رجلان فيها، فأفضيتم إلى المشركين الذين لا يسلمون ولا يؤدّون الجزية، أكان عندكم وعند صاحبكم من العلم ما تسيرون فيه بسيرة رسول اللّه (صلى الله عليه و آله) في المشركين في حروبه؟ قال: نعم. قال: فتصنع ماذا؟ قال: ندعوهم إلى الإسلام، فإن أبوا دعوناهم إلى الجزية، قال: وإن كانوا مجوساً ليسوا بأهل الكتاب؟ قال: سواء. قال: وإن كانوا مشركي العرب، وعبدة الأوثان؟ قال: سواء. قال: أخبرني عن القرآن تقرأ؟ قال: نعم، قال: إقرأ: ﴿قٰاتِلُوا الَّذِينَ لاٰ يُؤْمِنُونَ بِاللّٰهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مٰا حَرَّمَ اللّٰهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتٰابَ حَتّٰى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صٰاغِرُونَ﴾(1) فاستثناء اللّه تعالى واشتراطه من أهل الكتاب، فهم والذين لم يؤتوا الكتاب سواء؟ قال: نعم. قال: عمّن أخذت ذا؟ قال: سمعت الناس يقولون. قال: فدع ذا...»(2).
فهذا محمول على نفي الكتاب السماويّ لهم فعلاً، فهو (عليه السلام) بصدد امتحان الطرف المقابل؛ لكي يرى هل يعرف حكم المجوس الذين ليس لهم فعلاً كتاب، أمّا لو كان المقصود نفي كون حكمهم حكم الكتابي في الجزية فهذا ما يقرب من القطع ببطلانه؛ للروايات ولما يشبه الإجماع.
وعلى أيّ حال فالمجوسي محكوم بحكم الكتابي في الحدود والديات؛ لروايات تامّة السند(3)، وفي الجزية أيضاً وردت روايات تجعله كالكتابي غير تامّة السند(4)، ما عدا رواية أبي بصير قال: «سألت أبا عبداللّه (عليه السلام) عن الجزية، فقال: إنّما حرّم
(1) التوبة: 29.
(2) وسائل الشيعة، ج11، ص29، الباب 11 من جهاد العدو، ح2.
(3) راجع نفس المصدر، ج19، الباب 13 وباب 15 من ديات النفس.
(4) نفس المصدر، ج11، الباب 49 من جهاد العدو.