149

 

 

 

 

 

وهي المعاوضة على المنفعة، عملا كانت أو غيره، فالأوّل مثل إجارة الخيّاط للخياطة، والثاني مثل إجارة الدار.

(مسألة: 1) لا بدّ فيها من الإيجاب والقبول(1)، فالإيجاب مثل قول الخيّاط: آجرتك نفسي، وصاحب الدار: آجرتك داري، والقبول قول المستأجر: قبلت، ويجوز وقوع الإيجاب من المستأجر، مثل: استأجرتك لتخيط ثوبي، واستأجر دارك، فيقول المؤجر: قبلت.

 

[شروط المتعاقدين والعوضين وأحكامها:]

(مسألة: 2) يشترط في المتعاقدين أن لا يكون أحدهما محجوراً عن التصرّف لصغر، أو جنون، أو سفه، أو تفليس، أو رقّ. كما يشترط أن لا يكون أحدهما مكرهاً على التصرّف إلّا أن يكون الإكراه بحقّ.

(مسألة: 3) يشترط في كلٍّ من العوضين اُمور:

الأوّل: أن يكون معلوماً بحيث لا يلزم الغرر على الأحوط، فالاُجرة إذا كانت من المكيل أو الموزون أو المعدود لا بدّ من معرفتها بالكيل أو الوزن أو العدّ، وما يعرف منها بالمشاهدة لا بدّ من مشاهدته أو وصفه على نحو ترتفع الجهالة، وأ مّا المنفعة



(1) ولو بالمعاطاة بعد التوافق السابق على المدّة، أو كيفيّة العمل، أو كمّيّته، أو نحو ذلك.

150

فالعلم بها: إمّا بتقدير المدّة(1) مثل سكنى الدار سنةً أو شهراً، أو المساحة مثل ركوب الدابّة فرسخاً أو فرسخين. وإمّا بتقدير موضوعها مثل خياطة الثوب المعلوم طوله وعرضه ورقّته وغلظته، ولا بدّ من تعيين الزمان في جميع ذلك(2)، فإذا استأجر الدار للسكنى سنةً والدابة للركوب فرسخاً والخياط لخياطة الثوب المعيَّن من دون تعيين الزمان بطلت الإجارة، إلّا أن تكون قرينة على التعيين، كالإطلاق الذي هو قرينة على التعجيل.

الثاني: أن يكون مقدوراً على تسليمه، فلا تصحّ إجارة العبد الآبق، وإذا ضمّ ضميمةً فالأقرب البطلان(3).



(1) قد يتّفق عدم الحاجة في رفع الغرر إلى تعيين الزمان أو المساحة، كما إذا استأجر سيّارة للحجّ باُجرة محدّدة، فإنّ الإجارة تصحّ ولو لم يكن لدى المستأجر علم بخصوصيّة السفر مدّةً أو امتداداً، فإنّ لهذه الاُجرة بعنوانها قيمة سوقيّة متعارفة.

(2) أفاد اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): لا يجب تعيين الزمان، ومع عدم التعيين يكون المملوك بالإجارة للمستأجر من ناحية الزمان على نحو الكلّيّ في المعيّن، ويجوز له إلزام الطرف بتطبيقه على الفرد الأوّل. ونِعْم ما أفاده(رحمه الله). وهذا يعني أنّه لو آجر الدار سنة مثلاً بشكل الكلّيّ في المعيّن جاز للمستأجر إلزام المؤجر بتطبيقه على السنة الاُولى.

(3) إن كان من المقطوع به عدم إمكان تحصيل المستأجر إيّاه للاستفادة، فعدم إمكان رفع الإشكال بضمّ الضميمة له وجه معقول، ولعلّ هذا هو مورد قصد المصنّف(رحمه الله). وأمّا إن كان من المحتمل إمكان تحصيله وإنّما المشكلة مشكلة الغرر والمخاطرة، فعدم كفاية ضمّ الضميمة لحلّ الإشكال موقوف على الإيمان بعموميّة النهي عن الغرر، واحتياج كفاية ضمّ الضميمة إلى نصّ خاصّ، وهو غير وارد إلّا في باب البيع(1) أو باب بيع أثمار الأشجار(2)،


(1) الوسائل، ج 17 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 8 و 10 و 11 و 12 من عقد البيع وشروطه.

(2) الوسائل، ج 18 بحسب تلك الطبعة، في أبواب بيع الثمار.

151

الثالث: أن تكون العين المستأجرة ذات منفعة، فلا تصحّ إجارة الأرض التي لا ماء لها للزراعة.

الرابع: أن تكون العين ممّا يمكن الانتفاع بها مع بقائها، فلا تصحّ إجارة الخبز للأكل.

الخامس: أن تكون المنفعة محلّلة، فلا تصحّ إجارة المساكن لإحراز المحرّمات، ولا الجارية للغناء.

السادس: إمكان حصول المنفعة للعين المستأجرة، فلا تصحّ إجارة الحائض لكنس المسجد(1).

(مسألة: 4) إذا آجر مال غيره توقّفت صحّة الإجارة على إجازة المالك، وإذا آجر مال نفسه وكان محجوراً لسفه أو رقٍّ توقّفت على إجازة الوليّ، وإذا كان مكرَهاً توقّفت على الرضا لا بداعي الإكراه، وإذا آجر السفيه نفسه لعمل ففي الصحّة إشكال، والأحوط الاستئذان من الوليّ.

(مسألة: 5) إذا استأجر دابّةً للحمل فلا بدّ من تعيين الحمل، وإذا استأجر دابّةً للركوب فلا بدّ من تعيين الراكب، وإذا استأجر دابّةً لحرث جريب من الأرض فلا بدّ من تعيين الأرض. نعم، إذا كان اختلاف الراكب أو الحمل أو الأرض لا يوجب اختلافاً في الماليّة لم يجب التعيين(2).

(مسألة: 6) إذا قال: آجرتك الدار شهراً أو شهرين بطلت الإجارة، وكذا إذا



ولكن الواقع أنّ نصّاً صحيحاً على المنع عن الغرر بإطلاقه غير موجود، وإنّما النصّ الصحيح وارد في البيع، أو في بيع أثمار الأشجار، وكلاهما مخصوصان بعدم ضمّ الضميمة.

(1) لو كان كنس المسجد حراماً على الحائض، صحّ هذا الكلام، ولكن كنس المسجد ليس حراماً عليها، وإنّما هو متوقّف على مقدّمة محرّمة، وهذا لا يبطل الإجارة.

(2) ولو لاحظ في الاستيجار تمام المراتب، صحّ أيضاً كما أفاده اُستاذنا الشهيد(رحمه الله).

152

قال: آجرتك كلّ شهر بدرهم(1)، وإذا قال: آجرتك شهراً بدرهم فإن زدت فبحسابه: فإن أراد المعنى الأوّل بطلت، وإن أراد الإجارة في الشهر الأوّل والإجارة ثانياً في الباقي صحّت في الأوّل وبطلت في الزائد(2)، هذا إذا كان بعنوان الإجارة، أ مّا إذا كان بعنوان الجعالة بأن تكون الاُجرة مبذولةً بإزاء إباحة المنفعة لا المنفعة نفسها فلا بأس على إشكال، ولعلّ مرجع الإباحة بالعوض إلى هذا أيضاً فيكون العوض للإباحة، لا للمباح(3).



(1) مع فرض العلم بوقوع الاستيلاء من المستأجر والشكّ في مدّة الاستيلاء يمكن أن يريد بهذا الكلام الإيجار بمقدار مدّة الاستيلاء مع تعيين ثمن الاُجرة بمقياس كلّ شهر بدرهم، فإن اُريد هذا المعنى ولم يكن ضبط مجموع المدّة مقوّماً لماليّة المنفعة، لم يبقَ غرر أو إشكال في هذه الإجارة.

(2) بل أمكن التصحيح بالشكل الذي مضى في التعليق السابق.

(3) تصوّر المصنّف(رحمه الله)مقابلة كلّ شهر بدرهم بأشكال ثلاثة:

الأوّل: إجارة كلّ شهر بدرهم. وقد أفتى في ذلك بالبطلان كما مضى.

والثاني: الجعالة، وفسّرها بجعل الثمن مبذولاً بإزاء إباحة المنفعة، لا نفس المنفعة. وقال بشأنه: «فلا بأس على إشكال»، ولعلّ المقصود الإشكال في تصوير الجعالة بهذا المعنى.

والثالث: الإباحة بالعوض. واحتمل رجوع ذلك إلى ما أسماه بالجعالة، أي: الشكل الثاني.

أقول: إنّ الإباحة بعوض، أو جعل الإجارة بإزاء إباحة المنفعة ليس جعالة، بل إنّ مرجع ذلك ـ كما أفاده اُستاذنا الشهيد ـ إمّا إلى كون العوض قيداً للإباحة، وهذا يعني: أنّ الإباحة مشروطة بدفع العوض، وإمّا إلى كون العوض قيداً لمتعلّق الإباحة، وهذا يعني: إباحة المالك الانتفاع بماله على وجه الضمان مع تعيين ما به الضمان.

أمّا لو أرجعنا ذلك إلى الجعالة بأن جعل المنتفع درهماً مثلاً لمالك الدار إن أباح له

153

(مسألة: 7) إذا قال: «إن خِطتَ هذا الثوب بدَرز فلك درهم، وإن خِطتهبدَرزين فلك درهمان»: فإن قصد الجعالة كما هو الظاهر صحّ(1)، وإن قصدالإجارة بطل، وكذا إن قال: «إن خِطته هذا اليوم فلك درهم، وإن خطته غداً فلك نصف درهم». والفرق بين الإجارة والجعالة: أنّ في الإجارة إشغال ذمّة العامل بالعمل للمستأجر حين العقد، وكذا إشغال ذمّة المستأجر بالعوض، ولأجل ذلك صارت عقداً، وليس ذلك في الجعالة، فإنّ اشتغال ذمّة المالك بالعوض يكون بعد عمل العامل من دون إشغال لذمّة العامل بالعمل أبداً، ولأجل ذلك صارت إيقاعاً.

(مسألة: 8) إذا استأجره على عمل مقيَّد بقيد خاصٍّ من زمان، أو مكان، أو آلة، أو وصف فجاء به على خلاف القيد بطلت الإجارة(2) إن لم يمكن العمل ثانياً



المنفعة، لزم من ذلك إباحة المنفعة له حتّى ولو عصى ولم يملّكه درهماً خارجيّاً، وهذا خلاف المقصود يقيناً.

نعم، يمكن تصوّر الجعالة بنحو لا يلزم منه هذا المحذور بفرض المنفعة جُعلاً من قبل مالك الدار لمن ملّكه درهماً مثلاً.

(1) ولو قصد الاستئجار لدرز واحد مع شرط أن يكون للأجير درهم آخر لو خاط الثوب بدرزين، صحّ أيضاً، كما أفاده اُستاذنا الشهيد(رحمه الله).

(2) إن لم يمكن تدارك القيد، بطلت الإجارة في صورة وقوعها على العمل الخارجيّ.

أمّا في صورة وقوعها على الذمّة، فلا تلف للكلّيّ في الذمّة، فالأجير يستحقّ تمام الاُجرة، والمستأجر يستحقّ العمل الخاصّ، وحيث إنّه لا يمكن تسليمه فيستحقّ المستأجر اُجرة مثله، وهي قد تساوي الاُجرة المسمّاة، وقد تنقص، وقد تزيد.

نعم، لو كان من أوّل الأمر عاجزاً عن الإتيان بذاك المقيّد في وقته، ولم يكن العجز نتيجة تأخير الأجير، فهذا يكشف عن بطلان الإيجار.

154

ولم يستحقّ شيئاً. وإن أمكن وجب الإتيان بالعمل ثانياً على النهج الذيوقعت عليه الإجارة، وإذا استأجره على عمل بشرط بأن كان إنشاء الشرط في ضمن عقد الإجارة كما استأجره على خياطة ثوبه واشترط عليه قراءة سورة من القرآن، فخاط الثوب ولم يقرأ السورة كان له فسخ الإجارة، وعليه حينئذ اُجرة المثل، وله إمضاؤها ودفع الاُجرة المسمّاة. والفرق بين القيد والشرط: أنّ القيد مايذكر في العقد مقيّداً به العمل مع وحدة الإنشاء(1)، سواء امتنع أن يكون موضوعاً لإنشاء مستقلٍّ مثل الزمان والمكان ونحوهما، أم لم يمتنع، مثل أن يستأجره على الخياطة قارئاً للقرآن. والشرط ما كان موضوعاً لإنشاء مستقلٍّ في ضمن إنشاء العقد، مثل أن يستأجره على خياطة الثوب وفي ضمن العقد يقول: وعليك قراءة القرآن في حال الخياطة أو في حال اُخرى.

(مسألة: 9) إذا استأجر منه دابّةً إلى « كربلاء » بدرهم واشترط له على نفسه أنّه إن أوصله نهاراً أعطاه درهمين صحّ، وكذا العكس بأن استأجرها بدرهمين واشترط عليه أن يعطيه درهماً واحداً إن لم يوصله نهاراً، أ مّا إذا استأجرها على أن يوصله نهاراً بدرهمين أو ليلا بدرهم بحيث تكون الإجارة على أحد الأمرين مردّداً بينهما فالإجارة باطلة.



(1) ينبغي أن يكون المقصود بوحدة الإنشاء وتعدّده تميّزه وعدم تميّزه، وإلّا فالشرط أيضاً لا يكون بإنشاء مستقلّ بمعنى الكلمة؛ لأنّ الشرط وإن لم يكن قيداً في الإنشاء الأوّل، لكن الالتزام بالشرط قيد فيه، والإنصاف أنّ تشخيص القيد عن الشرط أسهل من تشخيص استقلال الإنشاء وعدم استقلاله بالمعنى الذي ذكرناه من تميّزه وعدم تميّزه.

ولا فرق بين مثل الزمان والمكان ممّا هو من شؤون العمل ومثل قراءة القرآن التي هي منفصلة عن العمل، ففي كليهما يمكن التقييد ويمكن الشرط.

155

(مسألة: 10) إذا استأجره على أن يوصله إلى « كربلاء » وكان من نيّته زيارة النصف من شعبان ولكن لم يذكر ذلك في العقد استحقّ الاُجرة وإن لم يوصله ليلة النصف.

 

فصل [في لزوم الإجارة والأحكام التابعة لها]:

وفيه مسائل:

(مسألة: 11) الإجارة من العقود اللازمة لا يجوز فسخها إلّا بالتراضي بينهما، أو يكون للفاسخ الخيار. نعم، الإجارة المعاطاتيّة جائزة(1) ما لم تلزم بأحد الملزمات المتقدّمة في البيع.

(مسألة: 12) إذا باع المالك العين المستأجرة قبل تمام مدّة الإجارة لم تنفسخ الإجارة، بل تنتقل العين إلى المشتري مسلوبة المنفعة مدّة الإجارة، وإذا كان المشتري جاهلا بالإجارة أو معتقداً قلّة المدّة فتبيّن زيادتها كان له فسخ البيع، وليس له المطالبة بالأرش، وإذا فسخت الإجارة رجعت المنفعة إلى البائع على القول المشهور، ولكن الأظهر رجوعها إلى المشتري. نعم، يكون للبائع الخيار في فسخ البيع(2)، ولا فرق فيما ذكرنا من عدم انفساخ الإجارة بالبيع بين أن يكون البيع على المستأجر وغيره.



(1) بل هي لازمة كالعقد اللفظيّ.

(2) بل الأقوى رجوع المنفعة إلى البائع(1).


(1) كأنّ الوجه في القول برجوعها إلى المشتري أنّ المنفعة بطبيعتها تتبع في الملك العين، والإجارة كانت مانعة عن ذلك وقد ارتفعت. ولكن الواقع أنّ هذه التبعيّة وإن كانت بطبيعتها الأوّليّة ثابتة ولكن المالك هو الذي فصل بينهما ببيعه للعين مسلوبة المنفعة، فترجع المنفعة إليه.

156

(مسألة: 13) إذا باع المالك العين على شخص وآجرها وكيله مدّةً معيّنةً على شخص آخر واقترن البيع والإجارة زماناً صحّا جميعاً(1).

(مسألة: 14) المشهور أنّه لا تبطل الإجارة بموت المؤجر، وفيه إشكال(2)، ولا تبطل بموت المستأجر. نعم، إذا استأجر داراً على أن يسكنها بنفسه(3) فمات



(1) الظاهر صحّة البيع، وبقاء المنفعة الواقعة مورداً للإجارة ملكاً للبائع(1).

(2) مقتضى القاعدة عدم البطلان، والإشكال ينشأ من رواية إبراهيم بن محمّد الهمدانيّ(2).

(3) في العبارة غموض، وكأنّ المقصود: أنّه إذا استأجر داراً وقيّده المؤجر بأن يسكنها بنفسه فمات، بطلت الإجارة.

والصحيح: أنّ هذا التقييد لو كان بمعنى الاشتراط، فتخلّف الشرط لا يوجب البطلان، فمنفعة البيت صارت ملكاً للمستأجر، وكأنّه كانت للمؤجر مصلحة في أن يبقى المستأجر ساكناً في البيت؛ لأنّه سيحافظ على البيت مثلاً، ولكن المستأجر عجز عن العمل بالشرط؛ لأنّه مات، فيصبح للمؤجر خيار تخلّف الشرط.

وعبارة اُستاذنا(رحمه الله) التي علّق بها على هذا الكلام تحت رقم (16) أيضاً غامضة، وكأنّ مقصوده ما يلي:


(1) صحّة البيع في انتقال ملك العين إلى المشتري تكون لعدم مزاحم له في ذلك، ولكن البيع والإجارة يتزاحمان في انتقال المنفعة إلى المشتري أو المستأجر، فلا يثبت نفوذ هذا ولا تلك، فتبقى المنفعة في ملك البائع.

(2) الوسائل، ج 19 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 25 من الإجارة، ص 136 ـ 137. ووجه الإشكال احتمال البناء على وثاقة إبراهيم بن محمّد الهمدانيّ مع احتمال البناء على دلالة الرواية على بطلان الإجارة بموت المؤجر.

157

بطلت الإجارة، وكذا إذا آجر نفسه للعمل بنفسه فمات فإنّها تبطل(1)، وكذا إذاآجر البطن السابق من الموقوف عليهم العين الموقوفة، فانقرضوا قبل انتهاء مدّة الإجارة، وإذا آجرها البطن السابق ولايةً منه على العين لمصلحة البطون جميعها لم تبطل بانقراضه، وكذا إذا آجر نفسه للعمل بلا قيد المباشرة، فإنّها لا تبطل بموته(2)، ويجب أداء العمل من تركته كسائر الديون.

(مسألة: 15) إذا آجر الوليّ مال الصبيّ في مدّة تزيد على زمان بلوغه صحّ، وإذا آجر الوليّ الصبيَّ كذلك ففي صحّتها في الزيادة إشكال، إلّا إذا قضت ضرورة الصبيّ بذلك(3).



إنّ تقييد المؤجر للمستأجر بسكناه له في الدار يكون له أحد معنيين:

الأوّل: الشرط، وتخلّفه لا يوجب إلّا خيار الفسخ.

والثاني: أنّ الحصّة التي ملّكها المؤجر من منافع الدار للمستأجر إنّما هي حصّة سكناه في الدار، فهنا قد يقال بصحّة الإجارة من دون حقّ الفسخ؛ لأنّ غاية ما وقع أنّ المستأجر لم يستفد من المنفعة التي ملّكها المؤجر حتّى مات، وطبعاً ليس من اللازم على المستأجر أن ينتفع بالمنفعة التي ملكها. ولكن الأقرب بطلان الإجارة؛ لأنّ موته كشف عن أنّ الدار لم تكن مشتملة على هذه المنفعة.

(1) أفاد اُستاذنا(رحمه الله) ـ ونِعْم ما أفاد ـ: أنّه لو مات وكان عمره لا يتّسع للقيام بالعمل، فالإجارة باطلة، ولو مات وكان عمره يتّسع للعمل، ولكنّه لم يعمل إلى أن مات، انفسخت الإجارة.

(2) هذا فيما إذا استقرّ العمل في ذمّته، بأن يكون المملوك العمل في ذمّته مع فرض قدرة الأجير في حياته على تطبيق ما في ذمّته على الخارج.

أمّا إذا كان المملوك العمل الخارجيّ للأجير الشامل للمباشرة والتسبّب، ثمّ مات، فهذا حكمه حكم ما مضى في من آجر نفسه للعمل فمات من: البطلان أو الانفساخ.

(3) المفروض أن يكون مقصوده(رحمه الله)من اقتضاء الضرورة هي الضرورة التي يعلم بعدم رضا الشارع بتعطيلها، كما في سائر الاُمور الحسبيّة.

158

(مسألة: 16) إذا آجرت المرأة نفسها للخدمة مدّةً معيّنةً فتزوّجت في أثنائها لم تبطل الإجارة وإن كانت الخدمة منافيةً لحقّ الزوج، وإذا آجرت نفسها بعد التزويج توقّفت صحّة الإجارة على إجازة الزوج فيما ينافي حقّه، ونفذت الإجارة فيما لا ينافي حقّه.

(مسألة: 17) إذا آجر عبده أو أمته للخدمة ثمّ أعتقه قبل انتهاء مدّة الإجارة لم تبطل الإجارة، وتكون نفقته في كسبه إن أمكن له الاكتساب لنفسه في غير زمان الخدمة، وإن لم يمكن فعلى المسلمين كفاية(1).

(مسألة: 18) إذا وجد المستأجر في العين المستأجرة عيباً: فإن كان عالماً به حين العقد فلا أثر له، وإن كان جاهلا به: فإن كان موجباً لفوات بعض المنفعة كخراب بعض بيوت الدار قسِّطت الاُجرة، ورجع على المالك بما يقابل المنفعة الفائتة(2)، وإن كان موجباً لعيب في المنفعة مثل عرج الدابّة كان له



(1) الأحوط وجوباً أن ينفق عليه المولى(1)، وإن تعذّر على الأجير الحصول على النفقة على تقدير الوفاء بالإجارة؛ لأنّ المولى لم ينفق عليه، وكان كسبه بقدر الحاجة اللازمة لنفسه مزاحماً للعمل بالإجارة، انفسخت الإجارة بمقدار التزاحم، ورجع المستأجر على المولى بما يقابله من الاُجرة.

(2) وهذا لا علاقة له بالأرش، وإنّما هو عبارة عن انحلال الاُجرة على المنافع التي أصبحت الاُجرة مقابلة لها، كما مثّل المصنّف بخراب بعض بيوت الدار مع فرض كون المنفعة المملَّكة عبارة عن منفعة السكنى، أمّا لولم يوجب العيب تفويتاً لبعض المنافع المملَّكة، لم يثبت حكم التقسيط.


(1) الوجه في هذا الاحتياط أنّ المولى في فترة الاحتياط المعجّزة له من الاكتساب قد عجّزه عن ذلك بإنفاذ مولويّته عليه.

159

الخيار في الفسخ، وفي ثبوت الأرش إشكال، وإن لم يوجب شيئاً من ذلك لكن يوجب نقص الاُجرة كان له الخيار ولا أرش، وإن لم يوجب ذلك أيضاً فلا خيار ولا أرش. هذا إذا كانت العين شخصيّة، أ مّا إذا كان كلّيّاً وكان المقبوض معيباً(1) كان له المطالبة بالصحيح ولا خيار في الفسخ، وإذا تعذّر الصحيح كان له الخيار في أصل العقد، وإذا وجد المؤجر عيباً في الاُجرة وكان جاهلا به كان له الفسخ، وفي جواز مطالبته بالأرش إشكال، وإذا كانت الاُجرة كلّيّاً فقبض فرداً معيباً منها فليس له فسخ العقد، بل له المطالبة بالصحيح، فإن تعذّر كان له الفسخ.

(مسألة: 19) يجري في الإجارة خيار الغبن، وخيار الشرط حتّى للأجنبيّ، وخيار العيب، وخيار الاشتراط، وتبعّض الصفقة، وتعذّر التسليم، والتفليس، والتدليس، والشركة، وخيار ما يفسد ليومه، وخيار شرط ردّ العوض نظير شرط ردّ الثمن. ولا يجري فيها خيار المجلس، ولا خيار الحيوان، ولا خيار التأخير ثلاثة أيّام(2).



(1) يعني عيباً كان يوجب حقّ الفسخ في فرض العين الشخصيّة.

(2) ظاهر ما يسمّى بروايات خيار التأخير(1): أنّ المشتري لو استمهل البائع في تسليم الثمن حتّى يأتي به أنّ البيع يبقى لازماً له ثلاثة أيّام، فإذا تأخّر أكثر من ذلك بطل البيع، فسواء أفتينا به أو أفتينا بما قالوه من خيار الفسخ فدليله خاصّ بالبيع، وأمّا في باب الإيجار، فلا يوجد إلّا الشرط الضمنيّ العقلائيّ الذي يتعارف عليه المجتمع من مدى حقّ التأخير لدى الاستمهال، أو التحديد الصريح بينهما لمدّة التأخير، فيصبح للمؤجر بعد ذلك خيار تخلّف الشرط.


(1) راجع الوسائل، ج 18 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 9 من الخيار.

160

 

فصل [في الأحكام الراجعة إلى التسليم أو القبض]:

إذا وقع عقد الإجارة ملك المستأجر المنفعة في إجارة الأعيان والعمل في الإجارة على الأعمال بنفس العقد، وكذا المؤجر والأجير يملكان الاُجرة بنفس العقد، لكن ليس للمستأجر المطالبة بالمنفعة أو العمل إلّا في حال تسليم الاُجرة، وليس للأجير والمؤجر المطالبة بالاُجرة إلّا في حال تسليم المنفعة، ويجب على كلٍّ منهما تسليم ما عليه تسليمه، إلّا إذا كان الآخر ممتنعاً عنه، وتسليم المنفعة يكون بتسليم العين وتسليم العمل بإتمامه قبل تسليم العين(1)، وقبل إتمام العمل ليس للمؤجر المطالبة بالاُجرة إلّا إذا كان قد اشترط تقديم الاُجرة صريحاً، أو كانت العادة جاريةً على ذلك. وكذا ليس للمستأجر المطالبة بالعين المستأجرة أو العمل المستأجر عليه مع تأجيل الاُجرة إلّا إذا كان قد شرط ذلك وإن كان لأجل جريان العادة عليه، وإذا امتنع المؤجر من تسليم العين المستأجرة مع بذل المستأجر الاُجرة أجبره المستأجر على تسليم العين، فإن لم يمكن إجباره كان للمستأجر الفسخ وأخذ الاُجرة إذا كان قد دفعها، وله إبقاء الإجارة والمطالبة بقيمة المنفعة الفائتة. وكذا إن دفع المؤجر العين ثمّ أخذها من المستأجر بلا فصل أو في أثناء المدّة، ومع الفسخ في الأثناء يرجع بتمام الاُجرة، وعليه اُجرة المثل لمامضى، وكذا الحكم فيما إذا امتنع المستأجر من تسليم الاُجرة مع بذل المؤجر للعين المستأجرة.

(مسألة: 20) الأقوى أنّه لا فرق في كون تسليم العمل بإتمامه بين أن يكون مثل الحجّ الاستئجاريّ، وبناء الجدار، وحفر البئر في داره، وأن يكون مثل خياطة



(1) ولكن حبسها من غير ناحية الاحتياط للاُجرة يوجب عدم استحقاق الأجير للمطالبة بالاُجرة، كما أفاده اُستاذنا الشهيد(رحمه الله).

161

ثوبه، وكتابة كتابه، ونحو ذلك ممّا كان العمل المستأجر عليه في عين المستأجر التي هي بيد الأجير، فإذا تلف الثوب ـ مثلا ـ بعد تمام خياطته قبل دفعه إلى المستأجر استحقّ المطالبة بالاُجرة، فإذا كان الثوب مضموناً على الأجير استحقّ عليه المالك قيمة الثوب مخيطاً، وإلّا لم يستحقّ عليه شيئاً، ولا يجوز للأجير بعد إتمام العمل حبس العين إلى أن يستوفي الاُجرة، وإذا حبسها ضَمِنها إن تلفت(1).

(مسألة: 21) إذا تلفت العين المستأجرة قبل انتهاء المدّة بطلت الإجارة، فإن كان التلف قبل القبض أو بعده بلا فصل لم يستحقَّ المالك على المستأجر شيئاً، وإن كان بعد القبض بمدّة قسِّطت الاُجرة على النسبة، وكان للمالك حصّة من الاُجرة على نسبة(2) المدّة. هذا إذا تلفت العين بتمامها، وأ مّا إذا تلف بعضها تبطل الإجارة بنسبته من أوّل الأمر أو في أثناء المدّة(3).

(مسألة: 22) إذا حصل الفسخ في أثناء المدّة فالأقوى كونه موجباً لانفساخ العقد في جميع المدّة(4)، فيرجع المستأجر بتمام المسمّى، ويكون للمؤجر اُجرة المثل بالنسبة إلى ما مضى.

(مسألة: 23) إذا قبض المستأجر العين المستأجرة ولم يستوفِ منفعتها حتّى



(1) نعم، يجوز الحبس لاستيفاء الاُجرة، ولا ضمان عندئذ.

(2) وكان للمستأجر خيار الفسخ، فإن فسخ رجع عليه المالك باُجرة المثل لما استوفاه.

(3) وللمستأجر الخيار الذي مضى في البند السابق.

(4) إلّا إذا جعل المتعاملان خياراً يقتضي التبعيض، كما لو جعلا الخيار في ردّ ما بقي من المنفعة بدفع ما يقابلها من الاُجرة، وكذا الحال في خيار العيب لو اختصّ بالجزء المتأخّر من المنفعة. نعم، قد يثبت بسبب إعمال مثل هذا الخيار خيار تبعّض الصفقة الموجب لفسخ العقد في جميع المدّة، كما أفاده اُستاذنا الشهيد(رحمه الله).

162

انقضت مدّة الإجارة، كما إذا استأجر دابّةً أو سفينةً للركوب أو حمل المتاع فلم يركبها ولم يحمل متاعه عليها، أو استأجر داراً وقبضها ولم يسكنها حتّى مضت المدّة استقرّت عليه الاُجرة، وكذا إذا بذل المؤجر العين المستأجرة فامتنعالمستأجر من قبضها واستيفاء المنفعة منها حتّى انقضت مدّة الإجارة، وكذاالحكم في الإجارة على الأعمال، فإنّه إذا بذل الأجير نفسه للعمل وامتنع المستأجر من استيفائه، كما إذا استأجر شخصاً لخياطة ثوبه في وقت معيّن، فهيّأ الأجير نفسه للعمل، فلم يدفع المستأجر إليه الثوب حتّى مضى الوقت، فإنّه يستحقّالاُجرة، سواء اشتغل الأجير في ذلك الوقت بشغل لنفسه أو غيره أم لميشتغل، كما لا فرق على الأقوى في الإجارة الواقعة على العين بين أن تكونالعين شخصيّةً مثل أن يؤجره الدابّة، فيبذلها المؤجر للمستأجر، فلا يركبها حتّى يمضي الوقت، وأن تكون كلّيّةً، كما إذا آجره دابّةً كلّيّةً فسلّم فرداً منها إليه أوبذله له حتّى انقضت المدّة، فإنّه يستحقّ تمام الاُجرة على المستأجر، كمالافرق في الإجارة الواقعة على الكلّيّ بين تعيين الوقت وعدمه إذا كان قدقبض فرداً من الكلّيّ بعنوان الجري على الإجارة، فإنّ الاُجرة تستقرّ على المستأجر في جميع ذلك وإن لم يستوفِ المنفعة. هذا إذا كان عدم الاستيفاء باختياره، أ مّا إذا كان لعذر: فإن كان عامّاً مثل نزول المطر المانع من السفر علىالدابّة أو في السفينة(1) حتّى انقضت المدّة بطلت الإجارة، وليس على



(1) إن كان العذر يعدّ قصوراً للعين عن الانتفاع بها، كما في مثال نزول المطر المانع من السفر، فصحّة ما في المتن واضحة، وإن لم يكن كذلك، كما لو كان المانع عن السفر مثلاً وجود قطّاع الطريق، فهناك مورد للتأمّل في بطلان الإجارة؛ لعدم قصور في العين عن الانتفاع بها، ولكن لا يبعد أيضاً بطلان الإجارة؛ لعدم الماليّة، كما أفاده اُستاذنا الشهيد(رحمه الله).

163

المستأجر شيء من الاُجرة. وإن كان العذر خاصّاً بالمستأجر كما إذا مرض فلميتمكّن من السفر فالأقوى أنّه كالعامّ تبطل به الإجارة إذا اشترطت مباشرته في الاستيفاء(1)، وأ مّا إذا لم تشترط المباشرة لم تبطل، فإذا استأجره لقلع ضرسه فبرئ من الألم بطلت الإجارة(2).

(مسألة: 24) إذا لم يستوفِ المستأجر المنفعة في بعض المدّة جرت الأقسام المذكورة بعينها وجرت عليه أحكامها.

(مسألة: 25) إذا غصب العين المستأجرة غاصب فتعذّر استيفاء المنفعة: فإن كان الغصب قبل القبض تخيّر المستأجر بين الفسخ فيرجع على المؤجر بالاُجرة إن كان قد دفعها إليه، والرجوع على الغاصب باُجرة المثل، وإن كان الغصب بعد القبض تعيَّن الثاني.

(مسألة: 26) المشهور أنّ إتلاف المستأجر للعين المستأجرة بمنزلة قبضها واستيفاء منفعتها، فتلزمه الاُجرة، وإذا أتلفها المؤجر تخيّر المستأجر بين الفسخ والرجوع عليه بالاُجرة، وبين الرجوع عليه بقيمة المنفعة، وإذا أتلفها الأجنبيّ رجع المستأجر عليه بالقيمة(3)، ولكنّه لا يخلو من إشكال ؛ لاحتمال البطلان في



(1) لا يبعد التفصيل بين فرض قيديّة المباشرة فتبطل الإجارة؛ لعدم الماليّة للحصّة الخاصّة وفرض الاشتراط فلا تبطل، فلو استفاد المستأجر من العين لا بالمباشرة، كان للمؤجر خيار الفسخ.

(2) إن كان الاستيجار لقلع ضرسه وكان الألم حيثيّة تعليليّة، فوجه القول بالبطلان سقوط العمل عن الماليّة، وإن كان الاستيجار لقلع الضرس المؤلم على نحو القيد، فوجه البطلان واضح، وهو تعذّر العمل المستأجر عليه.

(3) وإذا كان إتلاف الأجنبيّ قبل القبض، صحّ أيضاً للمستأجر الفسخ والرجوع على

164

الجميع، كما إذا تلفت بآفة سماويّة أو أتلفها حيوان(1).

(مسألة: 27) إذا انهدمت الدار التي استأجرها فبادر المؤجر إلى تجديدها



المؤجر بالاُجرة، فإن فسخ المستأجر ورجع على المؤجر بالاُجرة، رجع المؤجر على الأجنبيّ بقيمة العين، وإذا رجع المستأجر على الأجنبيّ بقيمة المنفعة، رجع المؤجر على الأجنبيّ بقيمة العين مسلوبة المنفعة.

(1) الظاهر: أنّ الآفة السماويّة ونحوها تلحق عرفاً بقصور في العين المستأجرة، فكأنّها كانت بلا منفعة فتبطل الإجارة، ولكن الإتلاف العمديّ من قبل إنسان ليس هكذا، فالصحيح ما عليه المشهور.

وقد أفاد اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) في ذيل هذه المسألة مسائل اُخرى فقال:

«وأمّا العين التي هي ملك للمستأجرُ استؤجر الأجير للعمل فيها، كالثوب في موارد الاستئجار لخياطته، فإنّ تلفها أو إتلاف غير المالك لها يوجب بطلان الإجارة(1).

وأمّا إذا كان المالك هو المتلف، فالظاهر عدم البطلان، وكان حاله حال ما لو سلّم الأجير نفسه للعمل وامتنع المستأجر.

هذا فيما إذا كان مورد الإجارة العمل الخارجيّ. وإذا كان العمل الذمّيّ، فإن أتلف المستأجر ثوبه كان بمنزلة الاستيفاء.

وإن أتلف الأجير الثوب، لم تبطل الإجارة(2) وكان للمستأجر الفسخ أو التضمين.

وإن تلف الثوب بنفسه أو أتلفه أجنبيّ، انفسخت الإجارة على الأظهر(3)».

انتهت إضافات اُستاذنا (رضوان الله عليه).


(1) يعني(رحمه الله): لعجز الأجير عن العمل الذي عليه.

(2) يعني(رحمه الله): لأنّ العمل الذمّي يبقى في الذمّة.

(3) يعني: لعجزه القهريّ عن الوفاء.

165

فالأقوى أنّه إن كانت الفترة غير معتدٍّ بها فلا فسخ ولا انفساخ(1)، وإن كان معتدّاًبها رجع المستأجر بما يقابلها من الاُجرة، وكان له الفسخ في الجميع لتبعّض الصفقة، فإذا فسخ رجع بتمام الاُجرة، وعليه اُجرة المثل لما قبل الانهدام.

(مسألة: 28) المواضع التي تبطل فيها الإجارة ويثبت للمالك اُجرة المثل لا فرق بين أن يكون المالك عالماً بالبطلان أو جاهلا به.

(مسألة: 29) تجوز إجارة الحصّة المشاعة من العين، لكن لا يجوز تسليمها إلّا بإذن الشريك إذا كانت العين مشتركة، ويجوز أن يستأجر اثنان داراً أو دابّةً فيكونان مشتركين في المنفعة فيقتسمانها بينهما كالشريكين في ملك العين، ويجوز أن يستأجر شخصين لعمل شيء معيَّن(2)، كحمل متاع أو غيره، أو بناء جدار أو هدمه، أو غير ذلك فيشتركان في الاُجرة، وعليهما معاً القيام بالعمل الذياستؤجرا عليه.

(مسألة: 30) لا يشترط اتّصال مدّة الإجارة بالعقد على الأقوى، فيجوزأن يؤجره داره سنةً متأخّرة عن العقد بسنة أو أقلّ أو أكثر، ولا بدّ من تعيينمبدأ المدّة، وإذا اُطلقت الإجارة مدّةً معيّنةً ولم يذكر البدء انصرف إلى الاتّصال.

(مسألة: 31) إذا آجره دابّةً كلّيّةً ودفع فرداً منها فتلف كان على المؤجر دفع فرد آخر.



(1) هذا إذا فرض أنّ العرف يرى وحدة الدار الجديدة مع الدار القديمة، وإلّا انفسخت الإجارة؛ لأنّ الإجارة وقعت على الدار التي انتهت، ولم تقع على الدار الجديدة.

(2) إن جعلت الاُجرة على العمل في الذمّة بمعنى فرض مجموع الذمّتين ظرفاً واحداً للعمل الذمّيّ، فلا كلام، وإلّا فلا بدّ من تشخيص ما على كلّ واحد من الأجيرين من مقدار العمل؛ لدفع الجهالة.

166

 

فصل [في الضمان في الإجارة وأحكام اُخرى]:

وفيه مسائل:

(مسألة: 32) العين المستأجرة أمانة في يد المستأجر لا يضمنها إذا تلفت أو تعيّبت إلّا بالتعدّي أو التفريط، وإذا اشترط المؤجر ضمانها بمعنى أداء قيمتها أو أرش عيبها صحّ، وأ مّا بمعنى اشتغال الذمّة بمثلها أو قيمتها ففيه إشكال(1)، وكذا الإشكال في ضمان العين في الإجارة الباطلة(2) إذا تلفت، وفي ضمان الوصف إذا تعيّبت، وإن كان الأظهر الصحّة في الجميع.

(مسألة: 33) العين التي للمستأجر بيد الأجير الذي آجر نفسه على عمل فيها كالثوب الذي أخذه ليخيطه لا يضمن تلفه أو نقصه إلّا بالتعدّي أو التفريط، وإذا اشترط المستأجر ضمانه على الأجير صحّ بكلٍّ من المعنيين المتقدّمين، وإذا تلف أو أتلفه المؤجر أو الأجنبيّ(3) قبل العمل أو في الأثناء بطلت الإجارة، ورجعت



(1) حاصله إبداء احتمال التفصيل بين شرط العمل بنتيجة الضمان من دفع القيمة أو الأرش، فلا إشكال فيه، وشرط انشغال الذمّة وضمانها، ففيه إشكال، والصحيح: نفوذ الشرط بكلا قسميه.

(2) العبارة مردّدة بين إرادة الإشكال في الضمان وإرادة الإشكال في شرط الضمان. والصحيح هو: عدم الضمان في الإجارة الباطلة، وصحّة شرط الضمان فيها.

وقوله في ذيل العبارة: «وإن كان الأظهر الصحّة في الجميع» له ظهور في أنّ المقصود كان هو المعنى الثاني، أعني: الإشكال في شرط الضمان.

(3) إذا تلف الثوب مثلاً أو أتلفه أجنبيّ، بطلت الإجارة، وإذا أتلفه المالك كان بمثابة الاستيفاء، وإذا أتلفه الأجير فإن كان مورد الإجارة العمل الخارجيّ بطلت، وإن كان العمل في الذمّة لم تبطل؛ لأنّ ما في الذمّة باق على حاله، وتخيّر المستأجر بين الفسخ وتضمين الأجير قيمة العمل؛ إذ فعل الأجير ما عجّزه عن تسليم ما عليه.

هذا من غير ضمان المُتلف العين التي أتلفها.

167

الاُجرة كلاًّ أو بعضاً إلى المستأجر(1)، وكذا إذا أتلفه المستأجر على الأقوى(2).

(مسألة: 34) المدار في القيمة على زمان التلف(3).

(مسألة: 35) كلّ من آجر نفسه لعمل في مال غيره إذا أفسد ذلك المال ضمن، كالحجّام إذا جنى في حجامته، والختّان في ختانه، وهكذا الخيّاط والنجّار والحدّاد إذا أفسدوا. هذا إذا تجاوز الحدّ المأذون فيه(4)، أ مّا إذا لم يتجاوز ففي الضمان إشكال، وإن كان الأظهر العدم(5)، وكذا الطبيب المباشر للعلاج بنفسه إذا أفسد فهو ضامن، وأ مّا إذا كان واصفاً ففي الضمان إشكال(6)، وإذا تبرّأ الطبيب من الضمان وقبل المريض أو وليّه(7) بذلك ولم يقصّر في الاجتهاد فإنّه يبرأ من الضمان بالتلف وإن كان مباشراً للعلاج.



(1) تقدّم في التعليق على قول المصنّف: «ولكنّه لا يخلو من إشكال لاحتمال البطلان في الجميع، كما إذا تلفت بآفة سماويّة أو أتلفها حيوان» في ذيل المسألة (26) الماضية عن اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): أنّه في فرض تلف الثوب أو إتلاف غير المالك إيّاه بطلت الإجارة، وعليه ففي هذا الفرض لا معنى لرجوع بعض الاُجرة، بل ترجع كلّ الاُجرة؛ لأنّنا قلنا ببطلان أصل الإجارة. وليس للأجير المُتلف اُجرة المثل لمقدار عمله؛ لأنّه لم يكن له استقلال في النظر المعامليّ، فلا موجب لضمان اُجرة ما عمل.

(2) تقدّم في التعليق على قول المصنّف: «وإذا تلف أو أتلفه المؤجر أو الأجنبيّ» في هذه المسألة: أنّ إتلاف المالك بمثابة الاستيفاء.

(3) بل على زمان الأداء؛ لأنّنا لا نؤمن بفكرة القيميّات.

(4) يعني: الإذن من قبل المستأجر.

(5) إلّا إذا قامت قرينة على الاحتفاظ بحقّ الضمان برغم الإذن.

(6) أظهره عدم الضمان؛ لأنّه بالوصف قد أخذ الإذن.

(7) يعني: في مورد لولا الإذن لكان ضامناً.

168

(مسألة: 36) إذا عثر الحمّال فسقط ما كان على رأسه أو ظهره فانكسر ضمنه، وإذا عثر فوقع هو أو ما على رأسه على إناء غيره فكسره ضمنه(1).

(مسألة: 37) إذا قال للخيّاط: إن كان هذا القماش يكفيني قميصاً فاقطعه، فقطعه فلم يكفِه ضمن، ومثله في وجه ما إذا قال له: هل يكفيني قميصاً ؟ فقال: نعم، فقال: اقطعه، فقطعه فلم يكفِه(2).

(مسألة: 38) إذا آجر عبده لعمل فأفسد فالأقوى كون الضمان في كسبه، فإن لم يفِ فعلى ذمّة العبد يتبع به بعد العتق إذا لم يكن جناية على نفس أو طرف، وإلّا تعلّق برقبته، وللمولى فداؤه بأقلِّ الأمرين من الأرش والقيمة إن كانت خطأً، وإن كانت عمداً تخيّر وليّ المجنى عليه بين قتله واسترقاقه، على تفصيل في محلّه.

(مسألة: 39) إذا آجر دابّته لحمل متاع فعثرت فتلف أو نقص فلا ضمان على صاحبها، إلّا إذا كان هو السبب بنخس أو ضرب، وإذا كان السبب غيره كان هو الضامن.

(مسألة: 40) إذا استأجر سفينةً أو دابّةً لحمل متاع فنقص أو سرق لميضمن صاحبها، إلّا أن يشترط عليه الضمان.

(مسألة: 41) إذا حمَّل الدابّة المستأجَرة أكثر من المقدار المقرّر بينهمابالشرط، أو لأجل التعارف فتلفت أو تعيّبت ضمن ذلك، وعليه اُجرة المثلللزيادة مضافاً إلى الاُجرة المسمّاة، وكذا إذا استأجرها لنقل المتاع مسافةً معيّنةً فزاد على ذلك، وإذا استأجرها لحمل المتاع مسافةً معيّنةً فركبها أو بالعكس



(1) لو لم يصدر منه خطأ في المشي وكان يعدّ مجرّد تقدير سماويّ، فلا يبعد عدم الضمان، سواء انكسر ما كان يحمله أو انكسر ما وقع عليه.

(2) الأمر بالقطع صدر في هذا الفرض منجّزاً، فالظاهر عدم الموجب للضمان، إلّا إذا كان الخيّاط غير مقتنع نفسيّاً بصحّة جوابه فيضمن للتقصير.

169

لزمته الاُجرة المسمّاة، وفي ثبوت غيرها إشكال(1)، وكذا الحكم في أمثاله ممّاكانت فيه المنفعة المستوفاة مضادّةً للمنفعة المقصودة بالإجارة، بلا فرق بينالإجارة الواقعة على الأعيان كالدار والدابّة والإجارة الواقعة على الأعمال، كما إذا استأجره لكتابة فاستعمله في الخياطة(2).

(مسألة: 42) إذا استأجر العامل للخياطة فاشتغل العامل بالكتابة للمستأجر عمداً أو خطأً لم يستحقَّ على المستأجر شيئاً.

(مسألة: 43) إذا آجر دابّةً لحمل متاع زيد فحمّلها المالك متاع عمرو لميستحقَّ اُجرةً لا على زيد ولا على عمرو.

(مسألة: 44) إذا استأجر دابّةً معيّنةً من زيد للركوب إلى مكان معيّن فركب غيرها عمداً أو خطأً لزمته الاُجرة المسمّاة للاُولى واُجرة المثل للثانية(3)، وإذا اشتبه فركب دابّة عمرو لزمته اُجرة المثل لها مضافاً إلى الاُجرة المسمّاة لدابّة زيد(4).



(1) الظاهر ـ كما أفاده اُستاذنا(رحمه الله) ـ: أنّ عليه أيضاً التفاوت بين اُجرة المثل للعين بلحاظ المنفعة التي وقعت الإجارة على أساسها واُجرة المثل للعين بلحاظ مجموع المنفعتين.

(2) إن كان المستأجر مغرِّراً بالأجير، فالحال هو ما تقدّم في البند السابق، وإلّا فمع وقوع الإجارة على العمل الخارجيّ بطلت الإجارة، وكانت للأجير اُجرة المثل لعمله، ومع وقوع الإجارة على العمل الذمّيّ وتوافقهما على الإتيان بالعمل الجديد بدلاً عن ذاك العمل المستأجر عليه استحقّ الاُجرة المسمّاة.

(3) نعم، إذا كان الخطأ بتغرير من زيد بتسليمه له الدابّة الاُخرى، فليس لزيد إلّا أقلّ الاُجرتين، أعني: الاُجرة المسمّاة للدابّة الاُولى واُجرة المثل للدابّة الثانية.

(4) وإذا كان مغرّراً به في ذلك من قبل (زيد)، جاز له الرجوع فيما ضمنه (لعمرو) عليه، كما أفاده اُستاذنا الشهيد(رحمه الله).

170

(مسألة: 45) إذا استأجر سفينةً لحمل الخلّ المعيَّن مسافةً معيّنةً فحملها خمراً مع الخلّ المعيَّن لم يستحقَّ المالك عليه إلّا الاُجرة المسمّاة(1).

(مسألة: 46) يجوز لمن استأجر دابّةً للركوب أو الحمل أن يضربها أو يكبحها باللجام على النحو المتعارف إلّا مع منع المالك، وإذا تعدّى عن المتعارف أو مع منع المالك ضمن نقصها أو تلفها، وفي صورة الجواز لا ضمان للنقص على الأقوى.

(مسألة: 47) صاحب الحمّام لا يضمن الثياب أو نحوها لو سرقت إلّا إذا جعلت عنده وديعةً وقد تعدّى أو فرّط.

(مسألة: 48) إذا استؤجر لحفظ متاع فسرق لم يضمن إلّا مع التقصير في الحفظ، وفي كون غلبة النوم من التقصير إشكال، هذا إذا لم يشترط عليه الضمان، أ مّا إذا اشترط عليه ضمن ولم يستحقَّ اُجرةً في الصورتين(2).



(1) بل ويستحقّ أيضاً اُجرة المثل للوزن الإضافيّ.

(2) هذا على أقسام:

الأوّل: أن يكون مورد الإجارة هو الحفظ بعنوانه، ففرض المسألة يكشف عن أنّه لم يكن مقدوراً للأجير، ومعه تكون الإجارة باطلة، فيبطل شرط الضمان الذي كان في ضمن عقد الإجارة، فلا يستحقّ الاُجرة، ولا هو ضامن لما سرق.

والثاني: أن يكون مورد الإجارة هو حفظ المتاع بالنحو المتعارف للحارس، والمفروض أنّه قد فعل، واتّفق صدفةً أنّه سُرق، فالإجارة صحيحة، والضمان ثابت لأجل الشرط، ويستحقّ الأجير المطالبة بالاُجرة؛ لأنّه عمل بما كان عليه.

والثالث: نفس الثاني بإضافة شرط سقوط الاُجرة ولو ضمناً في العقد عند عدم ترتّب الحفظ المقصود، فيثبت عندئذ الضمان، ولا يستحقّ الاُجرة.

وكلّ هذا من إفادات اُستاذنا(رحمه الله) في تعليقه على المقام.

171

(مسألة: 49) إنّما يجب تسليم العين المستأجرة إلى المستأجر إذا توقّفاستيفاء المنفعة على تسليمها كما في إجارة آلات النساجة والنجارة والخياطة، أو كان المستأجر قد اشترط ذلك، وإلّا لم يجب، فمن استأجر سفينةً للركوب لم يجب على المؤجر تسليمها إليه.

(مسألة: 50) يكفي في صحّة الإجارة ملك المؤجر المنفعة وإن لم يكن مالكاً للعين، فمن استأجر داراً جاز له أن يؤجرها من غيره وإن لم يكن مالكاً لنفس الدار، فإذا توقّف استيفاء المنفعة على تسليمها وجب على المؤجر الثاني تسليمها إلى المستأجَر منه وإن لم يأذن له المالك، وإذا لم يتوقّف استيفاء المنفعة على التسليم كالسفينة والسيّارة لم يجب على المؤجر الأوّل تسليمها إلى الثاني إلّا إذا اشترط عليه ذلك، ولا يجوز للمؤجر الثاني تسليمها إلى المستأجَر منه(1) وإن اشترط عليه(2)، بل الشرط يكون فاسداً(3). نعم، إذا أذن له المالك فلا بأس. كما أنّه في الصورة السابقة التي يجب فيها تسليم المؤجر الثاني إلى المستأجر منه لا يجوز التسليم إلّا إذا كان المستأجر منه أميناً، فإذا لم يكن أميناً وسلّمها إليه كان ضامناً. هذا إذا كانت الإجارة مطلقة، أ مّا إذا كانت مقيّدةً كما إذا استأجر الدابّة لركوب نفسه فلا تصحّ إجارتها من غيره، فإذا آجرها من غيره بطلت الإجارة(4)، فإذا ركبها المستأجر الثاني كان آثماً إن كان عالماً بالفساد، وفي كونه ضامناً اُجرة المثل للمالك أو للمستأجر الأوّل إشكال، والأظهر



(1) يعني: بدون إذن المالك.

(2) يعني: على المستأجر الأوّل، أو قل: على المؤجر الثاني.

(3) لعدم ثبوت إذن من المالك.

(4) يعني: أنّه ملّك الغير حصّة اُخرى من الركوب وهو لا يملكها، فطبيعيّ أن تكون الإجارة باطلة.

172

عدمه(1)، بلا فرق بين كونه عالماً بالفساد وكونه جاهلا به، وإذا آجر الدابّة للركوب واشترط على المستأجر استيفاء المنفعة بنفسه، أو أن لا يؤجرها من غيره فآجرها بطلت الإجارة، وإذا استوفى المستأجر منه المنفعة كان ضامناً له اُجرة المثل(2) لا للمالك.

(مسألة: 51) إذا استأجر الدكّان مدّةً فانتهت المدّة وجب عليه إرجاعه إلى المالك، ولا يجوز له إيجاره من ثالث إلّا بإذن المالك، كما لا يجوز له أخذ مال من ثالث ليمكّنه من الدكّان المسمّى في عرفنا « سرقفليّة » إلّا إذا رضي المالك، وإذا مات المستأجر لم يجزْ أيضاً لوارثه أخذ « السرقفليّة » إلّا إذا رضي المالك، فإذا أخذها برضا المالك لم يجب إخراج ثلث للميّت إذا كان قد أوصى إلّاإذا كان رضا المالك مشروطاً بإخراج الثلث. نعم، إذا اشترط المستأجر علىالمالك في عقد الإجارة أو عقد آخر لازم(3) أن يأخذ « السرقفليّة » جاز له أخذها، فإذا



(1) كأنّه(رحمه الله) يقصد أنّ المنفعة الثانية لم تكن ملكاً للمستأجر الأوّل؛ لأنّ الإجارة كانت واقعة على المنفعة الاُولى ولم تكن ملكاً للمالك؛ لأنّه آجر العين على منفعة مضادّة لهذه المنفعة، فالأظهر عدم ضمانه لا لهذا ولا لذاك.

ولكن أفاد اُستاذنا(رحمه الله): أنّه يضمن للمستأجر الأوّل اُجرة المثل للمنفعة الاُولى التي فاتت عليه، ويضمن للمالك التفاوت بين اُجرة المثل للعين بلحاظ تلك المنفعة واُجرة المثل لها بلحاظ كلتا المنفعتين المتضادّتين للمستأجر، فإنّ القيمة في فرض إيكال المنفعتين المتضادّتين للمستأجر أقوى من إحدى المنفعتين بالخصوص.

أقول: إن كان إيكال المنفعتين المتضادّتين للمستأجر أقوى من إيكال إحدى المنفعتين بالخصوص إليه فكلام اُستاذنا(قدس سره) صحيح.

(2) بل يضمن الاُجرة المسمّاة، فإنّ حرمة مخالفة الشرط لا توجب إلّا النهي عن المعاملة، والنهي لا يُبطل المعاملة.

(3) أو عقد جائز مع عدم انفساخه كما أفاده اُستاذنا(رحمه الله).

173

مات كان ذلك موروثاً لوارثه ووجب إخراج ثلثه إذا كان أوصى، وهذه« السرقفليّة » من مؤن التجارة فلا خمس فيها. نعم، إذا كان للدافع حقّ فيأخذها من غيره وإن لم يرضَ المالك كان ذلك الحقّ من أرباح التجارة يجبإخراج خمسه بقيمته، وربّما زادت القيمة، وربّما نقصت، وربّما ساوت مادفعه(1).

(مسألة: 52) يجوز للمستأجر مع عدم اشتراط المباشرة وما بمعناها أن يؤجر العين المستأجرة بأقلّ ممّا استأجرها به وبالمساوي، وكذا بالأكثر منه إذا أحدث فيها حدثاً، أو كانت الاُجرة من غير جنس الاُجرة السابقة(2)،بل يجوز أيضاً مع عدم الشرطين المذكورين عدا البيت والدار والدكّان(3)



(1) المختار لنا عدم تعلّق الخمس بالحقوق. نعم، متى ما أخذ الشخص بالسرقفليّة بحقّ سواء كانت حقّانيّتها ناشئة من رضا المالك أو من أيّ شيء آخر، فحالها حال سائر الأرباح، تلحقها أحكامها.

وإن كان قد اشترى حقّ السرقفليّة بمال مخمّس مثلاً، فالربح عبارة عن زيادة السرقفليّة التي يأخذها على ذلك المال.

(2) على أن لا تكون من أقسام النقود على الأحوط(1).

(3) المقصود بالبيت الغرفة، والمقصود بالدار مجموع الدار، والأحوط وجوباً عدم الجواز في سائر الأعيان أيضاً(2).


(1) روايات المنع عن الإيجار بأكثر ممّا استأجر لم يرد فيها استثناء الاُجرة من غير الجنس ـ راجع الوسائل، ج 19 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 20 ـ 22 من الإجارة ـ وإنّما نجوّز ذلك من باب أنّ الأكثريّة لا تصدق على غير الجنس، ولكن عدم صدقها في أقسام النقود المتمحّضة في نظر العرف في القيمة محلّ تأمّل، وهذا هو سرّ الاحتياط في المقام.

(2) لاحتمال إلغاء الخصوصيّة عرفاً، والروايات المصرّحة بالجواز كلّها ناظرة إلى باب المزارعة.