416

وهنا عدّة فروع نذكر منها ما يلي:

الفرع الأوّل: هل يشترط في صحّة بيع الآبق رجاء الوجدان، أو لا؟

أفاد الشيخ الأنصاري: أنّ الرواية الأُولى ]وهي صحيحة رفاعة النخّاس(1)[ ظاهرة في اختصاص السؤال بصورة رجاء الوجدان، والرواية الثانية ]وهي موثقّة سماعة(2)[ ظاهرة في اختصاص الجواب بصورة رجاء الوجدان(3).

إلّا أنّ السيّد الخوئي رحمه الله في التنقيح ادّعى إطلاق الحكم لفرض اليأس من الوجدان، وذلك بدعوى أنّ مورد الروايتين وإن كان هو فرض رجاء الوجدان إلّا أنّ ذلك لا يضرّ بصحّة المعاملة؛ وذلك لأنّ الإمام عليه السلام إنّما كان في الروايتين بصدد بيان أنّ ضمّ الضميمة شرط في صحّة المعاملة وأنّه على تقدير عدم الوصول إليه يكون ما نقده بإزاء ما اشترى معه، وأمّا أنّ العبد مورد لرجاء الوجدان أو القطع بعدمه فليس محطّاً لنظره(4).

أقول: إنّ العبارة الموجودة في التنقيح في غاية التشويش.

فإن كان مقصوده رحمه الله أنّ مقتضى القاعدة صحّة المعاملة، والرواية لم تدلّ على أكثر من البطلان لدى عدم ضمّ الضميمة؛ لأنّه لم يكن محطّ نظرها أنّ العبد مورد لرجاء الوجدان أو لا، وإنّما كان محطّ نظرها شرط الضميمة، فبعد وجود هذا الشرط نرجع في مورد اليأس عن الوجدان إلى مقتضى القاعدة، ورد عليه ما وضّحناه من أنّ ظاهر الروايتين شرط القدرة في نفسها ونقتصر في الاستثناء على نفس مورد الروايتين وهو رجاء الوجدان مع ضمّ ضميمة.


(1) وسائل الشيعة، ج17، ص353، الباب11 من أبواب عقد البيع وشروطه، ح1.

(2) المصدر السابق، ح2.

(3) کتاب المكاسب، ج4، ص202.

(4) موسوعة الإمام الخوئي(رحمه الله)، ج37، ص354.

417

وإن كان مقصوده إطلاق الرواية لفرض اليأس عن الوجدان فلا أدري كيف يتمّ هذا الإطلاق بعد الاعتراف بأنّ مورد الروايتين هو فرض رجاء الوجدان؟!

وإن كان مقصوده التمسّك بعموم التعليل في الرواية الثانية وهو قوله فيها: «فإن لم يقدر على العبد كان الذي نقده فيما اشترى منه» فمن الواضح أنّ هذه اللغة ليست لغة التعليل والتعدّي من المورد وتبديل موضوع الحكم مثل «لأنّه حامض»، وإنّما هي لغة بيان شرط الصحّة، وهو أن يكون ما نقده في الضميمة حتّى لا يذهب نقده هباءً. هذا حال عبارة التنقيح.

وأمّا عبارة مصباح الفقاهة الذي هو تقرير آخر لبحث السيّد الخوئي فهي أيضاً مشوّشة في المقام، والاحتمال الأوّل من الاحتمالات الثلاثة التي ذكرناها لعبارة التنقيح غير وارد في عبارة مصباح الفقاهة، ولكن يمکن تفسيرها بالتفسير الثاني أو الثالث أو تفسيرها بتفسير آخر لا يمكن فرضه محدّداً إلّا بأن نعبّر بتعبير إلغاء العرف خصوصية المورد، وهي خصوصية احتمال إمكان تسلّم العين في المستقبل، فيتعدّى عنه إلى فرض القطع بعدم رجوع العين، ويقال بأنّ المقياس وجود الضميمة حتّى لا يذهب المال هدراً، وإنّما السائل سأل عن فرد من هذا الفرض، لا أنّ الرواية مسوقة لبيان حكم قضية شخصية في مورد خاص(1).

أقول: لا أدري كيف يمكن الحمل على المثالية؟! ولماذا لا يحتمل دخل اشتراط احتمال رجوع العين في حين أنّ احتماله احتمال عرفي معقول؟!

وعليه فقد اتّضح بكلّ ما ذكرناه بطلان بيع الآبق في صورة عدم احتمال الرجوع؛ لما عرفت من دلالة روايتي بيع الآبق على اشتراط القدرة على التسلّم وأنّه مع الشكّ في القدرة تجب معالجة الموقف بالضميمة.

نعم، لا نستدلّ على البطلان بسفهية المعاملة حتّى يقال: إنّ الباطل إنّما هو


(1) وسائل الشيعة، ج17، ص353، الباب11 من أبواب عقد البيع وشروطه، ح1.

(2) المصدر السابق، ح2.

(3) کتاب المكاسب، ج4، ص202.

(4) موسوعة الإمام الخوئي(رحمه الله)، ج37، ص354.

418

معاملة السفيه(1) دون المعاملة السفهية أو يقال: إنّ المعاملة ليست سفهية؛ لإمكان الاستفادة بالعتق.

ولا بقوله تعالی: ﴿وَلَا تَأْكُلُوْا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ﴾(2) حتّى يقال: إنّ هذا إنّما هو في مقابل التجارة عن تراض، والمفروض صدق التجارة عن تراض في المقام، ولا بنفي الغرر حتّى ترد المناقشات الماضية.

الفرع الثاني: هل جواز البيع مع ضمّ ضميمة مخصوص بالجارية الآبقة والعبد الآبق أو يجري حتّى في مثل الفرس الشارد أو عين أُخرى ضائعة؟

أفاد السيّد الخوئي رحمه الله _ على ما في مصباح الفقاهة _ : أنّ مقتضى عمومات أدلّة العقود صحّة البيع من دون فرق بين الجارية والعبد والفرس والأعيان الأُخرى، وإنّما خرج بروايتي الجارية والعبد الماضيتين فرض عدم الضميمة، وأمّا مع فرض الضميمة فالعمومات سليمة عن المعارض أو المخصّص. نعم، المشهور لم يلتزموا بجواز بيع غير العبد والجارية مع الضميمة في موارد عدم القدرة على التسليم حتّى صرّحوا بعدم جواز بيع الفرس الشارد مع الضميمة، والوجه في ذلك دعوى الإجماع ونفي الغرر، والمشهور لم يلتزموا في غير العبد والجارية بصحّة البيع، ولكن مجرّد عدم التزامهم بذلك لا يوجب الوهن بعد ما ساعدنا الدليل على الصحّة(3). انتهى ما أردنا نقله عن مصباح الفقاهة على شكل النقل بالمعنى، لا بنفس الألفاظ.

الفرع الثالث: قد ذُكر في الضميمة شرط أن تكون ممّا يجوز بيعه، فما لا يصحّ بيعه شرعاً _ كالخمر والخنزير _ أو عند العقلاء _ كالخنفساء _ لعدم ماليّته فلا يصحّ جعله ضميمة للآبق.


(1) وسائل الشيعة، ج17، ص353، الباب11 من أبواب عقد البيع وشروطه، ح1.

(2) المصدر السابق، ح2.

(3) کتاب المكاسب، ج4، ص202.

(4) موسوعة الإمام الخوئي(رحمه الله)، ج37، ص354.

419

قال الشيخ الأنصاري رحمه الله: «الظاهر اعتبار كون الضميمة ممّا يصحّ بيعها»(1).

أقول: لا شكّ أنّ هذا هو المفهوم عرفاً من روايتي بيع الآبق(2) خصوصاً الرواية الثانية، أعني: موثّقة سماعة؛ لقوله: «فإن لم يقدر على العبد كان الذي نقده فيما اشترى منه».

الفرع الرابع: يشترط في الضميمة أن يكون بيعها منفردة صحيحاً، فلا يصحّ ضمّ الآبق الآخر في بيع العبد الآبق؛ لعدم صحّة بيعه في حال الانفراد.

ومن الغريب ما قاله الشيخ الأنصاري رحمه الله من قوله: وأمّا صحّة بيعها منفردة فلا يظهر من الرواية، فلو أضاف إلى الضميمة من تعذّر تسليمه كفی(3).

ولكن من الواضح _ بمناسبات الحكم والموضوع بل وبظاهر العبارة في صحيحة رفاعة النخّاس: «اشتري منكم جاريتكم فلانة وهذا المتاع بكذا وكذا»(4)، وصريح موثّقة سماعة: «فإن لم يقدر على العبد كان الذي نقده فيما اشترى منه»(5) _ أنّ نظر الإمام عليه السلام إلى المتاع الحاضر.

الفرع الخامس: هل يكفي ضمّ المنفعة، أو لابدّ أن تكون الضميمة عيناً؟ قال الشيخ الأنصاري رحمه الله: «لا يكفي ضمّ المنفعة إلّا إذا فهمنا من قوله ]يعني في موثّقة سماعة[: «فإن لم يقدر على العبد كان الذي نقده فيما اشترى منه» تعليل الحكم


(1) وسائل الشيعة، ج17، ص353، الباب11 من أبواب عقد البيع وشروطه، ح1.

(2) المصدر السابق، ح2.

(3) کتاب المكاسب، ج4، ص202.

(4) موسوعة الإمام الخوئي(رحمه الله)، ج37، ص354.

420

بوجود ما يمكن مقابلته بالثمن، فيكون ذكر اشتراط الضميمة معه من باب المثال أو كناية عن نقل مال أو حقٍّ إليه مع الآبق لئلّا يخلو الثمن عن المقابل. فتأمّل»(1).

أقول: بل هذا هو المفهوم عرفاً أيضاً من صحيحة رفاعة النخّاس بمناسبات الحكم والموضوع.

الفرع السادس: لو تلف الآبق قبل العثور عليه فهل يدخل تحت قاعدة «تلف المبيع قبل قبضه من مال بائعه» فيضمنه البائع، أو قل: ينفسخ البيع بالنسبة للآبق؟! الظاهر أنّ هذا خارج بالتخصيص عن تلك القاعدة، فإنّ الروايتين إنّما فرضتا الضميمة حتّى يتمّ البيع على فرض عدم الحصول على المبيع الأصلي، وهذا معناه العرفي أنّ المبيع الأصلي بأيّ وجه اتّفق لا يضمنه البائع.

الفرع السابع: لو تلفت الضميمة قبل قبضها فإن تلفت بعد حصول الآبق في اليد فقاعدة «تلف المبيع قبل قبضه من مال بائعه» توجب رجوع جزء الثمن إلى المشتري بنسبة انقسامه على الضميمة والعبد؛ لأنّ العبد قد قبضه، فليس له إلّا ذاك الجزء من الثمن الذي يقابل التالف قبل القبض.

ولا يخفى أنّه ليست طريقة التقسيط عبارة عن مقايسة سعر الضميمة بسعر العبد الحاصل في اليد؛ لأنّه حينما اشتراهما المشتري كان آبقاً، فلابدّ من مقايسة سعر الضميمة بسعر العبد الآبق، فلا يؤخذ بعين الاعتبار ارتفاع سعر العبد بحصوله في اليد.

وكذاالحال لو صار العبد بمنزلة المقبوض، كما لو أرسل طعاماً مسموماً إليه فقتله، فإنّ الإتلاف بمنزلة القبض، ويقاس هنا أيضاً في التقسيط بين سعر الضميمة وسعر العبد الآبق.

أمّا لو تلفت الضميمة قبل حصول الآبق في اليد فلا إشكال في انفساخ البيع بالنسبة للضميمة بقاعدة «تلف المبيع قبل قبضه من مال بائعه».


(1) کتاب المكاسب، ج4، ص203.

421

أمّا بيع العبد فذكر الشيخ الأنصاري أوّلاً بشأنه وجهين:

الأوّل: بطلان البيع؛ لأنّه رجع الأمر إلى بيعه من دون ضمّ ضميمة، وكانت الضميمة هي السبب في صحّته.

والثاني: صحّة البيع؛ لأنّه إنّما كان بيع العبد تابعاً في صحّته لوجود الضميمة في الحدوث، فإذا تحقّق تملُّك المشتري له فاللازم من انفساخ بيع الضميمة انحلال المقابلة الحاصلة بينها وبين ما يخصّها من الثمن، لا الحكم الآخر الذي كان يتبعه في الابتداء.

لكنّه رحمه الله رجّح بعد ذلك الوجه الأوّل، وهو بطلان البيع؛ لأنّ «ظاهر النصّ أنّه لا يقابل الآبق بجزء من الثمن أصلاً، ولا يوضع له شيء منه أبداً على تقدير عدم الظفر به»(1).

لكنّني لا أرى معنى محصّلاً لظاهر هذه العبارة الأخيرة، فإنّ النصّ واضح في شراء الضميمة مع العبد الآبق بالثمن المجعول وإن كان لا يوضع للمشتري شيء من الثمن على تقدير عدم الظفر به، فما معنى قوله: «لا يقابل الآبق بجزء من الثمن»، وكيف يتصوّر شراء شيء بلا ثمن؟! وكيف يكون هذا وجهاً لتوضيح الحكم ببطلان بيع العبد؟!

وكأنّ السيّد الخوئي رحمه الله أراد توجيه كلام الشيخ بإرادة معنى معقول فذكر رحمه الله وجهاً وجيهاً على ما ورد في التنقيح لتوضيح بطلان بيع الآبق في المقام وقال ما نصّه: «ولعلّ هذا هو الأرجح، وذلك لقوله(عليه السلام): فإن لم يقدر على العبد كان الذي نقده بإزاء ما اشترى معه، فإنّه يقتضي أن يكون في الآبق ضميمة يقع الثمن في مقابلها على تقدير عدم القدرة عليه، فإذا فرضنا انفساخ البيع في الضميمة فلا شيء حينئذٍ ليقابل بالثمن على تقدير عدم القدرة عليه، ولعلّه ظاهر»(2).


(1) المصدر السابق، ص205.

(2) موسوعة الإمام الخوئي(رحمه الله)، ج37، ص358.

422

الفرع الثامن: لو فرض فسخ العقد من جهة الضميمة فقط _ لاشتراط خيار يخصّ بها _ فحال ذلك حال ما لو فرض انفساخ العقد من جهة الضميمة بتلفها.

الفرع التاسع: لو عقد على الضميمة فضولاً ولم يجز مالكها انفسخ العقد بالنسبة إلى المجموع كما أفاده الشيخ الأنصاري رحمه الله(1) والسيّد الخوئي(قدس سره)(2)، ووجهه واضح، وهو أنّه في الحقيقة باع العبد بانفراد، وهو باطل.

وأضاف السيّد الخوئي رحمه الله فرض ما إذا أجاز المالك، وحكم رحمه الله أيضاً ببطلان بیع العبد(3). وهذا أيضاً واضح؛ لأنّ مشتري العبد الآبق اشتراه وحده من دون ضمّ ضميمة، وإجازة المالك بحكم شراء مستقلّ، وليس هذا شراءً لمجموع العبد والضميمة.

الفرع العاشر: لو وجد المشتري في الآبق عيباً سابقاً على البيع إمّا بعد القدرة عليه أو قبلها قال الشيخ رحمه الله: «كان له الرجوع بأرشه(4) كذا قيل»(5).

وقوله رحمه الله: «كذا قيل» يشعر بتوقّفه في المسألة. قال السيّد الخوئي(قدس سره): ولعلّ المانع تخيّل أنّ العبد لا يقع بإزائه شيء قبل حصول القدرة عليه، فلا تشمله عمومات أدلّة الأرش، وإنّما الثمن كلّه بإزاء الضميمة، فهو لم يشتر العبد حينئذٍ حتّى يرجع بأرشه، ولكن الصحيح أنّ الشراء وقع على العبد والضميمة، فقد اشتراه، ولا مانع من أن يرجع بأرشه(6).


(1) کتاب المكاسب، ج4، ص205.

(2) موسوعة الإمام الخوئي(رحمه الله)، ج37، ص359.

(3) المصدر السابق.

(4) أفاد السيّد الخوئي(رحمه الله) _ في موسوعة الإمام الخوئي(رحمه الله)، ج37، ص359_ : «كما يجوز له فسخ العقد بلا إشكال».

(5) کتاب المكاسب، ج4، ص205

(6) موسوعة الإمام الخوئي(رحمه الله)، ج37، ص359 _ 360.

423

أقول: يحتمل أن يكون نظر الشيخ رحمه الله الإشارة إلى البحث المعروف، وهو البحث عن أنّه هل يثبت أساساً في العيب الأرش في عرض الردّ، أي: أنّ المشتري مخيّرٌ بين الفسخ والأرش، أو لا؟

فقد صرّح الشيخ رحمه الله في بحث خيار العيب بعدم دلالة الروايات على الأرش في عرض الردّ وإن كان اختار هناك التخيير بين الردّ والأرش تمسّكاً بالإجماع معترفاً بقصور الروايات عن ثبوت الأرش إلّا لدى العجز عن الردّ بمثل التصرّف في المبيع المانع عن الردّ ما عدا الفقه الرضوي المصرّح بالتخيير(1). أمّا السيّد الخوئي رحمه الله فقد اختار في محلّه عدم ثبوت الأرش مع إمكانية الردّ(2).

الفرع الحادي عشر: بعد أن ثبت عدم جواز بيع الآبق إلّا بضميمة نقول: هل يمكن علاج الموقف بتبديل البيع بالصلح حتّى نستغني عن شرط الضميمة، أو لا؟

أفاد السيّد الخوئي رحمه الله: «هل يلحق بالبيع الصلح على ما يتعذّر تسليمه فيعتبر فيه القدرة على التسليم، أو أنّه لا يلحق به، أو فيه تفصيل؟ وجوه وأقوال بعد التسالم على أنّ سائر المعاملات كالإجارة والمزارعة والمساقاة بل الوكالة التي هي من غير المعاوضات كالبيع في الاشتراط بالقدرة على التسليم، فربّما يقال بأنّ الصلح كالبيع في الحكم بالاشتراط؛ لأنّ الدائر على الألسنة هو نفي الغرر من غير اختصاص بالبيع، بل قد أُرسل في كلماتهم عن النبي(صل الله عليه وآله) _ والمرسل هو العلّامة ظاهراً(3) _ أنّه(صل الله عليه وآله) نهى عن الغرر(4)


(1) راجع کتاب المكاسب، ج5، ص275 _ 276.

(2) راجع موسوعة الإمام الخوئي(رحمه الله)، ج37، ص131 _ 134.

(3) تذکرة‌ الفقهاء، ج10، ص51.

(4) ورد في وسائل الشيعة، ج17، ص358، الباب12 من أبواب عقد البيع وشروطه، ح13، عن معاني الأخبار، ص278، باب معنی المحاقلة والمزابنة و...، عن محمد بن هارون الزنجاني عن علي بن عبدالعزيز عن القاسم بن سلام بإسناد متّصل إلى النبي(صل الله عليه وآله) «أنّه نهى عن المنابذة والملامسة وبيع الحصاة. ←

424

ولم يقيّده بالبيع، فيشمل الصلح أيضاً لا محالة»(1).

وأُخرى يقال بأنّ النهي يختصّ بالمبادلة الواقعة على المالين، ولا يشمل الصلح


المنابذة يقال: إنّها أن يقول لصاحبه: انبذ إليّ الثوب أو غيره من المتاع أو أنبذه إليك وقد وجب البيع بكذا، ويقال: إنّما هو أن يقول الرجل: إذا نبذت الحصاة فقد وجب البيع، وهو معنى قوله: إنّه نهى عن بيع الحصاة. والملامسة أن يقول: إذا لمست ثوبي أو لمست ثوبك فقد وجب البيع بكذا، ويقال: بل هو أن يلمس المتاع من وراء الثوب ولا ينظر إليه فيقع البيع على ذلك. وهذه بيوع كان أهل الجاهلية يتبايعونها فنهى رسول الله(صل الله عليه وآله) عنها؛ لأنّها غرر كلّها».

ومن الواضح من اللحن أنّ العبارة من قوله: «المنابذة يقال... إلى آخر ما أوردناه ليس جزءاً من الرواية. على أنّه لو كان قوله: «لأنّها غرر كلّها» جزءاً من الرواية لم يعلم أنّ المقصود بذلك النهي عن الغرر في كلّ المعاملات؛ لأنّ الضمير في قوله: «لأنّها غرر كلّها» راجع إلى تلك البيوع، فالمعنى: أنّ تلك البيوع غرر كلّها. فإنّما دلّت على النهي عن البيوع الغررية، وليس هذا من قبيل «لأنّه حامض» المفروض أنّه جيء به لأجل تبديل الموضوع من الرمّان إلى الحموضة. ففرق كبير بين أن يقول: «لا تأكل الرمّان؛ لأنّه حامض» أو يقول: «لا تأكل هذا الرمّان؛ لأنّه حامض» ففي الأوّل جيء بالتعليل لتبديل الموضوع من الرمّان إلى الحموضة، ولكن في الثاني جيء بالتعليل لتبديل الموضوع من هذا الرمّان إلى الرمّان الحامض فلا يتعدّى منه إلى غير الرمّان من الحوامض ويحتمل كون العلّة حموضة الرمّان.

وكذلك الحال في جزء آخر من هذه الرواية وهو ما رواه صاحب الوسائل، ج17، ص352، الباب10 من أبواب عقد البيع وشروطه، ح2، من أنّ النبي(صل الله عليه وآله) «نهى عن المجر، وهو أن يباع البعير أو غيره بما في بطن الناقة، ونهى(صل الله عليه وآله) عن الملاقيح والمضامين، فالملاقيح ما في البطون وهي الأجنّة، والمضامين ما في أصلاب الفحول، وكانوا يبيعون الجنين في بطن الناقة وما يضرب الفحل في عامه وفي أعوام، ونهی(صل الله عليه وآله) عن بيع حبل الحَبَلة، ومعناه ولد ذلك الجنين الذي في بطن الناقة أو هو نتاج النتاج وذلك غرر».

فأنت ترى أنّ هذا الكلام ظاهر في نسج من الرواية وتفسير الرواية. ولو كان قوله: «وذلك غرر» جزء من الرواية فليس من قبيل «لا تأكل الرمّان؛ لأنّه حامض» المسوق لنقل موضوع الحكم من الرمّان إلى الحموضة، وإنّما معناه أنّ هذه البيوع غرر، فيحتمل اختصاص الحرمة بالبيع الغرري.

نعم، يمكن أن يقال بالتعدّي العرفي من أصل النهي عن بيع الغرر إلى كلّ معاملة غررية، وهذا مطلب آخر سوف يأتي إن شاء الله نقله عن السيّد الخوئي(رحمه الله).

(1) راجع موسوعة الإمام الخوئي(رحمه الله)، ج37، ص350.

425

الذي هو أمر آخر وراء المبادلة بين المالين(1).

وثالثةً يفصّل بين الصلح المبني على المغالبة والتدقيق نظير صلح الدلّالين الذي هو في الحقيقة بيع وقد أُبرِز بلفظ الصلح للتخلّص عن بعض الإشكالات ولكن الغرض هو بيع هذا بذاك وغرض كلّ من المتصالحين هو الغلبة على الآخر(2) فحكم بإلحاقه بالبيع، وبين الصلح المحاباتي المبني على السماح والمسامحة لا على المغالبة كالمصالحة بين المالين من دون نظر إلى أنّ كلّاً منهما يسوي كذا مقدار(3) فحكم بعدم إلحاقه بالبيع.

ثم قال السيّد الخوئي رحمه الله ما مفاده: أنّ التحقيق أن يقال: إنّ إلحاق الصلح بالبيع أو عدمه متوقّف على ملاحظة مدرك ذلك الاشتراط:

فإن كان المدرك للاشتراط في البيع هو الإجماع المنعقد على اشتراط البيع بالقدرة على التسليم فلا محالة نحكم بعدم الإلحاق؛ لأنّ الإجماع دليل لبّي، فيكتفى فيه بالقدر المتيقّن، والقدر المتيقّن منه هو البيع، فلا يشمل الصلح حينئذٍ.

وإن كان المدرك في البيع هو الحديث، أعني: «نهى النبي(صل الله عليه وآله) عن بيع الغرر» فلا مانع من الحكم بالإلحاق؛ وذلك لأنّ هذا النهي حينئذٍ نظير نهيه(صل الله عليه وآله) عن بيع الملامسة والحصاة وغيرهما(4) ممّا أُريد منه البيع بالمعنى الأعم، ويستفيد منه العرف أنّ المعاملة الغررية باطلة؛ لأجل غررها من دون خصوصية للمعاملة، ويتعدّون منه إلى جميع الموارد الغررية، وهذا نظير ما إذا وهب أحد ماله لزيد واشترط عليه أن لا يبيعه فإنّ


(1) وهو المعبّر عنه بالفارسية بـ (سازش).

(2) فهذا في روحه روح البيع إلّا أنّ الدلّالين توهّموا أنّ صياغته بصياغة الصلح تخلّصهم من أمثال مشكلة الغرر أو التدليس أو نحو ذلك.

(3) وهذا هو الصلح المعبّر عنه في الفارسية بـ (سازش).

(4) كأنّه إشارة إلى الرواية الماضية عن معاني الأخبار.

426

العرف يستفيد منه عدم جواز نقله إلى الغير من دون خصوصية للبيع بوجه، وعليه فلا مانع من شمول الحديث للصلح.

إلّا أنّ الصلح المبنيّ على السماح والمسامحة لا يأتي فيه الغرر أصلاً، فهو خارج عن الحديث موضوعاً؛ وذلك لأنّ الغرض المعاملي، أي: ما ينشئه المتصالحان إنّما هو التسالم من دون نظر ولا غرض في أنّ هذا يسوي بكذا وكذا، فهو ليس أمراً خطريّاً بل هو بنفسه صالَحَ الآخر لينتقل هذا المال إليه، فلا مانع من التفصيل بين الصلح المسامحي والصلح المبنيّ على الدقّة...(1).

وإن كان المدرك روايتي بيع الآبق(2) فيتعدّى بالفهم العرفي منهما إلى مطلق المعاوضات حتّى الصلح. انتهى ما أردنا نقله عن التنقيح، وليس لدينا تعليق عليه.


(1) وإن كان المدرك حديث: لا تبع ما ليس عندك، فأيضاً يتعدّى العرف إلى الصلح. ومصدر الحديث: وسائل الشيعة، ج18، ص38، الباب2 من أبواب أحكام العقود، ح4؛ وص47، الباب7 من أبواب أحکام العقود، ح2.

(2) المصدر السابق، ج17، ص353، الباب 11 من أبواب عقد البيع وشروطه، ح1 و2.

427

 

 

 

الشرط الرابع: العلم بمقدار الثمن

أفاد الشيخ الأنصاري رحمه الله: «المعروف أنّه يشترط العلم بالثمن قدراً، فلو باع بحكم أحدهما بطل إجماعاً كما عن المختلف والتذكرة، واتفاقاً كما عن الروضة وحاشية الفقيه للسلطان، وفي السرائر في مسألة البيع بحكم المشتري إبطاله بأنّ كلّ مبيع لم يذكر فيه الثمن فإنّه باطل بلا خلاف بين المسلمين»(1).

أقول _ بعد وضوح أنّ هذه الإجماعات لو تمّت فإنّما هي مدركية أو على الأقلّ محتملة المدركية _ : إنّ المهمّ هو الرجوع إلى الروايات.

أدلّة هذا الشرط

وقد ذكرت روايتان في صالح شرط معلومية مقدار الثمن:

الأُولى: حديث نهي النبي(صل الله عليه وآله) عن بيع الغرر (2).

وقد اتّضح من بحثنا في شرط القدرة على التسليم أنّ هذا الحديث إن تمّ سنداً فأقوى محتملاته النهي عن بيع الخدعة، وهذا كما ترى لا علاقة له بشرط معلومية مقدار


(1) کتاب المكاسب، ج4، ص206.

(2) وسائل الشيعة، ج17، ص448، الباب40 من أبواب آداب التجارة، ح3.

428

الثمن، فعدم معلومية مقدار الثمن قد تشتمل على الخدعة وقد لا تشتمل عليها.

والثانية: رواية حمّاد عن أبي عبدالله عليه السلام قال: «يكره أن يشتري الثوب بدينار غير درهم؛ لأنّه لا يدري كم الدينار من الدرهم»(1).

وقد يناقش في الدلالة بأنّ التعبير بالكراهة ليس واضحاً في إرادة الحرمة.

وعلى أيّ حال فسند الحديث ساقط على الأقلّ بنفس حمّاد بن ميسر الذي لا دليل على وثاقته، مع وجود بعض الجوانب الأُخرى في ضعفه السندي.

نعم، هناك حديثان في الباب نفسه غير مشتملين على اسم حمّاد:

أحدهما: رواية وهب عن جعفر عن أبيه عليه السلام «أنّه كره أن يشتري الرجل بدينار إلّا درهماً وإلّا درهمين نسيئة، ولكن يجعل ذلك بدينار إلّا ثلثاً وإلّا ربعاً وإلّا سدساً أو شيئاً يكون جزءاً من الدينار»(2).

وقد صرّح النجاشي بأنّ وهب كان كذّاباً(3)، وصرّح الشيخ بأنّه عامّي المذهب ضعيف(4).

والثاني: رواية السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي(عليه السلام): «في رجل يشتري السلعة بدينار غير درهم إلى أجل؟ قال: فاسد، فلعلّ الدينار يصير بدرهم»(5).

وطبعاً صيرورة الدينار بدرهم شبه أمر غير معقول، فلعلّ هذا مبالغة في احتمال صعود ونزول الدينار والدرهم.

وعلى أيّ حال، فهذه الرواية هي خير تلك الروايات دلالةً وسنداً، فمن حيث


(1) وسائل الشيعة ، ج18، ص80، الباب23 من أبواب أحكام العقود، ح 1.

(2) المصدر السابق، ص81، ح3.

(3) رجال النجاشي،‌ ص430.

(4) الفهرست، ص173.

(5) وسائل الشيعة ، ج18، ص80، الباب23 من أبواب أحكام العقود، ح2

429

الدلالة صرّحت بالفساد لا بالكراهة حتّى يأتي احتمال كون الكراهة أعمّ من الحرمة.

ولكن مع ذلك ليس سندها سليماً؛ لأنّ فيه بنان بن محمد، ولم تثبت وثاقته.

وهناك نكتة في توجيه مفاد الروايات التي لم تفرض ما فُرض في الروايتين الأخيرتين من كون البيع نسيئة. فلو أردنا توجيه مفادها يجب أن نحملها أيضاً على فرض النسيئة أو أن يكون استثناء الدرهم _ على الأقلّ _ مؤجّلاً، وإلّا فلا جهل في مقدار الثمن، فمقدار الثمن هو الدينار إلّا درهماً مثلاً، فكأنّ المقصود أنّه في فرض النسيئة مثلاً يكون مقدار الثمن بلحاظ هذا الاستثناء مجهولاً بسبب تأخّر زمان الأداء؛ لأنّ سعر الدينار والدرهم كان يصعد وينزل.

وهناك رواية أُخرى تدلّ على المقصود من اشتراط معلومية الثمن أو قل: مبطلية كون الثمن بالجزاف وجهالة المقدار، إلّا أنّ منطوقها وارد في المثمن لا في الثمن، ولكن العرف يتعدّى بلا إشكال إلى جانب الثمن؛ لعدم احتمال الفرق في نظر العرف في اشتراط المعلومية وعدمه بين الثمن والمثمن، وهي صحيحة الحلبي أو الصحيحة التي ورد الحلبي في أثناء سندها الصحيح، وهي ما رواه كلّ من الكليني(1) والصدوق(2) بسند تام عن أبي عبدالله(عليه السلام)، ورواه الشيخ في التهذيب بإسناده عن الحسين بن سعيد عن محمد بن أبي عمير عن سفيان بن صالح وحمّاد بن عثمان عن الحلبي عن هشام بن سالم وعلي بن النعمان عن ابن مسكان جميعاً عن أبي عبدالله(عليه السلام): «أنّه سئِل عن الجوز لا يستطيع أن يعدّه فيكال بمكيال ثم يعدّ ما فيه ثم يكال ما بقي على حساب ذلك العدد؟ قال: لا بأس به»(3).

وقد أفاد السيّد الخوئي رحمه الله في بحث شرط العلم بمقدار المثمن: «أنّ ظاهرها [هذه


(1) الکافي، ج5، ص193، باب فیه جمل من المعاوضات من کتاب المعيشة،‌ح3.

(2) من لا يحضره الفقيه، ج3، ص223، باب البیوع من کتاب المعيشة، ح3828.

(3) تهذيب الأحکام،‌ ج7، ص122، الباب9 من کتاب التجارات، ح4.

430

الرواية] أنّ السائل اعتقد عدم جواز البيع من غير علم بمقدار المثمن، والإمام لم يردعه عن هذا الاعتقاد، ولم ينبّهه على أنّ العلم بمقدار المبيع غير لازم، بل قد قرّره على ذلك وأجاب عن المسألة بقوله: «لا بأس به»، فمنه يستفاد أنّ العلم بمقدار المثمن لازم في صحّة المعاملة، وإلّا لردعه الإمام عليه السلام ونبّهه على عدم الاشتراط، وهذا وإن كان وارداً في خصوص المعدود والمثمن ولكنّه يتعدّى منه إلى جميع البيوع والثمن، للقطع بعدم الفرق»(1)، فكما أنّ بيع الجوز جزافاً غير صحيح كذلك شراءه بالثمن الجزاف كشرائه بما في الكيس من المال غير معلوم المقدار مثلاً غير صحيح.

وهناك رواية أُخرى تامّة السند قد يستدلّ بها على عدم اشتراط معلومية مقدار الثمن، وهي صحيحة رفاعة النخّاس قال: «قلت لأبي عبدالله(عليه السلام): ساومت رجلاً بجارية فباعنيها بحكمي فقبضتها منه على ذلك ثم بعثت إليه بألف درهم فقلت: هذه ألف درهم حكمي عليك أن تقبلها، فأبى أن يقبلها منّي وقد كنت مسستها قبل أن أبعث عليه بالثمن؟ فقال: أرى أن تقوّم الجارية قيمة عادلة، فإن كان قيمتها أكثر ممّا بعثت إليه كان عليك أن تردّ عليه ما نقص من القيمة، وإن كان ثمنها أقلّ ممّا بعثت عليه فهو له. قلت: جعلت فداك إن وجدت بها عيباً بعد ما مسستها؟ قال: ليس لك أن تردّها، ولك أن تأخذ قيمة ما بين الصحّة والعيب منه»(2).

ودلالتها على صحّة البيع واضحة مع أنّ الثمن لم يكن معلوم المقدار؛ إذ لم يكن يعرف بماذا سيحكم رفاعة النخّاس.

إلّا أنّ الشيخ الأنصاري رحمه الله ناقش في دلالة الرواية على صحّة البيع وقال رحمه الله: «فلا يتوهّم جواز التمسّك بها لصحّة هذا البيع؛ إذ لو كان صحيحاً لم يكن معنى لوجوب قيمة مثلها بعد تحقّق البيع بثمن خاص»(3).


(1) موسوعة الإمام الخوئي، ج37، ص364.

(2) وسائل الشيعة، ج17، ص364، الباب18 من أبواب عقد البيع وشروطه، الحديث الوحيد في الباب.

(3) کتاب المكاسب، ج4، ص208.

431

نعم، أفاد رحمه الله: أنّ ظاهر الرواية ينافي فساد البيع أيضاً، فلابدّ من تأويلها، ولا يمكن الأخذ بها(1).

أقول: لو أمكن توجيه صحيحة رفاعة توجيهاً عرفيّاً بما لا ينافي ما تقدّم من بطلان البيع بثمن جزافي أو قل: بثمن غير معلوم المقدار فبها ونعمت، وإلّا تعيّن طرحها؛ للشهرة العظيمة المتآخمة للإجماع _ التي قلّ مثلها في الفقه _ علی البطلان، أو للإجماع حقيقة.

ولا أُسمّي ذلك بإعراض الأصحاب عن سند الحديث حتّى يقال: لم نعلم كون ذلك إعراضاً عن السند، فلعلّهم وجّهوه بتوجيه دلاليّ أو أشكلوا فيه بمثل إشكال الشيخ الأنصاري، بل أقول: إنّ شهرة عظيمة من هذا النمط _ رغم أنّ هذا الحديث كان بمرأى ومسمع من الأصحاب؛ إذ رواه مشايخنا الثلاثة في التهذيب والكافي والفقيه بأسانيدهم الصحيحة، فلم يكن مخفيّاً عليهم، ومع ذلك لم يفتوا به _ توجب الريب عندنا في هذا الحديث وسلب الوثوق عنه إلى حدّ يسقطه عن الاعتبار، فإن شئت فسمّ هذا بإعراض الأصحاب عنه، وإن شئت لم تسمّه بذلك.

والخلاصة: أنّ قيام قرينة قوية ضدّ خبر واحد يسقطه عن الحجّية على ما نقّحناه في علم الأُصول.

وللسيّد الخوئي رحمه الله تفسير غريب لحديث رفاعة النخّاس، فقد قال في التنقيح: «الصحيح أن يقال: إنّ الرواية لا تحتاج إلى التأويل، وإنّها ناظرة إلى ما هو المتعارف بين أهل السوق سيّما الحمّالين، حيث إنّ الحمّال يأخذ الحمل ليوصله إلى محلّه فتسأله عن أُجرته وأنّها أيّ مقدار فيقول: کيفك وأيّ مقدار تريده، والقرائن الحالية قائمة على أنّه لا يريد الأقلّ من القيمة السوقية، وإنّما يخيّره بين دفع أُجرة المثل والزيادة، وهو بهذا اللفظ يجعل الأُجرة أو الثمن كلّياً يتحقّق بكلّ واحد من الزيادة والقيمة السوقية، وقد ذكرنا في الصحيح والأعمّ: أنّ بعض الألفاظ يوضع للكلّي


(1) المصدر السابق.

432

الجامع بين القليل والكثير ومثّلنا له بالكلمة؛ لأنّها وضعت لما يشتمل على حرفين فصاعداً، وعلیه فيكون (الأخ) كلمة و(أحمد) أيضاً كلمة، لا أنّ الأُولى أنقص والثانية أزيد أو كلمة مع الزيادة، بل كلّها كلمة بلا زيادة ولا نقيصة، وكذا لفظ (الدار) فإنّها وضعت لساحة مشتملة على أربعة حيطان مع الغرفة، فإنّها إذا اشتملت على سرداب وغرفتين أيضاً دارٌ، لا أنّها دار وزيادة.

وكيف كان فلا مانع من أن يجعل الثمن أمراً كلّيّاً وجامعاً بين الزائد وثمن المثل، فإذا كان ما دفعه موافقاً للقيمة المتعارفة فقد أدّى الثمن، وإذا كان أكثر منها فقد دفعه أيضاً، وليس له أخذ الزيادة؛ لأنّه بدفعه الزائد أوجد الكلّي بذلك الفرد، كما أنّه إذا كان أنقص يجب عليه أن يتمّ نقصه؛ لقيام القرائن على عدم توكيله في دفع الناقص عن ثمن المثل... وكيف كان فلا ينبغي الإشكال في صحّة الرواية وأنّه لا مانع من جهالة مقدار الثمن؛ إذ لا غرر فيها فيما إذا باعه بالقيمة السوقية، وهي معروفة بين أهل السوق...»(1).

أقول: أمّا قول الحمّال حينما يأخذ الحمل ليوصله إلى محلّه وتعيينه الأُجرة بقوله: «أيّ مقدار تريده» مع دلالة القرائن الحالية على أنّه لا يريد الأقلّ من القيمة السوقية فهو في مفهومه العرفي تأجير لنفسه بالقيمة السوقية مع توقّعه الزيادة التفضّلية عليه من قبل المستأجر، لا أنّه تأجير لنفسه بالكلّي الجامع بين قيمة المثل والأكثر من قيمة المثل.

وأمّا حديث أنّ الدار اسم للمكان الواقع بين الجدران الأربعة مع الغرفة وأنّه إذا اشتمل على سرداب وغرف أُخر لم يصبح داراً وزيادة بل هي أيضاً دار، وكذلك الكلمة فلو اشتملت على أكثر من حرفين لم تصبح كلمة وزيادة بل هي أيضاً كلمة، فهذا لا يخرج تعامل رفاعة النخّاس وصاحب الجارية عن كونه تعاملاً بثمن جزاف تماماً من قبيل التعامل بين متاع وثمن موجود في الكيس الفلاني مع جهالة مقدار ما في الكيس.


(1) موسوعة الإمام الخوئي(رحمه الله)، ج37، ص362 _ 363.

433

ولا أدري ما الذي ألهى السيّد الخوئي رحمه الله عن واقع المطلب بالتسمية التي نقّح هو(قدس سره) في بحث الصحيح والأعمّ إمكانية كونها اسماً للأعمّ الجامع بين الزائد والناقص.

فرع:

ولا يفوتني أن أُشير في نهاية البحث إلى فرع، وهو أنّه لو باع أحد لفّة من القماش مثلاً بسعر المقابلة بين كلّ ذراع بدرهم مثلاً في حين أنّهما لا يعرفان أنّ هذه اللّفة هل هي مشتملة على خمسين ذراعاً مثلاً أو على ستّين ولكنّهما اعتمدا على أنّهما سيذرعان اللّفة فيتعيّن الذراع ومقدار الثمن، فهل هذا البيع يعتبر باطلاً؛ لأنّه في حين البيع لم يكن مقدار المبيع ولا مقدار الثمن مشخّصاً؟ وكذلك لو باع أحد أرضاً تردّد أمرها بين خمسين كيلومتراً أو ستّين بسِعر المقابلة بين كلّ كيلومتر ودينار معتمدين على أنّهما سیُمتران الأرض ويتحدّد مقدار المبيع ومقدار الثمن، فهل هذا البيع يعتبر باطلاً؛ لأنّه وقع في حين لم يكن مقدار المبيع ولا مقدار الثمن محدّداً؟... وكذلك أمثلة أُخرى من هذا النمط؟

والجواب: أنّ دليل البطلان لم يكن له إطلاق لغير فرض الجزاف في المبيع أو في الثمن، وهذه المقابلة بين عدد الأمتار أو الأذرع وعدد الدراهم أو الدنانير قد أنهت الجزاف، فهذا ليس من قبيل بيع متاع بمال موجود في هذا الكيس غير محدّد المقدار، ولا دليل على بطلانه، فتشمله إطلاقات الصحّة.

435

الشرط الخامس: معلومية المثمن

قد جُعل من شروط العوضين: العلم بقدر المثمن.

وقد أفاد الشيخ الأنصاري رحمه الله: «العلم بقدر المثمن كالثمن شرط بإجماع علمائنا كما عن التذكرة، وعن الغنية: العقد على المجهول باطل بلا خلاف، وعن الخلاف ما يباع كيلاً فلا يصحّ بيعه جزافاً وإن شوهد إجماعاً، وفي السرائر ما يباع وزناً فلا يباع كيلاً بلا خلاف.

والأصل في ذلك ما تقدّم من النبوي المشهور، وفي خصوص الكيل والوزن خصوص الأخبار المعتبرة...»(1).

أقول: إنّ روايات الكيل والوزن قد يورد عليها باختصاصها بالمكيل والموزون.

ولكن هناك رواية غير مختصّة بالمكيل والموزون، وهي ما مضى منّا ذكرها في المسألة السابقة من صحيحة الحلبي أو صحيحة هشام بن سالم وابن مسكان عن أبي عبدالله(عليه السلام): «أنّه سئل عن الجوز لا نستطيع أن نعدّه فيكال بمكيال ثم يعدّ ما فيه ثم يكال ما بقي على حساب ذلك العدد؟ قال: لا بأس به»(2).


(1) کتاب المكاسب، ج4، ص210.

(2) وسائل الشيعة، ج17، ص348، الباب7 من أبواب عقد البيع وشروطه، الحديث الوحيد في الباب.

436

والسيّد الخوئي رحمه الله استفاد من هذا الحديث شرط معلومية مقدار المثمن، وتعدّى من ذلك إلى جانب الثمن(1). وهذا ينافي ما جزم به في المسألة السابقة حيث قال: «لا مانع من جهالة مقدار الثمن»(2).

أمّا شرط معلومية الكيل والوزن في المكيل والموزون فلا إشكال فيه للنصوص من قبيل:

1_ صحيحة الحلبي عن أبي عبدالله عليه السلام أنّه قال: «في رجل اشترى طعاماً عدلاً(3) بكيل معلوم، وأنّ صاحبه قال للمشتري: ابتع منّي هذا العدل الآخر بغير كيل فإنّ فيه مثل ما في الآخر الذي ابتعت، قال: لا يصلح إلّا بكيل، وقال: وما كان من طعام سمّيت كيلاً فإنّه لا يصلح مجازفة، هذا ممّا يكره من بيع الطعام»(4).

وقوله: «ابتع منّي هذا العدل الآخر بغير كيل» ظاهر في أنّ البائع لم يكن قد كال العدلين، وإنّما قال: «فإنّ فيه مثل ما في الآخر» إنّما يعني حدسه بأنّ العدلين متساويان، فهذا الحديث لا تنافيه روايات جواز اعتماد المشتري على كيل البائع كعدد من روايات الباب من عقد البيع وشروطه من الوسائل(5).

2_ صحيحة الحلبي أيضاً عن أبي عبدالله عليه السلام قال: «ما كان من طعام سمّيت فيه كيلاً فلا يصلح بيعه مجازفة، وهذا ممّا يكره من بيع الطعام»(6).

3_ صحيحة الحلبي أيضاً قال: «قال أبو عبدالله(عليه السلام): ما كان من طعام سمّيت


(1) موسوعة الإمام الخوئي(رحمه الله)، ج37، ص364.

(2) المصدر السابق، ص363.

(3) العِدْل: أحد جانبي الخرج. انظر: الصحاح،‌ ج5، ص2075.

العِدلان: حملا الدابّة، سمّيا بذلك لتساويهما. معجم مقاييس اللغة، ج4، ص246.

(4) وسائل الشيعة، ج17، ص342، الباب4 من أبواب عقد البيع وشروطه، ح2.

(5) المصدر السابق، ص344 _ 346، الباب5 من أبواب عقد البيع وشروطه

(6) المصدر السابق، ص341، الباب4 من أبواب عقد البيع وشروطه ، ح1.

437

فيه كيلاً فلا يصلح مجازفة»(1).

ويحتمل اتّحاد الصحيحتين الأخيرتين.

4_ نفس ما أشرنا إليه من روايات جواز الاعتماد على كيل البائع، فإنّها تدلّ على اشتراط الكيل، ولكنّها أجازت الاكتفاء بكيل البائع والاعتماد عليه(2).

ثم إنّني لا أفهم نكتة في الفرق بين ما مضى من صحيحة الحلبي(3) الدالّة على اشتراط العدّ في الجوز أو ما يحلّ محلّه من الكيل بمكيال وعدّ ما فيه ثم كيل الباقي بنفس المكيال على حساب ذلك العدد وبين روايات الكيل والوزن، فلو كان المفهوم من رواية عدّ المعدود شرط معلومية العوض والمعوّض بالطريقة المعهودة لدى العرف من دون فرق بين المعدود وغير المعدود فليكن الأمر في روايات الكيل والوزن أيضاً كذلك.

فما أورده السيّد الخوئي رحمه الله في التنقيح على الاستدلال بروايات الكيل والوزن من «أنّ الكلام في مطلق البيع لا في خصوص بيع المكيل والموزون»(4) ليس في محلّه.

وقد نقض رحمه الله هذا الكلام بعد عدّة صفحات من الكتاب في بيان شرط الذرع في المذروع حيث قال: «وأمّا المذروع فلم ترد فيه رواية، ولم يُمنع عن بيعه جزافاً، اللهمّ إلّا أن يستفاد من الأخبار الواردة في المكيل والموزون والمعدود أنّ نظر الشارع من اعتبار الكيل وأخواته إلى حفظ النظام وعدم اختلال الأوضاع، وعليه فلابدّ من اعتبار الذرع في المذروع لأجل ما ذكر أو الكيل أو الوزن الموصل إلى الذرع ولا يجوز بيعه جزافاً، واستفادة هذه من الرواية ممّا يوافق الإنصاف»(5) فقوله: «واستفادة هذه


(1) المصدر السابق، ص342، ح3.

(2) راجع المصدر السابق، ص344 _ 346، عدداً من روايات الباب5 من أبواب عقد البيع وشروطه.

(3) المصدر السابق، ص348، الباب7 من أبواب عقد البيع وشروطه.

(4) موسوعة الإمام الخوئي(رحمه الله)، ج37، ص363.

(5) المصدر السابق، ص371

438

من الرواية ممّا يوافق الإنصاف» يناقض الكلام السابق، إلّا إذا حملنا هذه العبارة على كون عمدة نظره إلى رواية عدّ الجوز.

وأيضاً أقول هنا بما قلته فيما سبق في مسألة بيع طاقة من القماش بسِعر المقابلة بين كلّ ذراع ودرهم مع تأخير ذرع القماش فأقول هنا أيضاً: إنّه يكفي في الوفاء بشرط الكيل والوزن أن يتبايعا حِملاً مثلاً بالتوافق على أنّ كلّ كيل يقابل بدرهم معتمدَينِ على أنّهما سيكيلانه بعد أيّام، ولا نحكم ببطلان هذا البيع فعلاً لعدم تمامية الكيل، ولا نفهم بفهمنا العرفي من شرط الكيل عدا شرط عدم المجازفة في الكيل.

فروع ثلاثة:

ثم إنّ الشيخ الأنصاري رحمه الله وكذلك السيّد الخوئي(قدس سره) طرحا في المقام فروعاً ثلاثة:

الأوّل: لو باع مقداراً من الطعام بما يقابله في الميزان من غير اختلاف بينهما في القيمة واكتفيا بهذا التساوي في الكيل الواقعي والقيمة فهل يصحّ ذلك أو يبطل لعدم إجراء الكيل أو الوزن.

والثاني: لو تبايعا على مقدار من المكيل والموزون من دون كيل أو وزن اعتماداً على حدسهما القوي جدّاً بمجرّد المشاهدة بحيث أنّهما لا يخطئان إلّا خطأً قليلاً يتسامح فيه عرفاً، فهل يصحّ ذلك أو يبطل بحجّة أنّه لم يتمّ الكيل أو الوزن؟

والثالث: لو كان مقدار المبيع من المكيل والموزون قليلاً جدّاً بحيث لا يهتمّ عرفاً بكيله أو وزنه لقلّته، كما لو دفع فلساً وأراد به دهناً لحاجة أو باع حبّتين أو ثلاثة من الحنطة، أو كان مقدار المبيع كثيراً جدّاً بحيث لم يتعارف وزن الميزان لمثله، كما لو أراد بيع زبرة الحديد الكبيرة ممّا كان يتعارف في مثله التراضي والتخمين لا الوزن فهل يصحّ هذا البيع أو يبطل لعدم الوزن؟(1)


(1) راجع کتاب المكاسب، ج4، ص214 _ 215؛ موسوعة الإمام الخوئي(رحمه الله)، ج37، ص366 _ 370.

439

أقول: إنّه في زماننا هذا وإن كان الوزن قد اتّسعت دائرته بحيث لا صعوبة في وزن زبر الحديد مهما كانت كبيرة، ولكن مع ذلك توجد زبر الحديد التي تستعمل في الأبنية والسقوف ممّا لا يتقيّد فيها بالوزن، ويتعارف فيها البيع بالعدّ.

وعلى كلّ حال فنحن نكتفي هنا بذكر قسم من كلام السيّد الخوئي رحمه الله في التنقيح. ومن أراد تفاصيل كلام العلمين في المقام فليراجع الكتابين اللذين أشرنا إليهما.

وما أردنا نقله من كلام السيّد الخوئي رحمه الله ما يلي:

إنّ الفرع الأوّل لابدّ من أن يحكم فيه بالبطلان، وذلك بسبب ترك الكيل والوزن فيما يشترط فيه الكيل والوزن.

وأمّا الفرع الثاني فالحكم فيه هو الصحّة؛ وذلك للعلم بمقدار الكيل أو الوزن ولو بالحدس القوي الصائب، ولم يكن المقصود بالكيل والوزن إلّا أن يكونا طريقين لمعرفة الكيل والوزن.

وأمّا الفرع الثالث فهو أيضاً محكوم بالصحّة؛ لأنّ المبيع خرج بقلّته أو كثرته عن كونه مكيلاً أو موزوناً، فخرج عن موضوع الحكم باشتراط الكيل والوزن(1).

أقول: أمّا الفرع الأوّل: وهو ما لو باع مقداراً من الطعام بما يقابله في الميزان من غير اختلاف بينهما في القيمة واكتفيا بهذا التساوي في الكيل والوزن والقيمة فهل يصحّ ذلك أو يبطل؟ فما ذكره السيّد الخوئي رحمه الله من الحكم فيه بالبطلان تام سواء بنينا على أنّ شرط الكيل والوزن في المكيل والموزون حكم مستقلّ لا علاقة له ببطلان بيع الجزاف في كلّ شيء، أو قلنا: إنّ نفس أدلّة شرط الكيل والوزن في المكيل والموزون دليل على بطلان بيع الجزاف في كلّ شيء وأنّه يجب أن يقدّر كلّ مبيع بتقديره العرفي في فهم الكمّية، فإنّه على أيّ حال قد فقد في المقام الكيل والوزن ولزم الجزاف.


(1) موسوعة الإمام الخوئي(رحمه الله)، ج37، ص368 _ 369.

440

وأمّا الفرع الثاني: وهو ما لو عيّنّا مقدار الكيل أو الوزن بالحدس القوي الصائب بمجرّد المشاهدة فما حكم به السيّد الخوئي رحمه الله في ذلك من الحكم بصحّة البيع واضح لا غبار عليه حتّى ولو فرضنا أنّ الأمر بالكيل والوزن ليس هو دليلنا على بطلان بيع الجزاف مطلقاً، وإنّما هو دليل على شرط الكيل والوزن في خصوص المكيل والموزون؛ وذلك لوضوح ما أفاده رحمه الله من أنّ الكيل أو الوزن كان طريقاً إلى معرفة الكيل أو الوزن وقد عرف ذلك بالمشاهدة بالحدس الصائب.

وأمّا الفرع الثالث: وهو ما لو كانت قلّة المبيع أو كثرته إلى حدّ أخرجته من كونه مكيلاً أو موزوناً فمن الواضح أيضاً صحّة ما أفاده السيّد الخوئي رحمه الله من الحكم بصحّة البيع سواء فهمنا من روايات شرط الكيل والوزن شرط عدم الجزاف في المقدار في كلّ بيع، أو جعلنا الأمر بالكيل والوزن أمراً مستقلّاً بالكيل والوزن؛ إذ على الأوّل يرتفع الجزاف في المقام بطريقة أُخرى غير الكيل والوزن. وعلى الثاني ليس المورد داخلاً في المكيل والموزون حتّى يشمله الأمر بالكيل والوزن.

وممّا يشهد لكون الموزون لو خرج عن كونه موزوناً تغيّر حكم وجوب معرفة وزنه إلى كفاية تقديره بتقدير عرفي آخر متناسب له أنّ الذهب والفضّة لا إشكال في أنّهما في أصلهما من الموزونات مع أنّه من مسلّمات الفقه نصّاً وفتوى أنّ الدينار والدرهم كان يتعامل معهما في زمن النصوص معاملة المعدود.

هذا، ولا ينبغي الإشكال في أنّ المقياس في التقدير بالكيل أو الوزن أو العدّ أو ما شابه ذلك يتبع في كلّ زمان أو مكان ذلك الزمان وذلك المكان.

وكذلك لا ينبغي الإشكال في أنّه يكفي في تقدير مقدار المبيع المشاهدة حينما تكون العادة العرفية قائمة على ذلك، كما هو الحال عندنا في بيع البيوت وشرائها، فإنّه لا يرون ضرورة تقدير مساحة البيت مثلاً بالأمتار.