27

لأنّه مرتهن بالحجّ، فلو لم يثق بذلك لم يجز له الخروج.

وينبغي إلفات النظر إلى أنّه لو خرج من الحرم بعد عمرة التمتّع ورجع في غير الشهر الهلاليّ الذي اعتمر فيه فلابدّ لكي يصحّ حجّه تمتّعاً أن يعيد عمرة التمتّع ولو بالإتيان بعمرة مفردة وقلبها بعد إتمامها إلى عمرة التمتّع(1).

وفيما يأتي نذكر تفاصيل الأعمال الخمسة:



(1) وذلك لصحيح حمّاد بن عيسى الوارد في الوسائل 11 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، الباب 22 من أقسام الحجّ، الحديث 6، الصفحة: 303.

28

 

 

الواجب الأوّل: الإحرام

 

21 ـ الإحرام هو أوّل الأعمال التي يقوم بها المكلّف في عمرة التمتّع. ونيّـته عبارة عن فرض حجّ التمتّع على نفسه، كما أنّ نيّـته في العمرة المفردة عبارة عن فرض العمرة على نفسه، وفي حجّ الإفراد عبارة عن فرض الحجّ على نفسه.

والأحوط استحباباً أن يحرّم على نفسه في نيّـته هذه محرّمات الإحرام كما ورد في أدعية الإحرام: «أحرم لَكَ شَعْري وَبَشَري وَلَحْمي وَدَمي وَعِظامِي وَمُخِّي وَعَصَبي مِنَ النساءِ وَالثيابِ ...»(1).

ويتنجّز هذا الإحرام بما سيأتي إن شاء الله من التلبية.

والكلام في الإحرام يقع في نقاط:

 

1 ـ مواقيت الإحرام لعمرة التمتّع

22 ـ وعمرة التمتّع لها توقيت زمانيّ وتوقيت مكانيّ، فمن الناحية الزمانيّة لاتصحّ إلّا في الفترة التي تبدأ من أوّل شوّال،



(1) راجع الوسائل، باب 16 من الإحرام، الحديث 1 و 2.

29

وتستمرّ إلى اليوم التاسع من ذي الحجّة، وأمّا من الناحية المكانيّة فلابدّ أن يقع الإحرام في عمرة التمتّع في أماكن معيّنة تسمّى بــ (المواقيت)، فلايصح الإحرام من غيرها إلّا على تفصيل يأتي إن شاء الله.

وهذه المواقيت هي كما يلي:

أوّلاً: مسجد الشجرة، ولايبعد كون الميقات منطقة ذي الحليفة: وهي منطقة تقع قريباً من المدينة المنوّرة، وهو أبعد المواقيت من مكّة المكرّمة؛ لأ نّ المسافة بينهما على ما يقال: نحو أربع مئة وأربعة وستّين كيلو متراً، ويقدّر بُعده عن المدينة المنوّرة بسبعة كيلو مترات تقريباً(1).



(1) ولو أحرم من مكان جوّزنا الإحرام منه بالبراءة عن الضيق، كما لو أحرم من البيداء ولكنّا قد صحّحنا الإحرام منها بالبراءة عن كونه في مسجد الشجرة مثلاً، حصل له العلم الإجماليّ إمّا بوجوب إعادة الإحرام (أو قل: بحرمة دخوله في الحرم) وإمّا بحرمة محرّمات الإحرام عليه.

والبراءة عن الضيق تعارض البراءة عن حرمة المحرّمات.

وكون الشكّ في الثاني ناشئاً عن الشكّ في الأوّل لايوجب حكومة البراءة عن الضيق على البراءة عن حرمة المحرّمات؛ لأنّ البراءة عن الضيق لاتحرز عدم الضيق حتّى يرتفع موضوع البراءة عن حرمة المحرّمات.

إلّا أنّ هذا لايخلق إشكالاً في خصوص المثال الذي ذكرناه؛ لأنّنا نقول أساساً بأنّ الميقات هو منطقة ذي الحليفة بكاملها.

30

ثانياً: وادي العقيق، وهذا الميقات له أجزاء ثلاثة: المسلخ: وهو اسم لأوّله، والغمرة: وهو اسم لوسطه، وذات عرق: وهو اسم لآخره. ويقدّر بُعد آخره عن مكّة المكرّمة بنحو أربعة وتسعين كيلو متراً على ما قيل، والأحوط وجوباً أن يحرم المكلّف قبل أن يصل إلى ذات عرق فيما إذا لم تمنعه عن ذلك تقيّة.

ثالثاً: قرن المنازل، ويقع في جبل مشرف على عرفات، ويقدّر بُعده عن مكّة المكرّمة بتسعين كيلو متراً ونيّف، والسائرون من الطائف إلى مكّة برّاً يمرّون بنقطة في الطريق العامّ محاذية لقرن المنازل قد شيّد عليها مسجد، ويجوز الإحرام من تلك النقطة.

رابعاً: يلملم: وهو جبل من جبال تهامة، ويقال: إنّ بُعده عن مكّة المكرّمة يقدّر بأربعة وتسعين كيلو متراً.

خامساً: الجحفة: وهي قرية كانت معمورة قديماً وخربت، وتبعد عن مكّة المكرّمة بمئتين وعشرين كيلو متراً على ما يقال.

هذه هي المواقيت الخمسة التي وقّتها رسول الله(صلى الله عليه وآله)للمسلمين، وتوضيح الحال بشأنها يتمّ خلال المسائل التالية:

23 ـ يصحّ لكلّ من يمرّ على واحد من المواقيت الإحرام منه، وإذا كان يمرّ في طريقه إلى مكّة على ميقاتين أحدهما بعد الآخر كمن يسافر من المدينة إلى مكّة مارّاً بذي الحليفة والجحفة، فلايجوز له أن يجتاز الميقات الأوّل من دون إحرام، ولكن لو اجتازه بلا إحرام وأحرم من الميقات الثاني، صحّ إحرامه.

31

24 ـ وما مرّ من عدم جواز تأخير المسافر من المدينة إلى مكّة إحرامه إلى الجحفة يستثنى منه المريض ومن ضعفت حالته الصحّية، فيجوز له لأجل الضرورة والمشقّة تأخير الإحرام إلى الجحفة.

25 ـ وكما يصحّ الإحرام من أحد المواقيت المذكورة كذلك يصحّ من المكان المحاذي لأحدها. والمحاذاة تتحقّق بأن يصل المسافر إلى مكان لو اتّجه فيه إلى مكّة المكرّمة لكان الميقات واقعاً من يمينه أو يساره مع كون الفاصل بينه وبين مكّة كالفاصل بين الميقات ومكّة.

وإذا كان يحاذي في طريقه ميقاتين لم يجز على الأحوط تأخير إحرامه عن المكان الأوّل للمحاذاة.

26 ـ لافرق في المحاذاة بين المحاذاة من بُعد أو من قرب، فيجوز لمن يمرّ بذي الحليفة أن يجعل ذا الحليفة عن يمينه أو يساره، ويُحرم من هناك قريباً منه.

27 ـ من يحاذي في طريقه الميقات، ويصل في سيره بعد المحاذاة إلى ميقات آخر، أشكل تأجيل الإحرام إلى حين الوصول إلى الميقات، ولكن لو فعل كفاه الإحرام من الميقات، واستغفر ربّه عمّا فعل.

28 ـ ذكر جماعة من الفقهاء: أنّ من مواقيت الإحرام لعمرة التمتّع أدنى الحلّ، وذلك لمن لم يمرّ بأحد المواقيت الأصليّة ولا

32

حاذاها. وهو مشكل حتّى مع تعقّل هذا الفرض كما هو الظاهر، فالأحوط وجوباً عدم الاكتفاء بالإحرام من أدنى الحلّ.

29 ـ لايصحّ الإحرام قبل الميقات، نعم إذا نذر الإحرام من مكان هو أبعد عن مكّة من النقطة التي كان يجب أن يحرم منها لو لم يكن قد نذر، انعقد نذره، وصحّ إحرامه من هناك.

30 ـ كما لايجوز للمسافر الإحرام قبل المواقيت كذلك لايجوز له أن يحرم لعمرة التمتّع بعد المواقيت، نعم إذا كان المكلّف يسكن في نقطة هي أقرب إلى مكّة من أحد المواقيت المذكورة، فإنّه يجوز له الإحرام من موطنه، ولايلزمه الرجوع إلى أحد المواقيت وإن جاز له ذلك أيضاً.

31 ـ المكلّف الذي سكن في مكّة وكان مستطيعاً في بلده أو استطاع في مكّة قبل أن يتحوّل فرضه من حجّ التمتّع إلى حجّ الإفراد إذا أراد الإحرام لعمرة التمتّع، فالأحوط وجوباً أن لا يحرم من موطنه، بل يخرج من الحرم إلى أدنى الحلّ؛ كي يحرم منه(1)، والأحوط استحباباً الخروج إلى أحد المواقيت الخمسة.



(1) لرواية حمّاد، الوسائل باب 9 من أقسام الحجّ، الحديث 7، إلّا أنّ في السند داود الرقّي.

أمّا وجه الإحرام من موطنه فهي روايات دويرة الأهل الواردة في الوسائل باب 17 من المواقيت.

33

32 ـ يجب على المكلّف التأكّد من وصوله إلى أحد المواقيت أو ما يحاذيها، والإحرام منه، وذلك عن طريق العلم أو الاطمئنان أو الحجّة الشرعيّة.

33 ـ إذا شكّ المكلّف في تعيين الموضع الذي يحصل معه المحاذاة للميقات، فيمكنه أن يطمئنّ من صحّة إحرامه بأحد أمرين:

أوّلاً: أن يقدّم إحرامه على الميقات بنذر شرعيّ بالنحو المتقدّم في الفقرة (29): بأن ينذر الإحرام في مكان يعلم بأنّه قبل المواقيت، أو يعلم إجمالاً بأنّه قبل المواقيت، أو محاذ لأحدها.

ثانياً: أن يلبس ثوبي الإحرام، ويشرع في التلبية من أوّل نقطة يحتمل فيها المحاذاة، ويستمر على ذلك إلى آخر نقطة يحتمل فيها الخروج منها، وتكون نيّـته هي الإحرام من النقطة المحاذية الواقعيّة. أمّا كيفيّة التلبية وصيغتها فستأتيك إن شاء الله.

هذا كلّه فيما إذا علم بأ نّ المحاذاة بالمعنى المتقدّم في الفقرة (25) تقع قبل الدخول في الحرم، وأمّا إذا احتمل أنّها تتحقّق في نقطة لا يصل إليها إلّا بعد الدخول في الحرم، فلا أثر لها، ولا يمكن التعويل عليها.

34 ـ المسافرون إلى الحجّ بَرّاً السائرون إلى الطائف ومنه إلى مكّة المكرّمة يمكنهم الإحرام من قرن المنازل أو من النقطة المحاذية له، كالنقطة التي شيّد عليها مسجد يقع على الطريق العامّ، والمسافرون

34

إلى الحجّ بَرّاً الذين يبدؤون بالمدينة المنوّرة يمكنهم أن يحرموا لعمرة التمتّع من ذي الحليفة أو ما يحاذيه على ما تقدّم، كما يمكنهم أن يحرموا من المدينة نفسها بالنذر: بأن ينذر إتيان الإحرام من المدينة، ثُمّ يحرم منها، ويحرم عليه ـ حينئذ ـ التظليل مهما أمكن، وإذا ظلّل: بأن ركب الطائرة من المدينة إلى جدّة محرماً قاصداً مكّة، صحّ حجّه، وكان عليه أن يكفّر على ما يأتي إن شاء الله في كفّارة التظليل.

والمسافرون بالطائرة إلى جدّة يشكل إحرامهم من جدّة من دون نذر، أو مع النذر أيضاً إذا كان متمكّناً من الذهاب إلى أحد المواقيت. وكذلك عندنا إشكال في إحرامهم من أدنى الحلّ كما تقدّم في الفقرة (28).

وهناك صور يصحّ لهم اختيار أيّ واحدة منها:

الاُولى: أن يقصد المسافر الذهاب من جدّة إلى أحد المواقيت فيحرم منها، كالجحفة وقرن المنازل، أو يذهب إلى المدينة ليحرم من مسجد الشجرة.

الثانية: في حالة تعذّر ذهابه إلى أحد المواقيت يمكنه أن ينذر الإحرام من جدّة فيحرم منها، ويعتبر إحرامه ـ حينئذ ـ صحيحاً، وما ذكرناه من النذر إنّما هو احتياط استحبابيّ.

الثالثة: أن ينذر الإحرام من مطار بلده مثلاً، هذا فيما إذا كان المُحرم امرأة أو كان رجلاً قد ضاق عليه الوقت ويخشى من تأخير

35

الإحرام، فيحرم ويكفّر كفّارة التظليل؛ لركوبه الطائرة محرماً، ولا إثم عليه. وإذا صنع الرجل ذلك من دون خوف وعذر، فحجّه صحيح، وعليه كفّارة التظليل، ويعتبر مقصّراً إذا كان متمكّناً من عدم التظليل بعد الإحرام.

الرابعة: أن ينذر الإحرام من منتصف الطريق وهو في الطائرة فيحرم، ويصحّ حجّه، ولاشيء على المرأة، ولاشيء على الرجل سوى أن يكفّر كفّارة التظليل.

35 ـ الظاهر أنّ المسافر الذي يرد إلى المدينة لايجوز له وهو في المدينة أن ينذر الإحرام من جدّة، فيسافر إلى جدّة محلاًّ ويحرم هناك، ويسافر من جدّة محرماً إلى مكّة؛ لأ نّ جدّة بعد الميقات، والجحفة تكون قبلها، كما أنّه إذا كان يرغب في السفر بالطائرة من المدينة إلى جدّة لشغل له لايسعه الإحرام من مسجد الشجرة؛ إذ لو أحرم من هناك حرم عليه التظليل بركوب الطائرة، فلابدّ أن يؤجّل إحرامه إلى ما بعد وصول جدّة، فيتعيّن عليه ـ على الأقرب ـ بعد وصوله إلى جدّة وقضاء شغله أن يرجع إلى ميقات أو ما يحاذيه للإحرام مع الإمكان.

36 ـ وسيأتي ـ إن شاء الله ـ أنّ المكلّف إذا أحرم فهناك عدد من الاُمور تحرم عليه، وقد يتّفق أن يحرم المكلّف وهو عازم على ارتكاب بعض تلك الاُمور، فيصحّ إحرامه وإن كان آثماً بارتكابه

36

لتلك المحرّمات. ومثال ذلك: من يحرم وهو عازم على التظليل.

37 ـ يجوز للجُنب والحائض أن يحرما في مسجد الشجرة حال الاجتياز، ولايجوز لهما المكث في المسجد لأجل الإحرام فيه ما لم يتطهّر الجُنب أو تغتسل الحائض بعد نقائها.

أمّا قبل ذلك فعليهما ـ لو لم يريدا الاجتياز ـ أن يختارا الإحرام خارج المسجد في ذي الحليفة أو فيما يحاذيه.

38 ـ من ترك الإحرام لعمرة التمتّع عالماً عامداً، وأتى بسائر أعمال العمرة من دون إحرام، كانت عمرته باطلة.

39 ـ إذا ترك المحرم الإحرام من الميقات والمحاذي له عن علم وعمد حتّى تجاوزه، فإن أمكنه الرجوع إلى الميقات أو المحاذي وجب، فإن رجع وأحرم صحّ إحرامه، وأمّا إن لم يتمكّن من ذلك فإحرامه من مكانه إذا كان لم يصل بعدُ إلى الحرم أو برجوعه إلى أدنى الحلّ لو كان قد وصل إلى الحرم، لايخلو من إشكال، ولانستطيع أن نفتي بصحّته.

40 ـ من أتى بعمرة التمتّع من دون إحرام لجهل أو نسيان، فلايترك الاحتياط بعدم الاعتداد بتلك العمرة.

41 ـ إذا ترك الإحرام في الميقات عن نسيان أو إغماء أو ما شاكل ذلك أو تركه عن جهل بالحكم أو جهل بالميقات وانتبه بعد ذلك، فللمسألة صور:

37

الاُولى: أن يتمكّن من الرجوع إلى الميقات أو المكان المحاذي له، فيرجع ويحرم من هناك.

الثانية: أن يكون في الحرم، ولايمكنه الرجوع إلى الميقات، غير أنّه يتمكّن من الرجوع إلى خارج الحرم، وعليه ـ حينئذ ـ الرجوع إلى الخارج، والأحوط استحباباً الابتعاد عن الحرم بالمقدار الذي يمكنه، ثُمّ الإحرام من هناك.

الثالثة: أن يكون في الحرم، ولايمكنه الرجوع إلى الخارج، وعليه في هذه الصورة أن يحرم من مكانه وإن كان قد دخل مكّة.

الرابعة: أن يكون خارج الحرم ولايمكنه الرجوع إلى الميقات أو ما يحاذيه، وعليه ـ حينئذ ـ أن يحرم من محلّه مع استحباب ملاحظة الاحتياط السابق بالابتعاد عن الحرم بالمقدار الممكن.

 

2 ـ كيفيّة الإحرام

42 ـ الإحرام يتقوّم بالنيّة، وهي نيّة فرض الحجّ أو العمرة. وفي نيّة حجّ التمتّع ينوي فرض عمرة التمتّع إلى الحجّ، والأحوط استحباباً أن تشتمل نيّـته على إنشاء تحريم محرّمات الإحرام على نفسه، ولا يلزم في ذلك تصوّر تلك الأشياء تفصيلاً، بل تكفي نيّة تحريمها على وجه الإجمال. ويجب أن تتوفّر إلى جانب هذه النيّة الاُمور التالية لكي يصبح المكلّف محرماً لعمرة التمتّع إحراماً صحيحاً:

 

38

1 ـ أن يعيّن المكلّف غرضه من الإحرام، وينوي ـ مثلاً ـ أنّه يحرم لأداء عمرة التمتّع من فريضة حجّ التمتّع، فإذا أتى بنيّة الإحرام من دون تعيين عمرة أو حجّ، لايصبح محرماً. ولايجب عليه التلفّظ بالنيّة والنطق بما ينويه وإن جاز له ذلك، بل استحبّ بأن يقول مثلاً: «اُحرم لعمرة التمتّع من حجّة الإسلام قربة إلى الله تعالى» وإذا كان نائباً ذكر اسم المنوب عنه، وإذا كانت الحجّة مستحبّة أسقط كلمة (حجّة الإسلام)، وإذا كان الحجّ واجباً بالنذر ونحوه أو بالإفساد، قصد الحجّ الواجب بالنذر أو بالإفساد بدلاً من قصد حجّة الإسلام.

2 ـ أن يقصد القربة بإحرامه وعمرته وحجّه الذي يعتبر ذلك الإحرام بداية له.

3 ـ أن يلبّي، أي: يقول: «لَبَّيْكَ اللَّهُمّ لبَّيك، لَبَّيكَ لا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيك» والأحوط استحباباً أن يضيف إلى ما تقدّم جملة اُخرى بهذه الصيغة: «إنَّ الحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالمُلْكَ، لاشَرِيكَ لَكَ لَبَّيك».

فإذا نوى ولم يلبّ لم ينعقد إحرامه شرعاً، ولم يحرم عليه مايحرم على المحرم، وأمّا إذا نوى ولبّى فقد انعقد إحرامه، وأصبح محرماً.

ووجوب التلبية إنّما هو في حجّ التمتّع وفي حجّ الإفراد، ويجوز له في حجّ القران الاكتفاء بالإشعار أو التقليد وإن كان

39

الأحوط استحباباً ضمّ التلبية أيضاً. وسيأتي شرح ذلك ـ إن شاء الله ـ في فصل حجّ الإفراد والقران.

والأفضل لمن عقد الإحرام في الشجرة أن يؤجّل تلبيته إلى مكان يسمّى بالبيداء، وهو يبعد عن الشجرة نحو ميل، وإن كان الأحوط استحباباً عدم التأجيل.

43 ـ على المكلّف أن يتعلّم ألفاظ التلبية، ويحسن أداءها بصورة صحيحة، ويكفي في أدائها أن يقوم شخص بتلقينه بهذه الكلمات: بأن يتابعه في النطق بها، فإذا لم يتح له أن يتعلّم ولم يتيسّر له التلقين، وجب عليه التلفّظ بما يتيسّر له منها، والأحوط أن يأتي إضافة إلى ذلك بما يدلّ على معاني تلك الألفاظ، والأحوط استحباباً أن يستنيب ـ أيضاً ـ من يحسن التلبية كاملة لأدائها نيابة عنه.

44 ـ لاتشترط الطهارة من الحدث الأصغر أو الأكبر في صحّة الإحرام، فيصحّ الإحرام ممّن جاء من الغائط ولم يتوضّأ، وكذلك من الجنب والحائض والنفساء.

45 ـ لايشترط في صحّة الإحرام العزم من المحرم حين النيّة على عدم ارتكاب مايحرم على المحرم على ما تقدّم في الفقرة (36)، وقد يُستثنى من ذلك الجماع والاستمناء، فيقال باعتبار العزم على تركهما عند النيّة في صحّة الإحرام، والأقرب أنّهما كسائر المحرّمات.

40

46 ـ لا يجب في النيّة إخطار الصورة التفصيليّة لفريضة حجّ التمتّع، بل له أن يقصد الإتيان بواجباتها إجمالاً ثُمّ يتعلّمها ويأتي بها بالتدريج، كما لايجب الإشارة إلى الوجوب أو الاستحباب.

47 ـ إذا شكّ في أنّه لبّى أو لا، بنى على عدمها حتّى لو كان قد تجاوز الميقات والمكان الذي كان يجوز تأخير التلبية إليه(1).

وإذا لبّى وشكّ في صحّة تلبيته بنى على الصحّة.

48 ـ يُستحبّ الغسل في الميقات للإحرام، ويصحّ من الحائض والنفساء ـ أيضاً ـ على الأظهر، وإذا خشى المسافر عدم تيسّر الماء في الميقات، جاز له أن يغتسل قبل ذلك، فإن وجد الماء في الميقات أعاد، وإذا اغتسل ثُمّ أحدث بالأصغر أو أكل أو لبس ما يحرم على المحرم قبل أن يحرم، أعاد غسله.

 

3 ـ ما يجب على المحرم

49 ـ يجب على المحرم الرجل أن يحرم في ثوبين: هما الإزار والرداء، ويكفي منهما ما يصدق عليه الاسم عرفاً، ولاخلاف في صدق الإزار على ما كان ساتراً بين السرّة والركبتين، وصدق الرداء على ما كان ساتراً للمنكبين، ولا بأس بزيادتهما على الحدّ المذكور.

 



(1) لعدم التجاوز الشرعي الذي يكون بالدخول في الجزء المترتب أو بالعجز الشرعي عن الإعادة.

41

فالمحرم الرجل يتجرّد من ملابسه الاعتياديّة، ويتّزر بقطعة قماش غير مخيطة يستر بها مابين السرّة والركبة، ويرتدي قطعة قماش كذلك يستر بها ما بين المنكبين، ويحرم في حالة لبسه لهذين الثوبين، ويطلق عليهما اسم ثوبي الإحرام.

50 ـ الأقرب أنّ لبس ثوبي الإحرام ليس شرطاً في صحّة الإحرام، وإنّما هو واجب على من يحرم، فمن ترك لبسهما وأحرم من دونهما صحّ إحرامه، وحرمت عليه الأشياء التي تحرم على المحرم، وإن كان آثماً بتركه لبس الثوبين.

51 ـ يعتبر في ثوبي الإحرام نفس الشروط المعتبرة في لباس المصلّي: فيلزم أن لا يكونا من الحرير الخالص، ولا من أجزاء ما لايؤكل لحمه، ولا من الذهب على نحو يكون لبساً للذهب، ويلزم طهارتهما، نعم لا بأس بتنجّسهما بنجاسة معفوّ عنها في الصلاة، ويعتبر في الثوبين على الأحوط أن يكونا من المنسوج، أي: من قبيل القماش لاالجلد، وأن يكونا ساترين للبشرة غير حاكيين عنها.

52 ـ وجوب لبس ثوبي الإحرام مختصّ بالرجال، فالمرأة يجوز لها أن تحرم في ملابسها الاعتياديّة، والأحوط لهامراعاة الشروط التي تقدّمت في الفقرة (51) في تلك الملابس الاعتياديّة التي تحرم فيها بما فيها عدم كون الثياب من الحرير،

42

بل الأحوط أن لاتلبس شيئاً من الحرير الخالص في جميعأحوال الإحرام.

53 ـ يجوز للمحرم أن يزيد على الثوبين، ويلبس غيرهما ممّا يصلح للمحرم أن يلبسه في ابتداء الإحرام وفي أثنائه، كما يجوز له تبديل الثوبين بآخرين واجدين لنفس الشرائط، ويجوز للمحرم بعد عقد الإحرام والتلبية التجرّد منهما من دون بديل مع الأمن من الناظر أو كون العورة مستورة بشيء آخر.

54 ـ إذا تنجّس أحد الثوبين أو كلاهما بعد صيرورته محرماً، فالأحوط المبادرة إلى التبديل أو التطهير.

55 ـ يُكره الإحرام في الثياب الوسخة وفي الثوب الأسود، ويُستحبّ أن يكون ثوبا الإحرام من القطن.

 

4 ـ آداب الإحرام ومستحبّاته

56 ـ تقدّم مايجب على المحرم مراعاته في إحرامه، وفيما يلي نستعرض جملة من آداب الإحرام المستحبّة:

 

مقدّماته العامّة:

يُستحبّ تمهيداً للإحرام:

أوّلاً: أن يؤفّر الرجل شعر رأسه منذ بداية شهر ذي القعدة، فلا يأخذ منه شيئاً إذا كان من قصده الحجّ منذ ذلك الحين.

 

43

ثانياً: أن ينظّف الإنسان جسده، ويقلّم أظفاره، ويزيل الشعر عن الإبطين والعانة، ويأخذ من شاربه، وينظّف أسنانه بالسواك.

ثالثاً: أن يغتسل غسل الإحرام، وقد تقدّم بيان أحكامه في بحث كيفيّة الإحرام، وقد قدّمناه هناك لمزيد أهمّيته.

ومن المأثور أن يدعو المكلّف عند الغسل بهذا الدعاء:

«بِسْم اللهِ وَباللهِ. اللَّهُمَّ، اجْعَلْهُ لِي نُوراً وَطهُوراً وَحِرْزاً وَأمْناً مِنْ كُلِّ خَوْف وَشِفاءً مِنْ كُلِّ دَاء وَسُقْم. اَللَّهُمَّ، طَهِّرني، وَطهِّر قَلْبي، وَاشْرَحْ لِي صَدْري، وَأجْرِ عَلىْ لِسَانِي مَحبَّتكَ وَمِدْحَتَكَ وَالثَنَاءَ عَلَيْكَ؛ فَإنّه لاقُوَّةَ لِي إلّا بِكَ، وَقَدْ عَلِمْتُ أنّ قَوامَ دِيْني التَسْليمُ لَكَ وَالاتّباعُ لِسُنّةِ نَبيِّكَ صَلَواتُكَ عَليهِ وآلِه».

 

مقدّماته المتّصلة به:

يُستحبّ للمكلّف عند إرادة الإحرام أن يحرم عند الزوال عقيب فريضة الظهر، فإن لم يتمكّن فبعد فريضة اُخرى، وإلّا فبعد التنفّل بركعتين في الأقل، وورد في بعض الروايات بستّ ركع وفي بعضها أربع ركع.

فإذا فرغ من الصلاة حمد الله وأثنى عليه، وصلّى على النبيّ(صلى الله عليه وآله) وقال: «اللَّهُمَّ، إنّي أسألُكَ أنْ تَجْعَلَنِي مِمَّنْ استَجابَ لَكَ، وَآمَنَ بِوَعْدِكَ، وَاتَّبَعَ أمْرَكَ؛ فَإنّي عَبْدُكَ وَفِي قَبْضَتِكَ، لااُوقى إلّا ما

44

وَقَيْتَ، وَلا آخُذُ إلّا ما أعطَيْتَ، وَقَدْ ذكرْتَ الحجَّ فأسأ لُكَ أنْ تَعْزِمَ لي عَليهِ على كتابِكَ، وسُنّةِ نبيِّكَ صَلَواتُكَ عَليهِ وآلِه، وتُقوِّيني على ما ضَعُفتُ، وتُسلم لي مناسِكي في يُسر منك وعافية، واجْعَلْني مِنْ وَفْدِكَ الَّذي رَضِيتَ وارْتَضَيْتَ وَسمَّيتَ وكتبت. اللَّهُمَّ، إنِّي خَرَجتُ مِنْ شُقَّة بَعيدَة، وأنفَقْتُ مَالي ابتغاءَ مَرْضاتِكَ. اللَّهُمَّ، فَتَمّمْ لي حجَّتي وعُمْرتي. اللَّهُمَّ، إنّي اُريدُ التَمتُّع بالعُمْرةِ إلى الحَجَّ عَلى كتابِك وسُنَّةِ نبيِّكَ صلواتُكَ عليه وآله، فإنْ عَرضَ لي عارض يحبسُني فحلّني حيثُ حبستَني بقَدَركَ الَّذي قدَّرت عَليَّ. اللَّهُمَّ، إنْ لَمْ تَكُنْ حجَّةٌ فَعمْرةٌ أحْرَمَ لَكَ شعري وبَشري ولَحمي ودَمي وعِظَامي ومُخّي وعَصبي من النّساء والثياب والطِّيب، أبتغي بذلكَ وجْهَكَ والدّار الآخرة».

وإذا كان المحرم الرجل لايزال غير متجرّد من ملابسه، فليتجرّد منها، ويلبس ثوبي الإحرام، ويناسب أن يقرأ عند لبس ثوبي الإحرام:

«الحَمدُ للهِ الّذي رزَقَني مَا أُواري بِهِ عَوْرَتي، وأُؤدِّي فيه فَرْضي، وأعبُدُ فيه ربِّي، وأنتهي فيه إلى ما أمرَني. الحَمدُ لِلّهِ الّذي قَصدتُهُ فَبلَّغني، وأرَدْتُه فأعَانَني وقَبِلني ولم يقطَع بي، وَوَجْهَهُ أردتُ فَسَلَّمني، فهو حِصني وكهفي وحِرْزي وَظهري ومَلاذي ورَجائي ومَنْجاي وذُخْري وعُدَّتي في شِدَّتي ورَخائي».

وعند ذلك يكون متهيّئاً للإحرام، فينوي ويلبّي.

45

المستحبّات في كيفيّـته:

إذا أحرم في مسجد الشجرة استحبّ له الجهر بالتلبية في البيداء، وهي على ميل بعد الشجرة. وتستحبّ قراءة (ذي المعارج) من بعد التلبيات الماضية في الفقرة (42):

«لَبَّيكَ ذَا المَعَارِج لَبَّيكَ، لَبَّيكَ دَاعياً إلى دَارِ السَّلامِ لَبَّيكَ، لَبَّيكَ غَفّارَ الذُنوب لَبَّيكَ، لَبَّيكَ أهلَ التَلْبيةِ لَبَّيكَ، لَبَّيكَ ذا الجَلالِ والإكْرَامِ لَبَّيكَ، لَبَّيكَ تُبْدئُ والمَعادُ إليكَ لَبَّيكَ، لَبَّيكَ تَستَغْني ويُفتَقرُ إليكَ لَبَّيكَ، لَبَّيكَ مَرْهوباً ومَرعُوباً إليكَ لَبَّيك، لَبَّيكَ إله الحَقِّ لبَّيْك، لَبَّيك ذَا النَعْمَاءِ والفَضْلِ الحَسنِ الجَميلِ لَبَّيكَ، لَبَّيكَ كشَّافَ الكُربِ العِظام لَبَّيكَ، لَبَّيكَ عَبدُكَ وابنُ عبديكَ لَبَّيكَ، لَبَّيكَ يا كَريمُ لَبَّيك».

 

بعد الإحرام:

ويُستحبّ تكرار التلبية كلّما لقي راكباً أو علا مرتفعاً أو هبط وادياً، ومن آخر الليل وفي أدبار الصلاة.

ولايقطعها في عمرة التمتّع إلى أن يشاهد بيوت مكّة القديمة، ولايقطعها في حجّ التمتّع إلى زوال يوم عرفة، ولايقطعها في العمرة المفردة إلى أن يدخل الحرم، بل إلى أن يشاهد بيوت مكّة، وتظهر له معالمها.

وفي خصوص من أحرم بالعمرة المفردة من أدنى الحلّ يقطع التلبية إذا رأى المسجد الحرام.

 

46

5 ـ محرّمات الإحرام

قلنا فيما سبق: إ نّ الإحرام ينعقد شرعاً بالتلبية، فإذا أحرم ولبّى فقد أصبح محرماً، وحرمت عليه اُمور معيّنة في الشريعة.

وهي على ثلاثة أقسام: فمنها ما يحرم على الرجل والمرأة، ومنها ما يحرم على الرجل خاصّة، ومنها ما يحرم على المرأة خاصّة، فنذكر الأقسام فيما يلي تباعاً:

 

القسم الأوّل: ما يحرم على الرجل والمرأة معاً:

وهو يشتمل على اُمور:

 

1 ـ صيد الحيوان البرّيّ

57 ـ لايجوز للمحرم ـ رجلاً كان أم امرأة ـ صيد الحيوان البرّيّ أو إعانة شخص آخر ـ ولو كان الشخص الآخر محلاًّ ـ على صيده: بأن يشير إليه نحوه أو بغير ذلك من ألوان الإعانة. كما لايجوز له الأكل من لحم الصيد ولو كان قد اصطاده غيره، بل لايسمح له حتّى بمجرّد إمساك الصيد المذكور والاحتفاظ به وإن كان اصطياده له قبل إحرامه.

نعم، ليس المقصود بذلك إطلاق الحكم لصيد كان في منزله الذي في بلده غير مصطحب معه؛ فإنّه لايوجد فيه إشكال.

47

والصيد إنّما ينطبق على الحيوانات النافرة كالطيور مثلاً، وأمّا الحيوانات الأهليّة كالدجاج والغنم والبقر والإبل، فلايعتبر أخذها صيداً، ولايحرم على المحرم إمساكها وذبحها والأكل من لحمها.

وكما يحرم صيد الحيوانات التي ينتفع عادةً بلحومها كالطيور كذلك يحرم صيد غيرها ـ أيضاً ـ كالسباع، إلّا فيما إذا خيف منها على النفس.

ويختصّ التحريم بالحيوانات البرّيّة، فلايحرم صيد الحيوانات البحريّة كالسمك وغيره.

ويلحق بصيد الحيوان البرّيّ إمساك الجراد، فيحرم صيده والاحتفاظ به وأكله على المحرم. ويرخّص للمحرم في أن يرمي الغراب الأبقع والحدأة.

وكلّ ما يحرم من الصيد على المحرم يحرم على المحلّ ـ أيضاً ـ في منطقة الحَرَم، فالفارق بين المحرم والمحلّ: أنّ المحرم يحرم عليه الصيد في الحلّ والحرم معاً، والمحلّ يحرم عليه الصيد في الحرم.

 

2 ـ الاستمتاع

58 ـ يحرم على الرجل الاستمتاع بالمرأة جماعاً وتقبيلاً ولمساً بشهوة ونظراً مركّزاً مؤدّياً إلى الإمناء، ولايحرم عليه المسّ من دون شهوة، ولا النظر إلى زوجته من دون إمناء ولو كان بشهوة، ويحرم على المرأة ما يناظر ذلك.

48

كما يحرم على المحرم الاستمناء والتزويج لنفسه(1) أو غيره سواء كان ذلك الغير محرماً أم محلاًّ، والأحوط استحباباً أن لايتعرّض لخطبة النساء، ويجوز له الطلاق والرجوع إلى زوجته المطلّقة الرجعيّة.

وإذا ارتكب المحرم لعمرة التمتّع شيئاً من الاستمتاعات جهلاً أو نسياناً، فعمرته صحيحة ولاشيء عليه، وإذا ارتكب ذلك عالماً عامداً فعمرته ـ أيضاً ـ صحيحة، ولكنّه آثم، وعليه الكفّارة. وفيما يلي بعض تفصيلاتها:

1 ـ يكفي في كفّارة الجماع أن يكفّر بذبح ناقة أو جمل قد أكملا خمس سنوات، ودخلا في السادسة.

2 ـ كفّارة الاستمناء ككفّارة الجماع.

3 ـ يكفي في كفّارة التقبيل بشهوة ناقة أو جمل بالسنّ المتقدّم، ويكفي في كفّارة التقبيل من دون شهوة شاة، ولايلحق بذلك تقبيل الاُمّ تقبيل رحمة.

4 ـ يكفي في كفّارة المسّ بشهوة شاة.



(1) ولو عقد على امرأة عالماً بحرمة ذلك، حرمت عليه حرمة مؤبّدة، ولو كان جاهلاً بالحرمة، أي: كان يعتقد عدم الحرمة، أو كان غافلاً بالمرّة عن تصوّر هذا الحكم، لم تحرم عليه مؤبّداً، راجع الوسائل، باب 31 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة ونحوها، الحديث 1 .

49

5 ـ يكفي في كفّارة النظر المركّز المؤدّي إلى الإمناء أو الملاعبة المؤدّية إلى ذلك ما كان يكفي في كفّارة الجماع.

 

3 ـ الطيب والرياحين

59 ـ يحرم على المحرم ـ رجلاً كان أم امرأةً ـ استعمال الزعفران والعود والمسك والورس والعنبر بالشمّ والدلك والأكل والمسّ، وكذلك لبس مايكون عليه أثر منها.

ويحرم ـ أيضاً ـ استعمال الطيب بصورة عامّة بكلّ هذه الألوان من الاستعمال.

والطيب: هو كلّ مادّة لها رائحة طيّبة، وتتّخذ للشمّ والتطيّب كعطر الورد والقرنفل وغيره، وكما يحرم على المحرم استعمال الطيب كذلك يجب عليه أن يحاول التخلّص منه إذا ابتلي به عن عمد أو غير عمد.

ويستثنى من الطيب المحرّم ما تُطيَّب به الكعبة الشريفة، فلابأس بشمّه وتركه في الثوب إذا أصابه.

وليست الفاكهة من الطيب ولو كانت ذات رائحة طيّبة، فلايحرم الأكل منها، ولايجب على المحرم أن يُمسك عن شمّها وإن كان الأحوط استحباباً ذلك.

وأمّا الرياحين ـ النبات ذو الرائحة الطيّبة ـ فما كان منها نباتاً برّيّاً لايتّخذ منه مادّة للطيب، فلابأس بشمّها كالخزامى والقيصوم،

50

وأمّا غير ذلك من الرياحين كالورد والياسمين وغيرهما، فالأحوط وجوباً في ورودها التي تتّخذ للاستشمام ولاستخراج العطر حرمة مسّها والتلذّذ بشمّها، كما أنّ الأحوط استحباباً في الأوراق غير الورود عدم المسّ والاستشمام.

ولايمنع المحرم من النظر إلى الطيب أو الريحان، ولامن بيعه وشرائه.

ويحرم على المحرم أن يمسك على أنفه من الروائح الكريهة، وإذا أراد التخلّص منها بالإسراع بالمشي جاز له ذلك.

وإذا مارس المحرم الطيب جاهلاً أو ناسياً فلاشيء عليه، وإذا مارسه عالماً عامداً كان آثماً، ولم تبطل عمرته، وليست عليه كفّارة إلّا إذا كانت ممارسته للطيب بالأكل منه أو من طعام فيه طيب، فعليه ـ حينئذ ـ كفّارة شاة، والأحوط استحباباً في لبس ما عليه أثر من الطيب كفّارة شاة.

 

4 ـ الزينة

60 ـ تحرم الزينة على المحرم ـ رجلاً كان أم امرأة ـ سواء كان الدافع إليها قصد الزينة أو كان له غرض آخر، ويستثنى من ذلك بالنسبة إلى المرأة الحليّ التي كانت تعتاد لبسها قبل إحرامها؛ فإنّه يجوز لها التحلّي بها، ولكنّها لاتظهرها لزوجها ولالغيره من الرجال، كما يستثنى من ذلك بالنسبة إلى الرجال التختّم إذا لم يكن

51

بقصد الزينة؛ فإنّه جائز ولو اعتُبر زينة عرفاً، وأمّا إذا كان بقصد الزينة فلايجوز. ويحرم استعمال الحنّاء فيما إذا عدّ زينة عرفاً على الرجل والمرأة وإن لم يكن التزيّن مقصوداً للمحرم، ولاكفّارة على المخالفة.

 

5 ـ النظر في المرآة

61 ـ يحرم على المحرم ـ رجلاً كان أم امرأة ـ النظر في المرآة إذا كان المقصود بالنظر إصلاح الهندام والوضع، وأمّا النظر بدافع آخر كالتأكّد من عدم وجود حاجب على البشرة أو تعرّف سائق السيّارة على ما خلفه، فلايحرم. ولايعتبر من النظر في المرآة لبس النظّارة، فلايحرم لبسها إذا لم تكن للتزيّن بل لغرض طبّي أو للوقاية من الشمس ونحو ذلك، ولابأس بالنظر في غير المرآة من الأجسام الشفّافة التي ينطبع فيها وجه الناظر، كالماء الصافي وغيره على ما هو المألوف من أنّه ليس للزينة أو إصلاح الهندام.

ولاكفّارة على المحرم إذا نظر في المرآة.

 

6 ـ الاكتحال

62 ـ يحرم الاكتحال للزينة على المحرم رجلاً كان أم امرأة، وإذا كان الكحل أسود فهذا يعتبر شرعاً للزينة، فيحرم على الأحوط سواء قصد المكتحل الزينة فعلاً أو لا، وإذا لم يكن الكحل