186

وإن كان هو ذلك زائداً الابتلاء العامّ بذلك بحيث لو كُلّف كلّ أحد الفحص بنفسه لدرك الحقيقة لاختلّت حياتهم فالظاهر أنّ هذا أيضاً منطبق على المقام بعد الأخذ بعين الاعتبار جوّ المتشرّعة بالخصوص، فإنّ حاجتهم إلى التقليد وإلى معرفة الفقيه حاجة عامّة.

الطريق الثالث: دعوى أنّ خبر الواحد إذا كان في الموضوعات ولكن كان ينتهي إلى الحصول على الحكم الكلّي الإلهي ولو بالملازمة والحدس فهو كخبر الواحد في الأحكام يكون حجّة؛ وذلك من قبيل خبر الواحد بوثاقة الراوي المنتهي إلى إثبات الحكم الكلّي الفقهي ببركة النصّ الذي يرويه ذاك الثقة، وإلّا فجميع أخبار الآحاد في باب الأحكام من هذا القبيل فإنّها تشتمل على نقل كلام الإمام، وليس هذا إلّا نقلاً للموضوع الذي يستنبط منه بالملازمة والحدس حكم الله تعالی، وكذلك الحال في نقل الفقاهة المنتهي بالملازمة إلى فهم الحكم العامّ الذي يعطيه ذاك الفقيه.

وهذا الطريق بهذا الطرز من البيان الذي ذكرناه مأخوذ من السيّد

187

الحكيم(رحمه الله) في المستمسك.

وأورد عليه أُستاذنا الشهيد(رحمه الله) بـ «أنّ دليل حجّية الخبر في الشبهات الحكمية لم يدل على حجّية الإخبار عن الحكم الكلّي بهذا العنوان ليبذل الجهد في إرجاع بعض الأخبار في الموضوعات إلى الخبر عن الحكم الكلّي بالالتزام، وإنّما دلّ الدليل المتحصّل من السنّة المتواترة إجمالاً على مضمون مثل قوله: «العمري وابنه ثقتان، فما أدّيا إليك عنّي فعنّي يؤدّيان، وما قالا لك عنّي فعنّي يقولان، فاسمع لهما وأطعهما، فإنّهما الثقتان المأمونان» ، فموضوع الحجّية هو الخبر الذي يعتبر أداءً عن الإمام وهذا ينطبق على خبر زرارة دون خبر العادل عن الاجتهاد؛ ومن أجل ذلك قلنا في موضعه من كتاب الخمس: إنّ أخبار التحليل قد يقال بشمول الدليل المذكور على الحجّية لها وإن حملت على التحليل المالكي؛ لأنّها وإن لم تكن إخباراً عن الحكم الكلّي ولكنّها أداءٌ عن الإمام فيشملها موضوع


(1) مستمسک العروة الوثقی، ج1، ص39.

(2) وسائل الشيعة، ج27، ص138، الباب11 من أبواب صفات القاضي وما يجوز أن يقضي به، ح4.

188

الحجّية في ذلك الدليل» . انتهى.

أقول: قد مضى في روايات التقليد حديث صحيح السند عن يونس بن يعقوب قال: «كنّا عند أبي عبدالله(علیه السلام) فقال: أما لكم من مفزع؟! أما لكم من مستراح تستريحون إليه؟! ما يمنعكم من الحارث بن المغيرة النضري؟!».

فإن استظهرنا من هذا الحديث أنّ كلّ ما ينقله الثقة _ ممّا لو اعتمدنا عليه لاسترحنا إليه في فهم ديننا _ كان لنا حجّة ومفزعاً، إذاً فالصحيح ما فهمه السيّد الحكيم(رحمه الله) من أنّ كلّ خبر ثقة ينتهي إلى فهم الحكم الكلّي الإلهي يكون حجّة، ومن هذا القبيل الإخبار عن وثاقة الرواة، ومن هذا القبيل الإخبار عن فقاهة الفقيه الذي يراد تقليده، فإنّه لو كان الإخبار صحيحاً لكانت فتاواه مدركاً لفهم الأحكام الفقهية الكلّية.

إذاً فالظاهر صحّة الاعتماد على خبر الثقة الواحد من أهل الخبرة بفقاهة الشخص على أساس الطريق الثاني أو الثالث.


(1) بحوث في شرح العروة، ج2، ص84 _ 85.

(2) وسائل الشيعة، ج27، ص45، الباب 11 من أبواب صفات القاضي وما يجوز أن يقضي به، ح24.

189

إذا لم تكن معارضة بشهادة آخرين من أهل الخبرة ينفيان عنه الاجتهاد(1)، وكذا يعرف بالشياع المفيد للعلم، وكذا الأعلميّة تعرف بالعلم أو البيّنة الغير المعارضة(2) أو الشياع المفيد للعلم.

مسألة 21: إذا كان مجتهدان لا يمكن تحصيل العلم بأعلميّة أحدهما ولا البيّنة(3) فإن حصل الظنّ بأعلميّة أحدهما تعيّن تقليده، بل لو كان في أحدهما احتمال الأعلميّة يقدّم؛ كما إذا علم أنّهما متساويان


(1) أمّا لو وقع التعارض بين البيّنة وخبر الواحد بناءً على الإيمان بحجّية خبر الواحد في المقام بأحد الوجوه المتقدّمة فلا يبعد القول بأنّ دليل حجّية خبر الواحد يسقط في المقام؛ لتعارض فردين من موضوع هذا الدليل، ولكن دليل حجّية البيّنة يبقى على إطلاقه؛ لأنّ دليل حجّية خبر الواحد لو كان لفظيّاً فهو مبتلى بالتعارض الداخلي والإجمال، فهو يعجز عن معارضة إطلاق دليل حجّية البيّنة بناءً على وجود إطلاق لفظيّ فيه.

(2) أو بخبر الواحد من أهل الخبرة على التفصيل الذي عرفته في تشخيص أصل الفقاهة.

(3) ولا أيّ دليل آخر.

190

أو هذا المعيّن أعلم ولا يحتمل أعلميّة الآخر فالأحوط تقديم من يحتمل أعلميّته(1).


(1) متى ما احتمل أو ظُنّ بأعلميّة أحدهما من دون احتمال أعلميّة الآخر فقد يقال: إنّه دخل ذلك في دوران الأمر في الحجّية بين التعيين والتخيير والمتيقّن المُبرئ للذمّة هو المعيّن، ولكن التحقيق أنّه بناءً على ما قرّبناه من التخيير في فرض التساوي تكون فتوى من لا يحتمل أعلميّته داخلة فيما هو مقطوع الحجّية في ذاته مع الشكّ في وجود معارض مسقط لحجّيّته بسبب التعارض ومعه تبقى فتواه على الحجّية، إذاً فيثبت التخيير.

وأمّا لو كان احتمال الأعلمية وارداً في كلا الطرفين، فمع العلم الإجمالي بأعلميّة أحدهما لا محيص عن الأخذ في كلّ مسألة بأحوط الرأيين؛ لأنّ الحجّة الفعليّة مردّدة بينهما، ومع احتمال التساوي نرجع مرّة أُخرى إلى ما قلناه من التخيير؛ لأنّ فتوى كلّ منهما معلومة الحجّية في ذاته، والابتلاء بالمعارض من الأعلم الموجب لسقوط الأوّل عن الحجّية غير معلوم.

أمّا لو لم نؤمن بالتخيير في فرض التساوي، فما لم يعلم بأعلميّة أحدهما مع تشخيصه لا محيص عن الأخذ بأحوط الرأيين في كلّ مسألة.

191

مسألة 22: يشترط في المجتهد أُمور: البلوغ(1)،


شروط المجتهد المقلَّد

(1) لا دليل واضح على شرط البلوغ. نعم، ورد في رواية أبي خديجة: «...ولكن اُنظروا إلى رجل منكم يعلم شيئاً من قضايانا فاجعلوه بينكم فإنّي قد جعلته قاضياً فتحاكموا إليه».

ولو فرضت تماميّة دلالة ذلك على اشتراط الرجولة، بمعنى ما يقابل الصِغَر في القضاء فالتعدي إلى باب الإفتاء في غير محلّه؛ وذلك لأنّ القضاء أساساً يكون لوليّ الأمر من نبيّ أو وصيّ نبيّ؛ لأنّه غصن من أغصان الولاية، فإذا أراد الإمام(علیه السلام) أن يعطي هذا المنصب لغيره واحتاط له بإعطائه لخصوص البالغ فهذا لا يدلّ على أنّ التقليد الذي يكون مرجعه إلى مبدأ الرجوع إلى أهل الخبرة والذي لا فرق فيه عقلائيّاً بين الكبير والصغير لو كان من أهل الخبرة أيضاً يكون كذلك.

نعم يبقى شيء، وهو أنّه قد يتّفق أنّ عدم البلوغ يؤدّي إلى عدم


(1) وسائل الشيعة، ج27، ص13، الباب الأوّل من أبواب صفات القاضي وما يجوز أن يقضي به، ح5.

192

والعقل(1) ،


الاعتماد على إفتائه من باب أنّه لا رادع له من التكليف عن المسامحة أو الكذب في الإفتاء، وهذه مسألة أُخرى غير اشتراط البلوغ بالذات. وقد يتّفق العكس ويكون الصغير غير الملوّث بالذنوب أكثر مورداً للاطمئنان.

(1) عدم حجّية استنباطه الذي وقع في حال الجنون بديهي لا يحتاج إلى بحث، وليس هذا شرطاً جديداً على أصل شرط الفقاهة.

وأمّا عدم حجّية استنباطه الذي وقع في حال العقل فغير واضح، والبقاء عليه يشبه البقاء على تقليد الميّت، وتقليده ابتداءً يشبه تقليد الميّت ابتداءً.

يبقى الوضوح المتشرّعي لعدم صحّة إيكال هذا المسند المحترم وهو مسند الإفتاء أو مسند رجوع المسلمين إليه إلى شخص مجنون.

إلّا أنّ هذا إن صحّ في المخالف والفاسق باعتبار الأخذ بفتواه في حال مخالفته أو فسقه فصحّته في المجنون الذي لا معنى للأخذ بفتوى حال جنونه _ وإنّما الذي ينبغي البحث عنه هو الأخذ بفتوى حال عقله _ غير واضحة.

193

والإيمان(1)،


(1) لا يخفى أنّ الحديث عن شرط الإيمان يكاد أن يكون عادماً للأثر العملي؛ فإنّ فقدان الإيمان يستلزم عادة فقدان الوثوق بأمانته في الإفتاء بما تقتضيه أدلّتنا وطُرقنا الاستنباطيّة أو فقدان الوثوق بعدم التأثير اللاشعوري لمبانيه الاستنباطيّة وفق مذهبه على استنباطه لنا، وليس حال الإفتاء حال مجرّد نقل خبر عن الصادق(علیه السلام) الذي قد نعتمد فيه على نقل السكوني وأضرابه، ومع فقدان الوثوق بأمانته أو بعدم التأثّر اللاشعوري بمبانيه لا شكّ في بطلان تقليده، إلّا أنّ هذا غير شرطية الإيمان بما للكلمة من معناها الحرفي.

ومع ذلك يمكن الاستدلال على شرطيّة الإيمان بأحد وجوه:

الوجه الأوّل: البداهة المتشرّعية، وإن شئت فسمّها بالإجماع المترسّخ والمتأصّل في ذهن المتشرّعة إلى حدّ لو فرض مدركيّاً لدلّنا على صحّة مدركه وعلى خطئنا في الفهم لو لم نكن نفهم ذاك المعنى من ذلك المدرك.

الوجه الثاني: ما دلّ على عدم جواز التحاكم إلى الطاغوت؛ معلّلاً

194

بأنّنا أمرنا أن نكفر به، وهو الآية الشريفة ، فهذا التعليل يوجب التعدّي إلى التقليد، فإنّ المقصود بالكفر به ليس هو الاعتراف بضلاله مثلاً، وإلّا فالذين أنّبتهم الآية الشريفة كانوا معترفين بضلالة أُولئك، بل المقصود بالكفر به ما يشمل ترك الإقبال إليهم في أخذ الوظيفة منهم، وهذا لا يختلف الحال فيه بين التحاكم والتقليد، واحتمال اختصاص الآية بفرض الحكم بالباطل تمنعه مقبولة عمر بن حنظلة التي طبّقت الآية على من يتحاكم إلى الطاغوت وإن أخذ بذلك حقّه، وليس المقصود بالطاغوت خصوص من بيده السلطان والحكم أو المنصوب من قبله، بل مطلق الضالّ، فإنّ القضاة في شبه الجزيرة في زمن الرسول؟ص؟ إنّما كانوا عادة قضاة تحكيم من علماء أهل الكتاب، ولم يكن بيدهم سلطان بذاك المعنى، ولا كانوا منصوبين من قبل السلطان.

الوجه الثالث: التعدّي من شرط الإيمان في صلاة الجماعة بالأولويّة العرفيّة، فإنّ المرجعيّة في الفتيا تعدّ نوعاً من الإمامة والقيادة، وليست من قبيل المرجعيّة في مجرّد أخذ الرواية.


(1) النساء: 60.

(2) وسائل الشيعة، ج27، الباب11 من أبواب صفات القاضي وما يقضي به، ح1.

195

الوجه الرابع: أنّ دليل التقليد إن كان لفظيّاً فالجوّ المتشرّعي الشيعي المأنوس بعدم جواز الترافع إلى غير المؤمن وعدم صحّة الصلاة خلفه ونحو ذلك يمنع عن انعقاد الإطلاق له لتقليد غير المؤمن؛ لأنّ الدليل مكتنف بهذا الجوّ وإن كان عبارة عن الارتكاز العقلائي، فمع هذا الجوّ لا يمكن إحراز الإمضاء إمّا لاحتمال أنّهم؟عهم؟ اعتبروا نفس ما ورد في مثل الصلاة خلفه أو الترافع عنده كافياً في الردع، أو لأنّ هذا الجوّ منع عن اهتمام الرواة بإيصال النصوص الرادعيّة بتخيّل أنّه لا حاجة إلى الاهتمام بذلك في الجوّ المساعد لنفس مضامين النصوص.

وهذا الوجه فرقه عن الأوجه السابقة أنّه يكتفي بعدم تماميّة الدليل على حجّية فتوى المخالف، والأصل عندئذٍ يقتضي عدم الحجّية، في حين أنّ الوجوه السابقة كانت تعتبر دليلاً على عدم حجّية فتواه.

والفرق العملي يظهر فيما لو فرض المخالف أعلم، فعلى الوجوه السابقة لا عبرة بفتواه؛ لأنّه قام الدليل على عدم حجّية فتواه، في حين أنّه بناءً على مجرّد عدم الدليل تصبح الحجّية مردّدة بين فتويين

196

والعدالة(1)،


متباينتين: إمّا فتوى المؤمن غير الأعلم، أو فتوى المخالف الأعلم، ولا أصل يعيّن الأوّل.

ولا يقال: إنّ فتوى المخالف مشكوكة الحجّية في ذاتها، في حين أنّ فتوى المؤمن ثابتة الحجّية في ذاتها ومشكوكة الابتلاء بالمعارض؛ لأنّ فتوى المخالف إن لم تكن حجّة فهي لا تعارضها، وحجّية الأمارة تبقى ثابتة إلى أن يثبت المعارض.

فإنّه يقال: إنّ هذه القاعدة إنّما تتمّ فيما إذا كان الشكّ في وجود المعارض الحجّة، لا ما إذا كان الشكّ في حجّية المعارض الموجود، على ما مضى توضيحه في بعض الأبحاث السابقة.

أمّا لو كانا متساويين فالحجّية عندئذٍ تدور بين التعيين والتخيير، وحجّية فتوى المؤمن هي المتيقّنة وفتوى غير المؤمن لم يعلم إيراثها لبرائة الذمّة، ومقتضى الأصل هو عدم حصول البراءة بعد أن كان أصل الانشغال يقينيّاً.

(1) يأتي فيها الوجوه الماضية باستثناء الوجه الثاني.

197

والرجوليّة(1)،


(1) يأتي فيها ما يشبه بعض الوجوه السابقة، حيث يقال: إنّ شرط الرجولة في إمامة الجماعة للرجال، وفي الشهادة، وفي القضاء، لو تمّت دلالة رواية أبي خديجة: «اُنظروا إلى رجل منكم يعلم شيئاً من قضايانا...» يعطي جوّاً متشرّعيّاً يمنع عن انعقاد الإطلاق؛ للدليل أو الجزم بعدم الردع عن ارتكاز الرجوع إلى أهل الخبرة ولو كان امرأة، أو أنّ العرف يتعدّى من تلك الموارد إلى باب الإفتاء، أو أنّ هناك وضوحاً متشرّعيّاً في عدم صحّة إعطاء المراكز القياديّة _ ومنها مركز الإفتاء _ للنساء، وممّا يؤيّد ذلك ما نراه في نظام النبوّة والإمامة أنّه لم يتّفق في العالم أجمع ولا مرّة واحدة أن تكون النبوّة أو الإمامة للنساء، رغم أنّه قد يصل بعضهنّ إلى مستوى أئمّتنا أو فوق مستوى بعضهم كفاطمة الزهراء؟سها؟، ولا أريد أن أجعل عدم إمامة فاطمة الزهراء؟سها؟ _ رغم بلوغها مستوى الإمامة أو كونها أشرف من بعض الأئمّة _ شاهداً على الموضوع حتّى يقال: لعلّها إنّما لم تصبح إماماً لأنّها كانت في زمن عليّ(علیه السلام) والذي كان أفضل منها ولم تعش لما بعد عليّ(علیه السلام)، وإنّما أقصد أنّه رغم أنّ النساء بالإمكان أن يصلن

198

والحرّيّة على قول(1)، وكونه مجتهداً مطلقاً فلا يجوز تقليد المتجزّي(2)، والحياة فلا يجوز تقليد الميّت ابتداءً(3). نعم، يجوز البقاء كما مرّ(4). وأن يكون أعلم(5). فلا يجوز على الأحوط تقليد المفضول مع التمكّن من الأفضل، وأن لا يكون متولّداً من الزنا(6).


إلى ؟سها؟ التي نزل عليها جبرئيل، والتي ورد عن الحسين(علیه السلام) أنّه قال بشأنها: «أُمّي خير منّي» لا نرى في نظام النبوّة والإمامة أن يُعطى عهد من هذا القبيل إلى امرأة، وكأنّ هذا كان لحكمة عدم فتح الباب لمطالبة النساء بالمراكز القياديّة، كالقضاء والإفتاء.

(1) لا دليل واضح على شرط الحرّية.

(2) مضى الكلام عن ذلك مفصّلاً فلا نعيد.

(3) مضى الحديث عن ذلك مفصّلاً فلا نعيد.

(4) مضى الكلام عن ذلك مفصّلاً فلا نعيد.

(5) مضى البحث عن ذلك مفصّلاً فلا نعيد.

(6) يمكن الاستدلال على ذلك بما يشبه بعض الوجوه السابقة، فالذوق المتشرّعي المتأصّل الذي يرى أنّ مقام الفتوى مقام منيع لا يمكن

199

وأن لا يكون مقبلاً على الدنيا وطالباً لها مكبّاً عليها مجدّاً في تحصيلها(1).

ففي الخبر: «من كان من الفقهاء صائناً لنفسه حافظاً لدينه مخالفاً لهواه مطيعاً لأمر مولاه فللعوام أن يقلّدوه».


إناطته بولد الزنا الذي له منقصة اجتماعية لدى المتشرّعة _ رغم أنّ تقييمه عند الله يدور مدار عمله _ من ناحية، والروايات المانعة عن الائتمام به من ناحية أُخرى، والتي قد يتعدّى العرف من موردها إلى التقليد الذي هو ائتمام آكَد من الائتمام في الصلاة، ومنع الجوّ المتشرّعي عن انعقاد الإطلاق في دليل التقليد أو الكشف عن الإمضاء، وعدم ردع الارتكاز من ناحية ثالثة، وجوه تمنع عن تقليد ولد الزنا.

(1) إن كان المقصود اشتراط شيء آخر فوق العدالة فلا دليل عليه، وحتّى مرسلة الاحتجاج أو رواية تفسير العسكري التي أشار إليها الماتن(رحمه الله) لو كانت تامّةً سنداً لم تكن فيها دلالة على إرادة شيء زائد على العدالة.


(1) راجع وسائل الشيعة، ج8، ص321، الباب 14 و15 من أبواب صلاة الجماعة.

200

مسألة 23: العدالة عبارة عن ملكة إتيان الواجبات وترك المحرّمات(1).

وتعرف بحسن الظاهر الكاشف عنها علماً أو ظنّاً، وتثبت بشهادة العدلين وبالشياع المفيد للعلم*.


(1) لا يخفى أنّ العدالة شرط في أبواب عديدة من الفقه عندنا كالشهادات والقضاء والتقليد وإمامة الجماعة، وفي كلّ باب من هذا القبيل يكون هنا مورد للبحث عن حقيقة العدالة.

فكلّ مورد ورد في دليله شرط العدالة بعنوانها يكون البحث عن معنى العدالة فيه بحثاً مفيداً وفي محلّه.

وكلّ مورد ورد في دليله شرط عنوان الوثوق بدينه فأيضاً لا يبعد


* قد ذکر سماحة السيد المؤلّف(دام ظله) هنا أنّه لم يبق من أبحاث هذه المسألة شيء ما عدا بحثين:

أحدهما: بحث تشخيص الکبيرة من الصغيرة.

والثاني: بحث أنّه بماذا تعرف العدالة.

وقد أحال کلا البحثين إلی کتابه في القضاء. القضاء في الفقه الإسلامي، ص109 (معنی الکبيرة والصغيرة)، وص138 (الکاشف عن العدالة). لجنة التحقيق.

201

أن يقال: إنّ الوثوق بالدين ومعرفة العدالة يعطيان معنى واحداً فالبحثان يتشابهان أو يتّحدان.

وكلّ مورد لم يرد في دليله اللفظي عنوان من هذا القبيل كما في مسألة التقليد، فإن كان مدرك اشتراط العدالة فيه هو التعدّي العرفي من موارد اشتراط العدالة بالنصّ فالبحث في معنى العدالة نفس البحث يتكرّر في المقام.

وإن كان مدرك اشتراط العدالة بعض الأدلّة اللبّية الماضية وما شابهها من الذوق المتشرّعي أو أنّ جوّاً تشريعيّاً كهذا أبطل إطلاق الأدلّة أو نحو ذلك، فإن اُدّعي القطع بأنّ العدالة في جميع الموارد المشترط فيها شيء من هذا القبيل تكون بمعنى واحد فأيضاً يتكرّر نفس البحث في معنى العدالة.

وإن لم يُدّع قطع من هذا القبيل، فإن كان الدليل اللبّي قد أبطل إطلاق دليل ذاك الحكم الذي لم يؤخذ فيه لفظاً قيد العدالة إذاً ففي الدرجات التي يشكّ في دخلها في موضوع الحكم من درجات الورع والتقوى لابدّ من الرجوع إلى الأصل العملي.

وفي مسألة التقليد يكون مقتضى الأصل العملي لدى الشكّ عدم

202

الحجّية عند التساوي في العلم مع غيره الواجد للشرط المشكوك والأخذ بأحوط القولين في كلّ مسألة لدى فرض كونه أعلم من غيره الواجد للشرط المشكوك.

وإن لم يكن ذاك الدليل اللبّي قد أبطل إطلاق الدليل إذاً يقتصر في مقام شرطيّة العدالة بأقلّ المستوى المحتمل.

معنی العدالة

وعلى أيّة حال فالكلام في معنى العدالة نديره حول ثلاث نقاط:

1_ هل يكفي ترك المعصية من دون ملكة أو لابدّ من شرط الملكة؟

2_ هل إنّ ارتكاب الصغائر يضرّ بالعدالة أو لا؟

3_ هل هناك شرط إضافي في العدالة غير ترك الذنوب تحت عنوان عدم ارتكاب ما ينافي المروءة أو هو شرط آخر غير العدالة أو لا؟

أمّا البحث الأوّل: وهو شرط الملكة فلا ينبغي الإشكال في أنّ العدالة لغةً وعرفاً بمعنى الاستقامة، وأنّ المقصود في المقام هو العدالة في الدين، أي الاستقامة في الدين.

ولا ينبغي الإشكال في أنّ الشريعة لم تأت بمصطلح جديد في العدالة، فالمرجع هو نفس المعنى اللغوي والعرفي.

203

ولا ينبغي الإشكال في أنّ مجرّد ترك المعاصي صدفةً أو لكونه حديث العهد بالبلوغ أو بالتوبة أو نحو ذلك ومن دون وجود الرادع النفساني الإلهي عنها لا يعتبر استقامة في الدين.

ولا ينبغي الإشكال في أنّ تركها مع ذاك الرادع الإلهي يعتبر استقامة في الدين.

ولا نقصد بذاك الرادع ما يشبه الرادع الموجود لدى المعصوم(علیه السلام)، بل المقصود به ذاك الرادع الذي يتميّز بخاصّيتين:

الأُولى: أنّه يكون كافياً في الحالة الاعتيادية للنفس لدى المغريات الاعتيادية والشهوات المتعارفة للردع وحجز النفس عن المعصية وإن كان من المحتمل أن يتّفق صدفةً انزلاق الشخص بسبب تصادف قوّة المغريات بشكل غير مألوف، أو يسبّب تصادف ابتلاء هذا الشخص بانهيار نفسي أوجب انزلاقه.

والثانية: أنّه متى ما انزلق هذا الشخص صدفةً لأحد السببين فسيندم ويتوب في أسرع وقت بسبب ذاك الرادع، ولعلّ هذا هو المقصود بقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ﴾.


(1) الأعراف: 201.

204

والذي قد يقع التأمّل فيه في المقام هو أنّه لو كان لديه رادع نفساني عن المعاصي بخلاف القسم الأوّل الذي فرضنا عدم إكمال هذا الرادع فيه ولكن لم يبلغ ذاك الرادع بمستوى ما فرضناه في القسم الثاني وهو أن نثق أنّه لا ينزلق عادةً أمام المغريات الاعتياديّة، فهو على العموم بانٍ على ترك المعاصي جميعاً لما لديه من الرادع الإلهيّ، ويتعوّذ بالله من الابتلاء بالامتحان والانزلاق في الامتحان، ولكنّه لا ضمان عادي لعدم انزلاقه لدى تصادف الامتحان بذاك المقدار من الضمان الثابت فيمن يتمتّع بما يسمّى عادةً بالملكة، فهل هذا الشخص يعتبر مستقيماً أو لا؟

لا يبعد القول بأنّ العدالة بمعناها العامّ (الاستقامة العرفية) ليست إلّا هذا المقدار، ولكن في بعض الأبواب لا يكون هذا المقدار كافياً لحصول الوثوق بعدم انزلاق الشخص في المهمّة الموكّلة إليه في ذلك الباب، وذلك كما في باب الولاية على المسلمين أو قيادة المسلمين، ولا شكّ بالارتكاز القطعي العقلائي والمتشرّعي كالمتّصل في اشتراط الوثوق بأداء المهمّة في إناطة تلك المهمّة به وثوقاً بالمقدار المعقول، فإذا توقّف ذلك على العدالة بمعنى أرفع من ذلك كالملكة بالمعنى الذي شرحناه أو توقّف على أكثر من ذلك أصبحت تلك المرتبة شرطاً لا محالة.

205

وأمّا البحث الثاني: وهو ارتكاب الصغيرة، فقد يقال: إنّه يضرّ بالعدالة بمعناها اللغوي والعرفي؛ لأنّ ارتكابها خلاف الاستقامة في الدين على أيّ حال.

إلّا أنّه بالإمكان أن يستفاد من بعض الأدلّة اللفظية عدم إضراره بالعدالة، وأقصد بذلك عدم إضراره بالعدالة بمعناها العامّ، وهذا لا ينافي ما أشرنا إليه من أنّ بعض المقامات كالولاية على المسلمين أو قيادة أُمور المسلمين لا يتحقّق الوثوق المشترط بأداء صاحبه الأمانة الملقاة على عاتقه إلّا ببعض الدرجات العالية من العدالة، وقد يكون ارتكاب الصغيرة مضرّاً بها.

أمّا ما يمكن أن يستفاد منه عدم إضرار ارتكاب الصغيرة بالعدالة فهو ما رواه الصدوق بسنده إلى عبدالله بن أبي يعفور قال: «قلت لأبي عبدالله(علیه السلام): بمَ تعرف عدالة الرجل بين المسلمين حتّى تقبل شهادته لهم وعليهم؟ فقال: أن تعرفوه بالستر والعفاف وكفّ البطن والفرج واليد واللسان، ويعرف باجتناب الكبائر التي أوعد الله عليها النار من شرب الخمر والزنا والربا وعقوق الوالدين والفرار من الزحف وغير ذلك، والدلالة على ذلك كلّه أن يكون ساتراً لجميع عيوبه...».


(1) وسائل الشيعة، ج27، ص391، الباب41 من کتاب الشهادات، ح1.

206

وقد تقول: إنّ قوله: «يعرف باجتناب الكبائر» ليس المقصود به التعريف المنطقي للعدالة حتّى يدل على أنّ اجتناب الصغائر ليس داخلاً في معنى العدالة، وإنّما المقصود به إعطاء العلامة، فليكن اجتناب الكبائر علامة شرعيّة للعدالة التي يكون من جزئها أو من شرطها اجتناب الصغائر.

والجواب: أنّه حتّى لو كان الأمر كذلك فقوله: «يعرف باجتناب الكبائر» مطلق يشمل فرض ما إذا عرفنا اجتنابه للكبائر وعرفنا صدفة ابتلائه بالصغيرة، فهذا الإطلاق يقتضي الحكم بعدالته رغم ارتكابه للصغيرة، وهذا يعني عدم شرطيّة ترك الصغيرة في العدالة.

وقد تقول: إنّ قوله: «والدلالة على ذلك كلّه أن يكون ساتراً لجميع عيوبه» يدل بإطلاقه على شرط ترك الصغيرة؛ لأنّ الصغيرة عيب على أيّ حال، فلو عرفنا ارتكابه لها لم يكن ساتراً لجميع عيوبه.

والجواب:

أوّلاً: إنّ هذا لو دلّ على شيء فإنّما يدل على شرط ستر الصغائر، لا على شرط ترك الصغائر.

وثانياً: لعلّ ستر جميع العيوب _ ومنها الصغائر _ أمارة على ترك الكبائر، فمن ارتكب الصغائر من دون ستر لم نأمن ارتكابه للكبائر مستوراً.

207

وقد يستشهد أيضاً بالآيات الشريفة الواردة فيمن يجتنب الكبائر.

ولهذا الاستشهاد وجهان:

الأوّل: دعوى الدلالة الالتزامية العرفية على عدم قدح الصغيرة في العدالة، فإذا كانت الصغيرة مغفورة لدى ترك الكبائر، وكان لتارك الكبائر _ ورغم ابتلائه بالصغيرة _ ما عند الله الذي هو خير وأبقى، وكان هذا الشخص مصداقاً لقوله تعالى: ﴿وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى﴾ فالمفهوم عرفاً من ذلك أنّه يكتفى من هذا الشخص في أحكام الاستقامة بهذا القدر من الاستقامة وإن كانت الملازمة العقلية غير موجودة.

والثاني: أنّه في جوّ تشريعي مُفعَم بمفاهيم تلك الآيات لا يفهم لأدلّة شرط العدالة إطلاق يشمل ترك الصغيرة، وعلى أيّ حال فقد ورد في النصّ الصحيح ما يدل على أنّ الإصرار على الصغيرة يجعلها كبيرة أو بحكم الكبيرة، فعن محمد بن أبي عمير بسند تام عن الإمام موسى بن جعفر(علیه السلام) في حديث «...قال النبي؟ص؟: لا كبير مع الاستغفار، ولا صغير مع الإصرار...».


(1) النساء: 31؛ الشورى: 36_37؛ النجم: 31_ 32.

(2) النجم: 31.

(3) وسائل الشيعة، ج15، ص336، الباب47 من أبواب جهاد النفس وما يناسب، ح11.

208

ولعلّ الإصرار أمر نفسي بمعنى العزم على التكرار أو عدم حديث النفس بالتوبة أو عدم المبالات بالتكرار ونحو ذلك، لا التكرار الخارجي.

وأمّا البحث الثالث: وهو وجود شرط زائد على العدالة وهو ترك مخالفة المروءة أو كون ذلك شرطاً في العدالة، والتحقيق أنّه لو كان ترك المروءة موجباً لهتك النفس وإذلالها فقد أصبح حراماً، ودخل تركها في ترك الحرام، وإلّا فلا دليل على اشتراط عدم تركها خاصّة إذا قلنا بعدم مضرّيّة ارتكاب الصغيرة، فهل يا تُرى أنّ ارتكاب الصغيرة رغم أنّها ذنب لا يضرّ بالعدالة أو بما يشترط فيه العدالة ولكن ارتكاب مباح مّا يضرّ بذلك تحت عنوان أنّه خلاف المروءة؟!

وقد يخطر بالبال الاستدلال على اشتراط عدم مخالفة المروءة بما ورد عن سماعة بسند تام عن أبي عبدالله(علیه السلام) قال: قال: «من عامل الناس فلم يظلمهم، وحدّثهم فلم يكذبهم، ووعدهم فلم يخلفهم، كان ممّن حرمت غيبته، وكملت مروءته، وظهر عدله، ووجبت أُخوّته».

ووجه الاستدلال بذلك: أنّ خلف الوعد ليس حراماً ولكنّه خلاف المروءة، ومع ذلك جعل في هذا الحديث شرطاً في العدالة.


(1) وسائل الشيعة، ج12، ص278، الباب152 من أبواب أحكام العشرة في السفر والحضر، ح2، وج8، الباب 11 من أبواب صلاة الجماعة، ح9.

209

وأقلّ ما يرد على ذلك: أنّنا بعد أن أنكرنا مفهوم الشرط في علم الأُصول يكفي فائدة لذكر هذا القيد دخله في ثبوت مجموع الجزاءات التي منها كمال المروءة ولو لم يكن دخيلاً في خصوص ظهور العدل.

ويمكن أيضاً الاستدلال على شرط عدم مخالفة المروءة بمرسلة أبي عبدالله الأشعري عن بعض أصحابنا رفعه عن هشام بن الحكم عن أبي الحسن موسى بن جعفر(علیه السلام) في حديث طويل: «...يا هشام لا دين لمن لا مروّة له، ولا مروّة لمن لا عقل له...» ، ولكن بقطع النظر عن سقوط الحديث سنداً من الواضح أنّ المروّة في هذا الحديث قصد بها معنى يمكن نفي الدين بوجه من الوجوه عمّن يفقدها، إذاً ليست هذه مروءة بمستوى أرفع من مستوى ترك المعاصي.

ويمكن أيضاً الاستدلال على ذلك بروايات عدم قبول شهادة السائل بكفّه ، بناءً على أنّ السؤال بالكفّ ليس حراماً ولكنّه خلاف المروءة، ولكن الظاهر أنّ هذه ليست ناظرة إلى شرط المروءة، كما يوضّح ذلك التعليل الوارد في بعض تلك الروايات بأنّه لا يؤمن على الشهادة؛ لأنّه إن أُعطي رضي وإن منع سخط، فإن شئت فقل:


(1) الكافي، ج1، ص19، كتاب العقل والجهل، ح12.

(2) وسائل الشيعة، ج27، ص382، الباب35 من کتاب الشهادات.

210

إنّ هذا يعني عدم قبول الشهادة بنكتة ارتفاع الثقة بشهادته لأنّه بحكم طبيعة السائل بالكفّ يحتمل بشأنه الشهادة بالرشوة، وإن شئت فقل: إنّ ظاهر حال هذا الشخص لا يدل على عدالته؛ لأنّ شهادته بالرشوة أمر غير مستبعد بشأنه وهي من المحرّمات.

ويمكن أيضاً الاستدلال على ذلك بما مضى من رواية عبدالله بن أبي يعفور: «والدلالة على ذلك كله أن يكون ساتراً لجميع عيوبه»، حيث يقال: إنّ مخالفة المروءة أيضاً عيب فهو داخل تحت إطلاق الحديث فيجب سترها، ومن المعلوم أنّ قوام مخالفة المروءة إنّما هو بالإظهار، أمّا من فعل شيئاً مباحاً تحت الستر فليس ذلك منه خلاف المروءة. إذاً فمفاد إطلاق الحديث مضرّيّة مخالفة المروءة.

والجواب: أنّ الظاهر من كلمة العيوب في المقام الواردة في نصّ شرعي ما يكون عيباً في منطق الشرع وهو الذنوب، فمخالفة المروءة إن كانت واصلة إلى حدّ الحرام لم تكن مانعاً مستقلّاً عن العدالة أو عن صحّة ما يشترط فيه العدالة، وإن لم تكن واصلة إلى هذا الحدّ فهي ليست عيباً شرعيّاً؛ لأنّ المفروض حلّيّتها شرعاً.