141


الأمن ممّا خفت منه، قال: فقسّمته بين إخواني»(1)، فإنّ الكنز يمرّ به حتماً وقت يكون مجهول المالك قبل افتراض هلاك كلّ ملاّكه وورثتهم.

إذن فحاصل الجواب على السؤال عن مغزى جعل الخمس على هذه العناوين هو: أنّ مغزاها استثناء خمسها من تحليل الأنفال للشيعة، أو للمسلمين، أو لمن حاز.

ولعلّ السرّ في التعبير الوارد عن الأئمّة الأوائل(عليهم السلام)من أنّ الخمس من خمسة أشياء في حين أنّ موثّقة سماعة الماضية عن أبي الحسن(عليه السلام) تقول: «الخمس في كلّ ما أفاد الناس»(2)، ومرسلة حمّاد التي تقول: «الخمس من خمسة أشياء» أيضاً مرويّة عن أبي الحسن(عليه السلام)(3) هو: أنّ المقصود بالخمس الذي هو على خمسة أشياء هو الخمس الموضوع على المال قبل ملكيّة الأفراد، لا الذي هو ضريبة على ملك الأفراد.

إلّا أنّه يمكن المناقشة في هذا الجواب، بأن يقال: إنّ هذا يعني: أنّ الخمس الذي تعلّق بهذه العناوين الثلاثة لم يكن من باب جعل الضريبة على الممتلكات ولكن بعد ما يخرج منها الخمس ويمتلك الأربعة أخماس بإذن من الإمام يصبح هذا فائدة ممتلكة فتدخل في عنوان «الخمس في كلّ ما أفاد الناس» فيجب عليه تخميسه مرّةً ثانيةً بعد مرور الحول عليه إذا زاد على المؤونة، فرجعنا مرّة اُخرى إلى المشكلة التي أشرنا إليها من أنّنا لا نظنّ أحداً يلتزم بذلك.

ولا يمكن حلّ هذا الإشكال بأنّ الإمام(عليه السلام) بعد أن جوّز تملّك الأربعة أخماس من المعدن ونحوه صار هذا المقدار ممّا سرّح به صاحب الخمس، ولا خمس فيما سرّح به


(1) الوسائل، ب 7 من اللقطة، ح 1.

(2) الوسائل، ب 8 ممّا يجب فيه الخمس، ح 6.

(3) الوسائل، ب 2 ممّا يجب فيه الخمس، ح 4 و9.

142


صاحب الخمس، كما ورد عن عليّ بن الحسين بن عبد ربّه(1); وذلك لأنّ هذه القاعدة لو قبلت: إمّا بهذه الرواية ـ وهي غير تامّة سنداً ـ أو باستظهار عرفي من صلة الإمام(عليه السلام) أنّه لا يريد منه شيئاً ـ لو تمّ هذا الاستظهار ـ فهذه القاعدة إنّما تكون في صلات صاحب الخمس بمعنى الجوائز والهدايا والهبات، كما هو مورد رواية عليّ بن الحسين بن عبد ربّه، ولا يشمل مثل السماح بتملّك المعدن ونحوه ممّا يعتبر عرفاً من الأموال العامّة.

ويمكن حلّ هذا الإشكال بأنّ دلالة الروايات على ثبوت الخمس الواجب في المعدن، أو الغوص أو الكنز دون خمسين ولو بنكتة السكوت عن الخمس الثاني إذا ضمّت إلى أنّ خمس الفائدة أيضاً يتعلّق بالمال من أوّل السنة وإن رُخّص في التأخير لإخراج مؤونة السنة تدلّ ولو بإطلاق مقامي على عدم وجوب التخميس مرّةً ثانية للمال.

وهذا البيان لا يأتي في الحلال المختلط بالحرام; لأنّ العرف أيضاً يفهم بوضوح: أنّ هذا التخميس تطهير للمال عن الحرام المختلط فيه، فلا علاقة له بتخميس الممتلكات.

وأخيراً نشير إلى نكتة وهي: أنّنا لو كان حديثنا عن أصل: أنّه لماذا لا يجب خمسان على مثل المعادن رغم تطابق عنوانين عليها: عنوان المعدن وعنوان الفائدة، أمكن الجواب على هذا السؤال ببساطة: بأنّ هذا يدخل في مبحث التداخل، سواء سمّيناه بتداخل الأسباب أو بتداخل المسبّبات، فتخميس واحد يكفي عن الأمرين.

ولكن حينما يكون سؤالنا عن أنّه: ما مغزى أصل الجعل الشرعي للخمس على المعادن في حين أنّه: مادام المعدن فائدة من الفوائد كان المترقّب الاكتفاء بجعل واحد على الفوائد، فهذا الجواب لا ينفع شيئاً، فإنّ فرض التداخل لا يفسّر لنا مغزىً لجعل الخمس على المعادن، فما دام المعدن فائدة من الفوائد فالمترقّب الاكتفاء بجعل الخمس

 


(1) الوسائل، ب 11 ممّا يجب فيه الخمس، ح 2.

143

97 ـ وهو الأشياء ذوات القيمة المركّزة في الأرض من غير سنخ الأرض (1).


على الفوائد، لا جعله على المعدن بعنوانه وعلى الفائدة بعنوانها حتّى يتداخلا بعد ذلك.

فالجواب على هذا السؤال منحصر بأحد بيانين:

إمّا البيان البسيط وهو: أنّ الفائدة تستثنى منها المؤونة والمعدن لا يستثنى منه المؤونة، ولهذا جعل عنواناً مستقلاًّ، وبعد ذلك يأتي السؤال عن أنّه: لِمَ لا يتعدّد الخمس بصدق العنوانين؟ ولنفرض أنّه يأتي الجواب بفكرة التداخل.

وإمّا البيان المعمّق الذي أشرنا إليه وهو: أنّ خمس المعادن تضييق للسماح بتملّك المعدن الذي هو من الأنفال، وخمس الفائدة ضريبة على المملوك ولو فرضت ملكيّة خمسه ملكية تقديريّة، وبعد ذلك يأتي السؤال عن أنّه: لِمَ لا يتعدّد الخمس بصدق العنوانين؟ ولا يأتي الجواب بفكرة التداخل; لأنّ الخمس الأوّل يكون على المعدن في الرتبة السابقة على تملّكه، والخمس الثاني يكون على الباقي بعد إخراج الخمس الأوّل باعتبار تملّكه، فما معنى التداخل ؟!

وينحصر الجواب بما أشرنا إليه من الإطلاق المقامي.

(1) أوسع تفسير يفسّر به المعدن: هو أنّه كلّ شيء ذي قيمة مركّز في مواضع خاصّة من الأرض ولو كان من سنخ الأرض.

والتفاسير الاُخرى المذكورة في الكلمات ما يلي:

1 ـ اختصاص المعدن ببعض الموادّ، وهي مطلق الجواهر، أو خصوص الذهب والفضّة.

2 ـ اختصاصه بكلّ ما في باطن الأرض من الأشياء ذوات القيمة، فلا يشمل ما في ظاهر الأرض كالملح.

3 ـ اختصاصه بما يكون من غير سنخ الأرض، فلا يشمل مثل أقسام الطين كالمغرة، وهو طين كان يتّخذ للصبغ، أو طين الرأس، وهو طين كان يتّخذ للغَسل ونحو ذلك.

144


ولو فرض المعدن غامضاً لغةً، فكلّ ما ورد اسمه في النصوص الصحيحة يلحق به ولو حكماً، كالرصاص، والصفر، والحديد، والملح، والكبريت، والنفط(1) وكلّ ما لم يرد اسمه فيها يبقى مورداً للشكّ.

ولاستفادة العموم ولو حكماً للتعدّي من الموارد المنصوصة طرق ثلاثة.

الأوّل: دعوى التعدّي العرفي من الأمثلة المذكورة في الروايات بدعوى عدم احتمال العرف الفرق.

إلّا أنّ هذا إن تمّ لا يشمل ما يكون من سنخ الأرض; إذ ليس في الروايات مثال من هذا القبيل.

والثاني: التمسّك بما عن محمّد بن مسلم بسند تامّ قال: «سألت أبا جعفر(عليه السلام) عن الملاحة، فقال: وما الملاحة؟ فقلت: أرض سبخة مالحة يجتمع فيه الماء، فيصير ملحاً، فقال: هذا المعدن فيه الخمس. فقلت: والكبريت والنفط يُخرج من الأرض؟ قال: فقال: هذا وأشباهه فيه الخمس(2).

وعدّ الملح من المعادن في هذا الحديث قد ينافيه جعله في مرسل حمّاد أحد الخمسة في مقابل المعدن(3). إلّا أنّه يمكن الجمع بينهما بكون الملح ملحقاً بالمعدن حكماً لا موضوعاً. كما يشهد لذلك: أنّ في نسخة الصدوق(رحمه الله) لحديث محمّد بن مسلم بدلاً عن كلمة «هذا المعدن» وردت كلمة: «مثل المعدن» إلّا أنّ سند الصدوق إلى محمّد بن مسلم غير تامّ.


(1) راجع الوسائل، ب 3 ممّا يجب فيه الخمس، ح 1 و2 و4.

(2) الوسائل، ب 3 ممّا يجب فيه الخمس، ح 4.

(3) الوسائل، ب 2 ممّا يجب فيه الخمس، ح 4.

145


وعلى أيّ حال، فالضمير في «وأشباهه» حتّى لو كان راجعاً إلى الكبريت والنفط فقط لا إلى الملح فالمفهوم عرفاً من مجموع الجملتين مع قرب التعدّي في ذهن العرف إلحاق أشباه كلّ هذه الاُمور الثلاثة بها.

إلّا أنّ هذا أيضاً ـ كما ترى ـ لا يشمل ما يكون من سنخ الأرض غير المبدّل بمثل المجوهرات، فيبقى مثل أقسام الطين أيضاً خارجاً عن مفاد الروايات.

والثالث: التمسّك بصحيحة زرارة عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: «سألته عن المعادن ما فيها؟ فقال: كلّ ما كان ركازاً ففيه الخمس، وقال: ما عالجته بمالك ففيه ـ ما أخرج الله سبحانه من حجارته مصفّى ـ الخمس»(1).

والمقصود بقوله: «كلّما كان ركازاً»: إمّا خصوص ما هو المركوز في الأرض طبيعيّاً، أو يشمل المركوز بشريّاً أيضاً، أعني: الكنز. وعلى كلا التقديرين لا يشمل نفس الأرض غير المتبدّل بمثل المجوهرات، فمثل أقسام الطين يبقى خارجاً عن مفاد الروايات.

فإذا شككنا في حكم مثل أقسام الطين، فهل المرجع البراءة; لأنّه شكّ في تكليف زائد، وهو تخميسها بناءً على شمول البراءة لحكم وضعيّ من هذا القبيل ممّا يعدّ ثقلاً على المكلّف، أو المرجع وجوب التخميس; لأنّ الأرض على أيّ حال من الأنفال، فتملّكها يحتاج إلى وصول الإذن من المالك وهو الإمام، ولم نحرز الإذن بأكثر من أربعة أخماسها مع دفع خمسها إلى الإمام؟

أظنّ: أنّ حلّ هذا المشكل منحصر بأحد وجهين:

إمّا القول بأنّ السيرة العقلائيّة تقتضي تملّكها بالحيازة. والروايات التي عرفت عدم شمولها للأرض لا تكفي للردع، فتتملّك تلك الاُمور بالحيازة على رغم أنّ من حقّ


(1) الوسائل، ب 3 ممّا يجب فيه الخمس، ح 3.

146


الإمام(عليه السلام)أن يمنع ذلك، وإذا ملكت بالحيازة دخلت في مطلق الفائدة التي يجب تخميسها بعد استثناء المؤونة.

وإمّا التمسّك بذيل صحيحة أبي سيّار: «... وكلّ ما كان في أيدي شيعتنا من الأرض فهم فيه محلّلون، ومحلّل لهم ذلك إلى أن يقوم قائمنا، فيجبيهم طسق ما كان في أيدي سواهم، فإنّ كسبهم من الأرض حرام عليهم حتّى يقوم قائمنا فيأخذ الأرض من أيديهم، ويخرجهم منها صغرة»(1).

وفي نسخة الكليني: «فيجبيهم طسق ما كان في أيدي سواهم. وأمّا ما كان في أيدي غيرهم فإنّ كسبهم من الأرض حرام...».

والظاهر: أنّ نسخة الكليني أصحّ; لأنّ نسخة الشيخ(قدس سره) يبدو فيها التهافت; لأنّه فرض أوّلاً: أنّ القائم عجّل الله فرجه يجبي من غير الشيعة طسق ما في أيديهم من الأرض، وفرض ثانياً: أنّه(عليه السلام)يخرجهم من الأرض صغرة، ولا معنى للجمع بين هذين الأمرين.

وقد يوجّه بأنّ المقصود من إجباء طسق ما كان في أيدي سواهم إجباء طسق الأيّام الماضية، لا إجباء طسق نفس أيّام الظهور، كي يعارض فرض الإخراج من الأرض إلى بلاد الكفر مثلاً.

ولكن مع هذا يبقى الغموض في تعبير: «يجبيهم طسق ما كان في أيدي سواهم» إذ لا يوجد في التعبير اللفظي فيما سبق ما يصلح لرجوع الضمير في «يجبيهم» إلّا الشيعة، ولا معنى لإجباء الشيعة طسق ما كان في أيدي سواهم، فهذا يشهد لسقط جملة وردت في الكافي، فالأصل كان هكذا: «وكلّ ما كان في أيدي شيعتنا من الأرض فهم فيها محلّلون، ومحلّل لهم ذلك إلى أن يقوم قائمنا، فيجبيهم طسق ما كان في أيديهم ويترك


(1) الوسائل، ب 4 من الأنفال، ح 12.

147

98 ـ والأحوط عدم التقيّد في المَعْدِن بالنصاب، سواءٌ اُريد به نصاب عشرين ديناراً، أو اُريد به نصاب دينار واحد (1).


الأرض في أيديهم. وأمّا ما كان في أيدي سواهم...» أو يقال: أن يكون المقصود: أنّه يُرجع ما كان في أيدي سواهم من الأرض إلى الشيعة، فيجبيهم طسقه، ويُخرج غير الشيعة منها، فتبقى الأرض بيد الشيعة مع الالتزام بالطسق، وعندئذ يتّحد المعنى من النسختين. والله العالم.

(1) لا إشكال في أنّ مقتضى إطلاقات أخبار خمس المعدن هو عدم اشتراط النصاب(1)، إلّا أنّ هناك روايتين تدلاّن على شرط النصاب:

الرواية الاُولى: صحيحة أحمد بن محمّد بن أبي نصر، قال: «سألت أبا الحسن(عليه السلام)عمّا أخرج المعدن من قليل أو كثير هل فيه شيء؟ قال: ليس فيه شيء حتّى يبلغ ما يكون في مثله الزكاة عشرين ديناراً»(2).

والظاهر: أنّه قصد بالمعدن في هذا الحديث معدن الذهب والفضّة كما هو أحد المعاني الواردة في بعض كتب اللغة للمعدن، والمقصود بما يكون في مثله الزكاة: الذهب والفضّة المسكوكان، فالمعنى: أنّه ليس في الذهب والفضّة المستخرجين من المعدن شيء إلّا إذا بلغ ما يكون في مثله، أي: في المسكوك الزكاة.

وفي العبارة من حيث الإعراب احتمالان:

الأوّل: أن يكون فاعل «يبلغ» ضميراً مستتراً فيه راجعاً إلى ما أخرج المعدن، والمعدن اسم مكان للوعاء الأرضي المشتمل على تلك الموادّ ويكون الموصول مفعولاً به، ويكون العدد وهو (عشرين ديناراً) بدلاً عن الموصول، أو عطف بيان له.


(1) راجع الوسائل، ب 2 و3 ممّا يجب فيه الخمس.

(2) الوسائل، ب 4 ممّا يجب فيه الخمس.

148


والثاني: أن يكون فاعل «يبلغ» هو الموصول، ويكون العدد مفعولاً به، أي: إلّا أن يكون ما أخرجه المعدن عشرين ديناراً.

وعلى كلا الإعرابين فالنتيجة المقصودة واحدة، وذكر عشرين دينار يحمل على المثاليّة، أي: لو فرض المعدن ذهباً فلابدّ أن يبلغ عشرين ديناراً، ولو فرض فضّة فلابدّ أن يبلغ مئتي درهم.

وعلى كلا التقديرين لا يوجد أيّ شاهد في الحديث على إرادة الخمس، بل الأظهر من ذلك إرادة الزكاة.

فالحديث دالّ على نفي الخمس عن المعدن كما هو مذهب الشافعي وأتباعه، وعلى ثبوت الزكاة في الذهب والفضّة غير المسكوكين كما هو مذهب بعض أهل السنّة، فتكون الرواية محمولة على التقيّة حتماً; فإنّ كلا الحكمين ممّا لا يقول به أحد من الشيعة، ويقول به جمع من السنّة.

إلّا أنّ السيّد الخوئيّ(قدس سره) أصرّ على أنّ المقصود بهذه الرواية هو الخمس; وذلك لوجوه:

الأوّل: أنّ المعدن في الرواية مطلق يشمل عامّة المعادن، فتخصّصه بالذهب والفضّة بلا موجب، وعدم تعلّق الزكاة بغيرهما واضح.

وهذا الوجه ضعيف جدّاً; فإنّ أحد المعاني التي ذكرت للمعدن في بعض كتب اللغة هو معدن الذهب والفضّة، وفي الرواية قرينة داخلية على إرادة ذلك حيث قال: حتّى يبلغ ما يكون في مثله الزكاة، ومن المعلوم: أنّ ما يكون في مثله الزكاة هو الذهب والفضّة، ففي مثله من المسكوك الزكاة.

والثاني: أنّ حمل كلمة «شيء» على خصوص الزكاة بلا موجب، بل هو يشمل كلّ ما افترضه الله في المال حتّى الخمس.

وهذا الوجه بهذا المقدار لا يخرج الحديث عن الإجمال، فلا نعلم أنّ المقصود: هل هو

149


الخمس حتّى يدلّ على شرط النصاب في الخمس؟ أو الزكاة حتّى يحمل على التقيّة؟

ولكنّنا بإمكاننا أن نتمّم هذا الوجه بضّم ذلك إلى أصالة الجدّ، فيقال: نفسّر الحديث بالخمس حتّى لا يحمل على التقيّة.

وما يمكن أن يعترض به على ذلك هو: أنّنا لو قلنا بأنّ أصالة الجدّ أصل مصبّها المدلول الاستعمالي، فالواجب أوّلاً: تعيين المدلول الاستعمالي، ثُمّ إثبات الجدّ بأصالة الجدّ، وقد شككنا هنا في أصل المدلول الاستعمالي، أو المصداق له المقصود في المقام: هل هو الخمس أو الزكاة؟ ولو قلنا: إنّ أصالة الجدّ في واقعها عبارة عن أصالة التطابق بين المدلول الاستعمالي والمدلول الجدّي، فمتى ما عرف أحدهما ولم يعرف الآخر حمل الآخر على وفق ذاك الذي عرفناه، وفيما نحن فيه الرواية مجملة من كلا الجانبين، فكيف نستفيد من أصالة التطابق أو أصالة الجدّ؟

وبالإمكان الجواب على ذلك: بأنّ أصالة الجدّ مصبّها ظهور حال المتكلّم لا شخص مراد استعماليّ معيّن، ولا شخص مراد جدّيّ معيّن، فلا تختصّ الاستفادة من هذا الأصل بما إذا كان لدينا مراد استعماليّ معيّن فأردنا تعيين المراد الجدّي على ضوئه، ولا بما إذا كان لدينا مراد جدّيّ معيّن فأردنا أن نعيّن المراد الاستعماليّ على ضوئه، بل لو تردّد المراد الاستعماليّ بين معنى يقبل الجدّ ومعنى لا يقبل الجدّ، نعيّن ما يقبل الجدّ عملاً بظهور حال المتكلّم في الجدّ، فلماذا نحمل الشيء في المقام على الزكاة ثُمّ نقول: إنّ هذا صدر تقيّة، وكما لِمَ لا نحمله على الخمس بسبب وضوح شرط السكّة لدى الشيعة في الزكاة؟!

والثالث: أنّ الظاهر من قوله(عليه السلام): «ما يكون في مثله الزكاة» أنّ موضوع السؤال والجواب غير زكاة الذهب والفضّة، ولذا جعله مماثلاً لها، وإلّا لقال: حتّى يبلغ عشرين ديناراً مع حذف جملة: «ما يكون في مثله الزكاة» فإنّه الأسلس والأوضح.

150


ويمكن الجواب على ذلك: بأنّ المقصود بمثله: المسكوك من الذهب والفضّة والذي لا شكّ في ثبوت الزكاة فيه فالمعنى: أنّ المستخرج من المعدن من الذهب والفضّة على رغم أنّه ليس مسكوكاً تجب الزكاة في مبلغ يكون في مثله من المسكوك الزكاة.

والرابع: ما فرضه هو(رحمه الله) مؤيّداً ولم يفرضه دليلاً من أنّ نفس البزنطي روى نفس النصاب في صحيحة اُخرى عن أبي الحسن الرضا(عليه السلام)في الكنز مع التصريح بإرادة الخمس(1).

وهذا الوجه لا يبلغ حدّ الإقناع; إذ لعلّ حكم المعدن يختلف عن حكم الكنز، كما لم يذكره هو(قدس سره) كدليل، وإنّما ذكره كمؤيّد.

والخامس: ما فرضه هو(قدس سره) أيضاً كمؤيّد لا كدليل وهو تصريح حديث النصاب الآخر وهو الدينار بأنّه نصاب للخمس(2).

وهذا الوجه أيضاً لا يبلغ حدّ الإقناع كما لم يدّع هو(قدس سره) ذلك.

وعلى أيّ حال، فلو قبلنا دلالة الصحيحة على كون العشرين ديناراً نصاباً للخمس في الذهب تنطرح أمامنا ثلاثة أسئلة:

الأوّل: هل نصاب العشرين ديناراً نصاب للخمس في الذهب والفضّة، أو نصاب له في الذهب، وأمّا الفضّة فنصابها مئتا درهم؟

وأظنّ: أنّ جواب ذلك واضح، وهو: أنّ المفهوم عرفاً: أنّ ذكر عشرين ديناراً كان بعنوان ذكر المثال، وكان ذلك أمراً طبيعيّاً باعتبار ما كان من التساوي التقريبي وقتئذ بين عشرين ديناراً ومئتي درهم.


(1) الوسائل، ب 5 ممّا يجب فيه الخمس، ح 2.

(2) الوسائل، ب 3 ممّا يجب فيه الخمس، ح 5.

151


والثاني: هل هذا النصاب يختصّ بمعدن الذهب والفضّة كما أوضحنا: أنّ هذا هو مورد الحديث، أو نتعدّى إلى باقي المعادن؟

وهذا جوابه يرجع إلى مدى إيماننا بتعدّي العرف من معدن الذهب والفضّة إلى باقي المعادن، وحمل ذلك على المثاليّة وعدمه.

والثالث: وهي المسألة الأكثر التواءً، وهي: أنّه لو قبلنا بالتعدّي إلى باقي المعادن، فهل نفترض النصاب فيها نصاب الذهب أو نصاب الفضّة، أو أكثرهما، أو أقلّهما؟ والأحوط هو الاكتفاء بأقلّهما في وجوب التخميس.

وبعد، فإنّ في أصل التمسّك بصحيح البزنطي لإثبات نصاب العشرين ديناراً في المعدن ـ ولو في خصوص الذهب والفضّة ـ شيئاً في النفس، وهو: أنّه لم ينقل من أحد من القدماء شرط النصاب في خمس المعدن بمقدار عشرين ديناراً، إلّا من الشيخ(قدس سره) وابن حمزة على نقل السيّد الخوئيّ(قدس سره)(1). وأمّا أبو الصلاح فالمنسوب إليه هو نصاب دينار، وهذا لا علاقة له بصحيح البزنطي. وللشيخ رأي آخر في الخلاف بعدم اشتراط النصاب مدّعياً الإجماع عليه.

ومن الواضح أنّ المقياس في كسر الإعراض لسند الحديث إنّما هو إعراض القدماء الذي ممكن أن يكشف عن عيب في ورود الحديث، ولا عبرة في ذلك بعمل المتأخّرين.

وقد أجاب السيّد الخوئيّ(قدس سره) على ذلك أوّلاً: بإنكار المبنى، وهو كاسريّة الإعراض. وثانياً: بمنع ثبوت الإعراض; لأنّ عدم ذكر النصاب من قبل القدماء أو المشهور منهم لا يعيّن ذكر العدم(2).


(1) مستند العروة، كتاب الخمس، ح 1، ص 41 بحسب طبعة المطبعة العلميّة بقم.

(2) المصدر نفسه.

152


والجواب: أنّ شرط النصاب هو الذي يكون بحاجة إلى الذكر، وعدم ذكره يعني عدم الإيمان بالنصاب. وأمّا إنكار المبنى فهذا ما بحثناه في الاُصول، وأثبتنا صحّة المبنى.

وعلى أيّ حال، فلا أقلّ من الاحتياط في المقام من تخميس المعدن حتّى لو لم يبلغ هذا النصاب.

الرواية الثانية: صحيحة البزنطي إلى الراوي المباشر، وهو محمّد بن عليّ بن أبي عبدالله، عن أبي الحسن(عليه السلام) «قال: سألته عمّا يخرج من البحر من اللؤلؤ والياقوت والزبرجد، وعن معادن الذهب والفضّة هل فيها زكاة؟ فقال: إذا بلغ قيمته ديناراً ففيه الخمس»(1).

ومحمّد بن عليّ بن أبي عبدالله رجل مجهول عندنا، ومن هنا أسقط السيّد الخوئيّ(قدس سره)هذا الحديث سنداً(2).

وقد روى الصدوق(قدس سره) هذا الحديث مُرسِلاً تارةً في الفقيه واُخرى في المقنع(3)إلّا أنّه حذف في المقنع كلمة «وعن معادن الذهب والفضّة».

وقد تفرّد بالعمل بهذه الرواية أبو الصلاح الحلبي(4).

ولعلّ ظاهر نقل الصدوق لها في الفقيه الإفتاء بها، وقد أفتى بها الصدوق صريحاً في أماليه في المجلس 93 حيث قال: «والخمس واجب في كلّ شيء بلغ قيمته ديناراً من الكنوز، والمعادن، والغوص، والغنيمة...».


(1) الوسائل، ب 3 ممّا يجب فيه الخمس، ح 5.

(2) مستند العروة في الخمس، ج 1، ص 43 بحسب الطبعة الماضية.

(3) الوسائل، ب 7 ممّا يجب فيه الخمس، ح 2.

(4) مستند العروة، ج 1، ص 43 بحسب الطبعة الماضية.

153


وعلى أيّ حال، فبعد فرض توثيق محمّد بن عليّ بن أبي عبدالله بنقل البزنطي تبقى مسألة إعراض الأكثريّة القاطعة.

ولا يخفى: أنّه يحتمل بشأن محمّد بن عليّ بن أبي عبدالله أن يكون عبارة عن محمّد بن عليّ بن جعفر بأن يكون المقصود بجعفر أبو عبدالله الصادق(عليه السلام) ويكون هذا الرجل ابن عليّ بن جعفر الذي هو أخو الإمام موسى بن جعفر، فإنّه قد ورد شخص باسم محمّد بن عليّ بن جعفر وعدّه الشيخ الطوسيّ(رحمه الله) من أصحاب الرضا(عليه السلام)(1)، ولم يصرّح هو(رحمه الله) بأنّ المقصود بعليّ بن جعفر هو أخو الإمام موسى بن جعفر، ولكن قد ورد في اُصول الكافي عن عليّ بن محمّد، عن الحسن بن عيسى بن محمّد بن عليّ بن جعفر، عن أبيه، عن جدّه، عن عليّ بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر(عليه السلام) قال: «إذا فقد الخامس من ولد السابع فالله الله في أديانكم، لا يزيلكم عنها أحد. يا بنيّ، إنّه لابدّ لصاحب هذا الأمر من غيبة حتّى يرجع عن هذا الأمر من كان يقول به، إنّما هي محنة من الله ـ عزّ وجلّ ـ امتحن بها خلقه، لو علم آباؤكم وأجدادكم ديناً أصحّ من هذا لاتّبعوه، قال: فقلت: يا سيّدي، من الخامس من ولد السابع؟ فقال: يا بنيّ، عقولكم تصغر عن هذا، وأحلامكم تضيق عن حمله، ولكن إن تعيشوا فسوف تدركونه».(2).

وعلى أيّ حال، فحتّى لو ثبت أنّ محمّد بن عليّ بن أبي عبدالله هذا هو حفيد الإمام الصادق(عليه السلام)فلا دليل على توثيقه إلّا نقل البزنطي عنه.

وقد عالج السيّد الخوئيّ(قدس سره) مشكلة التعارض بين هذه الرواية وما مضى من صحيح البزنطي في مقدار النصاب بعد فرض تسليم صحّة سند هذه الرواية: بأنّ هذه الرواية شاذّة


(1) راجع معجم رجال الحديث، ج 16.

(2) اُصول الكافي، ج 1، كتاب الحجّة، باب الغيبة، ح 2.

154


لم يعمل بها إلّا الحلبي، فنقدّم عليها صحيح البزنطي لعمل المشهور بذلك; لأنّها المشهورة بين الأصحاب(1).

وهذا الكلام غريب; فإنّ الشهرة الثابتة في المقام إنّما هي الشهرة العمليّة، ولو سلّمنا بكفاية الشهرة العمليّة للترجيح فهي شهرة بين متأخّري الأصحاب والعبرة في الترجيح بالشهرة لو كان إنّما هي الشهرة بين القدماء، وقد مضى: أنّ الظاهر: أنّ القدماء أو مشهورهم لم يكونوا يقولون بالنصاب.

يبقى عندئذ إسقاط هذا الحديث سنداً بالإعراض.

وقد يجاب على ذلك بأنّه كيف يفترض إعراض الأصحاب عن هذا الحديث بعد أن أفتى المشهور بشرط بلوغ نصاب الدينار في الغوص ولا مدرك لذلك إلّا هذه الرواية؟

ويمكن افتراض اختصاص الإعراض بسند جملة ذكر المعادن فحسب، كما قد يشهد له حذف هذه الجملة في المقنع.

وللسيّد الخوئيّ(رحمه الله) مناقشة دلاليّة في هذا الحديث(2); إذ يحتمل أن يكون الجواب ناظراً إلى الغوص فقط، كما يكشف عنه تذكير الضمير في قوله: «قيمته» الراجع إلى ما يخرج من البحر دون المعادن، وإلّا كان مقتضى القواعد تأنيثه كما لا يخفى، فكأنّه(عليه السلام)أعرض عن بيان حكم المعادن لوجود من يتّقى منه، حيث لو بيّن الواقع وأنّ فيها النصاب عشرين ديناراً، لكان على خلاف التقيّة، ولو بيّن خلافه لكان كذباً، ومن ثمّ أعرض، واقتصر على حكم الأوّل. انتهى كلام السيّد الخوئيّ(رحمه الله).

أقول: إنّ أكثر فقهاء السنّة من آمن منهم بوجوب الخمس في المعدن في الدائرة التي


(1) مستند العروة، كتاب الخمس، ج 1، ص 43 بحسب طبعة المطبعة العلميّة بقم.

(2) راجع المصدر نفسه، ص 43 ـ 44.

155


آمن بذلك فيها وألحقه بغنيمة الحرب لم يشترط فيه نصاباً إطلاقاً، وهناك رأي بثبوت الخمس في الذهب والفضّة بنصاب الزكاة، فعن الحنفيّة: أمّا الذي ينطبع بالنار فيجب فيه إخراج الخمس، ومصرفه مصرف غنيمة الخمس... إلى أن قال: ويستثنى من المائع الزئبق فإنّه يجب فيه الخمس، ويلحق بالكنز ما يوجد تحت الأرض من سلاح وآلات وأثاث ونحو ذلك، فإنّه يخمّس على ما تقدّم، ولا شيء فيما يستخرج من البحر كالعنبر واللؤلؤ والمرجان والسمك ونحو ذلك، إلّا إذا اُعدّ للتجارة كما تقدّم.

وعن المالكيّة: ويستثنى من ذلك (يعني من تعلّق الزكاة بالمعدن بنصاب الزكاة) ما يسمّى بالندرة، وهي القطعة الخالصة من الذهب والفضّة التي يسهل تصفيتها من التراب، ويصرف في مصارف الغنائم وهو مصالح المسلمين، ولا يختصّ بالأصناف الثمانية ولو لم يبلغ الخارج نصاباً... إلى أن قال: ويجب في الركاز إخراج خمسه، سواء كان ذهباً أو فضّة أو غيرهما، وسواء وجده مسلم أو غيره، حرّاً كان الواجد أو عبداً، ويكون الخمس كالغنائم يصرف في المصارف العامّة... إلى أن قال: ولا شيء فيما يلفظه البحر كعنبر ولؤلؤ ومرجان ويُسر...

وعن الحنابلة: ومن وجد مسكاً، أو زباداً، أو استخرج لؤلؤاً، أو مرجاناً، أو سمكاً، أو نحوه من البحر، فلا زكاة عليه في ذلك ولو بلغ نصاباً... إلى أن قال: ويجب على واجد الركاز إخراج خمسه إلى بيت المال، فيصرفه الإمام أو نائبه في المصالح العامّة...

وعن الشافعيّة: المعدن ما يستخرج من مكان خلقه الله تعالى فيه، وهو خاصّ هنا بالذهب والفضّة، فلا يجب شيء فيما يستخرج من المعادن كالحديد والنحاس والرصاص وغير ذلك، ولا فرق في المعدن بين الجامد والمائع والمنطبع وغيره، ويجب فيه ربع العشر كزكاة الذهب والفضّة بشروطها المتقدّمة، إلّا حولان الحول، فإنّه ليس بشرط هنا... إلى أن قال: وأمّا الركاز فهو دفين الجاهليّة، ويجب فيه الخمس بالشروط

156


المعتبرة، إلّا حولان الحول متى ما بلغ كلّ منهما نصاباً...(1).

وقد اتّضح بهذا العرض: أنّ الغالب في من يقول منهم بالخمس في المعدن في دائرة مّا هو عدم شرط النصاب، وإن شرط بعضهم النصاب في الذهب والفضّة، فهو نصاب الزكاة. وأمّا الغوص فلا شيء عندهم فيه على الإطلاق.

وقد روى في السنن الكبرى عن سعيد بن جبير قال: ليس في حجر زكاة، إلّا ما كان لتجارة من جوهر، ولا ياقوت، ولا لؤلؤ، ولا غيره، إلّا الذهب والفضّة.

وروى عن ابن عبّاس: ليس في العنبر زكاة إنّما هو شيء دسره البحر.

وروى عنه أيضاً: ليس العنبر بركاز إنّما هو شيء دسره البحر.

وروى عنه أيضاً: أنّه سئل عن العنبر أفيه زكاة؟ فقال: إن كان فيه شيء، ففيه الخمس(2).

ثُمّ قال صاحب الكتاب (أعني: البيهقي): إنّ ابن عبّاس علّق القول في هذه الرواية (يعني قال: إن كان فيه شيء...) وقطع بأن لا زكاة فيه في الرواية الاُولى، فالقطع أولى والله العالم.

وقد اتّضح بهذا العرض: أنّ حمل السيّد الخوئيّ(قدس سره) لحديث البزنطي عن محمّد بن عليّ بن عبدالله على سكوته عن خمس المعدن مراعاة للتقيّة مشكل; إذ لا أقل: أنّ التقيّة كانت تقتضي عدم الإفتاء بالخمس في الغوص.

فالمهم هو إعراض المشهور عن جملة: «وعن معادن الذهب والفضّة». ثُمّ إنّهم ذكروا فروعاً كثيرة بعد فرض شرط النصاب نحن نحذف البحث عنها اختصاراً بعد أن أصبح أصل شرط النصاب محلّ إشكال.


(1) راجع لكلّ هذه المقاطع الفقه على المذاهب الأربعة، ج 1، كتاب الزكاة، ص 612 ـ 616 بحسب طبعة دار إحياء التراث العربي.

(2) السنن الكبرى، ج 4، ص 146 بحسب طبعة دار المعرفة بلبنان.

157

99 ـ ولا تستثنى من المَعْدِن مؤونة الإخراج (1).


(1) بقي الكلام في أنّ الخمس المتعلّق بالمعادن هل يكون بعد استثناء مؤونة الإخراج والتصفية ونحو ذلك، أو لا؟

ذهب السيّد الخوئيّ(قدس سره) إلى أنّ ذلك يكون بعد استخراج تلك المؤن، فلو كان الخارج ثلاثين ديناراً والمؤن المصروفة عشرة مثلاً، فالخمس يتعلّق بالعشرين لا بالثلاثين. واستدلّ لذلك بوجوه ثلاثة(1):

الوجه الأوّل: أنّ موضوع الخمس في جميع موارده وشتّى أقسامه إنّما هو الغنيمة والفائدة، وليس ذلك إلّا المقدار الباقي بعد استثناء مؤونة التحصيل.

ويرد عليه:

أوّلاً: أنّنا بناءً على استظهارنا الماضي من أنّ تعلّق الخمس بالمعدن ليس من باب جعل الضرائب على الأملاك، بل من باب الترخيص في تملّك أربعة أخماس ملك الإمام بشرط دفع خمسها يكون من الواضح: أنّه لا يخضع ذلك للقاعدة العامّة التي تقول باستثناء مؤن التحصيل.

وثانياً: حتّى لو استظهرنا: أنّ تعلّق الخمس بالمعادن يكون من باب تعلّق الضريبة بالأملاك، نقول: إنّ ظاهر دليل تعلّق الخمس بالمعدن تعلّقه به بعنوانه لا بعنوان الفائدة، غاية الأمر: أنّنا استظهرنا تداخل الأمرين لدى الاجتماع بمثل تداخل الأسباب أو المسبّبات، وهذا لا يؤدّي إلى استثناء مؤونة التحصيل.

الوجه الثاني: الاستدلال بروايات الخمس بعد المؤونة، حيث إنّ الظاهر منها مؤونة تحصيل الخمس وما يصرف في سبيل الاسترباح، لا مؤونة السنة.

أقول: إنّ عمدة رواية اختصاص الخمس بما بعد المؤونة هي صحيحة البزنطي، قال: «كتبت إلى أبي جعفر(عليه السلام): الخمس اُخرجه قبل المؤونة أو بعد المؤونة؟ فكتب: بعد المؤونة».


(1) راجع مستند العروة في الخمس، ج 1، ص 45 ـ 46 بحسب طبعة المطبعة العلميّة بقم.

158


والظاهر: أنّ المقصود بالمؤونة في هذه الروايات مؤونة ما بعد التملّك، فتختصّ بمؤونة الصرف. وأمّا مؤونة التحصيل فإنّما تصرف قبل التحصيل، فلا تشملها هذه الروايات.

نعم، هناك رواية واحدة صرّحت بمؤونة التحصيل إلى جنب مؤونة الصرف، وهي ما رواه الشيخ بسنده إلى عليّ بن مهزيار، قال: «كتب إليه إبراهيم بن محمّد الهمدانيّ: أقرأني عليّ كتاب أبيك فيما أوجبه على أصحاب الضياع، أنّه أوجب عليهم نصف السدس بعد المؤونة، وأنّه ليس على من لم تقم ضيعته بمؤونته نصف السدس ولا غير ذلك، فاختلف من قبلنا في ذلك، فقالوا: يجب على الضياع الخمس بعد المؤونة، مؤونة الضيعة وخراجها، لا مؤونة الرجل وعياله. فكتب ـ وقرأه عليّ بن مهزيار ـ: عليه الخمس بعد مؤونته ومؤونة عياله، وبعد خراج السلطان»(1).

وإبراهيم بن محمّد الهمدانيّ عدّ من أصحاب الرضا والجواد والهادي(عليهم السلام)، وعبّر عنه بوكيل الناحية، والسيّد الخوئيّ(قدس سره) يقول: إنّ هذا لا يدلّ على الوثاقة(2).

أقول في خصوص روايتنا هذه: إنّ قوله: «وقرأه عليّ بن مهزيار» إن كان كلاماً للراوي عن عليّ بن مهزيار فقد سقط توسّط إبراهيم بن محمّد الهمدانيّ، فحتّى لو قلنا بعدم ثبوت وثاقته لا يضرّ ذلك بسند الحديث.

وأمّا من حيث الدلالة فبعد فرض التعدّي من مواردها إلى عنوان الفائدة على الإطلاق لا نتعدّى إلى ما ثبت الخمس عليه بعنوان آخر أيضاً كالمعدن.

الوجه الثالث: صحيحة زرارة عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: «سألته عن المعادن ما فيها؟ فقال: كلّ ما كان ركازاً ففيه الخمس، وقال: ما عالجته بمالك ففيه ما أخرج الله سبحانه منه


(1) الوسائل، ب 8 ممّا يجب فيه الخمس، ح 4.

(2) المعجم، ج 1.

159


من حجارته مصفّى الخمس»(1) قال(قدس سره): فإنّه صريح في اختصاص الخمس بالمصفّى وما يبقى بعد إخراج مصرف العلاج المبذول من ماله.

أقول: دعوى صراحة الرواية في هذا المعنى غريبة، فإنّ المصفّى كان في الكلام وصفيّاً لما أخرج الله لا للربح حتّى يفسّر بالربح المصفّى عن مصارف تحصيله، فالمعنى ـ والله العالم ـ: أنّ ما لم يكن في ذاته مصطفّىً كالعقيق والياقوت مثلاً وتكون تصفيته من التراب بحاجة إلى المعالجة بالمال كالذهب والفضّة فالخمس على المصفّى منه، أي: لا يجزي تخميس المخلوط بالتراب; لأنّه لا تعرف مساواة ما في الخمس من المعدن المخلوط بخمس المصطفّى.

وقد ذكر السيّد الخوئيّ(قدس سره) كشاهد على كون المقصود التصفية بمعنى إخراج مصارف الاستخراج: أنّ المعدن إنّما يختلط بمثل التراب في الذهب ونحوه، لا في مثل العقيق ونحوه من الأحجار الكريمة; فإنّه بنفسه حجر، فلا يحتاج إلى التصفية من الأحجار وإن احتاج إلى التجلية، في حين أنّ الحديث وارد في مطلق المعادن(2).

أقول: كأنّ هذا الكلام صدر منه(قدس سره) على أساس تفسيره للعلاج بمالك بمعنى أصل الاستخراج. أمّا على ما فسّرناه به من العلاج بمعنى التصفية فهذا الكلام لا يرد; لأنّه خصّص(عليه السلام) فرض التصفية بما يحتاج إلى التصفية ولم يعمّمه.

ومع فرض الإجمال يكون المرجع هو مطلقات تخميس المعدن والتي تشمل كلّ المعدن من دون استثناء مؤن التحصيل.

يبقى ما ادّعاه(قدس سره) من الإجماع على استثناء المؤن حيث قال: «والظاهر أنّ الحكم


(1) الوسائل، ب 3 ممّا يجب فيه الخمس، ح 3.

(2) مستند العروة في الخمس، ج 1، ص 53 بحسب طبعة المطبعة العلميّة بقم.

160


متسالم عليه، ولم يستشكل فيه أحد»(1).

والذي نقله الشيخ المنتظريّ من الفقهاء في كتاب الخمس تعليقاً على قول صاحب العروة: «بعد استثناء مؤونة الإخراج والتصفية ونحوهما» ما يلي:

«في المدارك: هذا الحكم مقطوع به في كلام الأصحاب.

وفي الخلاف (المسألة 139): وقت وجوب الخمس في المعادن حين الأخذ، ووقت الإخراج حين التصفية والفراغ منه، وتكون المؤونة وما يلزم عليه من أصله، والخمس فيما بقي... وأمّا احتساب النفقة من أصله، فعليه إجماع الفرقة.

وفي التذكرة: مسألةٌ: يعتبر النصاب بعد المؤونة; لأنّها وصلة إلى تحصيله وطريق إلى تناوله، فكانت منهما كالشريكين، وقال الشافعي وأحمد: «المؤونة على المخرج; لأنّه زكاة» وهو ممنوع.

وفي المنتهى أيضاً نحو ذلك بلا تفاوت»(2).

هذه هي كلمات الأصحاب الواردة في خمس الشيخ المنتظريّ.

وقال بعد ذلك: تحصيل الإجماع في المسألة غير المعنونة في كلمات كثير من الأصحاب بنحو يكشف عن أقوال المعصومين(عليهم السلام)مشكل، بل ممتنع وإن ادّعاه في الخلاف كما مرّ.

أقول: إنّ مناقشة الشيخ المنتظريّ في التمسّك بالإجماع في المقام متينة.

ولا يبقى بعد كلّ هذا أوجه لإثبات استثناء مؤونة الإخراج والتحصيل عدا دعوى: أنّ هذا هو مقتضى القاعدة; لأنّ المستخرج والإمام شريكان في المال بنسبة الخمس إلى


(1) المصدر نفسه، ص 46.

(2) كتاب الخمس، ص 51، 52.

161

100 ـ ولا يجب تخميس المخلوط بالتراب، إلّابمقدار ما يساوي خُمْس المصفّى.

101 ـ وإذا كان المَعْدِن في الأجواء القريبة من بيت مملوك بحيث يعدّ عرفاً من حريم البيت، اختصّ بصاحب البيت بعد استخراجه وتخميسه (1).


أربعة أخماس، فمصارف الإخراج والتحصيل توزّع عليهما بالنسبة، وهذا هو نتيجة استثناء تلك المؤن.

إلّا أنّ هذا البيان أيضاً لا يرجع إلى محصّل; لأنّ الشريك أو مالك كلّ المال ليس هو الذي أمرنا بالاستخراج، فلماذا يضمن مؤونة الاستخراج؟! وغاية ما هناك: أنّه أذن لنا في الاستخراج إذناً مالكيّاً، أو أباح ذلك لنا إباحة شرعيّة، ومجرّد الشركة أو الملك لا يوجب ضماناً من هذا القبيل.

(1) ولنختم الحديث عن خمس المعادن بالحديث عمّا لو استخرج المعدن من أرض مملوكة لغيره.

فقد قال صاحب العروة(رحمه الله):

«لو كان المعدن في أرض مملوكة فهو لمالكها، وإذا أخرجه غيره لم يملكه بل يكون المخرج لصاحب الأرض، وعليه الخمس من دون استثناء المؤونة; لأنّه لم يصرف عليه مؤونة».

ثُمّ أتبع ذلك(قدس سره) بالبحث عمّا لو أخرجه من أرض تكون ملكاً لعامّة المسلمين، والبحث عمّا لو أخرجه من الأراضي الموات.

فهنا فروع ثلاثة:

الفرع الأوّل: ما لو كان المعدن في أرض مملوكة لشخص آخر غير المستخرج.

وقد نسب إلى المشهور أنّه ملك لصاحب الأرض وعليه خمسه.

وقد علّق السيّد الخوئيّ(قدس سره) على ذلك بأنّ المقدار التابع في الملكيّة إنّما هو ما يكون

162


على ظهر الأرض كالملح أو في باطنها القريب من ظاهر الأرض، أي: في الحدود التي تتبع في نظر العرف في الملكيّة للأرض. أمّا ما يكون في الأغوار البعيدة كفرسخ أو فراسخ فلا تبعيّة عرفيّة له للأرض، ولا سيرة عقلائيّة أو متشرّعيّة على ذلك.

أقول: إنّ المصدر الأصلي لتملك الأرض هو الإحياء الوارد في الروايات، كروايات ب 1 و2 من إحياء الموات. والمستفاد منها عرفاً امتلاك الأرض أو ثبوت حقّ الاختصاص به على أقلّ تقدير بالإحياء بحدوده العرفيّة نزولاً وصعوداً، والتي تعتبر عرفاً من حريم الأرض، دون امتلاك الأرض أو حقّ الاختصاص به من تخوم الأرض إلى عنان السماء; وليس عنوان تخوم الأرض إلى عنان السماء وارداً في روايات الإحياء حتّى نأخذ به.

فالمعدن إن كان قريب المأخذ من الأرض في هذه الحدود كان لصاحب البيت وعليه تخميسه.

وقد يعارض ذلك بالدليل الذي دلّ على أنّ المعدن للإمام، والعمدة في ذلك صحيح أبي سيّار(1)، وموثّقة إسحاق بن عمّار(2): «سألت أبا عبدالله(عليه السلام) عن الأنفال؟ فقال: هي القرى التي قد خربت وانجلى أهلها، فهي لله وللرسول، وما كان للملوك فهو للإمام، وما كان من الأرض بخربة لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب، وكلّ أرض لا ربّ لها، والمعادن منها، ومن مات وليس له مولى فماله من الأنفال».

وقد ناقش السيّد الخوئيّ(قدس سره) في دلالة الموثقة بأنّها تتوقّف على رجوع الضمير في «والمعادن منها» إلى الأنفال وهو غير ظاهر، ولعلّ الأقرب عوده إلى الأرض التي هي الأقرب، بل يقوى هذا الاحتمال بناءً على أن تكون النسخة «فيها» بدل «منها» كما ذكره


(1) الوسائل، ب 4 من الأنفال، ح 12.

(2) الوسائل، ب 1 من الأبواب السابقة، ح 20.

163


الهمدانيّ(قدس سره)بل قد يتعيّن ذلك على كلتا النسختين نظراً إلى ذكر الأنفال في آخر الخبر، فلو كان المراد من مرجع الضمير هو الأنفال لكان الأحرى ذكره صريحاً هنا، والإتيان بالضمير في آخر الخبر عكس ما هو الموجود فيها، بأن يقول هكذا: «والمعادن من الأنفال ومن مات وليس له مولى فماله منها»(1).

أقول: لو لم تكن كلمة «الأنفال» مذكورة من قبل كان من الواضح أنّه ينبغي ذكر كلمة «الأنفال» في الجملة الاُولى وذكر الضمير في الثانية دون العكس ولكن مع ذكرها فيما سبق لا توجد مهمّ قيمة لهذه القرينة.

وأمّا النسخة التي نقلها عن الهمدانيّ فكأنّها نسخة شاذّة والمعروف هو نسخة: «والمعادن منها».

ولو كان الضمير راجعاً إلى الأرض لما كنّا نتوقّع فصله منها، بل كان الأولى أن يقول: «وكلّ أرض لا ربّ لها ومعادنها» أمّا حين ما أدخل اللام على المعادن وفصل عنها الضمير وصارت الكلمة كهيئة المبتدأ والخبر، فظاهر العبارة هو الإخبار عن أنّ المعادن منها، وهذا لا ينسجم إلّا مع عود الضمير إلى الأنفال.

وعلى أيّ حال فدليل ملكيّة الإمام للمعدن لا ينافي اختصاص المحيي أو صاحب البيت بالمعدن بالمقدار الداخل في حريم بيته نزولاً; إذ ليس هذا إلّا كدليل ملكيّة الإمام للأرض، وهو صحيح أبي خالد الكابلي(2)، وصحيح أبي سيّار(3)، فكما أنّ صريح صحيح أبي خالد هو أنّ الأرض للإمام وأنّ للمحيي حقّ الاختصاص، وكذلك صريح صحيح أبي


(1) مستند العروة، كتاب الخمس، ج 1، ص 66 ـ 67 بحسب طبعة المطبعة العلميّة بقم.

(2) الوسائل، ج 25 حسب طبعة آل البيت، ب 3 من إحياء الموات، ح 2، ص 414 ـ 415.

(3) الوسائل، ج 9 بحسب الطبعة السابقة، ب 4 من الأنفال، ح 12 ص 548.

164


سيّار على نسخة الكافي والتي هي أصحّ من نسخة الشيخ، وكأنّ نسخة الشيخ مبتلاة بالسقط، فليكن وضع المعدن الداخل في حريم البيت نزولاً كذلك.

وهذا هو مقتضى الجمع أيضاً بين روايات الإحياء(1) وروايات كون الأرض الميتة للإمام(2).

فإنّ الجمع بينهما بفرض أنّ الأرض الميتة ما دامت ميتة للإمام، وبمجرّد أن أحياها أحد من دون إذن الإمام خرجت عن ملكه، وملكها المحيي أمر غير عرفي; إذ لا قيمة لهكذا مالكيّة للإمام للأراضي الخربة أو الموات، وإنّما المفهوم عرفاً في الجمع أنّها للإمام، وأنّ من يحييها يحصل على حقّ الاختصاص بإذن الإمام كما هو الحال في عرف الحكومات أيضاً.

يبقى الكلام فيما قد يقال من أنّ مقتضى روايات تخميس المعدن هو أنّ المستخرج يخمّسه ويمتلك الباقي، وهذه تشمل بإطلاقها المعدن الذي استخرجه من بيوت الناس ولو كان في حريم بيوتهم نزولاً.

والجواب: أنّ روايات تخميس المعدن لم تدلّ بالصراحة على ذلك، وإنّما تكون ظاهرة في ذلك بالالتزاميّة العرفيّة بلحاظ الأراضي العامّة; إذ لو كان المقصود: أنّ المعدن يخمّس ويبقى الباقي على عموميّته، فهذا يعني أنّ المعدن بقي كلّه من سنخ الأموال العامّة، فما معنى الإذن في الاستخراج والتخميس؟! وهذا كما ترى لا يأتي في الأملاك الخاصّة.

ومن هنا يتجلّى الفرق بين هذا الفرع والفرع الثاني والثالث الآتيين:


(1) كالواردة في الباب 1 و2 من إحياء الموات من الوسائل.

(2) الواردة في الوسائل، ب 1 من الأنفال.

165


الفرع الثاني والثالث: ما لو أخرج المعدن من أرض تكون لعامّة المسلمين كالعامرة حال الفتح، أو للإمام كالأرض الموات.

فهنا تتمّ تلك الدلالة الالتزاميّة العرفيّة التي أشرنا إليها في آخر البحث عن الفرع الأوّل، فالإذن باستخراج المعدن وتخميسه يدلّ لا محالة على جواز تملك الأربعة أخماس الاُخرى وإلّا للغى هذا الإذن، ولا يحتمل كون الإذن مخصوصاً بالفرد النادر وهو استخراجه من البيوت الشخصيّة.

ثُمّ إنّ السيّد الخوئيّ(قدس سره) بعد أن أنكر كون المعدن للإمام قال: إنّ المعدن في باطن الأرض في الأراضي العامّة أو المملوكة للإمام لا يتبع تلك الأرض ولو كان قريباً من سطح الأرض; لأنّ الدليل على التبعيّة إنّما هي السيرة العقلائيّة، وهي خاصّة بالأملاك الشخصيّة، فحيازته حيازة للمباحات العامّة، وهي توجب التملّك بحكم السيرة، وبحكم معتبرة السكوني، ويتعلّق به الخمس(1).

وقد تعرّض(قدس سره) لنقل ما أسماه بمعتبرة السكوني، وهو ما رواه السكوني عن أبي عبدالله(عليه السلام): «أنّ أمير المؤمنين(عليه السلام) قال في رجل أبصر طيراً فتبعه حتّى وقع على شجرة، فجاء رجل فأخذه، فقال أمير المؤمنين(عليه السلام): للعين ما رأت ولليد ما أخذت(2).

ويوجد في السند النوفلي، لكنّه(قدس سره) كان يؤمن في الزمان الذي بحث هذا البحث بوثاقته لوروده في كامل الزيارات.

وانتخابه(رحمه الله) لهذه الرواية من روايات امتلاك الطائر المالك جناحيه، وتركه روايات


(1) مستند العروة، كتاب الخمس، ج 1، ص 61 ـ 62 بحسب طبعة المطبعة العلميّة بقم.

(2) الوسائل، ج 23 بحسب طبعة آل البيت، ب 38 من الصيد، ح 1، ص 391، و ج 25، ب 15 من اللقطة، ح 2، ص 461.