المولفات

المؤلفات > دراسات فقهية

111

مساكينكم من اللحم، فأطعموهم»(1)، وهذا الحديث وإن رواه صاحب الوسائل في باب الأُضحية المستحبة لكلّ أحد، لكن مفاده عامّ يشمل هدي الحجّ الواجب.

الوجه الثاني: أنّ عدم إمكانية الإطعام في منى في عصر النصوص يعتبر فرداً نادراً أو معدوماً، فهو غير مشمول للإطلاق، ولهذا نحن نستشكل في إطلاق مثل﴿أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾(2) للعقود المستحدثة كعقد التأمين، ولا نستطيع أن نفتي بصحتها إلّا من باب التعدي إن ثبت قطع العرف بإلغاء الخصوصية، وفي ما نحن فيه يكون احتمال الخصوصية لذبح يعقبه الإطعام في مقابل ذبح نعجز عن إطعامه واضحاً.

الوجه الثالث: أنّ مذابح اليوم خارجة عن منى، ولا دليل على وجوب ملاحظة الأقرب فالأقرب أو مكّة أو الحرم أو وادي محسّر، وأمّا موثقة سماعة: قلت لأبي عبدالله(علیه السلام): «إذا كثر الناس بمنى وضاقت عليهم كيف يصنعون؟ فقال: يرتفعون إلى وادي محسّر»(3)فلا علاقة لها بالذبح، وإنّما هي واردة بشأن الوقوف في منى لا مطلق ما يُؤتى به في منى، وقياس الأُضحية على الوقوف قياس مع الفارق؛ فإنّ الوقوف قائم بمنى نفسه ولا معنى للوقوف في غيره، فعند التعذر يرتفع الحاج _ بمقتضى هذه الرواية _ إلى وادي محسّر، وأين هذا من الأُضحية التي قد عرفت أنّها قد تتفق في غير منى أيضاً؟!

وعلى أيّة حال، فلا إشكال في أنّ الذبح في منى شرط في هدي الحجّ، فإن قلنا بأنّه شرط في ذلك على الإطلاق _ أي حتّى مع التعذر _ فالنتيجة سقوط الهدي

 


(1) المصدر السابق: ص 205، الباب 60 من أبواب الذبح، ح4، وهو مرسلة الصدوق. وص 206، ح10، عن الصادق(علیه السلام)عن آبائه(علیهم السلام) عن رسول الله(صلى الله عليه و آله)، وهو ضعيف بالنوفلي. وروى المرسلة أيضاً في المجلد نفسه، ص 167، الباب 4 من أبواب الذبح، ح22.

(2) المائدة: 1.

(3) وسائل الشيعة، ج13، ص535، الباب 11 من أبواب إحرام الحجّ والوقوف بعرفة، ح4.