455

حكم العدّة، فلو عقد على امرأة في تلك المدّة لم تحرم عليه وإن كان عالماً ودخل بها، نعم، لا يصحّ العقد المذكور وله تجديده بعد العلم بالوفاة وانقضاء العدّة بعده(1).

 

مسائل:

الاُولى: من لاط بغلام فأوقبه حرمت عليه أبداً اُمّ الغلام وإن علت، واُخته وبنته وإن سفلت(2)، ولو سبق عقدهنّ لم يَحرمْنَ وإن كان الأحوط الاجتناب(3)،



(1) أفاد اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): «بل تحرم على الأحوط». ونِعْمَ ما أفاده(1).

(2) على الأقوى في الاُخت والبنت وعلى الأحوط في الاُمّ(2).

(3) من الواضح أنّ مقصود الماتن هو الاحتياط الاستحبابيّ، وهو صحيح(3).


(1) لشُبهة الإطلاق في صحيح محمّد بن مسلم عن أبي جعفر(عليه السلام): «المرأة الحبلى يتوفّى عنها زوجها فتضع وتتزوّج قبل أن تعتدّ أربعة أشهر وعشراً؟ فقال(عليه السلام): إن كان الذي تزوّجها دخل بها فرّق بينهما ولم تحلّ له أبداً...». الوسائل ج 20 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 17 ممّا يحرم بالمصاهرة ونحوها، ح 2، ص 450.

(2) أمّا في الاُخت والبنت فلصحيح ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن أبي عبدالله(عليه السلام): «في رجل يعبث بالغلام؟ قال: إذا أوقب حرمت عليه ابنته واُخته». الوسائل، ج 20، ب 15 ممّا يحرم بالمصاهرة ونحوها، ح 1 و6، ص 444 و445. وأمّا الاحتياط في الاُمّ رغم عدم ورود نصّ صحيح السند فيها فلشبهة مسلّميّة عدم الفرق فقهيّاً بينها وبين البنت والاُخت.

(3) فإنّ منشأ الاحتياط أمران:

الأوّل: صحيح ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا: «في رجل يأتي أخا امرأته؟ فقال: إذا أوقبه فقدحرمت عليه المرأة». الوسائل، ج 20 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ح 2، ص 444. لكنّه ساقط عن الحجّيّة بإعراض المشهور عنه.

456

وفي عموم الحكم للواطئ إذا كان صغيراً إشكال، والأظهر العدم(1)، ولا تحرم على الواطئ بنت اُخت الموطوء ولا بنت أخيه.

الثانية: لو دخل بصبيّة لم تبلغ تسعاً فأفضاها قيل: حرمت عليه أبداً، وهو ضعيف(2)ولا سيّما إذا اندمل الجرح فتجري لها وعليها أحكام الزوجة من النفقة وغيرها، بل تجب لها النفقة مادامت حيّةً وإن نشزت أو طلِّقت أو تزوّجت بعد الطلاق(3)، ولو أفضاها



(1) الأحوط وجوباً إلحاق ما إذا كان الموطوء بالغاً أو كان الواطئ صغيراً بوطء البالغ الغلام في التحريم(1).

(2) لضعف الحديث الدالّ عليه سنداً ودلالة(2).

(3) للنصّ(3).


والثاني: إطلاق دليل التحريم المتمثّل في صحيح ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا في نفس المصدر، ح 1، ص 444 و6، ص 445، ولكن لا محيص عن حمله على ما قبل العقد؛ لمسلّميّة قاعدة (الحرام لا يحرّم الحلال) نصّاً وفتوىً، ووضوح أنّ عدم تحريم الحلال الفعليّ متيقّن منه.

(1) لشبهة احتمال التعدّي العرفيّ.

(2) وذلك الحديث عبارة عمّا رواه الكلينيّ عن عدّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن يعقوب بن يزيد عن بعض أصحابنا عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «إذا خطب الرجل المرأة فدخل بها قبل أن تبلغ تسع سنين، فرّق بينهما ولم تحلّ له أبداً». الوسائل، ج 20 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 34 ممّا يحرم بالمصاهرة ونحوها، ح 2، ص 494. وضعفه سنداً يكمن في سهل بن زياد وفي الإرسال، وضعفه دلالة يكمن في أنّه لم يفرض فيه الإفضاء ولا شكّ فقهيّاً في أنّ مجرّد الدخول بها قبل التسع سنين لا يوجب التحريم.

(3) وهو صحيح الحلبيّ عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «سألته عن رجل تزوّج جارية فوقع بها فأفضاها؟ قال: عليه الإجراء عليها مادامت حيّة». الوسائل، ج 20 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 34 ممّا يحرم بالمصاهرة ونحوها، ح 4، ص 494. والرواية مطلقة تشمل كلّ بكر صغيرة أو كبيرة.

457

بعد التسع لم تحرم عليه أيضاً، ولا تجب لها الدية مطلقاً، وتجب إذا أفضاها قبل التسع إذا كان(1) قد طلّقها، وقيل: مطلقاً، لكنّه ضعيف، والأظهر وجوب النفقة لها كما لو كان الإفضاء قبل التسع، ولو أفضى الأجنبيّة لم تحرم عليه أيضاً.

الثالثة: لو زنى بامرأة لم يحرم نكاحها عليه ولا على غيره(2) وإن كانت



(1) العبارة ركيكة والمفروض أن يقول: «إذا طلّقها»(1).

(2) أفاد اُستاذنا(رحمه الله): «ولكن يجب الاستبراء بحيضة سواء كان المريد زواجها نفس الزاني أو غيره»(2).


(1) والدليل على اختصاص الدية بفرض عدم بلوغ التسع وبفرض الطلاق صحيح حمران عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «سئل عن رجل تزوّج جارية بكراً لم تدرك، فلمّا دخل بها افتضّها فأفضاها؟ فقال: إن كان دخل بها حين دخل بها ولها تسع سنين فلا شيء عليه، وإن كانت لم تبلغ تسع سنين أو كان لها أقلّ من ذلك بقليل حين افتضّها فإنّه قد أفسدها وعطّلها على الأزواج فعلى الإمام أن يغرّمه ديتها، وإن أمسكها ولم يطلّقها حتّى تموت فلا شيء عليه». الوسائل، ج 20 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 34 ممّا يحرم بالمصاهرة ونحوها، ح 1، ص 493 ـ 494.

(2) الروايات في جواز الزواج للزاني بمن زنا بها قبل توبتها متضاربة، ومن النموذجين موجود في الوسائل، ج 20 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 11 ممّا يحرم بالمصاهرة ونحوها، والترجيح لروايات الجواز؛ لأنّ روايات المنع بين ما تقبل الحمل على الكراهة وبين ما هي معرض عنها عند المشهور؛ ولأنّ روايات الجواز تطابق إطلاق الكتاب ﴿وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ﴾. سورة 4 النساء، الآية: 24. نعم، لابدّ من استبراء رحمها بحيضة؛ لصحيح إسحاق بن جرير عن أبي عبدالله(عليه السلام): «قلت له: الرجل يفجر بالمرأة ثمّ يبدو له في تزويجها هل يحلّ له ذلك؟ قال: نعم، إذا هو اجتنبها حتّى تنقضي عدّتها باستبراء رحمها من ماء الفجور فله أن يتزوّجها. وإنّما يجوز له أن يتزوّجها بعد أن يقف على توبتها» ـ وهي الرواية الرابعة من نفس الباب، ص 434 ـ ويُحمل ذيلها الدالّ على عدم الجواز ما لم تعرف توبتها على الكراهة.

458

مشهورةً بالزنا(1)، ولو زنا بذات بعل أو في عدّة رجعيّة حرمت أبداً عليه(2)، ولا فرق في ذات البعل بين الدائمة والمتمتَّع بها، والحرّة والأمة، الصغيرة والكبيرة، والمدخول بها وغيرها، والعالمة والجاهلة، ولا في البعل بين الحرّ والعبد، والصغير والكبير، ولا في الزاني بين العالم بكونها ذات بعل والجاهل بذلك، ولا يلحق بها



(1) أفاد اُستاذنا(رحمه الله): «المشهور والمشهورة بالزنا لا يجوز نكاحهما حتّى تظهر توبتهما على الأحوط، وعلى هذا لا يجوز الزواج من الفاحشة المحترفة للزنا ما لم تتب». ونِعْمَ ما قال(1).

(2) الدليل على التحريم الأبديّ إنّما ورد في فرض العقد لا الزنا، من قبيل صحيح زرارة عن أبي جعفر(عليه السلام): في امرأة فقد زوجها أو نعي إليها فتزوّجت ثمّ قدم زوجها بعد ذلك فطلّقها، قال: «تعتدّ منهما جميعاً ثلاثة أشهر عدّة واحدة وليس للآخر أن يتزوّجها أبداً»(2)، ولا نتعدّى من ذلك إلى فرض الزنا.


(1) للنصوص المانعة عن نكاح المشهور والمشهورة بالزنا، راجع الوسائل، ج 20 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 13 ممّا يحرم بالمصاهرة ونحوها. أمّا التنزّل من الفتوى إلى الاحتياط فإمّا بسبب شبهة إعراض المشهور أو بسبب النصّ الدالّ على جواز التمتّع بها منضمّاً إلى شبهة عدم الفصل بين التمتّع والدائم، وذاك النصّ عبارة عن حديث إسحاق بن جرير: «قلت لأبي عبدالله(عليه السلام): إنّ عندنا بالكوفة امرأة معروفة بالفجور أيحلّ أن أتزوّجها متعة؟ قال: فقال: رفعت راية؟ قلت: لا، لو رفعت راية أخذها السلطان، قال(عليه السلام): نعم، تزوّجها متعة. قال: ثمّ أصغى إلى بعض مواليه فأسرّ إليه شيئاً، فلقيت مولاه فقلت له: ما قال لك؟ فقال: إنّما قال لي: ولو رفعت راية ما كان عليها في تزويجها شيء، إنّما يخرجها من حرام إلى حلال». الوسائل، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 9 من المتعة، ح 3، ص 29.

(2) الوسائل، ج 20 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 16 ممّا يحرم بالمصاهرة ونحوها،ح 2، ص 446.

459

الموطوءة بالملك أو التحليل، كما لا يلحق بالعدّة الرجعيّة عدّة البائنة وعدّة الوفاة وعدّة وطء الشبهة ومدّة استبراء الأمة، وإذا زنت ذات البعل لم تحرم على بعلها(1).

الرابعة: لو عقد المحرم على امرأة عالماً بالتحريم حرمت أبداً، ولو كان جاهلا بطل العقد ولم تحرم.

الخامسة: لا تنحصر المتعة في عدد.

السادسة: لو طلّقت الحرّة ثلاثاً حرمت حتّى تنكح زوجاً غيره، ولو طلّقت



(1) على المشهور شهرة عظيمة وهو الحقّ(1).


(1) وتدلّ على عدم التحريم ـ مضافاً إلى استصحاب الحلّ لو تعارضت الأدلّة ـ روايات: (الحرام لا يحرّم الحلال) الواردة في الوسائل، ج 20 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 8 ممّا يحرم بالمصاهرة ونحوها، مضافاً إلى موثّقة عباد بن صهيب عن جعفر بن محمّد(عليه السلام) قال: «لا بأس أن يمسك الرجل امرأته إن رآها تزني إذا كانت تزني وإن لم يقم عليها الحدّ، فليس عليه من إثمها شيء». نفس المصدر، ب 12 من تلك الأبواب، ح 1، ص 436.

نعم، إذا زنت بأجنبيّ وكان الوطء بالنسبة إلى الأجنبيّ عن شبهة فقد يقال: لعلّ هذا الوطء المحلّل للواطئ بالشبهة يورث الحرمة ولا تنافي ذلك روايات (الحرام لا يحرّم الحلال).

ولكن يكفي في الحكم بالحلّ موثّقة عباد بن صهيب التي ذكرناها.

وفي مقابل كلّ هذا قد يستدلّ على كون زنا ذات البعل موجباً لحرمتها الأبديّة على زوجها بصحيح الفضل بن يونس قال: «سألت أبا الحسن موسى بن جعفر(عليه السلام) عن رجل تزوّج امرأة فلم يدخل بها فزنت؟ قال: يفرّق بينهما وتحدّ الحدّ ولا صداق لها». الوسائل، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 6 من العيوب والتدليس، ح 2، ص 218.

ولكن المشهور لم يعملوا بهذا الحديث، فيسقط عن الحجّيّة بالإعراض.

460

الأمة طلقتين حرمت حتّى تنكح زوجاً غيره.

السابعة: المطلّقة تسعاً للعدّة بينهما(1) نكاحان ولو لرجل واحد تحرم على المطلِّق أبداً.

الثامنة: لو طلّق إحدى الأربع رجعيّاً لم يجز أن ينكح بدلها حتّى تخرج من العدّة، ويجوز في البائن، ولو عقد ذو الثلاث على اثنتين دفعةً بطلا(2) ولو رتّب بطل الثاني، وكذا الحكم في الاُختين.



(1) كأنّ المقصود (بينها).

(2) أفاد اُستاذنا(رحمه الله): «لا يبعد في مثل ذلك أن يكون للزوج اختيار إحداهما بلا حاجة إلى عقد جديد، وكذلك لو عقد على خمسة في وقت واحد فإنّه يختار أربعة منهنّ». ونِعْمَ ما أفاد(1).


(1) وذلك لصحيح جميل عن أبي عبدالله(عليه السلام): «في رجل تزوّج خمساً في عقدة، قال: يخلّي سبيل أيّتهنّ شاء ويمسك الأربع». الوسائل، ج 20 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 4 ممّا يحرم باستيفاء العدد، ح 1، ص 522. ولعلّه عين ذيل صحيحة جميل عن أبي عبدالله(عليه السلام): «في رجل تزوّج اختين في عقدة واحدة، قال: يمسك أيّتهما شاء ويخلّي سبيل الاُخرى، وقال في رجل تزوّج خمساً في عقدة واحدة، قال: يخلّي سبيل أيّتهنّ شاء». نفس المجلّد، ب 25 ممّا يحرم بالمصاهرة ونحوها، ح 1، ص 478.

إلّا أنّ اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) استشكل في تزوّج الاُختين، فقال: «ويحتمل في الاُختين جريان ما تقدّم أيضاً من صحّة عقد من يختارها الزوج من الاُختين، ولكن لا يترك الاحتياط». ومنشأ هذا الاحتياط تطرّق شبهة الإرسال في صحيحة جميل بلحاظ تزوّج الاُختين؛ إذ ورد في نسخة الصدوق عن جميل بن درّاج عن أبي عبدالله(عليه السلام)، وفي نسخة الكلينيّ عن جميل بن درّاج عن بعض أصحابه عن أحدهما.

461

 

الثاني: في الرضاع:

ويحرم به ما يحرم بالنسب إذا كان عن وطء صحيح(1) وإن كان عن شبهة، يوماً وليلة، أو ما أنبت اللحم وشدّ العظم، أو كان خمس عشرة رضعةً كاملةً من الثدي، ويشترط في التحريم بالأوّل والأخير أن لا يفصل بينهما برضاع آخر، ولا يقدح الفصل بذلك في الثاني، كما لا يقدح الفصل بالأكل والشرب للغذاء في الآخرين(2)، ولكن يقدح فيه في الأوّل. ويشترط في حصول التحريم بالرضاع



(1) أفاد اُستاذنا(رحمه الله): «المناط كونه عن حمل صحيح ولو كان عن غير طريق الوطء»(1).

وأيضاً أفاد اُستاذنا(رحمه الله): «هل يشترط انفصال الحمل والولادة في ترتّب الأثر؟ وجهان لا يترك معهما الاحتياط». ونِعْمَ ما أفاد(2).

(2) المقصود: الأخيرين، ولعلّ هذا من الغلط في النسخة.


(1) لإطلاق روايات: (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب). راجع الوسائل، ج 20 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 1 ممّا يحرم بالرضاع.

(2) لا ينبغي أن يكون المنشأ لهذا الاحتياط موثّق أو صحيح يونس بن يعقوب عن أبي عبدالله(عليه السلام): «سألته عن امرأة درّ لبنها من غير ولادة، فأرضعت جارية وغلاماً من ذلك اللبن، هل يحرم بذلك اللبن ما يحرم من الرضاع؟ قال: لا»، الوسائل، ج 20 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 9 ممّا يحرم بالرضاع، ح 1، ص 398، فإنّ هذا الحديث لا يورث احتياطاً وجوبيّاً؛ إذ يكفيه إجماله أو ظهوره في أنّ المقصود هو درّ اللبن من دون حمل نهائيّاً، فينبغي أن يكون المنشأ لهذا الاحتياط إطلاق روايات (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب) من ناحية، واحتمال انصرافها إلى ما بعد الولادة من ناحية اُخرى.

462

المذكور أن يكون في الحولين(1) بالنسبة إلى المرتضع دون ولد المرضعة، وأنيكون اللبن لفحل واحد من امرأة واحدة، فلو أرضعت امرأة صبيّاً بعض العدد من فحل وأكملته من فحل آخر لم ينشر الحرمة، وكذا لو أرضعته امرأة بعض العدد من فحل وأكملته الاُخرى من ذلك الفحل فإنّه لا ينشر الحرمة. ولا ينشر الرضاع الحرمة بين المرتضعين إلّا مع اتّحاد الفحل وإن تعدّدت المرضعة، فلو أرضعت امرأتان صبيّين بلبن فحل واحد نشر الحرمة بينهما، ولو أرضعت امرأة صبيّين بلبن فحلين لم ينشر الحرمة بينهما، ومع اجتماع الشرائط تصير المرضعة اُمّاً، وذو اللبن أباً، وإخوتهما أخوالا وأعماماً، وأخواتهما عمّات وخالات، وأولادهما إخوة، وإذا أرضعت زوجته الصغيرة امرأة حرمت المرضعة عليه وجاز له النظر إليها،



(1) أفاد اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): «إذا كان الرضاع في الحولين وقبل الفطام فلا إشكال في نشر الحرمة. وإذا كان في الحولين بعد الفطام أو بعد الحولين وقبل الفطام فلا يترك الاحتياط». والصحيح عندنا أنّه لو تمّ الفطام ولو قبل الحولين فالرضاع بعد الفطام لا ينشر الحرمة، أمّا لو حصل الفطام بعد الحولين فلا يترك الاحتياط لو لم نقل: إنّ الأقوى هو التحريم(1).


(1) أمّا لو تمّ الفطام قبل الحولين فالرضاع لا ينشر الحرمة؛ لأحاديث: (لا رضاع بعد فطام). راجع الوسائل، ج 20 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 5 ممّا يحرم بالرضاع، خصوصاً صحيحة أبي العبّاس البقباق عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «الرضاع قبل الحولين قبل أن يفطم»، وهي الرواية الرابعة من نفس الباب، ص 385، وهذه هي منشأ تنزّل اُستاذنا(رحمه الله) من الإفتاء بالحرمة إلى الاحتياط، ونحن قد أفتينا بعدم الحرمة بدلاً عن الإفتاء بالحرمة.

وأمّا الاحتياط فيما لو حصل الفطام بعد الحولين أوالإفتاء بالتحريم، فلموثّقة داود بن الحصين عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «الرضاع بعد الحولين قبل أن يفطم محرّم». نفس المصدر، ح 7، ص 386.

463

ويحرم أولاد صاحب اللبن ولادةً ورضاعاً على المرتضع، وكذا أولاد المرضعة ولادةً لا رضاعاً (1).



(1) قوله: فلو أرضعت امرأة صبيّاً... إلى آخر هذه المسألة لا نقاش لنا في كلّ هذه الاُمور(1).


(1) قوله: «فلو أرضعت امرأة صبيّاً بعض العدد من فحل وأكملته من فحل آخر لم ينشر الحرمة».

لروايات شرط اتّحاد الفحل بين المرتضعين. راجع الوسائل، ج 20بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 6 من أبواب ما يحرم بالرضاع.

قوله: «وكذا لو أرضعته امرأة بعض العدد من فحل وأكملته الاُخرى من ذلك الفحل، فإنّه لا ينشر الحرمة».

لموثّقة زياد بن سوقة: «قلت لأبي جعفر(عليه السلام): هل للرضاع حدّ يؤخذ به؟ فقال: لا يحرّم الرضاع أقلّ من يوم وليلة أو خمس عشرة رضعة متواليات من امرأة واحدة من لبن فحل واحد...». الوسائل، ج 20 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 2 ممّا يحرم بالرضاع، ح 1، ص 374.

قوله: «ولا ينشر الحرمة بين المرتضعين إلّا مع اتّحاد الفحل».

كما دلّ عليه موثّق الساباطيّ: «سألت أبا عبدالله(عليه السلام) عن غلام رضع من امرأة أيحلّ له أن يتزوّج اُختها لأبيها من الرضاع؟ فقال: لا، فقد رضعا جميعاً من لبن فحل واحد من امرأة واحدة، قال: فيتزوّج اُختها لاُمّها من الرضاعة؟ قال: فقال: لا بأس بذلك؛ إنّ اُختها التي لم ترضعه كان فحلها غير فحل التي أرضعت الغلام، فاختلف الفحلان، فلا بأس». الوسائل، ج 20 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 6 ممّا يحرم بالرضاع، ح 2، ص 388 ـ 389.

قوله: «فلو أرضعت امرأتان صبيّين بلبن فحل واحد نشر الحرمة بينهما».

كما دلّ على ذلك صحيح البزنطيّ: «سألت أبا الحسن(عليه السلام) عن امرأة أرضعت جارية ولزوجها ابن من غيرها أيحلّ للغلام ابن زوجها أن يتزوّج الجارية التي أرضعت؟ فقال: اللبن للفحل». الوسائل، ج 20 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 6 ممّا يحرم بالرضاع، ح 7، ص 390.

464

(مسألة: 1) لا ينكح أبو المرتضع في أولاد صاحب اللبن ولادةً ورضاعاً، ولا في أولاد زوجته المرضعة ولادةً لا رضاعاً(1)، فإذا أرضعت زوجة الجدّ للاُمّ طفلا من لبن جدّه لاُمّه حرمت اُمّ المرتضع على أبيه(2)، ولا فرق في المرضعة بين



(1) ما أفاده(رحمه الله) لا إشكال فيه(1).

(2) ما أفاده(رحمه الله) لا إشكال فيه(2).


قوله: «وإذا أرضعت زوجته الصغيرة امرأةٌ حرمت المرضعة عليه وجاز له النظر إليها».

لأنّها أصبحت اُمّاً لزوجته.

قوله: «ويحرم أولاد صاحب اللبن ولادة ورضاعاً على المرتضع».

أمّا حرمة أولاده ولادةً فواضحة، وأمّا حرمة أولاده رضاعاً فلاتّحاد الفحل.

قوله: «وكذا أولاد المرضعة ولادة لا رضاعاً».

أمّا حرمة أولادها ولادة فواضحة، وأمّا عدم حرمة أولادها رضاعاً فلعدم اتّحاد الفحل.

(1) فصحيح عليّ بن مهزيار واضح في ذلك بالنسبة للأولاد النسبيّة. راجع الوسائل، ج 20 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 6 ممّا يحرم بالرضاع، ح 10، ص 391 ـ 392. ويلحق بهم الأولاد الرضاعيّون بقانون: (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب).

وأمّا أولاد زوجته المرضعة ولادة فتدلّ على عدم جواز نكاح أبي المرتضع فيهم صحيحتا أيّوب بن نوح وعبدالله بن جعفر. راجع الوسائل، نفس المجلّد، ب 16 ممّا يحرم بالرضاع، ح 1 و2، ص 404 و405. والسبب في ذلك ـ بحسب تصريح الصحيحة الاُولى ـ أنّهم بمنزلة وُلده.

ولا نتعدّى إلى الأولاد الرضاعيّين لزوجته المرضعة؛ لأنّ قاعدة: (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب) ناظرة إلى النسب الحقيقيّ دون التنزيليّ.

(2) أي: لو أرضعت ولدَ إنسان اُمّ اُمّ ذاك الولد حرمت اُمّ المرتضع على أبيه؛ لأنّنا قلنا بحرمة

465

أن تكون اُمّاً لاُمّ المرتضع وأن تكون زوجة لأبيها. وفي جواز النكاح لأولادهالذين لم يرتضعوا من هذا اللبن في أولاد المرضعة نسباً والفحل مطلقاً قولان، والأحوط العدم والأقرب الجواز(1). هذا إذا لم يكن مانع من النكاح من نسب أو سبب، كما إذا كان الأولاد من زوجة اُخرى ليست بنتاً لصاحب اللبن، وإلّا



(1) وهذا أيضاً لا إشكال فيه(1).


نكاح أبي المرتضع في أولاد المرضعة، وبهذا يظهر أنّ قوله: «من لبن جدّه» لا ينبغي أن يكون قيداً، فلا فرق في الحكم بين أن يكون ذلك من لبن جدّه أو من لبن بعل آخر، وذلك لإطلاق صحيحتي أيّوب بن نوح وعبدالله بن جعفر، وكأنّه إنّما ذكر هذا القيد لدخله في الحكم الذي ذكره بعد هذا الحكم بقوله: «ولا فرق في المرضعة بين أن تكون اُمّاً لاُمّ المرتضع وأن تكون زوجة لأبيها»؛ فإنّ تأثير إرضاع الزوجة الاُخرى لأبيها في التحريم لا يفهم من صحيحتي أيّوب بن نوح وعبدالله بن جعفر، فلكي يثبت التحريم لابدّ أن يكون اللبن من الجدّ كي يدخل تحت قاعدة: (لا ينكح أبو المرتضع في أولاد صاحب اللبن).

(1) لأنّهم لم يزيدوا على أن صاروا بالرضاع إخوة لأخ اُولئك الأولاد، وعنوان اُخوّة الأخ ليس من المحرّمات كما صرّح بذلك صحيح صفوان بن يحيى عن أبي جرير القمّيّ: «سألت أبا الحسن(عليه السلام) اُزوّج أخي من اُمّي اُختي من أبي؟ فقال أبو الحسن(عليه السلام): زوّج إيّاها إيّاه، أو: زوّج إيّاه إيّاها». الوسائل، ج 20 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 6 ممّا يحرم بالنسب، ح 1، ص 368.

وأمّا موثّق إسحاق بن عمّار عن أبي عبدالله(عليه السلام): «في رجل تزوّج اُخت أخيه من الرضاعة، قال: ما اُحبّ أن أتزوّج اُخت أخي من الرضاعة» ـ نفس المصدر، ح 2 ـ فإن لم يكن دالّاً على جواز الزواج باُخت الأخ من الرضاع فلا دلالة فيه على الحرمة؛ لأنّ كلمة (ما اُحبّ) لا تدلّ على الحرمة.

466

لم يجز(1) كما في المثال المتقدِّم ؛ لأنّ أولاد أبي المرتضع أولاد اُخت لأولادصاحب اللبن وأولاد المرضعة.

(مسألة: 2) لو أرضعت كبيرة الزوجتين صغيرتهما حرمتا إن كان قد دخل بالمرضعة، أو فرض الإرضاع بلبنه مع عدم الدخول(2)، وإلّا حرمت هي(3)، ولا يترك الاحتياط بتجديد العقد على المرتضعة(4). ولو أرضعت الاُمّ من الرضاع



(1) يعني: إذا كان الأولاد من زوجة اُخرى ليست بنتاً لصاحب اللبن فلا توجد مشكلة اُخرى موجبة للتحريم، أمّا لو كانت بنتاً لصاحب اللبن فقد رجعنا مرّة اُخرى إلى مشكلة نكاح أبي المرتضع في أولاد صاحب اللبن أو أولاد زوجته المرضعة.

(2) مثاله: ما لو سبق منيّ الزوج إلى فرج الزوجة الكبيرة من دون دخول فحملت ودرّ لبنها(1).

(3) لأنّها أصبحت اُمّاً لزوجته.

(4) لا موجب لبطلان عقد المرتضعة حتّى يحتاج إلى التجديد(2).


(1) لا إشكال في حرمة الصغيرة على الزوج في فرض الإرضاع بلبنه؛ لأنّها صارت بنتاً له بالرضاعة. أمّا لو لم ترتضع بلبنه ولكنّه كان قد دخل بالمرضعة فقد أصبحت بنت زوجته المدخول بها، ولا يمكن الجمع بينهما.

أمّا الكبيرة فلا شكّ في أنّه لا يمكن الجمع بين الزوجة المدخول بها وبين بنتها، وقد أصبحت الصغيرة بنتاً له بالرضاعة فتحرمان معاً.

(2) وقد يستدلّ بنصّ خاصّ على حرمة المرضعة والمرتضعة وهو رواية عليّ بن مهزيارعن أبي جعفر(عليه السلام). الوسائل، ب 14 ممّا يحرم بالرضاع، ح 1، ج 20 من طبعة مؤسّسة آل البيت، ص 402 ـ 403.

ولكنّها ضعيفة سنداً على الأقلّ بصالح بن أبي حمّاد الذي لا يوجد دليل على توثيقه عدا وروده في أسانيد تفسير القمّيّ ولا عبرة به.

467

الزوجة مع اتّحاد الفحل حرمت(1)، وفي حرمة اُمّ اُمّ الولد من الرضاع على الولد لأنّها قد حرمت من النسب أو عدم حرمتها لعدم اتّحاد الفحل قولان، أقواهما الأوّل(2). ويستحبّ اختيار المسلمة الوضيئة العفيفة العاقلة للرضاع(3).

(مسألة: 3) إذا كان للمرتضع أخ لم يرتضع معه جاز له أن يتزوّج بالمرضعة أو إحدى بناتها، وإذا كان له اُخت لم ترضع معه جاز لها أن تتزوّج بصاحب اللبن أو أحد أولاده(4).

(مسألة: 4) يجوز للمرأة أن ترضع بلبن فحلها الذي هي في نكاحه حال الرضاع أخاها أو اُختها، ولا يضرّ كونها بالرضاع تصير اُختاً لولد فحلها(5). وكذا



(1) يعني: لو أرضعت الاُمّ الرضاعيّة للزوجة الصغيرة تلك الزوجة حرمت الزوجة الصغيرة على الزوج(1).

(2) نعم، هذا هو الصحيح؛ لأنّ روايات اتّحاد الفحل إنّما وردت بلحاظ الأخ والاُخت، ولا علاقة لها بالمقام. راجع الوسائل، ج 20، ب 6 ممّا يحرم بالرضاع.

(3) كما يستفاد ذلك من الروايات(2).

(4) لأنّ عنوان أخ المرتضع أو اُخته ليس من المحرّمات.

(5) أي: أنّ صيرورة المرأة بسبب إرضاعها اُختاً لولد زوجها ـ من باب أنّ الولد أصبح ولداً لزوجها ـ لا يحرّمها على زوجها؛ لأنّ عنوان اُخت الولد ليس بذاته من المحرّمات، وكذلك الحال في باقي الفروع، ولا نؤمن بفكرة عموم المنزلة أو عدم إمكانيّة التفكيك بين المتلازمات.


(1) وهذا تطبيق لقاعدة: (لا ينكح أبو المرتضع في أولاد صاحب اللبن ولادةً ورضاعاً).

(2) راجع الوسائل، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 78 و79 من أحكام الأولاد، ص 467 ـ 468.

468

يجوز لها أن ترضع ولد اُختها أو أخيها، ولا يضرّ صيرورتها بالرضاع عمّةً أو خالةًلولد فحلها، وكذا يجوز لها أن ترضع ابن ابنها وإن صارت بذلك جدّة ولد فحلها فلا تحرم على فحلها، ولا تحرم اُمّ المرتضع على زوجها، ومثل ذلك أن ترضع إحدى زوجتَي الفحل ابن ابن الاُخرى. وكذا يجوز لها أن ترضع عمّها أو عمّتها أو خالها أو خالتها، ولا تحرم بذلك على زوجها وإن صار بذلك أباً لعمّها أو عمّتها أو خالها أو خالتها، وكذا يجوز لها أن ترضع أخا الزوج أو اُخته فتكون بذلك اُمّاً لأخيه أو اُخته، وكذا يجوز لها أن ترضع ابن ابن الزوج فتكون بذلك اُمّاً لولد ولده، وكذا يجوز لها أن ترضع ولد أخي زوجها أو اُخته، وأن ترضع عمّه أو عمّته أو خاله أو خالته.

(مسألة: 5) يثبت الرضاع بشهادة أربع نسوة منفردات ليس معهنّ رجل(1)، كما يثبت بشهادة عدلين، ولا يثبت بشهادة المرضعة واُمّه منفردتين أو منضمّتين.



(1) يعني: ولو لم يكن معهنّ رجل(1).


(1) يشهد لذلك بعض الروايات كصحيحة عبد الله بن سنان قال: «سمعت أبا عبدالله(عليه السلام)يقول: لا تجوز شهادة النساء في رؤية الهلال، ولا يجوز في الرجم شهادة رجلين وأربع نسوة، ويجوز في ذلك ثلاثة رجال وامرأتان، وقال: تجوز شهادة النساء وحدهنّ بلا رجال في كلّ ما لا يجوز للرجال النظر إليه، وتجوز شهادة القابلة وحدها في المنفوس». الوسائل، ج 27 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 24 من الشهادات، ح 10، ص 353 ـ 354. وقوله: «تجوز شهادة النساء وحدهنّ بلا رجال» ظاهره إرادة أربع نساء بقرينة مجموع ما قبلها وما بعدها.

469

 

الثالث: اللعان:

ويثبت به التحريم المؤبّد(1)، وكذا قذف الزوج امرأته الصمّاء، أو الخرساء(2).

 

الرابع: الكفر:

ولا يجوز للمسلم أن ينكح غير الكتابيّة إجماعاً، لا دواماً ولا انقطاعاً ولا ملك يمين، وفي الكتابيّة قولان أظهرهما الجواز في المنقطع، وأمّا في الدائم إشكال، والأظهر الجواز(3)، وفي عموم الحكم للمجوسيّة وإن كانت من الكتابيّة



(1) لا إشكال في ذلك(1).

(2) المقياس هو الخرس سواء كانت صمّاء أيضاً أو لم تكن كما أفاده اُستاذنا الشهيد(رحمه الله)(2).

(3) هذا هو المختار لنا(3).


(1) للنصوص، كصحيح عبد الرحمن بن الحجّاج. الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 1 من اللعان، ح 1، ص 407 ـ 408.

(2) والسبب في ذلك أنّ بعض روايات الباب وردت في فرض الخرس من دون فرض الصمم، راجع صحيح الحلبيّ ومحمّد بن مسلم عن أبي عبدالله(عليه السلام). الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 8 من اللعان، ح 1، ص 427. ولا يعارضها صحيح أبي بصير، وهو الحديث الثاني من نفس الباب الوارد في خرساء صمّاء؛ لأنّهما مثبتان لا يتعارضان، كما لا يعارضها نسخة الشيخ لنفس صحيح أبي بصير التي ورد فيها «وهي خرساء أو صمّاء». نفس المصدر، ص 428. وجه المعارضة هو أنّ ظاهرها كفاية أحد الوصفين، والجواب: أنّ هذا داخل في اختلاف النسخ، فلم يعلم ما هو الصحيح.

(3) لوجود روايات دالّة على الجواز من قبيل صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبدالله(عليه السلام)قال: «سأله أبي وأنا أسمع عن نكاح اليهوديّة والنصرانيّة، فقال: نكاحهما أحبّ إليّ من نكاح

470

 



الناصبيّة، وما أحبّ للرجل المسلم أن يتزوّج اليهوديّة ولا النصرانيّة مخافة أن يتهوّد ولده أو يتنصّر». صدر الحديث وارد في الوسائل، ج 20 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 10 ممّا يحرم بالكفر ونحوه، ح 10، ص 552، وذيله في ب 1 من تلك الأبواب، ح 5، ص 534. واحتمال اختصاصها بالمتعة بعيد؛ لأنّ الفرد البارز من النكاح والزواج هو الدائم.

وصحيحة معاوية بن وهب عن أبي عبدالله(عليه السلام): «في الرجل المؤمن يتزوّج اليهوديّة والنصرانيّة، فقال: إذا أصاب المسلمة فما يصنع باليهوديّة والنصرانيّة؟! فقلت له: يكون له فيها الهوى، قال: إن فعل فليمنعها من شرب الخمر وأكل لحم الخنزير، واعلم أنّ عليه في دينه غضاضة».

وروايات عدم تزويج اليهوديّة والنصرانيّة على المسلمة، وتزويج المسلمة على اليهوديّة والنصرانيّة. راجع نفس المصدر، ب 7 من تلك الأبواب، ص 542.

ولكن توجد في مقابل هذه الروايات الآية الكريمة: (لاَ تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ). سورة 60 الممتحنة، الآية: 10. ولو كنّا نحن وهذه الآية لقلنا: إنّ المتيقّن من الآية هو موردها، وهو بحسب ما يفهم من سياق الآيات التي وردت في ضمن سياقها هي المشركات، والقدر المتيقّن في مقام التخاطب يبطل الإطلاق.

وأمّا صحيحة زرارة: «سألت أبا جعفر(عليه السلام) عن قول الله عزّ وجلّ: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ﴾، فقال: هي منسوخة بقوله: ﴿لاَ تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ﴾»، الوسائل،نفس المجلّد، ب 1 من تلك الأبواب، ح 1، ص 533، فنحن نكاد نجزم بوجود خلل فيها؛ لأنّ آية ﴿لاَ تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ﴾ الواردة في قصّة صلح الحديبيّة في السنة السادسة من الهجرة لا يمكن أن تكون ناسخة لما في سورة المائدة التي هي آخر سورة نزلت على رسول الله(صلى الله عليه وآله) في حجّة الوداع.

وأمّا موثّقة زرارة عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: «لا ينبغي نكاح أهل الكتاب، قلت: جعلت فداك، وأين تحريمه؟ قال: قوله: ﴿لاَ تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ﴾»، الوسائل، نفس المجلّد والباب، ح 4، ص 534،

471

إشكال(1).



(1) أفاد اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): «أقربه عدم الجواز». ونِعْمَ ما أفاد(1).


فهذه هي الرواية الوحيدة التامّة سنداً ودلالةً، وغير الدالّ على النسخ المقطوع الكذب، فإن أوجب هذا الوضع الروائيّ الذي شرحناه سلب الوثوق من هذه الرواية إلى حدّ أسقطها عن الحجّيّة فبها ونِعمت، وإلّا فنحن نستفيد من مبنانا الاُصوليّ القائل بالتخيير في الخبرين المتعارضين ونختار روايات الجواز.

والمهمّ من دليلنا على التخيير في الخبرين المتعارضين هو الحديث الوارد في مكاتبة بواسطة الحسين بن روح إلى صاحب الزمان عجّل الله فرجه: «يسألني بعض الفقهاء عن المصلّي إذا قام من التشهّد الأوّل إلى الركعة الثالثة هل يجب عليه أن يكبّر، فإنّ بعض أصحابنا قال: لا يجب عليه التكبير ويجزيه أن يقول: بحول الله وقوّته أقوم وأقعد؟ فكتب في الجواب: إنّ فيه حديثين: أمّا أحدهما فإنّه إذا انتقل من حالة إلى حالة اُخرى فعليه التكبير، وأمّا الآخر فإنّه روي: إذا رفع رأسه من السجدة الثانية وكبّر ثمّ جلس ثمّ قام، فليس عليه في القيام بعد القعود تكبير، وكذلك التشهّد الأوّل يجري هذا المجرى، وبأيّهما أخذت من جهة التسليم كان صواباً». الوسائل، ج 6 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 13 من السجود، ح 8، ص 362.

وأمّا الصابئة فالذي يظهر من آية سورة 5 المائدة رقم: 69، وآية سورة 2 البقرة رقم: 62: أنّ الصابئة كانوا من أهل الكتاب. ولو كانوا باقين على هذا الوضع في زماننا هذا فروايات جواز النكاح بالكتابيّة إنّما وردت في اليهوديّة والمسيحيّة ولم ترد في الصابئة، وأمّا الآية الخامسة من سورة 5 المائدة فهي بإطلاقها تشملهنّ، ولكنّ الآية لا يفهم منها الإطلاق للنكاح الدائم.

(1) لصحيحة إسماعيل بن سعد الأشعريّ قال: «سألته عن الرجل يتمتّع من اليهوديّة والنصرانيّة، قال: لا أرى بذلك بأساً، قال: قلت: فالمجوسيّة؟ قال: أمّا المجوسيّة فلا». الوسائل، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 13 من المتعة، ح 1، ص 37.

472

(مسألة: 1) لا يجوز للمسلمة المرتدّة أن تنكح المسلم ولا الكافر وإن صارت كتابيّة(1)، وكذا لا يجوز للمسلم المرتدّ أن ينكح المسلمة(2) ولا الكافرة، ولا يجوز للمسلمة أن تنكح غير المسلم، ولو ارتدّ أحد الزوجين قبل الدخول انفسخ في الحال(3) ويقف بعده على انقضاء العدّة إلّا أن يرتدّ الزوج عن فطرة



(1) يكفي في ذلك عدم الدليل على صحّة هذا النكاح؛ لأنّه كان المقصود من الترخيص في نكاح الكتابيّة في مثل قوله تعالى ـ في سورة المائدة، الآية: 5 ـ: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾الكافرة بالأصل الكتابيّة لا المرتدّة.

(2) فإنّه ليس بأفضل من الكافر الأصليّ(1).

(3) يعدّ هذا من مسلّمات الفقه(2).


(1) وقد قال الله تعالى ـ في سورة 60 الممتحنة الآية: 10 ـ: ﴿لاَ هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ﴾، وقد دلّ على ذلك بعض الأخبار كصحيح عبدالله بن سنان: «إذا أسلمت المرأة وزوجها على غير الإسلام فرّق بينهما». الوسائل، ج 20 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 9 ممّا يحرم بالكفر، ح 4، ص 547. وكذا لا يجوز للمسلم المرتدّ أن ينكح الكافرة ولو الكتابيّة، ويكفي عدم الدليل على صحّة ذلك.

(2) ولو اُريد تخريجه وفق الأدلّة اللفظيّة، فلعلّه يمكن أن يقال: إنّنا نتمسّك بقوله تعالى: ﴿الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِوَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُوْلَئِكَ مُبَرَّؤُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ﴾ ـ سورة 24 الروم، الآية: 26 ـ وبهذا نفهم حرمة نكاح الخبيث للطيّبة وحرمة نكاح الخبيثة للطيّب، وخرج من إطلاقها الزواج بالكتابيّة بقدر ما دلّ الدليل على جوازه، والمقصود بالكتابيّة الكافرة الأصليّة حينما تكون كتابيّة. وعليه فلو ارتدّ أحد الزوجين فمقتضى إطلاق الآية انفساخ الزواج. ويؤخذ بذلك فيما إذا ارتدّ أحدهما قبل الدخول بلا عدّة، ولا إشكال في عدم العدّة؛ إذ لا عدّة قبل الدخول.

473

فينفسخ في الحال(1)، وعدّة المرتدّ عن فطرة عدّة الوفاة وعن غيرها عدّة الطلاق.

(مسألة: 2) لو أسلم زوج الكتابيّة ثبت عقده(2)، ولو أسلمت دونه قبل الدخول



(1) استشكل اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) في وقوف الانفساخ لدى الارتداد بعد الدخول على انقضاء العدّة بقوله: «وقوفه كذلك محلّ إشكال؛ لعدم وضوح المدرك، فلابدّ من مراعاة الاحتياط». ولكنّنا نقول: لا حاجة إلى هذا الاحتياط(1).

(2) قال اُستاذنا(رحمه الله): «على إشكال». وإشكاله نشأ من إشكاله في التزويج الدائم للكتابيّات، أمّا لو قلنا بجوازه لم يبقَ إشكال هنا(2).


(1) لوجود النصّ الصحيح الصريح في عدم الحاجة إلى هذا الاحتياط، وهو عبارة عن صحيحة أبي بكر الحضرميّ الواردة في الوسائل، ج 26 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 6 من موانع الإرث، ح 5، ص 28. ولو فرض التشكيك في وثاقة أبي بكر الحضرميّ كَفَتْهُ رواية الأزديّ والبجليّ عنه.

أمّا لو ارتدّ الزوج عن فطرة فعدم وقوف الانفساخ على انقضاء العدّة واضح؛ لبعض النصوص كصحيحة محمّد بن مسلم، الوسائل، ج 28 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 1 من حدّ المرتدّ، ح 2، ص 323 ـ 324، وموثّقة عمّار الساباطيّ نفس المصدر، ح 3، ص 324.

وأمّا كون عدّة المرتدّ عن ملّة عدّة الطلاق فهو مطابق للقاعدة.

وأمّا كون عدّة المرتدّ عن فطرة عدّة الوفاة فهو صريح موثّقة عمّار الساباطيّ.

(2) بل حتّى لو استشكلنا في التزويج الدائم من الكتابيّات، فلنا بعض الروايات الدالّة على بقاء الزوجة الكتابيّة في عقد زوجها الذي أسلم كصحيحتي عبدالله بن سنان والحلبيّ عن أبي عبدالله(عليه السلام): «سألته عن رجل هاجر وترك امرأته مع المشركين، ثمّ لحقت به بعد ذلك، أيمسكها بالنكاح الأوّل أو تنقطع عصمتها؟ قال: بل يمسكها وهي امرأته». الوسائل، ج 20 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 5 ممّا يحرم بالكفر، ح 1، ص 540 ـ 541. وهما تخصّصان بالكتابيّة إن قلنا بالانفساخ في فرض كونها مشركة لقوله تعالى: ﴿لاَ تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ﴾. سورة 60 الممتحنة، الآية: 10.

474

انفسخ العقد وبعده يقف على انقضاء العدّة(1)، فإن أسلم فيها كان أملك بها، ولو كان الزوجان حربيّين(2) وأسلم أحدهما قبل الدخول انفسخ النكاح في الحال، ولو كان بعده يقف على انقضاء العدّة(3)، ولو أسلم الزوج على أكثر من أربع حربيّات(4) وأسلمن فاختار أربعاً انفسخ نكاح البواقي(5)، ولو أسلم وعنده أربع كتابيّات ثبت عقده عليهنّ(6)، ولو كنّ أزيد تخيّر أربعاً(7) وبطل نكاح البواقي.



(1) يدلّ على الوقوف على انقضاء العدّة صحيح منصور بن حازم: «سألت أبا عبدالله(عليه السلام) عن رجل مجوسيّ أو مشرك من غير أهل الكتاب كانت تحته امرأة فأسلم أو أسلمت؟ قال: ينتظر بذلك انقضاء عدّتها، فإن هو أسلم أو أسلمت قبل أن تنقضي عدّتها فهما على نكاحهما الأوّل، وإن هي لم تسلم حتّى تنقضي العدّة فقد بانت منه». الوسائل، ج 20 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 9 ممّا يحرم بالكفر، ح 3، ص 547. ولو ثبت هذا في المجوسيّين والمشركين ففي المسيحيّين واليهود بطريق أولى.

(2) يعني: غير كتابيّين، كما أفاده اُستاذنا في تفسير عبارة المصنّف.

(3) لنفس ما ذكرناه قبل تعليقتين.

(4) يعني: غير الكتابيّات.

(5) يعني: وتمّ ما اختار، وهذا يتمّ لو جزمنا بالتعدّي العرفيّ من مورد صحيح جميل عن أبي عبدالله(عليه السلام): «في رجل تزوّج خمساً في عقدة واحدة، قال: يخلّي سبيل أيّتهنّ شاء ويمسك الأربع». الوسائل، ج 20 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 4 ممّا يحرم باستيفاء العدد، ح 1، ص 522.

(6) قال اُستاذنا الشهيد: «على إشكال». أقول: إشكاله هذا ينشأ من إشكاله في الزواج الدائم من الكتابيّة، وقد تقدّم تعليقنا على ذلك.

(7) قال اُستاذنا الشهيد: «فيه إشكال مضافاً إلى الإشكال المتقدّم فينبغي مراعاة الاحتياط». أقول: لو لم يجزم بالتعدّي العرفيّ من مورد ما مضى من صحيح جميل، فعندئذ ينبغي مراعاة الاحتياط.

475

 

مسائل اُخرى متفرّقة:

الاُولى: يجوز للمؤمنة أن تتزوّج بالمخالف على كراهيّة، بل الأحوط تركه(1)إلّا إذا خيف عليها الضلال فيحرم، ويجوز العكس إلّا إذا خيف الضلال، ويكره تزويج الفاسق، وتتأكّد الكراهة في شارب الخمر.

الثانية: نكاح الشِغار باطل، وهو جعل نكاح امرأة مهر اُخرى.

الثالثة: يجوز تزويج الحرّة بالعبد، والهاشميّة بغيره، والعربيّة بالعجميّ، وبالعكس.

الرابعة: لا يجوز التعريض بالخطبة لذات البعل، ولا لذات العدّة الرجعيّة، ويجوز للمعتدّة البائنة، وكذا من الزوج لها، إلّا أن تكون محرّمةً أبداً عليه أو تحتاج إلى محلّل(2).



(1) لورود بعض النواهي عن ذلك. راجع الوسائل، ج 20 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 10 ممّا يحرم بالكفر ونحوه(1).

(2) يمكن أن يكون الوجه في كلّ هذا أنّه تعريض لما يوقع الطرف المقابل في الحرام.


(1) وهناك ما يدلّ على الجواز كصحيح عبدالله بن سنان قال: «سألت أبا عبدالله(عليه السلام) بِمَ يكون الرجل مسلماً تحلّ مناكحته وموارثته، وبِمَ يحرم دمه؟ قال: يحرم دمه بالإسلام إذا ظهر، وتحلّ مناكحته وموارثته». الوسائل، ج 20 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 10 ممّا يحرم بالكفر ونحوه، ح 17، ص 554. وصحيح محمّد بن مسلم عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: «سألته عن الإيمان؟ فقال: الإيمان ما كان في القلب، والإسلام ما كان عليه التناكح والمواريث وتحقن به الدماء». نفس المصدر، ب 11 من تلك الأبواب، ح 13، ص 560. وحديث القاسم الصيرفيّ. نفس الباب، ح 4، ص 556.

476

 

الفصل الرابع

 

في عقد المتعة

ويشترط فيه الإيجاب مثل أن تقول المرأة: متّعتك، أو زوّجتك، أو أنكحتك نفسي، والقبول من أهله مثل: قبلت. ويشترط فيه أيضاً ذكر المهر، كما يشترط أيضاً ذكر أجل معيّن، ولو لم يذكر المهر بطل، ولو لم يذكر الأجل ففي البطلان أو انقلابه دائماً قولان، أظهرهما الثاني(1). ويحرم عقد المتعة على غير الكتابيّة من الكفّار، وبنت الأخ والاُخت من دون إذن العمّة والخالة(2). ويكره على



(1) أفاد اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): «بل لا يبعد كون الأوّل أظهر؛ لأنّه موافق للقاعدة، والروايات الواردة ما هو تامّ منها سنداً غير تامّ دلالةً على الثاني». ونِعْمَ ما أفاد(1). والمقصود بعدم ذكر الأجل عدم جعل الأجل، أمّا لو كان التوافق السابق على إجراء الصيغة قرينة على جعل الأجل فلا كلام في ذلك.

(2) لأنّ إطلاق النصّ يشمل الزواج الموقّت(2).


(1) ينظر(رحمه الله) إلى روايات الباب 20 من المتعة من الوسائل، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ص 47 ـ 48، ويشير بقوله: «ما هو تامّ منها سنداً غير تامّ دلالة على الثاني» إلى الرواية الاُولى من الباب والروايتان الأخيرتان غير تامّتين سنداً.

(2) كموثّق محمّد بن مسلم عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: «لا تزوّج ابنة الأخ ولا ابنة الاُخت على العمّة ولا على الخالة إلّا بإذنهما...». الوسائل، ج 20 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 30 ممّا يحرم بالمصاهرة ونحوهما، ح 1، ص 487.

477

الزانية(1) والبكر(2) ولا حدَّ للمهر. ولو وهبها المدّة قبل الدخول ثبت نصفه على الأظهر(3). ولو ماتت أو مات لم ينقص منه شيء وإن كان قبل الدخول. ولو أخلّت ببعض المدّة سقط بنسبته(4)، ولا فرق بين كون الإخلال لعذر أو غيره عدا أيّام الحيض ونحوها ممّا يحرم عليه فيها الوطء. والمدار في الإخلال على الاستمتاع بالوطء دون غيره



(1) قال اُستاذنا(رحمه الله): «الزانية المشهورة بالزنا كالمحترفات لا يجوز نكاحهنّ بالمنقطع والدائم على الأحوط وجوباً كما تقدّم»، ويقصد بقوله: «كما تقدّم» ما تقدّم قبيل بحث الرضاع في تعليق له على المسألة الثالثة من المسائل التي مضت قبل بحث الرضاع. وعلى أيّ حال، فنِعْم ما فعل من الاحتياط الواجب؛ لقوّة إطلاق قوله تعالى: ﴿الزَّانِي لاَ يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْمُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَا إِلاَّ زَان أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِين﴾(1).

(2) في صحيحة حفص بن البختريّ: «يكره للعيب على أهلها»(2).

(3) على ما يظهر من موثّقة سماعة(3).

(4) للنصوص(4).


(1) الآية في سورة 24، رقم: 3. وقد حملت على المشهورة بالزنا. راجع الوسائل، ج 20 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 13 ممّا يحرم بالمصاهرة ونحوها. وهناك نصّ في المتعة دلّ على جواز التمتّع بالمشهورة بالزنا، وهو حديث إسحاق بن جرير ـ الوسائل، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 9 من المتعة، ح 3، ص 29 ـ ولكنّا نحتاط وجوباً بعدم الأخذ به؛ لقوّة إطلاق الآية.

(2) راجع الوسائل، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 11 من المتعة، ح 10، ص 34، بإسناد الشيخ عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختريّ، عن أبي عبدالله(عليه السلام): «في الرجل يتزوّج البكر متعة، قال: يكره؛ للعيب على أهلها».

(3) راجع الوسائل، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 30 من المتعة، ح 1، ص 63، وب 41 من المهور، ح 2، ص 301.

(4) راجع الوسائل، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 27 من المتعة، ص 61 ـ 62.

478

من أنواع الاستمتاع، فلو أخلّت به مع التمكين من الوطء لم يسقط من المهر شيء(1)، ولو لم تحضر في بعض المدّة لعجزه عن الاستمتاع بالوطء ففي سقوط بعض المهر إشكال(2)، ولو ظهر بطلان العقد فلا مهر قبل الدخول، وبعده لها مهر المثل متعةً لا دواماً مع جهلها(3)، ويلحق به الولد وإن عزل، ولو نفاه انتفى ظاهراً بلا لعان(4)



(1) لعدم الدليل على السقوط، وهذا لا ينافي وجوب تمكينها لاستمتاعات اُخرى.

(2) أفاد اُستاذنا(رحمه الله): «أظهره السقوط عند عدم الحضور مع قدرة الزوج على غير الوطء»، وأنا أظنّ أنّ مقصوده(رحمه الله)ما عدا أيّام مثل الحيض التي استثنيت في الروايات.

(3) أفاد اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): «وأمّا مع عدم جهلها وتسليم المتمتّع بعض المهر للمرأة وانكشاف الحال له بعد الدخول فهل يجوز له استرجاع ما سلّم كما تقتضيه القاعدة أو لا يجوز عملاً بإطلاق النصّ الخاصّ؟ وجهان(1).

(4) لو لم يكن بالإمكان تولّد الولد منه، انتفى الولد بلا حاجة إلى نفي، أمّا مع إمكان التولّد منه، فلا يجوز للزوج المستمتع أن ينفي الولد لمجرّد التهمة ولو علم بفجور المرأة. نعم، لو علم بعدم كون الولد له، فإن كان هذا نتيجة اتّهامه للمرأة المتمتّع بها بالفجور، فالنصّ الدالّ على عدم اللعان في المتمتّع بها(2) قد يدلّ على نفي الولد ظاهراً من دون لعان. ولو لم يدلّ على ذلك أو لم يكن نفي الولد نتيجة اتّهامه للمرأة المتمتّع بها بالفجور، فلا أقلّ من ثبوت نفي الولد ظاهراً بالأصل.


(1) يقصد(رحمه الله) بالنصّ الخاصّ: صحيحة حفص بن البختريّ عن أبي عبدالله(عليه السلام): «إذا بقي عليه شيء من المهر وعلم أنّ لها زوجاً فما أخذته فلها بما استحلّ من فرجها ويحبس عليها ما بقي عنده». الوسائل، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 28 من المتعة، ح 1، ص 62. ولعلّ الوجهفي عدم إفتائه(رحمه الله) بإطلاق النصّ غرابة الإطلاق بعد أن كانت تعتبر مع العلم بغيّة.

(2) وهو صحيحة ابن أبي يعفور عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «لا يلاعن الرجل المرأة التي يتمتّع بها»، وصحيحة ابن سنان عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «لا يلاعن الحرّ الأمة، ولا الذمّيّة، ولا التي يتمتّع بها». الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 10 من اللعان، ص 430.

479

إلّا أن يقرّ به سابقاً أو يكون قد وطأها وطأً يمكن تولّده منه فلا ينتفي بنفيه حينئذ، ولا يقع بها الطلاق واللعان، بل ولا الظهار على قول ضعيف(1)، ولا ميراث لها إلّا أن يشترط(2). ولو أبرأها المدّة على أن لا تتزوّج فلاناً صحّ الإبراء وبطل الشرط(3)، ولو صالحها على أن يبرئها المدّة وأن لا تتزوّج بفلان صحّ الصلح ووجب عليه الإبراء، فإن امتنع أجبره الحاكم، فإن تعذّر تولاّه الحاكم، ولا يصحّ



(1) ضعفه غير واضح عندي(1).

(2) دلّ على ذلك صريح صحيح البزنطيّ(2).

(3) أفاد اُستاذنا الشهيد: «بل صحّا معاً». ونِعْمَ ما أفاد(3).


(1) لقوّة احتمال انصراف كلمة النساء في الآية المباركة ـ في سورة 58 المجادلة، الآية: 3 ـ: ﴿وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ﴾، وكذلك في روايات الظهار، وكذلك مثل كلمة امرأته في روايات الظهار ـ في الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت ـ إلى الزوجة الدائمة، ولا يترك الاحتياط.

(2) وهو الحديث الأوّل من ب 32 من المتعة، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ص 66. ونحن نختار تقديمه على ما يعارضه، وذلك على أساس مسلكنا الاُصوليّ من مبنى التخيير لدى التعارض.

(3) كأنّ السبب في الإفتاء بعدم صحّة الشرط تشبيه المقام بما لو شرطت المرأة على زوجها أن لا يتزوّج عليها ولا يتسرّى، حيث دلّ صحيح زرارة الوارد في الوسائل، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ح 2، ص 276، وكذلك صحيح محمّد بن قيس في نفس المجلّد، ب 38 من المهور، ح 1، ص 297: على فساد الشرط. ولكن الصحيح أنّ احتمال الفرق موجود، ولكن إفتاؤنا بصحّة الشرط لا يعني أنّها لو عصت وخالفت الشرط وتزوّجت فسد الزواج؛ لأنّ معنى صحّة الشرط أنّه ملك عليها الالتزام بعدم الزواج، فلو خالفت الالتزام عصياناً وتزوّجت فهي وإن فعلت حراماً لكن هذا لا يبرّر بطلان هذا التزويج.