نفس المعطي، فهي تقدّم على القاعدة، وأيضاً تقدّم على صحيحة ابن الحجّاج الأُولى بالأخصّية؛ لأنّ صحيحة ابن الحجّاج تشمل المال الذي يكون ملکاً طلقاً للمعطي، وهذه تختصّ بالمال الشرعي بقرينة قوله: «وهو ممّن تحلّ له» واستثنت هذه الرواية فرض ما إذا أمره المعطي أن يضعها في مواضع مسمّاة، فلا يجوز له أن يأخذ له شيئاً منه لنفسه إلّا بإذنه.
والنتيجة: أنّه متى ما كان المال ملكاً طلقاً للمعطي لم يجز للمعطى له أن يأخذ منه شيئاً لنفسه إلّا إذا دلّت القرينة الحالية أو المقالية أو ذكرٌ للمعطي ونحو ذلك على أنّ له ذلك، ومتى ما كان المال حقّاً شرعيّاً لعنوان منطبق على المعطى له جاز للمعطى له أن يأخذ لنفسه بمقدار ما يعطي لغيره إلّا إذا أمره المعطي أن يضعها في مواضع مسمّاة، فلا يجوز له أن يأخذ شيئاً منه لنفسه إلّا بإذنه.
كلّ هذا في ما إذا لم تكن أصل ولاية الأمر للمعطى له، وإلّا فهو يعمل وفق ولايته، كما هو واضح.
أحکام الاحتكار
قال الشيخ رحمه الله: «احتكار الطعام _ وهو كما في الصحاح وعن المصباح: جمع الطعام وحبسه يتربّص به الغلاء _ لا خلاف في مرجوحيّته، وقد اختلف في حرمته، فعن المبسوط والمقنعة والحلبي في كتاب المكاسب والشرائع والمختلف الكراهة، وعن كتب الصدوق والاستبصار والسرائر والقاضي والتذكرة والتحرير والإيضاح والدروس وجامع المقاصد والروضة التحريم، وعن التنقيح والميسية تقويته، وهو الأقوى بشرط عدم باذل الكفاية» (۱).
ونسب السيّد الخوئي رحمه الله الحرمة إلى المشهور(۲).
وجوه القول بحرمة الاحتکار والکلام فيها
وعمدة الدليل على الحرمة صحيحة سالم الحنّاط قال: «قال لي أبو عبدالله(عليه السلام): ما عملك؟ قلت: حنّاط وربّما قدمت على نفاق وربّما قدمت على كساد فحبست، قال: فما يقول من قِبَلَكَ فيه؟ قلت: يقولون: محتكر. فقال: يبيعه أحد غيرك؟ قلت: ما أبيع أنا من ألف جزء جزءاً. قال: لا بأس، إنّما كان ذلك رجل من قريش يقال له: حكيم بن حزام، وكان إذا دخل الطعام المدينة اشتراه كلّه، فمرّ عليه النبي(صل الله عليه وآله) فقال: يا حكيم بن حزام إيّاك أن تحتكر» (۳).
وقوله: «إيّاك أن تحتكر» واضح الدلالة على الحرمة.
وقد روى السيّد الرضي رحمه الله في نهج البلاغة(٤) عن أميرالمؤمنين عليه السلام في كتابه إلى مالك الأشتر قال: «فامنع من الاحتكار، فإنّ رسول الله(صل الله عليه وآله) منع منه، وليكن البيع بيعاً
(۱) کتاب المكاسب، ج٤، ص۳٦۳ _ ۳٦٤.
(۲) موسوعة الإمام الخوئي(رحمه الله)، ج۳۷، ص٥٠۹.
(۳) وسائل الشيعة، ج۱۷، ص٤۲۸، الباب۲۸ من أبواب آداب التجارة، ح۳.
(٤) نهج البلاغة، ص٤۳۸، رسالة٥۳.
سمحاً بموازين عدل واسعاً لا يجحف بالفريقين من البائع والمبتاع، فمن قارف حكرة بعد نهيك فنكّل به وعاقِب في غير إسراف»(۱). وظاهر جملة: «إنّ رسول الله(صل الله عليه وآله) منع منه» أنّه(صل الله عليه وآله) حرّمه. إلّا أنّ الشريف الرضي رحمه الله روى الرواية مرسلة.
ولكن للشيخ الطوسي(قدس سره) سند إلى عهد الإمام عليه السلام إلى مالك الأشتر قد يمكن تصحيحه، وهو ما يلي:
«أخبرنا بالعهد ابن أبي جيد عن محمد بن الحسن ]يعني ابن الوليد[ عن الحميري ]يعني عبدالله بن جعفر الحميري[ عن هارون بن مسلم والحسن بن ظريف جميعاً عن الحسين بن علوان الكلبي عن سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة عن أميرالمؤمنين(عليه السلام)»(۲).
وقد يمكن النقاش في هذا السند بعدّة وجوه:
الوجه الأوّل: التشكيك في وثاقة الحسين بن علوان الكلبي؛ إذ لا دليل على وثاقته عدا ما ورد عن النجاشي من قوله: «الحسين بن علوان الكلبي مولاهم كوفي عامي وأخوه الحسن يكنّى أبا محمد ثقة، رويا عن أبي عبدالله(عليه السلام)، وليس للحسن كتاب، والحسن أخصّ بنا وأولى...»(۳).
فلو أرجعنا قوله: «ثقة» إلى الحسن لا إلى الحسين لم يبق لنا دليل على توثيق الحسين بن علوان.
ولكن بالإمكان التغلّب على هذا الإشكال إمّا بقرينة ورود العبارة في ترجمة
(۱) وسائل الشيعة، ج۱۷، ص٤۲۷، الباب۲۷ من أبواب آداب التجارة ، ح۱۳؛ ومحقّق الكتاب كتب على كلمة «واسعاً»: «في المصدر: وأسعار» وكتب على كلمة «فنكّل به وعاقب»: «في المصدر: فنكّل به وعاقبه».
(۲) الفهرست، ص۳۸، ترجمة الأصبغ بن نباتة.
(۳) رجال النجاشي، ص٥۲.
الحسين أو بقرينة أنّه بيّن حال الحسن بعد ذلك بقوله: «أخصّ بنا وأولى» أو بمجموع القرينتين.
الوجه الثاني: التشكيك في وثاقة سعد بن طريف حيث اختلف تقييم الشيخ له عن تقييم النجاشي، فذكر الشيخ عنه أنّه صحيح الحديث، وذكر النجاشي عنه: أنّه يُعرف ويُنكر، ومع التعارض لا يبقى دليل على وثاقته.
ولكن السيّد الخوئي رحمه الله فسّر کلام النجاشي بأنّ المقصود أنّ حديثه أحياناً يأتي حديثاً معروفاً وأُخرى يأتي حديثاً غريباً، أي: لا تقبله العقول العادية المتعارفة، وهذا لا ينافي الوثاقة.
أقول: إنّ هذا التفسير غير واضح عندنا، ومن المحتمل تفسير آخر، وهو أنّ هذا الإنسان يعرفه البعض بالوثاقة ومجهول عند البعض الآخر.
وعلى أيّ حال فيمكن التغلّب على هذا الإشكال بأنّه لو فرض إجمال في كلام النجاشي أو شكّ في معناه أو قلنا: إنّه على أيّ حال لم يشهد بضعفه فشهادة الشيخ الطوسي رحمه الله بصحّة حديثه حجّة، هذا مضافاً إلى أنّ سعد بن طريف ممّن روى عنه ابن أبي عمير على ما ورد في الكافي(۱). وهذا ممّا غفل عنه الشيخ عرفانيان رحمه الله في كتابه مشايخ الثقاة.
الوجه الثالث: أنّ ابن أبي جيد الذي بدأ به الشيخ الطوسي رحمه الله سنده إلى عهد الإمام لمالك الأشتر لا دليل على وثاقته إلّا كونه شيخاً للنجاشي، وقد ذهب السيّد الخوئي رحمه الله إلى وثاقة جميع مشايخ النجاشي(۲).
ولكنّنا لم تثبت عندنا صحّة هذا المبنى.
وبالإمكان التغلّب على هذا الإشكال بأنّ للشيخ الطوسي رحمه الله سنداً تامّاً إلى
(۱) الکافي، ج۳، ص۱٦٤، باب ثواب من غسّل مؤمناً من کتاب الجنائز، ح۲.
(۲) راجع معجم رجال الحديث، ج۱، ص٥٠.
روايات وكتب محمد بن الحسن بن الوليد حيث قال رحمه الله في الفهرست: «أخبرنا بها جماعة عن أبي جعفر بن بابويه عنه»(۱).
ونحن وإن كنّا لم نعرف من هم المقصودون بقوله: «جماعة» لكنّنا لا نحتمل تواطؤ جماعة من مشايخ الشيخ الطوسي على الكذب.
وأيضاً يمكن التغلّب على هذا الإشكال بأنّ للشيخ الطوسي رحمه الله سنداً تامّاً إلى جميع كتب وروايات عبدالله بن جعفر الحميري حيث قال رحمه الله: أخبرنا بجميع كتبه ورواياته الشيخ المفيد رحمه الله عن أبي جعفر بن بابويه ومحمد بن الحسن عنه....
فلو آمنّا بأنّ إطلاق كلمة رواياته تشمل حتّى الروايات الشفهية الواصلة إلى الشيخ فلا إشكال في أنّ كلّاً من سندي الشيخ في الفهرست اللذين نقلناهما إلى محمد بن الحسن بن الوليد وإلى عبدالله بن جعفر الحميري يشملان روايته لعهد الإمام عليه السلام إلى مالك الأشتر.
ولكنّنا لا نؤمن بذلك؛ لأنّنا نفسّر كلمة «رواياته» في مثل قوله: «أخبرنا بكتبه ورواياته» بالكتب التي رواها دون الروايات الشفهية، وذلك:
أوّلاً: أنّ الروايات الشفهية يصعب عادة إضافتها إلى سند موحّد، فينصرف إطلاق كلام الشيخ عنها.
وثانياً: أنّ التتبّع في فهرست الشيخ يؤدّي بنا إلى هذه النتيجة؛ إذ ترى أنّ عطف الروايات على الكتب لم يرد في فهرست الشيخ إلّا بالنسبة للرواة المتأخّرين الذين يعتبرون مشايخ إجازة للكتب من قبيل أحمد بن محمد بن عيسى ومن في طبقته ومن يقع في الطبقات التي تأتي بعد تلك الطبقة، أمّا بالنسبة للطبقات المتقدّمين كزرارة وأضرابه ممّن كانوا رواة ولم يكونوا مشايخ إجازة للكتب فهو لا يذكر سنداً موحّداً إلّا إلى كتبه لا إلى رواياته. وهذا يؤدّي إلى انصراف تعبير الشيخ بكلمة «رواياته» إلى روايات الكتب.
(۱) الفهرست، ص۱٥٦.
وحلّ الإشكال في المقام عندئذٍ ينحصر بأن يقال: إنّ من المطمأنّ به أنّ عهد الإمام إلى مالك الأشتر _ لطوله وسعته _ لا يكون وصوله إلى الشيخ شفهاً وشفة عن شفة، وإنّما وصل إليه ضمن الكتب التي وصلت إليه، فيكون مشمولاً للسندين اللذين عرفتهما.
ما هو المتاع الذي يحرم احتكاره؟
فهل نأخذ بإطلاق ما مضى عن عهد الإمام عليه السلام إلى مالك الأشتر حيث ورد فيه: «فامنع من الاحتكار؛ فإنّ رسول الله(صل الله عليه وآله) منع منه» أو أنّ هذا منصرف إلى احتكار الطعام؟ خصوصاً أنّ الوارد في عدد من الروايات اسم الطعام من قبيل:
ما مضى في صحيحة سالم الحنّاط: «... إنّما كان ذلك رجل من قريش يقال له: حكيم بن حزام، وكان إذا دخل الطعام المدينة اشتراه كلّه، فمرّ عليه النبي(صل الله عليه وآله) فقال: يا حكيم بن حزام إيّاك أن تحتكر»(۱).
وصحيحة الحلبي عن أبي عبدالله عليه السلام قال: «سُئل عن الحكرة؟ فقال: إنّما الحكرة أن تشتري طعاماً وليس في المصر غيره فتحتكره فإن كان في المصر طعام غيره فلا بأس أن تلتمس بسلعتك الفضل»(۲).
ورواه الكليني في الكافي أيضاً بسند تام عن الحلبي نحوه مع زيادة: قال: «وسألته عن الزيت فقال: إن كان عند غيرك فلا بأس بإمساكه»(۳).
(۱) وسائل الشيعة، ج۱۷، ص٤۲۸، الباب۲۸ من أبواب آداب التجارة، ح۳.
(۲) المصدر السابق، ص٤۲۷، ح۱. ولكن في نسخة آل البيت ذكر بعد كلمة «طعام» كلمة «أو متاع» ونقل تحت الخطّ عن هامش المخطوط أنّ في التهذيب بدلاً عن «أو متاع» «أو يباع».
(۳) الکافي، ج٥، ص۱٦٥، باب الحکرة من کتاب المعيشة، ح۳؛ وسائل الشيعة، ج۱۷، ص٤۲۸، الباب۲۸ من أبواب آداب التجارة، ح۲. ونقل تحت الخطّ عن هامش المخطوط أنّ في نسخة بدلاً عن «الزيت» «الزبيب».
وصحيحة الحلبي عن أبي عبدالله عليه السلام قال: «سألته عن الرجل يحتكر الطعام ويتربّص به هل يصلح ذلك؟ قال: إن كان الطعام كثيراً يسع الناس فلا بأس به، وإن كان الطعام قليلاً لا يسع الناس فإنّه يكره أن يحتكر الطعام ويترك الناس ليس لهم طعام»(۱).
وصحيحة غياث بن إبراهيم(۲) عن أبي عبدالله عليه السلام قال: «ليس الحكرة إلّا في الحنطة والشعير والتمر والزبيب والسمن»(۳). وفي نقل الصدوق رحمه الله أضاف: «والزيت»(٤).
ورواية أبي البختري عن جعفر بن محمد عن أبيه: «أنّ عليّاً عليه السلام كان ينهى عن الحكرة في الأمصار، فقال: ليس الحكرة إلّا في الحنطة والشعير والتمر والزبيب والسمن»(٥).
ورواية السكوني عن جعفر بن محمد عن آبائه عن النبي(صل الله عليه وآله) قال: «الحكرة في ستّة أشياء: في الحنطة والشعير والتمر والزيت والسمن والزبيب»(٦).
ومرسلة الصدوق قال: قال رسول الله(صل الله عليه وآله): «لا يحتكر الطعام إلّا خاطئ»(۷).
وموثّقة إسماعيل بن أبي زياد الذي رواه الشيخ بسند صحيح له عن إسماعيل بن أبي زياد _ يعني السكوني _ عن أبي عبدالله عليه السلام عن أبيه قال: «لا يحتكر الطعام إلّا خاطئ»(۸).
(۱) وسائل الشيعة، ج۱۷، ص٤۲٤، الباب۲۷ من أبواب أداب التجارة، ح۲. وذكر تحت الخطّ السكوني على كلمة «هل يصلح»: «في المصدر: هل يجوز».
(۲) ثقة.
(۳) المصدر السابق، ص٤۲٥، ح٤.
(٤) من لا يحضره الفقيه، ج۳، ص۲٦٥، باب الحکرة والأسعار من کتاب المعيشة، ح۳۹٥٤.
(٥) وسائل الشيعة، ج۱۷، ص٤۲٦، الباب۲۷ من أبواب أداب التجارة، ح۷
(٦) المصدر السابق، ح۱٠، وفي السند النوفلي.
(۷) من لا يحضره الفقيه، ج۳، ص۲٦٦، باب الحکرة والأسعار من کتاب المعيشة، ح۳۹٥۹.
(۸) وسائل الشيعة، ج۱۷، ص٤۲۷، الباب۲۷ من أبواب آداب التجارة، ح۱۲. وذكر تحت الخطّ: في التهذيبين زيادة: قال رسول الله(صل الله عليه وآله).
قال الشيخ رحمه الله: «ثم إنّ ثبوته في الغلّات الأربع بزيادة السمن لا خلاف فيه ظاهراً، وعن كشف الرموز وظاهر السرائر دعوى الاتفاق عليه، وعن مجمع الفائدة نفي الخلاف فيه. وأمّا الزيت فقد تقدّم في غير واحد من الأخبار؛ ولذا اختاره الصدوق والعلّامة في التحرير حيث ذكر أنّ به رواية حسنة والشهيدان والمحقّق الثاني، وعن إيضاح النافع أنّ عليه الفتوى. وأمّا الملح فقد ألحقه بها في المبسوط والوسيلة والتذكرة ونهاية الأحكام والدروس والمسالك، ولعلّه لفحوى التعليل الوارد في بعض الأخبار من حاجة الناس»(۱).
أقول: لا ينبغي الإشكال في حرمة حصر الطعام ولا في إنصراف المطلق الذي قد يحتمل شموله بإطلاقه لغير الطعام كعهد الإمام إلى مالك الأشتر إليه؛ وذلك لعدد من الصحاح الماضية من قبيل صحيحة سالم الحنّاط(۲) وصحيحة الحلبي(۳) وصحيحته الأُخرى(٤) ولموثّقة السكوني(٥).
ويقع الكلام تارة في معنى الطعام، وأُخرى في التوسعة في الحكم ليشمل بعض ما لا يكون طعاماً، وثالثة في التضييق ليخرج من الحكم بعض الأطعمة:
أمّا معنى الطعام فالظاهر أنّه يختلف من بلد إلى بلد أو من قُطر إلى قُطر باختلاف ما هو قوت غالب الناس فيه. وما ورد في بعض الروايات الماضية من تسمية بعض الأطعمة كالحنطة والشعير والتمر والزبيب والسمن والزيت(٦) ينصرف بمناسبات الحكم والموضوع _ لو اختلفت الأقطار في الأمر _ إلى القطر الذي تعارف فيه ذلك،
(۱) کتاب المكاسب، ج٤، ص۳٦۸ _ ۳٦۹.
(۲) وسائل الشيعة، ج۱۷، ص٤۲۸، الباب۲۸ من أبواب آداب التجارة، ح۳.
(۳) المصدر السابق، ح۱.
(٤) المصدر السابق، ص٤۲٤، الباب۲۷ من أبواب آداب التجارة، ح۲.
(٥) المصدر السابق، ح۲
(٦) كما في صحيحة غياث، وسائل الشيعة، ج۱۷، ص٤۲٥، الباب۲۸ من أبواب آداب التجارة، ح٤.
ولعلّ كلّ الأقطار الإسلامية في وقت صدور النّص كانت كذلك، ولعلّ جميع الأقطار في زماننا أيضاً يكون الأمر فيه كذلك.
وأمّا التوسعة في الحكم ليشمل بعض ما لا يكون طعاماً فمثاله النفط أو الوقود الذي تتوقّف عليه عادة تهيئة الطعام.
ولا إشكال في تعدّي العرف من دليل حرمة حكر الطعام إلى حرمة ما تتوقّف عليه تهيئة الطعام، خصوصاً صحيحة الحلبي: «فإنّه يكره أن يحتكر الطعام ويترك الناس ليس لهم طعام»(۱)؛ إذ لو احتكر ما يتوقّف عليه الوقود فقد ترك الناس ليس لهم طعام.
وأمّا التضييق في الحكم بإخراج بعض الأطعمة منه فمنشؤه عدد من الروايات الماضية الحاصرة للحكم ببعض الأطعمة(۲).
وأجاب السيّد الخوئي رحمه الله عن ذلك بأنّ تلك الروايات ضعيفة سنداً، فلا يمكننا رفع اليد بها عن الإطلاق في الروايات الصحيحة الدالّة على حرمة الاحتكار في الطعام(۳).
أقول: إنّ ضعف السند مخصوص بروايتي أبي البختري والسكوني(٤)، أمّا رواية غياث بن إبراهيم(٥) فهي صحيحة السند؛ وكأنّ السيّد الخوئي رحمه الله خلط بين غياث ابن إبراهيم الثقة الذي هو من أصحاب الصادق عليه السلام وغياث بن إبراهيم البُتري(٦) الذي هو من أصحاب الباقر عليه السلام ولم تثبت وثاقته، في حين أنّه رحمه الله في معجم الرجال الطبعة الحديثة ميّز بينهما(۷).
(۱) وسائل الشيعة، ج۱۷، ص٤۲٤، الباب۲۸ من أبواب آداب التجارة، ح۲.
(۲) راجع المصدر السابق، ص٤۲٥، ح٤؛ وص٤۲٦، وح۷ و۱٠.
(۳) موسوعة الإمام الخوئي(رحمه الله)، ج۳۷، ص٥۱٤.
(٤) وهما الرواية ۷ و۱٠ من وسائل الشيعة، ج۱۷، ص٤۲٦، الباب۲۷ من أبواب آداب التجارة.
(٥) وهي الرواية٤ من المصدر السابق، ص٤۳٥
(٦) قيل: إنّهم فرقة من الزيدية، وقيل غير ذلك.
(۷) معجم رجال الحديث، ج۱٤، ص۲٥۱.
وعليه فلابدّ من الكلام في أنّه ما هو مقتضى الجمع بين صحيحة غياث بن إبراهيم عن أبي عبدالله(عليه السلام): «ليس الحكرة إلّا في الحنطة والشعير والتمر والزبيب والسمن» _ وفي نقل الصدوق أضاف: والزيت _ ومطلقات تحريم حكر الطعام.
فأوّل ما يخطر بالبال هو الجمع بتقييد المطلقات.
فمن ناحية ورد مثلاً في صحيحة الحلبي: «إنّما الحكرة أن تشتري طعاماً وليس في المصر غيره فتحتكره، فإن كان في المصر طعام أو متاع غيره فلا بأس أن تلتمس بسلعتك الفضل»(۱) وأضاف في نسخة الكافي: «وسألته عن الزيت [وفي نسخة: الزبيب] فقال: إذا كان عند غيرك فلا بأس بإمساكه»(۲)، وفي صحيحته الأُخرى: «إن كان الطعام كثيراً يسع الناس فلا بأس به، وإن كان الطعام قليلاً لا يسع الناس فإنّه يكره أن يحتكر الطعام ويترك الناس ليس لهم طعام»(۳).
ومن ناحية أُخرى نری صحيحة غياث حصرت بكلمة «إنّما» الحكرة بالحنطة والشعير والتمر والزبيب والسمن أو مع إضافة الزيت، أفليس الجمع العرفي يقتضي تخصيص الطعام بالغلّات الأربع بإضافة الدهن الذي هو متمثّل في السمن أو فيه وفي الزيت؟
ومن ناحية أُخرى قد يقال: إنّ هذاالجمع هو مقتضى التقيّد بحرفية القاعدة الأُصولية المعروفة القائلة بتخصيص العام أو تقييد المطلق بالخاص.
أمّا لو قلنا(٤): إنّنا نؤمن بقاعدة التخصيص أو التقييد لا على أساس ما هو المتعارف عندهم من قرينية الخاص على العام أو المطلق، وإنّما نؤمن بذلك على أساس الأقوائية، فقد يُرى أنّ المطلقات في المقام أقوى في لسانها من هذا المقيّد في الفهم العرفي ومناسبات الحكم والموضوع، فيحمل المقيّد على فرض المجتمعات التي يكون أكثر تعوّدها على
(۱) وسائل الشيعة، ج۱۷، ص٤۲۷، الباب۲۸ من أبواب آداب التجارة، ح۱.
(۲) الکافي، ج٥، ص۱٦٥، باب الحکرة من کتاب المعيشة، ح۳.
(۳) وسائل الشيعة، ج۱۷، ص٤۲٤، الباب۲۷ من أبواب آداب التجارة، ح۲.
(٤) وهو الذي اخترناه نحن في علم الأُصول. مباحث الأصول، ج٥ من القسم الثاني، ص٥۹۱.
هذه الأطعمة، أمّا لو وجد مجتمع يقوى في عادتهم وحاجتهم البادمجان مثلاً أو اليقطين أو أقسام أُخرى من الإدام فهي تبقى داخلة تحت إطلاق الطعام، ولا تخرج بهذا المقيّد.
نعم، قد يقال: إنّ الفواكه ونحوها تبقى عادة ثانوية في المجتمعات العرفية دائماً.
ويبقى مثل الملح الذي يحتاجه أكثر الأطعمة داخلاً في إطلاق الطعام.
مدّة الاحتکار
قال الشيخ رحمه الله: «روى السكوني عن أبي عبدالله(عليه السلام): إنّ الحكرة في الخصب أربعون يوماً وفي الغلاء والشدّة ثلاثة أيّام، فما زاد على الأربعين يوماً في الخصب فصاحبه ملعون، وما زاد في العسرة على ثلاثة أيّام فصاحبه ملعون»(۱)، ويؤيّدها ظاهر رواية المجالس(۲)... وحكي عن الشيخ ومحكي القاضي والوسيلة العمل بها، وعن الدروس: أنّ الأظهر تحريمه مع حاجة الناس، ومظنّتها الزيادة على ثلاثة أيّام في الغلاء وأربعين في الرخص؛ للرواية. انتهى. أمّا تحديده بحاجة الناس فهو حسن كما عن المقنعة وغيرها، ويظهر من الأخبار المتقدّمة. وأمّا ما ذكره من حمل رواية السكوني على بيان مظنّة الحاجة فهو جيّد، ومنه يظهر عدم دلالتها على التحديد بالعددين تعبّداً»(۳).
ولمّا أتی السيّد الخوئي في التنقيح على ذكر الرواية الأُولى رَفَضها بضعف السند،
(۱) وسائل الشيعة، ج۱۷، ص٤۲۳، الباب۲۷ من أبواب آداب التجارة، ح۱، وفي السند: النوفلي.
(۲) محمد بن الحسن في المجالس والأخبار عن أحمد بن عبدون عن علي بن محمد بن الزبير عن علي ابن الحسن بن فضّال عن العبّاس بن عامر عن أحمد بن رزق عن أبي مريم عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: قال رسول الله(صل الله عليه وآله): «أيّما رجل اشترى طعاماً فكبسه أربعين صباحاً يريد به غلاء المسلمين ثم باعه فتصدّق بثمنه لم يكن كفّارة لما صنع». وسائل الشيعة، ج۱۷، ص٤۲٥، الباب۲۷ من أبواب آداب التجارة، ح٦، وسنده ضعيف بعليّ بن محمد بن الزبير؛ إذ لا دليل على وثاقته وبأحمد بن عبدون إلّا على مسلك وثاقة مشايخ النجاشي.
(۳) کتاب المكاسب، ج٤، ص۳۷٠ _ ۳۷۱.
فقال: مع الحاجة يحرم الاحتكار ولو في أقلّ من ثلاثة أيّام، ومع عدم الحاجة لا مانع من الاحتكار ولو في أزيد من أربعين يوماً، قال: ولا مانع من حمل رواية السكوني على صورة مظنّة الحاجة بدعوى: أنّ الحاجة في الخصب في أزيد من الثلاثة وفي الغلاء في أقلّ من أربعين يوماً كما حكي عن الشهيد وإن كان الحمل في حدّ نفسه بعيداً(۱).
أقول: ويمكن حمله على أنّ ذكر ثلاثة أيّام وأربعين يوماً كان من باب المثال، وأنّه إشارة إلى مقياس عدد الأيّام التي ينتهي إلى ترك الأُمّة بلا طعام.
وعلى أيّ حال فبعد سقوط سندها لا قيمة لها، فالنتيجة هي ما أفاده السيّد الخوئي رحمه الله من أنّه مع عدم الحاجة لوجود الباذلين لا يحرم الاحتكار ولو في أكثر من أربعين، ومع الحاجة يحرم الاحتكار ولو في أقلّ من ثلاثة أيّام؛ وذلك تمسّكاً بالإطلاقات.
وأمّا الرواية الثانية وهي رواية المجالس عن أبي مريم فقد قال السيّد الخوئي رحمه الله بشأنها: الظاهر أنّها رواية أخلاقية غير مربوطة بالكراهة أو الحرمة في الاحتكار؛ لأنّ الطعام إذا لم يكن هناك باذل له فلا يفرّق في الحرمة بين الأربعين والثلاثين يوماً، وإن كان له باذل فلا يفرّق في جواز حبسه بين الأربعين والثلاثين، إذاً فالظاهر أنّ حبس الطعام بقصد الغلاء للمسلمين وازدياد قيمته يكشف عن خبث سريرة ذلك المحتكر... فلو رفع يده عن ذلك قبل الأربعين غفر الله له ذلك، وإلّا فهو معاقب بحسب الأخلاق. هذا بحسب الدلالة، وأمّا بحسب السند فهي ضعيفة(۲).
ولعلّ مقصوده رحمه الله أنّ هذه الرواية لم تشتمل على كون أربعين يوماً مقياساً لحرمة الحكر، وإنّما دلّت على عدم كون بيعه بعد ذلك والتصدّق بثمنه كفّارة لما صنع، وهذا يناسب كون الرواية أخلاقية بحتة. وعلى أيّ حال فهذه الرواية أيضاً غير تامّة السند.
(۱) موسوعة الإمام الخوئي(رحمه الله)، ج۳۷، ص٥۱٤. ولا يخفى أنّ السيّد الخوئي(رحمه الله) قد اعتقد في معجم رجاله بوثاقة النوفلي؛ لأنّه من الرواة الواردين في تفسير علي بن إبراهيم. راجع معجم رجال الحديث، ج٤، ص۳. ولا أدري هل عدل عنه كما عدل عن القول بوثاقة كلّ من ورد في أسانيد كامل الزيارات أو لا.
(۲) موسوعة الإمام الخوئي(رحمه الله)، ج۳۷، ص٥۱۱.
عدم اختصاص الاحتکار بشراء الطعام
قال الشيخ رحمه الله: ظاهر صحيحة الحلبي المتقدّمة ]يعني القائلة: إنّما الحكرة أن تشتري طعاماً وليس في المصر غيره فتحتكره، فإن كان في المصر طعام غيره فلا بأس أن تلتمس بسلعتك الفضل(۱)[ حصر الاحتكار في شراء الطعام، لكنّ الأقوى التعميم... ويؤيّد ذلك... تفسير الاحتكار في كلام أهل اللغة بمطلق جمع الطعام وحبسه سواء كان بالاشتراء أو بالزرع والحصاد والإحراز، إلّا أن يراد جمعه في ملكه ]وكأنّ مقصوده رحمه الله من الجملة الأخيرة: إلّا أن يكون المقصود بإحرازه جمعه في ملكه، لا حكره بعدم البيع[ ويؤيّد التعميم تعليل الحكم في بعض الأخبار بـ «أن يترك الناس ليس لهم طعام»(۲)، وعليه فلا فرق بين أن يكون ذلك من زرعه أو من ميراث أو يكون موهوباً له أو كان قد اشتراه لحاجة فانقضت الحاجة وبقي الطعام لا يحتاج إليه المالك فحبسه متربّصاً للغلاء(۳).
أقول: لا ينبغي الإشكال في أنّ الفهم العرفي يقتضي حمل الشراء في الصحيحة الماضية على المثالية، ولو فرض الإجمال كفانا الإطلاق الموجود في صحيحة الحلبي الأُخرى: «عن الرجل يحتكر الطعام ويتربّص به هل يصلح ذلك؟ قال: إن كان الطعام كثيراً يسع الناس فلا بأس به...»(٤).
الاحتكار لأجل الاستفادة من البيع غالياً
الاحتكار لأجل الاستفادة من البيع غالياً لا ينقسم إلّا إلى الحلال والحرام، فمع حاجة الناس وعدم كفايتهم حرام، ومع الكفاية حلال.
(۱) وسائل الشيعة، ج۱۷، ص٤۲۷،الباب۲۸ من أبواب آداب التجارة، ح۱.
(۲) المصدر السابق، ج۲۷، ص٤۲٤، الباب۲۷ من أبواب آداب التجارة ، ح۲.
(۳) کتاب المكاسب، ج٤، ص۳۷۱.
(٤) وسائل الشيعة، ج۱۷، ص٤۲٤، الباب۲۷ من أبواب آداب التجارة، ح۲.
ولكن قد يتّصف بالاستحباب أو الوجوب أو الكراهة بعناوين ثانوية، فقد يتوقّف مثلاً حفظ نفوس محترمة على احتكار الطعام في الخصب حتّى لا يموتوا في المجاعة جوعاً فيجب، فالاحتكار في ساعة الخصب ومدّته كان حلالاً، ولكنّه اتّصف بالوجوب لتوقّف الواجب عليه.
وقد يتّفق أنّه يحتكر الطعام في مدّة عدم الحاجة فهو بعنوانه الأوّلي حلال، ولكن كان هدفه من ذلك التوسعة على الزوّار الذين سيقدمون أو على المضطرّين فيتّصف بالاستحباب.
وقد يتّفق أنّه يحتكر الطعام في زمن وجود الكفاية فهو حلال بعنوانه الأوّلي، ولكن يقصد بذلك أن يصيد أُناساً يستطيع غبنهم بالبيع عليهم بأزيد من السعر السوقي وبشكل فاحش، فيتّصف بالكراهة(۱).
إجبار المحتكر على البيع
قال الشيخ رحمه الله: «الظاهر عدم الخلاف _ كما قيل _ في إجبار المحتكر على البيع حتّى على القول بالكراهة، بل عن المهذّب البارع الإجماع، وعن التنقيح _ كما عن الحدائق _ عدم الخلاف فيه، وهو الدليل المخرج عن قاعدة عدم الإجبار لغير الواجب؛ ولذا ذكرنا: أنّ ظاهر أدلّة الإجبار تدلّ على التحريم؛ لأنّ إلزام غير اللازم خلاف القاعدة. نعم، لا يسعّر عليه إجماعاً كما عن السرائر وزاد وجود الأخبار المتواترة، وعن المبسوط عدم الخلاف فيه، لكن عن المقنعة أنّه يسعّر عليه بما يراه الحاكم، وعن جماعة منهم العلّامة وولده والشهيد: أنّه يسعّر عليه إن أجحف بالثمن؛ لنفي الضرر، وعن الميسي والشهيد الثاني: أنّه يؤمر بالنزول من دون تسعير
(۱) استفدنا هذا الكلام بوحي من مجموع كلام الشيخ في کتاب المكاسب، ج٤، ص۳۷۲، وكلام التنقيح، موسوعة الإمام الخوئي(رحمه الله)، ج۳۷، ص٥۱٦، وكلامنا أقرب إلى كلام السيّد الخوئي منه إلى كلام الشيخ.
جمعاً بين النهي عن التسعير والجبر بنفي الإضرار»(۱).
أقول: لو آمنّا بحرمة الاحتكار _ كما آمنّا بها _ فلا إشكال في أنّ للحاكم إجبار المحتكر على البيع. ولكن يقع الكلام في أُمور:
الأوّل: بناء على الكراهة هل يكون للحاكم أيضاً إجباره على البيع.
والثاني: هل للحاكم التسعير عليه، أو لا؟
والثالث: أنّه هل للحاكم الإجبار على البيع في غير موارد الاحتكار المحرّم حينما يرى المصلحة في ذلك، أو لا؟
أمّا الأمر الأوّل: وهو أنّه على تقدير الكراهة هل للحاكم إجبار المحتكر على البيع لو رأى المصلحة في ذلك، أو لا؟
الظاهر أنّ له ذلك والدليل عليه أنّ صحيحة سالم الحنّاط(۲) التي ورد فيها عن رسول الله(صل الله عليه وآله): «يا حكيم بن حزام إيّاك أن تحتكر» لو لم يكن المقصود بذلك الحكم الشرعي _ كما نحن فهمناه _ فحتماً يكون المقصود به الحكم الولائي من قِبل رسول الله(صل الله عليه وآله)، وبعد الفراغ عن قيام الوليّ الفقيه مقام رسول الله(صل الله عليه وآله) في الولاية يكون له ذلك.
وكذلك الحال في عهد الإمام عليه السلام إلى مالك الأشتر «فامنع من الاحتكار؛ فإنّ رسول الله(صل الله عليه وآله) منع منه»(۳).
وأمّا الأمر الثاني: وهو أنّه هل للحاكم التسعير عليه، أو لا؟
فقد وردت روايات قد يستدلّ بها على المنع عن التسعير عليه، وقد جمعها في الوسائل(٤):
(۱) کتاب المكاسب، ج٤، ص۳۷۳ _ ۳۷٤.
(۲) وسائل الشيعة، ج۱۷، ص٤۲۸، الباب۲۸ من أبواب آداب التجارة، ح۳.
(۳) المصدر السابق، ص٤۲۷، الباب۲۷ من أبواب آداب التجارة ، ح۱۳؛ نهج البلاغة، ص٤۳۸، رسالة٥۳.
(٤) المصدر السابق، ص٤۳٠ _ ٤۳۲، الباب۳٠ من أبواب آداب التجارة.
۱_ محمد بن الحسن بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى عن جعفر بن محمد عن أبيه عن وهيب(۱) عن الحسين بن عبيدالله بن ضمرة(۲) عن أبيه عن جدّه عن علي بن أبي طالب أنّه قال: «رفع الحديث إلى رسول الله(صل الله عليه وآله) أنّه مرّ بالمحتكرين فأمر بحكرتهم أن تخرج إلى بطون الأسواق وحيث تنظر الأبصار إليها، فقيل لرسول الله(صل الله عليه وآله): لو قوّمت عليهم، فغضب رسول الله(صل الله عليه وآله) حتّى عرف الغضب في وجهه، فقال: أنا أقوّم عليهم؟! إنّما السعر على الله يرفعه إذا شاء ويخفضه إذا شاء»(۳).
ورواه الصدوق مرسلاً(٤).
ورواه في كتاب التوحيد عن أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني(٥) عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن غياث بن إبراهيم عن جعفر بن محمد عن أبيه مثله(٦).
وفي سند الحديث عدد من المجاهيل، وجعفر بن محمد محتمل الانطباق على جعفر بن محمد بن عبيدالله القمّي، ولا دليل على وثاقته عدا وقوعه في كامل الزيارات، ولا عبرة بذلك.
۲_ مرسلة الفقيه قال: قيل للنبي(صل الله عليه وآله): «لو سعّرت لنا سعراً فإنّ الأسعار تزيد وتنقص، فقال(صل الله عليه وآله): ما كنت لألقى الله ببدعة لم يحدث إليّ فيها شيئاً، فدعوا عباد الله يأكل بعضهم من بعض، وإذا استنصحتم فانصحوا»(۷). ورواه في التوحيد مرسلاً
(۱) في التهذيبين: وهب. تهذیب الأحکام، ج۷، ص۱٦۱، باب التلقي والحکرة من کتاب التجارات، ح۱۸؛ الاستبصار، ج۳، ص۱۱٤، باب النهي عن الاحتکار من کتاب البيوع، ص٦.
(۲) في التهذيب: الحسين بن عبدالله بن ضمرة، وهو الصحيح.
(۳) وسائل الشيعة، ج۱۷، ص٤۳٠ _ ٤۳۲، الباب۳٠ من أبواب آداب التجارة، ح۱.
(٤) من لا يحضره الفقيه، ج۳، ص۲٦٥، باب الحکرة والأسعار، ح۳۹٥٥.
(٥) قال الصدوق(رحمه الله): «كان ثقة ديّناً فاضلاً رحمة الله عليه ورضوانه». کمال الدين وتمام النعمة، ج۲، ص۳٦۹
(٦) التوحید(للصدوق)، ص۳۸۸.
(۷) وسائل الشيعة، ج۱۷، ص٤۳۱، الباب۳٠ من أبواب آداب التجارة، ح۲.
إلى قوله: من بعض(۱).
۳_ ما ورد في الفقيه بإسناده عن أبي حمزة الثمالي عن علي بن الحسين عليه السلام قال: «إنّ الله تبارك وتعالی وكّل بالسعر ملكاً يدبّر أمره»(۲).
وفي سند الفقيه الواصل إلينا: محمد بن الفضيل، وقد ضعّفه الشيخ رحمه الله، ولكن ذكر المفيد في رسالته العددية أنّ محمد بن الفضيل من الفقهاء والرؤساء الأعلام الذين يؤخذ منهم الحلال والحرام والفتيا والأحكام، ولا يطعن عليهم بشيء، ولا طريق لذمّ واحد منهم.
ومع التعارض بين تضعيف الشيخ وتوثيق المفيد لا تثبت وثاقته.
ويحتمل كون مقصود المفيد بمحمد بن الفضيل محمد بن قاسم بن الفضيل بن يسار النهدي الثقة، نسبه إلى جدّه.
هذا، ولكن روى الصدوق رحمه الله هذا الحديث نفسه في التوحيد عن محمد بن الحسن(۳) عن الصفّار عن أيّوب بن نوح(٤) عن محمد بن أبي عمير عن أبي حمزة الثمالي.(٥) وهذا السند كما تراه صحيح.
٤_ أيضاً ورد في الفقيه عن أبي حمزة الثمالي قال: «ذكر عند علي بن الحسين عليه السلام غلاء السعر فقال: وما عليّ من غلائه، إن غلا فهو عليه، وإن رخص فهو عليه»(٦).
وقد مضى عدم تمامية سند الفقيه. ولكن رواه في التوحيد كالذي قبله، وقد عرفت صحّة السند.
(۱) التوحید(للصدوق)، ص۳۸۸.
(۲) من لا يحضره الفقيه، ج۳، ص۲٦۸، باب الحکرة والأسعار، ح۳۹۷٠.
(۳) يعني ابن الوليد.
(٤) ثقة.
(٥) التوحید(للصدوق)، ص۳۸۹
(٦) من لا يحضره الفقيه، ج۳، ص۲٦۷، باب الحکرة والأسعار، ح۳۹۸٦.
٥_ روى الكليني بسند فيه سهل بن زياد عن يعقوب بن يزيد عن محمد بن أسلم(۱) عمّن ذكره عن أبي عبدالله(عليه السلام): «إنّ الله(عز وجل) وكّل بالسعر ملكاً، فلن يغلو من قلّة، ولن يرخص من كثرة.
٦_ روى الكليني بسنده عن سهل بن زياد عن يعقوب بن يزيد عمّن ذكره عن أبي عبدالله عليه السلام قال: «إنّ الله وكّل بالأسعار ملكاً يدبّرها»(۲).
ومن الطريف دعوى تواتر أخبار حرمة التسعير التي مضى نقل الشيخ الأنصاري لها عن السرائر.
وعلى أيّ حال فالحديث التامّ السند من هذه الروايات _ كما ترى _ انحصر في حديثين:
أحدهما: حديث أبي حمزة الثمالي عن علي بن الحسين عليه السلام قال: «إنّ الله(عز وجل) وكّل بالسعر ملكاً يدبّر أمره».
والثاني: أيضاً حديث أبي حمزة الثمالي قال: «ذكر عند علي بن الحسين عليه السلام غلاء السعر فقال: وما عليّ من غلائه! إن غلا فهو عليه، وإن رخص فهو عليه».
وهذان الحديثان ليسا واضحين في حرمة التسعير.
وعلى أيّ حال فلو قلنا بحرمة التسعير ينبغي الالتفات إلى استثنائين من ذلك:
الأوّل: المنع عن غلاء السعر إلى حدّ يرجع بروحه إلى الاحتكار في مورد حرمة الاحتكار، بأن يرفع البائع سعر الطعام في مورد حرمة الاحتكار إلى حدّ يمنع غالبية الناس عن الشراء؛ فإنّ هذا في روحه هو الاحتكار، ولا ينبغي تفسير الاحتكار بمجرّد
(۱) ينصرف إلى محمد بن أسلم الطبري الجبلي الذي هو صاحب كتاب، وقال عنه النجاشي: «يقال إنّه كان غالياً فاسد الحدیث» رجال النجاشي، ص۳٦۸، وعلى أيّ حال فلا دليل على وثاقته إلّا وقوعه في أسناد كامل الزيارات، ولا عبرة بذلك.
(۲) الکافي، ج٥، ص۱٦۳، باب الأسعار من کتاب المعيشة، ح۳.
إخفاء المتاع عن أعين الناس في صندوق أو خزّان. وقد نبّه على ذلك السيّد الخوئي رحمه الله في التنقيح(۱).
والثاني: المنع في مورد حرمة الاحتكار أيضاً عن السعر المجحف بدليل عهد الإمام عليه السلام إلى مالك الأشتر: «وليكن البيع بيعاً سمحاً بموازين عدل واسعاً (۲) لا يجحف بالفريقين من البائع والمبتاع»(۳).
وأمّا الأمر الثالث: وهو أنّه هل للحاكم الإجبار على البيع في غير موارد الاحتكار المحرّم حينما يرى المصلحة في ذلك، أو لا؟ وذلك كما في موارد بيع السمنت أو الجصّ ونحوهما ممّا ليس من الطعام، وكما في موارد الأطعمة التي لم تكن من الأطعمة المحرّم احتكارها _ لو لم نقل بحرمة احتكار كلّ طعام _ وكما في موارد عدم ندرة الطعام إلى حدّ يحرم الاحتكار.
الظاهر: أنّ للحاكم ذلك حينما يرى المصلحة بناء على مبدأ ولاية الفقيه.
هذا تمام كلامنا في كتاب البيع. وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.
جمادى الأُولى / ۱٤۳٠ هـ
كاظم الحسيني الحائري
(۱) موسوعة الإمام الخوئي(رحمه الله)، ج۳۷، ص٥۱٥.
(۲) وفي نسخة: «وأسعار». نهج البلاغة، ص٤۳۸، الرسالة٥۳.
(۳) وسائل الشيعة، ج۱۷، ص٤۲۷، الباب۲۷ من أبواب آداب التجارة، ح۱۳.
مصادر البحث
۱. القرآن الکريم.
۲. إرشاد الأذهان؛ الحلّي، نجم الدين جعفر بن حسن(٦۷٦هـ)؛ إيران، قم، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين، الطبعة الأُولی، ۱٤۱٠هـ.
۳. الإسلام يقود الحياة؛ الصدر، محمد¬باقر(۱٤٠٠هـ)؛ إيران، قم، دار الصدر، الطبعة الأُولی، ۱٤۲۱هـ.
٤. إيضاح الفوائد؛ الحلّي، محمد بن حسن بن يوسف(۷۷۱هـ)؛ إيران، قم، مؤسسة إسماعيليان، الطبعة الأُولی، ۱۳۸۷هـ.
٥. بحوث في شرح العروة الوثقی؛ الصدر، محمد¬باقر(۱٤٠٠هـ)؛ إیران، قم، دار الصدر، الطبعة الثانية، ۱٤٠۸هـ.
٦. تحرير الأحکام؛ الحلّي، حسن بن يوسف(۷۲٦هـ)؛ إيران، قم، مؤسسة الإمام الصادق(عليه السلام)، الطبعة الأُولی، ۱٤۲٠هـ.
۷. تحفه حکيم مؤمن، الحسيني التنکابني، محمد مؤمن، مکتبة المحمودي.
۸. تذکرة الفقهاء؛ الحلّي، حسن بن يوسف(۷۲٦هـ)؛ إيران، قم، مؤسسة آل البيت(عليهم السلام)، الطبعة الأُولی، المجلّد العاشر: ۱٤۲٠هـ، والمجلّد التاسع عشر: ۱٤۳۲هـ..
۹. تفسير القمي؛ القمي، علي بن إبراهيم؛ إيران، قم، دار الکتاب، الطبعة الرابعة، ۱۳٦۷ش.
۱٠. تفسير کنز الدقائق؛ القمي المشهدي، محمد بن محمد¬رضا(۱۱۲٥هـ)؛ إيران، طهران، طبعة وزارة الإرشاد الإسلامي، الطبعة الأُولی، ۱۳٦۸ش.
۱۱. التنقيح الرائع؛ السيوري الحلّي، مقداد بن عبدالله(۸۲٦هـ)؛ إيران، قم، مکتبة آية الله المرعشي النجفي، الطبعة الأُولی، ۱٤٠٤هـ.
۱۲. تهذيب الأحکام؛ الطوسي، محمد بن الحسن(٤٦٠هـ)؛ إيران، طهران، دار الکتب الإسلامية، الطبعة الرابعة، ۱٤٠۷هـ.
۱۳. جامع المقاصد في شرح القواعد؛ الکرکي العاملي، علي بن حسين(۹٤٠هـ)؛ إيران، قم، مؤسسة آل البيت(عليهم السلام)، الطبعة الثانية، ۱٤۱٤هـ.
۱٤. جواهر الکلام في شرح شرائع الإسلام؛ النجفي، محمد¬حسن(۱۲٦٦هـ)؛ لبنان، بیروت، دار إحياء التراث العربي، الطبعة السابعة، ۱٤٠٤هـ.
۱٥. حاشية المکاسب؛ الخراساني، محمد¬کاظم بن حسين(۱۳۲۹هـ)؛ إيران، قم، طبعة وزارة الإرشاد الإسلامي، الطبعة الأُولی، ۱٤٠٦هـ.
۱٦. حاشية المکاسب؛ الطباطبائي اليزدي، محمد¬کاظم(۱۳۳۷هـ)؛ إيران، قم، مؤسسة إسماعيليان، الطبعة الثانية، ۱٤۲۱هـ.
۱۷. حاشية کتاب المکاسب؛ الإصفهاني، محمد¬حسين(۱۳٦۱هـ)؛ إيران، قم، أنوار الهدی، الطبعة الأُولی، ۱٤۱۸هـ.
۱۸. الخلاف؛ الطوسي، محمد بن حسن(٤٦٠هـ)؛ إيران، قم، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين، الطبعة الأُولی، ۱٤٠۷هـ.
۱۹. الدروس الشرعية في فقه الإمامية؛ العاملي، محمد بن مکّي(۷۸٦هـ)؛ إيران، قم، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين، الطبعة الثانية، ۱٤۱۷هـ.
۲٠. رجال الکشّي؛ الکشّي، محمد بن عمر؛ إيران، قم، مؤسسة آل البيت(عليهم السلام)، الطبعة الأُولی، ۱۳٦۳ش.
۲۱. رجال النجاشي؛ النجاشي، أحمد بن علي(۳۷۲هـ)؛ إيران، قم، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين، ۱٤٠۷هـ.
۲۲. الرجال لابن الغضائري؛ ابن الغضائري، أبو الحسن أحمد بن أبي عبدالله(٤٥٠هـ)؛ إيران، قم، إسماعيليان، ۱۳٦٤هـ.
۲۳. الروضة البهية؛ العاملي، زين الدين(۹٦٦هـ)؛ إيران، قم، مجمع الفکر الإسلامي، الطبعة الأُولی، ۱۳۹٠هـ.
۲٤. السرائر الحاوي لتحرير الفتاوی؛ الحلّي، ابن إدريس محمد بن منصور بن أحمد(٥۹۸هـ)؛ إيران، قم، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين، الطبعة الثانية، ۱٤۱٠هـ.
۲٥. سنن ابن ماجة؛ القزويني، أبو عبدالله محمد بن يزيد(۲۷۳هـ)؛ لبنان، بیروت، دار الفکر.
۲٦. السنن الکبری؛ البيهقي، أحمد بن الحسين(٤٥۸هـ)؛ لبنان، بیروت، دار الکتب العلمية، الطبعة الثالثة، ۱٤۲٤هـ.
۲۷. شرائع الإسلام؛ الحلّي، نجم الدين جعفر بن حسن(٦۷٦هـ)؛ إيران، قم، مؤسسة إسماعيليان، الطبعة الثانية، ۱٤٠۸هـ.
۲۸. الصحاح؛ الجوهري، إسماعيل بن حمّاد(۳۹۳هـ)؛ لبنان، بیروت، دار العلم للملايين، الطبعة الأُولی، ۱٤۱٠هـ.
۲۹. عوالي اللئالي؛ الإحسائي، ابن أبي جمهور محمد بن زين الدين؛ إيران، قم، دار سيد الشهداء للنشر، الطبعة الأُولی، ۱٤٠٥هـ.
۳٠. عيون أخبار الرضا(عليه السلام)؛ ابن بابويه، محمد بن علي(۳۸۱هـ)؛ إيران، طهران ، نشر جهان، الطبعة الأولی، ۱۳۷۸هـ.
۳۱. غاية المراد؛ العاملي، محمد بن مکّي(۷۸٦هـ)؛ إيران، قم، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين، الطبعة الأُولی، ۱٤۱٤هـ.
۳۲. غاية المرام في شرح شرائع الإسلام؛ الصيمري، مفلح بن حسن(۹٠٠هـ)؛ لبنان، بیروت، دار الهادي، الطبعة الأُولی، ۱٤۲٠هـ.
۳۳. غنية النزوع؛ الحلبي، ابن زهره حمزة بن علي(٥۸٥هـ)؛ إيران، قم، مؤسسة الإمام الصادق(عليه السلام)، الطبعة الأُولی، ۱٤۱۷هـ.
۳٤. الغيبة؛ الطوسي، محمد بن الحسن(٤٦٠هـ)؛ إيران، قم، دار المعارف الإسلامية، الطبعة الأُولی، ۱٤۱۱هـ.
۳٥. فقه العقود؛ الحائري الحسيني، کاظم؛ إيران، قم، مجمع الفکر الإسلامي، الطبعة الثانية، ۱٤۲۳هـ.
۳٦. الفهرست؛ الطوسي، أبو جعفر محمد بن حسن(٤٦٠هـ)؛ العراق، النجف الأشرف، المکتبة الرضوية، الطبعة الأُولی.
۳۷. قواعد الأحکام؛ الحلّي الأسدي، حسن بن يوسف(۷۲٦هـ)؛ إيران، قم، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين، الطبعة الأُولی، ۱٤۱۳هـ.
۳۸. القواعد والفوائد؛ العاملي، محمد بن مکي(۷۸٦هـ)؛ إيران، قم، المفيد، الطبعة الأُولی، ۱٤٠٠هـ.
۳۹. كتاب المكاسب؛ الأنصاري، مرتضی(۱۲۸۱هـ)؛ إيران، قم، مجمع الفکر الإسلامي، الطبعة الأُولی، ۱٤۱٥هـ.
٤٠. الکافي؛ الکليني، محمد بن يعقوب(۳۲۹هـ)؛ إيران، طهران، دار الکتب الإسلامية، الطبعة الرابعة، ۱۳٦۷هـ.
٤۱. کتاب البيع؛ الموسوي الخميني، روح الله(۱٤٠۹هـ)؛ إيران، طهران، مؤسسة تنظيم ونشر الآثار الإمام الخميني(قدس سره)، الطبعة الأُولی، ۱٤۲۱هـ.
٤۲. کتاب التفسير؛ العيّاشي، محمد بن مسعود(۳۲٠هـ)؛ إيران، طهران، مکتبة العلمية الإسلامية، ۱۳۸٠هـ.
٤۳. کتاب الطهارة؛ الأنصاري، مرتضی بن محمد أمين(۱۲۸۱هـ)؛ إيران، قم، مجمع الفکر الإسلامي، الطبعة الأُولی، ۱٤۱٥هـ.
٤٤. کتاب الغيبة للحجّة؛ الطوسي، محمد بن الحسن(٤٦٠هـ)؛ إيران، قم، دار المعارف الإسلامية، الطبعة الأُولی، ۱٤۱۱هـ.
٤٥. کتاب المناهل؛ الحائري الطباطبائي، محمد¬مجاهد(۱۲٤۲هـ)؛ قم، إيران، مؤسسة آل البيت(عليهم السلام)، الطبعة الأُولی.
٤٦. کفاية الأحکام؛ السبزواري، محمد¬باقر بن محمد مؤمن(۱٠۹٠هـ)؛ إيران، قم مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين، الطبعة الأُولی، ۱٤۲۳هـ.
٤۷. کمال الدين وتمام النعمة؛ ابن بابويه، محمد بن علي(۳۸۱هـ)؛ إيران، طهران، الإسلامية، الطبعة الثانية، ۱۳۹٥هـ.
٤۸. کنز العرفان في فقه القرآن؛ الحلّي السيوري، مقداد بن عبدالله(۸۲٦هـ)؛ إيران، قم، منشورات المرتضوي، الطبعة الأُولی، ۱٤۲٥هـ.
٤۹. کنز العمال؛ المتقي الهندي، علي بن حسام الدين(۹۷٥هـ)؛ لبنان، بیروت، مؤسسة الرسالة، الطبعة الخامسة، ۱٤٠۱هـ.
٥٠. اللمعة الدمشقية؛ العاملي، محمد بن مکّي(۷۸٦هـ)؛ بیروت، لبنان، دار التراث، الطبعة الأُولی، ۱٤۱٠هـ.
٥۱. مباحث الأُصول؛ الحسيني الحائري، کاظم، تقریراً لأبحاث الشهيد آیة الله العظمی السيد محمد¬باقر الصدر؛ إيران، قم، مکتبة الإعلام الإسلامي، الطبعة الأُولی، ۱٤٠۸هـ.