313

لم يوجد غيرهم»(1).

وهذا الحديث وإن كان ضعيفاً سنداً إلا أنّه يمكن إثبات نتيجته بمقتضى القاعدة، وذلك بأن يقال: إنّه إذا شهد الصبيان بالقتل: فإمّا أن يوجد شهود من البالغين وفق شهادتهم، أو يوجد شهود من البالغين على خلاف شهادتهم، أو لا يوجد شهود من البالغين. فعلى الثالث تُمضى شهادة الصبيان _ سواء اشترطنا عدم وجود غيرهم أو لا _ فإنّ المفروض عدم وجود غيرهم بالفعل، وعلى الأول لا ثمرة لنفوذ شهادة الصبيان وعدمه؛ لوجود الشهود من البالغين حسب الفرض، وعلى الثاني بالإمكان القول بأنّ المتبادر إلى ذهن العرف _ بمناسبات الحكم والموضوع _ أنّ نفوذ شهادة الصبي في القتل إنّما هو لأجل أن لا يبطل دم امرى‏ءٍ مسلم، لا لأجل أنّ شهادة الصبي في مورد القتل خالية عن الضعف الموجود في سائر الموارد في شهادة الصبيان، ومع هذا الفهم يكون دليل نفوذ شهادة الصبي منصرفاً عرفاً إلى فرض عدم المعارضة بشهادة الكبار، أو إلى فرض عدم إمكان تحصيل شهادة من قبل الكبار.

ثم إنّ صاحب الجواهر (رحمه الله) قوّى اختصاص الحكم بالقتل الذي يقع فيما بين الصبيان أنفسهم، مستشهداً بما مضى من حديث علي (عليه السلام) في قصّة الغلمان الستّة بناءً على دلالته على تقييد الحكم بفرض القتل فيما بينهم، وبما مضى من خبر طلحة الدالّ على قبول شهادة الصبيان فيما بينهم، قال (رحمه الله): «وهذا هو المناسب لعدم التهجّم على الدماء بشهادتهم على وجه يقتصّ بها من البالغين» وقال (رحمه الله) في آخر كلامه: «إنّ ما ذكرناه هو الأقوى وإن قلّ المصرّح به، لكن لا وحشة مع الحقّ وإن


(1) نفس المصدر، ص269، الباب 24 من الشهادات، ح 50

314

قلّ القائل به...»(1).

إلا أنّ هذا الكلام لا وجه له؛ لوضوح أنّ قصّة علي (عليه السلام) وإن وردت في مورد كون القتل فيما بينهم، ولكن لا دلالة لها على حصر الحكم بما إذا كان القتل فيما بينهم، وخبر طلحة دلّ على عنوان آخر للاستثناء، وهو قبول شهادتهم بالنسبة لما بينهم من دون اختصاص ذلك بالقتل الذي هو محل الكلام، واحتمال أداء قبول الشهادة إلى هدر دم مسلم، يقابلة احتمال أداء ترك قبول شهادته _ مع عدم وجود شهود بالغين _ إلى بطلان دم مسلم، فإن قدّم النص الاحتياط بالنسبة للجانب الثاني على الاحتياط بالنسبة للجانب الأول، فليس لنا إلا التسليم.

ثم إنّ توسيع الحكم لما يشمل الشهادة على الجرح ممّا لا وجه له، فإنّ احتمال اختصاص الحكم بالقتل تحسّباً لاحتمالات بطلان دم المسلم _ لو لم نأخذ بشهادة الصبي _ وارد.

وأغرب منه تخصيص الحكم بالجراح كما جاء في الشرائع، وقد قيّده ببلوغ العشر، وبقاء الاجتماع، وكون الاجتماع على مباح.

والقيد الثالث لا دليل عليه، والقيد الثاني ورد في استثناء عنوان آخر، وهو عنوان الشهادة على ما بينهم لا خصوص القتل، والقيد الأول ورد كاستثناء مستقلّ، وقد مضى عدم تماميّة دليله. والجراح لا دليل على قبول شهادة الصبيان فيها.

بقي الكلام في أنّه هل الحكم يشمل الصبيّة، أو يختصّ بالصبي المذكّر؟ قد يقال: إنّ كلمة الصبي ككلّ الصيغ المشتقّة للمذكّر تستعمل أيضاً للجامع بين المذكّر والمؤنّث، فحينما يراد التعبير عن الجامع يعبَّر بصيغة المذكّر لا بصيغة المؤنّث، كما هو


(1) راجع الجواهر، ج 41، ص 13 _ 14

315

واضح. إذاً فالروايات الواردة في هذا الاستثناء أو في الاستثناء الثالث أو الثاني تشمل بإطلاقها الصبي والصبيّة.

ويمكن الردّ على هذا البيان، وتوضيح اختصاص الحكم بالصبي المذكّر بأحد بيانين:

الأول _ أنّ هذه الروايات إنّما هي بصدد الاستثناء من شرط البلوغ، أمّا سائر الشرائط فالمرجع في اشتراطها وعدمه مدى إطلاق أدلّتها لا هذه الروايات، ففي المورد الذي تشترط الذكورة ولا تُقبل فيه شهادة النساء، لا تُقبل فيه أيضاً في مورد الاستثناء شهادة الصبيّات، وإلا فهل يقال: بقبول شهادة الصبيّات، وعدم قبول شهادة النساء في تلك الموارد؟! أو هل ترفع اليد عن شرط الذكورة، وتقبل شهادة النساء أيضاً في موارد الاستثناء؟!

وهذا البيان يختصّ بخصوص موارد عدم قبول شهادة النساء.

الثاني _ أنّ صيغة المذكّر من المشتقّات، تستعمل في الجامع وتستعمل في خصوص المذكّر، والقرائن ومناسبات المقام هي التي تعيّن أحد المعنيين، ولا قرينة أو مناسبة تعيّن إرادة الجامع في المقام، فإنّ احتمال الفرق بين الصبي والصبيّة وارد لا محالة؛ إذاً ففي الصبيّة نرجع إلى إطلاقات اشتراط البلوغ.

وهذا البيان أوسع نتيجة من البيان السابق؛ لأنّه يشمل حتى الموارد التي تقبل فيها شهادة النساء.

العقل

الشرط الثاني _ هو العقل. فالمجنون لا تقبل شهادته بلا خلاف، فإذا لم يكن مُطبَقاً قبلت شهادته في حال الإفاقة عملاً بالإطلاقات، ويلحق بالمجنون الأبله

316

الذي لا يعتمد عادةً على شهادته، وكذلك كثير الخطأ والنسيان، كلّ هذا لانصراف الأدلّة، أو للقطع بالحكم.

الإيمان أو الإسلام

الشرط الثالث _ الإيمان _ بمعنى كونه شيعيّاً اثني عشريّاً _ أو الإسلام:

شرط الإسلام

أمّا شرط الإسلام فهو من ضروريات الفقه، فلا تقبل شهادة الكافر بحقّ المسلم ولو كان عدلاً في مذهبه وفرض قاصراً في خطئه الاعتقادي، ويدل عليه قوله تعالى: ﴿شَهٰادَةُ بَيْنِكُمْ إِذٰا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اِثْنٰانِ ذَوٰا عَـدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرٰانِ مِنْ غَيْـرِكُمْ...﴾(1). والمقصود بقوله منكم هو المسلمون لا الناس بشكل مطلق؛ بقرينة قوله: ﴿أَوْ آخَرٰانِ مِنْ غَيْرِكُمْ﴾.

ودلالة ذيل الآية على قبول شهادة غير المسلم في الوصيّة عند العجز عن تحصيل شهادة المسلم لا تنسحب إلى سائر الموارد.

نعم، دلالة ذيل الآية على قبول شهادة الكافر في الوصيّة عند العجز عن تحصيل شهادة المسلم، تجعلنا لا نستطيع أن نتعدّى من دلالة صدر الآية على شرط الإسلام في الشهادة على الوصيّة إلى سائر الموارد في فرض العجز عن تحصيل شهادة المسلم. وهذه الملاحظة موجودة _ أيضاً _ في الاستدلال على شرط الإسلام بالروايات الواردة في تفسير الآية الكريمة، من قبيل ما ورد بسند تام عن أحمد بن عمر قال: سألته عن قول اللّه (عزوجل): ﴿ذَوٰا عَـدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرٰانِ مِنْ غَيْـرِكُمْ﴾، قال: «اللذان منكم مسلمان،


(1) المائدة: 106

317

واللذان من غيركم من أهل الكتاب، فإن لم يجد من أهل الكتاب فمن المجوس؛ لأنّ رسول اللّه (صلى الله عليه و آله) قال: سنُّوا بهم سُنّة أهل الكتاب، وذلك إذا مات الرجل بأرض غربةٍ، فلم يجد مسلمَينِ يُشهدهما، فرجلان من أهل الكتاب»(1).

وقد يُقال: إنّ شهادة الكتابي أو خصوص الذمي تنفذ في كلّ الموارد عند العجز عن تحصيل شهادة المسلم، لا في خصوص الوصيّة، وذلك لأنّ المطلقات التي سنشير إليها لإثبات شرط الإسلام في الشهادة مقيّدة بما ورد بسند تام عن عبيداللّه ابن علي الحلبي. قال: «سألت أبا عبداللّه (عليه السلام) هل تجوز شهادة أهل الذمة على غير أهل ملّتهم؟ قال: نعم، إن لم يوجد من أهل ملّتهم، جازت شهادة غيرهم، إنّه لا يصلح ذهاب حقّ أحد»(2). إلا أنّ هذا _ كما ترى _ إنّما ورد في شهادة غير المسلمين في ما بينهم؛ حيث قال: إن لم يوجد من أهل ملّتهم جازت شهادة غيرهم. وهذا _ كما ترى _ أجنبي عن المقام، فإنّه مضافاً إلى ما قد سيظهر من رجوع الضمير في قوله: «من أهل ملّتهم إلى أهل الذمّة» يُقال: إنّ عنوان أهل الملّة يطلق عادةً بشأن غير المسلمين، ولو سُلّم وروده في المقام، قلنا: إنّ هذا الحديث محمول على الوصيّة، وذلك لما ورد بسند تام عن سماعة قال: «سألت أبا عبداللّه (عليه السلام) عن شهادة أهل الملّة، قال: فقال: لا تجوز إلا على أهل ملّتهم، فإن لم يوجد غيرهم، جازت شهادتهم على


(1) وسائل الشيعة، ج 18، ص287، الباب 40 من الشهادات، ح2.

(2) نفس المصدر، ج 18، ص287، الباب 40 من الشهادات، ح 1. وورد أيضاً في وسائل الشيعة، ج13، ص390، الباب 20 من أحكام الوصايا، ح3، عن الحلبي ومحمد بن مسلم عن أبي عبداللّه (عليه السلام) كالتالي: قال: «سألته هل تجوز شهادة أهل ملّة من غير أهل ملّتهم قال: نعم، إذا لم يوجد من أهل ملّتهم، جازت شهادة غيرهم؛ إنّه لا يصلح ذهاب حق أحد».

318

الوصيّة؛ لأنّه لا يصلح ذهاب حقّ أحد»(1). والحديثان وإن كانا مثبتين، لكن يُقيّد الأول بالثاني، لعلمنا بوحدة الحكم بعد فرض حمل الحديث الأول على ما نحن فيه. ووحدة الحكم توجب حمل المطلق على المقيّد حتى في الشموليّين. والحكم الواحد إمّا أن يكون أُخذ في موضوعه قيد الوصيّة، أو لم يُؤخذ، فيتنافيان فيقيّد المطلق بالمقيّد.

نعم، لو كان قيد الوصيّة مذكوراً في كلام السائل لاحتملنا كون تطبيق الحكم على مورد الوصيّة من قبل الإمام تطبيقاً للحكم على مصداق من مصاديق الموضوع من دون دخل هذا القيد في الموضوع، لكن تصدّي الإمام (عليه السلام) لذكر هذا القيد يُبعد هذا الاحتمال.

لا يُقال: إنّ مقتضى التمسّك بعموم العلّة الواردة في قوله: «لأنّه لا يصلح ذهاب حقّ أحد» أنّ الحكم عام لا يختصّ بباب الوصيّة.

فإنّه يُقال: إنّ التعليل الموجب للتعدّي هو التعليل بصفة مشتركة بين موضوع الحكم والمتعدّى إليه، لاستظهار العرف أنّ تلك الصفة هي الموضوع وليس المتعدّى منه، كما في مثل (لا تأكل الرمّان لأنّه حامض) حيث نتعدّى إلى كلّ حامضٍ، أو (لا تشرب الخمر لأنّه مسكر) حيث نتعدّى إلى كلّ مسكر، لا التعليل بحكمةٍ ليست وصفاً للموضوع، بل كانت نتيجة من نتائج العمل بالحكم، كأن يُقال مثلاً: إنّ اللّه


(1) وسائل الشيعة ، ج 18 ، ص287، الباب 40 من الشهادات ، ح4، وج13، ص391، الباب 20 من أحكام الوصايا، ح5، وورد نظيره أيضاً في نفس الباب ، ح1، عن ضريس الكناسي، إلا أنّه لا دليل على وثاقة ضريس الكناسي، إلا بناءً على انصرافه إلى ضريس بن عبدالملك الكناسي الذي ورد توثيقه في رجال الكشي

319

أوجب الزكاة لأنّها ترفيهٌ على الفقراء بفضل مال الأغنياء، فيتعدّى إلى كلّ عطاءٍ فيه ترفيه على الفقراء بفضل مال الأغنياء، أو يُقال مثلاً: (صوموا حتى تصحّوا)، فيثبت بذلك وجوب كلّ ما يؤثّر في صحّة البدن، أو يُقال: ﴿مٰا أَفٰاءَ اللّٰهُ عَلىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرىٰ فَلِلّٰهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبىٰ وَالْيَتٰامىٰ وَالْمَسٰاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيٰاءِ مِنْكُمْ﴾(1)، فيُقال: متى ما تجمّع مال كثير لدى أحد يجب توزيعه وتفتيته؛ كي لا يكون دولةً بين الأغنياء، ونحو ذلك، فالتعليل بملاكٍ ما لا يعني أنّ ذاك الملاك أينما وجد سرى الحكم؛ إذ نحتمل أنّ المولى لم يهتمّ بذاك الملاك إلا بمقدار الحكم المعلَّل، ولو لمانع في غير مورد الحكم، وإنّما نتعدّى في مورد التعليل بالصفة المشتركة بين موضوع الحكم وشيء آخر، وذلك لاستظهار العرف كونها هي الموضوع، لا ما فيه الصفة. وما نحن فيه من القسم الثاني لا الأول، فقوله: (لا يصلح ذهاب حقّ أحد) ملاك للحكم، لا موضوع له، وفرق كبير بين التعليل بوصف من أوصاف الموضوع ونحو ذلك والتعليل بفائدةٍ من فوائد الحكم، والأول هو الذي يوجب التعدّي دون الثاني.

نعم، قد تقتضي المناسبة والارتكاز عدّ شيءٍ موضوعاً ولو ذكر بصيغة الملاك، من قبيل: (لا تشرب الخمر كي لا تسكر) فإنّ العرف يفهم منه بمناسبات الحكم والموضوع والارتكاز معنى: (لا تشرب الخمر لأنّه مسكر).

ثم إنّه رغم ما ذكرناه من كون شرط الإسلام في الشاهد من ضروريّات الفقه نحن بحاجة إلى التفتيش عن إطلاق يدل على ذلك؛ كي يفيدنا في مورد قد يُشكّ فيه، فإنّ كون أصل القضيّة في الجملة من ضروريات الفقه لا ينافي الشكّ في بعض


(1) الحشر: 7

320

الموارد. فمثلاً لو شككنا في نفوذ شهادة غير المسلم في باب القضاء عند العجز عن تحصيل شهادة المسلم أمكن التمسّك بذاك الإطلاق لو كان.

والظاهر وجود إطلاق من هذا القبيل متمثّل ببعض الروايات، من قبيل ما مضى عن سماعة، ومن قبيل ما ورد بسند تام عن أبي عبيدة عن أبي عبداللّه (عليه السلام) قال: «تجوز شهادة المسلمين على جميع أهل الملل، ولا تجوز شهادة أهل الذمّة (الملل _ خ ل _) على المسلمين»(1). وإن كان كثير من الروايات المشتملة على الإسلام لا تشمل على الإطلاق المطلوب، من قبيل روايات الباب 39 من الشهادات من الوسائل ج 18، كقوله في الحديث الثاني منها: «... قلت: فيهودي أُشهد على شهادة ثم أسلم، أتجوز شهادته؟ قال نعم»(2). فهذا كما ترى ليس بصدد اشتراط الإسلام في الشهادة؛ كي يتمسّك بإطلاقه، وإنّما هو بصدد بيان قبول شهادة مسلم كان عند تحمّل الشهادة يهوديّاً. ونحن ضمناً نفهم من ذلك شرط الإسلام في الشهادة.

ومن قبيل ما عن حريز بسند تام عن أبي عبداللّه (عليه السلام) في أربعة شهدوا على رجل محصن بالزنا فعدّل منهم اثنان، ولم يعدّل الآخران، فقال: «إذا كانوا أربعة من المسلمين ليس يعرفون بشهادة الزور أُجيزت شهادتهم جميعاً...»(3)، فإنّ شرط الإسلام في باب الحدود لا يدل على عدم نفوذ شهادة غير المسلم في باب القضاء عند العجز عن تحصيل شهود مسلمين؛ لأنّ احتمال الفرق وارد.


(1) وسائل الشيعة، ج18، ص284، الباب 38 من الشهادات، ح1.

(2) نفس المصدر، ص285، الباب 39 من الشهادات، ح2.

(3) نفس المصدر، ص293، الباب 41 من الشهادات، ح18.

321

وعلى أيّ حال، فتكفينا تماميّة الإطلاق في بعض الروايات كما عرفت.

ولولا خروج الوصيّة بالدليل لكنّا نقول _ بمقتضى إطلاق ما مضى من حديث أبي عبيدة _ أنّ شهادة الكافر لا تنفذ بشأن المسلم، ولو مع العجز عن تحصيل شهود مسلمين حتى في الوصيّة، ولكنّ الوصيّة خرجت بنصّ القرآن الكريم _ كما عرفت _ ولو كنّا والآية فقط لخصّصنا الاستثناء بما إذا لم ينكر بعض الورّاث فرض وجود الوصيّة، بأن يدّعي من لم تتمّ فيه شرائط البيّنة أنّه كان حاضراً مجلس الموت ولم يوص الميّت بشيءٍ، وأنّ البيّنة الكافرة كاذبة؛ وذلك لعدم إطلاق في الآية يشمل هذا المورد لا بلحاظ صدر الآية، ولا بلحاظ ذيلها: أمّا صدرها فإنّما دلّ على الأمر بإشهاد آخرين من غير المسلمين ونحن عرفنا بالالتزام نفوذ شهادتهما كي لا يلغو إشهادهما. وهذا _ كما ترى _ لا إطلاق له؛ إذ يكفي في عدم لغويّة الإشهاد نفوذ الشهادة في الجملة. وأمّا ذيلها فقد دلّ على نفوذ الشهادة بعد التقييد باليمين إذا كان هناك ارتياب، أمّا إذا كان هناك القطع بالكذب من قبل بعض الورّاث فهو مسكوت عنه في الآية الكريمة. ولكن لا يبعد الإطلاق في بعض الروايات لهذه الحالة من قبيل ما مضى من حديث سماعة، ومن قبيل ما ورد _ بسند تام _ عن هشام بن الحكم عن أبي عبداللّه (عليه السلام) في قول اللّه (عزوجل):﴿أَوْ آخَرٰانِ مِنْ غَيْـرِكُمْ﴾فقال: «إذا كان الرجل في أرض غربة ولا يوجد فيها مسلم، جازت شهادة من ليس بمسلم في (على _ خ ل _) الوصيّة»(1).

وعلى أيّ حال، فلا إشكال في شرط‏الإسلام ‏في نفوذ شهادة‏ الشاهد بشأن ‏المسلم.


(1) نفس المصدر، ص287، الباب 40 من الشهادات، ح3

322

شرط الإيمان

والآن يجب أن نرى هل يكفي الإسلام، أو لابدّ من شرط الإيمان بأن يكون شيعيّاً اثني عشريّاً؟ عمدة الدليل على شرط الإيمان بالمعنى الخاص وجوه:

الأول: دعوى الإجماع، بل قال في الجواهر: «لعلّه من ضروريّات المذهب في هذا الزمان»(1).

إلا أنّ الإجماع إن كان فلا أقلّ من احتمال كون بعض الوجوه التي ذكرت في المقام مدركاً له، فلا عبرة به، أمّا كونه من ضروريّات المذهب في هذا الزمان فلا نفهمه، فإنّ ما تدل عليه ضرورة المذهب بحيث لا يمكن أن نحتمل خطأه يجب أن تدل عليه ضرورة المذهب من أوّل الزمان القريب من عصر تشريع المذهب، لا ضرورة المذهب في هذا الزمان.

الثاني _ دعوى الفسق بشأن غير المؤمن، فلا تقبل شهادته؛ للفسق وعدم العدالة.

وهذا الوجه أيضاً قابل للمناقشة، وذلك بافتراض شهود من المسلمين غير الشيعة عدول في مذهبهم، مع افتراض اعتقادهم بصحّة مذهبهم، حتى ولو كانوا مُقصّرين في الأصل في تحصيل هذا الاعتقاد باعتبار تقصيرهم في الفحص مثلاً، فإنّ هذا التقصير الابتدائي وإن كان ينجّز عليهم استحقاق العقاب على خطئهم الحالي رغم قطعهم بعدم الخطأ؛ باعتبار أنّ الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار مثلاً، لكن هذا لا ينافي صدق عنوان العدل عليه فعلاً، باعتباره غير متلبّس إلا بما يقطع بصحّته، ولا معنى للردع عن القطع.


(1) الجواهر، ج 41، ص 16

323

الثالث _ ما ورد بسند تام عن عبداللّه بن المغيرة، قال: «قلت لأبي الحسن الرضا (عليه السلام): رجل طلّق امرأته وأشهد شاهدين ناصبيّين، قال: كلّ من ولد على الفطرة وعرف بالصلاح في نفسه جازت شهادته»(1).

وذلك بدعوى أنّه لا يحتمل أن يكون المقصود بهذا الحديث تصحيح شهادة الناصبيّين؛ إذاً فالمقصود بقوله: «عرف بالصلاح في نفسه» أن يكون معروفاً بالصلاح لا في عمله فحسب، بل حتى في مذهبه؛ كي يخرج بذلك الناصبي. ومن الواضح أنّ غير المؤمن الاثنی عشري ليس صالحاً في مذهبه.

وهذا أيضاً قابل للنقاش، فإنّ النصب عمل محرّم حتى ولو لم يعتقد الشخص بإمامة أئمّة أهل البيت (عليهم السلام)، وليس مجرّد خطأٍ في الاعتقاد منسجم مع العدالة في العمل، فالحكم بفسقه أو عدم صلاحه وعدم قبول شهادته أمر طبيعي، ولا يمكن التعدّي منه إلى ما نحن فيه، ولو فرضت معقوليّة عذره عادةً _ وهو غير صحيح _ إذاً فلا دليل على أنّ قوله: «عرف بالصلاح في نفسه» احتراز عن كلّ ناصبي.

الرابع _ ما عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في قوله تعالى: ﴿مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدٰاءِ﴾(2) قال: «ممّن ترضون دينه، وأمانته، وصلاحه، وعفّته، وتيقّظه فيما يشهد به...»(3). فيقال: إنّ غير المؤمن بالمعنى الخاص لا نرضى دينه، فهو خارج وفق هذا التفسير للآية الكريمة عن كبرى «من تقبل شهادته».

وفيه: أنّ هذا الحديث رواه صاحب الوسائل عن كتاب تفسير الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)، وسند صاحب الوسائل إلى هذا الكتاب غير تام.


(1) وسائل الشيعة، ج 18، ص290، الباب 41 من الشهادات، ح 5، وص295،ح21.

(2) البقرة: 282.

(3) وسائل الشيعة، ج 18، ص295، الباب 41 من الشهادات، ح23.

324

الخامس _ التشكيك في وجود إطلاق يدل على حجّية شهادة غير المؤمن بالمعنى الخاص، ومعه يرجع إلى أصالة عدم الحجّية؛ ففي مثل قوله تعالى: «ذوا عدل منكم»(1)، وقوله تعالى: «واستشهدوا شهيدين من رجالكم»(2) ممّا صيغ بصياغة الخطاب، يحتمل أن يكون الخطاب إلى المؤمنين، لا إلى عموم المسلمين، وإن كان وقت نزول الآية لم يكن موضوع للخلاف في إمامة أئمّة أهل البيت (عليهم السلام)، فإنّ هذا يعني أنّ عدم الاعتراف بإمامتهم وقتئذٍ لم يكن يضرّ بإيمان الشخص، ولا يعني التأكّد من شمول الخطاب لكل مسلم وإن لم يكن مؤمناً، ومثل قوله: «تجوز شهادة المسلمين على جميع أهل الملل، ولا تجوز شهادة أهل الذمّة على المسلمين»(3)، ممّا كان بصدد بيان نفوذ شهادة المسلم على أهل ملّة أُخرى... ليس بصدد بيان شرائط البيّنة من سائر الجهات، كي يتمّ فيه إطلاق، وإنّما هو بصدد بيان الفرق بين المسلم وغير المسلم بنفوذ شهادة المسلم على غيره دون العكس، ومثل قوله: «فيهودي أُشهد على شهادة ثم أسلم، أتجوز شهادته؟ قال: نعم»(4) ممّا كان بصدد بيان كفاية الإسلام حين أداء الشهادة، وعدم اشتراط الإسلام حين تحمّلها، أيضاً ليس بصدد بيان شرائط البيّنة من سائر الجهات كي يتمّ فيه الإطلاق.

وقد يقال: إنّ عدم تماميّة الإطلاق فى المقام لا يكفي للبناء على عدم حجّية شهادة غير المؤمن بالمعنى الخاص، بل نبقى متردّدين بين المتباينين من حجّية البيّنة وحجّية يمين المنكر.


(1) المائدة: 106.

(2) البقرة: 282.

(3) وسائل الشيعة، ج 18، ص284، الباب 38 من الشهادات، ح1.

(4) نفس المصدر، ص285، الباب 39 من الشهادات، ح2.

325

وقد يجاب على ذلك بأنّ استصحاب عدم حجّية شهادة غير المؤمن ينقّح موضوع اليمين؛ بناءً على أنّ موضوعه هو عدم البيّنة الحجّة بما هي حجّة، لا عدم ذات البيّنة التي تكون حجّةً.

والصحيح وجود الإطلاق في المقام وذلك:

أوّلاً _ لخلوّ بعض الإطلاقات عن تمام الإشكالات التي أشرنا إليها حتى في بادئ النظر، كقوله: «... إذا كانوا أربعة من المسلمين ليس يعرفون بشهادة الزور أجيزت شهادتهم جميعاً...»(1).

وثانياً _ أنّ ما مضى من الإشكال على إطلاق مثل قوله: «تجوز شهادة المسلمين على جميع أهل الملل، ولا تجوز شهادة أهل الذمّة على المسلمين» _ من أنّها ليست بصدد بيان شرائط البيّنة من سائر الجهات غير نفوذ شهادة المسلمين على باقي الملل دون العكس _ غير وارد، وذلك لأنّ شهادة السنّي مثلاً إن لم تنفذ على الشيعي فلا إشكال في نفوذها على السنّي؛ إذ ليس بأدْوَن من شهادة اليهودي على اليهودي مثلاً. فلو قلنا بشرط الإيمان فإنّما هو بمعنى أنّ السنّي والشيعي بمنزلة ملّتين، فمن هذا الباب لا تنفذ شهادة السنّي على الشيعي، وهذا الحديث من زاوية شهادة بعض أهل الملل على بعض بصدد البيان، فإطلاقه بهذا المقدار تام، وتراه قد فرض المسلمين ملّة واحدة لا ملّتين، أو عدة ملل، فمقتضى إطلاقه أنّ شهادة المسلم نافذة من أيّ مذهب كان من مذاهب الإسلام لو كان باقي الشرائط ثابتاً فيه.

ولكن بالإمكان الجواب على هذا الوجه بأنّ الحديث إنّما فرض المسلمين ملّةً واحدة في مقابل الكفار، أمّا كونهم فيما بينهم ملة واحدة بحيث تنفذ شهادة السنّي


(1) نفس المصدر، ص293، الباب 41 من الشهادات، ح 18

326

على الشيعي فغير معلوم، فغاية ما يدل عليه الحديث نفوذ شهادة السنّي على الكافر.

وثالثاً _ أنّ ما مضى من الإشكال على مثل قوله: «فيهودي أُشهد على شهادة ثم أسلم...» ممّا دلّ على كفاية الإسلام حين أداء الشهادة من أنّه ليس بصدد بيان سائر الشرائط، فلا يدل على نفي باقي الشرائط غير صحيح، وذلك لأنّ الإيمان أخصّ من الإسلام، فالمسلم قد يؤمن بولاية أئمّة أهل البيت (عليهم السلام)، وقد لا يؤمن، ولكن غير المسلم لا يمكن أن يؤمن بولاية أئمّة أهل البيت (عليهم السلام). واشتراط العام يدل عرفاً على نفي شرطيّة الخاص، فصحيح أنّه ليس بصدد بيان تمام الشرائط، لكن بما أنّ شرطيّة الخاص كأنّها تُلغي شرطيّة العام، يكون اشتراط العام دالّاً عرفاً على عدم اشتراط الخاص. فظاهر كلام السائل _ حينما قال: «يهودي أُشهد على شهادة ثم أسلم» _ أنّ المرتكز في ذهنه أنّ الشرط هو الإسلام لا الإيمان، والإمام (عليه السلام) قد أقرّه على ارتكازه. وهذا الوجه أيضاً يصلح جواباً للإشكال على ما مضى من مثل قوله: «تجوز شهادة المسلمين على جميع أهل الملل، ولا تجوز شهادة أهل الذمّة على المسلمين» بناءً على شمول قوله: «جميع أهل الملل» للمسلمين أنفسهم، كما هو الظاهر. أمّا لو فرض اختصاصه بغير المسلمين فالحديث إنّما يدل على عدم اشتراط الإيمان في نفوذ شهادة المسلم على الكافر.

ورابعاً: أنّ الأحاديث الدالّة على كفاية الإسلام حين أداء الشهادة ما ظاهره كونه بصدد بيان سائر الشرائط، كما ورد بسند تام عن محمد بن مسلم قال: «سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن الذمّي والعبد يشهدان على شهادة، ثم يسلم الذمّي ويُعتق العبد، أتجوز شهادتهما على ما كانا أُشهدا عليه؟ قال: نعم، إذا علم منهما

327

بعد ذلك خير جازت شهادتهما»(1). فقوله: «إذا علم منهما بعد ذلك خير» ظاهر في أنّه كان بصدد ذكر الشرائط، ولا يفهم من قوله: «علم منهما بعد ذلك خير» شرط أكثر من العدالة في مذهبه، فإنّ العدالة في مذهبه خير وإن لم يكن مؤمناً.

شهادة السنّي على السنّي

بقي الكلام في ما أشرنا إليه ضمناً من أنّه حتى لو لم نقبل شهادة السنّي على الشيعي لا ينبغي الإشكال في قبول شهادة السنّي على السنّي، إمّا لاختصاص الوجه الموجب لعدم قبول شهادته بما إذا كانت الشهادة على الشيعي دون ما إذا كانت الشهادة على السنّي، كما إذا كان الوجه في ذلك هو الإجماع، فإنّ القدر المتيقّن منه ذلك، أو للتعدّي من مثل قبول شهادة اليهودي على اليهودي، لعدم احتمال الفرق عرفاً.

نعم، لو قلنا: بأنّ عدم نفوذ شهادة السنّي يكون من باب الفسق، فقد يُقال: إنّ هذا يعني عدم نفوذ شهادته حتى على السنّي؛ لأنّ شهادة الفاسق لا تنفذ حتى على الفاسق.

إلا أنّ هذ الكلام غير صحيح، فإنّ اليهودي أيضاً فاسق بالمعنى الذي يكون السنّي فاسقاً، أي أنّه فاسق في العقائد، وقد دلّ الدليل على نفوذ شهادته بشأن اليهودي، وبعد عدم احتمال أسوئيّة السنّي من مثل اليهودي عرفاً، نفهم من مثل ذاك الدليل قاعدة عامّة وهي: أنّ الفسق العقائدي لا يضرّ بنفوذ الشهادة بشأن من كان مثله في ذاك الفسق، أي مَن يعتنق نفس مذهبه الفاسد.

على أنّه قد يُقال في المقام بأنّ نفوذ شهادة السنّي على السنّي هو مقتضى إلزامهم بما التزموا.


(1) وسائل الشيعة، ج 18، ص285، الباب 39 من الشهادات، ح1

328

وروايات الإلزام بما التزموا موجودة في الوسائل، بعضها في المجلد (15) باب (30) من مقدمات الطلاق، وبعضها في المجلد (17) باب (4) من ميراث الإخوة والأجداد، وتلك الروايات وإن كانت جملة منها خاصّة بموردها من البناء على طلاق العامّة الذي هو غير صحيح عندنا، أو البناء على التعصيب في الإرث، ولكنّ بعضها وارد بلسان مطلق يمكن استفادة القاعدة العامّة منه.

قاعدة الإلزام

ولنقتصر على ذكر الروايات التي يمكن استفادة القاعدة العامّة منها وهي كما يلي:

1_ ما عن عبداللّه بن محرز _ ولم تثبت وثاقته _ قال: «قلت لأبي عبداللّه (عليه السلام) رجل ترك ابنته وأُخته لأبيه وأُمّه، فقال: المال كلّه لابنته، وليس للأُخت من الأب والأُمّ شيء، فقلت: فإنّا قد احتجنا إلى هذا والميّت رجل من هؤلاء الناس واخته مؤمنة عارفة. قال: فخذ لها النصف خذوا منهم كما يأخذون منكم في سُنّتهم وقضاياهم»، قال ابن أُذينة: «فذكرت ذلك لزرارة، فقال: إنّ على ما جاء به ابن محرز لنوراً»، ونقل _ أيضاً _ بسند غير تام عن عبداللّه بن محرز نحوه بزيادة في كلام زرارة هي: «خذهم بحقّك في أحكامهم وسُنّتهم، كما يأخذون منكم فيه»(1).

2_ ما عن أيّوب بن نوح بسند غير تام قال: «كتبت إلى أبي الحسن (عليه السلام) أسأله: هل نأخذ في أحكام المخالفين ما يأخذون منّا في أحكامهم، أم لا؟ فكتب (عليه السلام) يجوز لكم ذلك، إذا كان مذهبكم فيه التقيّة منهم والمداراة»(2).

وهذان الحديثان _ كما ترى _ مختصّان بالمورد الذي يكون الشيعي مجبوراً على


(1) وسائل الشيعة، ج 17، ص484، الباب 4 من ميراث الإخوة والأجداد، ح1 و2.

(2) المصدر السابق ، ح3.

329

متابعة السنّة حينما يكون الحكم عليه، فأجاز الإمام (عليه السلام) له الاستفادة من حكمهم حينما يكون الحكم له، بل لو ورد مطلق من هذه الناحية فالحديث الثاني يكون مقيّداً له لولا ضعف السند.

ومفاد الحديث الثاني وارد في ما رواه الشيخ الطوسي (رحمه الله) بإسناده عن أحمد ابن محمد بن عيسى، عن علي بن مهزيار، عن علي بن محمد قال: « سألته هل نأخذ في أحكام المخالفين ما يأخذون منّا في أحكامهم؟ فكتب (عليه السلام): يجوز لكم ذلك إن شاء اللّه‏ إذا كان مذهبكم فيه التقيّة منهم »(1). وسند الحديث يتمّ إن جزمنا بأنّ المقصود بعلي بن محمد هو الإمام الهادي (عليه السلام).

3_ ما ورد عن الحسين بن أحمد المالكي عن عبداللّه بن طاووس _ ولم تثبت وثاقتهما _ قال: «قلت لأبي الحسن الرضا (عليه السلام): إنّ لي ابن أخٍ زوّجته ابنتي وهو يشرب الشراب ويكثر ذكر الطلاق، فقال: إن كان من إخوانك فلا شيء عليه، وإن كان من هؤلاء فأبِنها منه، فإنّه عنى الفراق. قال: قلت: أليس قد روي عن أبي عبداللّه (عليه السلام) أنّه قال: إيّاكم والمطلّقات ثلاثاً في مجلس، فإنهنّ ذوات الأزواج؟ فقال ذلك من إخوانكم لا من هؤلاء، إنّه من دان بدين قوم لزمته أحكامهم»(2).

4_ ما ورد _ بسند غير تام _ عن جعفر بن محمد الأشعري عن أبيه عن الرضا (عليه السلام) قال: «من كان يدين بدين قوم لزمته أحكامهم»، ورواه في الفقيه مرسلاً(3).

5_ ما ورد _ بسند غير تام _ عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «سألته


(1) التهذيب، ج6، ح535، ووسائل الشيعة، ج27، ص226، بحسب طبعة مؤسسة آل البيت (عليه السلام)، الباب 11 من آداب القاضي، ح1.

(2) وسائل الشيعة، ج15، ص322، الباب 30 من مقدّمات الطلاق، ح11.

(3) نفس المصدر، ح10.

330

عن الأحكام، قال: تجوز على أهل كلّ ذوي دين ما يستحلّون»(1).

6_ ما رواه الشيخ بسنده عن الحسن بن محمد بن سماعة عن عبداللّه بن جبلّة قال: «حدثني غير واحد من أصحاب علي بن أبي حمزة عن علي بن أبي حمزة أنّه سأل أبا الحسن (عليه السلام) عن المطلّقة على غير السنّة أيتزوّجها الرجل؟ فقال: ألزموهم من ذلك ما ألزموه أنفسهم، وتزوّجوهنّ، فلا بأس بذلك». قال الحسن: «وسمعت جعفر بن سماعة وسئل عن امرأة طلّقت على غير السنّة، ألي أن أتزوّجها؟ فقال: نعم، فقلت له: أليس تعلم أنّ علي بن حنظلة روى: إيّاكم والمطلّقات ثلاثاً على غير سنّة، فإنّهنّ ذوات أزواج؟ فقال: يا بُني رواية علي بن أبي حمزة أوسع على الناس، قلت: وأيّ شيءٍ روى علي بن أبي حمزة؟ قال: روى عن أبي الحسن (عليه السلام) أنّه قال: ألزموهم من ذلك ما ألزموه أنفسهم وتزوجوهنّ، فإنّه لا بأس بذلك»(2). هكذا رواه في التهذيب في كتاب الطلاق، ورواه أيضاً في كتاب الميراث كالتالي: الحسن بن محمد بن سماعة، عن عبداللّه بن جبلّة، عن عدّة من أصحاب علي، ولا أعلم سليمان إلا أنّه أخبرني به، وعلي بن عبداللّه، عن سليمان أيضاً عن علي ابن أبي حمزة، عن أبي الحسن (عليه السلام) أنّه قال: «ألزموهم بما ألزموا أنفسهم»(3). والظاهر أنّ المقصود بسليمان هو سليمان ابن داود المنقريّ الثقة، بقرينة ورود روايات عديدة عن سليمان بن داود عن علي بن أبي حمزة، إلا أنّه لم يظهر من هذه العبارة جزمه بكون


(1) وسائل الشيعة، ج 17، ص484، الباب 4 من ميراث الإخوة والأجداد، ح4.

(2) التهذيب، ج 8، ص58، ح190، ووسائل الشيعة، ج15، ص321، الباب30 من مقدّمات الطلاق، ح5 و6.

(3) التهذيب، ج 9، ص322، ح1156، ووسائل الشيعة، ج 17، ص485، الباب 4 من ميراث الإخوة والأجداد، ح5.

331

سليمان أحد أولئك العدّة، وعلي بن عبداللّه مشترك بين من ثبتت وثاقته ومن لم تثبت وثاقته. وعليه فالحديث لا يخلو سنداً من ضعف، إلا إذا قيل: إنّ الوسيط إذا كان (غير واحد) يورث الاطمئنان، خصوصاً إذا ضُمّ إليه ظنّ عبداللّه بن جبلّة _ إن لم يكن جزماً، أو اطمئناناً _ بأنّ سليمان أحدهم خصوصاً مع نقل علي بن عبداللّه عن سليمان، وخصوصاً مع ضمّ كلام جعفر بن سماعة: (يا بني، رواية علي بن أبي حمزة أوسع...). أو يحصل الاطمئنان من مجموع هذه الأمور بالجامع بين كون أحدهم سليمان وكون الحديث صادراً من علي بن أبي حمزة. وعلى أيّ حال فنحن لا نؤمن بوثاقة علي بن أبي حمزة.

وأمّا من حيث الدلالة، فالمتن الأول لا إطلاق فيه؛ إذ قال: «ألزموهم من ذلك _ يعني من مسألة الطلاق _ ما ألزموه أنفسهم وتزوجوهنّ فلا بأس بذلك». فلعلّ قاعدة الإلزام خاصّة بباب الطلاق ونكاح المطلّقة. نعم، لا يخلو قوله: «ألزموهم من ذلك ما ألزموه أنفسهم» من إشعار بالقاعدة العامّة، إلا أنّه لا يتجاوز الإشعار، ولا يصل إلى مستوى الظهور في الإطلاق، والمتن الثاني مطلق، ولكن الاطمئنان بوحدة الحديثين قد يضرّ بالتمسّك بالإطلاق، إلا إذا قيل: بأ نّه يحتمل أنّ نصّ كلام الإمام (عليه السلام) كان مشتملاً على الإطلاق، ونقل الراوي كان نقلاً بالمعنى، فمن المحتمل أنّه نقله مرّة بلسان محتفظ بالإطلاق، ومرّة أُخرى بلسان غير محتفظ بالإطلاق، ودلالة أحد النقلين على الإطلاق لا يعارضها عدم دلالة النقل الآخر على الإطلاق.

شهادة الكافر في الوصية

بقي الكلام في أمور راجعة إلى مسألة نفوذ شهادة غير المسلم بشأن المسلم في الوصيّة عند عدم وجدان شهود مسلمين:

332

شهادته في الوصية بغير المال

الأول _ هل الحكم مخصوص بالشهادة في المال، أو يشمل مثل تعيين الوصي على أولاده غير البالغين مثلاً؟ ذكر السيد الخوئي: أنّ جماعة منهم الشهيد (رحمه الله) في المسالك ذهبوا إلى الأول وقوفاً فيما خالف الأصل على المتيقّن، وعن الأردبيلي (رحمه الله) أنّه يشعر بذلك بعض الروايات.

والصحيح: أنّ الحكم يعمّ الثاني؛ لإطلاق الأدلّة، ولم نظفر برواية مشعرة بالاختصاص، ولعلّ الأردبيلي (رحمه الله) أراد بها ما في بعض الروايات، كموثوقة سماعة(1) من تعليل الحكم بأنّه لا يصلح ذهاب حقّ أحد، ولكن من الظاهر أنّ حقّ الوصاية من حقوق الميّت، فلا يصلح ذهابه(2). انتهى مع تغيير يسير في العبارة.

شرط الذميّة أو الكتابية

الثاني _ هل يشترط في الشاهد أن يكون ذميّاً، أو كتابياً، أو لا؟

مقتضى إطلاق الآية هو عدم اشتراط الذميّة ولا الكتابيّة، وكذا إطلاق بعض الروايات من قبيل ما ورد بسند تام عن هشام بن الحكم، أو هشام بن سالم، عن أبي عبداللّه (عليه السلام) في قوله (عزوجل): ﴿أَوْ آخَرٰانِ مِنْ غَيْـرِكُمْ﴾قال: «إذا كان الرجل في بلد ليس فيه مسلم جازت شهادة من ليس بمسلم على الوصيّة»، وفي بعض النقول عن هشام بن الحكم عن أبي عبداللّه (عليه السلام): «إذا كان الرجل في أرض غُربة لا يوجد


(1) وسائل الشيعة، ج18، ص287، الباب 40 من الشهادات، ح4، وج13، ص391، الباب20 من أحكام الوصايا، ح5.

(2) مباني تكملة المنهاج، ج 1، ص82.

333

فيها مسلم»(1).

إلا أنّه قد ورد ما دلّ على تخصيص الحكم بالكتابي، وهو ما عن أحمد بن عمر بسند تام قال: «سألته عن قول اللّه (عزوجل): ﴿ذَوٰا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرٰانِ مِنْ غَيْرِكُمْ﴾، قال: اللّذان منكم مسلمان، واللّذان من غيركم من أهل الكتاب، فإن لم يوجد من أهل الكتاب، فمن المجوس؛ لأنّ رسول اللّه (صلى الله عليه و آله) قال: سُنّوا بهم سُنّة أهل الكتاب، وذلك إذا مات الرجل بأرض غربة، فلم يجد مسلمَين يشهدان، فرجلان من أهل الكتاب»(2)، ونحوه ما ورد عن يحيى بن محمد _ ولم تثبت وثاقته _ عن أبي عبداللّه (عليه السلام)(3). وعليه فلا إشكال في شرط الكتابيّة.

والمجوسي في حكم الكتابي؛ لما مضى في حديث أحمد بن عمر من أنّ رسول اللّه (صلى الله عليه و آله) قال: «سُنّوا بهم سُنّة أهل الكتاب» أي أنّ حكمهم حكم الكتابي، فما في حديث أحمد بن عمر من جعل إشهاد المجوسي معلقاً على عدم وجود اليهودي والمسيحي محمول على الاستحباب بقرينة تعليله لجواز إشهاده بقول رسول اللّه (صلى الله عليه و آله) «سنّوا بهم سنّة أهل الكتاب».

نعم، في حديث يحيى بن محمد الذي أشرنا إليه، ولم ننقل نصّه جاء: «... فإن لم تجدوا من أهل الكتاب فمن المجوس؛ لأنّ رسول اللّه (صلى الله عليه و آله) سنّ فيهم سنّة أهل الكتاب في الجزية...»، وهذا التعبير ظاهر في وجوب الترتيب بين المجوس وأهل الكتاب، والقرينة التي أشرنا إليها للحمل على الاستحباب غير موجودة هنا؛ إذ لم يعلّل


(1) وسائل الشيعة، ج13، ص391، الباب 20 من أحكام الوصيّة، ح2، وج 18، ص287، الباب40 من الشهادات ح3.

(2) نفس المصدر، ج18، ص287، الباب 40 من الشهادات، ح2.

(3) نفس المصدر، ج13، ص392، الباب 20 من أحكام الوصايا، ح6.

334

جواز إشهاد المجوس بأنّ رسول اللّه (صلى الله عليه و آله) أمر بأن يسنّ بهم سُنّة أهل الكتاب، وإنّما علّل بأنّ الرسول (صلى الله عليه و آله) سنّ بهم في الجزية سُنّة أهل الكتاب، إلا أنّ هذا الحديث _ كما أشرنا إليه _ غير تام سنداً.

والمجوس قد يختلفون عن اليهود والنصارى فيما قد يقال من أنّه ليس لهم كتاب سماويّ بالفعل ولو محرّفاً، إلا أنّه ورد في روايات غير تامّة السند أنّه كان لهم نبي فقتلوه، وكتاب فأحرقوه(1).

وورد بسند تام عن زرارة قال: «سألته عن المجوس ما حدّهم؟ فقال: هم من أهل الكتاب، ومجراهم مجرى اليهود والنصارى من الحدود والديات»(2). وورد أيضاً _ بسند تام _ عن سماعة بن مهران عن أبي عبداللّه (عليه السلام) قال: «بعث النبي (صلى الله عليه و آله) خالد بن الوليد إلى البحرين، فأصاب بها دماء قوم من اليهود والنصارى والمجوس، فكتب إلى النبي (صلى الله عليه و آله) أنّي أصبت دماء قوم من اليهود والنصارى، فَوَديتهم ثمانمائة درهم؟ وأصبت دماء قوم من المجوس ولم تكن عهدتّ إليّ فيهم عهداً، فكتب إليه رسول اللّه (صلى الله عليه و آله): أنّ ديتهم مثل دية اليهود والنصارى، وقال: إنهم من أهل الكتاب»(3). وهذان الحديثان يدلّان على أنّه كان لهم كتاب فيما سبق حتى إذا ثبت أنّه لم يبق حتى اليوم ذاك الكتاب ولو محرّفاً.

أمّا ما ورد بسند تام عن عبدالكريم بن عتبة الهاشمي في قصّة أُناس من المعتزلة فيهم عمرو بن عبيد، وفيه عن لسان أبي عبداللّه (عليه السلام): «يا عمرو أرأيت لو بايعت صاحبك الذي تدعوني إلى بيعته، ثم اجتمعت لكم الأُمّة، فلم يختلف عليكم


(1) راجع وسائل الشيعة، ج11، الباب49 من جهاد العدو، وج19، ص163، الباب 14 من ديات النفس، ح4.

(2) نفس المصدر، ج 19، ص162، الباب13 من ديات النفس، ح11.

(3) نفس المصدر، ح7، ص161.

335

رجلان فيها، فأفضيتم إلى المشركين الذين لا يسلمون ولا يؤدّون الجزية، أكان عندكم وعند صاحبكم من العلم ما تسيرون فيه بسيرة رسول اللّه (صلى الله عليه و آله) في المشركين في حروبه؟ قال: نعم. قال: فتصنع ماذا؟ قال: ندعوهم إلى الإسلام، فإن أبوا دعوناهم إلى الجزية، قال: وإن كانوا مجوساً ليسوا بأهل الكتاب؟ قال: سواء. قال: وإن كانوا مشركي العرب، وعبدة الأوثان؟ قال: سواء. قال: أخبرني عن القرآن تقرأ؟ قال: نعم، قال: إقرأ: ﴿قٰاتِلُوا الَّذِينَ لاٰ يُؤْمِنُونَ بِاللّٰهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مٰا حَرَّمَ اللّٰهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتٰابَ حَتّٰى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صٰاغِرُونَ﴾(1) فاستثناء اللّه تعالى واشتراطه من أهل الكتاب، فهم والذين لم يؤتوا الكتاب سواء؟ قال: نعم. قال: عمّن أخذت ذا؟ قال: سمعت الناس يقولون. قال: فدع ذا...»(2).

فهذا محمول على نفي الكتاب السماويّ لهم فعلاً، فهو (عليه السلام) بصدد امتحان الطرف المقابل؛ لكي يرى هل يعرف حكم المجوس الذين ليس لهم فعلاً كتاب، أمّا لو كان المقصود نفي كون حكمهم حكم الكتابي في الجزية فهذا ما يقرب من القطع ببطلانه؛ للروايات ولما يشبه الإجماع.

وعلى أيّ حال فالمجوسي محكوم بحكم الكتابي في الحدود والديات؛ لروايات تامّة السند(3)، وفي الجزية أيضاً وردت روايات تجعله كالكتابي غير تامّة السند(4)، ما عدا رواية أبي بصير قال: «سألت أبا عبداللّه (عليه السلام) عن الجزية، فقال: إنّما حرّم


(1) التوبة: 29.

(2) وسائل الشيعة، ج11، ص29، الباب 11 من جهاد العدو، ح2.

(3) راجع نفس المصدر، ج19، الباب 13 وباب 15 من ديات النفس.

(4) نفس المصدر، ج11، الباب 49 من جهاد العدو.

336

اللّه الجزية من مشركي العرب»(1) بناءً على أنّ الحصر ناظر إلى المجوس، كما هو ناظر إلى اليهود والنصارى، وقد ورد حديثان يدلّان على إلحاق المجوس بالكتابي في كلّ الأحكام:

أحدهما _ ما مضى من حديث أحمد بن عمر التام سنداً؛ حيث جاء فيه أنّ رسول اللّه (صلى الله عليه و آله) قال: «سُنّوا بهم سنّة أهل الكتاب».

والثاني _ ما ورد _ بسند غير تام _ عن علي بن علي بن دعبل عن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) عن أبيه عن آبائه عن علي بن الحسين (عليه السلام) أنّ رسول اللّه (صلى الله عليه و آله) قال: «سُنّوا بهم سُنّة أهل الكتاب» يعني المجوس(2).

وعلى أيّ حال فقد عرفت أنّه يشترط في الكافر الذي يشهد للوصية كونه كتابيّاً.

أمّا شرط الذمّية فقد أنكره السيد الخوئي في كتابه.

وقد جاء ذكر الذمّية في ثلاث روايات:

الأولى _ ما مضى من حديث الحلبي قال: «سألت أبا عبداللّه (عليه السلام): هل تجوز شهادة أهل الذمّة على غير أهل ملّتهم؟ قال: نعم، إن لم يوجد من أهل ملّتهم جازت شهادة غيرهم؛ إنّه لا يصلح ذهاب حقّ أحد»(3). ولكن لا يمكن الاستدلال بهذا الحديث لإثبات شرطيّة الذمّية؛ إذ يرد عليه _ مضافاً إلى ما مضى من أنّ هذا الحديث خارج عن محل البحث؛ لأنّه راجع إلى شهادة أهل الملل الأُخرى غير المسلمين فيما بينهم _ أنّه لم يدل على شرط الذمّة، غاية ما هناك أنّ سؤال السائل كان عن خصوص أهل الذمّة، بل مقتضى إطلاق الجواب وهو قوله: «جازت


(1) وسائل الشيعة،‌ج11،ص 29، ح4.

(2) نفس المصدر، ح9، ص98.

(3) نفس المصدر، ج18، ص287، الباب 40 من الشهادات، ح1.

337

شهادة غيرهم» هو عدم اشتراط الذمّية، على أنّه لا يبعد أن تكون كلمة «أهل الذمّة» _ وهي الواردة في نسخة الفقية _(1) اشتباهاً، ويكون الصحيح «أهل الملّة»، كما ورد في نسخة الكافي(2)؛ حيث روى عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عُمير عن حماد عن الحلبي ومحمد بن مسلم عن أبي عبداللّه (عليه السلام) قال: «سألته: هل تجوز شهادة أهل ملّة من غير أهل ملّتهم؟ قال: نعم، إذا لم يوجد من أهل ملّتهم جازت شهادة غيرهم؛ إنّه لا يصلح ذهاب حقّ أحد»(3). والظاهر وحدة الحديثين بقرينة اتّحاد المتن تقريباً، واتّحاد الإمام المنقول عنه، واتّحاد ثلاثة وسائط متتالية من الطرف المتصل بالإمام؛ حيث رواه الصدوق بإسناده عن عُبيداللّه بن علي الحلبي وإسناده إليه _ على ما جاء في مشيخته _ هو أبوه ومحمد ابن الحسن عن سعد بن عبداللّه والحميري جميعاً عن أحمد وعبداللّه ابني محمد بن عيسى عن محمد بن أبي عُمير عن حماد بن عثمان عن عُبيداللّه بن علي الحلبي، وأيضاً أبوه ومحمد بن الحسن وجعفر ابن محمد بن مسرور عن الحسين بن محمد بن عامر عن عمّه عبداللّه بن عامر عن محمد بن أبي عُمير عن حماد بن عثمان عن عبداللّه بن علي الحلبي. إذاً فسند الصدوق وسند الكليني متّحدان من الطرف المتصل بالإمام في ابن أبي عُمير وحمّاد والحلبي بفرق أنّ الكليني عطف على الحلبي محمد بن مسلم.

الثانية _ ما مضى من حديث سماعة، قال: «سألت أبا عبداللّه (عليه السلام) عن شهادة أهل الذمّة. قال: لا تجوز، إلا على أهل ملّتهم، فإن لم يوجد غيرهم جازت شهادتهم


(1) ج3، ص29،ح84.

(2) ج7، ص4، كتاب الوصايا، باب الإشهاد على الوصيّة، ح2.

(3) وسائل الشيعة، ج13، ص390، الباب 20 من أحكام الوصايا، ح3.