303

زكويّة قدّمت الزكاة على الديون، وكذلك الخمس، وإذا كانا في ذمّة الميّت كاناكسائر الديون.

 

مسائل:

الاُولى: لا يحلّ مطالبة المعسِر ولا إلزامه بالتكسّب إذا لم يكن من عادته وكان عسراً عليه، ولا بيع دار سكناه اللائقة بحاله، ولا غيره ممّا يعسر عليه بيعه.

الثانية: لا يحلّ بالحجر الدين المؤجّل، ولو مات من عليه حلّ، ولا يحلّ بموت صاحبه.



ولكن أفاد اُستاذنا الشهيد(قدس سره): «الظاهر: أنّه لا شفعة في مثل هذا الفرض، وأنّ البايع له خيار الفسخ، ثُمّ له أخذ عين ماله في مقام الاستيفاء». ونِعمَ ما أفاد(1).


(1) كأنّ دليل الماتن(قدس سره) أنّ صحيح عمر بن يزيد الماضي إنّما دلّ على أنّه ليس للغرماء محاصّة البائع مع بقاء العين، ودليل الشفعة يدلّ على أنّ للشفيع عدم إبقاء العين، فيكون دليلها صالحاً لرفع هذا الموضوع، فيتقدّم عليه بالحكومة، ثُمّ يصبح اُسوة مع الغرماء؛ لأنّ الثمن ليس عين ماله.

ويرد عليه: أنّ مجرّد رافعيّته لموضوع صحيح عمر بن يزيد ـ لو صحّ إعمال الشفعة ـ ليس هو مقياس الحكومة، والمهمّ أنّ حقّ الشفعة هنا غير موجود؛ لأنّ حكم الحاكم بالحجر وانتقال المال إلى الديّان إتلاف لمصبّ الشفعة.

نعم، للبايع الجاهل بالموضوع حقّ خيار الفسخ؛ لأنّ الحجر نقصٌ لم يكن مطّلعاً عليه، فإذا فسخ رجعت العين المبيعة، فدخل الأمر في موضوع صحيح عمر بن يزيد، فعندئذ لا يحاصّه الغرماء، ويأخذ عين ماله.

304

الثالثة: ينفق عليه من ماله إلى يوم القسمة وعلى عياله، ولو مات قدّم الكفن وغيره من واجبات التجهيز (1).

الرابعة: يقسّم المال على الديون الحالّة بالتقسيط، ولو ظهر دين حالّ بعد القسمة نقضت(2) وشاركهم، ومع القسمة يطلق(3) ويزول الحجر بالأداء.

 

(1) لم أجد دليلاً واضحاً على هذين الحكمين، أعني: التقسيم عليه من ماله إلى يوم القسمة وعلى عياله، وكذلك تقديم الكفن وغيره عدا ما هو المناسب من ذوق الشريعة السمحاء، وما يدّعى من الإجماع عليهما. والتشبيه بفرض ركوب الديون وعدم حكم الحاكم بالتحجير. والله العالم.

(2) يعني: ولو ظهر بعد القسمة دين حال قبل الحجر، نقضت القسمة وشاركهم صاحب الدين، فيقسّم المال تقسيماً جديداً مع إشراك صاحب ذاك الدين في التقسيم الجديد.

(3) لعلّ المقصود: أنّ الدين الحالّ الذي ظهر أخيراً لو لم يكن قبل الحجر، بل تجدّد مع القسمة، يُترك ذلك ولا يعاد التقسيم، أو المقصود: أنّ هذا الدائن الذي اكتشف أخيراً وكان دينه بتأريخ ما قبل الحجر، فهو يطلق سراحه في الاشتراك في القسمة الجديدة.

وأخيراً بودّي أن أقول: إنّ لنا شرطاً أساساً في حكم الحاكم بالتحجير، وهو أن يكون المفلّس ملتوياً على الديّان، أي: ظالماً بشأنهم، أمّا لو لم يكن الأمر كذلك، وإنّما ركبته الديون من دون التوائه على الديّان وظلمه إيّاهم، فهذا داخل في الآية الكريمة ﴿فَنَظِرَةٌ إلَى مَيْسَرَة﴾(1). سورة البقرة، الآية: 280.


(1) ودليلنا على شرط الالتواء في أصل حكم الحاكم بتحجير أمواله هو أنّ عمدة الدليل على أصل حكم تحجير المفلس هي صحيحة غياث بن إبراهيم عن جعفر عن أبيه «أنّ عليّاً(عليه السلام)كان يفلّس الرجل إذا التوى على غرمائه...» ونحوها موثّقة إسحاق بن عمّار، أو عمّار. الوسائل، ج 18 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 6 من الحجر، ح 1، ص 416 ـ 417.

وهذه ـ كما ترى ـ مخصوصة بحالة ما سُمّيَ بالالتواء على غرمائه.

305

الخامسة: الولاية في مال الطفل والمجنون والسفيه إذا بلغوا كذلك للأب والجدّ له، فإن فقدا فللوصيّ إذا كان وصيّاً في ذلك، فإن فقد فللحاكم (1)، وفي مال السفيه والمجنون اللذَين عرض عليهما السفه والجنون بعد البلوغ والمفلَّس للحاكم خاصّة.



(1) لا إشكال في أنّ هذا هو مقتضى الاحتياط، والظاهر كفاية العدالة، بل كفاية الوثوق في تصرّفه الماليّ في مال المولّى عليه.


وهناك رواية أقضية أمير المؤمنين(عليه السلام) رواها أصبغ بن نباتة(رحمه الله)...: «وقضى عليّ(عليه السلام) في الرجل يلتوي على غرمائه أنّه يحبس، ثُمّ يؤمر به فيقسّم ماله بين غرمائه بالحصص، فإن أبى باعه فقسّمه بينهم». الوسائل، ج 27 من تلك الطبعة، ب 11 من كيفيّة الحكم وأحكام الدعوى، ح 1، ص 247 ـ 248.

وللصدوق(قدس سره) سند متّصل إلى أصبغ بن نباتة، إلّا أنّ في سنده محمّد بن عليّ ماجيلويه.

وهذه الرواية أيضاً ـ كما ترى ـ مخصوصة بحالة الالتواء على الغرماء.

307

المعاملات

17

 

 

 

 

كتاب الضمان

 

 

 

 

 

309

 

 

 

 

 

وإنّما يصلح إذا صدر عن أهله (1)، ولابدّ من رضا الضامن والمضمون له، ويبرأ المضمون عنه(2) وإن أنكره، وينتقل المال إلى ذمّة الضامن، فإن كان مَليّاً أو علم المضمون له بإعساره وقت الضمان لزم، وإلّا كان له(3) الفسخ. ويصحّ مؤجّلا وإن كان الدين حالّاً وبالعكس، ويرجع الضامن على المضمون عنه بما أدّاه إن ضمن بإذنه، وإلّا فلا. ولا يشترط العلم بمقدار المال ويلزمهما تقوم به البيّنة خاصّة. ولابدّ في الحقّ من الثبوت (4)، سواء أكان لازماً أو



(1) يعني: البالغ العاقل المختار.

(2) الضمان المصطلح عبارة عن النقل من ذمّة إلى اُخرى، وهو الذي تترتّب عليه براءة ذمّة المضمون عنه.

وقد يُقصَد بالضمان مجرّد التعهّد بما في الذمّة، أي: أنّ الضامن يتعهّد للدائن بحصول دينه له: إمّا بوفاء الدين، أو بوفاء المتعهّد، وهذا لا يوجب براءة ذمّة المدين بمجرّد حصول الضمان بهذا المعنى، وإنّما هذا شبيه بضمان من يتكفّل بتحصيل العين المغصوبة من الغاصب للمالك، أو تحصيل القاتل لأولياء المقتول، ونحو ذلك.

(3) يعني: كان للمضمون له الفسخ.

(4) يعني: في الضمان المصطلح، أمّا في الضمان بمعنى مجرّد التعهّد، فقد يتعهّد الشخص بحقّ لم يثبت بعد، بل بما لا يترقّب استحقاق الغير له أساساً، فلا يكون هناك مضمون عنه، بل هناك ضامن ومضمون له.

310

آيلا إليه (1)، ولو ضمن عهدة الثمن لزمه مع بطلان العقد لا مع تجدّد الفسخ (2).

أمّا الحوالة فيشترط فيها رضا الثلاثة، سواء كان المحال عليه مديناً(3) أو بريئاً، أو كانت الحوالة بالجنس أو بغير الجنس، ولا يجب قبولها، ومعه تلزم ويبرأ المحيل وينتقل المال إلى ذمّة المحال عليه، ولزمه إن كان مليّاً أو علم(4)بإعساره، وإلّا فله الفسخ. ولو طالب المحال عليه بما أدّاه فادّعى المحيل ثبوته في ذمّته فالقول قول المحال عليه مع يمينه، ولو أحال المشتري



(1) أي: سواء كان لازماً كما لو ضمن ثمن المبيع بعد القبض وانقضاء الخيار، أو سيؤول إلى اللزوم كما لو ضمن ثمن المبيع بلحاظ ما بعد انقضاء الخيار، أو ضمن مال الجعالة قبل فعل ما شرط عليه من العمل.

(2) الظاهر: أنّ مقصوده(قدس سره) بهذا ضمان العهدة، لا الضمان المصطلح الموجب لفراغ ذمّة المضمون عنه.

ومعنى العبارة: أنّه لو خشي المشتري خسارة الثمن، فضمن له ضامن عهدة الثمن، لزم الضامن عهدة الثمن للمشتري إذا كانت خسارته للثمن على أساس بطلان البيع، لا على أساس انفساخه بالفسخ، أو التقايل بعد أن كان صحيحاً.

ولعلّ مقصوده(رحمه الله) من التفصيل بين فرض بطلان البيع وفرض الفسخ دعوى انصراف التعبير بمثل خسارة الثمن إلى فرض بطلان البيع، دون إبطاله بمثل الفسخ أو التقايل.

وإن تمّ هذا الانصراف، أمكن علاجه بالتصريح في طلب ضمان عهدة الثمن بطلبه في كلتا الحالتين.

(3) إن كان المحال عليه مديناً للمحيل، وكانت الحوالة بنفس جنس ما عليه، ولم يقصد بالحوالة إشغال ذمّته بدين جديد، فالظاهر عدم اعتبار رضا المحال عليه، وكان الدين للمحال بالشكل الذي كان للمحيل برضا المحيل والمحال بذلك.

(4) أي: علم المحال بإعساره، وإلّا فللمحال الفسخ.

311

بالثمن(1) أو أحال البائع أجنبيّاً(2) ثمّ فسخ البيع لم تبطل الحوالة على الأقوى، ولو بطل البيع بطلت.

وأمّا الكفالة فيشترط فيها رضا الكفيل والمكفول له، بل وكذا المكفول على الأحوط (3)، وفي اشتراط الأجل قولان، أظهرهما العدم وتعيين المكفول (4)، وعلى الكافل دفع المكفول أو ما عليه. ومن أطلق غريماً من يد صاحبه قهراً لزمه إعادته أو ما عليه، ولو كان قاتلا دفعه أو الدية إذا كان القتل موجباً للدية، وإلّا تعيّن دفعه، ولو مات المكفول أو دفعه الكفيل أو سلّم نفسه أو أبرأه المكفول له يبرأ الكفيل، ولو عيّنا موضع التسليم لزم، وإلّا انصرف إلى بلد الكفالة.



(1) يعني: لو أحال المشتري البائع بالثمن، ثُمّ فُسخ البيع، لم تبطل الحوالة، فالبائع يأخذ الثمن ممّن أحاله المشتري عليه، وغاية ما هناك أنّه بسبب فسخ البيع يُرجع الثمن إلى المشتري، ويأخذ منه المبيع.

(2) يعني: لو أنّ البايع بدلاً عن أن يأخذ الثمن من المشتري أحال عليه أجنبيّاً كان له دين على البائع، ثُمّ فُسخ البيع، فقد ملك ذاك الأجنبيّ الثمن، والفسخ المتأخّر لا يُبطل تلك الملكيّة، وغاية ما هناك أنّ المشتري ينتقل بعد الفسخ إلى بدل الثمن.

(3) أفاد اُستاذنا(قدس سره): «الأقرب عدم اعتبار رضاه». ونِعمَ ما أفاد(1).

(4) لا شكّ في أنّ إطلاق هذا الكلام مطابق للاحتياط.


(1) فإنّ الكفالة بين الكفيل والمكفول له عقد عقلائيّ مشمول لدليل الوفاء بالعقد، سواء رضي المكفول أو لا.

313

المعاملات

18

 

 

 

 

كتاب الصلح

 

 

 

 

 

315

 

 

 

 

 

وهو جائز مع الإقرار والإنكار، إلّا ما حلّل حراماً أو بالعكس(1) مع علم المصطلِحَين بالمقدار وجهلهما ديناً أو عيناً أو منفعة، ولا يبطل إلّا برضاهما (2)، أو استحقاق الغير لأحد العوضين مع عدم إجازته، ولو اصطلح الشريكان بعد انتهاء الشركة على أنّ لأحدهما الربح والخسران وللآخر رأس



(1) لعلّ خير تفسير لهذه العبارة هو الصلح على كون الحرام الفلانيّ كالخمر حلالاً، أو كون الحلال الفلانيّ كفاكهة مّا حراماً.

وأيضاً يبطل الصلح على فعل حرام من المحرّمات.

وهناك فرع آخر، وهو أنّه لو ادّعى أحد بشيء مثلاً زوراً، فتصالح مع من يقابله بجزء من ذاك الشيء، فرغم أنّ هذا الصلح يحكم عليه بالصحّة ظاهراً لمن لا يعلم بحقيقة الحال لكنّه يكون باطلاً واقعاً(1).

(2) أي: بالتقايل، وكذلك يبطل بفسخ ذي الخيار.


(1) وهذا البطلان مضافاً إلى أنّه على طبق القاعدة يدلّ عليه صحيح عمر بن يزيد عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «إذا كان لرجل على رجل دين فمطله حتّى مات، ثُمّ صالح ورثته على شيء، فالذي أخذ الورثة لهم، وما بقي فللميّت حتّى يستوفيه منه في الآخرة، وإن هو لم يصالحهم على شيء حتّى مات، ولم يقضِ عنه، فهو كلّه للميّت يأخذه به». الوسائل، ج 18 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 5 من الصلح، ح 4، ص 446.

316

المال صحّ (1)، ولو ادّعى أحدهما درهمين في يدهما والآخر أحدهما أعطى الآخر نصف درهم (2)، وكذا لو أودع أحدهما درهمين والآخر درهماً وتلف أحدها مع الاشتباه (3)، ولو اشتبه الثوبان بِيعا وقسِّم الثمن على نسبة رأس



(1) وكذلك إذا جعل هذا شرطاً في عقد الشركة كما أفاده اُستاذنا(قدس سره)(1).

(2) تارةً يفترض أنّ الثاني يتقاضى أحد الدرهمين، فيكون هذا هو المنكر والأوّل مدّع؛ لأنّ الأمارة وهي اليد المشتركة تشهد لصدق الثاني وكذب الأوّل، فيكون أحد الدرهمين للثاني بيمينه.

واُخرى يفترض أنّ الثاني يعترف بأنّ أحد الدرهمين للأوّل، فهما متداعيان بالنسبة للدرهم الثاني، ومقتضى الاحتياط التصالح بينهما بتقسيمه بينهما نصفين(2).

(3) مقتضى القاعدة القرعة بعد فرض عدم إمكان الحلف، والأحوط الأولى التصالح(3).


(1) ومورد النصّ هو الشرط، لا الصلح، لاحظ صحيح الحلبيّ، ج 18 من الوسائل بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 4 من الصلح، ص 444.

(2) لما رواه الصدوق بسنده التامّ عن عبدالله بن المغيرة عن غيرواحد من أصحابنا عن أبي عبدالله(عليه السلام) «في رجلين كان معهما درهمان، فقال أحدهما: الدرهمان لي. وقال الآخر:هما بيني وبينك. فقال: أمّا الذي قال: هما بيني وبينك، فقد أقرّ بأنّ أحد الدرهمين ليس له وأنّه لصاحبه، ويقسّم الآخربينهما». ويحتمل تفسير ذلك بتقسيمه بينهما بعد تحليفهما كي يطابق مفاده مقتضى القاعدة. الوسائل، ج 18 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 9 من الصلح، ص 450.

وسنده محتمل الصحّة؛ لأنّ سند الصدوق إلى عبدالله بن المغيرة صحيح، وعبدالله بن المغيرة قد قال بشأنه النجاشيّ: «ثقة ثقة لا يعدل به أحد من جلالته ودينه وورعه» ويمكن أن يدّعى ظهور كلمة «غير واحد من أصحابنا» في عبارة هذا الشخص في إرادة «جمع من أصحابنا» المورث للاطمئنان.

(3) وأمّا خبر السكونيّ الدالّ على تقسيم أحدها بينهما نصفين، فضعيف بالنوفليّ. راجع الوسائل، ج 18 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 12 من الصلح، ص 452.

317

مالهما (1)، إلّا إذا خيّر أحدهما الآخر، وليس طلب الصلح إقراراً، بخلاف ما إذا قال: بِعني، أو ملِّكني، أو هبني، أو أجِّلني، أو قضيت.



(1) هذا إذا كان نظرهما إلى الماليّة، ويسري الحكم المذكور إلى كلّ سلعتين، من قبيل: الثوبين، وأمّا إذا كان نظرهما أو نظر أحدهما إلى شخص السلعة بلحاظ قيمتها الاستعماليّة، فقد أفاد اُستاذنا: أنّ المرجع هو القرعة. ونِعمَ ما أفاد.

319

المعاملات

19

 

 

 

 

كتاب الإقرار

 

 

 

 

 

321

 

 

 

 

 

وهو إخبار عن حقٍّ ثابت على المخبِر، أو نفي حقٍّ له على غيره، ولا يختصّ بلفظ، بل يكفي كلّ لفظ دالٍّ على ذلك عرفاً ولو لم يكن صريحاً، وكذا تكفي الإشارة المعلومة. ويشترط في المقِرِّ: التكليف (1)،



(1) يبدو أنّ مقصوده بشرط التكليف شرط البلوغ الجنسيّ زائداً العقل، ولذلك فرّع عليه عدم نفوذ إقرار الصبيّ والمجنون.

وقد أفاد اُستاذنا الشهيد(قدس سره) نفوذ إقرار الصبيّ في ما يكون أمره فيه نافذاً، كالوصيّة لابن عشر سنين. ونِعمَ ما أفاده(1).


(1) والدليل على نفوذ وصيّة ابن عشر سنين صحيح زرارة في الوسائل، ج 19 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 15 من الوقوف والصدقات، ح 1، ص 211: «إذا أتى على الغلام عشر سنين، فإنّه يجوز في ماله ما أعتق، أو تصدّق، أو أوصى على حدّ معروف وحقّ، فهو جائز».

وصحيح أبي بصير المراديّ في نفس المجلّد، ب 44 من الوصايا، ح 2، ص 361 عنأبي عبدالله(عليه السلام) أنّه قال: «إذا بلغ الغلام عشر سنين وأوصى بثلث ماله في حقّ، جازت وصيّته، وإذا كان ابن سبع سنين فأوصى من ماله باليسير في حقّ، جازت وصيّته».

بل هناك حديث ثالث دلّ على نفوذ وصيّة الغلام إذا كان قد عقل ولم يقيّده بابن عشر سنين، وهو الحديث الوارد في نفس المجلّد، ب 15 من الوقوف والصدقات، ح 2، ص 212، وهو صحيح جميل بن درّاج عن أحدهما(عليهما السلام) قال: «يجوز طلاق الغلام إذا كان قد عقل، وصدقته، ووصيّته وإن لم يحتلم».

322

والحرّيّة (1)، فلا ينفذ إقرار الصبيّ والمجنون. ويشترط في المقَرِّ له: أهليّة التملّك، ولو قال: « له عليَّ مال » اُلزِم به، فإن فسّره بما لا يملك لم يقبل، ولو قال: « هذا لفلان بل لفلان » كان للأوّل، وغرّم القيمة(2) للثاني، ويرجع في النقد والوزن والكيل إلى عادة البلد، ومع التعدّد إلى تفسيره. ولو أقرّ بالمظروف لم يدخل الظرف، ولو أقرّ بالدين المؤجّل ثبت المؤجّل(3)، ولم يستحقّ المقَرّ له المطالبة به قبل الأجل، ولو أقرّ بالمردّد بين الأقلّ والأكثر ثبت الأقلّ، ولو أبهم المقَرّ له ففي إلزامه بالبيان نظر (4)، فإن عيّن قبل، ولو ادّعاه الآخر كانا خصمين، وللآخر على المقِرّ اليمين على عدم العلم إن ادّعى عليه العلم (5)، ولو اُبهِم المقَرُّ به ثمّ عُيِّن فإن



(1) لأنّ العبد لا يملك شيئاً حتّى ينفذ إقراره فيه. نعم، لو أقرّ على ذمّته بشيء كإتلاف مال الغير، يتبع بعد فرض انعتاقه.

(2) لعلّ مقصوده ما يشمل المثل.

(3) إن كانت العبارة ظاهرة في خصوص الدين المؤجّل، ثبت الدين المؤجّل، وإن كانت ظاهرة في أمرين أحدهما منفصل عن الآخر، أي: كانت إقراراً بأصل الدين وادّعاءً بالتأجيل، ثبت أصل الدين ويبقى مدّعياً للتأجيل، وإن كانت العبارة مجملة، ثبت الدين المؤجّل.

(4) أفاد اُستاذنا الشهيد(قدس سره): أنّ «الأظهر عدم الإلزام إلّا إذا عُلم بأنّ المقرّ له على إجماله لا يرضى ببقاء المال تحت يد المقرّ»، يعني: أنّه عندئذ يُلزَم المقرّ بتعيينالمقرّ له مقدّمة لإيصال المال إلى صاحبه الذي لا يرضى ببقاء ماله تحت يد المقرّ. ونِعمَ ما أفاد.

(5) أي: لو عيّن المُقِرّ المُقرّ له، ولكن ادّعى الآخر أنّ المال له، كان هو والمقرّ له خصمين، ويكون المقرّ له منكراً؛ لأنّ ذا اليد عيّنه، والآخر مدّعياً، ولو ادّعى الآخر أنّ المقِرّ يعلم بأنّ المال له، فله على المقِرّ اليمين على عدم العلم.

323

أنكره المقَرّ له ففي أنّ للحاكم انتزاعه أو إقراره في يده إشكال (1)، ولو ادّعى المواطأة على الإشهاد كان له الإحلاف على نفي القبض، وقيل: على نفي المواطأة، لكنّه ضعيف (2).

 

مسائل:

الاُولى: يشترط في الإقرار بالولد: إمكان البنوّة والجهالة وعدم المنازع، ولا يشترط تصديق الصغير، ولا يلتفت إلى إنكاره بعد البلوغ. ويشترط في الكبير، وفي غير الولد، ومع التصديق، ولا وارث يتوارثان، ولا يتعدّى التوارث إلى



(1) لم تظهر لنا نكتة في فرض إبهام المقرّ به ثمّ تعيينه، فإنّه لا فرق بين أن يفترض إبهام المقرّ به ثُمّ تعيينه أو يفترض تعيينه ابتداءً، ثُمّ لم تظهر لنا نكتة لاحتمال أنّ للحاكم انتزاع المقرّ به من يده؛ فإنّ إنكار المقرّ له ذلك لا يعتبر نزاعاً بينهما حول هذا المقرّ به، ولعلّ في النسخة غلطاً واشتباهاً.

(2) فصّل اُستاذنا الشهيد(قدس سره) في المقام بما حاصله:

أنّه تارةً نفترض أنّ بائعاً مثلاً أقرّ لفلان المشتري بسلعة وأنّ المشتري أقبضه الثمن آناً مّا مواطاةً لأجل إشهاد البيّنة على قبض البائع الثمن، وادعّى البائع أنّ الثمن استرجعه المشتري كوديعة مثلاً، والمشتري ينكر ذلك، فللبائع إحلاف المقرّ له، أي: المشتري على نفي القبض وعدم استرجاعه للمال. واُخرى نفترض أنّ المواطاة المدّعاة للبائع مثلاً كانت بمعنى الإشهاد على الإقرار بالقبض كذباً أو هزلاً، فهذا في ذاته إنكار بعد الإقرار، ولا قيمة له. نعم، للبائع دعوى التواطؤ مع المشتري على هذا الكذب أو الهزل، ويكون له إحلاف المقرّ له على عدم التواطؤ، لا على القبض؛ لأنّ دعوى البائع لعدم قبضه للثمن ساقطة ما لم يثبت التواطؤ؛ لأنّ هذه الدعوى إنكار بعد إقرار فهي ساقطة ما لم يثبت التواطؤ.

أقول: وهذا خير ما اُفيد في المقام.

324

غيرهما مطلقاً، ولو كان له ورثة مشهورون لم يقبل إقراره في النسب (1).

 



(1) الإقرار بالبنوّة، أو الاُخوّة، أو غيرهما من أنحاء النسب لو كان له أثر ضدّ المُقرّ، يكون نافذاً مع احتمال الصدق واجتماع سائر شرائط الإقرار بالنسب كالبلوغ؛ لأنّه إقرار على نفسه فلا مانع من نفوذه.

وأمّا ثبوت النسب بنحو يقتضي ترتيب سائر آثاره غير الآثار التي هي على المقرّ فيختلف باختلاف الحالات:

فتارةً يكون الشخص المُقرّ بالنسب كبيراً، فإن لم يصدّقه الآخر فلا أثر لهذا الإقرار؛ لأنّ هذا الإقرار بلحاظ من لم يصدّقه ليس إقراراً على نفسه، وإن صدّقه الآخر ولم يكن هناك وارث آخر ثابت شرعاً توارثا(1).

بل الأقوى تعدّي التوارث إلى فروعهما(2).

ويشكل التعدّي إلى غير فروعهما(3).

ويشكل الثبوت مع وجود ا لوارث الثابت(4).

وإن كان الإقرار بالبنوّة وكان المقرّ له صغيراً تحت يد المقرّ، ثبتت البنوّة بسائر آثارها ولوازمها(5).

وإن كان المقرّ له صغيراً وليس تحت اليد، لم يثبت أثر الإقرار(6).


(1) إذ مع عدم الوارث الثابت ليس ذلك مضرّاً بذاك الوارث، فيكون التوارث بينهما مصداقاً قطعيّاً لروايات الباب 9 من ميراث الملاعنة من الوسائل، ج 26 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ص 278 ـ 279.

(2) للدلالة الالتزاميّة العرفيّة لتلك الروايات.

(3) لعدم وضوح إطلاق لتلك الروايات.

(4) لعدم وضوح الإطلاق في تلك الروايات.

(5) لأنّ اليد أمارة الصدق.

(6) لعدم وجود اليد التي هي أمارة على الصدق.

325

الثانية: لو أقّر الوارث بأولى منه دفع ما في يده إليه، ولو كان مساوياً دفع بنسبة نصيبه من الأصل، ولو أقرّ باثنين فتناكرا لم يلتفت إلى تناكرهما فيعمل بالإقرار، ولكن تبقى الدعوى قائمةً بينهما، ولو أقرّ بأولى منه في الميراث ثمّ أقرّ بأولى من المقَرِّ له قبل ـ كما إذا أقرّ العمّ بالأخ ثمّ أقرّ بالولد ـ فإن صدّقه دفع إلى الثالث، وإلّا فإلى الثاني (1)، ويغرم للثالث، ولو أقرّ الولد بآخر ثمّ أقرّ بثالث وأنكر الثالثُ الثانيَ كان للثالث النصف، وللثاني السدس (2)، ولو كانا معلومَي النسب لا يلتفت إلى إنكاره.

 



نعم، إذا كبر وصدّق المقرّ، صار حكمه حكم الكبيرين المعترفين بالنسب بينهما، وإن كان الإقرار بغير البنوّة والمقرّ له صغير تحت يده، فثبوت ذلك مشكل(1).

نعم، لم كبر واعترف، دخلت المسألة في فرع توافق الكبيرين على النسب.

(1) لو أقرّ عمّ الميّت بأخ للميّت، ثُمّ أقرّ بابن للميّت، ولكن الأخ أنكر الابن ولم يكن قد دُفع الإرث بعدُ إلى الأخ، أحلف العمّ الأخ المنكر للابن، فإن حلف، دُفع الإرث إلى الأخ وغرم العمّ الميراث للابن، أمّا لو تأخّر إقراره بالابن عن استلام الأخ للإرث، فإقرار الثاني جاء بعد إتلافه للمال، فهو ضامن للابن، فيغرم كلّ الميراث للابن.

(2) لو افترضنا أنّ الولد الأوّل أقرّ بولد ثان، ثُمّ بولد ثالث، والولد الثاني أيضاً معترف بالولد الثالث، لكن الولد الثالث أنكر الثاني، فالولد الأوّل لا يملك من التركة إلّا الثلث عملاً بإقراره، ويقع النزاع بين الثاني والثالث؛ لأنّ الثاني يطالب بالثلث، والثالث يطالب بالنصف، في حين أنّ الثاني لا يعترف له إلّا بالثلث، فلو أحلفه الثاني على إنكاره، قُسّم ثلث الثاني بين الثاني والثالث، فبقي للثاني سدس المال، وملك الثالث نصف المال.

أمّا لو كان الثاني والثالث معلومي الاُخوّة، فهذا يعني: أنّ إنكار الثالث مقطوع الكذب، فلكلّ واحد منهم الثلث.


(1) لعدم وضوح أماريّة اليد على الصدق في غير البنوّة.

326

الثالثة: يثبت النسب بشهادة عدلين، لا برجل وامرأتين، ولا برجل ويمين، ولو شهد الأخوان بابن للميّت وكانا عدلين كان أولى منهما ويثبت النسب، ولو كانا فاسقَين يثبت الميراث إذا لم يكن لهما ثالث دون النسب (1).



(1) لو كان أخوا الميّت فاسقين، لم يثبت النسب، ولكن يثبت الميراث كلّه للولد بحكم إقرارهما، ولو كان الإخوة ثلاثة، ومنهم اثنان فاسقان أقرّا بالولد، فقد أقرّا بثلثي التركة للولد، وينفذ.

327

المعاملات

20

 

 

 

 

كتاب الوكالة