المولفات

المؤلفات > دراسات فقهية

109

ببقاء المنع عن الذبح في منى ووادي محسّر إلى آخر أيّام التشريق فلا دليل على خصوصية لذلك بعد تلك الأيّام، فيكفي الذبح في مكّة، ولو لم يمكن الذبح في مكّة وحواليها أيضاً إلى آخر ذي الحجة أُجّل إلى السنة المقبلة، ولو فرض سلب الإمكان بلحاظ جميع السنين ذَبَح في أيّ مكان شاء، فلو تجدّد الإمكان في سنة مقبلة جدّد الذبح في تلك السنة.

الأمر الثالث: يُنسب إلى سماحة الشيخ ناصر مكارم القول بسقوط الذبح في تلك المنطقة في أيّامنا هذه والتي لا يمكن فيها إطعام الأضاحي لمستحقيها، والاحتياط يقتضي الذبح أيّام ذي الحجة في أيّ مكان آخر ولو كان نفس بلد الحاج، والأولى التفاهم بين الحاج ومتعلقيه على الذبح في نفس اليوم العاشر قبل بقية الأعمال، ولا نوجب ذلك؛ للزوم العسر والحرج على كثير من الحجّاج.

والمنقول عنه كدليل على هذه الفتوى _ في كتيّب باسم «الأُضحية في عصرنا» ومؤلّفه أحمد القدسي، بعنوان تقرير لبحث سماحة الشيخ ناصر مكارم _ وجوه أربعة:

الوجه الأوّل: أنّ ظاهر القرآن الكريم هو أنّ الذبح والإطعام واجبان ارتباطيان؛ أي أنّ شرط الهدي هو الإطعام، وليس الإطعام واجباً مستقلّاً بحيث لو سقط بالعجز بقي الواجب الأوّل وهو الهدي، قال الله تعالى:﴿وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ﴾(1). وقال(وجل عز): ﴿وَأَذَّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجَّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلَّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلَّ فَجًّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللّٰهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ﴾(2).

 


(1) الحجّ: 36.

(2) الحجّ: 27_ 28.