527

 

 

 

 

 

[شروط الطلاق وجملة من أحكامه:]

(مسألة: 1) يشترط في المطلِّق: البلوغ والعقل والاختيار والقصد، فلا يصحّ طلاق الصبيِّ وإن بلغ عشراً(1)، ولا المجنون وإن كان جنونه أدواريّاً إذا كان



(1) كأنّ نظر اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) في قبوله لما ورد في المتن إلى وقوع التعارض في مَن بلغ عشراً والتساقط، فيكون المرجع استصحاب بقاء العلقة الزوجيّة(1)، ونحن إن قلنا بالتخيير في باب التعارض تخيّرنا ما عليه مشهور المحقّقين المتأخّرين من عدم صحّة طلاقه.


(1) فمثلاً من ناحية دلّ صحيح ابن أبي عمير عن بعض رجاله عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «يجوز طلاق الصبيّ إذا بلغ عشر سنين». الكافي، ج 8 بحسب طبعة الآخونديّ، باب طلاق الصبيان، ح 5، ص 124.

وورود حرف (لا) على كلمة يجوز أظنّه واضح التصحيف؛ لأنّه لو كان هذا الحرف موجوداً لكان المفروض أن يقول: «وإن بلغ عشر سنين».

وأيضاً معتبرة سماعة ـ في نفس المصدر، ح 1 ـ: «سألته عن طلاق الغلام لم يحتلم وصدقته، فقال: إذا طلّق للسنّة ووضع الصدقة في موضعها وحقّها، فلا بأس، وهو جائز».

وأيضاً موثّقة ابن بكير ـ نفس المصدر ذيل الحديث الرابع ـ عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «يجوز

528

الطلاق في دور الجنون، ولا طلاق المكرَه وإن رضي بعد ذلك(1)، ولا طلاق السكران ونحوه ممّا لا قصد له معتدّاً به، ويجوز لوليّ المجنون أن يطلّق عنه مع المصلحة(2)، ولا يجوز لوليّ الصبيّ(3) والسكران(4) أن يطلّق عنهما، وهل يجوز



(1) ويشهد له إطلاق مثل صحيحة زرارة عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: «سألته عن طلاق المكره وعتقه، فقال: ليس طلاقه بطلاق، ولا عتقه بعتق...».(1).

(2) راجع الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 35 من مقدّمات الطلاق وشرائطه، ص 84.

(3) راجع المصدر السابق.

(4) يكفيه الأصل.


طلاق الغلام إذا كان قد عقل ووصيّته وصدقته وإن لم يحتلم»، وإن كان في بعض النسخ حرف (لا) فهو واضح التصحيف.

وهناك حديث دلّ على أنّه إن مسّها في الفرج، فإنّ طلاقها جائز فيها، وإن لم يمسّها في الفرج ولم يلذّ منها ولم تلذّ منه، فبإمكانه أن يُمضي بعد البلوغ طلاقه. راجع الوسائل، ج 20 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 6 من عقد النكاح وأولياء العقد، ح 9، ص 279.

وفي مقابل كلّ هذا وردت موثّقة الحسين بن علوان عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن عليّ(عليه السلام)قال: «لا يجوز طلاق الغلام حتّى يحتلم». راجع الوسائل، ج 22 من تلك الطبعة ب 32 من مقدّمات الطلاق وشرائطه، ح 8، ص 79.

وبعد فإنّ في النفس شيئاً؛ لأنّ نصوص صحّة الطلاق أكثر وأصحّ سنداً، ونصّ البطلان المطلق انحصر في رواية الحسين بن علوان، فالأولى الاحتياط.

(1) راجع الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 27 من مقدّمات الطلاق وشرائطه، ح 1، ص 86.

529

لوليّ الصبيّ أن يهب المتمتّع بها المدّة؟ قولان(1).

(مسألة: 2) يشترط في المطلّقة دوام الزوجيّة، فلا يصحّ طلاق المتمتّع بها، ولا الموطوءة بملك اليمين، ويشترط أيضاً خلوّها عن الحيض والنفاس إذا كانت مدخولا بها وكانت حائلا وكان المطلِّق حاضراً، فلو كانت غير مدخول بها أو حاملا جاز طلاقها وإن كانت حائضاً، وكذا إذا كان المطلّق غائباً وكان جاهلا بحالها، ولا فرق بين أن يكون المطلّق هو الزوج أو الوكيل الذي فوّض إليه أمر الطلاق. نعم، يشترط في صحّة طلاقه على الأحوط مضيّ مدّة يعلم بحسب عادتها انتقالها فيها من طهر إلى آخر(2)، فإذا مضت المدّة المذكورة فطلّقها صحّ طلاقها



(1) أقواهما العدم(1).

(2) قال اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): «الظاهر عدم اشتراط ذلك، بل إنّ الغائب إذا كان قد غاب عن زوجته وهي حائض وجب الانتظار إلى أن يعلم بخلوّها من الحيض. وإذا لم يكن لدى الزوج الغائب علم بالحالة السابقة أو كانت الحالة السابقة هي الطهر صحّ الطلاق على أيّ حال، وإنّما يعتبر الانتقال من طهر إلى طهر في صحّة طلاق الغائب فيما إذا غاب عنها وهي في طهر المواقعة على ما يأتي».

يقصد بما يأتي: ما يأتي في تعليقه الذي وقع بعد هذا التعليق مباشرة، وهو ما سيأتي ـ إن شاء الله ـ نقله عنه في تعليقنا الثاني بعد هذا التعليق، وسنشير ـ إن شاء الله ـ عند ما يأتي إلى ما هو المدرك في ذلك.


(1) كأنّ السبب في تجويزه كونه وليّاً عليه، فيراعي مصلحته، والنصّ الذي مضت الإشارة إليه إنّما منع عن طلاق الوليّ، وهذا ليس طلاقاً. والسبب في منعه أنّ أصل دليل هبة المدّة ـ وهو الحديث الوارد في الوسائل، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 29 من المتعة، ص 63 ـ دلالته ضيّقة لا تشمل هبة الوليّ.

530

وإن كانت حائضاً حال الطلاق.

وبحكم الغائب في ذلك الحاضر الذي لا يقدر بحسب العادة أن يعرف أنّها حائض أو طاهر، كما أنّ الغائب الذي يقدر على معرفة أنّها حائض أو طاهر لا يصحّ طلاقه إلّا إذا تبيّن أنّها طاهر في حال الطلاق وإن وقع الطلاق بعد المدّة المذكورة.

ثمّ إنّ اعتبار المدّة المذكورة في طلاق الغائب يختصّ بمن كانت تحيض، فإذا



أمّا مدرك قوله: «وجب الانتظار إلى أن يعلم بخلوّها من الحيض» فهي روايات شرط الخلوّ من الحيض إن كانت مدخولاً بها وكانت حائلاً، فإنّها بإطلاقها تشمل هذا الذي علم بحيضها ثمّ غاب(1).


(1) أردنا بتلك الروايات ما يكون من قبيل روايات الباب 9 من مقدّمات الطلاق وشرائطه، ص 23 ـ 25 بحسب المجلّد 22 من طبعة مؤسّسة آل البيت.

أمّا ما ورد في متن كلام السيّد الحكيم من أنّه: «بحكم الغائب في ذلك الحاضر الذي لايقدر بحسب العادة أن يعرف أنّها حائض أو طاهر» فمدركه صحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج في الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 28 من مقدّمات الطلاق وشرائطه، ح 1، ص 60.

وأمّا ما ورد أيضاً في المتن: «من أنّ الغائب الذي يقدر على معرفة أنّها حائض أو طاهرلا يصحّ طلاقه إلّا إذا تبيّن أنّها طاهر في حال الطلاق» فمدركه أنّ روايات صحّة طلاق الغائب رغم جهله بالحال ـ من قبيل روايات الباب 25 من مقدّمات الطلاق وشرائطه الواردة فيص 54 ـ 56 بحسب مجلّد 22 من طبعة مؤسّسة آل البيت ـ منصرفة إلى فرض عجزه عنمعرفة الحال.

531

كانت لا تحيض وهي في سنّ من تحيض جاز طلاق الغائب لها بعد ثلاثة أشهر(1)



(1) دلّ على ذلك بعض الروايات غير التامّة سنداً، ولكن يمكن إثبات ذلك ببعض روايات تامّة سنداً(1).


(1) الروايات غير التامّة سنداً عبارة عن روايتين:

الاُولى: رواية داود بن أبي يزيد العطّار عن بعض أصحابنا عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «سألته عن المرأة يستراب بها ومثلها تحمل ومثلها لا تحمل ولا تحيض وقد واقعها زوجها كيف يطلّقها إذا أراد طلاقها؟ قال: ليمسك عنها ثلاثة أشهر ثمّ يطلّقها». الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 40 من مقدّمات الطلاق وشرائطه، ص 91.

والثانية: رواية محمّد بن حكيم عن أبي عبدالله(عليه السلام) أو أبي الحسن(عليهم السلام): «في التي كانت تطمث ثمّ يرتفع طمثها سنة كيف تطلّق؟ قال: تطلّق بالشهور، فقال لي بعض من قال [يعني: أنّ محمّد بن حكيم يقول: فسّر لي بعض من فسّر التطليق بالشهور بقوله:] إذا أراد أن يطلّقها وهي لا تحيض وقد كان يطؤها استبرأها بأن يمسك عنها ثلاثة أشهر من الوقت الذي تبين فيه المطلّقة المستقيمة الطمث فإن ظهر بها حَبَل، وإلّا طلّقها...». الوسائل، نفس المجلّد، ب 25 من العدِد، ح 5، ص 225.

أمّا الرواية التامّة السند فهي عدّة روايات:

الاُولى: في نفس المجلّد والباب من العِدد، ح 4، ص 224 عن محمّد بن حكيم عن العبد الصالح(عليه السلام)، فإنّها دلّت على أنّ الحامل يستبين حملها في ثلاثة أشهر.

والثانية: صحيحة إسماعيل بن سعد الأشعريّ، قال: «سألت الرضا(عليه السلام) عن المسترابة من المحيض كيف تطلّق؟ قال: تطلّق بالشهور». الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت،ب 4 من العِدد، ح 17، ص 189.

والثالثة: معتبرة بكير بن أعين، قال: «أشهد على أبي جعفر(عليه السلام) أ نّي سمعته يقول: الغائب يطلّق بالأهلّة والشهور». الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 26 من مقدّمات الطلاق وشرائطه، ح 2، ص 56.

532

وإن احتمل طروء الحيض حال الطلاق.

ويشترط في المطلَّقة أيضاً أن تكون طاهراً طهراً لم يجامعها فيه، فلو طلّقها في طهر قد جامعها فيه لم يصحَّ إلّا إذا كانت صغيرةً أو يائسةً أو حاملا فإنّ كلّ واحدة من المذكورات يصحّ طلاقها وإن وقع في طهر قد جامعها فيه، ومثلها من غاب عنها زوجها إذا كان جاهلا بذلك وكان طلاقها بعد انقضاء المدّة المتقدّمة على الأحوط(1) فإنّه يصحّ الطلاق وإن كان وقوعه في طهر قد جامعها فيه على نحو ما تقدّم في شرطيّة عدم الحيض.



(1) قال اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): «بل الأظهر ذلك، بمعنى: لزوم الانتظار مدّة يعلم بحسب عادتها انتقالها فيها من طهر إلى طهر آخر، فلو طلّق قبل ذلك وبان في طهر المواقعة، كان باطلاً، ولو طلّق بعد مضيّ المدّة واتّفق أنّ طهر المواقعة كان لا يزال مستمرّاً، فالطلاق صحيح، والأحوط وجوباً أن لا تقلّ المدّة عن شهر ما لم يعلم وجداناً بالانتقال إلى طهر آخر في أقلّ من ذلك».

قوله: «بمعنى: لزوم الانتظار مدّة يعلم بحسب عادتها انتقالها فيها من طهر إلى طهر»، ذلك لإطلاق روايات شرط الطهر(1).

قوله: «فالطلاق صحيح»، عملاً بروايات صحّة طلاق الغائب(2).

قوله: «والأحوط وجوباً أن لا تقلّ المدّة عن شهر ما لم يعلم وجداناً بالانتقال إلى طهر آخر في أقلّ من ذلك»؛ لاختلاف الروايات في شرط تركها شهراً واحداً أو ثلاثة أشهر، فتحمل الثلاثة أشهر بحسب الجمع العرفيّ على الاستحباب(3).


(1) راجع الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 9 من مقدّمات الطلاق وشرائطه، ص 23 ـ 25.

(2) من قبيل روايات ب 26 من مقدّمات الطلاق وشرائطه، ص 56 ـ 58 بحسب المجلّد 22 من طبعة مؤسّسة آل البيت.

(3) راجع الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 26 من مقدّمات الطلاق وشرائطه، ح 3 و7 و8، ص 56 و58، وكأنّ السبب في التنزّل من الفتوى إلى الاحتياط الوجوبيّ إطلاقات طلاق الغائب.

533

وإذا أخبرت الزوجة أنّها طاهر فطلّقها الزوج أو وكيله، ثمّ أخبرت أنّها حائض حال الطلاق، لم يقبل خبرها إلّا بالبيّنة ؛ لتعارض الخبرين(1)، ويكون العمل على أصالة صحّة الطلاق.

(مسألة: 3) لو طلّق الغائب زوجته قبل مضيّ المدّة المذكورة فتبيّن كون الطلاق في طهر لم يجامعها فيه صحّ، وكذا لو طلّق الحاضر زوجته في طهر المجامعة فتبيّن كونها حاملا صحّ، ولا يعتبر في صحّة طلاق الحامل استبانة الحمل على الأقوى(2)، وإذا وطأها حال الحيض عمداً أو خطأً ثمّ طلّقها بعد أن طهرت من الحيض فالظاهر صحّة الطلاق(3)، وإذا طلّقها اعتماداً على استصحاب



(1) قال اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): «بل لأنّ الخبر الثاني لا حجّيّة له؛ لكونه مسبوقاً باعتراف المرأة بصحّة طلاقها، ولا يسمع الإنكار بعد الإقرار، وأمّا البيّنة فتقبل بمعنى: كونها حجّة في حقّ الزوج مع جهله بالحال، وأمّا إلزام الزوج المنكر بها فلا يخلو من إشكال»، أي: أنّ الزوج لو قال: إنّي مطّلع على أنّ الطلاق كان في حال الطهر، أشكل إلزام الزوجة للزوج بالبيّنة؛ لأنّ اعتراف المرأة بصحّة الطلاق حجّة عليها، ولا دليل على أنّ لها إقامة البيّنة على كذب إقرارها، فالعمل للآخرين الشاكّين يكون على أصالة صحّة الطلاق.

(2) لإطلاق روايات وردت في صحّة طلاق الحامل(1).

(3) قال اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): «ولا يترك الاحتياط بتكرار الطلاق؛ لقوله(عليه السلام): إذا أراد الرجل أن يطلّق امرأته يدعها حتّى تحيض...».

يقصد(رحمه الله): صحيح زرارة الوارد في الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، الباب الأوّل من أقسام الطلاق وأحكامه، ح 1، ص 103.


(1) راجع الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 27 من مقدّمات الطلاق وشرائطه، ص 59.

534

الطهر(1) أو استصحاب عدم المماسّة أو استصحاب عدم الدخول صحّ الطلاق ظاهراً،أمّا صحّته واقعاً فتابعة لتحقّق الشرط واقعاً.

(مسألة: 4) إذا كانت المرأة مسترابةً، بأن كانت لا تحيض وهي في سنّ من تحيض سواء أكان لعارض اتّفاقيٍّ أم لعادة جارية في أمثالها، كما في أيّام إرضاعها أو في أوائل بلوغها، جاز طلاقها في طهر قد جامعها فيه إذا كان قد اعتزلها حتّى مضت ثلاثة أشهر، فإنّه إذا طلّقها بعد مضيّ المدّة المذكورة صحّ طلاقها وإن كان في طهر المجامعة(2).

(مسألة: 5) يشترط في صحّة الطلاق تعيين المطلّقة مع تعدّد الزوجات، فلو كانت له زوجة واحدة فقال: « زوجتي طالق » صحّ، ولو كانت له زوجتان أو زوجات فقال: « زوجتي طالق »، فإن نوى معيّنةً منها صحّ، وقبل تفسيره(3)، وإن نوى غير معيّنة بطل على الأقوى.

(مسألة: 6) يجوز التوكيل في الطلاق من الحاضر والغائب للحاضر والغائب.

(مسألة: 7) الصيغة التي يقع بها الطلاق أن يقول: أنتِ طالق، و: هي طالق، أو: فلانة طالق، وفي وقوعه بمثل: طلّقت فلانة، أو طلّقتك، أو أنت مطلّقة، أو فلانة



(1) قال اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): «ولم يكن غائباً أو بحكمه، وإلّا صحّ طلاقه واقعاً ولو مع مصادفته لحيضها». ونِعْمَ ما قال.

(2) لعلّه ينظر إلى صحيحة إسماعيل بن سعد الأشعريّ، قال: «سألت الرضا(عليه السلام) عن المسترابة من المحيض كيف تطلّق؟ قال: تطلّق بالشهور». الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 4 من العدد، ح 17، ص 189.

(3) لعلّ المقصود: تفسيره أمام الشهود كي يصبحوا شهوداً.

535

مطلّقة إشكال وإن كان الأظهر الصحّة(1). ولا يقع بالكتابة والإشارة للقادر علىالنطق، ويقع بهما للعاجز عنه، ولو خيّر زوجته وقصد تفويض الطلاق إليها فاختارت نفسها بقصد الطلاق قيل: يقع الطلاق رجعيّاً، وقيل: لا يقع أصلا، وهو الأقوى، ولو قيل له: هل طلّقت زوجتك فلانة ؟ فقال: « نعم » بقصد إنشاء الطلاق قيل: يقع الطلاق بذلك، وقيل: لا، وهو الأقوى.

(مسألة: 8) يشترط في صحّة الطلاق عدم تعليقه على الشرط المحتمل الحصول أو الصفة المعلومة الحصول، فلو قال: إذا جاء زيد فأنتِ طالق، أو: إذا طلعت الشمس فأنت طالق، بطل. نعم، إذا كان الشرط المحتمل الحصول مقوّماً لصحّة الطلاق كما إذا قال: إن كنتِ زوجتي فأنتِ طالق، صحّ. ويشترط أيضاً في صحّة الطلاق: سماع رجلين عدلين، ولا يعتبر معرفة المرأة بعينها بحيث تصحّ الشهادة عليها، فلو قال: زوجتي هند طالق بمسمع الشاهدين صحّ وإن لم يكونا يعرفان هنداً بعينها، بل وإن اعتقدا غيرها، ولو طلّقها وكيل الزوج لم تكفِ شهادة الزوج، ولا شهادته، وتكفي شهادة الوكيل على التوكيل عن الزوج في إنشاء الطلاق.



(1) قال اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): «بل الأقرب عدم الصحّة». لعلّ الوجه في ذلك ما رواه ابن سماعة، قال: «ليس الطلاق إلّا كما روى بكير بن أعين، أن يقول لها وهي طاهر من غير جماع: أنت طالق، ويشهد شاهدين عدلين...»، وكلّ ما يخالف ذلك فهو مبتلى بإعراض المشهور عنه(1).


(1) رواية ابن سماعة هذه موجودة في الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 16 من مقدّمات الطلاق وشرائطه، ح 1، ص 41.

536

 

فصل في أقسام الطلاق:

وهو قسمان: بدعة، وسنّة.

فالأوّل: طلاق الحائض الحائل أو النفساء حال حضور الزوج مع إمكان معرفة حالها، أو مع غيبته كذلك، أو قبل المدّة، والطلاق في طهر المواقعة مع عدم اليأس والصغر والحمل، وطلاق المسترابة قبل انتهاء ثلاثة أشهر، وطلاق الثلاث مرسلا بأن يقول: هي طالق ثلاثاً، أو: هي طالق هي طالق هي طالق، والكلّ باطل عدا الأخير، فإنّه فيه تصحّ واحدة ويبطل الزائد، بل المشهور ذلك فيما لو قال: هي طالق ثلاثاً، وفيه نظر (1).



(1) قال اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): «ولكن الأقرب مع ذلك ما عليه المشهور؛ لأنّ ما يخالفه روايتان: إحداهما غير تامّة سنداً، والاُخرى قابلة للحمل على عدم كون الطلاق بائناً بتقييد النفي في قوله: ليس بشيء».

أقول: يقصد(رحمه الله): أنّ مقتضى القاعدة صحّة الطلاق فيما لو قال: هي طالق ثلاثاً، فإنّ كلمة (ثلاثاً) وإن كانت في غير محلّها وغير مرضيّة في رأي الشيعة، لكن صيغة (هي طالق) صيغة صحيحة، فيتمّ بذلك طلاق واحد. أقول: والكلام إلى هنا صحيح عندنا.

ثمّ يقول(رحمه الله): نعم، لو دلّ حديث معتبر على البطلان عملنا به تعبّداً، ولكن لا حديث معتبر دالّ على ذلك، فإنّ الحديث الوارد الذي قد يفترض دلالته على البطلان اثنان: أحدهما غير تامّ سنداً، والآخر غير تامّ دلالةً. هذا تفسير عبارته(رحمه الله)(1).


(1) يقصد(رحمه الله) بالحديث غير التامّ سنداً: الحديث الخامس من باب 29 من مقدّمات الطلاق وشرائطه من ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ص 62 ـ 63.

وفيه: «..فقلت: فرجل قال لامرأته: أنت طالق ثلاثاً، فقال: تردّ إلى كتاب الله وسنّة نبيّه...»، فكأ نّما

537

(مسألة: 1) إذا طلّق المخالف زوجته طلاقاً بدعيّاً جاز لنا تزويجها إلزاماً له بما ألزم به نفسه، ولو طلّقها ثلاثاً بانت منه حتّى تنكح زوجاً غيره، فلا يجوز له مراجعتها. نعم، إذا تبصّر جرى عليه حكم المتبصِّر من بطلان الطلاق(1) وجواز الرجوع إلى زوجته.

الثاني: قسمان: بائن، ورجعيّ.

فالأوّل طلاق اليائسة والصغيرة غير البالغة تسعاً، وغير المدخول بها ولو دبراً(2)، والمختلعة، والمباراة مع استمرار الزوجة على البذل، والمطلّقة ثلاثاً بينها



(1) قال اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): «هذا الجزم بالبطلان ينافي ما تقدّم منه من الجزم بعدم بطلانه فيما إذا كرّر الطلاق ثلاثاً، والنظر في ذلك فيما إذا قال: طالق ثلاثاً، وأمّا أصل ما ذكره من جريان حكم المتبصّر عليه عند استبصاره فهو صحيح». ولا تعليق لدينا حول ما أفاده(رحمه الله).

(2) تمسّكاً بإطلاق كلمة الدخول في مثل صحيحة زرارة: «إنّما كان يكون له أن يراجعها لو كان قد دخل بها أوّلاً، فأمّا قبل أن يدخل بها فلا رجعة له عليها، قد بانت منه ساعة طلّقها». الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 1 من العدد، ح 2، ص 175. ولنا إشكال في هذا الإطلاق؛ لإمكان دعوى الانصراف إلى الدخول في القبل.


فهم من هذا الحديث أنّ الطلاق بهذه الصياغة باطل، فيقول اُستاذنا: إنّ سند هذه الرواية ضعيف.

ويقصد(رحمه الله) بالحديث غير التامّ دلالةً وإن تمّ سنداً: حديث أبي بصير عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «من طلّق ثلاثاً في مجلس واحد فليس بشيء...». نفس المصدر، ح 8، ص 64. فهذا وإن تمّ سنداً ولكن يحتمل أن يكون المقصود بقوله: «فليس بشيء» نفي كون الطلاق بائناً.

أقول: أصل كون المراد في هذه الرواية الثانية بكلمة «من طلّق ثلاثاً في مجلس واحد» هو التطليق بصيغة «هي طالق ثلاثاً» غير واضح عندي؛ لاحتمال كون المراد طلاقها ثلاث مرّات في مجلس واحد.

538

رجعتان ولو كان الرجوع بعقد جديد(1) إن كانت حرّة.

والثاني ما عدا ذلك، ويجوز للزوج الرجوع فيه أثناء العدّة.

(مسألة: 2) طلاق العدّة الذي هو قسم من الطلاق الرجعيّ ـ كما نسب إلى المشهور ـ أو مؤلّف منه ومن الطلاق البائن ـ كما يظهر من بعضهم ـ هو: أن يطلّق مع اجتماع الشرائط، ثمّ يراجع قبل خروجها من العدّة فيواقعها، ثمّ يطلّقها في طهر آخر، ثمّ يراجعها فيه ويواقعها، ثمّ يطلّقها في طهر آخر فتحرم عليه حتّى تنكح زوجاً آخر، فإذا نكحت وخلت منه فتزوّجها الأوّل فطلّقها ثلاثاً على النهج السابق حرمت عليه حتّى تنكح زوجاً آخر، فإذا نكحت آخر وخلت منه فتزوّجها الأوّل فطلّقها ثلاثاً على النهج السابق حرمت في التاسعة تحريماً مؤبّداً إذا كانت حرّة، وما عدا ذلك فليس بعِدِّيّ، وإذا لم يكن الطلاق عِدِّيّاً فإنّها لا تحرم المطلّقة مؤبّداً(2)



(1) قيد لقوله: «بينها رجعتان»(1).

(2) قال اُستاذ الشهيد(رحمه الله): «فيه إشكال، والاحتياط لا يترك». أقول: وهذا احتياط في محلّه(2).


(1) فإنّها إن كانت أمة كفى أن تكون بينهما رجعة واحدة. راجع الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 40 من العدد، ص 256 ـ 257.

(2) الوجه في هذا الاحتياط إطلاق حديث زرارة بن أعين وداود بن سرحان ـ الوسائل،ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 4 من أقسام الطلاق وأحكامه، ح 4، ص 120 ـ: «...والذي يطلّق الطلاق الذي لا تحلّ له حتّى تنكح زوجاً غيره ثلاث مرّات وتزوّج ثلاث مرّات لا تحلّ له أبداً...»، وصريح صحيح جميل عن أبي عبدالله(عليه السلام) ـ الوسائل، ج 20 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 11 ممّا يحرم باستيفاء العدد، ح 2، ص 530 ـ: «إذا طلّق الرجل المرأة

539

وإن زاد عدد الطلاق على التسع. نعم، تحرم في الثالث حتّى تنكح زوجاً غيره.

(مسألة: 3) الطلاق السنّيّ أقسام: سنّيّ بالمعنى الأعمّ، وهو كلّ طلاق جامع للشرائط مقابل الطلاق البِدعيّ، وسنّيّ مقابل العِدِّيّ، وهو ما يراجع فيه في العدّة من دون جماع، وسنّيّ بالمعنى الأخصّ وهو أن يطلّق الزوجة فلا يراجعها حتّى تنقضي العدّة ثمّ يتزوّجها.

(مسألة: 4) يشترط في الزوج الذي يكون نكاحه محلِّلا للزوجة بعد ثلاث تطليقات في الحرّة اُمور: بلوغه(1)، ووطؤه قبلا بالعقد الصحيح الدائم، فإذا فقد واحداً منها لم تحلَّ للأوّل، وكما يهدم نكاحه الطلقات الثلاث يهدم ما دونها(2)،



(1) قال اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): «عدم الاكتفاء بنكاح المراهق هو الأحوط وإن كان الاكتفاء محتملاً». أقول: لإطلاق أدلّة محلّليّة نكاح زوج آخر(1).

(2) قال اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): «الأحوط عدم الهدم». أقول: وهذا الاحتياط في محلّه(2).


فتزوّجت، ثمّ طلّقها فتزوّجها الأوّل، ثمّ طلّقها فتزوّجت رجلاً، ثمّ طلّقها فتزوّجها الأوّل، فإذا طلّقها على هذا ثلاثاً لم تحلّ له أبداً».

والوجه في تنزّله(رحمه الله) من الإفتاء إلى الاحتياط الوجوبيّ ما ادّعاه صاحب المدارك من أنّه(رحمه الله)لا يَعلم بمضمونه قائلاً، وهذا يعني: وجود شبهة إعراض الأصحاب عن ذلك.

(1) كقوله تعالى: ﴿حَتَّى تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ﴾. سورة 2 البقرة، الآية: 230. وضعف سند الحديث الدالّ على شرط البلوغ ـ في الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 8 من أقسام الطلاق، الحديث الوحيد في الباب، ص 130 ـ إلّا أنّ النتيجة خلاف المشهور بين الأصحاب شهرة عظيمة.

(2) وتوضيح الحال: أنّه بعد تعارض روايات الباب 6 من أقسام الطلاق وأحكامه ـ ج 22 من الوسائل بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت ـ يكون المرجع إطلاق الآية: (الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ

540

فلو نكحت زوجاً آخر بعد تطليق الأوّل تطليقتين لم تحرم عليه إذا طلّقها الثالثة، بل لابدّ في تحريمها عليه من ثلاث تطليقات مستأنفة.

(مسألة: 5) الرجوع الموجب لرجوع الزوجيّة من الإيقاعات، فيصحّ إنشاؤه باللفظ مثل: رجعتُ بك، وراجعتك، وأرجعتك إلى نكاحي ونحو ذلك. وبالفعل كالوطء والتقبيل بشهوة، ونحو ذلك ممّا لا يحلّ إلّا للزوج، ولابدّ(1) في تحقّق الرجوع بالفعل من قصده، فلو وقع من الساهي أو بظنّ أنّها غير المطلّقة أو نحو ذلك لم يكن رجوعاً، ولا يجب الإشهاد في الرجوع فيصحّ بدونه وإن كان الإشهاد أفضل، ويصحّ فيه التوكيل، فإذا قال الوكيل: أرجعتكِ إلى نكاح موكّلي، أو: رجعت بكِ قاصداً ذلك، صحّ.

(مسألة: 6) يقبل قول المرأة في انقضاء العدّة بالحيض وبالشهور(2)، ويقبل قول



(1) قال اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): «إلّا في الجماع حيث لا يبعد اعتباره رجوعاً على أيّ حال؛ لإطلاق النصّ الوارد». ونِعْمَ ما أفاد(1).

(2) قال اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): «لا يبعد قبول قولها في انقضاء العدّة بالولادة في الحامل أيضاً».

كأنّ المقصود: أنّها لو ادّعت أ نّي كنت حاملاً فولدتُ، فانتقضت عدّتي صُدّقت؛ لإطلاق صحيح زرارة عن أبي جعفر(عليه السلام): «العدّة والحيض للنساء، إذا ادّعت صدّقت»(2).


فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوف أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَان). سورة 2 البقرة، الآية: 229.

والتنزّل من الفتوى إلى الاحتياط ينشأ من شبهة إعراض الأصحاب عن روايات عدم الهدم.

(1) المقصود بالنصّ الوارد هو النصّ الوارد في الوسائل، ج 28 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 29 من حدّ الزنا، ح 1، ص 132: محمّد بن القاسم قال: «سمعت أبا عبدالله(عليه السلام)يقول: من غشي امرأته بعد انقضاء العدّة جلد الحدّ، وإن غشيها قبل انقضاء العدّة كان غشيانه إيّاها رجعة».

(2) توضيح الحال: أنّنا لو شكّكنا في إطلاق مثل حديث عمر بن حنظلة ـ في الوسائل، ج 20

541

الرجل في الطلاق حتّى بعد انقضاء العدّة(1)، وكذا في الرجعة إذا كان في أثناء العدّة(2)، أمّابعد انقضاء العدّة إذا أخبر بالرجعة سابقاً في العدّة فلا يقبل(3) إلّا بالبيّنة، وفي قبول شهادة شاهد ويمين إشكال، وكذا بشهادة شاهد وامرأتين وإن كان الأظهر في الثاني العدم(4).



(1) لأنّ الطلاق بيد الزوج، فهو بمنزلة ذي اليد، فكلامه حجّة. أمّا ما أفاده اُستاذنا من قوله: «يقبل قول الرجل في الطلاق في ثبوت أصل الطلاق وما يكون بسبب ذلك، وأمّا بالنسبة لما عليه من حقوق فلا تسقط إلّا من حين ادّعائه»، فكأنّما(رحمه الله) يقصد بذلك: أنّ حجّيّة ادّعاء الزوج للطلاق بوصفه بمنزلة ذي اليد إنّما تكون من حين الادّعاء، وأمّا حجّيّته القهقرائيّة للزمان السابق فإنّما تكون بسبب أنّ إقرار العقلاء على أنفسهم نافذ، وهذا إنّما يسقط ما له من الحقوق، ولا يسقط ما عليه من حقوق.

ولكن الصحيح ما قلناه، وهو أنّ الحجّيّة القهقرائيّة لدعواه أيضاً ثابتة بوصفه من قبيل ذي اليد.

(2) لأنّ الرجعة في أثناء العدّة بيده فهو بمنزلة ذي اليد فكلامه حجّة.

(3) لأنّ الرجعة بعد انقضاء العدّة ليست بيده، فلا تقبل دعواه بالرجعة سابقاً إلّا بالبيّنة.

(4) قال اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): «بل لا يبعد القبول تمسّكاً بما دلّ على القبول في النكاح». ونِعْمَ ما أفاد(1).


بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 25 من عقد النكاح وأولياء العقد، ح 1، ص 301 ـ: «قلت لأبي عبدالله(عليه السلام): إنّي تزوّجت امرأة، فسألت عنها فقيل فيها، فقال: وأنت لِم سألت أيضاً؟! ليس عليكم التفتيش» فلا نشكّ في إطلاق صحيح زرارة عن أبي جعفر(عليه السلام): «العدّة والحيض للنساء، إذا ادّعت صدّقت». الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 24 من العدد، ح 1، ص 222.

(1) يقصد(رحمه الله) صحيح الحلبيّ ـ الوسائل، ج 27 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 24 من الشهادات، ح 2، ص 351 ـ عن أبي عبدالله(عليه السلام): «أنّه سئل عن شهادة النساء في النكاح، فقال: تجوز إذا كان معهنّ رجل...».

542

 

طلاق المريض:

(مسألة: 1) يصحّ طلاق المريض لزوجته، ولكنّه مكروه، فإذا طلّق ورثته(1)، سواء أكان الطلاق رجعيّاً أم بائناً إذا مات قبل انتهاء السنة، ولم يبرأ من مرضه الذي طلّق فيه، ولم يكن الطلاق بسؤالها، ولم يكن خلعاً ولا مباراةً، ولم تتزوّج بغيره(2)، فلو مات بعد انتهاء السنة ولو بلحظة، أو برئ من مرضه فمات، أو كان الطلاق بسؤالها، أو كان الطلاق خلعاً أو مباراة، أو كانت قد تزوّجت المرأة بغيره لم ترثه، ولو تزوّجت به ورثته، دواماً كان أو انقطاعاً وإن لم يدخل بها. نعم، إذا كان الطلاق رجعيّاً ومات في العدّة ورثته على كلّ حال، وكذا لو ماتت في العدّة الرجعيّة فإنّه يرثها.



(1) قال اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): «إذا كان الزوج مريضاً بمرض يحتمل بسببه الوفاة عادة».

أقول: حتّى يصدق عنوان (طلّقها في حال الإضرار) وهذا عنوان ورد في معتبرة سماعة(1).

(2) قال اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): «فمع الزواج الأحوط لها وجوباً أن لا تأخذ من ميراثه شيئاً».

أقول: للروايات الدالّة على ذلك المنتشرة في بابين من أبواب الوسائل(2).


(1) الوسائل، ج 26 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 14 من ميراث الأزواج، ح 9، ص 228 ـ 229: «قال: سألته عن رجل طلّق امرأته وهو مريض، قال: ترثه مادامت في عدّتها، فإن طلّقها في حال الإضرار فإنّها ترثه إلى سنة، وإن زاد على السنة في عدّتها يوم واحد فلا ترثه».

(2) أحدهما: ب 14 من ميراث الأزواج، ج 26 من الوسائل بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت. وثانيهما: ب 22 من أقسام الطلاق في المجلّد 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت.

وأكثر روايات البابين غير تامّة سنداً، لكن فيها ما يحتمل تماميّة سندها.

543

 

نكاح المريض:

(مسألة: 1) يصحّ نكاح المريض بشرط الدخول إذا مات في مرضه، فإن لم يدخل حتّى مات في مرضه بطل العقد، ولا مهر لها ولا ميراث، سواء مات بمرضه أم بسبب آخر من قتل أو مرض آخر، أمّا إذا مات بعد الدخول بها صحّ العقد وثبت المهر والميراث، ولو برئ من مرضه فمات ولم يدخل بها ورثته وكان لها نصف المهر، وكذا لو تزوّجت(1) وهي مريضة فماتت في مرضها أو بعدما برئت ولم يدخل بها. ولو تزوّجها في مرضه فماتت قبل الدخول ثمّ مات في مرضه لم يرثها، والظاهر أنّ النكاح في حال مرض الزوج إذا مات فيه قبل الدخول بمنزلة العدم فلا عدّة عليها بموته، وفي عموم الحكم للأمراض الطويلة التي تستمرّ سنين إشكال، والأحوط الصلح (2).

(مسألة: 2) إذا طلّقها فادّعت أنّ الطلاق في المحيض فإن كان تأريخ الطلاق معلوماً وتأريخ الحيض مجهولا يقبل قولها(3) مع يمينها، وكذا مع جهل تأريخهما(4)، وإذا كان تأريخ الحيض معلوماً وتأريخ الطلاق مجهولا كان القول قوله



(1) النصوص وردت في المريض لا في المريضة ـ راجع الوسائل، ج 26 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 18 من ميراث الأزواج، ص 231 ـ 232 ـ ولكن مقتضى قاعدة الاشتراك ـ في غير ما ثبتت فيه قرينة على الاختصاص بالرجل أو المرأة ـ هو التعدّي من المريض إلى المريضة.

(2) وذلك لشبهة الانصراف عرفاً.

(3) لاستصحاب بقاء الحيض الحاكم على أصالة صحّة الطلاق.

(4) لاستصحاب بقاء الحيض الحاكم على أصالة صحّة الطلاق.

544

مع يمينه(1)، وكذا الكلام فيما لو رجع وادّعى أنّه في العدّة وادّعت أنّه بعد العدّة، فإنّه إذا كان تأريخ العدّة معلوماً وتأريخ الرجوع مجهولا كان القول قول الزوج(2)، وإذا كان تأريخ الرجوع معلوماً أو كانا مجهولي التأريخ كان القول قولها (3).

 

فصل في العدّة:

(مسألة: 1) لا عدّة في الطلاق على الصغيرة واليائسة وإن دخل بهما، وغير المدخول بها قبلا ولا دبراً،(4) ويتحقّق الدخول بإدخال الحشفة(5) وإن لم ينزل، حراماً كان كما إذا دخل قبل البلوغ(6) أو في نهار الصوم الواجب المعيّن أو في حالة الحيض، أو حلالا.



(1) لأصالة صحّة الطلاق.

(2) لأصالة صحّة الرجوع.

(3) لاستصحاب تأخّر الرجوع الحاكم على أصالة صحّة الرجوع.

(4) أفاد اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): «ثبوت العدّة بالدخول دبراً محلّ تأمّل، فلابدّ من مراعاة الاحتياط».

أقول: هذا الاحتياط عندنا استحبابيّ، والأقوى عدم العدّة، ومثل صحيح الحلبيّ: «إذا طلّق الرجل امرأته قبل أن يدخل بها فليس عليها عدّة» ـ الوارد في الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 1 من العِدَد، ح 4، ص 176 ـ ينصرف إلى الدخول في القُبل.

(5) الأحوط وجوباً الاعتداد بإدخال الأقلّ من تمام الحشفة؛ لإمكان القول بصدق عنوان الدخول.

(6) لعلّ المقصود من هذه العبارة: أنّه لو دخل بها قبل البلوغ وهو حرام، ولكن طلّقها بعد البلوغ وجبت عليها العدّة؛ لأنّه طلاق بعد الدخول، ولا إشكال في أنّ هذا أحوط على الأقلّ.

545

(مسألة: 2) عدّة الطلاق في التي تحيض: ثلاثة أطهار إن كانت حرّة، فإذا رأت دم الحيضة الثالثة فقد خرجت من العدّة(1)، والأحوط انتظار انتهاء الحيضة الأخيرة. وإن كانت لا تحيض وهي في سنّ من تحيض فإن كانت حائلا فعدّتها ثلاثة أشهر(2) ولو كانت ملفّقةً إن كانت حرّة. وإن كانت حاملا وإن كان حملها بإراقة مائه في فرجها من دون دخول(3) فعدّتها إلى وضع الحمل، وإن كان سقطاً، بل عرفت في مبحث « المتعة » أنّ ذلك أجل المتمتّع بها، وإن كان الأحوط لها انتظار أبعد الأجلين. وعدّة المتوفّى عنها زوجها إن كانت حرّةً حائلا أربعة أشهر وعشرة أيّام، صغيرةً كانت أم كبيرة، يائسةً كانت أم غيرها، مسلمةً كانت أم غيرها، مدخولا بها أم غير مدخول بها، دائمةً أم متمتّعاً بها، ولا فرق في الزوج بين الكبير والصغير، والحرِّ والعبد، والعاقل وغيره، والأحوط لو لم يكن أقوى أن تكون



(1) كما هو مفاد روايات كثيرة، كصحيح زرارة عن أبي جعفر(عليه السلام): «إذا دخلت في الحيضة الثالثة فقد انقضت عدّتها وحلّت للأزواج». الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 15 من العدد، ح 1، ص 204.

(2) للروايات، كصحيح محمّد بن مسلم عن أحدهما. الوسائل، نفس المجلّد، ب 4 من العِدد، ح 1، ص 184.

(3) هذا مقتضى إطلاق أدلّة كون العدّة في الحامل وضع الحمل، كقوله تعالى ـ في سورة الطلاق 65، الآية: 4 ـ: ﴿وَأُوْلاَتُ الاَْحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُن﴾(1).


(1) فإنّ هذا يشمل بإطلاقه المطلّقة التي لم يدخل بها زوجها، ويقع ذلك طرفاً للمعارضة مع أدلّة أنّ طلاق غير المدخول بها طلاق بائن لا عدّة عليها، ولكن تلك الأدلّة إمّا هي منصرفة عن الحامل أو أنّ إطلاقها يسقط في مقابل إطلاق الآية.

546

الشهور عدديّةً فتكون المدّة مئةً وثلاثين يوماً.(1) وإن كانت حرّةً حاملا فعدّتهاأبعد الأجلين من المدّة المذكورة ووضع الحمل، كما سبق.

(مسألة: 3) يجب على المعتدّة عدّة الوفاة الحداد مادامت في العدّة بترك الزينة في البدن واللباس، مثل: الكحل، والطيب، والخضاب، والحمرة، وماء الذهب، ولبس مثل الأحمر والأصفر إذا كان لباس زينة عند العرف، وربّما يكون لباس الأسود كذلك إمّا لكيفيّة تفصيله أو لبعض الخصوصيّات الموجودة فيه مثل كونه مخطّطاً. وبالجملة: ما يكون زينةً من اللباس يحرم لبسه، ومنه الحلي، ولا بأس بما لا يعدّ زينةً مثل: تنظيف البدن واللباس، وتقليم الأظفار، ودخول الحمّام، ولا فرق بين المسلمة والذمّيّة، ولا فرق بين الزوج الكبير والصغير، والأقوى عدم



(1) لا شكّ في أنّ هذا هو أحوط الاُمور في المقام، ولكن الاحتياط بهذه السعة غير واجب يقيناً(1).


(1) لعلّ نكتة احتمال الأقوائيّة في نظره الشريف عبارة عن أن لا يختلف العدد من حال إلى حال.

ولكنّنا نقول: إنّ كلمة الشهر في لسان الشريعة الإسلاميّة تنصرف عادة إلى الشهر الهلاليّ.

وعليه، فإن كان الموت في أوّل الشهر الهلاليّ فلا ينبغي الإشكال في أنّ المقياس هي الأشهر الهلاليّة مع إضافة عشرة أيّام من الشهر الخامس.

وإن كان الموت في أوّل الأربعة والعشرين ساعة من اليوم ولم يكن في أوّل الشهر فالأقوى أنّ الفهم العرفيّ يقتضي كفاية تكميل مقدار العدّة بإضافة العدد الناقص من شهر متأخّر إلى ما مضى مع عشرة أيّام.

وإن كان الموت في أثناء الأربعة والعشرين من اليوم احتمل كفاية التلفيق لإكمال اليوم الواحد أيضاً، إلّا أنّ الاحتياط هنا أشدّ فلا يترك.

والتعبير الواصل من اُستاذنا الشهيد في تعليقه على منهاج الصالحين في غاية التعقيد مشتملاً على تكرّر خطأ قلميّ أو مطبعيّ.

547

ثبوت الحداد في الصغيرة، والأقوى وجوبه على المتمتّع بها كالدائمة(1)، والظاهر أنّه ليس شرطاً في العدّة، فلو تركته عمداً أو لعذر جاز لها التزويج بعد انقضاء العدّة، ولا يجب عليها استئنافها، والأقوى جواز خروجها من بيتها على كراهيّة(2)إلّا لضرورة، أو أداء حقٍّ، أو فعل طاعة، أو قضاء حاجة.

(مسألة: 4) إذا طلّق زوجته رجعيّاً فمات في أثناء العدّة اعتدّت عدّة الوفاة(3)،



(1) لإطلاق بعض أدلّة الحداد(1).

(2) دلّت على جواز خروجها من بيتها رواية الصدوق(2).

(3) يكفي لذلك وضوح: أنّها في الطلاق الرجعيّ تعتبر زوجة(3).


(1) من قبيل حديث زرارة عن أبي جعفر(عليه السلام): «قال: إن مات عنها، يعني: وهو غائب، فقامت البيّنة على موته، فعدّتها من يوم يأتيها الخبر أربعة أشهر وعشراً؛ لأنّ عليها أن تحدّ عليه في الموت أربعة أشهر وعشراً، فتمسك عن الكحل والطيب والأصباغ». الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 29 من العِدَد، ح 1، ص 232.

(2) بإسناده عن عمّار الساباطيّ عن أبي عبدالله(عليه السلام): «أنّه سأله عن المرأة يموت عنها زوجها هل يحلّ لها أن تخرج من منزلها في عدّتها؟ قال: نعم، وتختضب وتكتحل وتمتشط وتصبغ وتلبس المصبّغ وتصنع ما شاءت بغير زينة لزوج». الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 29 من العِدَد، ح 7، ص 234.

ولكن تصريحها بجواز الزينة لا لزوج خلاف المعمول به لدى الأصحاب. وهناك بعض الروايات الناهية عن الخروج من البيت في الحالات الاعتياديّة، لكنّها غير نقيّة السند. راجع نفس الباب. وكأنّه جمع بينهما بالحمل على الكراهيّة.

(3) مضافاً إلى الروايات، كصحيح محمّد بن قيس عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: «سمعته يقول: أيّما امرأة طلّقت، ثمّ توفّي عنها زوجها قبل أن تنقضي عدّتها ولم تحرم عليه، فإنّها ترثه، ثمّ تعتدّ عدّة المتوفّى عنها زوجها». الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 36 من العِدَد، ح 3، ص 250.

548

أمّا لو كان الطلاق بائناً أكملت عدّة الطلاق لا غير.

(مسألة: 5) الحمل الذي يكون وضعه هو منتهى عدّة الحامل أعمّ ممّا كان سقطاً تامّاً وغير تامٍّ حتّى لو كان مضغةً أو علقة(1).

(مسألة: 6) إذا كانت حاملا باثنين لم تخرج من العدّة إلّا بوضع الاثنين(2).

(مسألة: 7) لابدّ من العلم بوضع الحمل، فلا يكفي الظنّ به فضلا عن الشكّ. نعم، يكفي قيام الحجّة على ذلك كالبيّنة وإن لم تفد الظنّ، ويعتبر أيضاً إلحاق الولد بذي العدّة، فلو لم يلحق به كما لو كان الزوج بعيداً عنها بحيث لا يحتمل تولّده منه، لم يكن وضعه موجباً للخروج عن العدّة منه على الأقوى، بل تكون عدّتها الأقراء أو الشهور.



(1) يكفيه إطلاق الآية الكريمة(1).

(2) لأنّه بوضع واحد تكون قد وضعت جزءاً من حملها ولم يصدق وضع تمام الحمل(2).


(1) وهي قوله تعالى: ﴿وَأُوْلاَتُ الاَْحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُن﴾. سورة 65 الطلاق، الآية: 4. وكذلك إطلاق النصوص ـ راجع الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 9 من العِدَد ـ مضافاً إلى تصريح حديث عبدالرحمن بن الحجّاج عن أبي الحسن(عليه السلام) قال: «سألته عن الحبلى إذا طلّقها زوجها فوضعت سقطاً تمّ أو لم يتمّ، أو وضعته مضغة، فقال: كلّ شيء يستبين أنّه حمل تمّ أو لم يتمّ فقد انقضت عدّتها وإن كان مضغة». الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 11 من العِدَد، الحديث الوحيد في الباب، ص 197.

(2) وأمّا خبر عبدالرحمن البصريّ عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «سألته عن رجل طلّق امرأته وهي حبلى وكان في بطنها اثنان، فوضعت واحداً وبقي واحد، قال: تبين بالأوّل، ولا تحلّ للأزواج حتّى تضع ما في بطنها»، الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ح 1، ص 196 ـ 197، فغير تامّ سنداً، وكذلك الحديث الثاني من الباب، ص 197، ولعلّه إشارة إلى نفس الحديث الأوّل.

549

(مسألة: 8) الغائب إن عرف خبره وعلمت حياته صبرت امرأته(1)، وكذا إن جهل خبره وأنفق عليها وليّه من مال الغائب أو من مال نفسه، وإن لم يكن للغائب مال ولم ينفق الوليّ عليها من مال نفسه فإن صبرت المرأة على ذلك فهو، وإن لم تصبر(2)فالمشهور أنّها ترفع أمرها إلى الحاكم الشرعيّ فيؤجّلها أربع سنين، ثمّ يفحص عنه في الجهات التي فقد فيها، فإن علم حياته صبرت، وإن علم موته اعتدّت عدّة الوفاة، وإن جهل حاله وانقضت الأربع سنين أمر الحاكم وليّه بأن يطلّقها، فإن امتنع أجبره، فإن لم يكن له وليّ أو لم يمكن إجباره طلّقها الحاكم(3)، ثمّ اعتدّت عدّة الوفاة، وليس عليها



(1) أفاد اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): «لو علم بأنّه قد أهمل زوجته في النفقة وقصّر في ذلك ولم يمكن تحصيله لإجباره على الإنفاق، فمن القريب القول بأنّ هذا حاله حال الحاضر الممتنع عن الإنفاق على زوجته مع تعذّر إجباره على الإنفاق أو الطلاق». ونِعْمَ ما أفاد.

(2) يعني: على عدم بذل النفقة من مال الغائب أو وليّه، لا على الانحرام من العمل الجنسيّ(1).

(3) شرط التطليقة وارد في صحيحة بريد بن معاوية وصحيحة الحلبيّ(2).


(1) أمّا عدم صبرها على الانحرام من العمل الجنسيّ فلا كرامة لها. راجع صحيح الحلبيّ ـ في الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 23 من أقسام الطلاق، ح 4، ص 158 ـ عن أبي عبدالله(عليه السلام): «أنّه سئل عن المفقود، فقال: المفقود إذا مضى له أربع سنين بعث الوالي أو يكتب إلى الناحية التي هو غائب فيها، فإن لم يوجد له أثر أمر الوالي وليّه أن ينفق عليها فما أنفق عليها فهي امرأته، قال: قلت: فإنّها تقول: فإنّي اُريد ما تريد النساء، قال: ليس لها ذلك، ولا كرامة، فإن لم ينفق عليها وليّه أو وكيله أمره أن يطلّقها، فكان ذلك عليها طلاقاً واجباً».

(2) الصحيحة واردة في الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 23 من أقسام الطلاق، ح 1، ص 157: قال: «سألت أبا عبدالله(عليه السلام) عن المفقود كيف تصنع امرأته؟ فقال: ما سكتت عنه وصبرت فخلّ عنها، وإن هي رفعت أمرها إلى الوالي أجّلها أربع سنين، ثمّ يكتب إلى

550

فيها حداد(1)، فإذا خرجت من العدّة صارت أجنبيّة عن زوجها وجاز لها أن تتزوّج من شاءت، وإذا جاء زوجها حينئذ فليس له عليها سبيل، وما ذكره المشهور قريب وإن منعه بعض. ولو كانت له زوجات اُخرى لم يرفعنَ أمرهنّ إلىالحاكم فهل يجوز للحاكم طلاقهن إذا طلبن ذلك، فيجتزئ بمضيِّ المدّة المذكورة والفحص عنه بعد طلب إحداهنّ، أو يحتاج إلى تأجيل وفحص جديد؟ وجهان، أقربهما الأوّل(2)،



(1) لأنّ العدّة وإن كانت عدّة الوفاة لكن هذه العدّة ثبتت بالطلاق لا بالوفاة.

(2) لإطلاق صحيح الحلبيّ الدالّ على أنّ المقياس ثبوت مضيّ أربع سنين لدى الحاكم(1).


الصقع الذي فقد فيه، فليسأل عنه، فإن خبّر عنه بحياة صبرت، وإن لم يخبر عنه بحياة حتّى تمضي الأربع سنين دعا وليّ الزوج المفقود، فقيل له: هل للمفقود مال؟ فإن كان للمفقود مال اُنفق عليها حتّى يعلم حياته من موته، وإن لم يكن له مال قيل للوليّ: أنفق عليها، فإن فعل فلا سبيل لها إلى أن تتزوّج ما أنفق عليها، وإن أبى أن ينفق عليها أجبره الوالي على أن يطلّق تطليقة في استقبال العدّة وهي طاهر، فيصير طلاق الوليّ طلاق الزوج، فإن جاء زوجها قبل أن تنقضي عدّتها من يوم طلّقها الوليّ فبدا له أن يراجعها، فهي امرأته، وهي عنده على تطليقتين، وإن انقضت العدّة قبل أن يجيء ويراجع، فقد حلّت للأزواج، ولا سبيل للأوّل عليها». راجع أيضاً ح 4 من نفس الباب، ص 158.

ولكن مقتضى إطلاق حديث سماعة عدم اشتراط الطلاق ـ راجع الوسائل، ج 20 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 44 ممّا يحرم بالمصاهرة، ح 2 ـ: «...فإن لم يوجد له خبر حتّى تمضي الأربع سنين أمرها أن تعتدّ أربعة أشهر وعشراً، ثمّ تحلّ للأزواج، فإن قدم زوجها بعد ما تنقضي عدّتها فليس له عليها رجعة، وإن قدم وهي في عدّتها أربعة أشهر وعشراً فهو أملك برجعتها». فكأنّهم أفتوا بشرط التطليق على أساس حمل المطلق على المقيّد.

(1) راجع الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 23 من أقسام الطلاق، ح 4،

551

كما أنّه لا يبعد الاجتزاء بمضيِّ الأربع سنين بعد فقده مع الفحص فيها(1) وإن لم يكن بتأجيل من الحاكم، وإن كان الأحوط أن يكون ذلك بتأجيل منه. ولو فقد في بلد مخصوص أو جهة مخصوصة بحيث دلّت القرائن على عدم انتقاله منها كفى البحث في ذلك البلد أو تلك الجهة، ولو تحقّق الفحص التامّ في مدّة يسيرة وجب انتظار تمام المدّة، ولو تمّت المدّة ولم يتمَّ الفحص وجب إتمامه بعدها، ولا فرق في المفقود بين المسافر ومن كان في معركة قتال ومن انكسرت سفينته ففقد، ويجوز للحاكم الاستنابة في الفحص ولو للزوجة(2)، ويكفي في النائب



(1) أفاد اُستاذنا(رحمه الله): «بل مع الفحص في نهاية تلك المدّة». ونِعْمَ ما أفاد(1).

(2) يعني: جعل النيابة لنفس الزوجة، وعدم وجوب الفحص على الحاكم بنفسه مباشرة واضح؛ لأنّ الحاكم ليس عادة هو الذي يباشر الفحص.


ص 158، عن أبي عبدالله(عليه السلام): «أنّه سئل عن المفقود، فقال: إذا مضى له أربع سنين بعث الوالي أو يكتب إلى الناحية التي هو غائب فيها، فإن لم يوجد له أثر أمر الوالي وليّه أن ينفق عليها، فما أنفق عليها فهي امرأته...».

(1) لإطلاق الروايات الآمرة بفحص الحاكم. راجع صحيح بريد بن معاوية ـ في الوسائل،ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 23 من أقسام الطلاق، ح 1، ص 157 ـ: قال: «سألت أبا عبدالله(عليه السلام) عن المفقود كيف تصنع امرأته؟ فقال: ما سكتت عنه وصبرت فخلّ عنها، وإن هي رفعت أمرها إلى الوالي أجّلها أربع سنين، ثمّ يكتب إلى الصقع الذي فقد فيه فليسأل عنه...».

وصحيح الحلبيّ ـ في نفس المصدر، ح 4، ص 158 ـ عن أبي عبدالله(عليه السلام): «أنّه سئل عن المفقود، فقال: المفقود إذا مضى له أربع سنين بعث الوالي أو يكتب إلى الناحية التي هو غائب عنها...».