المولفات

المؤلفات > دراسات فقهية

99

فإذا بطل إطلاق المقيّد لدى العجز بما كان مقيّداً له أُحيي مرّة أُخرى إطلاق الآية، وبذلك ثبت وجوب كون الهدي محله البيت العتيق.

نعم، أصل الوجه الرابع هذا مع ما شرحناه الآن _ من أنّه لا أقلّ من إثبات أولويّة البيت العتيق للذبح في حج التمتع من الأمكنة الأُخرى لدى العجز عن إيقاعه في منى _ متوقف على عدم احتمال الفرق بين هدي القران وهدي المتعة في هذا الحكم؛ لأنّ الآية المباركة واردة في فرض القران ولا إطلاق لفظي لها للمتعة؛ لأنّ الآية تقول:﴿لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾(1). ومن الواضح أنّ ثبوت منافع للحاجّ إلى أجل مسمّى إنّما يكون في من صحب الهدي معه.

وكان البعض يستشهد _ في هذه السنة الفائتة التي عيّنت الحكومة فيها وادي معيصم للذبح _ لترجيح مكّة على وادي معيصم بصحيحة معاوية بن عمار قال: «قلت لأبي عبدالله(علیه السلام): إنّ أهل مكّة أنكروا عليك أنّك ذبحت هديك في منزلك بمكّة، فقال: إنّ مكّة كلّها منحر»(2).

ولا إشكال في أنّ ما يدل عليه هذا الحديث من ذبح الإمام(علیه السلام)بمنزله في مكّة إنّما كان في العمرة لا في الحجّ، وإلّا لشاع وذاع نقل هذا العمل منه(علیه السلام)، الذي كان خلاف عمل المسلمين قاطبة في كلّ سنة، وقوله(علیه السلام): «إنّ مكّة كلّها منحر» كان في مقابل ما تخيّله بعض من أنّ المنحر في مكّة هو فناء الكعبة أو ما بين الصفا والمروة، باعتبار أنّ هذا كان هو المتعارف ولعله المستحب كما تشهد له صحيحة معاوية بن عمار قال: قال أبو عبدالله(علیه السلام): «من ساق هدياً... وهو معتمر نحر هديه في المنحر وهو بين الصفا والمروة؛ وهي بالحزورة»(3)، وموثقة إسحاق بن عمار: «أنّ عبّاد

 


(1) الحجّ: 33.

(2) وسائل الشيعة، ج14، ص88، الباب4 من أبواب الذبح، ح2.

(3) المصدر السابق، ص89، ح4.