494

باطل أو لا بعقد(1)، ولو تزوّجها بحكم أحدهما صحّ ويلزم ما يحكم به صاحب الحكم ما لم يتجاوز المرأة مهر السنّة إن كانت هي الحاكمة(2)، ولو مات الحاكم قبله وقبل الدخول فلها المتعة(3) وبعد الدخول فلها مهر المثل(4). ولو تزوّجها



(1) لإطلاق النصّ(1).

(2) هذا الاستثناء يوجد عليه النصّ(2).

(3) يعني لو مات قبل الحكم من كان المفروض به أن يحكم بمقدار المهر، فلها المتعة.

(4) قال اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): «وإذا كانت المرأة هي المفوّضة [يعني المفوّضة للحكم]وماتت قبل الحكم وكان مهر المثل أزيد من مهر السُنّة، ففي ثبوت الزائد إشكال؛ لأنّ المرأة لم يكن بإمكانها أن تثبت بحكمها هذه الزيادة، والأحوط التصالح». ونِعْمَ ما أفاد.


(1) كصحيح جميل بن صالح ـ الوسائل، ج 20 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 39 ممّا يحرم بالمصاهرة ونحوها، ح 2، ص 513 ـ وفيه: «لكلّ واحدة منهما الصداق بالغشيان»، ومعتبرة زرارة عن أبي جعفر(عليه السلام) ـ ج 22 من نفس الطبعة، ب 37 من العدِد، ح 1، ص 252 ـ وفيها: «ولها من الآخر المهر بما استحلّ من فرجها». وقد تدخل في صحيح جميل بن صالح شبهة الإرسال؛ لأنّ المرويّ عن الكافيّ مرويّ عن جميل بن صالح عن بعض أصحاب أبي عبدالله(عليه السلام)، عن أبي عبدالله(عليه السلام)، ولكنّ المرويّ عن الشيخ ليس فيه هذا الإرسال، ولا نعرف أيّهما هو الصحيح، والحلّ هو: أنّنا نحتمل أنّ جميل بن صالح روى الرواية مرّتين: مرّةً عن بعض أصحاب أبي عبدالله(عليه السلام) عن أبي عبدالله(عليه السلام)، ومرّة اُخرى حذف هذا الإرسال؛ لأنّ كلام المُرسل خلق في ذهنه الوثوق القريب من الحسّ بالصدق.

(2) لاحظ صحيحة محمّد بن مسلم عن أبي جعفر(عليه السلام): «في رجل تزوّج امرأة على حكمها أو على حكمه فمات أو ماتت قبل أن يدخل بها؟ قال: لها المتعة والميراث ولا مهر لها، قلت: فإن طلّقها وقد تزوّجها على حكمها؟ قال: إذا طلّقها وقد تزوّجها على حكمها لم يجاوز حكمها عليه أكثر من وزن خمسمئة درهم فضّة مهور نساء رسول الله(صلى الله عليه وآله)»، الوسائل، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 21 من المهور، ح 2، ص 279، ونحوها رواية زرارة في أوّل الباب، ص 278، إلّا أنّها غير تامّة سنداً.

495

على خادم مطلقاً أو دار أو بيت كان لها وسط ذلك(1). ولو قال: « على السنّة » فخمسمئة درهم. ولو تزوّج الذمّيّان على خمر صحّ، فإن أسلما قبل القبض فلها القيمة(2)، وإن أسلم أحدهما قبله(3) ففي لزوم القيمة مطلقاً أو فيما إذا أسلمت الزوجة خاصّةً نظر وإشكال(4)، ولو تزوّج المسلم عليها ففيه أقوال، أقواها صحّة



(1) قال اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): «على الأحوط»، ولعلّه لاحتمال الانصراف إلى الفرد المتوسّط(1).

(2) قال اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): «كما دلّت عليه رواية عبيد بن زرارة، ولكنّها معارضة بظاهر رواية طلحة بن زيد الدالّ على أنّ لها مهر المثل إذا أسلم الزوج، والمسألة لا تخلو من إشكال». أقول: فمن الجيّد الاحتياط بالتصالح بينهما(2).

(3) يعني قبل القبض.

(4) لو أسلم الزوج خاصّة فمقتضى رواية طلحة بن زيد تعلّق مهر المثل بذمّته،


(1) أو للروايات التي لا تخلو أسانيدها من النقاش. راجع الوسائل، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 25 من المهور، ص 283 ـ 284.

(2) رواية عبيد بن زرارة ما يلي: «قال: قلت لأبي عبدالله(عليه السلام): النصرانيّ يتزوّج النصرانيّة على ثلاثين دنّاً خمراً وثلاثين خنزيراً، ثمّ أسلما بعد ذلك ولم يكن دخل بها؟ قال: ينظر كم قيمة الخنازير وكم قيمة الخمر ويرسل به إليها ثمّ يدخل عليها وهما على نكاحهما الأوّل». الوسائل، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 3 من المهور، ح 2، ص 243 ـ 244.

ورواية طلحة بن زيد ما يلي: «سألته عن رجلين من أهل الذمّة أو من أهل الحرب تزوّج كلّ واحد منهما امرأة ومهرها خمراً أو خنازير ثمّ أسلما، قال: ذلك النكاح جائز حلال لا يحرم من قِبل الخمر والخنازير وقال: إذا أسلما حرم عليهما أن يدفعا إليه [ الظاهر أنّ الصحيحة نسخة «إليهما» بدل نسخة «إليه»] شيئاً من ذلك، يعطياهما صداقهما». نفس المصدر، ح 1، ص 243.

496

العقد وثبوت مهر المثل مع الدخول بها.

(مسألة: 3) لو شرط في العقد محرَّماً بطل الشرط دون العقد، ولو اشترط أن لا يخرجها عن بلدها لزم الشرط(1)، ويجوز أن تشترط الزوجة على الزوج في عقد النكاح أو غيره أن لا يتزوّج عليها(2) ويلزم الزوج العمل به، بل لو تزوّج لم



والمورد خارج عن نصّ مفاد رواية عبيد بن زرارة، ومع احتمال التعدّي عن مورد النصّ نرجع إلى الإشكال السابق. ولو أسلمت الزوجة خاصّة فلو كان إسلامها قبل الدخول فقد بانت منه، ولو كان بعد الدخول وقف على انقضاء العدّة، فلو لم يسلم زوجها إلى أن انقضت العدّة فقد بانت منه، ولو أسلم زوجها قبل انقضاء العدّة ولم تكن المسلمة بعدُ قد قبضت الخمر أو قيمته فقد دخل ذلك في مسألة إسلامهما معاً، ورجعنا إلى الإشكال السابق.

(1) لقاعدة: (المؤمنون عند شروطهم) وللنصّ الخاصّ(1).

(2) الروايات في ذلك متضاربة ولكن التامّ سنداً منها يدلّ على عدم جواز الاشتراط(2).


(1) وهو صحيح أبي العبّاس ـ الوسائل، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 40 من المهور، ح 1، ص 299 ـ عن أبي عبدالله(عليه السلام): «في الرجل يتزوّج المرأة ويشترط أن لا يخرجها من بلدها، قال: يفي لها بذلك، أو قال: يلزمه ذلك».

(2) موثّقة زرارة دلّت على عدم نفوذ هذا الشرط، الوسائل، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 20 من المهور، ح 2، ص 276، وفيها: «اذهب فتزوّج وتسرّ، فإنّ ذلك ليس بشيء».

وصحيحة محمّد بن قيس عن أبي جعفر(عليه السلام): «في رجل تزوّج امرأة وشرط لها إن هو تزوّج عليها امرأة أو هجرها أو اتّخذ عليها سريّة فهي طالق؟ فقضى في ذلك: أنّ شرط الله قبل شرطكم، فإن شاء وفى لها بما اشترط، وإن شاء أمسكها واتّخذ عليها ونكح عليها». ب 38 من تلك الأبواب، ح 1، ص 297.

وصحيح الحلبيّ، ج 22 من تلك الطبعة، ب 13 من مقدّمات الطلاق وشرائطه، عن

497

يصحّ تزويجه(1)، كما يجوز أن تشترط الوكالة على طلاق نفسها عند ارتكابهبعض الاُمور من سفر طويل أو جريمة موجبة لحبسه أو غير ذلك فتكون وكيلةً على طلاق نفسها حينئذ ولا يجوز(2) له عزلها، فإذا طلّقت نفسها صحّ طلاقها.

(مسألة: 4) القول قول الزوج في قدر المهر(3)، ولو أنكره بعد الدخول لزمه



(1) قال اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): «بل الأقرب صحّته». ونِعْمَ ما قال.

(2) الظاهر أنّ المقصود: أنّه لا يصحّ عزلها، وكأنّ هذا من نتائج صحّة شرط النتيجة، فالنتيجة تبقى ثابتة. ولكن الواقع أنّ معنى صحّة شرط النتيجة أنّه مثلاً لو شرط انعتاق عبد يملكه فقد انعتق، وهذا لا ينافي قاعدة أنّ الطلاق بيد الزوج، فإعطاء الوكالة في الطلاق غير القابلة للعزل غير صحيح.

(3) لأصالة عدم الزيادة، ولأصالة البراءة.


أبي عبدالله(عليه السلام): «عن رجل قال لامرأته: إن تزوّجت عليك أو بتّ عنك فأنت طالق؟ فقال: إنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) قال: من شرط لامرأته شرطاً سوى كتاب الله عزّ وجلّ لم يجز ذلك عليه ولا له...». ونفس الرواية مكرّرة في ب 18 من تلك الأبواب، ح 1، ص 44.

وتعارض هذه الروايات رواية منصور بزرج ـ الوسائل، ج 21 من تلك الطبعة، ب 20 من المهور، ح 4، ص 276 ـ عن عبد صالح(عليه السلام) قال: «قلت له: إنّ رجلاً من مواليك تزوّج امرأة ثمّ طلّقها فبانت منه، فأراد أن يراجعها فأبت عليه إلّا أن يجعل لله عليه أن لا يطلّقها ولا يتزوّج عليها، فأعطاها ذلك، ثمّ بدا له في التزويج بعد ذلك فكيف يصنع؟ فقال: بئس ما صنع، وما كان يُدريه ما يقع في قلبه بالليل والنهار، قل له: فليف للمرأة بشرطها، فإنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) قال: المؤمنون عند شروطهم». وهذه الرواية لا تخلو من تشويش؛ لأنّها من ناحية ظاهرة في النذر لله عليه أن لا يطلّقها ولا يتزوّج عليها، ومن ناحية اُخرى صريحة في التمسّك بقاعدة: (المؤمنون عند شروطهم)، فتلك الروايات أصفى دلالةً، على أنّ رواية منصور بزرج لا يخلو سندها من ضعف.

498

أقلّ الأمرين ممّا تدّعيه ومهر المثل(1)، ولو ادّعت المواقعة فالقول قوله مع يمينه.

(مسألة: 5) لو زوّج الأب الصغير ضَمِن المهر إن لم يكن للولد مال، وإلّا كان على الولد.

(مسألة: 6) للمرأة الامتناع قبل الدخول حتّى تقبض المهر(2)، إلّا أن يكون مؤجّلا فلا يجوز لها الامتناع وإن حلّ الأجل، ولا فرق بين الموسِر والمعسِر، وإذا مكّنت من نفسها فليس لها الامتناع بعد ذلك لأجل أن تقبض المهر، فلو امتنعت حينئذ صارت ناشزاً وسقطت نفقتها(3).



(1) يعني لو أنكر تعيين المهر وقد دخل بها لزمه أقلّ الأمرين ممّا تدّعيه ومهر المثل؛ لأنّه لو كان مهر المثل أقلّ فهو غير معترف بأكثر من مهر المثل؛ لأنّه فَرَضَها مفوّضة البضع، ولو كان ما تدّعيه أقلّ فهي لا تطالبه بأكثرممّا تدّعيه.

أقول: المفروض أن يعرض عليها مهر المثل لو كان ما تدّعيه أقلّ، فلو امتنعت من أخذه كفى منه عرضه عليها.

(2) كأنّ الدليل الارتكاز العرفيّ الذي هو بحكم الشرط المذكور ضمن العقد(1).

(3) قال اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): «بناءً على سقوط النفقة بمطلق النشوز وسيأتي الكلام عن ذلك».


(1) وبه يتّضح الوجه في باقي الفروع التي ذكرها في هذه المسألة وهي ما يلي:

1 ـ «إلّا أن يكون مؤجّلاً فلا يجوز لها الامتناع وإن حلّ الأجل»؛ لأنّ الارتكاز على مستوى الشرط المذكور في متن العقد إنّما هو في المهر المعجّل.

2 ـ «ولا فرق بين الموسر والمعسر»؛ لأنّ ذاك الارتكاز مطلق.

3 ـ «وإذا مكّنت من نفسها فليس لها الامتناع بعد ذلك لأجل أن تقبض المهر»؛ لأنّ ذاك الارتكاز ليس له هكذا إطلاق.

4 ـ «فلو امتنعت حينئذ صارت ناشزاً»؛ لأنّها امتنعت من تسليم نفسها مع ما قلنا من أنّ ذاك الارتكاز ليس له هكذا إطلاق، فلو قلنا بسقوط النفقة بمطلق النشوز فقد سقطت.

499

 

الفصل الثامن

 

في القِسمة والنشوز

وتجب القسمة ابتداءً مع تعدّد الزوجات(1) بالمبيت عند إحداهنّ ليلةً من أربع ليال، بل الأحوط إن لم يكن أقوى وجوب القسمة ابتداءً وإن اتّحدت الزوجة، ولو وهبته إحداهنّ وضع ليلتها حيث شاء، ولو وهبت ضرّتها بات عندها إن رضي بالهبة، والواجب المضاجعة ليلا(2) لا المواقعة. وإذا تزوّج



(1) قال اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): «لا يبعد عدم وجوبها ابتداءً، بمعنى: أنّ للزوج أن لا يبات عند زوجاته، ولكن إذا بات عند إحداهنّ وجبت عليه القسمة. ومنه يظهر الحال في الحكم التالي في المتن [يعني قول المصنّف: بل الأحوط إن لم يكن أقوى وجوب القسمة ابتداءً وإن اتّحدت الزوجة]». ونِعْمَ ما قال(1).

(2) قال اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): «والمكث في صبيحة تلك الليلة بالقدر الذي يريد من المكث في مسكنه على الأحوط؛ لرواية الكرخيّ». أقول: وهذا احتياط قويّ(2).


(1) فإنّ النهي ورد عن التفضيل في مورد كانت له أربع نساء، فلم يكن له فراغ لدى التقسيم لكي يستطيع أن يفضّل بعضهنّ على بعض، والتفضيل غير صادق لدى ترك البيتوتة على الإطلاق. راجع الوسائل، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 1 من القسم والنشوز والشقاق، ص 335 ـ 338.

(2) رواية الكرخيّ واردة في الوسائل ـ ب 5 من القسم والنشوز، ح 1، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ص 342 ـ 343 ـ قال: «سألت أبا عبدالله(عليه السلام) عن رجل له أربع نسوة، فهو يبيت عند ثلاث منهنّ في لياليهنّ، فيمسّهنّ، فإذا بات عند الرابعة في ليلتها لم يمسّها، فهل عليه

500

حرّةً أو(1) أمةً أو كتابيّةً كان للحرّة ليلتان من ثمانِ، وللأمة والكتابيّة ليلة من ثمان، ولا قسمة للمتمتّع بها، ولا للموطوءة بالملك، وتختصّ البكر عند الدخول بسبع، والثيّب



(1) في العبارة خطأ مطبعيّ أو قلميّ، والصحيح: وإذا تزوّج حرّة وأمة...(1).


في هذا إثم؟ قال: إنّما عليه أن يبيت عندها في ليلتها، ويظلّ عندها في صبيحتها، وليس عليه أن يجامعها إذا لم يرد ذلك». وكأنّه تنزّل اُستاذنا من الإفتاء بذلك إلى الاحتياط خروجاً عن شبهة مخالفة الإجماع أو الشهرة وإن كان المتيقّن من الإجماع أو الشهرة هو عدم وجوب البقاء صباحاً في مسكنه، لا أنّه لو أراد البقاء صباحاً في مسكنه فله ترك البقاء عندها.

(1) وشرح المطلب ما يلي: الروايات بالنسبة للحرّة والأمة واضحة في أنّ حصّة الحرّة ضِعف حصّة الأمة، كما هو صريح روايات ب 8 من القسم والنشوز من الوسائل، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ص 346 ـ 347.

وبما أنّه ورد في بعض تلك الروايات التصريح بأنّه للحرّة ليلتان وللأمة ليلة نفهم أنّ المقصود بباقي روايات الباب المعبّرة بتعبير الثلث والثلثين أو المثل والمثلين ليس هو التقسيم بنحو يصبح للأمة ما يكون نصف ليلة بأن تعطى للحرّة ليلة كاملة وللأمة نصف ليلة، في حين أنّه لو أخذنا المقسَم من أربع ليال كانت ليلة واحدة للحرّة ونصف ليلة للأمة، وبهذا نعرف أنّ الدور يجب أن يؤخذ من ثمان كي تصبح حصّة الحرّة ليلتين وحصّة الأمة ليلة كاملة. هذا حال الأمة.

ونُلحق بها الكتابيّة، والدليل على أنّ الكتابيّة حالها حال الأمة ما ورد من صحيح أبي بصير المراديّ ـ في الوسائل، ج 20 بحسب تلك الطبعة، ب 8 ممّا يحرم بالكفر ونحوه، ح 1، ص 545 ـ عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: «سألته عن رجل له امرأة نصرانيّة له أن يتزوّج عليها يهوديّة؟ فقال: إنّ أهل الكتاب مماليك للإمام، وذلك موسّع منّا عليكم خاصّة، فلا بأس أن يتزوّج، قلت: فإن تزوّج عليهما أمة؟ قال: لا يصلح له أن يتزوّج ثلاث إماء...».

501

بثلاث. ويستحبّ التسوية في الإنفاق(1). ويجب على الزوجة التمكين وإزالة المنفّر، وله ضرب الناشزة من دون إدماء لحم ولا كسر عظم بعد وعظها وهجرها على الترتيب، ولو نشز طالبته، ولها ترك بعض حقّها أو كلّه استمالةً، ويحلّ قبوله، ولو كره كلّ منهما صاحبه أنفذ الحاكم حَكَمين من أهلهما أو أجنبيّين مع تعذّر الأهليّين على الأحوط(2)، فإن رأيا الصلح أصلحا، وإن رأيا الفرقة راجعاهما في الطلاق والبذل، ولا حكم مع اختلافهما (3).



(1) قال اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): «الأحوط وجوباً التسوية في النفقة تمسّكاً بإطلاق رواية معمّر بن خلاّد، وبرواية هشام بن الحكم التي فسّرت العدل المأمور به بالعدل في النفقة. نعم، لا بأس بالتمييز بهديّة ونحو ذلك ممّا هو حالة استثنائيّة خارجة عن الخطّ العامّ للمعيشة عملاً برواية عبد الملك بن عتبة الهاشميّ». ونِعْمَ ما قال(1).

(2) يعني: الاحتياط الوجوبيّ بالاقتصار على حكمين أهليّين مع الإمكان. ونِعْمَ الاحتياط(2).

(3) قال اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): «بل يرجع الأمر حينئذ إلى الحاكم الشرعيّ، فإن كان العصيان من الزوج أجبره: إمّا على الطاعة أو على الطلاق»، يعني: على أساس ولايته الشرعيّة.


(1) رواية معمّر بن خلاّد واردة في الوسائل، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 3 من القسم، ح 2، ص 341، ورواية هشام بن الحكم واردة في نفس المجلّد، ب 7 من القسم، ح 1، ص 345، ورواية عبد الملك بن عتبة الهاشميّ واردة في نفس المجلّد ب 3 من القسم، ص 341. ولا دليل على وثاقة عبد الملك بن عتبة الهاشميّ، ولكن لا بأس بالعمل بها؛ لأنّ دليل التسوية في النفقة لا إطلاق لها أساساً للهدايا الاستثنائيّة الخارجة عن الخطّ العامّ للمعيشة، والتنزّل من الفتوى في التسوية في النفقة بشكل عامّ إلى الاحتياط كأنّه للخروج عن شبهة مخالفة الإجماع أو الشهرة.

(2) إن رأى حاكم الشرع بعث أجنبيّين بأمل ظهور الحقّ أو ظهور ما فيه المصلحة كي يُعمله الحاكم بولايته، فلا دليل على حرمة ذلك في ذاته، لكن الأحوط وجوباً أن لا يفعل ذلك مع إمكان البعث من الأهلين؛ لأنّ النصوص كتاباً وسنّة أمرت ببعث حكم من أهله وحكم من أهلها.

502

 

الفصل التاسع

 

في أحكام الأولاد

يلحق الولد بالأب في الدائم والمنقطع بشروط(1):

الأوّل: الدخول أو الإنزال على فم الفرج فتحمل.

الثاني: مضيّ ستّة أشهر من حين الوطء ونحوه.

الثالث: عدم التجاوز عن أقصى الحمل وهو تسعة أشهر أو عشرة أشهر أو سنة، والمشهور الأوّل، والأظهر الأخير(2)، ولو غاب أو اعتزل أكثر من الأقصى ثمّ



(1) قال اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): «ويضاف إلى ما ذكر من الشروط أن يكون تولّد الوليد من ذاك الشخص محتملاً، فلو تحقّق الدخول مع العلم بعدم الإنزال لا يلحق». ونِعْمَ ما قال.

(2) لصريح بعض الروايات(1).


(1) من قبيل روايات محمّد بن حكيم، كالرواية الثانية المعتبرة سنداً من ب 25 من العِدد ـ ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ص 223 ـ عن أبي الحسن(عليه السلام) قال: «قلت له: المرأة الشابّة التي تحيض مثلها يطلّقها زوجها فيرتفع طمثها كم عدّتها؟ قال: ثلاثة أشهر، قلت: فإنّها ادّعت الحبل بعد ثلاثة أشهر، قال: عدّتها تسعة أشهر، قلت: فإنّها ادّعت الحبل بعد تسعة أشهر، قال: إنّما الحبل تسعة أشهر، قلت: تزوّج؟ قال: تحتاط بثلاثة أشهر، قلت: فإنّها ادّعت بعد ثلاثة أشهر، قال: لا ريبة عليها تزوّج إن شاءت»، ونحوها الرواية الرابعة المعتبرة سنداً من نفس المصدر، ص 224، ونحوهما الرواية الثالثة من نفس المصدر ـ ص 223 ـ 224 ـ عن أبي إبراهيم أو ابنه(عليهما السلام)

503

ولدت لم يلحق به، والقول قوله في عدم الدخول، ولو اعترف به ثمّ أنكر الولد لم



أنّه قال: «في المطلّقة يطلّقها زوجها فتقول: أنا حبلى فتمكث سنة، قال: إن جاءت به لأكثر منسنة لم تصدّق ولو ساعة واحدة في دعواها» إلّا أنّ سند هذا الحديث غير تامّ، وكذلك سند الحديث الخامس من نفس المصدر، ص 224 ـ 225 غير تامّ.

وعلى هذا المعنى تحمل صحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج ـ ح 1 من نفس الباب، ص 223 ـ: «قال: سمعت أبا إبراهيم(عليه السلام) يقول: إذا طلّق الرجل امرأته فادّعت حبلاً انتظر بها تسعة أشهر، فإن ولدت، وإلّا اعتدّت بثلاثة أشهر، ثمّ قد بانت منه»، فإنّه لا معنى للاعتداد بثلاثة أشهر بعد مضيّ تسعة أشهر؛ لوضوح أنّ الاعتداد بثلاثة أشهر إنّما هو من أوّل الطلاق، لا بعد مضيّ تسعة أشهر.

ولا معارض لهذه الروايات إلّا روايتان:

الاُولى: رواية محمّد بن حكيم ـ الواردة في باب 4 من تلك الأبواب، ح 18، ص 189 ـ 190 ـ قال: «سألت أبا الحسن(عليه السلام) فقلت: المرأة التي لا تحيض مثلها ولم تحض كم تعتدّ؟ قال: ثلاثة أشهر، قلت: فإنّها ارتابت، قال: تعتدّ آخر الأجلين، تعتدّ تسعة أشهر، قلت: فإنّها ارتابت، قال: ليس عليها ارتياب؛ لأنّ الله عزّ وجلّ جعل للحبل وقتاً، فليس بعده ارتياب».

ولكن يمكن حملها ـ بقرينة باقي روايات محمّد بن حكيم التي أشرنا إليها ـ على إرادة تسعة أشهر بعد تلك الثلاثة أشهر فتتوافق الروايات.

والثانية: مرسلة عبد الرحمن بن سيابة عمّن حدّثه عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: «سألته عن غاية الحمل بالولد في بطن اُمّه كم هو، فإنّ الناس يقولون: ربّما بقي في بطنها سنتين؟ فقال(عليه السلام): كذبوا، أقصى مدّة الحمل تسعة أشهر ولا يزيد لحظة، ولو زاد ساعة لقتل اُمّه قبل أن يخرج». الوسائل، المجلّد 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 17 من أحكام الأولاد، ح 3، ص 380. ولكنّها ساقطة سنداً عن الاعتبار، ومضافاً إلى ذلك هي مقطوعة الكذب؛ لما نعلمه خارجاً من أنّ الغالب تجاوز مدّة الحمل عن التسعة أشهر بأيّام.

504

ينتفِ إلّا باللعان(1)، ولا يجوز له إلحاق ولد الزنا به وإن تزوّج باُمّه بعد الزنا، وكذا لو زنى بأمة فأحبلها ثمّ اشتراها.

(مسألة: 1) لو تزوّجت الحرّة أو الأمة بآخر بعد طلاق الأوّل(2) وأتت بولد لأقلّ من ستّة أشهر من عقد الثاني فهو للأوّل، وتبيّن كون عقد الثاني في العدّة فتحرم عليه مؤبّداً(3)، وإن كان لستّة فصاعداً فهو للأخير، سواء أمكن كونه للأوّل بأن لم تتجاوز أقصى مدّة الحمل من وطء الأوّل(4)، أم لم يمكن بأن تجاوز المدّة المذكورة من وطئه، فلو كان لأقلّ من ستّة أشهر من وطء الثاني وأكثر من أقصى الحمل من طلاق الأوّل(5) فليس لهما. وكذا الأمة لو بيعت بعد الوطء بالملك أو التزويج فوطأها المشتري أو زوّجت فوطأها الزوج.

(مسألة: 2) إذا طُلِّقت المرأة فوطأها رجل شبهةً واشتبه إلحاق الولد قيل: يقرع بينهما، وقيل: يلحق بالثاني، ولعلّه الأظهر(6)، وكذا المتمتَّع بها إذا وهبها



(1) أفاد اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): «إطلاقه لموارد المنقطع غير مقصود؛ لما تقدّم في أحكام المتعة» يعني: ما تقدّم في أوائل بحث عقد المتعة في متن الكتاب من قوله: «ولا يقع بها الطلاق واللعان».

(2) يقصد: فوطأها.

(3) حتّى لو كان العقد الثاني عن جهل بالحكم أو الموضوع وقلنا بأنّ العقد وحده عن جهل لا يوجب الحرمة الأبديّة؛ لأنّ المفروض في المقام حصول الوطء، فلا إشكال في الحرمة الأبديّة.

(4) وذلك لقاعدة الفراش.

(5) أفاد اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): «يكفي في نفي الوليد عن الأوّل تجاوز أقصى الحمل من حين وطئه ولو لم يتجاوز من حين الطلاق». ونِعْمَ ما أفاد.

(6) أفاد اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): «بل هو الأظهر؛ لصحيحة جميل بن درّاج التي رواها

505

المدّة أو انتهت المدّة، وإذا وطئت الزوجة شبهةً ثمّ ولدت وعلم لحوقه بالزوج أوالواطئ اُلحق، وإن اشتبه أمره اُقرع بين الزوج والواطئ وعمل على ما تقتضيه القرعة، وكذا لو ولدت زوجتان لزوجين واشتبه أحد الولدين بالآخر، ولو اعترف بولد أمة أو المتعة اُلحق به ولا يقبل نفيه بعد ذلك.

(مسألة: 3) المراد بوطء الشبهة: الوطء غير المستحقّ مع بناء الواطئ على استحقاقه له، سواء كان معذوراً فيه شرعاً أم عقلا أم غير معذور(1).



الصدوق بسنده إليه، لكن هذا فيما إذا وقع وطء الشبهة في عدّة لا رجعة فيها للزوج، وإلّا كان من قبيل ما إذا وطأ الأجنبيّ زوجة الغير شبهة، فيتعيّن ـ مع التردّد ـ الرجوع إلى القرعة». ونِعْمَ ما أفاد(1).

(1) لأنّه حتّى لو كان غير معذور فهو داخل في إطلاق ما مضت الإشارة إليه من صحيحة جميل، وإنّما الذي نقطع بخروجه من إطلاق الحديث هو فرض تعمّده للزنا.


(1) صحيحة جميل بن درّاج أشار إليها الشيخ الحرّ في الوسائل، في ذيل مرسلة جميل بن صالح عن بعض أصحابنا الواردة في المجلّد 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 17 من أحكام الأولاد، ح 13، ص 383.

ونصّ الصحيحة ـ بحسب ما ورد في الفقيه، 3،301،1441 ـ ما يلي: «عن أحدهما(عليهما السلام) في المرأة تتزوّج في عدّتها، قال: يفرّق بينهما، وتعتدّ عدّة واحدة منهما، فإن جاءت بولد لستّة أشهر أو أكثر فهو للأخير، وإن جاءت بولد لأقلّ من ستّة أشهر فهو للأوّل».

أمّا لو كانت العدّة عدّة رجعيّة فلا زالت المرأة تعتبر ذات زوج، فكان المورد ـ كما قال اُستاذنا ـ من قبيل ما إذا وطأ الأجنبيّ زوجة الغير شبهة فيتعيّن ـ مع التردّد ـ الرجوع إلى القرعة.

506

(مسألة: 4) إذا أدخلت المرأة منيّ رجل في فرجها أثمت(1) ولحق بها الولد(2)ولم يلحق بصاحب المنيّ(3)، وكذا الحكم لو أدخلت منيّ زوجها في فرجها فحملت منه ولكن لا إثم عليها في ذلك، وإذا كان الولد اُنثى جاز لصاحب المنيّ تزويجها في الصورة الاُولى دون الثانية ؛ لأنّها ربيبة إذا كان قد دخل باُمّها. ويجوز للمرأة استعمال ما يمنع الحمل إذا لم يكن مضرّاً في البدن وإن لم يرضَ الزوج بذلك(4)،



(1) للنصّ(1).

(2) يعني أنّ الولد لها تكويناً فتشمله أدلّة أحكام الولد، وهي ليست زانية حتّى يقال: إنّ ولد الزنا ليس محكوماً بكونه ولداً.

أقول: يحتمل عدم إلحاق الولد بها؛ لأنّها كالزانية في فجورها بإدخال منيّ رجل أجنبيّ في فرجها.

(3) قال اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): «الظاهر: إلحاق الوليد به سواء كان أجنبيّاً أو كان هو الزوج، ومنه يعرف عدم جواز زواجه من البنت المتولّدة من مائه على هذا النحو». ونِعْمَ ما أفاد.

(4) إن لم تقتض الضرورة ذلك فاستعمال ما يمنع الحمل من دون رضا الزوج لا يخلو من إشكال(2).


(1) وهو حديث عليّ بن سالم ـ الثابت توثيقه بورود رواية لمحمّد بن أبي عمير الأزديّ عنه ـ عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «إنّ أشدّ الناس عذاباً يوم القيامة رجلٌ أقرّ نطفته في رحم يحرم عليه». الوسائل، ج 20 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 4 من النكاح المحرّم، وما يناسبه ح 1، ص 318. والكافي، ج 5، ص 541، ح 1، وقد كتبنا النصّ بالشكل الموجود في الكافي.

(2) نحن نفهم ذلك من قوله تعالى: ﴿نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ﴾. سورة 2 البقرة، الآية: 223.

507

ولا يجوز إسقاط الحمل وإن كان نطفةً وفيه الدية، كما يأتي في المواريث.وإذا وطأ الرجل زوجته فساحقت بكراً فحملت البكر استحقّت الزوجة الرجم، والبكر الجلد، وكان على الزوجة مهر البكر، واُلحق الولد بصاحب النطفة، كما اُلحق بالبكر للنصّ (1).

(مسألة: 5) يجب عند الولادة استبداد النساء والزوج بالمرأة(2)، ويستحبّ غسل المولود(3)، والأذان في اُذنه اليمنى والإقامة في اليسرى، وتحنيكه بتربة الحسين(عليه السلام)وبماء الفرات، وتسميته باسم أحد الأنبياء والأئمّة(عليهم السلام) وتكنيته (ولا يكنّى محمّد بأبي القاسم(4))، وحلق رأسه يوم السابع، والعقيقة بعده، والتصدّق بوزن شعره ذهباً أو فضّة، وثقب اُذنه، وختانه فيه. ويجب عليه بعد البلوغ لو لم يختن قبله،



(1) أفاد اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): «النصّ إنّما دلّ على الإلحاق بصاحب النطفة، وهذا ثابت على القاعدة، ولا يتوقّف على النصّ الخاصّ»(1). ونِعْمَ ما أفاد(2).

(2) لأنّ الآخرين ليسوا محارم مع فرج المرأة حتّى يجوز نظرهم إليه.

(3) لحديث سماعة المحمول على الاستحباب. راجع الوسائل، ج 3 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 1 من الأغسال المسنونة، ح 3، ص 304.

(4) للنهي الوارد في الوسائل، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 29 من أحكام الأولاد، ح 2، ص 400.


(1) يعني أنّ الولد تكويناً له فتشمله إطلاقات أحكام الولد.

(2) وليس صاحب النطفة زانياً حتّى يقال: لا يلحق ولد الزنا بأبيه. ويحتمل عدم لحوقها بالبكر؛ لأنّها كالزانية. والنصّ التامّ السند في المقام عبارة عمّا ورد في الوسائل، ج 28 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 3 من حدّ السحق والقيادة، ح 1، ص 168.

508

وخفض الجواري مستحبّ وإن بلغن(1)، والأولى أن يكون بعد بلوغها سبع سنين (2).

(مسألة: 6) يستحبّ أن يعقّ عن الذكر بالذكر، وعن الاُنثى باُنثى، وأن تكون سالمةً من العيوب سمينة، وفي الروايات: « هي شاة لحم يجزئ فيها كلّ شيء، وأنّ خيرها أسمنها(3)». ويكره أن يأكل الأبوان منها أو أحد من عيال الأب، وتتأكّد الكراهة في الاُمّ، بل الأحوط الترك(4). وتجزئ الشاة والبقرة والبُدنة، والأفضل



(1) الدليل على شمول استحباب خفض الجواري لما بعد البلوغ هو النصّ(1).

(2) توجد النصوص في هذه المستحبّات، فما يكون منها تامّ السند يثبت استحبابه شرعاً، وما لا يكون منها تامّ السند يستفاد في مورده الاستحباب بمستوى قاعدة: (من بلغ).

(3) يأتي من أوصاف العقيقة ما قلناه في باقي المستحبّات من أنّ ما ثبت منها فبها ونعمت، وما لم يثبت يرجع فيها إلى قاعدة: (من بلغ).

(4) لتشديد النهي عن أكل الاُمّ(2).


(1) لاحظ صحيح أبي بصير المراديّ ـ في الوسائل، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 56 من أحكام الأولاد، ح 1، ص 441 ـ قال: «سألت أبا جعفر(عليه السلام) عن الجارية تسبى من أرض الشرك فتسلم، فيطلب لها من يخفضها، فلا يقدر على امرأة؟ فقال: أمّا السنّة فالختان على الرجال وليس على النساء».

وتوضيح الاستدلال بهذا الحديث: أنّه كان المركوز في ذهن السائل أنّ الخفض للنساء ثابت ولو بعد البلوغ، وكان المشكل عدم جود امرأة لخفضها، فحلّ الإمام(عليه السلام) المشكل ببيان عدم وجوب الخفض أساساً للنساء، وإنّما الواجب هو الختان للرجال، ومقصوده بالسنّة إنّما هي السنّة الواجبة دون المستحبّة؛ لوضوح ثبوت الاستحباب قبل سنّ بلوغها بلا إشكال.

(2) ففي معتبرة أبي خديجة عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال في أوّل الحديث: «لا يأكل هو [يعني: الأب]ولا أحد من عياله» ثمّ قال في ذيله: «يأكل من العقيقة كلّ أحد إلّا الاُمّ». وفي معتبرة الكاهليّ عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «لا تطعم الاُمّ منها شيئاً». الوسائل، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 47 من أحكام الأولاد، ح 1 و2، ص 428. وعلى أيّ حال، فالاحتياط استحبابيّ وليس وجوبيّاً. وهذا هو مختار الماتن؛ لأنّ احتياطه مسبوق بالفتوى بالكراهة.

509

الكبش(1)، ويستحبّ أن يقطّع جداول(2)، وقيل: يكره أن تكسر العظام(3)، ويستحبّ أن تعطى القابلة منها الربع(4) ويقسّم الباقي على المحتاجين(5)، وأفضل منه أن يطبخ ويعمل عليه وليمة، والأفضل أن يكون عددهم عشرةً فما



(1) لموثّقة عمّار الساباطيّ(1).

(2) أي يقطّع أعضاء، فلا يطبخ مثلاً قطعة واحدة(2).

(3) للنصّ(3).

(4) للنصّ(4).

(5) لعلّه استفاد ذلك من صحيحة أبي بصير(5).


(1) عن أبي عبدالله(عليه السلام) أنّه قال في العقيقة: «يذبح عنه كبش، فإن لم يوجد كبش أجزأه ما يجزي في الاُضحية، وإلّا فحمل أعظم ما يكون من حملان السنة». الوسائل، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 41 من أحكام الأولاد، ح 1 ص 416. ومثله موثّقته الاُخرى في ب 44 من تلك الأبواب، ح 4، ص 421. وأيضاً صحيح أبي بصير عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «عقيقة الغلام والجارية كبش». نفس المصدر، ب 42 من تلك الأبواب، ح 3، ص 417.

(2) تدلّ عليه موثّقة عبدالله بن جبلة: «واقطع العقيقة جذاوي، واطبخها، وادعُ عليها رهطاً من المسلمين». الوسائل، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 44 من أحكام الأولاد، ح 8، ص 422.

(3) راجع معتبرة الكاهليّ عن أبي عبدالله(عليه السلام): «ولا يكسر العظم». الوسائل، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 44 من أحكام الأولاد، ح 5، ص 421.

(4) ورد في موثّقة عمّار: «وتعطى القابلة ربعها». الوسائل، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 44 من أحكام الأولاد، ح 4، ص 421.

(5) «ويبعث إلى القابلة بالرِجل مع الوَرك، ويطعم منه ويتصدّق». الوسائل، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 44 من أحكام الأولاد، ح 1، ص 420.

510

زاد(1)، كما أنّ الأفضل أن يكون ما يطبخ به ماءً وملحاً (2). وأمّا ما اشتهر بين بعض السواد من استحباب لفّ العظام بخرقة بيضاء ودفنها فلم نعثر على مستنده. ومن بلغ ولم يُعقَّ عنه استحبّ له أن يعقّ عن نفسه(3). ولا يجزئ عن العقيقة التصدّق بثمنها(4)، ومن ضُحِّي عنه أجزأته الاُضحية عن العقيقة (5).

(مسألة: 7) أفضل المراضع الاُمّ(6)، وللحرّة الاُجرة على الأب إذا لم يكن



(1) للنصّ(1).

(2) دلّت على ذلك مرسلة الكلينيّ(2).

(3) دلّت على ذلك صحيحة عمر بن يزيد(3).

(4) كما دلّت على ذلك موثّقة عبدالله بن بكير. الوسائل، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 40 من أحكام الأولاد، ح 1، ص 415.

(5) راجع نفس المجلّد، ب 65 من تلك الأبواب، ص 449.

(6) لحديث طلحة بن زيد(4).


(1) «وتطعم منه عشرة من المسلمين فإن زادوا فهو أفضل». الوسائل، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 44 من أحكام الأولاد، ح 4، ص 421.

(2) وروي: أنّ أفضل ما يطبخ به ماء وملح. الوسائل، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 44 من أحكام الأولاد، ح 16، ص 424. وهذا بحاجة إلى الرجوع إلى أخبار: (من مبلغ).

(3) الواردة في الوسائل، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 39 من أحكام الأولاد،ح 1، ص 414 بسند الصدوق، أمّا سند الكلينيّ فضعيف، وقد تكفينا بعض مطلقات العقيقة أيضاً كصحيح عمر بن يزيد الوارد في نفس المصدر، ب 38 من تلك الأبواب، ح 1، ص 412.

(4) عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «قال أميرالمؤمنين(عليه السلام): ما من لبن رضع به الصبيّ أعظم بركة عليه من لبن اُمّه». الوسائل، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 68 من أحكام الأولاد،ح 2، ص 452.

511

للولد مال، وإلّا فمن ماله، ومع موته(1) من مال الرضيع إن كان له مال، وإلّا فمن مال من تجب نفقته عليه، كما يأتي بيانه، ولا تجبر على إرضاعه(2)، وحدّ الرضاعة حولان(3)، وتجوز الزيادة على ذلك(4)، وأقلّه واحد وعشرون شهراً على



(1) يعني: موت الأب.

(2) أفاد اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): «إلّا إذا توقّفت حياته على ذلك؛ لتعذّر السبل الاُخرى». ونِعْمَ ما أفاد.

(3) هذا هو الأصل في مقدار الرضاع(1).

(4) كما دلّ عليه صحيح سعد بن سعد الأشعريّ(2).


(1) كما دلّ عليه قوله تعالى: ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَة﴾. سورة 2 البقرة، الآية: 233، وقوله تعالى: ﴿وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْن﴾. سورة 31 لقمان، الآية: 14.

(2) الوسائل، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 70 من أحكام الأولاد، ح 4، ص 454: عن أبي الحسن الرضا(عليه السلام) «قال: سألته عن الصبيّ هل يرضع أكثر من سنتين؟ فقال: عامين، فقلت: فإن زاد على سنتين هل على أبويه شيء؟ قال: لا».

وأمّا صحيحتا الحلبيّ: «ليس للمرأة أن تأخذ في رضاعها أكثر من حولين كاملين» [على حدّ تعبير الصحيحة الاُولى] و«ليس لها أن تأخذ في رضاعه فوق حولين كاملين» [على حدّ تعبير الصحيحة الثانية]ـ نفس المصدر، ح 1 و3 ـ فليس معنى ذلك: حرمة الإرضاع أكثر من سنتين، وإنّما معناهما: أنّه ليس للأب منع زوجته عن إرضاع الولد قبل تمام السنتين. نعم، إن أرادا فصالاً عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما، في حين أنّه بعد انتهاء السنتين ليس لها إرضاعه مع نهي الأب. هذا هو مقتضى الجمع بين صحيحتي الحلبيّ وصحيحة سعد بن سعد الأشعريّ. وإن لم يقبل هذا الجمع وتمّ التعارض، فنحن نختار العمل بصحيحة سعد بن سعد بحسب مختارنا في علم الاُصول من التخيير لدى التعارض في اختيار ما أردناه. وإن قلنا بالتساقط لدى التعارض فالمرجع أصالة البراءة عن حرمة الإرضاع أكثر من سنتين.

512

المشهور(1)، والاُمّ أحقّ بالرضاعة إذا رضيت بما يرضى به غيرها من اُجرة أو تبرّع (2).

(مسألة: 8) الاُمّ أحقّ بحضانة الولد إن شاءت إذا كانت حرّةً مسلمةً عاقلةً مأمونةً على الولد إلى سبع سنين، وإن كان ذكراً على إشكال ضعيف(3)، وتسقط الحضانة لو تزوّجت(4)، ولا تسقط لو زنت، ولو مات الأب بعد انتقال الحضانة إليه



(1) ليس المقصود بذلك: وجوب هذا المقدار على الاُمّ أو على أيّ مرضعة اُخرى، وإنّما المقصود: وجوب تهيئة المرضعة له بهذا المقدار على وليّه كالأب، وذلك للنصّ(1).

(2) أفضل الروايات الدالّة على ذلك: صحيحة الحلبيّ. الوسائل، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 81 من أحكام الأولاد، ح 5، ص 472.

(3) أفاد اُستاذنا(رحمه الله): «بل إلى سنتين، وإن كان الأحوط استحباباً للأب استبقاء الولد في حضانة اُمّه إذا أرادت إلى سبع سنين ذكراً كان أو اُنثى». ولعلّ مقصوده(رحمه الله) من قوله: «إلى سنتين» ما قبل الفطام وإن كان أقلّ من سنتين؛ وذلك لإطلاق صحيح داود بن الحصين. نفس المصدر، ح 1، ص 470 ـ 471. وبه يحمل صحيح أيّوب بن نوح ـ في نفس المصدر، ح 6، ص 472 ـ على الاستحباب. نعم، دلّ صحيح داود بن الحصين على أنّه إذا مات الأب فالاُمّ أحقّ به من العصبة، أي: قرابة الأب. وعلى أيّ حال، فلا إشكال في أنّ حقّ الحضانة في مدّة الرضاع للاُمّ كما نطق به صحيح الحلبيّ ـ في نفس المصدر، ح 5، ص 472 ـ: عن أبي عبدالله(عليه السلام) «...وهي أحقّ بولدها حتّى ترضعه بما تقبله امرأة اُخرى...».

(4) لم أجد في الوقت الحاضر حديثاً ثابت الصحّة سنداً دلّ على ذلك(2).


(1) راجع معتبرة عبد الوهّاب بن الصباح. الوسائل، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 70 من أحكام الأولاد، ح 1، ص 454. ومعتبرة سماعة ـ نفس المصدر، ح 5، ص 455 ـ بحسب سند الصدوق، أمّا سند الكافي والشيخ فضعيف بمحمّد بن سنان.

(2) فإنّي لم أجد النصّ على ذلك عدا مرسل المنقريّ. الوسائل، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 81 من أحكام الأولاد، ح 4، ص 471، وخبر داود الرقّيّ. ب 73 من تلك الأبواب، ح 2، ص 459.

513

أو كان مملوكاً أو كافراً(1) أو مجنوناً فالاُمّ أولى به إلى أن يبلغ من الوصيّللأب ومن الجدّ والجدّة له وغيرهما من أقاربه وإن تزوّجت، ولو ماتت الاُمّ في مدّة الحضانة فالأب أولى به من وصيّها وأبيها واُمّها وغيرهما من أقاربها (2)، ومع فقد الأبوين ففي ثبوت حقّ الحضانة لأب الأب ومع فقده للوصيّ لأحدهما ومع فقده للأقرب من الأقارب إشكال(3). وإذا بلغ الولد رشيداً سقطت ولاية الأبوين عنه وكان له الخيار في الانضمام إلى من شاء منهما أو من غيرهما. وإذا طلبت الاُمّ اُجرة للرضاع زائدةً على غيرها أو وجد متبرّع به وكان نظر الأب الإرضاع من غيرها ففي سقوط حقّ الحضانة إشكال،



(1) كأنّ المقصود: من كفر بعد أن كان مسلماً؛ لأنّ زواج المسلمة من الكافر باطل.

(2) نعم، يرجع حقّ الحضانة إلى وليّ الطفل وهو الأب(1).

(3) قال اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): «لا إشكال في ثبوت حقّ الحضانة لأب الأب حينئذ، ومع فقده للوصيّ المنصوب من قِبل الأب أو أبيه». الظاهر: أنّ نظره الشريف إلى مسألة ولاية أب الأب مع فقدان الأب، وولاية وصيّ الأب أو أبيه مع موتهما.


(1) قد عرفت: أنّ حقّ الحضانة للاُمّ إنّما هو في مدّة الرضاع، وعليه فلو ماتت الاُمّ في مدّة الحضانة فقد فطم الولد، ورجع حقّ الحضانة إلى وليّ الولد وهو الأب، وكيف لا مع أنّها لو كانت حيّة وفطمت الولد أصبح الأب أحقّ به من نفس الاُمّ، كما هو صريح صحيحة داود بن الحصين عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنّ﴾. [سورة 2 البقرة، الآية: 233] قال: مادام الولد في الرضاع فهو بين الأبوين بالسويّة، فإذا فطم فالأب أحقّ به من الاُمّ...». الوسائل، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 81 من أحكام الأولاد، ح 1، ص 470 ـ 471.

514

والأظهر سقوطه(1)، ولو تزوّجت فسقطت حضانتها ففي رجوع حضانتها بالطلاق قولان، أقواهما العدم (2).

(مسألة: 9) حقّ الحضانة الذي يكون للاُم يسقط بإسقاطها(3)، بخلاف حقّ الحضانة الذي يكون للأب فإنّه لا يسقط بإسقاطه، والظاهر أنّها تستحقّ الاُجرة على الحضانة إلّا إذا كانت متبرّعةً بها أو وجد متبرّع بالحضانة. وإذا أخذ الأب أو غيره الطفل من اُمّه عدواناً أو غيره لم يكن عليه تدارك حقّ الحضانة بقيمة أو نحوها(4)، ويصحّ إسقاط حقّ الحضانة المستقبلة، كما تصحّ يوماً فيوماً.



(1) حقّ الحضانة كان لأجل الإرضاع كما ظهر ممّا تقدّم، فإذا أخذه الأب لوجدان من تُرضع بقيمة أرخص أو مجّاناً فلا موجب لحقّ الحضانة(1).

(2) لو قلنا بسقوط حقّ الحضانة بالزواج فمقتضى الاستصحاب أو إطلاق دليل سقوط الحقّ بالزواج عدم رجوع الحقّ بالطلاق.

(3) كأنّ هذا مستفاد من صحيح أيّوب: «إلّا أن تشاء المرأة»(2).

(4) لعدم الدليل على ذلك. نعم، لو توافقا على أن قال الزوج للزوجة: لو أسقطت حقّ الحضانة أعطيتكِ كذا مبلغ من المال، فلا بأس بذلك؛ لأنّ هذا نوع عقد يشمله دليل الوفاء بالعقود.


(1) راجع صحيح الحلبيّ الذي أشرنا إليه في تعليقنا على آخر المسألة الثامنة، وراجع أيضاً صحيح داود بن الحصين: «وإن وجد الأب من يرضعه بأربعة دراهم، وقالت الاُمّ: لا اُرضعه إلّا بخمسة دراهم، فإنّ له أن ينزعه منها، إلّا أنّ ذلك خير له وأرفق به أن يترك مع اُمّه». الوسائل، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 81 من أحكام الأولاد، ح 1، ص 471.

(2) الوسائل، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 81 من أحكام الأولاد، ح 6، ص 472: قال: «كتب إليه بعض أصحابه: كانت لي امرأة ولي منها ولد وخلّيت سبيلها، فكتب(عليه السلام): المرأة أحقّ بالولد إلى أن يبلغ سبع سنين، إلّا أن تشاء المرأة». يعني: إلّا أن تشاء المرأة سقوط الحقّ، وأمّا حضانة الأب للولد فهو على أساس الولاية، وهي ليست حقّاً قابلاً للإسقاط.

515

 

الفصل العاشر

 

في النفقات

وهي أقسام: نفقة الزوجة، ونفقة الأقارب، ونفقة المملوك إنساناً كان أو حيواناً.

أمّا نفقة الزوجة فتجب على الزوج، وهي الإطعام، والكسوة، والسكنى، والفراش، والغطاء، وآلة التنظيف، وسائر ما تحتاج إليه بحسب حالها، ومنه الدواء، واُجرة الطبيب، ومصاريف الولادة على الأقوى مع العقد الدائم بشرط عدم النشوز(1)،



(1) قال اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): «الزوجة تارةً: تكون مؤدّية للزوج كلّ حقوقه الشرعيّة، واُخرى: معلنة تمرّدها على الزوج والحياة الزوجيّة بترك البيت أو بمقاطعة الزوج في داخل البيت أو حرمانه من الاستمتاع على أساس رفض التعايش معه كزوجة، وثالثة: وسطاً بين الأمرين كما إذا امتنعت في بعض الأحيان عن الاستمتاع بدعوى عذر وبالتماس التأجيل إلى وقت آخر ممّا لا يخرجها عرفاً عن كونها زوجة منسجمة وإن كانت آثمة بعدم التمكين. ولا شكّ في وجوب النفقة في الحالة الاُولى، كما لا ينبغي الشكّ في عدم وجوب النفقة في الحالة الثانية، وأمّا في الحالة الثالثة فالمشهور بين العلماء سقوط النفقة فيها، ومال البعض إلى وجوبها، وهو الأحوط».

أقول: عمدة الدليل على كون النشوز موجباً للخروج عن مطلقات وجوب الإنفاق على الزوج هي التسالم الفقهيّ، وهو غير واضح في هذا القسم الوسط(1).


(1) وأمّا النصُوص الدالّة على سقوط النفقة بالنشوز فكلّها غير خالية من ضعف في السند، من قبيل:

1 ـ رواية السكونيّ الضعيفة في بعض أسانيدها بالنوفليّ، وفي بعض أسانيدها ببنان بن محمّد. الوسائل، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 6 من النفقات، ح 1، ص 517.

516

وهو التمرّد على الزوج بمنعه عن حقوقه، أو بفعل المنفّرات له عنها وإن كان مثل سبّه وشتمه أو بالخروج عن بيتها بغير إذنه من غير عذر مسوّغ.

(مسألة: 1) تجب النفقة للزوجة وإن كانت ذمّيّةً أو أمةً أو صغيرةً أو غير مزفوفة إلى زوجها(1)، فإن طلّقت رجعيّاً بقيت لها النفقة، فإن طلّقت بائناً أو مات الزوج فلا نفقة لها مع عدم الحمل، وأمّا مع الحمل فتجب في الطلاق دون الموت، وتقضي(2) مع الفوات، فلو ماتت انتقلت إلى ورثتها. وأمّا نفقة الأقارب فيجب على الأبوين وإن علوا، والأولاد وإن نزلوا بشرط الفقر(3) والعجز عن



(1) قال اُستاذنا(رحمه الله): «ولكن مع سكوت الزوجة عن ذلك عند العقد لا يبعد كون المفهوم عرفاً من حال الزوجين إسقاطها في فترة ما قبل الزواج». أقول: لعلّ المقصود بذلك غير الصغيرة التي هي ليست بحاجة في إسقاط النفقة إلى وليّ، أمّا الصغيرة التي تحتاج في إسقاط نفقتها إلى الوليّ فلابدّ للوليّ من مراعاة المصالح والمفاسد بشأنها.

(2) المفروض: أن تكون كلمة «تقضي» بصيغة المعلوم غلطاً في النسخة، والصحيح: «تُقضى» بصيغةالمجهول.

(3) قال اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): «الظاهر: أنّه يجب على الرجل أن ينفق على ولده وعلى أبويه، وغير ذلك ممّا هو مذكور في المتن [يقصد: وإن علوا... وإن نزلوا] يجب على الأحوط». وهذا نتيجة: أنّ المنصوص عليهم في الروايات الأبوان والأولاد(1).


2 ـ رواية تحف العقول. نفس المصدر، ح 2.

3 ـ مرسلة العيّاشيّ عن زرارة. نفس المجلّد، ب 11 من القسم والنشوز والشقاق، ح 5، ص 351. ويحتمل أن تكون هذه الرواية راجعة إلى طلاق الخلع، لا إلى ما نحن فيه.

(1) من قبيل صحيحة حريز عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «قلت له: من الذي اُجبر عليه وتلزمني

517

التكسّب، أمّا مع القدرة على أخذ الحقوق مثل الزكاة والخمس فالأقرب عدم الوجوب(1)، كما أنّه يشترط قدرة المنفق على الإنفاق، فإن عجز بقيت في ذمّته نفقة الزوجة وسقطت نفقة الأقارب، وعلى الأب نفقة الولد(2)، فإن فقد أو



(1) قال اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): «بل الأقرب الوجوب». ونِعْمَ ما أفاد؛ لأنّ القدرة على أخذ الزكاة والخمس لا تخرجه عن الفقر.

(2) النصوص كلّها تثبت الحكم على الرجل، وقوله تعالى: ﴿فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُن﴾ ـ سورة 65 الطلاق، الآية: 6 ـ يشمل ما إذا كانت الاُمّ موسرة، فهذه الآية منعت عن التمسّك بقاعدة الاشتراك، ومع فقد الآباء يثبت القدر المتيقّن من قاعدة الاشتراك في المقام، فينتقل الأمر إلى الاُمّ.


نفقته؟ قال: الوالدان والولد والزوجة». الوسائل، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 11 من أبواب النفقات، ح 3، ص 525. ونحوها صحيحة محمّد بن مسلم. نفس المصدر، ح 5، ص 526. وأيضاً صحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «خمسة لا يُعطون من الزكاة شيئاً: الأب والاُمّ والولد والمملوك والمرأة، وذلك أنّهم عياله لازمون له». نفس المصدر، ح 1، ص 525. وأيضاً صحيحة ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن أحدهما(عليهما السلام): «لا يجبر الرجل إلّا على نفقة الأبوين والولد». الباب 1 من تلك الأبواب، ص 510. وصحيحة الحلبيّ عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «قلت: من الذي اُجبر على نفقته؟ قال: الوالدان والولد والزوجة والوارث الصغير، يعني: الأخ وابن الأخ ونحوه». نفس الباب، ح 9، و10، ص 511 ـ 512. ولكن الأحوط وجوباً الإنفاق عليهم وإن علوا، أو نزلوا؛ لقوّة احتمال شمول إطلاق مثل هذه النصوص للذين علوا والذين نزلوا.

أمّا النصّ المصرّح بعدم إعطاء الزكاة للجدّ والجدّة، ففي سنده أبو جميلة وهو مفضّل بن صالح ـ راجع الوسائل، ج 9 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 13 من المستحقّين للزكاة، ح 3، ص 241 ـ فلا يمكننا رفع مستوى الاحتياط الوجوبيّ إلى مستوى الإفتاء.

518

عجز فعلى أب الأب(1)، وهكذا، فإن فقدوا فعلى الاُمّ، فإن فقدت فعلى أبيها واُمّها بالسويّة(2)، ولو كانت معها اُمّ الأب شاركتهم في النفقة، ولو كان معهم أب الأب اختصّ بها دونهم، كما تقدّم، ولا تجب النفقة على غير العمودين(3) من الإخوة والأعمام والأخوال ذكوراً أو إناثاً وأولادهم.

(مسألة: 2) نفقة النفس(4) مقدّمة على نفقة الزوجة، وهي مقدّمة على نفقة الأقارب، والأقرب منهم مقدّم على الأبعد(5)، فالولد مقدّم على ولد الولد، ولو



(1) حتّى لو لم نقل بشمول إطلاق الأب لأب الأب؛ وذلك لأنّ نفقة الحفيد نفقةٌ للأب وقد عجز عنها، فكانت على أبيه وهو أب الأب.

(2) لأنّ آية ﴿فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُن﴾ المانعة عن التمسّك بقاعدة الاشتراك غير شاملة لهذا الفرض.

(3) أفاد اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): «إذا كان القريب العاجز صغيراً وكان يرث قريبه أو يرثه قريبه، فالأحوط وجوباً على القريب الإنفاق على قريبه العاجز». أقول: الأولى تبديل حرف «أو» بحرف «و»(1).

(4) أظنّ أنّ المقصود: النفقة التي يتوقّف عليها حفظ النفس.

(5) كأنّ الدليل على ذلك قوله تعالى: ﴿وَأُوْلُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْض فِي كِتَابِ اللّه﴾. سورة 8 الأنفال، الآية: 75.


(1) السبب في هذا الاحتياط صحيح الحلبيّ عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «قلت: من الذي اُجبر على نفقته؟ قال: الوالدان والولد والوارث الصغير، يعني: الأخ وابن الأخ وغيره». هذا في نسخة الفقيه، ج 3، ح 209، ص 59 بحسب طبعة الآخونديّ. وفي نسخة الشيخ ورد بدل كلمة «وغيره» كلمة «ونحوه». راجع الوسائل، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 1 من النفقات، ح 9 و10، ص 512، وب 11 منها، ح 6، ص 526 ـ 527.

والسبب في التنزّل من الفتوى إلى الاحتياط الوجوبيّ وجود شبهة الإجماع على عدم الوجوب.