المولفات

المؤلفات > البيع

424

ولم يقيّده بالبيع، فيشمل الصلح أيضاً لا محالة»(1).

وأُخرى يقال بأنّ النهي يختصّ بالمبادلة الواقعة على المالين، ولا يشمل الصلح


المنابذة يقال: إنّها أن يقول لصاحبه: انبذ إليّ الثوب أو غيره من المتاع أو أنبذه إليك وقد وجب البيع بكذا، ويقال: إنّما هو أن يقول الرجل: إذا نبذت الحصاة فقد وجب البيع، وهو معنى قوله: إنّه نهى عن بيع الحصاة. والملامسة أن يقول: إذا لمست ثوبي أو لمست ثوبك فقد وجب البيع بكذا، ويقال: بل هو أن يلمس المتاع من وراء الثوب ولا ينظر إليه فيقع البيع على ذلك. وهذه بيوع كان أهل الجاهلية يتبايعونها فنهى رسول الله(صل الله عليه وآله) عنها؛ لأنّها غرر كلّها».

ومن الواضح من اللحن أنّ العبارة من قوله: «المنابذة يقال... إلى آخر ما أوردناه ليس جزءاً من الرواية. على أنّه لو كان قوله: «لأنّها غرر كلّها» جزءاً من الرواية لم يعلم أنّ المقصود بذلك النهي عن الغرر في كلّ المعاملات؛ لأنّ الضمير في قوله: «لأنّها غرر كلّها» راجع إلى تلك البيوع، فالمعنى: أنّ تلك البيوع غرر كلّها. فإنّما دلّت على النهي عن البيوع الغررية، وليس هذا من قبيل «لأنّه حامض» المفروض أنّه جيء به لأجل تبديل الموضوع من الرمّان إلى الحموضة. ففرق كبير بين أن يقول: «لا تأكل الرمّان؛ لأنّه حامض» أو يقول: «لا تأكل هذا الرمّان؛ لأنّه حامض» ففي الأوّل جيء بالتعليل لتبديل الموضوع من الرمّان إلى الحموضة، ولكن في الثاني جيء بالتعليل لتبديل الموضوع من هذا الرمّان إلى الرمّان الحامض فلا يتعدّى منه إلى غير الرمّان من الحوامض ويحتمل كون العلّة حموضة الرمّان.

وكذلك الحال في جزء آخر من هذه الرواية وهو ما رواه صاحب الوسائل، ج17، ص352، الباب10 من أبواب عقد البيع وشروطه، ح2، من أنّ النبي(صل الله عليه وآله) «نهى عن المجر، وهو أن يباع البعير أو غيره بما في بطن الناقة، ونهى(صل الله عليه وآله) عن الملاقيح والمضامين، فالملاقيح ما في البطون وهي الأجنّة، والمضامين ما في أصلاب الفحول، وكانوا يبيعون الجنين في بطن الناقة وما يضرب الفحل في عامه وفي أعوام، ونهی(صل الله عليه وآله) عن بيع حبل الحَبَلة، ومعناه ولد ذلك الجنين الذي في بطن الناقة أو هو نتاج النتاج وذلك غرر».

فأنت ترى أنّ هذا الكلام ظاهر في نسج من الرواية وتفسير الرواية. ولو كان قوله: «وذلك غرر» جزء من الرواية فليس من قبيل «لا تأكل الرمّان؛ لأنّه حامض» المسوق لنقل موضوع الحكم من الرمّان إلى الحموضة، وإنّما معناه أنّ هذه البيوع غرر، فيحتمل اختصاص الحرمة بالبيع الغرري.

نعم، يمكن أن يقال بالتعدّي العرفي من أصل النهي عن بيع الغرر إلى كلّ معاملة غررية، وهذا مطلب آخر سوف يأتي إن شاء الله نقله عن السيّد الخوئي(رحمه الله).

(1) راجع موسوعة الإمام الخوئي(رحمه الله)، ج37، ص350.