جواز إشهاد المجوس بأنّ رسول اللّه (صلى الله عليه و آله) أمر بأن يسنّ بهم سُنّة أهل الكتاب، وإنّما علّل بأنّ الرسول (صلى الله عليه و آله) سنّ بهم في الجزية سُنّة أهل الكتاب، إلا أنّ هذا الحديث _ كما أشرنا إليه _ غير تام سنداً.
والمجوس قد يختلفون عن اليهود والنصارى فيما قد يقال من أنّه ليس لهم كتاب سماويّ بالفعل ولو محرّفاً، إلا أنّه ورد في روايات غير تامّة السند أنّه كان لهم نبي فقتلوه، وكتاب فأحرقوه(1).
وورد بسند تام عن زرارة قال: «سألته عن المجوس ما حدّهم؟ فقال: هم من أهل الكتاب، ومجراهم مجرى اليهود والنصارى من الحدود والديات»(2). وورد أيضاً _ بسند تام _ عن سماعة بن مهران عن أبي عبداللّه (عليه السلام) قال: «بعث النبي (صلى الله عليه و آله) خالد بن الوليد إلى البحرين، فأصاب بها دماء قوم من اليهود والنصارى والمجوس، فكتب إلى النبي (صلى الله عليه و آله) أنّي أصبت دماء قوم من اليهود والنصارى، فَوَديتهم ثمانمائة درهم؟ وأصبت دماء قوم من المجوس ولم تكن عهدتّ إليّ فيهم عهداً، فكتب إليه رسول اللّه (صلى الله عليه و آله): أنّ ديتهم مثل دية اليهود والنصارى، وقال: إنهم من أهل الكتاب»(3). وهذان الحديثان يدلّان على أنّه كان لهم كتاب فيما سبق حتى إذا ثبت أنّه لم يبق حتى اليوم ذاك الكتاب ولو محرّفاً.
أمّا ما ورد بسند تام عن عبدالكريم بن عتبة الهاشمي في قصّة أُناس من المعتزلة فيهم عمرو بن عبيد، وفيه عن لسان أبي عبداللّه (عليه السلام): «يا عمرو أرأيت لو بايعت صاحبك الذي تدعوني إلى بيعته، ثم اجتمعت لكم الأُمّة، فلم يختلف عليكم
(1) راجع وسائل الشيعة، ج11، الباب49 من جهاد العدو، وج19، ص163، الباب 14 من ديات النفس، ح4.
(2) نفس المصدر، ج 19، ص162، الباب13 من ديات النفس، ح11.
(3) نفس المصدر، ح7، ص161.