المولفات

المؤلفات > دراسات فقهية

110

فإن قلت: ما الدليل على ارتباطية الذبح والإطعام ووحدة المطلوب، فلعلّ كلّ واحد منهما واجب مستقل؛ إذا سقط الثاني بالعجز لم يسقط الأوّل؟

قلنا: إنّ تعدّد المطلوب هو الذي يحتاج إلى قرينة، فإنّ الظاهر الأوّلي للأمر هو وحدة المطلوب، إضافة إلى أنّ القرينة هنا قائمة على وحدة المطلوب؛ وهي فاء التفريع.

فإن قلت: إنّ هذا يؤدّي إلى سقوط الذبح لا إلى جعله في البلد أو في أيّ مكان آخر، فإنّ المشروط يسقط بالعجز عن شرطه.

قلنا: هذا الكلام وارد بحسب صناعة الفقه، ولكن مقتضى الاحتياط هو الالتزام بالذبح في مكان آخر يمكن فيه الإطعام، خصوصاً بعد ملاحظة عدم إسقاط الشارع الأقدس الهدي في مورد من الموارد، وحتّى بالنسبة إلى من لم يجد ثمن الهدي لم يسقط عنه الهدي بلا بدل، بل أوجب عليه الصوم، وبالنسبة إلى المصدود أوجب عليه الذبح في محلّه وليس في منى(1)، وبالنسبة إلى من عطب هديه في الطريق في موضع لا يجد من يتصدّق به عليه ورد الأمر بنحره أو ذبحه في مكانه مع إرفاقه بكتاب يجعل عليه يتضمن أنّه هدي؛ ليعلم من يمرّ به أنّه صدقة ويأكل من لحمه إن أراد(2).

فإن قلت: دار الأمر بين رفع اليد عن قيد الذبح في منى فيذبحه الحاجّ في بلده مثلاً، ورفعِ اليد عن قيد الإطعام، فما هو الدليل على أولويّة رفع اليد عن قيد الذبح في منى؟!

قلنا: ليس القيدان على حدّ سواء؛ فإنّ قيد الإطعام في نظر العرف وأهل الشرع مقوّم للهدي، ويستبعد جدّاً أن تكون لمجرّد إراقة الدم موضوعية وإنّما هي مقدّمة الإطعام. ويشهد لذلك ما ورد عن رسول الله(صلى الله عليه و آله): «إنّما جعل الله هذا الأضحى لتشبع مساكينكم من اللحم، فأطعموهم»(3)، وهذا الحديث وإن رواه صاحب الوسائل في باب الأُضحية المستحبة لكلّ أحد، لكن مفاده عامّ يشمل هدي الحجّ الواجب.

 


(1) وسائل الشيعة، ج13، ص186، الباب 6 من أبواب الإحصار والصدّ.

(2) المصدر السابق، ج14، ص141، الباب 31 من أبواب الذبح.