسم أيضاً؛ وذلك لبعض الروايات المتقدّمة.
وشرح الكلام في تلك الروايات ما يلي:
أمّا الرواية الأُولى وهي صحيحة علي بن جعفر: «سألته عن فأرة المسك تكون مع من يصلّي وهي في جيبه أو ثيابه؟ فقال: لا بأس بذلك» فهي لا تدلّ على الطهارة أصلاً بناء على ما هو الحقّ من أنّ حمل عين النجاسة في الصلاة ما لم ينجّس اللباس أو البدن جائز إلّا إذا كان جزءاً من ميتة أو من حيوان لا يسوغ أكله كدم الأرنب.
وأمّا الرواية الثانية وهي صحيحة عبدالله بن جعفر الحميري: «كتبت إليه يجوز للرجل أن يصلّي ومعه فأرة المسك؟ فكتب(عليه السلام): لا بأس به إذا كان ذكيّاً»، فهي أيضاً لا تدلّ على الطهارة بنفس النكتة التي بيّنّاها في الرواية الأُولى.
بل قد يقال: إنّها تدلّ بإطلاقها على نجاسة الفأرة التي تقع بالحكّ؛ لأنّها داخلة في إطلاق مفهوم قوله: «إذا كان ذكيّاً» بناء على الإيمان بإطلاق مفهوم الشرط.
ولكن الظاهر عدم تمامية هذا الإطلاق هنا؛ فإنّ المنصرف من قوله: «إذا كان ذكيّاً» أنّ المفروض زهاق روح الغزال، ففصّل الإمام عليه السلام بين فرض الذكاة وفرض
(1) كتاب الطهارة (للشيخ الأنصاري)، ج5، ص57.
الموت، وبكلمة أُخرى: إنّ الذكيّ يذكر في مقابل الميتة.
وأمّا الرواية الثالثة وهي رواية عبدالله بن الحارث: «كانت لعليّ بن الحسين عليه السلام قارورة مسك في مسجده، فإذا دخل إلى الصلاة أخذ منه فتمسّح به» فلا إشكال في دلالتها على الطهارة، لكنّها أوّلاً غير تامّة السند، وثانياً لا إطلاق فيها للقسم الذي يقع بالحكّ؛ إذ ما يُدري عبدالله بن الحارث أنّ المسك الذي كان يستعمله علي بن الحسين عليه السلام من أيّ القسمين كان.
وأمّا الرواية الرابعة وهي صحيحة عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله(عليه السلام): «كانت لرسول الله(صل الله عليه وآله) ممسكة إذا هو توّضأ أخذها بيده، وهي رطبة، فكان إذا خرج عرفوا أنّه رسول الله برائحته» فهذه الرواية ظاهرة في طهارة مسك الفأرة بكلا قسميها، أي التي تؤخذ بعد التذكية والتي تسقط بالحكّة؛ لأنّ الإمام الصادق عليه السلام حينما يروي فعل رسول الله(صل الله عليه وآله) من استعماله للمسك حتّى كان يعرف المسلمون برائحة المسك أنّه قد أقبل رسول الله فإنّ هذا النقل ظاهر في أنّه يريد عليه السلام توضيح حكم المسك تمسّكاً بفعل رسول الله.
ومن الواضح أنّ هذه الرواية لا تشمل الدم الذي يقذفه الظبي بطريق الحيض أو البواسير أو الذي يؤخذ من منحر الظبي حين ذبحه ويُعجن بروثه وكبده، فإنّ المنصرف من هذا الإطلاق إنّما هو مسك الفأرة؛ إمّا بمناسبات الحكم والموضوع؛ لأنّ تلك الأقسام لا تناسبه الطهارة، وإمّا لأنّ المتعارف قصده من كلمة المسك مسك الفأرة، ولو كان فرق بين الفأرة المأخوذة بعد التذكية والفأرة التي تسقط من الغزال في حياته على أثر عروض الحكّة كان على الإمام أن يفصّل بينهما، فهذه الرواية تدلّ على طهارة مسك الفأرة بكلا قسميه.
وأمّا الرواية الخامسة وهي رواية أبي البختري عن أبي عبدالله(عليه السلام): «إنّ رسول الله(صل الله عليه وآله)
كان يتطيّب بالمسك حتّى يرى مبيصه في مفارقه» فهي في الدلالة كالرواية الرابعة. ولكنّك عرفت أنّها ساقطة سنداً.
وأمّا الرواية السادسة وهي موثّقة الحسين بن الجهم: «دخلت على أبي الحسن عليه السلام فأخرج إليّ مخزنة فيها مسك فقال: خذ من هذا فأخذت منه شيئاً فتمسّحت به» فلا إشكال في دلالتها على طهارة مسك الفأرة، لكن لا يعرف منها الإطلاق لكلا قسمي الفارة.
وأمّا الرواية السابعة وهي موثّقته الأُخرى: «أخرج إليّ أبوالحسن عليه السلام مخزنة فيها مسك عتيدة آبنوس فيها بيوت كلّها ممّا يتّخذها النساء» فهي كسابقتها.
وأمّا الرواية الثامنة وهي رواية الوشّاء «سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: كان لعليّ بن الحسين عليه السلام آشبيدانة رصاص معلّقة فيها مسك، فإذا أراد أن يخرج ولبس ثيابه تناولها وأخرج منها فتمسّح به» فيمكن أن يقال بتمامية الإطلاق فيها لكلا قسمي الفأرة إن فهمنا منها إرادة بيان الحكم، لا مجرّد سرد قصّة، ولكن مضت منّا الإشارة إلى ضعف سندها.
وأمّا الرواية التاسعة وهي مرسلة نوح بن شعيب عن بعض أصحابنا عن أبي الحسن عليه السلام قال: «كان يرى وبيص المسك في مفرق رسول الله(صل الله عليه وآله)» فلا حجّية لسندها.
وأمّا الرواية العاشرة وهي صحيحة علي بن جعفر عن أخيه أبي الحسن(عليه السلام): «سألته عن المسك في الدهن، أيصلح؟ فقال(عليه السلام): إنّي لأصنعه في الدهن ولا بأس به» فإطلاقها لكلا قسمي الفأرة واضح.
وهذه الرواية أقوى دلالة من الرواية الرابعة، أعني صحيحة عبدالله بن سنان؛ إذ لو شكّك أحد بشأن تلك الصحيحة في كون الإمام بصدد بيان الحكم الشرعي لا مجرّد سرد قصّة عن رسول الله(صل الله عليه وآله) فهذه صريحة في أنّ أبا الحسن عليه السلام كان بصدد بيان الحكم الشرعي؛ لأنّ كلامه كان جواباً على سؤال علي بن جعفر عن صلاحية المسك في الدهن.
ومثلها الرواية الثانية عشرة، وهي أيضاً صحيحة علي بن جعفر: «سألته عن المسك والعنبر وغيره من الطيّب يجعل في الطعام؟ قال: لا بأس به».
ومثلها الرواية الثالثة عشرة، وهي أيضاً صحيحة علي بن جعفر عن أخيه: «سألته عن المسك يصلح في الدهن؟ قال: إنّي لأصنعه في الدهن، ولا بأس».
ويحتمل كونها في الحقيقة عين الرواية العاشرة.
وأمّا الرواية الحادية عشرة وهي مرسلة الكليني: «وروي أنّه لا بأس بصنع المسك في الطعام» فعيبها إرسالها، ويمكن كونها إشارة إلى إحدى الروايات السابقة عن علي بن جعفر.
وأمّا الرواية الرابعة عشرة وهي صحيحة معمّر بن خلّاد: «أمرني أبو الحسن الرضا عليه السلام فعملت له دهناً فيه مسك وعنبر...» فهي أيضاً واضحة في طهارة مسك الفأرة، وواضحة في الإطلاق لكلا قسمي الفأرة؛ إذ لو كان يختلف الحكم باختلافهما لكان على أبي الحسن الرضا عليه السلام أن يعيّن لمعمّر بن خلّاد القسم الجائز.
وأمّا الرواية الخامسة عشرة وهي رواية عبدالغفّار فلو فرض تمامية إطلاقها فقد أشرنا أنّها غير تامّة سنداً.
استدلال الشهيد الصدر رحمه الله علی طهارة فأرة المسك
ثم إنّ أُستاذنا الشهيد الصدر رحمه الله له بحث(1) حول فأرة المسك والدم المنجمد فيها _ وترك الحديث عمّا قد يسمّى بالمسك التركي أو المسك الهندي _ ننقل جزءاً منه مع تغيير في العبارة.
فقد أفاد: أنّ فأرة المسك والمسك الموجود فيها على أربعة أقسام:
الأوّل: المأخوذة من الغزال المذكّى بعد تذكيته.
(1) بحوث في شرح العروة الوثقى، ج3، ص108 _ 124.
والثاني: المأخوذة من الغزال الحيّ باعتبار انفصالها عنه بالحكّ.
والثالث: المأخوذة من الغزال الحي بانتزاعها منه انتزاعاً.
والرابع: المأخوذة من ميتة الغزال.
أمّا القسم الأوّل: وهي المأخوذة من الغزال المذكّى بعد تذكيته فلا إشكال في طهارة الفأرة وطهارة المسك الذي في داخلها أيضاً حتّى لو كان دماً غير مستحيل باعتباره من الدم المتخلّف.
وأمّا القسم الثاني: وهي المأخوذة من الغزال الحيّ باعتبار انفصالها عنه بالحكّ فلا دليل على نجاسة نفس الفأرة حتّى لو قلنا بنجاستها لو قطعت من الميتة؛ فإنّ هذه ليست مقطوعة من الميتة.
نعم، هناك روايات وردت في نجاسة بعض الأعضاء المقطوعة من الحيّ من قبيل إليات الغنم وما قطعته شبكة الصيد من يد ورجل، ولكن من الواضح احتمال الفرق عرفاً بين تلك القطعات والفأرة التي يلقيها الغزال بطبعه.
وأمّا المسك الموجود في تلك الفأرة فيأتي فيه احتمال النجاسة من حيث كونه دماً.
فأفاد رحمه الله: أنّ الجواب على هذا الإشكال أحد وجوه أربعة:
أوّلاً: أنّه ليس دماً عرفاً سواء فرضناه دماً بحسب تحليله العلمي أو فرضنا أنّه ليس دماً حتّى بحسب التحليل العلمي على ما نقل عن بعض الخبراء.
وثانياً: لا إطلاق لأدلّة نجاسة الدم؛ فإنّ دليل نجاسة دم الحيوان ذي النفس السائلة إنّما ورد في موارد خاصّة كدم الرعاف والحكّة والقروح والجروح، ولا نتعدّى منها إلّا إلى ما نجزم فيه بعدم الفرق، واحتمال الفرق فيما نحن فيه واضح.
وثالثاً: أنّه لو فرض تمامية إطلاق على نجاسة كلّ دم من الحيوان ذي النفس السائلة قلنا بعدم شموله لهذا الدم باعتباره متكوّناً في داخل الفأرة، نظير الدم المتكوّن في البيضة، فلا يكون دم الحيوان.
ورابعاً: التمسّك بسيرة المتشرّعة على معاملة المسك بل وفأرته أيضاً معاملة الطاهر في استعمالاتهم الكثيرة ممّا يكشف عن تجويز الشارع لذلك وإمضائه. والسيرة وإن كانت دليلاً لبّيّاً لا إطلاق فيها، لكنّنا نأخذ بها في القدر المتيقّن منها وهو المتّخذ من الحيّ والذي انفصل بنفسه وبالحكّ.
وأمّا القسم الثالث: وهي الفأرة المأخوذة من الغزال الحيّ بانتزاعها منه انتزاعاً فقد يقال في ذلك بنجاسة نفس الفأرة بدليل روايات نجاسة بعض الأعضاء المقطوعة من الحيّ من قبيل إليات الغنم وما قطعته شبكة الصيد من يد ورجل.
ولكن في المقابل يمكن أن يقال بعدم الدليل على النجاسة؛ وذلك بأحد سببين:
الأوّل: دعوى أنّ فأرة المسك ليست جزءاً من الحيوان، بل نسبتها نسبة البيضة إلى الدجاجة.
والثاني: دعوى أنّها ليست ممّا تحلّها الحياة على حدّ باقي جلود الحيوان ممّا تحلّه الحياة، فإنّها وإن كانت من قبيل الجلد ولكن تهيّؤها بطبعها للسقوط تدريجاً يجعل نسبتها إلى الحياة أضعف من نسبة سائر الأجزاء إليها.
وأمّا المسك الذي فيها فيأتي فيه الوجوه الثلاثة التي شرحناها في القسم الثاني لعدم شمول دليل نجاسة الدم له من أنّه:
1_ ليس بدم عرفاً لو كان دماً حقيقة.
2_ عدم الإطلاق في دليل نجاسة دم الحيوان ذي النفس السائلة.
3_ أنّ هذا الدم حاله حال الدم المتكوّن في البيضة.
نعم، الوجه الرابع وهو السيرة لا يأتي هنا؛ لأنّها دليل لبّيّ لا إطلاق له، ومتيقّنه دم الفأرة التي وقعت بالحكّ.
وأمّا القسم الرابع: وهي الفأرة المأخوذة من ميتة الغزال فأيضاً لا دليل على نجاسة نفس الفأرة؛ لأنّ دليل نجاسة الميتة لا إطلاق لها للفأرة التي عرفت أنّ نسبتها إلى الحياة
أضعف من نسبة سائر الأجزاء إليها بنحو لا يلزم من نجاسة سائر الأجزاء نجاستها.
وأخبار استثناء ما لا تحلّه الحياة ليس لها مفهوم مطلق يدلّ على نجاسة كلّ ما تحلّه الحياة حتّى بنسبة ضعيفة.
بل قد يقال: إنّ فأرة المسك ليست جزء من الميتة أصلاً، وإنّما نسبتها إلى الحيوان نسبة البيضة إلى الدجاجة.
نعم، قد يقال: إنّ مكاتبة الحميري إلى أبي محمد(عليه السلام): «...يجوز للرجل أن يصلّي ومعه فأرة المسك؟ فكتب(عليه السلام): لا بأس به إذا كان ذكيّاً»(1) تدلّ على نجاسة فأرة المسك؛ لأنّها منعت عن حمل فأرة المسك في الصلاة، ولا وجه لذلك عدا أنّها نجس بنجاسة الميتة.
والجواب: أنّه من المحتمل أن تكون الفأرة طاهرة رغم كونها من الميتة، وإنّما نهت الرواية عن حملها في الصلاة من باب أنّها ميتة غير مذكّاة ولو كانت طاهرة في نفسها.
وأمّا المسك الذي في داخلها فأيضاً لا نحكم بنجاسته بسبب الوجوه الثلاثة التي مضت في القسم الثالث.
أقول: ونستخلص من هذا البحث عدم الدليل على نجاسة فأرة المسك بجميع أقسامها الأربعة التي أشار إليها أستاذنا الشهيد رحمه الله، وكذلك عدم نجاسة المسك الذي فيها، ومثل صحيح علي بن جعفر «عن المسك في الدهن أيصلح؟ قال: إنّي لأصنعه...»(2) يشمل بإطلاقه كلّ الأقسام الأربعة. والحمد لله ربّ العالمين.
حکم البيع بلحاظ الجهالة
والوجهان الثاني والثالث من وجوه خروج الفأرة من عمومات صحّة البيع والعقود، بطلان البيع بسبب أنّ المسك _ وهو في فأرته _ مجهول السلامة والفساد أو
(1) وسائل الشيعة، ج4، ص433، الباب41 من أبواب لباس المصلّي، ح2.
(2) المصدر السابق، ج2، ص150، الباب95 من أبواب آداب الحمّام، ح7 و10.
مجهول الجودة والرداءة.
فالجهالة تارة تفرض من ناحية احتمال الفساد، وقد عالجها الشيخ رحمه الله ببناء العرف على الأصل في نفي الفساد(1). ولنحمل هذا الكلام على إرادة الشرط العقلائي الضمني للصحّة، أو قل: انصراف إطلاق الكلام إلى الصحيح.
وأُخرى تفرض من ناحية تفاوت أفراد الصحيح في مستوى جودة الرائحة ورداءتها.
وقد أفاد الشيخ: أنّه إن لم تكن له أوصاف خارجية يعرف بها مدى جودة المسك ورداءته فالأحوط ما ذكروه من فتقه بإدخال خيط فيها بإبرة ثم إخراجه وشمّه(2).
ولا إشكال في لزوم هذا الاختبار الذي أشار رحمه الله إليه لرفع الجهالة.
ولكن فرّع على ذلك أنّ النقص الذي يدخله بهذا الاختبار يوجد هناك وجه لضمانه مبنيّ على ضمان النقص في المقبوض بالسوم، فالأولى أن يباشر البائع ذلك فيشمّ المشتري الخيط(3).
وأفاد السيّد الخوئي رحمه الله: أنّ المفروض أن يتحقّق الاختبار بإدخال الإبرة والخيط في فأرة المسك برضا الطرفين ومعه لا يوجد ضمان في المقام، ولو فرض الضمان فضمانه ليس مبنيّاً على مبنى الضمان في المقبوض بالسوم، وإنّما هو راجع إلى قاعدة «ضمان من أتلف مال الغير؛...» فإنّ من يقول بضمان المقبوض بالسوم ينظر إلى فرض تلف المبيع في يد المشتري الذي قبض بالسوم، في حين أنّ ما هو المفروض في المقام هو الإتلاف وليس التلف(4).
ثم ذكر الشيخ رحمه الله في المكاسب: «أنّ الظاهر من العلّامة عدم جواز بيع اللؤلؤ في
(1) کتاب المكاسب، ج4، ص305 _ 306.
(2) المصدر السابق، ص306.
(3) المصدر السابق.
(4) موسوعة الإمام الخوئي؟ره؟، ج37، ص468.
الصدف وهو كذلك»(1).
يعني رحمه الله بذلك أنّ اللؤلؤ في صدفها تكون في مرتبتها وصفائها وجودتها مجهولة، فلا يصحّ بيعها.
وأيضاً نقل الشيخ عن العلّامة التصريح بعدم جواز بيع البيض في بطن الدجاجة؛ للجهالة(2). قال الشيخ رحمه الله: وهو حسن إذا لم يعرف لذلك الدجاج فرد معتاد من البيض من حيث الكبر والصغر(3).
في بيع المجهول فيما إذا ضمّ إليه معلوم
قال الشيخ رحمه الله: «لا فرق في عدم جواز بيع المجهول بين ضمّ معلوم إليه وعدمه؛ لأنّ ضمّ المعلوم إليه لا يخرجه عن الجهالة فيكون المجموع مجهولاً؛ إذ لا نعني بالمجهول ما كان كلّ جزء جزء منه مجهولاً. ويتفرّع على ذلك أنّه لا يجوز بيع سمك الآجام ولو كان مملوكاً لجهالته وإن ضمّ إليه القصب أو غيره، ولا اللبن في الضرع ولو ضمّ إليه ما يحلب منه أو غيره على المشهور، كما في الروضة وعن الحدائق....
خلافاً للشيخ في النهاية وابن حمزة في الوسيلة والمحكي عن الإسكافي والقاضي، بل في مفتاح الكرامة: أنّ الحاصل من التتبّع أنّ المشهور بين المتقدّمين هو الصحّة، بل عن الخلاف والغنية الإجماع في مسألة السمك، واختاره من المتأخّرين المحقّق الأردبيلي وصاحب الكفاية والمحدّث العاملي والمحدّث الكاشاني وحكي عن ظاهر غاية المراد وصريح حواشيه على القواعد، وحجّتهم على ذلك الأخبار المستفيضة الواردة في مسألتي السمك واللبن وغيرهما...»(4).
(1) کتاب المكاسب، ج4، ص305 _ 306.
(2) المصدر السابق، ص306.
(3) المصدر السابق.
(4) موسوعة الإمام الخوئي؟ره؟، ج37، ص468.
استعراض روايات الباب
أقول: قبل أن نبدأ بتحقيق المسألة لا بأس باستعراض روايات الباب:
1_ ما رواه الكليني عن عدّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن بعض أصحابه عن أبي عبدالله عليه السلام قال: «إذا كانت أجمة ليس فيها قصب أُخرج شيء من السمك فيباع وما في الأجمة»(1) وعيب السند سهل بن زياد.
2_ ما رواه الشيخ بإسناده(2) إلى الحسن بن محمد بن سماعة عن محمد بن زياد(3) عن معاوية بن عمّار عن أبي عبدالله عليه السلام قال: «لا بأس بأن يشتري الآجام إذا كان فيها قصب»(4) وقد ناقش الشيخ الأنصاري رحمه الله في دلالة هذه الرواية على المقصود بأنّنا لو خُلّينا وهذه الرواية فهذه لا علاقة لها بالمقام، فإنّ ظاهرها هو بيع نفس الأجمة إذا كانت فيها قصب، ولا علاقة لها بفرض وجود سمك مجهول المقدار في الأجمة(5).
وهذا الاستشكال غريب في المقام؛ فإنّه إن كان المقصود ببيع الأجمة بيع نفس النهر المحفور المترقّب إنتاجه للقصب فمن الواضح أنّه لا إشكال في ذلك حتّى يعالج بشرط اشتمالها على القصب، فمن المعلوم أنّ المقصود بيع ما فيه من السمك المجهول، ولعلّه لهذا أمر الشيخ بعد ذكره لهذا الإشكال بالتأمّل.
3_ ما رواه الشيخ بإسناده إلى حسن بن محمد بن سماعة عن بعض أصحابنا عن زكريّا عن رجل عن أبي بصير عن أبي عبدالله عليه السلام «في شراء الأجمة ليس فيها
(1) الكافي، ج5، ص194، باب بيع العدد والمجازفة والشيء المبهم من کتاب المعيشة، ح11. ورواه الشيخ بإسناده عن سهل بن زياد، تهذیب الأحکام، ج7، ص124، باب الغرر والمجازفة وشراء السرقة من کتاب التجارات، ح14.
(2) التام.
(3) يعني ابن أبي عمير بقرينة الطبقة.
(4) تهذيب الأحکام، ج7، ص126، باب الغرر والمجازفة وشراء السرقة من کتاب التجارات، ح21.
(5) کتاب المكاسب، ج4، ص312
قصب، إنّما هي ماء؟ قال: يصيد كفّاً من سمك يقول: أشتري منك هذا السمك وما في هذه الأجمة بكذا وكذا»(1).
4_ ما رواه الكليني عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن أخيه الحسن عن زرعة عن سماعة قال: «سألته عن اللبن يشتری وهو في الضرع؟ قال: لا، إلّا أن يحلب لك منه سكرّجة(2) فيقول: اشتر منّي هذا اللبن الذي في السكرّجة وما في ضروعها بثمن مسمّى، فإن لم يكن في الضروع شيء كان ما في السكرّجة»(3). ورواه الصدوق بإسناده عن سماعة(4)، وسند الحديث موثّق بكلا الطريقين.
5_ ما رواه الكليني عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن إبراهيم الكرخي قال: «قلت لأبي عبدالله(عليه السلام): ما تقول في رجل اشترى من رجل أصواف مائة نعجة وما في بطونها من حمل بكذا وكذا درهماً؟ قال: لا بأس بذلك إن لم يكن في بطونها حمل كان رأس ماله في الصوف»(5). ورواه الشيخ(6) والصدوق(7) بسندهما إلى الحسن بن محبوب، وإبراهيم الكرخي لم يرد نصّ بتوثيقه ولكن قد روى عنه محمد بن أبي عمير الأزدي وصفوان بن يحيى البجلي، وهما من الثلاثة الذين لا يروون ولا يرسلون إلّا عن ثقة، فسند الحديث تام.
(1) تهذيب الأحکام،ج7، ص126، باب9 من کتاب التجارات، ح22.
(2) السکرّجة بضمّ السین والکاف والراء والتشديد: إناء صغير یؤکل فيه الشيء القلیل من الأدم، وهي فارسية، والصواب: فتح الراء؛ لأنّه فارسي معرّب. انظر مجمع البحرين، ج2، ص310.
(3) الکافي، ج5، ص194، باب بیع العدد والمجازفة والشيء المبهم من کتاب المعيشة،ح6.
(4) من لا يحضره الفقيه، ج3، ص224، باب البیوع من کتاب المعيشة،ح3831.
(5) الکافي، ج5، ص194، باب بیع العدد والمجازفة والشيء المبهم من کتاب المعيشة،ح8
(6) تهذيب الأحکام، ج7، ص45، الباب3 من کتاب التجارات، ح84.
(7) من لا يحضره الفقيه، ج3، ص231، باب البیوع من کتاب المعيشة، ح3853.
6_ ما رواه الكليني عن محمد بن يحيى عن عبدالله بن محمد(1) عن علي بن الحكم وعن الحسن بن محمد بن سماعة عن غير واحد جميعاً(2) عن أبان بن عثمان عن إسماعيل بن الفضل الهاشمي(3) عن أبي عبدالله عليه السلام «في الرجل یتقبّل بجزية رؤوس الرجال وبخراج النخل والآجام والطير وهو لا يدري لعلّه لا يکون من هذا شيء أبداً أو يکون، أيشتريه؟ وفي أيّ زمان يشتريه ويتقبّل منه؟ قال: إذا علمت أنّ من ذلك شيئاً واحداً أنّه قد أدرك فاشتره وتقبّل به»(4).
ورواه الشيخ بسنده عن الحسن بن محمد بن سماعة(5).
ورواه الصدوق بسنده عن أبان(6) إلّا أنّه قال: بخراج الرجال وجزية رؤوسهم وخراج النخل والشجر والآجام والمصائد والسمك والطير.
7_ صحيحة رفاعة النخّاس قال: «سألت أبا الحسن موسى عليه السلام قلت له: أيصلح لي أن أشتري من القوم الجارية الآبقة وأُعطيهم الثمن وأطلبها أنا؟ قال: لا يصلح شراؤها إلّا أن تشتري منهم معها ثوباً أو متاعاً فتقول لهم: أشتري منكم جاريتكم
(1) الحجّال، وقال عنه النجاشي: ثقة ثقة(رجال النجاشي، ص226، ووثّقه الشيخ أيضاً (رجال الشیخ الطوسي، ص360).
(2) ولو شككنا في إفادة كلمة «غير واحد» _ التي ذكرها الحسن بن محمد بن سماعة _ الاطمئنان كفانا السند الأوّل.
(3) ثقة (رجال الکشي، ص218).
(4) الکافي، ج5، ص155، باب بیع العدد والمجازفة والشيء المبهم من کتاب المعيشة،ح12.
(5) وكلمة «غير واحد» موجودة في سند الشيخ. تهذيب الأحکام، ج7، ص124، ح544
(6) من لا يحضره الفقية، ج3، ص224، باب البیوع من کتاب المعيشة، ح3832. وكلمة «غير واحد» غير موجودة في هذا السند، فسند الصدوق إلى أبان بن عثمان ما يلي: محمد بن الحسن عن محمد بن الحسن الصفّار عن يعقوب بن يزيد وأيّوب بن نوح وإبراهيم بن هاشم ومحمد بن عبدالجبّار كلّهم عن محمد بن أبي عمير وصفوان بن يحيى عن أبان بن عثمان الأحمر. (من لا يحضره الفقية، ج4، ص484).