96

الوجه الثالث: ما ورد بشأن من نسي الذبح في منى حتّى زار البيت، وهو صحيحة معاوية بن عمّار عن أبي عبدالله(علیه السلام)«في رجل نسي أن يذبح بمنى حتّى زار البيت، فاشترى بمكّة ثم ذبح؟ قال: لا بأس؛ قد أجزأ عنه»(1).

ومن الواضح أنّ الشراء بمكّة لا خصوصية له حتّى يركّز السائل عليه، فيبدو أنّ مقصود السائل هو أنّه حينما نسي في اليوم العاشر الذبح بمنى حتّى زار البيت اشترى بمكّة وذبح فيها حفاظاً على وقوع الذبح في اليوم العاشر، فقال(علیه السلام): «قد أجزأ عنه»؛ فلئن كان حكم النسيان هذا يتعدّى العرف إلى فرض العجز بلا إشكال.

الوجه الرابع: قوله تعالى: ﴿لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾(2).

وتوضيح الاستدلال بهذه الآية المباركة: أنّنا لو كنّا والمعنى اللفظي البحت للآية لقلنا: إنّ محلّ الهدي هو فناء الكعبة؛ لأنّ الكعبة هي البيت العتيق، ولكن لا شكّ أنّ كلّ مكّة داخل في المقصود، كما ورد _ وسيأتي إن شاء الله _ في الحديث الصحيح: «إنّ مكّة كلّها منحر»(3)، وهذا التفسير للآية يكون بمناسبة أنّ البيت العتيق في مكّة.

ولولا نصوص وجوب الذبح بمنى لكنّا نقول بمقتضى هذه الآية: إنّ محلّ ذبح الهدي هو مكّة، كما أنّ تلك النصوص لا يمكن أن تؤدي إلى سلخ جملة ﴿مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ من معناها نهائياً، فمقتضى الجمع بين مفاد الآية المباركة وتلك النصوص: أن يكون المقصود مكّة بما حواليها إلى حدود منى، فيدخل منى في دائرة البيت العتيق بمعنى واسع. وعندئذٍ هل يتعامل مع الآية وتلك النصوص معاملة المطلق والمقيّد المعروفة في علم الأُصول؛ أي أنّ المقصود هو الذبح بمنى الذي يكون بمعنى واسع ذبحاً بالبيت العتيق ويكون في نفس الوقت ذبحاً بمنى، أو يكون التنصيص في الآية المباركة على حدّ البيت العتيق _ رغم دلالة تلك النصوص على الحدّ الثاني وهو منى _ دالّاً عرفاً على أنّ الحد الأوّل _ بما هو _ مطلوب وإن كان يجب مع الإمكان مراعاة كلا الحدّين؟

 


(1) وسائل الشيعة، ج14، ص156، الباب39 من أبواب الذبح، ح5، وص159، ح11.

(2) الحجّ: 33.

(3) وسائل الشيعة، ج14، ص88، الباب4 من أبواب الذبح، ح2.

97

ولولا نصوص وجوب الذبح بمنى لكنّا نقول بمقتضى هذه الآية: إنّ محلّ ذبح الهدي هو مكّة، كما أنّ تلك النصوص لا يمكن أن تؤدي إلى سلخ جملة ﴿مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ من معناها نهائياً، فمقتضى الجمع بين مفاد الآية المباركة وتلك النصوص: أن يكون المقصود مكّة بما حواليها إلى حدود منى، فيدخل منى في دائرة البيت العتيق بمعنى واسع. وعندئذٍ هل يتعامل مع الآية وتلك النصوص معاملة المطلق والمقيّد المعروفة في علم الأُصول؛ أي أنّ المقصود هو الذبح بمنى الذي يكون بمعنى واسع ذبحاً بالبيت العتيق ويكون في نفس الوقت ذبحاً بمنى، أو يكون التنصيص في الآية المباركة على حدّ البيت العتيق _ رغم دلالة تلك النصوص على الحدّ الثاني وهو منى _ دالّاً عرفاً على أنّ الحد الأوّل _ بما هو _ مطلوب وإن كان يجب مع الإمكان مراعاة كلا الحدّين؟

والوجه الرابع هذا متوقف على استظهار هذا الأمر الأخير؛ أي أنّ التنصيص في الآية على البيت العتيق يعطي ركنيّة لهذا الحدّ، فيفهم أنّه وإن كان يجب الأخذ بالحدّ الخاص وهو منى لدى الإمكان، ولكن لدى العجز عن الحدّ الخاص تبقى حدّيّة البيت العتيق ويجب الذبح بمكّة وما حواليها.

فلو قبلنا هذا الاستظهار فقد تمّ لنا هذا الوجه الرابع لإثبات المقصود، وهو أنّ الذبح لا يسقط بالعجز عن إيقاعه في منى، بل لابدّ من تحقّق الذبح ولو في مكّة.

ولو لم نقبل هذا الاستظهار فالآية الكريمة تفيدنا _ على أيّة حال _ فائدة أُخرى في المقام.

وتوضيح ذلك: أنّه بعد تسليم عدم سقوط الذبح لا إلى بدل _ وهو الصوم _ ولا من دون بدل، تبقى مسألة أُخرى هامّة أيضاً؛ وهي أنّه هل يجوز ذبح الهدي بعد العجز عن إيقاعه في منى في أيّ مكان شئنا، أو يجب اختيار مكّة أو ما حواليها للذبح؟

لا شكّ أنّ بعض الوجوه التي ذكرناها لنفي سقوط الذبح يثبت الثاني، وهو الوجه الرابع بالخصوص؛ فإنّه بعد حمل الآية وما ضمّ إليها للتقييد وهي أدلة تعيّن منى على تعدّد المطلوب، لو سقط المطلوب الثاني بالعجز، وهو الذبح في منى لم يسقط المطلوب الأوّل وهو كون محلّها البيت العتيق.

أمّا لو لم نقبل هذا الوجه لعدم استظهار تعدّد المطلوب، فإثبات خصوصية لمكّة أو ما حواليها بعد العجز عن الذبح بمنى بباقي الوجوه مشكل.

أمّا ما اختاره السيد الخوئي(رحمه الله) _ من أنّ دليل التقييد بمنى ليس له إطلاق لفرض العجز، فنرجع لدى العجز عن الذبح بمنى إلى إطلاقات أصل وجوب الهدي _ فالأمر واضح؛ فإنّ أصل وجوب الهدي لا يدل على ضرورة كون الذبح في مكّة أو ما حواليها.

98

ولهذا أفتى السيد الخوئي(رحمه الله) بأنّه لو حصل العجز عن الذبح بمنى ذبح في أيّ مكان شاء.

وأمّا دعوى الضرورة الفقهية، فثبوتها على أولويّة مكان دون مكان بعد فرض العجز عن الذبح بمنى غير واضح.

وأمّا روايات إخلاف الثمن عند بعض أهل مكّة، فلا تدل على عدم جواز الذبح في بلد الحاج مثلاً؛ لأنّه يحتمل _ على أساس تباعد الطرق وعدم توفر الوسائل الحديثة للنقل والسفر ݢݢݢوقتئذٍ _ أنّه إنّما أمر(علیه السلام)بإخلاف الثمن في مكّة؛ لأنّه لو لم يفعل ذلك لفاته الذبح في ذي الحجة على أساس ما لديه من طول السفر، فكان الحل المعقول هو أن يخلف الثمن عند أمين في مكّة.

وأمّا ذبح الناسي بمكّة بعد زيارة البيت، فمن الواضح أنّ فرض الذبح بمكّة كان من قبل السائل وأجابه الإمام(علیه السلام)بالإجزاء، وهذا لا يدل على وجوب الذبح بمكّة مثلاً، كما هو واضح.

وأمّا الوجه الرابع وهو الآية الشريفة: ﴿ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ فقد فرضنا عدم تماميته؛ لتقيّد الآية بأدلّة شرط الذبح في منى، وعدم استظهار تعدّد المطلوب ولو في خصوص فرض العجز.

وعليه فقد يقال: لو عجزنا عن الذبح بمنى كفى الذبح في أيّ مكان آخر.

ولكنّني أُريد أن أقول هنا: إنّ الآية الشريفة تكفي لإثبات أولويّة البيت العتيق للذبح.

وتوضيح ذلك: أنّنا وإن فرضنا أنّ الآية بعد تقييدها بالذبح بمنى لم تدل على المطلوبية المستقلة للذبح في البيت العتيق _ أي المطلوبية التي لا تسقط بالعجز عن الذبح في منى _ لكنّنا لو قبلنا بعض الوجوه الماضية لإثبات عدم سقوط الذبح بالعجز عن إيقاعه في منى غير الوجه الأخير _ وهو إثبات تعدّد المطلوب من نفس الآية _ فلا أقلّ من أنّ ذاك الوجه قد قيّد إطلاق المقيّد للآية بقيد الذبح في منى،

99

فإذا بطل إطلاق المقيّد لدى العجز بما كان مقيّداً له أُحيي مرّة أُخرى إطلاق الآية، وبذلك ثبت وجوب كون الهدي محله البيت العتيق.

نعم، أصل الوجه الرابع هذا مع ما شرحناه الآن _ من أنّه لا أقلّ من إثبات أولويّة البيت العتيق للذبح في حج التمتع من الأمكنة الأُخرى لدى العجز عن إيقاعه في منى _ متوقف على عدم احتمال الفرق بين هدي القران وهدي المتعة في هذا الحكم؛ لأنّ الآية المباركة واردة في فرض القران ولا إطلاق لفظي لها للمتعة؛ لأنّ الآية تقول:﴿لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾(1). ومن الواضح أنّ ثبوت منافع للحاجّ إلى أجل مسمّى إنّما يكون في من صحب الهدي معه.

وكان البعض يستشهد _ في هذه السنة الفائتة التي عيّنت الحكومة فيها وادي معيصم للذبح _ لترجيح مكّة على وادي معيصم بصحيحة معاوية بن عمار قال: «قلت لأبي عبدالله(علیه السلام): إنّ أهل مكّة أنكروا عليك أنّك ذبحت هديك في منزلك بمكّة، فقال: إنّ مكّة كلّها منحر»(2).

ولا إشكال في أنّ ما يدل عليه هذا الحديث من ذبح الإمام(علیه السلام)بمنزله في مكّة إنّما كان في العمرة لا في الحجّ، وإلّا لشاع وذاع نقل هذا العمل منه(علیه السلام)، الذي كان خلاف عمل المسلمين قاطبة في كلّ سنة، وقوله(علیه السلام): «إنّ مكّة كلّها منحر» كان في مقابل ما تخيّله بعض من أنّ المنحر في مكّة هو فناء الكعبة أو ما بين الصفا والمروة، باعتبار أنّ هذا كان هو المتعارف ولعله المستحب كما تشهد له صحيحة معاوية بن عمار قال: قال أبو عبدالله(علیه السلام): «من ساق هدياً... وهو معتمر نحر هديه في المنحر وهو بين الصفا والمروة؛ وهي بالحزورة»(3)، وموثقة إسحاق بن عمار: «أنّ عبّاد

 


(1) الحجّ: 33.

(2) وسائل الشيعة، ج14، ص88، الباب4 من أبواب الذبح، ح2.

(3) المصدر السابق، ص89، ح4.

100

البصري جاء إلى أبي عبدالله(علیه السلام)وقد دخل مكّة بعمرة مبتولة، وأهدى هدياً، فأمر به فنحر في منزله بمكّة، فقال له عبّاد: نحرت الهدي في منزلك وتركت أن تنحره بفناء الكعبة وأنت رجل يؤخذ منك؟! فقال له: ألم تعلم أنّ رسول الله(صلى الله عليه و آله) نحر هديه بمنى في المنحر وأمر الناس فنحروا في منازلهم وكان ذلك موسّعاً عليهم؟! فكذلك هو موسّع على من ينحر الهدي بمكّة في منزله إذا كان معتمراً»(1).

وحاصل مفاد جواب الإمام(علیه السلام)_ الذي أراد به تقريب المطلب إلى ذهن عبّاد البصري الذي هو من العامّة _ : أنّه كما أنّ في منى يوجد منحر لذبح هدي الحجّ وهو فناء مسجد الخيف وذبَح رسول الله(صلى الله عليه و آله) هديه في ذاك المنحر الخاص _ وإن كان منى كله منحراً _ وأمَر المسلمين فذبحوا في منازلهم، كذلك في مكّة رغم وجود منحر خاص فيها في العمرة، وهو فناء الكعبة أو ما بين الصفا والمروة؛ تكون مكّة كلّها منحراً، فكان من حقّي أن أذبح في منزلي كما ذبح المسلمون في منى في منازلهم.

ورغم كلّ هذا، تبقى صورة للاستدلال على أولويّة مكّة بقوله(علیه السلام): «إنّ مكّة كلّها منحر» وذلك بأن يقال: إنّ المورد لا يخصّص الوارد، فإطلاق هذه الجملة _ لولا علمنا باختصاص النحر في الحجّ بمنى لدى الإمكان _ يدل على أنّ مكّة كلّها منحر من دون فرق بين الحجّ والعمرة، لكن خرج من الإطلاق فرض إمكان الذبح بمنى في الحجّ وبقي تحته فرض العجز عن الذبح في منى.

إلّا أنّ هذا مضافاً إلى أنّه لا ينسجم مع ما شرحناه في علم الأُصول _ من عدم تمامية الإطلاق في المحمول في مثل قوله مثلاً: التمر نافع، فهذا لا يدل على ثبوت جميع أقسام النفع للتمر، ويكفي في صدق هذه الجملة بإطلاقها ثبوت نفع ما للتمر، ففي المقام أيضاً يكفي كون مكّة منحراً في العمرة _ لا يتم في المقام؛ لأنّ أصل اشتهار

 


(1) وسائل الشيعة، ج13، ص99، الباب52 من أبواب كفارات الصيد وتوابعها، ح1.

101

أنّ منى كان هو المنحر في الحجّ والذبح في مكّة كان مألوفاً في العمرة وأنّ عمل الإمام(علیه السلام)أيضاً كان في العمرة، يؤدّي إلى انصراف الكلام إلى العمرة.

وعليه فالأولى في إثبات أولويّة مكّة، أو هي وما حواليها للذبح لدى العجز عن الذبح في منى، سلوك الطريق الذي نحن سلكناه، وهو التمسك بالآية المباركة: ﴿لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾، فبعد سقوط قيد منى بالعجز يبقى إطلاق﴿مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ محكماً.

إلّا أنّ الاستدلال بهذه الآية يتوقف على استظهار أنّ المرجع للضمير في قوله: ﴿لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ﴾ وقوله: ﴿مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ هو الهدي، وذلك إمّا بإرجاع الضمير إلى ﴿بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ﴾ الوارد ذكرها في الآية 28، وقد يستبعد ذلك بالفاصل الموجود بين الآيتين، أو بإرجاعه إلى ﴿شَعَائِرَ الله﴾ الوارد ذكرها في الآية 32 ولا فاصل بين الآيتين، وعندئذٍ يتوقف استظهار المعنى المقصود على أنّ ﴿شَعَائِرِ اللّٰهِ﴾ في الآية مطبّقة على الهدي، كما قال الله تعالى في الآية 36: ﴿وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللّٰهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ﴾.

وتوضيح ذلك: أنّ أئمّة التفسير ذكروا في تفسير قوله تعالى: ﴿شَعَائِرِ اللّٰهِ﴾ احتمالات ثلاثة:

1_ أن يكون المقصود كلّ الشعائر الواردة في الدين الإسلامي.

2_ أو يكون المقصود فرائض الحجّ ونسكه.

3_ أو يكون المقصود الهدايا؛ لأنّها من معالم الحجّ.

قيل: والثالث أوفق؛ لظاهر ما بعده من قوله:﴿وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللّٰهِ﴾(1).

 

 


(1) تفسير كنز الدقائق، ج9، ص92.

102

أقول: ينبغي أن يحمل تفسير ﴿شَعَائِرِ اللّٰهِ﴾ بمعالم الحجّ أو الهدايا على معنى أنّ المصداق الذي قصد بالخصوص في الآية من باب تطبيق المطلق على مصداقه هو ذلك من دون أن يضرّ بإطلاق ﴿شَعَائِرِ اللّٰهِ﴾ وإلّا فتفسير المطلق بالمورد بمعنى استعماله في خصوص ذاك المصداق، خلاف الظاهر.

فإن قلنا: إنّ المصداق الملحوظ من ﴿شَعَائِرِ اللّٰهِ﴾ في الآية كمورد _ رغم الاعتراف بالإطلاق _ هو الهدايا التي هي من معالم الحجّ وإنّ الضمير راجع إلى هذا المصداق، فمعنى الآية _ والله العالم _ هو: ﴿لَكُمْ فِيهَا﴾ أي: في الهدايا ﴿مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾ أي: حين الذبح ﴿ُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ أي: منتهى أمرها هو الكعبة. وهذا هو التفسير الذي استظهرناه، وبه يثبت المطلوب.

ولكن في مقابل ذلك يوجد تفسيران آخران(1):

الأوّل: أنّ الضمير راجع إلى مطلق شعائر الله، فيكون معنى الآية: لكم في الشعائر الإسلامية عموماً منافع إلى أجل مسمّى؛ أي: نهاية الدنيا أو إلى الموت، وتلك الشعائر تنتهي إلى الله سبحانه الخالق للبيت العتيق. ولا أظنّ التمحّل في هذا التفسير خافياً عليك.

والثاني: أنّ الضمير راجع إلى مصداق من مصاديق شعائر الله، كما هو كذلك في التفسير المختار، إلّا أنّه يفترض أنّ المصداق هنا ليس هو خصوص الهدايا كما فسّرنا، بل مطلق فرائض الحجّ ونسكه، ويكون المعنى: لكم في فرائض الحجّ ونسكه منافع إلى أجل مسمّى وهو نهاية الحجّ أو نهاية الدنيا، ومحلّ تلك الأعمال إلى البيت العتيق؛ أي: أنّ نهايتها تقع في البيت العتيق.

وهذا التفسير وإن كان أهون تمحّلاً من التفسير الأوّل لكنّه أيضاً لا يخلو من تمحّل.

 


(1) نفسير نمونه، ج14، ص100.

103

ويؤيّد التفسير الذي اخترناه للآية المباركة التفسير الوارد عن أهل البيت(علیهم السلام)، وإنّما جعلنا ذلك مؤيداً لا دليلاً لما فيه من الضعف السندي.

ففي رواية الكليني(رحمه الله)(1) عن أبي الصباح الكناني عن أبي عبدالله(علیه السلام)، وكذلك رواية الصدوق(رحمه الله)(2) عن أبي بصير عن أبي عبدالله(علیه السلام)«في قول الله(وجل عز): ﴿لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾ قال: إن احتاج إلى ظهرها ركبها من غير أن يعنف عليها، وإن كان لها لبن حلبها حلاباً لا ينهكها».

وقد يستغرب فرض كون الضمير راجعاً إلى الهدي؛ لأنّ معنى الآية عندئذٍ سيكون: محلّ الهدي هو البيت العتيق، في حين أنّ محلّ الهدي في الحجّ هو منى، وتفسير كون محلّها البيت العتيق بمعنى قرب البيت العتيق الشامل لمنى، يفترض أنّه غريب.

ولعلّه يكفي لكسر الغرابة ذكر شبيه لذلك من الفقه، وهو أنّ الله(وجل عز) قال في كتابه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمَّداً فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ...﴾(3) فلئن شككنا في تفسير محلها البيت العتيق، هل يقصد به أنّ محلّ هدي الحجّ إلى البيت العتيق أو يقصد محلّ مطلق الشعائر أو أعمال الحجّ إلى البيت العتيق، فلا شك في قوله(وجل عز): ﴿هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ﴾ أنّ المقصود كفّارة الصيد وأنّ محلها الكعبة، مع أنّه لا إشكال نصّاً(4)وفتوىً في أنّ محلّ ذبح الكفّارة للصيد في إحرام الحجّ هو منى. نعم محلّ ذبحها للصيد في إحرام العمرة هو مكّة.

 


(1) الكافي، ج9، ص108، باب الهدي ينتج أو يحلب أو يركب من كتاب الحج، ح1.

(2) من لا يحضره الفقيه، ج2، ص504، باب نتاج البدنة وحلابها وركوبها من كتاب الحج، ح4. النص بكلا سندي الكليني والصدوق(رحمهما الله) موجود في وسائل الشيعة، ج4، ص117، الباب34 من أبواب الذبح، ح5.

(3) المائدة: 95.

(4) وسائل الشيعة، ج13، ص95 _ 96، الباب 49 من أبواب كفارات الصيد، ح1، 2، 3، 4.

104

وعلى أيّ حال، فلو لم يقبل _ بعد كلّ ما شرحناه _ هذا التفسير أو نوقش في الاستدلال بالآية بحجّ التمتّع بحجّة ورودها في القران وادّعي احتمال الفرق، لم يبقَ لدينا ما يدل على خصوصية لمكّة أو ما حواليها بعد فرض العجز عن الذبح بمنى، إلّا ما مضى من صحيحة حريز(1)ومعتبرة النضر بن قرواش(2)، الآمرتين بإيداع الثمن لدى بعض أهل مكّة لمن وجد الثمن ولم يجد الهدي.

وما مضى منّا من الاعتراض على ذلك، بإبداء احتمال أنّ الأمر بإيداع الثمن لدى بعض أهل مكّة لعلّه كان خوفاً من عدم التمكن من الذبح في بلد الحاج في ذي الحجّة لإمكان تأخّر الوصول إلى البلد بأسباب السفر آنئذٍ إلى أن ينسلخ ذو الحجة، قابلٌ للجواب بالتمسك بإطلاق الحديثين لأهل البلاد القريبة من مكّة كالمدينة التي لم يكن يستغرق الوصول إليها أكثر من أيّام.

أمّا لو لم نقبل كلّ هذا، فلا يبقى إلّا أن يقال _ بعد فرض العجز عن الذبح بمنى وكذلك فرض العجز عن الذبح بوادي محسّر _ بجواز الذبح في أيّ مكان آخر بعد ضرورة عدم سقوط أصل الهدي بلا بدل، ومع احتمال بدلية الصوم نجري البرائة عن احتمال تعين الصوم بعد اختصاص نصوص الصوم بمن لم يجد هدياً.

بقي الكلام في أُمور هامّة:

الأمر الأوّل: ذكر أُستاذنا الشهيد(رحمه الله) في الموجز في الحجّ: «وإذا ضاقت منى بالناس وتعذّر إنجاز الواجبات فيها، اتسعت رقعة منى شرعاً فشملت وادي محسّر...»(3).

أقول: إنّ مستنده(رحمه الله) لهذا الحكم هو موثقة سماعة، قال: «قلت لأبي عبدالله(علیه السلام): إذا

 


(1) وسائل الشيعة، ج14، ص176، الباب44 من أبواب الذبح، ح1.

(2) المصدر السابق، ص176، ح2.

(3) المجموعة الفقهية، ص267.

105

كثر الناس بمنى وضاقت عليهم كيف يصنعون؟ فقال: يرتفعون إلى وادي محسّر. قلتُ: فإذا كثروا بجمع وضاقت بالموقف كيف يصنعون؟ فقال: يرتفعون إلى المأزمين. قلتُ: فإذا كانوا بالموقف وكثروا وضاق عليهم كيف يصنعون؟ فقال: يرتفعون إلى الجبل»(1).

ومن المعلوم أنّه ليس المقصود بذلك أنّ من كان ضمن كثرة الناس منزله في داخل منى صدفة _ أي لم يكن من الذين ارتفعوا نتيجة ضيق المكان إلى وادي محسّر _ جاز له الذبح والحلق في وادي محسّر، بل إنّ هذا الحكم يختص بمن ارتفع سكناه نتيجة الضيق إلى وادي محسّر.

نعم، لا يبعد التعدّي العرفي من الضيق إلى أيّ عذر مانع من الأعمال في داخل منى، فلو أنّ الحكومة منعت عن الذبح في منى جاز الذبح في وادي محسّر، ولكنّه يرجع للحلق إلى منى.

وقد اتضح من جميع ما مضى أنّه عند منع الحكومة الذبح في منى تصل النوبة أوّلاً إلى الذبح في وادي محسّر، وثانياً إلى الذبح في مكّة وما حواليها.

الأمر الثاني: لو كان منع الحكومة خاصّاً ببعض أيّام التشريق مثلاً، فدار الأمر بين تأخير الذبح إلى أن ينتهي المنع أو تقديمه في اليوم العاشر مع ذبحه في وادي محسّر أو مكّة، فأيّهما أولى؟

وكذلك لو لم نؤمن بترجيح مكّة أو ما حواليها فدار الأمر بين تأخير الذبح لكي يقع في منى أو تقديمه في اليوم العاشر مع الذبح في أيّ مكان آخر، فأيّهما أولى؟

لا إشكال في أنّ موثقة سماعة التي مضت بشأن وادي محسّر قد دلّت على أنّ وادي محسّر قد أصبح لدى ضيق المكان بحكم منى، وبعد فرض التعدّي إلى العجز تكون النتيجة أنّ وادي محسّر في ساعة العجز محكومٌ بحكم منى، فلو تمّ منع الحكومة

 


(1) وسائل الشيعة، ج13، ص535، الباب 11 من أبواب إحرام الحجّ والوقوف بعرفة، ح4.

106

عن الذبح في منى في اليوم العاشر صحّ الذبح في وادي محسّر، فلا داعي للتأجيل إلى يوم آخر يرتفع فيه المنع.

وكذلك لو آمنّا بالاستدلال بصحيحة معاوية بن عمار ومعتبرة النضر بن قرواش الواردتين في من نسي الذبح حتّى زار البيت فذبحه في مكّة، فهذا أيضاً يدل _ بعد فرض التعدّي إلى العجز _ على أنّ العجز عن الذبح في منى في اليوم العاشر كافٍ للذبح في ذلك اليوم في مكّة، ولا حاجة إلى تأجيل الذبح إلى يوم يرتفع فيه العجز، فالاحتياط الوارد في التقيّد مع الإمكان بالذبح في اليوم العاشر يوجب في هذين الفرضين أولويّة تقديم الذبح.

ولكن بما أنّ السيد الخوئي(رحمه الله) لم يلتفت إلى شيء من هاتين الروايتين فقد أفتى بضرورة تأجيل الذبح إلى يوم يرتفع فيه المنع، وأنّه يحلّ بالحلق ويؤخّر الذبح إلى حين التمكّن ولو كان آخر أيّام التشريق، بل وحتّى آخر أيّام ذي الحجة(1).

والذي قد يقف أمام هذا الكلام أمران:

أحدهما: دعوى وجوب إيقاع الذبح في اليوم العاشر وأنّ استمرار أيّام الأُضحية إلى اليوم الثاني عشر أو الثالث عشر لا ينافي وجوب إيقاعه في اليوم العاشر؛ فإنّ هذا الاستمرار قد يكون بمعنى صحّة الذبح في باقي الأيّام للمعذور من الذبح في اليوم العاشر، أو قل: حتّى للعامد الذي عصى بالتأخير، وإذاً فقد دار الأمر لدى منع السلطة عن الذبح في منى في اليوم العاشر بين سقوط قيد منى فيذبحه في مكان آخر، وسقوط قيد اليوم فيؤجّله، فما الذي رجّح الثاني على الأوّل؟!

وثانيهما: دعوى أنّ الحلق يكون بعد الذبح، فلو أجّل الذبح كيف أفتى(رحمه الله) بالتحلل بالحلق قبل الذبح؟

 


(1) المعتمد، كتاب الحجّ، ج5، ص213.

107

فهاتان مشكلتان تتبادران إلى الذهن في فتوى السيد الخوئي(رحمه الله).

وفي مقابل المشكلة الأُولى _ وهي دعوى وجوب الذبح في اليوم العاشر _ قد يقال: لا دليل على وجوب الذبح في اليوم العاشر عدا ما دلّ على أنّ الحلق يكون موضعه بعد الذبح منضماً إلى القول بأنّ الحلق يجب أن يكون في اليوم العاشر، فإنّ الجمع بين الأمرين لا يكون إلّا بالذبح في اليوم العاشر، فلو سلّمنا الأمر الثاني _ أعني أنّ الحلق يجب أن يكون في اليوم العاشر _ تركّزت المشكلة الأُولى في أنّ الحلق موضعه بعد الذبح.

وبهذا البيان تصبح ركيزة كلتا المشكلتين في فتوى السيد الخوئي(رحمه الله) عبارة عن ضرورة كون الحلق بعد الذبح.

ومن هنا عالج السيد الخوئي(رحمه الله) كلتا المشكلتين بمنع الإطلاق في دليل وجوب تأخير الحلق عن الذبح، فإنّ الدليل على ذلك إنّما هو عبارة عن الخطابات التي كانت متوجهة إلى القادرين على الذبح الصحيح في اليوم العاشر والتي أمرتهم بالحلق بعد الذبح، من قبيل: صحيحة عمر بن يزيد: «إذا ذبحت أُضحيتك فاحلق رأسك...»(1)، وصحيحة سعيد الأعرج في النساء اللاتي يرمين العقبة بالليل: «ثم أفض بهنّ حتّى تأتي الجمرة العظمى فيرمين الجمرة، فإن لم يكن عليهنّ الذبح فليأخذن من شعورهنّ...»(2)، ومفهومها أنّه إن كان عليهنّ الذبح فليقصّرن بعد الذبح.

وكلا هذين النصين _ كما ترى _ لا إطلاق لهما لفرض العجز عن الذبح بمنى في اليوم العاشر.

 


(1) وسائل الشيعة، ج14، ص211، الباب الأول من أبواب الحلق والتقصير، ح1.

(2) المصدر السابق، ص53، الباب الأول من أبواب رمي جمرة العقبة، ح1، وص155، الباب 39 من أبواب الذبح، ح2.

108

وأيضاً قد يستدل على وجوب تأخير الحلق عن الذبح بصحيحة جميل بن درّاج(1)عن أبي عبدالله(علیه السلام)«إنّ رسول الله(صلى الله عليه و آله) أتاه أُناس يوم النحر، فقال بعضهم: يا رسول الله، إنّي حلقت قبل أن أذبح، وقال بعضهم: حلقت قبل أن أرمي، فلم يتركوا شيئاً كان ينبغي لهم أن يقدّموه إلّا أخّروه، ولا شيئاً كان ينبغي أن يؤخّروه إلّا قدّموه، فقال: لا حرج»(2). وهذا أيضاً _ كما ترى _ ليس له إطلاق لمحلّ البحث؛ فإنّه لم يكن في ذاته بصدد بيان الترتيب.

وعلى أيّة حال، فقد اتضح لنا من كلّ هذا البحث: أنّه لو أمكننا الذبح في وادي محسّر في اليوم الأوّل لم نحتج إلى سلوك هذا الطريق الطويل في الحديث، بل نقول: نفس العجز عن الذبح في منى في اليوم الأوّل يسوّغ لنا الذبح في نفس اليوم في وادي محسّر؛ بدليل موثقة سماعة(3)، ولو لم يمكن ذلك ولكن أمكننا الذبح في مكّة وما حواليها إلى مقدار نحتمل دخوله في عنوان «محله إلى البيت العتيق» بمعناه الواسع جاز لنا الذبح في مكّة وما حواليها في نفس اليوم الأوّل؛ بدليل صحيح معاوية بن عمّار الوارد بشأن الناسي.

أمّا لو لم يمكن هذا ولا ذاك، فعندئذٍ تصل النوبة إلى جواز التحلّل بالحلق في نفس اليوم الأوّل بالبيان الذي شرحناه في تفسير علاج السيد الخوئي(رحمه الله) للموقف في المقام.

وأمّا الذبح فنؤجله إلى يوم الإمكان من أيّام التشريق، والأحوط اختيار اليومين الأوّلين منه إن أمكن، وإذا انتهت أيّام التشريق فإلى آخر ذي الحجة. ولا يبعد اختصاص لزوم التقيّد بأيّام التشريق بخصوص فرض الذبح في منى، أمّا لو علمنا

 


(1) المعتمد، كتاب الحجّ، ج5، ص212 _ 213 و306 _ 307.

(2) وسائل الشيعة، ج14، ص 155، الباب 39 من أبواب الذبح، ح4.

(3) المصدر السابق، ج13، ص535، الباب 11 من أبواب إحرام الحجّ والوقوف بعرفة، ح4.

109

ببقاء المنع عن الذبح في منى ووادي محسّر إلى آخر أيّام التشريق فلا دليل على خصوصية لذلك بعد تلك الأيّام، فيكفي الذبح في مكّة، ولو لم يمكن الذبح في مكّة وحواليها أيضاً إلى آخر ذي الحجة أُجّل إلى السنة المقبلة، ولو فرض سلب الإمكان بلحاظ جميع السنين ذَبَح في أيّ مكان شاء، فلو تجدّد الإمكان في سنة مقبلة جدّد الذبح في تلك السنة.

الأمر الثالث: يُنسب إلى سماحة الشيخ ناصر مكارم القول بسقوط الذبح في تلك المنطقة في أيّامنا هذه والتي لا يمكن فيها إطعام الأضاحي لمستحقيها، والاحتياط يقتضي الذبح أيّام ذي الحجة في أيّ مكان آخر ولو كان نفس بلد الحاج، والأولى التفاهم بين الحاج ومتعلقيه على الذبح في نفس اليوم العاشر قبل بقية الأعمال، ولا نوجب ذلك؛ للزوم العسر والحرج على كثير من الحجّاج.

والمنقول عنه كدليل على هذه الفتوى _ في كتيّب باسم «الأُضحية في عصرنا» ومؤلّفه أحمد القدسي، بعنوان تقرير لبحث سماحة الشيخ ناصر مكارم _ وجوه أربعة:

الوجه الأوّل: أنّ ظاهر القرآن الكريم هو أنّ الذبح والإطعام واجبان ارتباطيان؛ أي أنّ شرط الهدي هو الإطعام، وليس الإطعام واجباً مستقلّاً بحيث لو سقط بالعجز بقي الواجب الأوّل وهو الهدي، قال الله تعالى:﴿وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ﴾(1). وقال(وجل عز): ﴿وَأَذَّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجَّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلَّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلَّ فَجًّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللّٰهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ﴾(2).

 


(1) الحجّ: 36.

(2) الحجّ: 27_ 28.

110

فإن قلت: ما الدليل على ارتباطية الذبح والإطعام ووحدة المطلوب، فلعلّ كلّ واحد منهما واجب مستقل؛ إذا سقط الثاني بالعجز لم يسقط الأوّل؟

قلنا: إنّ تعدّد المطلوب هو الذي يحتاج إلى قرينة، فإنّ الظاهر الأوّلي للأمر هو وحدة المطلوب، إضافة إلى أنّ القرينة هنا قائمة على وحدة المطلوب؛ وهي فاء التفريع.

فإن قلت: إنّ هذا يؤدّي إلى سقوط الذبح لا إلى جعله في البلد أو في أيّ مكان آخر، فإنّ المشروط يسقط بالعجز عن شرطه.

قلنا: هذا الكلام وارد بحسب صناعة الفقه، ولكن مقتضى الاحتياط هو الالتزام بالذبح في مكان آخر يمكن فيه الإطعام، خصوصاً بعد ملاحظة عدم إسقاط الشارع الأقدس الهدي في مورد من الموارد، وحتّى بالنسبة إلى من لم يجد ثمن الهدي لم يسقط عنه الهدي بلا بدل، بل أوجب عليه الصوم، وبالنسبة إلى المصدود أوجب عليه الذبح في محلّه وليس في منى(1)، وبالنسبة إلى من عطب هديه في الطريق في موضع لا يجد من يتصدّق به عليه ورد الأمر بنحره أو ذبحه في مكانه مع إرفاقه بكتاب يجعل عليه يتضمن أنّه هدي؛ ليعلم من يمرّ به أنّه صدقة ويأكل من لحمه إن أراد(2).

فإن قلت: دار الأمر بين رفع اليد عن قيد الذبح في منى فيذبحه الحاجّ في بلده مثلاً، ورفعِ اليد عن قيد الإطعام، فما هو الدليل على أولويّة رفع اليد عن قيد الذبح في منى؟!

قلنا: ليس القيدان على حدّ سواء؛ فإنّ قيد الإطعام في نظر العرف وأهل الشرع مقوّم للهدي، ويستبعد جدّاً أن تكون لمجرّد إراقة الدم موضوعية وإنّما هي مقدّمة الإطعام. ويشهد لذلك ما ورد عن رسول الله(صلى الله عليه و آله): «إنّما جعل الله هذا الأضحى لتشبع مساكينكم من اللحم، فأطعموهم»(3)، وهذا الحديث وإن رواه صاحب الوسائل في باب الأُضحية المستحبة لكلّ أحد، لكن مفاده عامّ يشمل هدي الحجّ الواجب.

 


(1) وسائل الشيعة، ج13، ص186، الباب 6 من أبواب الإحصار والصدّ.

(2) المصدر السابق، ج14، ص141، الباب 31 من أبواب الذبح.

111

مساكينكم من اللحم، فأطعموهم»(1)، وهذا الحديث وإن رواه صاحب الوسائل في باب الأُضحية المستحبة لكلّ أحد، لكن مفاده عامّ يشمل هدي الحجّ الواجب.

الوجه الثاني: أنّ عدم إمكانية الإطعام في منى في عصر النصوص يعتبر فرداً نادراً أو معدوماً، فهو غير مشمول للإطلاق، ولهذا نحن نستشكل في إطلاق مثل﴿أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾(2) للعقود المستحدثة كعقد التأمين، ولا نستطيع أن نفتي بصحتها إلّا من باب التعدي إن ثبت قطع العرف بإلغاء الخصوصية، وفي ما نحن فيه يكون احتمال الخصوصية لذبح يعقبه الإطعام في مقابل ذبح نعجز عن إطعامه واضحاً.

الوجه الثالث: أنّ مذابح اليوم خارجة عن منى، ولا دليل على وجوب ملاحظة الأقرب فالأقرب أو مكّة أو الحرم أو وادي محسّر، وأمّا موثقة سماعة: قلت لأبي عبدالله(علیه السلام): «إذا كثر الناس بمنى وضاقت عليهم كيف يصنعون؟ فقال: يرتفعون إلى وادي محسّر»(3)فلا علاقة لها بالذبح، وإنّما هي واردة بشأن الوقوف في منى لا مطلق ما يُؤتى به في منى، وقياس الأُضحية على الوقوف قياس مع الفارق؛ فإنّ الوقوف قائم بمنى نفسه ولا معنى للوقوف في غيره، فعند التعذر يرتفع الحاج _ بمقتضى هذه الرواية _ إلى وادي محسّر، وأين هذا من الأُضحية التي قد عرفت أنّها قد تتفق في غير منى أيضاً؟!

وعلى أيّة حال، فلا إشكال في أنّ الذبح في منى شرط في هدي الحجّ، فإن قلنا بأنّه شرط في ذلك على الإطلاق _ أي حتّى مع التعذر _ فالنتيجة سقوط الهدي

 


(1) المصدر السابق: ص 205، الباب 60 من أبواب الذبح، ح4، وهو مرسلة الصدوق. وص 206، ح10، عن الصادق(علیه السلام)عن آبائه(علیهم السلام) عن رسول الله(صلى الله عليه و آله)، وهو ضعيف بالنوفلي. وروى المرسلة أيضاً في المجلد نفسه، ص 167، الباب 4 من أبواب الذبح، ح22.

(2) المائدة: 1.

(3) وسائل الشيعة، ج13، ص535، الباب 11 من أبواب إحرام الحجّ والوقوف بعرفة، ح4.

112

نهائياً لدى العجز عن ذلك، وإن قلنا بأنّه شرط مخصوص بحال الاختيار، جاز الذبح لدى العجز عن ذلك في أي مكان.

ولو فرض التوسّع في مكان الذبح لمطلق مكّة، فإنّ هذا أيضاً متعذّر اليوم، فإن أمكن ذلك للنادر من الحاج فمن الواضح أنّ الجهات المسؤولة لا تسمح للعموم بذلك، فلا يمكن حلّ الإشكال عن طريق التوسع.

الوجه الرابع: حرمة الإسراف والتبذير؛ قال الله؟عز؟: ﴿وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ (1)و ﴿وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ﴾ (2)و ﴿إِنَّ اللّٰهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ﴾ (3) و ﴿وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ﴾ (4)و ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً﴾ (5)و ﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذَّرْ تَبْذِيراً * إِنَّ الْمُبَذَّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبَّهِ كَفُوراً﴾ (6).

وبعد فرض تسليم الإطلاق لدليل الأُضحية بالنسبة للمصاديق الفعلية ممّا يدفن أو يحرق، يجب أن نرى النسبة بين دليل وجوب الأُضحية ودليل حرمة الإسراف والتبذير:

فإن قلنا: إنّ النسبة بينهما نسبة التعارض بالعموم من وجه، قُدّم دليل حرمة الإسراف والتبذير بأقوائية الدلالة؛ فإنّ أُضحية كهذه المألوفة اليوم من أبرز مصاديق الإسراف والتبذير، في حين أنّها من أخفى مصاديق الأُضحية الواجبة؛ لما قلنا من أنّها كانت فرداً نادراً أو معدوماً في عصر النصوص.

 


(1) الأنعام: 141.

(2) غافر: 43.

(3) غافر: 28.

(4) الأنبياء: 9.

(5) الفرقان: 67.

(6) الإسراء: 26 _ 27.

113

ولو فرض التساوي في القوّة والتساقط رجعنا إلى البرائة من تعيين مكان معيّن للذبح.

وإن قلنا: إنّ النسبة بينهما نسبة التزاحم، فملاك الأُضحية موجود في المقام وملاك الإسراف أيضاً موجود في المقام، فلابدّ من تقديم أقوى الملاكين وهو ملاك الإسراف.

والإنصاف أنّ المقام داخل في التعارض لا التزاحم؛ لأنّ ملاك الأُضحية غير محرز أصلاً.

فإن قيل: إنّ ملاك الإسراف أيضاً غير محرز، فهذا يعني الشكّ في وجود أحد الملاكين إجمالاً، وهذا اعتراف بخروج المقام عن بحث التزاحم ودخوله في مسألة التعارض، فيعود الكلام السابق فيه.

هذه خلاصة بياناته المنقولة في تقرير بحثه.

ثم يذكر الجواب عن عدّة من الأسئلة وجّهت إلى سماحته، نختار منها هنا سؤالين:

الأوّل: أليس فتوى الذبح في غير محلّ الذبح في منى خلاف إجماع المسلمين؟!

الجواب: إنّ المسألة من المسائل المستحدثة التي برزت في القرن الأخير، وقد كانت لحوم الأضاحي تُصرف في السابق في مواردها، ولهذا السبب لا تجد رواية ولا فتوى واحدة في الكتب السالفة عن حكم إتلاف الأضاحي.

والثاني: لئن كان الذبح واجباً مقدّمياً والإطعام واجباً نفسياً لم يجب على الحجّاج ذبح الهدي أصلاً، بل يمكنهم شراء ما يعادل الذبيحة من اللحم من اللحّام وتوزيعه على المحتاجين.

الجواب: إنّ كلّاً من الذبح والصرف واجب، إلّا أنّ أحدهما مقدّمة للآخر كما في الوضوء والطواف، وكما أنّه لو أصبح الطواف غير ممكن لشخص سقط عنه الوضوء، كذلك في المقام لو أصبح الإطعام ممّا يذبح هناك غيرَ ممكن سقط وجوب الذبح هناك.

114

أقول: إنّ أغرب ما في هذا الحديث دليله الرابع على سقوط الذبح هناك، وهو دليل حرمة الإسراف والتبذير.

ونحن بدورنا نسأل: هل المقصود تسجيل إشكال الإسراف والتبذير على الحرق والدفن والإتلاف وترك الأضاحي إلى أن تجيف وما إلى ذلك ممّا هو إشكال على الحكومة؛ فهذا لا كلام فيه ولا علاقة له ببحثنا، أو المقصود تسجيل الإشكال على نفس الذبح؛ لأنّنا نعلم أنّه ينتهي إلى التلف من دون فائدة فيصبح الذبح إسرافاً وتبذيراً؟ والمفروض أن يكون هذا هو المقصود، فعندئذٍ نقول: إنّ النسبة بين دليل وجوب التضحية ودليل حرمة الإسراف والتبذير ليست هي التعارض ولا التزاحم _ وكأنّ مقصوده هو التزاحم الملاكي لا التزاحم المعروف عن مدرسة الشيخ النائيني(رحمه الله)_ بل النسبة هي الورود؛ فإنّنا لو افترضنا دليلاً على وجوب هذا الذبح ارتفع بذلك تكويناً موضوع الإسراف والتبذير، ولو افترضنا عدم تمامية الدليل على هذا الذبح لبعض الوجوه السابقة لم يكن هذا الوجه الرابع وجهاً مستقلّاً في مقابل تلك الوجوه.

نعم، لو أثبت أوّلاً عدم وجوب الذبح بأحد الوجوه الثلاثة الأُولى، فاشتهى أحدٌ الذبح هناك رغم عدم الوجوب وعدم الإجزاء، كان من الصحيح أن يقال له بحرمة هذا العمل بدليل كونه إسرافاً وتبذيراً.

وأمّا ما ذكره من الوجه الثالث؛ وهو أنّ الذبح في الوقت الحاضر لا يمكن أن يكون في منى، وعندئذٍ فلا دليل على خصوصية لمكان آخر فيجوز له الذبح ولو في بلده، فهذا ليس كلاماً مختصّاً به ولا راجعاً إلى الفتوى التي اشتهر بها وهي سقوط الذبح هناك؛ لعدم إمكان الإطعام، وهذا ما يقول به الكل من أنّه مع تعذّر الذبح هناك في أيّ دائرة قلنا بها للذبح _ من منى أو مكّة وما حواليها أو غير ذلك _ جاز الذبح في كلّ مكان.

نعم، قد يكون الخلاف معه في دائرة جواز الذبح هناك ولو لدى الضرورة؛ هل يجزئ مثلاً الذبح في مكّة أو في وادي محسّر؛ فلا تصل النوبة مع إمكان ذلك إلى

115

نعم، قد يكون الخلاف معه في دائرة جواز الذبح هناك ولو لدى الضرورة؛ هل يجزئ مثلاً الذبح في مكّة أو في وادي محسّر؛ فلا تصل النوبة مع إمكان ذلك إلى التخيير في الذبح في كلّ مكان، أو لا؟ وقد مضى رأينا في ذلك.

أمّا قوله بأنّ موثقة سماعة التي تقول: «يرتفعون إلى وادي محسّر» لا تدل على جواز الإتيان بالأعمال في وادي محسّر وإنّما هي واردة بشأن الوقوف _ وكأنّ مقصوده بالوقوف البيتوتة _ فهو غير صحيح؛ فإنّ الكون في منى طيلة الأيّام الثلاثة أو ضرب الخيام هناك أو الإقامة بالسكن هناك ليس هو الواجب، فيكون معنى «يرتفعون إلى وادي محسّر» أنّهم يقيمون رحلهم أو يسكنون في وادي محسّر كي يأتوا بالأعمال هناك من بيتوتة أو ذبح أو حلق.

وأمّا ما ذكره من الوجه الثاني _ من عدم وجود هذا الفرد من الذبح أو ندرته في زمن النصوص _ فلا أظنّ أن يخفى عليك أنّ الحق المحقّق لدى المحقّقين المتأخّرين في بحث الإطلاق والانصراف عدم قبول الانصراف لمجرّد ندرة الفرد أو عدم وجوده في عصر النصّ، ودليل الوفاء بالعقد يشمل بإطلاقه العقود المستجدة، ولا نحتاج في إثباتها إلى تعدّي العرف بالقطع بعدم الفرق.

وأمّا ما ذكره من الوجه الأوّل فلا يقبل نقاشاً فنّياً؛ إذ لم يذكر نكتةً لاستظهاره من الأمر وحدة المطلوب عدا فاء التفريع، ولم يذكر نكتةً لاستظهار كون الفاء فاء التفريع ولا دليلاً على أنّ التفريع يثبت وحدة المطلوب. ولعلّ خير ما يمكن أن يذكر لإثبات وحدة المطلوب هو دعوى أنّ المركوز عرفاً: أنّ الذبح لا ملاك نفسي فيه وإنّما ملاكه مقدمي باعتباره مقدّمة للإطعام والصرف، كما أشار هو إلى ذلك في مقام ترجيح رفع اليد عن قيد منى على رفع اليد عن قيد الإطعام. ولئن كان هذا هو الدليل على وحدة المطلوب فقد تركز الإشكال الذي أُورد على الشيخ من أنّه بناءً على مقدمية الذبح للإطعام فلنقتصر على شراء اللحوم من القصابين واللحّامين بقدر الذبيحة ونعطيها للفقراء.

116

ومن الغريب جوابه على ذلك: بأنّ كلّاً من الذبح والإطعام واجب كوجوب الوضوء والطواف، إلّا أنّ الأوّل منهما مقدّمة للثاني؛ فالذبح مقدّمة للإطعام والوضوء مقدّمة للطواف، وكما أنّه حينما يسقط الطواف يسقط الوضوء، كذلك حينما يسقط الإطعام يسقط الذبح.

وقد فاته أنّ مقدّمية الوضوء للطواف شرعية، في حين أنّ مقدّمية الذبح للإطعام عقلية، ففي الطواف لا يمكن تبديل الوضوء بشيء آخر، لكن الذبح _ بعد اعتبار مقدّميته فرضاً بحتاً _ يمكن تبديله بشراء اللحم من اللحّام، فلعلّه في زمان النصّ لم يكن اللحامون قادرين على تلبية حاجات تمام الحجاج من اللحم بقدر الذبائح، فكانت الطريقة المعقولة أن يهيّئ كلّ حاجّ حيواناً للذبح، أمّا اليوم فبالإمكان تحصيل الهدف بشراء اللحوم من اللحامين.

وأيضاً لو كان الذبح مقدّمة للإطعام بلا ملاك نفسي فيه، فلماذا يذبح في منى لدى القدرة؟! وأيّ عيب في الذبح قبل منى أو قبل مكّة وتأجيل الإطعام به إلى منى؟!

فكلّ هذا يعني أنّ هناك ملاكاً نفسياً في الذبح، وبعد فرض ثبوت الملاك النفسي في الذبح لا أدري ما هو الذي يُثبت لنا وحدة المطلوب؟! إلّا بمعنى وحدة المطلوب بلحاظ كلّ أعمال الحجّ التي هي مركّب واحد ارتباطي.

ولو نظرنا إلى هذا الجانب لكان معناه سقوط أصل الحجّ، ولو قطعنا النظر عن ذلك فالأصل لدى تعدّد الأمر هو الانحلال؛ لأنّ الارتباط هو القيد الزائد والمؤونة الزائدة في الكلام.

وأمّا استشهاده لمقوّمية الإطعام للهدي بخلاف قيد منى برواية: «إنّما جعل الله هذا الأضحى لتشبع مساكينكم من اللحوم»(1)، فقد اعترض هو على نفسه في

 


(1) وسائل الشيعة، ج14، ص167، الباب4 من أبواب الذبح، ح11.

117

ذلك _ كما مضى _ بأنّ المقصود به الأُضحية المستحبة لكلّ أحد، وأجاب على ذلك: بأنّ الإطلاق شامل لأُضحية الحجّ.

أقول: إنّ أُضحية الحجّ مصداق لمطلق الأُضحية وداخل في جعل الأضحى على العموم، وعليه جعلٌ آخر وجوبي وضمني في الحجّ، وليكن الملاك في الجعل الأوّل منحصراً في إشباع المساكين، ولكن لا يدل ذلك على انحصار ملاك الجعل الثاني أيضاً فيه.

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.

118

 

 

119

ما هو محل الذبح لغير الصيد من محرّمات الإحرام؟

120