147

 

الفصل الرابع

 

 

 

المصدود والمحصور

 

 

 

 

 

 

 

148

 

 

 

 

157 ـ المصدود هو: الممنوع عن الحجّ أو العمرة بمنع عدوّ ونحوه بعد تلبّسه بإحرامهما.

فإن كان مصدوداً عن العمرة المفردة فتحلّله يكون بالذبح أو النحر في محلّ الصدّ، وهو على قسمين:

القسم الأوّل: أن يكون قد ساق الهدي معه في العمرة المفردة. والأحوط وجوباً أن يضمّ إلى ذبح هديه أو نحره حلق رأسه.

والقسم الثاني: أن لايكون قد ساق معه الهدي. والأحوط وجوباً ضمّ الحلق أو التقصير على سبيل التخيير إلى الذبح.

ولو كانت امرأة فعليها التقصير في كلا القسمين.

158 ـ وأمّا إن كان مصدوداً عن الحجّ فهذا ينقسم إلى عدّة أقسام:

القسم الأوّل: أن يصدّ عن أصل دخول مكّة، سواء كان حجّه حجّ تمتّع أو كان حجّه حجّ إفراد، فعلى كلا التقديرين يكون تحلّله بالذبح في محلّ الصدّ.

القسم الثاني: أن يصدّ عن الوقوفين أو عن الوقوف بالمشعر

149

الاختياريّ منه والاضطراريّ بالشكل الذي يبطل حجّه، وهذا ـ أيضاً ـ يتحلّل بالذبح في مكان الصدّ إن لم يتمكّن من دخول مكّة للإتيان بأعمال العمرة المفردة.

ولو أمكنه أن يأتي مكّة لأعمال العمرة المفردة، فإن كان حجّه حجّ تمتّع أتى احتياطاً بأعمال العمرة المفردة، وذبح الشاة من بعد الطواف والسعي والحلق. وإن كان في حجّ الإفراد جمع احتياطاً بين الذبح والعمرة المفردة، وله أن يؤجّل ذبحه إلى مكّة.

القسم الثالث: أن يصدّ بعد الموقفين عن الطواف والسعي ودخول مكّة، سواء صدّ قبل الإتيان بأعمال منى أو بعده، وهذا يذبح شاته حيث صدّ.

القسم الرابع: أن يصدّ عن الطواف والسعي أو أحدهما بعد دخول مكّة، وهذا يستنيب فيما منع عنه من الطواف أو السعي أو كليهما، فلا يشمله قانون الصدّ.

القسم الخامس: أن يصدّ بعد الموقفين عن نزول منى خاصّة، وهذا ـ أيضاً ـ ليس صدّاً عن الحجّ، ويستنيب للرمي إن أمكنه، وأمّا الحلق أو التقصير فيفعله في مكانه، ويرسل شعره إلى منى إن أمكنه.

159 ـ المصدود لايسقط عنه الحجّ بالهدي، بل يجب عليه الإتيان

150

به في العام القابل إذا بقيت الاستطاعة أو كان الحجّ مستقرّاً في ذمّته.

160 ـ من أفسد حجّه بالجماع، ثُمّ صدّ جرى عليه حكم الصدّ زائداً كفّارة الإفساد.

161 ـ من ساق هدياً معه، ثُمّ صدّ كفاه ذبح ما ساقه، ولايجب عليه هديٌ آخر.

162 ـ المحصور في مصطلح الفقهاء والنصوص هو: الذي منعه المرض عن دخول مكّة لإتمام الحجّ أو العمرة بعد التلبّس بالإحرام.

163 ـ فلو اُحصر في عمرة مفردة، وأراد الرجوع إلى بلده والخروج من الإحرام، كان مخيّراً بين أمرين:

الأوّل: أن يبعث بالهدي إلى مكّة، ولايتحلّل إلّا بعد أن يبلغ الهدي محلّه(1) بمعنى: أنّه يواعد أصحابه ميعاداً للذبح في مكّة، فإذا جاء وقت الميعاد قصّر وأحلّ من كلّ شيء حتّى النساء(2)، ويجب عليه بعد البرء الإتيان بعمرة مفردة(3)، ولو انكشف بعد



(1) عملاً بالآية الشريفة والروايات. راجع صحيحة معاوية. الوسائل، الباب 2 من الإحصار والصدّ، الحديث 1 وغيرها.

(2) راجع الوسائل، الباب 8 من الإحصار والصدّ.

(3) راجع صحيح معاوية الوسائل، الباب 2 من الإحصار والصدّ، الحديث 1.

151

تحلّله أنّهم لم يحصلوا على هدي يذبحونه، يعيد بعثه للهدي، ومن حين إعادته لبعث الهدي يمسك عن النساء(1).

والثاني: أن يذبح في محلّ الحصر، ويتحلّل من غير النساء، ثُمّ يعيد العمرة، ويتحلّل بها حتّى من النساء(2).

أمّا لو أقام محرماً في مكانه حتّى برأ وأكمل العمرة فليس عليه شيء(3).

164 ـ ولو اُحصر في عمرة التمتّع أو اُحصر في حجّ الإفراد، ولم يكن قد ساق الهدي، فله أن يذبح في محلّ الحصر ويرجع محلاًّ (4)، وله أن يبعث بثمن الهدي، وينتظر بلوغ الهدي محلّه، وهو



(1) راجع الوسائل 13، الباب 1 من الإحصار والصدّ، الحديث 5.

(2) لقصّة الحسين(عليه السلام). راجع الوسائل 13، الباب 1 من الإحصار والصدّ، الحديث 3. وتدلّ على بعض المقصود قصّته الاُخرى. راجع المصدر نفسه، الباب 6، الحديث 2.

(3) راجع صحيح معاوية الوسائل، الباب 2 من تلك الأبواب، الحديث 1 على نسخة الكافي، أمّا نسخة الشيخ فلو لم تؤوّل عارضت الآية المباركة. وبإمكانك مراجعة نسخة الكافي في الكافي 4، باب المحصور والمصدود وما عليهما من الكفّارة: 369، الحديث 3، بحسب طبعة الآخونديّ.

(4) لصحيح معاوية بن عمّار «في المحصور ولم يسق معه الهدي، قال: ينسك ويرجع» الوسائل، الباب 7 من الإحصار والصدّ، الحديث 1 و2.

152

منى، فيتحلّل(1)، ولو انكشف بعد ذلك أنّهم لم يجدوا هدياً وقد أحلّ لم يكن عليه شيء، ولكنّه لو لم يوفّق هو للحجّ في العام القابل بعث بالهدي في العام القابل، وأمسك عمّا يحرم على المحرم من حين البعث إلى أن يبلغ الهدي محلّه(2).

165 ـ ولو اُحصر في حجّ القران بعث بهديه، ولايتحلّل إلّا بعد أن يبلغ الهدي محلّه، وهو منى(3).

166 ـ لو منعه عن دخول مكّة مانع آخر غير الصدّ والحصر كعطل في سيّارته أو سرقة أمواله ونفقته أو نحو ذلك، فقد انكشف بطلان إحرامه، ورجع محلاًّ.

167 ـ إذا اُحصر وبعث بهديه، ثُمّ خفّ المرض بشكل خرج



(1) عمـلاً بالآية المباركة وصحيح معاوية بن عمّار. الوسائل، الباب 2 من الإحصار والصدّ، الحديث 1.

(2) لصحيح معاوية بن عمّار. الوسائل، الباب 3 من الإحصار والصدّ، الحديث 1.

(3) عملاً بالآية الكريمة وبصحيحي محمّد بن مسلم ورفاعة. الوسائل، الباب 4 من الإحصار والصدّ، الحديث 1.

وأمّا صحيح البزنطيّ (الوسائل، الباب 8 من الإحصار والصدّ، الحديث 1، والباب 1 منها، الحديث 4) الدالّ بظاهره على أنّ المحصور مطلقاً يكون نفس حصره كافياً في تحلّله الكامل، فإمّا أن يؤوّل، وإمّا أن يطرح؛ لمخالفته التباينيّة للآية الكريمة.

153

المرض عن كونه سبباً لعدم درك الحجّ أو العمرة، فقد انكشف عدم كونه محصوراً، وحكمه حكم الحاجّ أو المعتمر الاعتياديّ(1).

168 ـ لو اُحصر بعد الوقوفين عن دخول مكّة للطواف والسعي فالظاهر: أنّه بطل حجّه(2)، وبالتالي بطل إحرامه.

169 ـ لو اُحصر الرجل فبعث بهديه، ثُمّ آذاه رأسه قبل أن يبلغ الهدي محلّه، فاضطرّ إلى حلق الرأس قبل حلّه، فكفّارته: أن يذبح شاة في محلّه، أو يصوم ثلاثة أيّام، أو يطعم ستّة مساكين لكلّ مسكين مدّان، ويحلق(3).

170 ـ المحصور إذا لم يجد هدياً ولاثمنه صام عشرة أيّام



(1) هذا هو مقتضى القاعدة مضافاً إلى صحيح زرارة الوارد في بعض صوره. راجع الوسائل، الباب 3 من الإحصار والصدّ، الحديث 1.

(2) لأ نّ شيئاً من أدلّة الحصر لاتشمله حتّى الآية المباركة؛ إذ لامحلّ لهديه كي يشمله قوله تعالى: ﴿حتّى يبلغ الهدي محلّه﴾ وأدلّة الاستنابة ـ أيضاً ـ لاتشمله؛ لاختصاصها بمن دخل مكّة وهناك عجز عن الطواف والسعي.

(3) إجمال الأمر وارد في الآية الكريمة: ﴿فَمَن كَانَ مِنكُم مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِن رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِن صِيَام أَوْ صَدَقَة أَوْ نُسُك﴾ سورة البقرة، الآية: 196، وتفصيله وارد في الروايات. راجع الوسائل كتاب الحجّ، الباب 14 من بقيّة الكفّارات، والباب 5 من الإحصار والصدّ.

154

بالشكل المشروح في الحاجّ المتمتّع الذي لايجد هدياً (1)، والمتيقّن صحّته هو: أن يصوم ثلاثة أيّام متتاليات في محلّ الحصر وسبعة متتاليات بعد الرجوع.

171 ـ لو اُحصر بعد دخول مكّة عن الوقوفين تحلّل بأعمال العمرة المفردة في غير أيّام التشريق(2).



(1) لصحيح معاوية بن عمّار. الوسائل، الباب 7 من الإحصار والصدّ، الحديث 1 و2.

(2) راجع الوسائل، الباب 27 من الوقوف بالمشعر، الحديث 1 و3 و4.

155

الفصل الخامس

 

 

 

 

العمرة المفردة

 

 

 

 

 

 

156

 

 

 

 

172 ـ من كانت وظيفته حجّ الإفراد في مقابل التمتّع فوظيفته في العمرة ـ أيضاً ـ هي العمرة المفردة، والأحوط أن يأتي بها مع الاستطاعة لها في نفس سنة الحجّ بعد الحجّ، ويصحّ له أن يخرج من مكّة إلى أدنى الحلّ، أي: آخر الحلّ الملاصق للحرم، ويحرم، ولايجب الخروج إلى أحد المواقيت المعروفة.

173 ـ الحقّ: أنّه لاتجب العمرة المفردة على من تكونوظيفته حجّ التمتّع ولم يكن مستطيعاً له، ولكن استطاع للعمرة المفردة.

مثاله: الرجل البعيد عن مكّة غير المستطيع للحجّ، وقد أصبح أجيراً للحجّ، فكان بعد فراغه من عمل النيابة مستطيعاً من الإتيان بالعمرة المفردة، فلايجب عليه ذلك.

أمّا من أتى بوظيفة التمتّع فلاريب في أنّه لاتجب عليه العمرة المفردة.

174 ـ يُستحبّ الإتيان بالعمرة المفردة مكرّراً وإلى حدّ أنّ لكلّ شهر عمرة، ويجوز أن تكون إحداها في آخر الشهر، والثانية في

157

أوّل الشهر الثاني، ولايجب الفصل بينهما بثلاثين يوماً ولا بأقلّ من ذلك.

175 ـ والظاهر: أنّ عدم مشروعيّة عمرتين في شهر واحديشمل حتّى ما إذا كانت إحدى العمرتين عمرة التمتّع(1).

176 ـ اشتهر القول بجواز تعدّد العمرة في شهر واحد نيابة عن أشخاص متعدّدين، أو واحدة عن نفسه والثانية نيابة حتّى بناءً على عدم مشروعيّة عمرتين في شهر واحد، ولكن هذا عندي مشكل لاحتمال أنّ المقصود بأخبار (لكلّ شهر عمرة) أنّ كلّ شهر لايتحمّل إلّا عمرة واحدة، أمّا جعلها لنفسه أو عن شخص آخر فخارج عن حقيقة العمرة، نعم لابأس بذلك بعنوان الرجاء.



(1) وتشهد لذلك موثّقة إسحاق بن عمّار: «سألت أبا الحسن(عليه السلام) عن المتمتّع يجيء فيقضي متعته، ثُمّ تبدو له الحاجة، فيخرج إلى المدينة وإلى ذات عرق أو إلى بعض المعادن، قال: يرجع إلى مكّة بعمرة إن كان في غير الشهر الذي تمتّع فيه؛ لأ نّ لكلّ شهر عمرة ...» الوسائل 11، الباب 22 من أقسام الحجّ، الحديث 8، هذا مضافاً إلى أنّ حقيقة العمرة واحدة خصوصاً بالنظر إلى أنّ طواف النساء الوارد في العمرة المفردة ليس جزءاً من العمرة، وخصوصاً بالنظر إلى إمكان حساب المفردة إن وقعت في أشهر الحجّ جزءاً من حجّ التمتّع، وأمّا عدم إمكان العكس اختياراً بمعنى: تبديل عمرة التمتّع بالمفردة، فبسبب أنّه نوى من أوّل الأمر العمرة والحجّ معاً؛ لأنهما عمل واحد في التمتّع، فيجب الإتمام. والعمدة: ما ذكرناه من موثّقة إسحاق.

158

177 ـ العمرة المفردة كعمرة التمتّع في الأعمال التي مضت إلّا في اُمور:

أ ـ العمرة المفردة يجب لها طواف النساء بعد نهايتها، في حين أنّه لم تكن لعمرة التمتّع طواف النساء.

ب ـ عمرة التمتّع لاتقع إلّا في أشهر الحجّ، وهي: شوّال، وذو القعدة، وذو الحجّة. والعمرة المفردة تقع في كلّ شهر.

ج ـ عمرة التمتّع ينحصر الخروج عن إحرامها بالتقصير، في حين أنّ العمرة المفردة يتخيّر الرجال فيها بين الحلق والتقصير.

178 ـ يمكن التفكيك بين العمرة المفردة وحجّ الإفراد: بأن يقع كلّ منهما في سنة غير سنة الآخر.

نعم، لو كان حجّه واجباً بالاستطاعة وعمرته كذلك، وكان مستطيعاً لهما في سنة واحدة، فالأحوط وجوباً أن يوقع العمرة بعد الحجّ من نفس السنة.

179 ـ من اتّجه إلى مكّة من بعيد للعمرة المفردة، ومرّ بأحد المواقيت المعروفة، أحرم لها منه، أمّا لو مرّ عن طريق لاميقات فيه فيصحّ له أن يحرم من أدنى الحلّ حتّى لو كان قد مرّ بما يحاذي الميقات(1). كما أنّ من كان في مكّة بصورة مشروعة وأراد العمرة



(1) بدليل إحرام رسول الله(صلى الله عليه وآله) من الجعرانة بعد ما رجع من الطائف من غزوة حنين على ما ورد في صحيحتي معاوية بن عمّار وأبان (الوسائل 14، الباب 2 من العمرة، الحديث 2 و3) مع أنّه قد مرّ(صلى الله عليه وآله)يقيناً في طريقه بما يحاذي ميقات قرن المنازل، ونحن نعلم أنّه(صلى الله عليه وآله)قد جعل قرن المنازل ميقاتاً لأهل الطائف.

159

المفردة خرج إلى أدنى الحلّ(1).

180 ـ من أتى بعمرة مفردة في أشهر الحجّ، وبقي اتّفاقاً في مكّة إلى أوان الحجّ، جاز له أن يجعلها عمرة التمتّع، فيأتي بالحجّ.

 

 



(1) لصحيحي جميل وعمر بن يزيد، راجع الوسائل باب 21 من أقسام الحجّ، الحديث 2، وباب 22 من المواقيت، الحديث 1 .

161

الفصل السادس

 

 

 

الاستنابة في الحجّ والوصيّة به

 

 

 

 

 

162

 

 

 

 

181 ـ تجب الاستنابة في الحجّ بمعنى: إرسال شخص آخر للحجّ عنه في حالتين:

الاُولى: إذا كان الإنسان موسراً، ولم يتَح له أن يحجّ لمرض أو أيّ عائق آخر، أو اُتيح له ذلك ولكنّه تسامح ولم يحجّ حتّى ضعف عن الحجّ وعجز عنه لسبب من الأسباب، فعليه إذا انقطع أمله في التمكّن من القيام المباشر بالحجّ أن يستنيب شخصاً يحجّ عنه، والأجدر به استحباباً أن يختار شخصاً لم يحجّ من قبل لينوب عنه. ولا يترك هذا الاحتياط فيما إذا كان ذلك الإنسان الموسر رجلاً.

والثانية: إذا وجب الحجّ على المكلّف بسبب الاستطاعة، ولم يحجّ إلى أن توفّي، وجب الإنفاق من تركته لتهيئة من يحجّ عنه، وتسدّد نفقات هذا الحجّ من تركة الميّت على الوجه التالي:

أ ـ إذا لم يكن الميّت قد أوصى بأن يحجّ عنه اُخرجت النفقات من التركة، ولكن في هذه الحالة لاحقّ للميّت إلّا في نفقات حجّة ميقاتيّة، إلّا أن لاتوجد حجّة ميقاتيّة.

والحجّة الميقاتيّة هي: الحجّة التي لاتكلّف النائب إلّا من

163

الميقات الذي يجب الإحرام منه، ونفقاتها أقلّ من الحجّة البلديّة التي تكلّف النائب السفر من البلد الذي كان المنوب عنه يعيش فيه.

فإذا أمكن وجدان شخص يسكن في الميقات أو على مقربة منه، واستئجاره للحجّ نيابة عن الميّت، أجزأ ذلك.

وفي كلّ حالة نقول فيها: إنّ نفقات الحجّ تخرج من التركة نعني بذلك: أنّ هذا الميّت لو كان قد أوصى بثلثه ليصرف في وجوه البرّ ـ مثلاً ـ فالواجب أوّلاً إخراج نفقات الحجّ من التركة ككلّ، ثُمّ تقسيم الباقي إلى ثلاثة أقسام، وتخصيص قسم منها للميّت وفقاً للوصيّة.

ب ـ إذا كان الميّت قد أوصى بأن يحجّ عنه حجّة الإسلام من تركته، وجب الإنفاق من التركة على حجّة بلديّة، ولكن إذا خالف الوصيّ أو الوارث ودفع عن الميّت حجّة ميقاتيّة من أجل أنّها أرخص، برأت بذلك ذمّة الميّت، ولاتجب إعادة الحجّ.

ج ـ إذا كان الميّت قد أوصى بأن يحجّ عنه حجّة الإسلام، وأوصى ـ أيضاً ـ بإخراج ثلث التركة لأغراض اُخرى، فوصيّته نافذة، ويجب الإنفاق من التركة على حجّة بلديّة عنه، ثُمّ إخراج ثلث الباقي من التركة تنفيذاً للوصيّة.

د ـ إذا كان الميّت قد أوصى بأن يحجّ عنه حجّة الإسلام، وأن تؤدّى عنه اُمور اُخرى من صلاة أو صيام أو وجوه البرّ والخير على

164

أن يسدّد ذلك كلّه من الثلث، فإن اتّسع الثلث لذلك كلّه فهو المطلوب، وإن لم يتّسع إلّا لنصف النفقة التي تتطلّبها كلّ تلك الاُمور الموصى بها، اُخرج نصف نفقة الحجّ من الثلث، واُخرج النصف الآخر من باقي التركة.

182 ـ وإذا علم الوارث بأنّ مورّثه كان مستطيعاً، وقد وجب عليه الحجّ، ولم يعلم بأنّه حجّ أم لا، وجب عليه أن يتنازل عن مقدار من التركة بالقدر الذي يفي بحجّة ميقاتيّة عنه في الأقلّ، فيحجّ عنه من تركته.

183 ـ ومن مات وعليه حجّة الإسلام تجب المبادرة إلى الاستئجار عنه في سنة موته، ولايجوز تأجيل ذلك إلى سنة اُخرى. ولايسوّغ التأجيل أن لايجد الوارث أو الوصيّ في تلك السنة إلّا من يحجّ باُجور الحجّة البلديّة؛ إذ يتعيّن عليه في هذه الحالة دفع اُجور الحجّة البلديّة من تركة الميّت.

وكذلك إذا اقترح الأجير اُجرة أكبر ممّا هو مقرّر عادة للنيابة في الحجّ، ولم يوجد من يقبل بأقلّ من ذلك، فإنّ الواجب تلبية اقتراحه، ولايسوّغ التأجيل إلى سنة اُخرى.

184 ـ قد يموت الشخص ويترك مالاً قد تعلّق به الخمس، ولم يؤدّه، كما أنّه لم يحجّ حجّة الإسلام في نفس الوقت، فيجب إخراج الخمس والإنفاق على الحجّ من الباقي، فإن لم يتّسع الباقي للحجّ

165

سقط، واكتفى بإخراج الخمس المتعلّق بذلك المال.

وإذا كان هذا الشخص قد أوصى بأن يحجّ عنه حجّة الإسلام من ماله على الرغم من أنّ ماله متعلّق للخمس، فعلى الوصيّ أن يدفع الخمس أوّلاً، ثُمّ ينفق على الحجّ من الباقي، ولايجوز له أن ينفق على الحجّ من المال الذي لايزال الخمس ثابتاً فيه.

185 ـ وإذا كانت التركة بمجموعها لاتتّسع للحدّ الأدنى من نفقات الحجّ، سقط الحجّ، وكانت التركة للورثة ما لم يوجد دين أو وصيّة، ولايجب على الورثة تكميل النفقة من مالهم الخاصّ، كما لايجب عليهم بذل النفقة للحجّ إذا لم يكن للميّت تركة إطلاقاً، سواء أوصى بأن يحجّ عنه أو لم يوصِ بذلك.

186 ـ إذا وجبت حجّة الإسلام على شخص، فمات قبل أن يحجّ، ولم يوصِ بالحجّ عنه، وتبرّع متبرّع بالحجّ نيابةً عنه دون أن يأخذ من التركة شيئاً، فالتركة للورثة، ولايجب عليهم أن يستثنوا مقدار نفقات الحجّ منها لمصلحة الميّت.

187 ـ وفي نفس الفرض إذا كان الميّت قد أوصى بإخراج حجّة الإسلام من ثلثه، وتبرّع المتبرّع بالحجّ عنه، فالظاهر رجوع المال إلى الورثة، وإن كان الأولى للورثة إذا كانوا جميعاً بالغين راشدين عدم إهمال الوصيّة رأساً، وصرف مقدار نفقات الحجّ من الثلث في وجوه الخير والإحسان.

166

188 ـ وقد تسأل: هل يجوز للورثة التصرّف في التركة قبل الاستئجار للحجّ إذا كان المورّث قد وجبت عليه حجّة الإسلام، ولم يؤدّها إلى أن مات؟

والجواب: إذا كانت التركة واسعة على نحو لايخشى عليها عادة، والتزم الوارث بتهيئة الحجّ النيابيّ المطلوب، جاز له التصرّف في التركة.

189 ـ وقد تسأل عن الحكم: إذا اختلف الورثة، فأقرّ بعضهم بأنّ على الميّت حجّة الإسلام، وأنكر الآخرون أو تمرّدوا، فماذا يصنع ذلك الوارث المقرّ المتحرّج في دينه؟

والجواب: أنّ هذا ليس عليه أن يسدّد كلّ نفقات الحجّ من نصيبه الخاصّ به، فإذا كانت نفقات الحجّ بقدر ربع التركة فليس عليه إلّا أن يبذل ربع ما عنده من أجل الحجّ، فإن اتّفق وجود متبرّع بسائر النفقة أدّى إليه ربع ما عنده، وإلّا فعليه أن يصرف المقدار المتعلّق بحصّته على الميّت في سبيل الخير.

190 ـ وإذا وجب الاستئجار لحجّة الإسلام عن الميّت وفقاً لما تقدّم في أوّل البنود من الحالة الثانية من الفقرة رقم (181)، وأهمل من كانت التركة في حيازته حتّى تلف المال، كان ضامناً، وعليه الإنفاق من ماله على الاستئجار للحجّ عن الميّت.

وإذا تلف المال المذكور في حيازة الوصيّ من دون تفريط

167

وإهمال، فلايضمن، ووجب الإنفاق على الاستئجار للحجّ عن الميّت من باقي التركة.

191 ـ وإذا أوصى الميّت بالحجّ عنه حجّة الإسلام، وبعد مدّة مات الوصيّ، ولم يعلم الورثة أنّه هل نفّذ الوصيّة أو لا؟ وجب إخراج المال الكافي للحجّ من التركة، ولا يسوغ الاعتماد على احتمال التنفيذ.

192 ـ وإذا كان الشخص قد حجّ حجّة الإسلام، وأوصى بأن يحجّ عنه حجّة اُخرى، اعتبرت نفقات ذلك من الثلث.

وإذا أوصى بحجّة ولم يعلم هل هي حجّة الإسلام أو غيرها؟ فإن كان الشكّ في وجوب الحجّ على الميّت واستطاعته، اعتبرت نفقاتها من الثلث، أمّا لو علم بوجوبه عليه، وشكّ في أدائه فالظاهر هو البناء على عدم أدائه، فيخرج من الأصل.

193 ـ وإذا أوصى بأن يحجّ عنه حجّة الإسلام، وعيّن مقداراً من المال لينفق على ذلك، فإن كان هذا المال أكثر من الاُجرة الاعتياديّة التي يتطلّبها الحجّ عن الميّت، اُخرج مقدار الاُجرة الاعتياديّة من التركة رأساً، واعتبر الزائد منه عن الاُجرة الاعتياديّة من ثلث الباقي، وإذا لم يزد على الاُجرة الاعتياديّة اُخرج من التركة رأساً.

194 ـ وإذا كانت الاُجرة الاعتياديّة على درجات تبعاً لنوعيّة

168

الأجير ووجب إخراجها من تركة الميّت، جاز الأخذ بأعلى تلك الدرجات، كما يجوز الأخذ بأدناها.

195 ـ وإذا كان لدى شخص أو في ذمّته مال لشخص آخر، ومات صاحب المال بعد أن استقرّت في عهدته حجّة الإسلام، واحتمل الشخص الذي في حيازته أو في ذمّته المال أنّه إذاأدّى إلى الورثة أكلوه، ولم ينفقوا منه على الحجّ عن الميّت،كان عليه أن ينفق من ذلك المال للحجّ عن الميّت، فإن زادالمال عن اُجرة الحجّ ردّ الزائد إلى الورثة. ولافرق في طريقة الإنفاق بين أن يستأجر شخصاً للحجّ عن الميّت، أو يحجّ بنفسه نائباً عنه.

 

المنوب عنه والنائب:

196 ـ اتّضح ممّا سبق: أنّ الشخص لايناب عنه في حجّة الإسلام إلّا إذا استقرّت عليه الحجّة، فلم يؤدّها إلى أن مات، أو كان موسراً وعجز عن مباشرة الحجّ بنفسه.

197 ـ وأمّا في الحجّ المستحبّ فتسوغ الاستنابة فيه عن الأموات والأحياء على السواء شريطة أن يكون المنوب عنه مسلماً.

ولافرق في النيابة على العموم بين أن يكون المنوب عنه طفلاً

169

مميّزاً أو بالغاً، مجنوناً أو عاقلاً، شيعيّاً أو سنّيّاً، فتصحّ النيابة عن هؤلاء جميعاً.

هذا بالنسبة إلى المنوب عنه.

198 ـ وأمّا فيما يتّصل بالنائب ـ سواء كان متبرّعاً بالنيابة أو مستأجراً لذلك ـ فهناك شروط لاتصحّ حجّة النائب من دونها، وهي كمايلي:

الأوّل: البلوغ فلايجزي حجّ الصبيّ ـ ولو كان مميّزاً ـ عن غيره في حجّة الإسلام وغيرها من الحجّ الواجب. أجل تصحّ نيابة الصبيّ المميّز عن غيره في حجّ مندوب بإذن وليّه الماليّ، فلو حجّ عنه بمال شخص آخر وبإذن المالك صحّ.

الثاني: العقل فلاتجزي استنابة المجنون، ولافرق في ذلك بين المجنون المستمرّ جنونه، والمجنون الذي يصاب بالجنون أحياناً إذا كان العمل في حالة جنونه. وأمّا السفيه فلابأس باستنابته.

الثالث: الإيمان.

الرابع: أن يكون النائب متمكّناً من القيام بكلّ واجبات الحجّ، وأمّا إذا كان معذوراً في بعضها لمرض أو غير ذلك فليس من المعلوم أنّ نيابته عن غيره في الحجّ الواجب كافية، وعليه فلايجوز أن يستأجر لأداء الحجّ الواجب عن غيره، وإذا بادر وتبرّع بأدائه عن الغير لا يكتفى بذلك.

170

199 ـ وإذا كان الإنسان مكلّفاً بالحجّ في سنة لم يجز له إهمال ما هو واجب عليه من أجل أن يحجّ نيابة عن غيره، ولكن إذا صنع ذلك ولو إهمالاً لاجهلاً منه بوجوب الحجّ عليه، صحّت نيابته وحجّته النيابيّة.

200 ـ وقد تسأل: هل يمكن لشخص من هذا القبيل أن يؤجّر نفسه للحجّ النيابيّ في سنة على الرغم من أنّه مكلّف بالحجّ في تلك السنة؟

والجواب: أنّ هذه الإجارة لاتسوغ إذا كان الشخص المكلّف بالحجّ عالماً بأنّه مكلّف وملتفتاً إلى ذلك.

وقد تسأل: إذا وقعت هذه الإجارة فعلاً، وأدّى الأجير الحجّ نيابة، فهل يستحقّ شيئاً على المستأجر؟

والجواب: أنّ الإجارة ـ على تقدير عصيانه للأمر الفوريّ عليه بالحجّ عن نفسه ـ صحيحة، فيستحقّ الاُجرة المسمّاة.

201 ـ والأحوط في الرجل الحيّ الذي وجبت عليه الاستنابة أن يُنيب عن نفسه رجلاً صرورة لامال له، ولايجب في نيابة الحجّ عن الرجل في غير هذا الفرض أن يكون النائب رجلاً، ولافي نيابة الحجّ عن المرأة أن تنوب المرأة، كما لايجب أن يكون النائب صرورة.

202 ـ ولابأس بنيابة شخص واحد عن جماعة في الحجّ

171

المستحبّ، ولايجوز ذلك في الحجّ الواجب، فإذا كان الحجّ واجباً على كلّ من الشخصين أو الأشخاص، احتاج كلّ منهم إلى نائب مستقلّ.

ويسوغ لجماعة أن ينوبوا في عام واحد عن شخص واحد، فيحجّ كلّ واحد منهم نيابة عنه، سواء اختلف قصد بعضهم عن بعض، كما إذا قصد أحدهم النيابة في حجّ مستحبّ، وقصد الآخر النيابة في حجّ واجب، أو قصدوا جميعاً حجّاً واحداً، كما إذا قصدوا جميعاً النيابة في حجّة الإسلام احتياطاً على أساس أنّ كلّ واحد منهم يحتمل أنّ عمل الآخرين ناقص.

203 ـ إذا كان على الميّت حجّ واجب، واستؤجر شخص لأدائه، فلاتبرأ ذمّة الميّت بمجرّد ذلك، وإنّما ترتبط براءة ذمّته بأداء الأجير للحجّ على الوجه الصحيح، وكذلك الحال في الحيّ الذي وجب عليه أن يستنيب شخصاً ليحجّ عنه. وعلى هذا الأساس لابدّ أن يكون الأجير مأموناً على أداء الحجّ والتعرّف على واجباته، وجديراً بالثقة والاعتماد، وإن كان عادلاً إضافة على وثاقته ومعرفته فهو أحسن وأفضل.