المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

325

وقد يجاب على ذلك بأنّ استصحاب عدم حجّية شهادة غير المؤمن ينقّح موضوع اليمين؛ بناءً على أنّ موضوعه هو عدم البيّنة الحجّة بما هي حجّة، لا عدم ذات البيّنة التي تكون حجّةً.

والصحيح وجود الإطلاق في المقام وذلك:

أوّلاً _ لخلوّ بعض الإطلاقات عن تمام الإشكالات التي أشرنا إليها حتى في بادئ النظر، كقوله: «... إذا كانوا أربعة من المسلمين ليس يعرفون بشهادة الزور أجيزت شهادتهم جميعاً...»(1).

وثانياً _ أنّ ما مضى من الإشكال على إطلاق مثل قوله: «تجوز شهادة المسلمين على جميع أهل الملل، ولا تجوز شهادة أهل الذمّة على المسلمين» _ من أنّها ليست بصدد بيان شرائط البيّنة من سائر الجهات غير نفوذ شهادة المسلمين على باقي الملل دون العكس _ غير وارد، وذلك لأنّ شهادة السنّي مثلاً إن لم تنفذ على الشيعي فلا إشكال في نفوذها على السنّي؛ إذ ليس بأدْوَن من شهادة اليهودي على اليهودي مثلاً. فلو قلنا بشرط الإيمان فإنّما هو بمعنى أنّ السنّي والشيعي بمنزلة ملّتين، فمن هذا الباب لا تنفذ شهادة السنّي على الشيعي، وهذا الحديث من زاوية شهادة بعض أهل الملل على بعض بصدد البيان، فإطلاقه بهذا المقدار تام، وتراه قد فرض المسلمين ملّة واحدة لا ملّتين، أو عدة ملل، فمقتضى إطلاقه أنّ شهادة المسلم نافذة من أيّ مذهب كان من مذاهب الإسلام لو كان باقي الشرائط ثابتاً فيه.

ولكن بالإمكان الجواب على هذا الوجه بأنّ الحديث إنّما فرض المسلمين ملّةً واحدة في مقابل الكفار، أمّا كونهم فيما بينهم ملة واحدة بحيث تنفذ شهادة السنّي


(1) نفس المصدر، ص293، الباب 41 من الشهادات، ح 18