المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

324

الخامس _ التشكيك في وجود إطلاق يدل على حجّية شهادة غير المؤمن بالمعنى الخاص، ومعه يرجع إلى أصالة عدم الحجّية؛ ففي مثل قوله تعالى: «ذوا عدل منكم»(1)، وقوله تعالى: «واستشهدوا شهيدين من رجالكم»(2) ممّا صيغ بصياغة الخطاب، يحتمل أن يكون الخطاب إلى المؤمنين، لا إلى عموم المسلمين، وإن كان وقت نزول الآية لم يكن موضوع للخلاف في إمامة أئمّة أهل البيت (عليهم السلام)، فإنّ هذا يعني أنّ عدم الاعتراف بإمامتهم وقتئذٍ لم يكن يضرّ بإيمان الشخص، ولا يعني التأكّد من شمول الخطاب لكل مسلم وإن لم يكن مؤمناً، ومثل قوله: «تجوز شهادة المسلمين على جميع أهل الملل، ولا تجوز شهادة أهل الذمّة على المسلمين»(3)، ممّا كان بصدد بيان نفوذ شهادة المسلم على أهل ملّة أُخرى... ليس بصدد بيان شرائط البيّنة من سائر الجهات، كي يتمّ فيه إطلاق، وإنّما هو بصدد بيان الفرق بين المسلم وغير المسلم بنفوذ شهادة المسلم على غيره دون العكس، ومثل قوله: «فيهودي أُشهد على شهادة ثم أسلم، أتجوز شهادته؟ قال: نعم»(4) ممّا كان بصدد بيان كفاية الإسلام حين أداء الشهادة، وعدم اشتراط الإسلام حين تحمّلها، أيضاً ليس بصدد بيان شرائط البيّنة من سائر الجهات كي يتمّ فيه الإطلاق.

وقد يقال: إنّ عدم تماميّة الإطلاق فى المقام لا يكفي للبناء على عدم حجّية شهادة غير المؤمن بالمعنى الخاص، بل نبقى متردّدين بين المتباينين من حجّية البيّنة وحجّية يمين المنكر.


(1) المائدة: 106.

(2) البقرة: 282.

(3) وسائل الشيعة، ج 18، ص284، الباب 38 من الشهادات، ح1.

(4) نفس المصدر، ص285، الباب 39 من الشهادات، ح2.