469

 

الثالث: اللعان:

ويثبت به التحريم المؤبّد(1)، وكذا قذف الزوج امرأته الصمّاء، أو الخرساء(2).

 

الرابع: الكفر:

ولا يجوز للمسلم أن ينكح غير الكتابيّة إجماعاً، لا دواماً ولا انقطاعاً ولا ملك يمين، وفي الكتابيّة قولان أظهرهما الجواز في المنقطع، وأمّا في الدائم إشكال، والأظهر الجواز(3)، وفي عموم الحكم للمجوسيّة وإن كانت من الكتابيّة



(1) لا إشكال في ذلك(1).

(2) المقياس هو الخرس سواء كانت صمّاء أيضاً أو لم تكن كما أفاده اُستاذنا الشهيد(رحمه الله)(2).

(3) هذا هو المختار لنا(3).


(1) للنصوص، كصحيح عبد الرحمن بن الحجّاج. الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 1 من اللعان، ح 1، ص 407 ـ 408.

(2) والسبب في ذلك أنّ بعض روايات الباب وردت في فرض الخرس من دون فرض الصمم، راجع صحيح الحلبيّ ومحمّد بن مسلم عن أبي عبدالله(عليه السلام). الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 8 من اللعان، ح 1، ص 427. ولا يعارضها صحيح أبي بصير، وهو الحديث الثاني من نفس الباب الوارد في خرساء صمّاء؛ لأنّهما مثبتان لا يتعارضان، كما لا يعارضها نسخة الشيخ لنفس صحيح أبي بصير التي ورد فيها «وهي خرساء أو صمّاء». نفس المصدر، ص 428. وجه المعارضة هو أنّ ظاهرها كفاية أحد الوصفين، والجواب: أنّ هذا داخل في اختلاف النسخ، فلم يعلم ما هو الصحيح.

(3) لوجود روايات دالّة على الجواز من قبيل صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبدالله(عليه السلام)قال: «سأله أبي وأنا أسمع عن نكاح اليهوديّة والنصرانيّة، فقال: نكاحهما أحبّ إليّ من نكاح

470

 



الناصبيّة، وما أحبّ للرجل المسلم أن يتزوّج اليهوديّة ولا النصرانيّة مخافة أن يتهوّد ولده أو يتنصّر». صدر الحديث وارد في الوسائل، ج 20 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 10 ممّا يحرم بالكفر ونحوه، ح 10، ص 552، وذيله في ب 1 من تلك الأبواب، ح 5، ص 534. واحتمال اختصاصها بالمتعة بعيد؛ لأنّ الفرد البارز من النكاح والزواج هو الدائم.

وصحيحة معاوية بن وهب عن أبي عبدالله(عليه السلام): «في الرجل المؤمن يتزوّج اليهوديّة والنصرانيّة، فقال: إذا أصاب المسلمة فما يصنع باليهوديّة والنصرانيّة؟! فقلت له: يكون له فيها الهوى، قال: إن فعل فليمنعها من شرب الخمر وأكل لحم الخنزير، واعلم أنّ عليه في دينه غضاضة».

وروايات عدم تزويج اليهوديّة والنصرانيّة على المسلمة، وتزويج المسلمة على اليهوديّة والنصرانيّة. راجع نفس المصدر، ب 7 من تلك الأبواب، ص 542.

ولكن توجد في مقابل هذه الروايات الآية الكريمة: (لاَ تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ). سورة 60 الممتحنة، الآية: 10. ولو كنّا نحن وهذه الآية لقلنا: إنّ المتيقّن من الآية هو موردها، وهو بحسب ما يفهم من سياق الآيات التي وردت في ضمن سياقها هي المشركات، والقدر المتيقّن في مقام التخاطب يبطل الإطلاق.

وأمّا صحيحة زرارة: «سألت أبا جعفر(عليه السلام) عن قول الله عزّ وجلّ: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ﴾، فقال: هي منسوخة بقوله: ﴿لاَ تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ﴾»، الوسائل،نفس المجلّد، ب 1 من تلك الأبواب، ح 1، ص 533، فنحن نكاد نجزم بوجود خلل فيها؛ لأنّ آية ﴿لاَ تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ﴾ الواردة في قصّة صلح الحديبيّة في السنة السادسة من الهجرة لا يمكن أن تكون ناسخة لما في سورة المائدة التي هي آخر سورة نزلت على رسول الله(صلى الله عليه وآله) في حجّة الوداع.

وأمّا موثّقة زرارة عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: «لا ينبغي نكاح أهل الكتاب، قلت: جعلت فداك، وأين تحريمه؟ قال: قوله: ﴿لاَ تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ﴾»، الوسائل، نفس المجلّد والباب، ح 4، ص 534،

471

إشكال(1).



(1) أفاد اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): «أقربه عدم الجواز». ونِعْمَ ما أفاد(1).


فهذه هي الرواية الوحيدة التامّة سنداً ودلالةً، وغير الدالّ على النسخ المقطوع الكذب، فإن أوجب هذا الوضع الروائيّ الذي شرحناه سلب الوثوق من هذه الرواية إلى حدّ أسقطها عن الحجّيّة فبها ونِعمت، وإلّا فنحن نستفيد من مبنانا الاُصوليّ القائل بالتخيير في الخبرين المتعارضين ونختار روايات الجواز.

والمهمّ من دليلنا على التخيير في الخبرين المتعارضين هو الحديث الوارد في مكاتبة بواسطة الحسين بن روح إلى صاحب الزمان عجّل الله فرجه: «يسألني بعض الفقهاء عن المصلّي إذا قام من التشهّد الأوّل إلى الركعة الثالثة هل يجب عليه أن يكبّر، فإنّ بعض أصحابنا قال: لا يجب عليه التكبير ويجزيه أن يقول: بحول الله وقوّته أقوم وأقعد؟ فكتب في الجواب: إنّ فيه حديثين: أمّا أحدهما فإنّه إذا انتقل من حالة إلى حالة اُخرى فعليه التكبير، وأمّا الآخر فإنّه روي: إذا رفع رأسه من السجدة الثانية وكبّر ثمّ جلس ثمّ قام، فليس عليه في القيام بعد القعود تكبير، وكذلك التشهّد الأوّل يجري هذا المجرى، وبأيّهما أخذت من جهة التسليم كان صواباً». الوسائل، ج 6 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 13 من السجود، ح 8، ص 362.

وأمّا الصابئة فالذي يظهر من آية سورة 5 المائدة رقم: 69، وآية سورة 2 البقرة رقم: 62: أنّ الصابئة كانوا من أهل الكتاب. ولو كانوا باقين على هذا الوضع في زماننا هذا فروايات جواز النكاح بالكتابيّة إنّما وردت في اليهوديّة والمسيحيّة ولم ترد في الصابئة، وأمّا الآية الخامسة من سورة 5 المائدة فهي بإطلاقها تشملهنّ، ولكنّ الآية لا يفهم منها الإطلاق للنكاح الدائم.

(1) لصحيحة إسماعيل بن سعد الأشعريّ قال: «سألته عن الرجل يتمتّع من اليهوديّة والنصرانيّة، قال: لا أرى بذلك بأساً، قال: قلت: فالمجوسيّة؟ قال: أمّا المجوسيّة فلا». الوسائل، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 13 من المتعة، ح 1، ص 37.

472

(مسألة: 1) لا يجوز للمسلمة المرتدّة أن تنكح المسلم ولا الكافر وإن صارت كتابيّة(1)، وكذا لا يجوز للمسلم المرتدّ أن ينكح المسلمة(2) ولا الكافرة، ولا يجوز للمسلمة أن تنكح غير المسلم، ولو ارتدّ أحد الزوجين قبل الدخول انفسخ في الحال(3) ويقف بعده على انقضاء العدّة إلّا أن يرتدّ الزوج عن فطرة



(1) يكفي في ذلك عدم الدليل على صحّة هذا النكاح؛ لأنّه كان المقصود من الترخيص في نكاح الكتابيّة في مثل قوله تعالى ـ في سورة المائدة، الآية: 5 ـ: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾الكافرة بالأصل الكتابيّة لا المرتدّة.

(2) فإنّه ليس بأفضل من الكافر الأصليّ(1).

(3) يعدّ هذا من مسلّمات الفقه(2).


(1) وقد قال الله تعالى ـ في سورة 60 الممتحنة الآية: 10 ـ: ﴿لاَ هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ﴾، وقد دلّ على ذلك بعض الأخبار كصحيح عبدالله بن سنان: «إذا أسلمت المرأة وزوجها على غير الإسلام فرّق بينهما». الوسائل، ج 20 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 9 ممّا يحرم بالكفر، ح 4، ص 547. وكذا لا يجوز للمسلم المرتدّ أن ينكح الكافرة ولو الكتابيّة، ويكفي عدم الدليل على صحّة ذلك.

(2) ولو اُريد تخريجه وفق الأدلّة اللفظيّة، فلعلّه يمكن أن يقال: إنّنا نتمسّك بقوله تعالى: ﴿الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِوَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُوْلَئِكَ مُبَرَّؤُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ﴾ ـ سورة 24 الروم، الآية: 26 ـ وبهذا نفهم حرمة نكاح الخبيث للطيّبة وحرمة نكاح الخبيثة للطيّب، وخرج من إطلاقها الزواج بالكتابيّة بقدر ما دلّ الدليل على جوازه، والمقصود بالكتابيّة الكافرة الأصليّة حينما تكون كتابيّة. وعليه فلو ارتدّ أحد الزوجين فمقتضى إطلاق الآية انفساخ الزواج. ويؤخذ بذلك فيما إذا ارتدّ أحدهما قبل الدخول بلا عدّة، ولا إشكال في عدم العدّة؛ إذ لا عدّة قبل الدخول.

473

فينفسخ في الحال(1)، وعدّة المرتدّ عن فطرة عدّة الوفاة وعن غيرها عدّة الطلاق.

(مسألة: 2) لو أسلم زوج الكتابيّة ثبت عقده(2)، ولو أسلمت دونه قبل الدخول



(1) استشكل اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) في وقوف الانفساخ لدى الارتداد بعد الدخول على انقضاء العدّة بقوله: «وقوفه كذلك محلّ إشكال؛ لعدم وضوح المدرك، فلابدّ من مراعاة الاحتياط». ولكنّنا نقول: لا حاجة إلى هذا الاحتياط(1).

(2) قال اُستاذنا(رحمه الله): «على إشكال». وإشكاله نشأ من إشكاله في التزويج الدائم للكتابيّات، أمّا لو قلنا بجوازه لم يبقَ إشكال هنا(2).


(1) لوجود النصّ الصحيح الصريح في عدم الحاجة إلى هذا الاحتياط، وهو عبارة عن صحيحة أبي بكر الحضرميّ الواردة في الوسائل، ج 26 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 6 من موانع الإرث، ح 5، ص 28. ولو فرض التشكيك في وثاقة أبي بكر الحضرميّ كَفَتْهُ رواية الأزديّ والبجليّ عنه.

أمّا لو ارتدّ الزوج عن فطرة فعدم وقوف الانفساخ على انقضاء العدّة واضح؛ لبعض النصوص كصحيحة محمّد بن مسلم، الوسائل، ج 28 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 1 من حدّ المرتدّ، ح 2، ص 323 ـ 324، وموثّقة عمّار الساباطيّ نفس المصدر، ح 3، ص 324.

وأمّا كون عدّة المرتدّ عن ملّة عدّة الطلاق فهو مطابق للقاعدة.

وأمّا كون عدّة المرتدّ عن فطرة عدّة الوفاة فهو صريح موثّقة عمّار الساباطيّ.

(2) بل حتّى لو استشكلنا في التزويج الدائم من الكتابيّات، فلنا بعض الروايات الدالّة على بقاء الزوجة الكتابيّة في عقد زوجها الذي أسلم كصحيحتي عبدالله بن سنان والحلبيّ عن أبي عبدالله(عليه السلام): «سألته عن رجل هاجر وترك امرأته مع المشركين، ثمّ لحقت به بعد ذلك، أيمسكها بالنكاح الأوّل أو تنقطع عصمتها؟ قال: بل يمسكها وهي امرأته». الوسائل، ج 20 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 5 ممّا يحرم بالكفر، ح 1، ص 540 ـ 541. وهما تخصّصان بالكتابيّة إن قلنا بالانفساخ في فرض كونها مشركة لقوله تعالى: ﴿لاَ تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ﴾. سورة 60 الممتحنة، الآية: 10.

474

انفسخ العقد وبعده يقف على انقضاء العدّة(1)، فإن أسلم فيها كان أملك بها، ولو كان الزوجان حربيّين(2) وأسلم أحدهما قبل الدخول انفسخ النكاح في الحال، ولو كان بعده يقف على انقضاء العدّة(3)، ولو أسلم الزوج على أكثر من أربع حربيّات(4) وأسلمن فاختار أربعاً انفسخ نكاح البواقي(5)، ولو أسلم وعنده أربع كتابيّات ثبت عقده عليهنّ(6)، ولو كنّ أزيد تخيّر أربعاً(7) وبطل نكاح البواقي.



(1) يدلّ على الوقوف على انقضاء العدّة صحيح منصور بن حازم: «سألت أبا عبدالله(عليه السلام) عن رجل مجوسيّ أو مشرك من غير أهل الكتاب كانت تحته امرأة فأسلم أو أسلمت؟ قال: ينتظر بذلك انقضاء عدّتها، فإن هو أسلم أو أسلمت قبل أن تنقضي عدّتها فهما على نكاحهما الأوّل، وإن هي لم تسلم حتّى تنقضي العدّة فقد بانت منه». الوسائل، ج 20 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 9 ممّا يحرم بالكفر، ح 3، ص 547. ولو ثبت هذا في المجوسيّين والمشركين ففي المسيحيّين واليهود بطريق أولى.

(2) يعني: غير كتابيّين، كما أفاده اُستاذنا في تفسير عبارة المصنّف.

(3) لنفس ما ذكرناه قبل تعليقتين.

(4) يعني: غير الكتابيّات.

(5) يعني: وتمّ ما اختار، وهذا يتمّ لو جزمنا بالتعدّي العرفيّ من مورد صحيح جميل عن أبي عبدالله(عليه السلام): «في رجل تزوّج خمساً في عقدة واحدة، قال: يخلّي سبيل أيّتهنّ شاء ويمسك الأربع». الوسائل، ج 20 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 4 ممّا يحرم باستيفاء العدد، ح 1، ص 522.

(6) قال اُستاذنا الشهيد: «على إشكال». أقول: إشكاله هذا ينشأ من إشكاله في الزواج الدائم من الكتابيّة، وقد تقدّم تعليقنا على ذلك.

(7) قال اُستاذنا الشهيد: «فيه إشكال مضافاً إلى الإشكال المتقدّم فينبغي مراعاة الاحتياط». أقول: لو لم يجزم بالتعدّي العرفيّ من مورد ما مضى من صحيح جميل، فعندئذ ينبغي مراعاة الاحتياط.

475

 

مسائل اُخرى متفرّقة:

الاُولى: يجوز للمؤمنة أن تتزوّج بالمخالف على كراهيّة، بل الأحوط تركه(1)إلّا إذا خيف عليها الضلال فيحرم، ويجوز العكس إلّا إذا خيف الضلال، ويكره تزويج الفاسق، وتتأكّد الكراهة في شارب الخمر.

الثانية: نكاح الشِغار باطل، وهو جعل نكاح امرأة مهر اُخرى.

الثالثة: يجوز تزويج الحرّة بالعبد، والهاشميّة بغيره، والعربيّة بالعجميّ، وبالعكس.

الرابعة: لا يجوز التعريض بالخطبة لذات البعل، ولا لذات العدّة الرجعيّة، ويجوز للمعتدّة البائنة، وكذا من الزوج لها، إلّا أن تكون محرّمةً أبداً عليه أو تحتاج إلى محلّل(2).



(1) لورود بعض النواهي عن ذلك. راجع الوسائل، ج 20 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 10 ممّا يحرم بالكفر ونحوه(1).

(2) يمكن أن يكون الوجه في كلّ هذا أنّه تعريض لما يوقع الطرف المقابل في الحرام.


(1) وهناك ما يدلّ على الجواز كصحيح عبدالله بن سنان قال: «سألت أبا عبدالله(عليه السلام) بِمَ يكون الرجل مسلماً تحلّ مناكحته وموارثته، وبِمَ يحرم دمه؟ قال: يحرم دمه بالإسلام إذا ظهر، وتحلّ مناكحته وموارثته». الوسائل، ج 20 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 10 ممّا يحرم بالكفر ونحوه، ح 17، ص 554. وصحيح محمّد بن مسلم عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: «سألته عن الإيمان؟ فقال: الإيمان ما كان في القلب، والإسلام ما كان عليه التناكح والمواريث وتحقن به الدماء». نفس المصدر، ب 11 من تلك الأبواب، ح 13، ص 560. وحديث القاسم الصيرفيّ. نفس الباب، ح 4، ص 556.

476

 

الفصل الرابع

 

في عقد المتعة

ويشترط فيه الإيجاب مثل أن تقول المرأة: متّعتك، أو زوّجتك، أو أنكحتك نفسي، والقبول من أهله مثل: قبلت. ويشترط فيه أيضاً ذكر المهر، كما يشترط أيضاً ذكر أجل معيّن، ولو لم يذكر المهر بطل، ولو لم يذكر الأجل ففي البطلان أو انقلابه دائماً قولان، أظهرهما الثاني(1). ويحرم عقد المتعة على غير الكتابيّة من الكفّار، وبنت الأخ والاُخت من دون إذن العمّة والخالة(2). ويكره على



(1) أفاد اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): «بل لا يبعد كون الأوّل أظهر؛ لأنّه موافق للقاعدة، والروايات الواردة ما هو تامّ منها سنداً غير تامّ دلالةً على الثاني». ونِعْمَ ما أفاد(1). والمقصود بعدم ذكر الأجل عدم جعل الأجل، أمّا لو كان التوافق السابق على إجراء الصيغة قرينة على جعل الأجل فلا كلام في ذلك.

(2) لأنّ إطلاق النصّ يشمل الزواج الموقّت(2).


(1) ينظر(رحمه الله) إلى روايات الباب 20 من المتعة من الوسائل، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ص 47 ـ 48، ويشير بقوله: «ما هو تامّ منها سنداً غير تامّ دلالة على الثاني» إلى الرواية الاُولى من الباب والروايتان الأخيرتان غير تامّتين سنداً.

(2) كموثّق محمّد بن مسلم عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: «لا تزوّج ابنة الأخ ولا ابنة الاُخت على العمّة ولا على الخالة إلّا بإذنهما...». الوسائل، ج 20 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 30 ممّا يحرم بالمصاهرة ونحوهما، ح 1، ص 487.

477

الزانية(1) والبكر(2) ولا حدَّ للمهر. ولو وهبها المدّة قبل الدخول ثبت نصفه على الأظهر(3). ولو ماتت أو مات لم ينقص منه شيء وإن كان قبل الدخول. ولو أخلّت ببعض المدّة سقط بنسبته(4)، ولا فرق بين كون الإخلال لعذر أو غيره عدا أيّام الحيض ونحوها ممّا يحرم عليه فيها الوطء. والمدار في الإخلال على الاستمتاع بالوطء دون غيره



(1) قال اُستاذنا(رحمه الله): «الزانية المشهورة بالزنا كالمحترفات لا يجوز نكاحهنّ بالمنقطع والدائم على الأحوط وجوباً كما تقدّم»، ويقصد بقوله: «كما تقدّم» ما تقدّم قبيل بحث الرضاع في تعليق له على المسألة الثالثة من المسائل التي مضت قبل بحث الرضاع. وعلى أيّ حال، فنِعْم ما فعل من الاحتياط الواجب؛ لقوّة إطلاق قوله تعالى: ﴿الزَّانِي لاَ يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْمُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَا إِلاَّ زَان أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِين﴾(1).

(2) في صحيحة حفص بن البختريّ: «يكره للعيب على أهلها»(2).

(3) على ما يظهر من موثّقة سماعة(3).

(4) للنصوص(4).


(1) الآية في سورة 24، رقم: 3. وقد حملت على المشهورة بالزنا. راجع الوسائل، ج 20 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 13 ممّا يحرم بالمصاهرة ونحوها. وهناك نصّ في المتعة دلّ على جواز التمتّع بالمشهورة بالزنا، وهو حديث إسحاق بن جرير ـ الوسائل، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 9 من المتعة، ح 3، ص 29 ـ ولكنّا نحتاط وجوباً بعدم الأخذ به؛ لقوّة إطلاق الآية.

(2) راجع الوسائل، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 11 من المتعة، ح 10، ص 34، بإسناد الشيخ عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختريّ، عن أبي عبدالله(عليه السلام): «في الرجل يتزوّج البكر متعة، قال: يكره؛ للعيب على أهلها».

(3) راجع الوسائل، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 30 من المتعة، ح 1، ص 63، وب 41 من المهور، ح 2، ص 301.

(4) راجع الوسائل، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 27 من المتعة، ص 61 ـ 62.

478

من أنواع الاستمتاع، فلو أخلّت به مع التمكين من الوطء لم يسقط من المهر شيء(1)، ولو لم تحضر في بعض المدّة لعجزه عن الاستمتاع بالوطء ففي سقوط بعض المهر إشكال(2)، ولو ظهر بطلان العقد فلا مهر قبل الدخول، وبعده لها مهر المثل متعةً لا دواماً مع جهلها(3)، ويلحق به الولد وإن عزل، ولو نفاه انتفى ظاهراً بلا لعان(4)



(1) لعدم الدليل على السقوط، وهذا لا ينافي وجوب تمكينها لاستمتاعات اُخرى.

(2) أفاد اُستاذنا(رحمه الله): «أظهره السقوط عند عدم الحضور مع قدرة الزوج على غير الوطء»، وأنا أظنّ أنّ مقصوده(رحمه الله)ما عدا أيّام مثل الحيض التي استثنيت في الروايات.

(3) أفاد اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): «وأمّا مع عدم جهلها وتسليم المتمتّع بعض المهر للمرأة وانكشاف الحال له بعد الدخول فهل يجوز له استرجاع ما سلّم كما تقتضيه القاعدة أو لا يجوز عملاً بإطلاق النصّ الخاصّ؟ وجهان(1).

(4) لو لم يكن بالإمكان تولّد الولد منه، انتفى الولد بلا حاجة إلى نفي، أمّا مع إمكان التولّد منه، فلا يجوز للزوج المستمتع أن ينفي الولد لمجرّد التهمة ولو علم بفجور المرأة. نعم، لو علم بعدم كون الولد له، فإن كان هذا نتيجة اتّهامه للمرأة المتمتّع بها بالفجور، فالنصّ الدالّ على عدم اللعان في المتمتّع بها(2) قد يدلّ على نفي الولد ظاهراً من دون لعان. ولو لم يدلّ على ذلك أو لم يكن نفي الولد نتيجة اتّهامه للمرأة المتمتّع بها بالفجور، فلا أقلّ من ثبوت نفي الولد ظاهراً بالأصل.


(1) يقصد(رحمه الله) بالنصّ الخاصّ: صحيحة حفص بن البختريّ عن أبي عبدالله(عليه السلام): «إذا بقي عليه شيء من المهر وعلم أنّ لها زوجاً فما أخذته فلها بما استحلّ من فرجها ويحبس عليها ما بقي عنده». الوسائل، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 28 من المتعة، ح 1، ص 62. ولعلّ الوجهفي عدم إفتائه(رحمه الله) بإطلاق النصّ غرابة الإطلاق بعد أن كانت تعتبر مع العلم بغيّة.

(2) وهو صحيحة ابن أبي يعفور عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «لا يلاعن الرجل المرأة التي يتمتّع بها»، وصحيحة ابن سنان عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «لا يلاعن الحرّ الأمة، ولا الذمّيّة، ولا التي يتمتّع بها». الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 10 من اللعان، ص 430.

479

إلّا أن يقرّ به سابقاً أو يكون قد وطأها وطأً يمكن تولّده منه فلا ينتفي بنفيه حينئذ، ولا يقع بها الطلاق واللعان، بل ولا الظهار على قول ضعيف(1)، ولا ميراث لها إلّا أن يشترط(2). ولو أبرأها المدّة على أن لا تتزوّج فلاناً صحّ الإبراء وبطل الشرط(3)، ولو صالحها على أن يبرئها المدّة وأن لا تتزوّج بفلان صحّ الصلح ووجب عليه الإبراء، فإن امتنع أجبره الحاكم، فإن تعذّر تولاّه الحاكم، ولا يصحّ



(1) ضعفه غير واضح عندي(1).

(2) دلّ على ذلك صريح صحيح البزنطيّ(2).

(3) أفاد اُستاذنا الشهيد: «بل صحّا معاً». ونِعْمَ ما أفاد(3).


(1) لقوّة احتمال انصراف كلمة النساء في الآية المباركة ـ في سورة 58 المجادلة، الآية: 3 ـ: ﴿وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ﴾، وكذلك في روايات الظهار، وكذلك مثل كلمة امرأته في روايات الظهار ـ في الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت ـ إلى الزوجة الدائمة، ولا يترك الاحتياط.

(2) وهو الحديث الأوّل من ب 32 من المتعة، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ص 66. ونحن نختار تقديمه على ما يعارضه، وذلك على أساس مسلكنا الاُصوليّ من مبنى التخيير لدى التعارض.

(3) كأنّ السبب في الإفتاء بعدم صحّة الشرط تشبيه المقام بما لو شرطت المرأة على زوجها أن لا يتزوّج عليها ولا يتسرّى، حيث دلّ صحيح زرارة الوارد في الوسائل، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ح 2، ص 276، وكذلك صحيح محمّد بن قيس في نفس المجلّد، ب 38 من المهور، ح 1، ص 297: على فساد الشرط. ولكن الصحيح أنّ احتمال الفرق موجود، ولكن إفتاؤنا بصحّة الشرط لا يعني أنّها لو عصت وخالفت الشرط وتزوّجت فسد الزواج؛ لأنّ معنى صحّة الشرط أنّه ملك عليها الالتزام بعدم الزواج، فلو خالفت الالتزام عصياناً وتزوّجت فهي وإن فعلت حراماً لكن هذا لا يبرّر بطلان هذا التزويج.

480

لها أن تتزوّج بفلان، فإن تزوّجت به بطل التزويج(1)، فإن كانت المصالحة على أن تتزوّج بفلان وجب ذلك عليها، فإن امتنعت أجبرها الحاكم، فإن تعذّر زوّجها الحاكم منه. ولو صالحها على أن تكون بريئةً من المدّة بنحو شرط النتيجة ففي صحّته إشكال ضعيف(2)، ولو أبرأها معلّقاً على أن لا تتزوّج أو منوطاً بذلك بطل الإبراء(3).

(مسألة: 1) تعتدّ الحائل بعد الأجل بحيضتين كاملتين(4)، ولا يكفي فيهما



(1) لم يفتِ المصنّف(رحمه الله) ببطلان هذا الصلح، ولم يره من قبيل فرع الشرط الذي مضى قبل هذا الفرع، وفرّع على ذلك أنّها لو تزوّجت به بطل التزويج(1).

(2) المختار عندنا صحّة شرط النتيجة كما وضّحنا ذلك في كتابنا في الخيار.

(3) هكذا تعليق وإناطة للإبراء غير عرفيّ ولا دليل على نفوذه(2).

(4) أفاد اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): «على الأحوط وجوباً فيما زاد على الحيضة الواحدة». أقول: ونحن نفتي بكفاية الحيضة الواحدة(3).


(1) قال اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) ما مفاده: إنّنا آمنّا في الفرع السابق بصحّة الشرط ولكن مع ذلك لا ينتج صحّةُ الشرط فساد التزويج لو تزوّجت بعد الإبراء؛ لأنّ الزوج قد ملك عليها بالشرط الالتزام بعدم التزويج، وهذا لا يبرّر بطلان التزويج بفلان لو عصت وخالفت الالتزام، فإنّ غاية الأمر حرمة التزويج عليها بفلان، والحرمة لا توجب البطلان. أمّا في هذا الفرع الجديد الذي وقع فيه القرن بين الإبراء وعدم التزويج بفلان فقد ملك الزوج عليها نفس عدم التزويج فلو تزوّجت به بطل التزويج.

(2) ولا يوجد في روايات الإبراء إطلاق من هذا القبيل. راجع الوسائل، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 29 و30 من المتعة، ص 63 ـ 64، وب 41 من المهور، ح 2، ص 30.

(3) وتوضيح الكلام في ذلك ـ على الاختصار ـ: أنّ الروايات الواضحة السند والدلالة حول

481

المسمّى أو في إحداهما، فإن كانت في سنِّ من تحيض ولا تحيض فبخمسة وأربعين يوماً(1)، وفي الموت بأربعة أشهر وعشرة أيّام إن كانت حرّة(2)، وتعتدّ



(1) الظاهر كفاية أقرب الأجلين.

(2) وأمّا إن كانت أمة فعدّتها نصف عدّة الحرّة، أعني: شهرين وخمسة أيّام(1).


عدّة المتمتّع بها التي تحيض متعارضة بين ما يدلّ على أنّها حيضة واحدة وما يدلّ على أنّها حيضة ونصف وما يدلّ على أنّها حيضتان. راجع الوسائل، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 4 و22 من المتعة. وبرغم أنّ المشهور بين فقهائنا هو الحيضتان، وبرغم أنّ الإفتاء بحيضة واحدة لم نعرفه إلّا عن ابن أبي عقيل لم نفقد الوثوق عن روايات الحيضة الواحدة إلى حدّ يسقطها عن الحجّيّة.

وعندئذ فنحن نفتي بكفاية الحيضة الواحدة بأحد طريقين:

الطريق الأوّل: الجمع بين هذه الروايات بحمل مازاد على الحيضة الواحدة على الاستحباب، ونحن لم نقبل في علم الاُصول بالقاعدة التي تقول: (إنّ التعابير التي لو اُوصل بعضها ببعض لفهم العرف من ذلك التهافت ولا يرى جمعاً عرفيّاً بينها، لا يرى العرف أيضاً جمعاً بينها حينما يفصل بعضها عن بعض).

والطريق الثاني: أن نعمل بقاعدتنا التي آمنّا بها في علم الاُصول في باب التعارض من التخيير بالأخذ بأيّ واحد شئنا منهما فنأخذ بروايات الحيضة الواحدة.

(1) وذلك للنصوص. راجع الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 42 من العِدد، ح 6 إلى 10، ص 260 ـ 261. وأكثرها تامّة السند.

ولكن تعارضها بعض الروايات من قبيل صحيح زرارة ـ الحديث الثاني من نفس الباب، ص 259 ـ عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: «إنّ الأمة والحرّة كلتيهما إذا مات عنها زوجها سواء في العدّة، إلّا أنّ الحرّة تحدّ والأمة لا تحدّ»، وأيضاً صحيح زرارة ـ في نفس المجلّد، ب 52 من العِدد، ح 2 ـ: «سألت أبا جعفر(عليه السلام) ما عدّة المتعة إذا مات عنها الذي تمتّع بها؟ قال: أربعة أشهر وعشر، قال: ثمّ

482

الحامل بأبعد الأجلين من المدّة ووضع الحمل إن كان الاعتداد للوفاة(1)، وإن كان لغيرها فالظاهر أنّ عدّتها وضع الحمل(2)، وإن كان الأحوط انتظار أبعد الأجلين منه ومن المدّة(3).



(1) لإطلاق النصوص الواردة في الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 31 من العدد، ص 240 ـ 241.

(2) وضع الحمل كاف لانتهاء العدّة، ويكفي لذلك ظاهر الآية المباركة: ﴿وَأُوْلاَتُ الاَْحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾. سورة 65 الطلاق، الآية: 4.

(3) هذا احتياط استحبابيّ(1).


قال: يا زرارة، كلّ النكاح إذا مات الرجل فعلى المرأة حرّة كانت أو أمة وعلى أيّ وجه كان النكاح منه متعة أو تزويجاً أو ملك يمين فالعدّة أربعة أشهر وعشراً...»، ولكن الظاهر أنّ عمل المشهور على الطائفة الاُولى.

نعم، يمكن استثناء اُمّ الولد، لمعتبرة سليمان بن خالد ـ الواردة في نفس المجلّد، ب 42 من العِدد، ح 1، ص 259 ـ: «سألت أبا عبدالله(عليه السلام) عن الأمة إذا طلّقت ما عدّتها؟ قال: حيضتان أو شهران حتّى تحيض. قلت: فإن توفّي عنها زوجها؟ فقال: إنّ عليّاً(عليه السلام) قال في اُمّهات الأولاد لا يتزوّجن حتّى يعتددن أربعة أشهر وعشراً وهنّ إماء»، ولصحيحة وهب بن عبد ربّه عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «سألته عن رجل كانت له اُمّ ولد فزوّجها من رجل فأولدها غلاماً، ثمّ أنّ الرجل مات، فرجعت إلى سيّدها، أله أن يطأها؟ قال: تعتدّ من الزوج أربعة أشهر وعشرة أيّام، ثمّ يطؤها بالملك بغير نكاح» ـ نفس المصدر، ح 3، ص 259 ـ 260 ـ وكأنّ النكتة فيما ورد في هذين الحديثين من اعتداد اُمّ الولد هي أنّها متشبّثة بالحرّيّة.

(1) كي لا نكون قد خالفنا إطلاقات المدّة، من قبيل روايات ب 12 من الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ص 198.

483

(مسألة: 2) لا يصحّ للزوج تجديد العقد عليها دائماً أو منقطعاً قبل انقضاء الأجل(1).

(مسألة: 3) إذا اختلف الزوجان في الدوام والانقطاع قدّم قول مدّعي الدوام بيمينه(2) إن لم تكن بيّنة على الانقطاع.

(مسألة: 4) لا يجوز جعل المدّة منفصلةً عن العقد فيتزوّجها شهراً بعد شهر العقد، وقيل: يجوز، وهو ضعيف(3).



(1) ولو بهبته للمدّة إيّاها.

(2) أفاد اُستاذنا الشهيد في تعليقه على هذا الكلام ما يلي:

«هذا إذا كانا متّفقين على عدم ذكر الأجل واختلفا في قصدالدوام؛ لأنّ ظاهر العقد حينئذ إرادة الدوام. وأمّا إذا كانا مختلفين في ذكر الأجل فالأمر وإن كان كذلك على مبنى الماتن(قدس سره) من انقلاب العقد دائماً بمجرّد عدم ذكر الأجل، وأمّا على المختار فلا يخلو من إشكال وإن كان الأقرب ذلك بالنسبة لآثار كالإرث والنفقة؛ لأنّهما مترتّبان على عنوان الزوجيّة بدليل عامّ خرج منه عنوان العقد المنقطع، فبإحراز عقد الزوجيّة وجداناً مع استصحاب عدم كونه منقطعاً يتمسّك بالدليل العامّ المذكور، فإذا اختلفا في النفقة أو الإرث في أثناء المدّة كان الأصل مع مدّعيهما، وأمّا إذا اختلفا في بقاء الزوجيّة بعد انتهاء المدّة فثبوت بقاء الزوجيّة بيمين مدّعي الدوام محلّ إشكال بل منع». ونِعْمَ ما أفاد(1).

(3) دلّ على جواز ذلك خبر بكار بن كردم وهو غير تامّ سنداً(2).


(1) والوجه في الإشكال أو المنع هو أنّ بقاء الزوجيّة لم يكن أثراً للجامع بين الفرد الطويل والفرد القصير حتّى يثبت بالاستصحاب كما يقال في مثال البقّ والفيل، وإنّما كان أثراً لخصوص الفرد الطويل.

(2) خبر بكار بن كردم ورد في الوسائل، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 35 من المتعة، الحديث الوحيد في الباب، ص 72، وأمّا المطلقات فمنصرفة إلى ما عليه فهم العرف والمتشرّعة.

484

 

الفصل السادس(1)

 

في العيوب

وهي أربعة في الرجل: الجنون(1) والعُنّة(2) وإن تجدّدا بعد العقد، لكنّ العنّة لو



(*) لم يعلّق سماحة السيّد (مدّ ظلّه) على الفصل الخامس من كتاب النكاح وهو ما يتعلّق بنكاح الإماء والاستمتاع بهنّ ممّا هو خارج عن محلّ الابتلاء في عصرنا الحاضر، ولذا فقد حذف هذا الفصل من طبعات الكتاب. (من المكتب).

(1) أفاد اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): «إذا حصل التدليس فيه فللمرأة خيار التدليس، وإلّا فثبوت الخيار بسبب الجنون بعنوانه لا يخلو من إشكال، وعليه يعرف الإشكال في الفسخ بالجنون المتجدّد». ونِعْمَ ما أفاد(1).

(2) للنصوص(2).


(1) لأنّ ما دلّ على الفسخ بالجنون: إمّا ضعيف سنداً كخبر عليّ بن أبي حمزة قال: «سئل أبو إبراهيم(عليه السلام) عن المرأة يكون لها زوج قد اُصيب في عقله بعد ما تزوّج أو عرض له جنون؟ قال: لها أن تنزع نفسها منه إن شاءت»، الوسائل، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 12 من العيوب والتدليس، ح 1، ص 225، أو يحتمل اختصاصه بالمرأة كصحيح الحلبيّ عن أبي عبدالله(عليه السلام)قال: «إنّما يردّ النكاح من البرص والجذام والجنون والعفل»، ب 1 من تلك الأبواب، ح 10،ص 210، فإنّ احتمال ظهوره في المرأة قويّ بسبب اشتماله على أحد العيوب المختصّة بالنساء وعدم اشتماله على أحد العيوب المختصّة بالرجال، ولا أقلّ من الإجمال.

(2) راجع الوسائل، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 14 و 15 من العيوب والتدليس، ص 229 ـ 235. وما ورد في بعضها من التربّص به سنة محمول على موارد احتمال البُرء، والحديث الثالث من الباب 15 الذي ورد فيه: «أمره بطلاقها» يمكن حمله على إرادة طلاقها بالفسخ دون الطلاق المصطلح، وعلى أيّ حال فهذا سنده ضعيف بإسحاق بن بنان الذي لم يوثّق.

485

تجدّدت بعد العقد والوطء ولو مرّةً لم توجب الخيار. والخِصاء إذا سبق على العقد(1).والجَبّ الذي لا يقدر معه على الوطء أصلا إذا سبق، أمّا إذا تجدّد ففيه إشكال، إلّا إذا كان بعد الوطء مرّةً فالأقوى أنّه لا يقتضي الخيار(2).

وسبعة في المرأة: « الجنون » و « الجُذام » و « البَرَص » و « القَرْن » وهو العَفَل، ومثله الرَتق، والأحوط(3) الاقتصار فيه على صورة العجز عن علاجه.



(1) رواياته واردة في فرض التدليس، ففي مورد عدم التدليس لا يثبت الخيار(1).

(2) أفاد اُستاذنا(رحمه الله) في الجبّ: «الظاهر ثبوت الخيار مع التجدّد أيضاً، بل لا يبعد ثبوته بعد الوطء وإن كان الاحتياط لا ينبغي تركه؛ لأنّ ما دلّ على عدم الخيار بحدوث العيب بعد الوطء وارد في العنّين ولا جزم بالتعدّي منه إلى هذا الفرض». أقول: هذا الاحتياط لا يترك(2).

(3) قال اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): «استحباباً». وما ذكره وجيه(3).


(1) راجع الوسائل، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 13 من العيوب والتدليس،ص 326 ـ 329.

(2) يبدو أنّ اُستاذنا الشهيد؛ كان يفهم من صحيحة أبي بصير الإطلاق للجبّ، وهي التي رواها عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «سألت أبا عبدالله(عليه السلام) عن امرأة ابتلي زوجها فلا يقدر على جماع أتفارقه؟ قال: نعم، إن شاءت» ـ الوسائل، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 14 من العيوب والتدليس، ح 1، ص 229 ـ فبما أنّ ما دلّ على عدم الخيار بحدوث العيب بعد الوطء وارد في العنّين ولا جزم بالتعدّي منه إلى المجبوب فجعل الاحتياط استحبابيّاً.

لكنّي أقول: احتمال كون عبارة «عن امرأة ابتلي زوجها فلا يقدر على جماع» تعني الابتلاء بالعنن لا الجبّ وإن كنّا نتعدّى إلى المجبوب بالأولويّة العرفيّة القطعيّة، فاختصاص دليل عدم الخيار بحدوث العيب بعد الوطء بالعنّين لا يمنعنا عن إبطال الأخذ بصحيحة أبي بصير بلحاظ الجبّ الطارئ بعد الوطء، ولهذا جعلنا الاحتياط وجوبيّاً.

(3) الظاهر: أنّ دليل اُستاذنا على أصل كون الرتق ـ ويقصد به معناه اللغويّ وهو التحام الفرج

486

و « الإفضاء »(1) و « العمى » و « الإقعاد »، ومنه العَرَج البيِّن(2)، ولا فسخ بالمتجدِّد فيما بعد العقد(3)، والخيار يثبت في الدائم والمنقطع على الفور(4)، إلّا مع الجهل بثبوته



(1) إذا دخل في التدليس ثبت خيار التدليس، وإلّا فالخيار مشكل(1).

(2) لعلّ المقصود بقيد (البيّن) إخراج العرج الذي يكون في خفّته إلى حدّ لا يعدّه العرف عيباً. ثمّ إنّ في تعبير المتن نوعاً من الركّة كما أشار إليه اُستاذنا الشهيد(رحمه الله)؛ لأنّه ليس كلّ عرج بيّن إقعاداً، فكان الأولى أن يقول: «والعرج البيّن ومنه الإقعاد»(2).

(3) قال اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): «إلّا إذا كان [يعني العيب الذي طرء بعد العقد]قد طرء في الفترة السابقة على اطّلاع الرجل على زوجته وتسليمها نفسها إليه، فلا يبعد ثبوت الخيار له لو طرء العيب في هذه الفترة تمسّكاً بإطلاق رواية داود بن سرحان»(3).

(4) قال اُستاذنا(رحمه الله): «الفوريّة مبنيّة على الاحتياط». أقول: وهذا الاحتياط يكون للخروج عن شبهة الإجماع.


على وجه لا يمكن دخول الذكر فيه ـ موجباً لحقّ الفسخ هو صحيح الكنانيّ: «سألت أبا عبدالله(عليه السلام)عن رجل تزوّج امرأة فوجد بها قرناً، قال: هذه لا تحبل وينقبض زوجها من مجامعتها، تردّ على أهلها صاغرة ولا مهر لها...»، الوسائل، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 1 من العيوب والتدليس، ح 4، ص 208، فإنّ هذا التعليل موجود في الرتق، ومقتضى الإطلاق ثبوت الحكم حتّى في فرض إمكان العلاج، فالاحتياط بالاقتصار على صورة العجز عن العلاج استحبابيّ.

(1) كما أفاد ذلك اُستاذنا(رحمه الله)، فإنّ الدليل منحصر في صحيحة أبي عبيدة الواردة في فرض التدليس. راجع الوسائل، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 1 من العيوب والتدليس، ح 5، ص 208، وب 2 منها، ح 1، ص 211.

(2) والدليل على أصل كون العرج موجباً لحقّ الفسخ صحيحة داود بن سرحان ـ الوسائل، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 1 من العيوب والتدليس، ح 9، ص 209، وب 2 من تلك الأبواب، ح 6، ص 213 ـ عن أبي عبدالله(عليه السلام): «في الرجل يتزوّج المرأة فيؤتى بها عمياء أو برصاء أو عرجاء، قال: تردّ على وليّها...».

(3) يعني: صحيحة داود بن سرحان، حيث ورد فيها: «فيؤتى بها عمياء أو برصاء أو عرجاء»، فهذا إطلاقه يشمل فرض طروّ العيب بعد العقد وقبل أن يؤتى بها إليه.

487

له فالفوريّة بعد العلم به، أمّا مع الجهل بالفوريّة فإشكال، والأظهر حينئذ سقوطه بالتأخير، وليس الفسخ بطلاق، ولا مهر مع فسخه قبل الدخول، ولها المسمّى بعده(1)، ويرجع به على المدلِّس إن كان، وإن كانت هي المدلِّسة نفسها فلا مهر لها، كما لا مهر مع فسخها قبل الدخول إلّا في العنّة(2) فيثبت نصفه، ولها



(1) للنصوص(1).

(2) قال اُستاذنا(رحمه الله): «والأحوط وجوباً في موارد فسخ الزوجة بسبب تدليس الزوج ـ إذا دلّس نفسه مع عدم سلامته ـ استحقاقها نصف المهر قبل الدخول، خصوصاً في الخصيّ إذا دلّس نفسه، ومدرك هذا الاحتياط رواية عليّ بن جعفر(2).

ثمّ اعلم أنّ التدليس من الطرفين في العيوب التي يطلب عدمها ـ ولو لم تكنمن العيوب المنصوصة ـ يوجب الخيار، كما أنّ الشرط إذا كان ممّا يرجع إلى صفةفي أحد الزوجين من قبيل كونه من الاُسرة الفلانيّة يوجب الخيار كما أفاد ذلك اُستاذنا الشهيد(3).


(1) كصحيح الحذّاء، الوسائل، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 2 من العيوب والتدليس، ح 1، ص 211، وصحيح محمّد بن مسلم. نفس المصدر، ح 7، ص 214.

(2) الوسائل، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 13 من العيوب والتدليس، ح 5،ص 228: روى عليّ بن جعفر في كتابه عن أخيه قال: «سألته عن خصيّ دلّس نفسه لامرأة،ما عليه؟ فقال: يوجع ظهره ويفرّق بينهما وعليه المهر كاملاً إن دخل بها، وإن لم يدخل بهافعليه نصف المهر». وكأنّ الوجه في تنزّل اُستاذنا من الفتوى إلى الاحتياط ما قاله الشيخالحرّ من أنّه ورد في بعض النسخ: (خنثى) بدل: (خصيّ) وأمّا ثبوت نصف الصداق ولو لميكن تدليس فلا إشكال فيه؛ لصحيح أبي حمزة. ب 15 من تلك الأبواب من ذلك المجلّد، ح 1، ص 233.

(3) أمّا كون التدليس موجباً للخيار ولو لم يكن من العيوب المنصوصة فيدلّ عليه صحيح

488

المسمّى بعده لو قيل بالفسخ، والقول قول منكر العيب(1) مع اليمين وعدم البيّنة. ولابدّ في خصوص العُنّة من رفع الأمر إلى الحاكم الشرعيّ فيؤجّل العنّين بعد المرافعة سنة، فإن وطأها أو غيرها فلا فسخ، وإلّا فسخت إن شاءت، ولها نصف المهر مع الفسخ، وإذا امتنع من الحضور عند الحاكم جرى عليه حكم التأجيل. ولو تزوّجها على أنّها حرّة فبانت أمةً فله الفسخ، ولا مهر إلّا مع الدخول فيرجع به على المدلِّس. وكذا لو شرطها بنتَ مهيرة فخرجت بنت أمة على قول(2). ولو تزوّجته على أنّه حرّ فبان عبداً فلها الفسخ، ولها المهر بعد



(1) أفاد اُستاذنا(رحمه الله): «إلّا إذا ثبت وجوده في حالة سابقة فيكون منكره مدّعياً». ونِعْمَما أفاد.

(2) وهو الصحيح؛ لما مضى منّا ومن اُستاذنا آنفاً من ثبوت خيار تخلّف الشرط إذا كان فيما يرجع إلى صفة في أحد الزوجين.


أبي عبيدة ـ الوسائل، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت ـ الوارد في باب 1 من العيوب والتدليس، ح 5، ص 208، وفي باب 2 منها، ح 1، ص 211: «إذا دلّست العفلاء والبرصاء والمجنونة والمفضاة ومن كان بها زمانة ظاهرة، فإنّها تردّ على أهلها من غير طلاق»، ونتعدّى منه إلى تدليس الزوج بالأولويّة؛ إذ لو كان الزوج القادر على الطلاق له الخيار لدى تدليس الزوجة فثبوت الخيار للزوجة غير القادرة على الطلاق بطريق أولى. وأمّا خيار تخلّف الشرط إذا كان يرجع إلى صفة في أحد الزوجين، فقد دلّ عليه صحيح الحلبيّ ـ الوسائل، نفس المجلّد، ب 16 من تلك الأبواب، ح 1، ص 235 ـ: «في رجل يتزوّج المرأة فيقول لها: أنا من بني فلان، فلا يكون كذلك؟ فقال: تفسخ النكاح، أو قال: تردّ». والنصّ وإن كان وارداً في شرط الزوجة لكنّه يتعدّى عرفاً إلى شرط الزوج؛ لأنّ طلاقه يخسّره المهر.

489

الدخول لا قبله(1). وكذا إذا قال: أنا من بني فلان فتزوّجته على ذلك فبان أنّه من غيرهم. ولو تزوّجها على أنّها بكر فبانت ثيّباً لم يكن له الفسخ(2). نعم، ينقص المهر بمقدار ما به التفاوت بين البكر والثيّب للنصّ الصحيح، ولا يثبت الأرش في غير ذلك من العيوب.



(1) والنصّ صريح في عدم المهر قبل الدخول، ولذا قال اُستاذنا: لا يجري هنا الاحتياط المتقدّم في ثبوت نصف المهر قبل الدخول في مورد التدليس خصوصاً في الخصيّ(1).

(2) قال اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): «الأقرب ثبوت الخيار مع الاشتراط أو التدليس، فلو اختار الزوج البقاء نقص من المهر كما في المتن». ونِعْمَ ما قال. نَعَم، حكم الثيّب فيالخيار لدى التدليس وفي رجوع ما به التفاوت بين البكر والثيّب راجع إلى عرف يعتبر الثيبوبة عيباً(2).


(1) ورد في صحيح محمّد بن مسلم: «سألت أبا عبدالله(عليه السلام) عن امرأة حرّة تزوّجت مملوكاً على أنّه حرّ، فعلمت بعد أنّه مملوك؟ فقال: هي أملك بنفسها، إن شاءت قرّت معه وإن شاءت فلا، فإن كان دخل بها فلها الصداق، وإن لم يكن دخل بها فليس لها شيء...». الوسائل، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 11 من العيوب والتدليس، ح 1، ص 224. فهذا كما ترى صريح في عدم شيء من الصداق لها قبل الدخول.

(2) أمّا ثبوت الخيار لدى الشرط فهي النتيجة الطبيعيّة لما مضى من أنّ الشرط إذا كان ممّا يرجع إلى صفة في أحد الزوجين أوجب الخيار. وأمّا ثبوت الخيار لدى الثيبوبة مع التدليس فهي النتيجة الطبيعيّة لما مضى من أنّ التدليس في العيوب التي يطلب عدمها ـ ولو لم تكن من العيوب المنصوصة ـ يوجب الخيار. وأمّا نقصان المهر بمقدار ما به التفاوت بين البكر والثيّب فلصحيح محمّد بن جزّك قال: «كتبت إلى أبي الحسن(عليه السلام) أسأله عن رجل تزوّج جارية بكراً فوجدها ثيّباً هل يجب لها الصداق وافياً أم ينتقص؟ قال: ينتقص». الوسائل، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 10 من العيوب والتدليس، ح 2، ص 223.

490

 

الفصل السابع

 

في المهر

وهو عوض البضع كما قيل، وتملكه المرأة بالعقد، ويسقط نصفه بالطلاق قبل الدخول، وكذا في موت أحدهما(1) على الأظهر، ولو دخل قبلا أو دبراً(2) استقرّ،



(1) يعني في موت أحدهما قبل الدخول(1).

(2) قال اُستاذنا الشهيد: «الاستقرار عندئذ على الزوج ثابت على الأحوط» يعني: أنّ استقرار تمام المهر بالإدخال دبراً ثابت على الأحوط(2).


(1) أمّا في موت الزوجة فلم نرَ ما تتمّ دلالته على ثبوت تمام المهر لو ماتت قبل الدخول، فنأخذ بروايات التنصيف وأمّا في موت الزوج فما تمّت دلالته على استقرار تمام المهر لدى الموت قبل الدخول يطرح بموافقة العامّة، ويُؤخذ بما دلّ على التنصيف لترجيحه بمخالفة العامّة. راجع أخبار الباب: الوسائل، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 58 من المهور، ص 326 ـ 333.

(2) كأنّه(رحمه الله) يحتمل الإطلاق فيما دلّ على استقرار تمام المهر بالدخول، فقد يدلّ على استقرار المهر بالإدخال في الدبر، وذلك من قبيل قوله تعالى: ﴿وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ﴾. سورة 2 البقرة، الآية: 237. ومفهومها الذي تكون الآية بصدده: أنّه لو مسستموهنّ فقد استقرّ تمام المهر، فقد يدّعى أنّ المسّ يعني مطلق الوطء ولو دبراً، وصحيحة البزنطيّ قال: «سألت الرضا(عليه السلام) عن خصيّ تزوّج امرأة على ألف درهم ثمّ طلّقها بعد ما دخل بها؟ قال: لها الألف التي أخذت منه، ولا عدّة عليها». الوسائل، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 44 من المهور، ص 303 الحديث الوحيد في الباب، ونحوه حديث داود بن سرحان، نفس المصدر، نفس المجلّد، ب 54 من تلك الأبواب، ح 5،

491

قيل: وكذا إذا أزال بكارتها بإصبعه من دون رضاها، ولكنّه غير ظاهر(1)، ومثلهاحتمال أنّ عليه مهر المثل. نعم، إذا كان أجنبيّاً فأكرهها وأزال بكارتها بالوطء أو بغيره كان عليه مهر المثل بكراً.

(مسألة: 1) يصحّ أن يكون المهر عيناً أو ديناً أو منفعة، ويجوز أن يكون من



(1) قال اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): «بل هو الأقرب». ونِعْمَ ما قال(1).


ص 320: «إذا أولجه فقد وجب الغسل والجلد والرجم ووجب المهر»، وسند الحديث قد يوهم التعبير الوارد في الوسائل ـ طبعة مؤسّسة آل البيت وكذلك طبعة الربّانيّ الشيرازيّ ـ ضعفه، ولكنّه في تعبير الكافي، الجزء السادس بحسب طبعة الآخونديّ، باب ما يوجب المهر كلاًّ، ح 3، ص 109، واضح الصحّة، حيث قال: «عدّة من أصحابنا عن سهل بن زياد وعليّ بن إبراهيم عن أبيه جميعاً عن ابن أبي بصير عن داود بن سرحان»، وحديث محمّد بن مسلم، نفس المصدر، ح 7: «سألت أبا جعفر(عليه السلام): متى يجب المهر؟ فقال: إذا دخل بها»، وموثّقة محمّد بن مسلم، نفس المصدر، ح 9: عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «سألته عن الرجل والمرأة متى يجب عليهما الغسل؟ قال: إذا أدخله وجب الغسل والمهر والرجم». ولا تقيّد بالروايات الخاصّة بالدخول في الفرج؛ لأنّهما مثبتتانلا تعارض بينهما، ولا برواية يونس بن يعقوب عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «سمعته يقول: لا يوجب المهر إلّا الوقاع في الفرج»؛ لضعفها سنداً بعليّ بن محمّد بن الزبير الواقع في سند الشيخ، والرواية موجودة في نفس المصدر، ح 6.

(1) لإطلاق موثّقة طلحة بن زيد التي رواها الشيخ الحرّ في عدّة مواضع من الوسائل ـ منها: ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 45 من المهور، ح 2، ص 304 ـ: عن جعفر عن أبيه عن عليّ(عليهم السلام) قال: «إذا اغتصب الرجل أمة فافتضّها، فعليه عشر قيمتها، وإن كانت حرّة فعليه الصداق»، فإنّ هذا يشمل بإطلاقه ما لو كان المفتضّ اغتصاباً بغير الدخول نفس الزوج.

492

غير الزوج(1)، ولو طلّق قبل الدخول حينئذ رجع إليه نصف المهر لا إلى الزوج، ولا يتقدّر قلّةً ولا كثرة، ولابدّ فيه من أن يكون متعيِّناً(2) وإن لم يكن معلوماً بالوصف أو المشاهدة، ولو أجّله وجب تعيين الأجل، ولو في الجملة، مثل ورود المسافر، ووضع الحمل، ونحو ذلك، ولو كان الأجل مبهماً بحتاً مثل: إلى زمان مّا أو ورود مسافر مّا بطل المهر وصحّ العقد(3) وكان لها مع الدخول مهر المثل، وكذا



(1) للنصوص الواردة في تزويج الأب للولد الصغير(1).

(2) أفاد اُستاذنا(رحمه الله): «الظاهر عدم اعتبار التعيين بمعنى المعلوميّة. نعم، إذا كان مردّداً في الواقع فلا يكون له محصّل». ونِعْمَ ما أفاد(2).

(3) قال اُستاذنا(رحمه الله): «بل صحّا معاً، وإذا كان للأجل المبهم متيقّن نفذ بذاك المقدار ولغى الباقي، فإذا أجّل إلى ورود مسافر مّا، كان في قوّة ما إذا أجّل إلى حين ورود أوّل مسافر». والظاهر صحّة ما ذكره(3).


(1) من قبيل ما ورد في الوسائل، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 28 من المهور، ص 287 ـ 289، وج 20، ب 6 من عقد النكاح وأولياء العقد، ح 8، ص 278، وج 26، ب 11 من ميراث الأزواج، ح 1، ص 219.

(2) لم أجد دليلاً على وجوب التعيين. نعم، التردّد في الواقع يوجب أن لا يكون محصّل للمهر الذي فرضه كما أفاده اُستاذنا، فحال ذلك حال عقد النكاح من دون ذكر أيّ مهر، فإذا دخل بها استقرّ عليه مهر المثل.

(3) أمّا صحّتهما معاً فلما مضى من عدم الدليل على وجوب التعيين، وأمّا نفوذ الأجل المبهم في المصداق المتيقّن فلعدم الإبهام بلحاظ المصداق المتيقّن، فإذا أجّل إلى حين ورود مسافرمّا فقد حصل الأجل بورود أوّل مسافر، وبطبيعة الحال قد انتهى الأجل بذلك ولَغى بالنسبة لما بعد.

493

لو لم يذكر فإنّه يصحّ العقد وكان لها مع الدخول مهر المثل(1)، ومع الطلاق لها المتعة على الموسِر وعلى الفقير بحسب قدرهما. ولو مات أحدهما قبل الدخول فلا مهر ولا متعة.

(مسألة: 2) لو وطأ امرأةً شبهةً كان لها مهر المثل، سواء أكان الوطء بعقد



(1) قال اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): «وإذا زاد مهر المثل على مهر السنّة فالأحوط وجوباً التصالح على دفع الزائد أيضاً، ومنشأ العدول عن الفتوى إلى الاحتياط إمكان دعوى استفادة حكم مفوّضة البضع [وهذا الاصطلاح يعني أن لا يذكر في العقد المهر]ممّا دلّ في مفوّضة المهر [وهذا الإصطلاح يعني فرض تفويض مقدار المهر إلى شخص كالزوج أو الزوجة أو شخص ثالث[على أنّ الزوجة إذا حكمت بأزيد من مهر السنّة ردّت إليه [أي: إلى مهر السنّة]، فإنّه يدلّ بإطلاقه على الردّ إلى مهر السنّة ولو كان أقلّ من مهر المثل، وروايات مفوّضة البضع تدلّ على أنّ لها مهر المثل [لدى الدخول]ولو كان أزيد من مهر السنّة، واحتمال أنّ عدم تحكيم الزوجة يؤثّر في زيادة حقّها قد لا يكون عرفيّاً». أقول: احتياطه(رحمه الله) احتياط في محلّه(1).


(1) معنى العبارة ما يلي:

إذا زاد مهر المثل على مهر السنّة فكان المفروض أن نفتي لدى الدخول باستقرار مهر المثل عليه، فإنّ هذه هي مفوّضة البضع، أي: التي لم تذكر المهر في العقد، فالمفروض أن يكون لها عند الدخول مهر المثل ولو كان أزيد من مهر السنّة تمسّكاً بإطلاق روايات: «لها مهر نسائها» ـ راجع باب 12 من المهور، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ص 269 ـ ولكنّنا نحتاط بدفع الزائد على مهر السنّة بعنوان التصالح؛ لأنّه لو كان قد فوّض تعيين المهر إلى الزوجة فعيّنت ما هو أكثر من مهر السنّة فإطلاق النصّ الوارد في ذلك يقتضي الردّ إلى مهر السنّة ـ راجع ب 21 من المهور، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ص 278 ـ 279 ـ فلو قلنا في مفوّضة البضع بثبوت مهر المثل حتّى فيما لو كان أزيد من مهر السنّة، كان هذا يعني: أنّ عدم تحكيم الزوجة لعدم تفويض الأمر إليها يؤدّي إلى زيادة حقّها، ولعلّ هذا لا يكون عرفيّاً.