186

فكأنّه فرض مفروغاً عنه، ولذا وقع الاحتياج إلى شهادة النساء، فلا إطلاق للحديث في أصل حقّ الفسخ فلعلّه مخصوص بفرض التدليس.

وتشبه هذه الصحيحة صحيحة داود بن سرحان عن أبي عبدالله(علیه السلام)في حديث قال: «وإن كان بها _ يعني المرأة _ زمانة لا تراها الرجال أُجيزت شهادة النساء عليها»(1).

وفرق هذه الصحيحة عن الصحيحة الأُولى أنّه لو تمّ إطلاقها فهو في دائرة أضيق من إطلاق الصحيحة الأُولى، فإنّ الزمانة أخصّ من مطلق العيب، وقد فسّرت الزمانة تارة بمعنى المرض المزمن، وأُخرى بمعنى العاهة، وثالثة بمعنى نقص العضو. وعلى أيّ حال فالنقاش في إطلاق هذا الحديث كالنقاش في إطلاق الحديث السابق.

وقد تبيّن بكلّ هذا العرض أنّ أقوى ما يمكن أن يذكر كدليل على ثبوت حقّ الفسخ في كلّ عيب وعلى الإطلاق هو التمسّك بقاعدة لا ضرر في خصوص طرف المرأة، أي: أنّ من حقّ المرأة فسخ عقد النكاح بكلّ عيب في الرجل، لأنّه اتّضح أنّ روايات الحصر التي تقيّد إطلاق قاعدة لا ضرر إنّما وردت في عيوب المرأة دون الرجل، والتعدّي إلى فسخ الرجل في عيوب المرأة غير ممكن، لأنّ احتمال الفرق وارد ولو بلحاظ أنّ الرجل له حقّ الطلاق على أيّ حال.

فإن أفتينا بذلك _ أعني: أنّ للمرأة فسخ النكاح بأيّ عيب من العيوب في الزوج _ لم يبق موضوع في مسألة الفسخ بالعيوب للإشكال _ الذي يورد كثيراً في عدد من المسائل _ من قِبل أعداء الإسلام على الإسلام من هضمه لحقّ المرأة.

وإن لم نفت بذلك وقلنا: إنّ الحصر ثابت في طرف الرجل والمرأة لإطلاق قوله: «إنّما يردّ النكاح...» مثلاً، فعندئذٍ نقول: إنّ العيوب التي يمكن تواجدها في الرجال

 


(1) المصدر السابق، ح1.

187

وفي النساء معاً، كلّما ثبت حقّ الفسخ فيه للرجل بنصّ خاص تعدّينا منه إلى المرأة بعدم احتمال الفرق عرفاً أو بالأولويّة، أمّا العيب الخاص بالمرأة الموجب للفسخ كالقرن فيقابله العيب الخاص بالرجل الموجب للفسخ كالعنن.

فالخلاصة: أنّه لا مجال في بحث الفسخ لما يُطعن به الإسلام من قِبل أعدائه في جملة من المسائل، كالحجاب أو الطلاق أو تعدّد الزوجات أو الإرث من هضمه لحقّ المرأة، على أنّ لنا في كلّ مسألة من تلك المسائل جواباً على ذلك الإشكال يخصّها، ولنا بحث مختصر حول مجموعة هذه الإشكالات تعرّضنا له بمناسبة مّا في بحث القضاء.

هذا تمام ما أردنا إيراده بمقتضى قاعدة عامّة عن العيوب الفاسخة بلحاظ ما كانت سابقة على العقد أو مقارنة له.

أمّا لو طرأت بعد العقد فلا مجال للتمسّك لإثبات حقّ الفسخ لا بروايات التدليس ولا بقاعدة لا ضرر:

أمّا الأوّل فلأنّ روايات التدليس واردة في العيوب الموجودة قبل العقد ولأنّه لا تدليس في العيوب الطارئة.

نعم، لو كانت العيوب في الباطن اكتشفها الطبيب مثلاً، ومع ذلك أُخفيت على الطرف المقابل ثم برزت بعد العقد، فهذا في الحقيقة داخل في البحث السابق أي: بحث عيوب ما قبل العقد.

وأمّا الثاني فلأنّ قاعدة لا ضرر لو أُريد تطبيقها بلحاظ ثبوت حقّ الفسخ عقلائياً فيكون سلبه ضرراً، فمن الواضح أنّ حقّ الفسخ غير ثابت عقلائياً في العيوب الطارئة بعد العقد، ولو أُريد تطبيقها بلحاظ الضرر الخارجي باعتبار استناده إلى العقد أو لزومه فمن الواضح أنّ الضرر الخارجي بلحاظ عيب ما بعد العقد لا يسند عرفاً إلى العقد أو لزومه، ولو أُريد تطبيقها بلحاظ الضرر الغرضي المعاملي بدعوى أنّ من الأغراض العامّة للمتعاقدين بعقد النكاح الحصول على

188

زوج سليم، فمن الواضح أنّ المتعاقدين يلحظون في أغراضهم الملحوظة في العقد السلامة في وقت العقد، ولا أحد يعلم الغيب حتّى يلحظ في أغراضه العقدية سلامة زوجه المستقبلي.

هذا تمام كلامنا في العيوب الفاسخة بقطع النظر عن النصوص الخاصّة.

العيوب الفاسخة المنصوصة في الرجال

والآن نبدأ إن شاء الله ببحث العيوب الفاسخة المنصوصة واحداً تلو الآخر:

وقد ذكروا في عيوب الرجال عيوباً أربعة ثم بحثوا بعض عيوب أُخرى:

الجنون

العيب الأوّل: الجنون. والروايات الخاصّة بجنون الرجل كلّها واردة في الجنون الطارئ بعد العقد وهي:

1_ رواية عليّ بن أبي حمزة _ ولم تثبت وثاقته عندنا _ قال: «سئل أبو إبراهيم(علیه السلام)عن امرأة يكون لها زوج قد أُصيب في عقله بعد ما تزوّجها أو عرض له جنون، قال: لها أن تنزع نفسها منه إن شاءت»(1).

2_ والشيخ الصدوق(رحمه الله) بعد أن ذكر هذا الحديث(2) قال: وفي خبر آخر: «أنّه إذا بلغ به الجنون مبلغاً لا يعرف أوقات الصلاة فرق بينهما، فإن عرف أوقات الصلاة فلتصبر المرأة فقد بُليت»(3).

3_ الفقه الرضوي: «إذا تزوّج رجل فأصابه بعد ذلك جنون، فيبلغ به مبلغاً حتّى لا يعرف أوقات الصلاة فرق بينهما، وإن عرف أوقات الصلاة فلتصبر المرأة

 


(1) وسائل الشيعة، ج21، ص225، الباب12 من أبواب العيوب والتدليس، ح1.

(2) من لا یحضره الفقيه، ج3، ص522، باب الشقاق من أبواب القضايا والأحكام، ح4818.

(3) المصدر السابق، ح4819.

189

معه فقد بُليت»(1). ووجه الاستدلال بهذه الروايات بالقياس إلى ما قبل العقد، التعدّي العرفي بالأولويّة ممّا بعد العقد إلى ما قبله.

والأولى الاستدلال بصحيحة الحلبي الماضية، والتي كان المتيقّن منها جنون المرأة، وذلك إمّا بدعوى الإطلاق لعيب الرجل _ وقد عرفت النقاش فيه _ أو بدعوى التعدّي العرفي أو التعدّي بالأولويّة العرفية إلى الرجل.

أمّا لو غضضنا النظر عن هذه الصحيحة، فتلك الروايات كلّها لا تخلو من ضعف في السند حتّى مرسلة الصدوق ولو عند من يقول بحجّية مراسيل الصدوق؛ فإنّ من يقول بحجّية مراسيل الصدوق يقصد بذلك حجّية نسبة الصدوق لحديث إلى الإمام بمثل قوله: قال الصادق(علیه السلام)بدعوى لزوم تصديقه في هذه النسبة كخبر من الأخبار صدر من الصدوق وهو ثقة، وأمّا في المقام فلم يكن تعبيره هكذا، بل قال: وفي خبر آخر....

ثم إنّ التفصيل بين ما لو عقل أوقات الصلاة أو لم يعقل إنّما ورد في جنون ما بعد العقد ولم يرد في جنون ما قبل العقد عدا ما قد يتخيّل من الإطلاق في مرسلة الصدوق، إلّا أنّ هذا الإطلاق ليس في محلّه؛ لأنّ الصدوق ذكر هذا الحديث في ذيل الحديث الأوّل بعنوان: وفي خبر آخر «أنّه إذا بلغ...» فيحتمل فيه كون هذا تكملة _ في خبر آخر _ لحكم نفس الرجل الذي فرض طروء الجنون عليه بعد العقد، ولعلّه إشارة إلى ما مضى من الفقه الرضوي.

وعلى أيّ حال فلو آمنّا بحجّية الروايات المفصّلة بين ما لو عقل أوقات الصلاة وما لو لم يعقلها، فهل نتعدّى في هذا التفصيل إلى جنون ما قبل العقد أو يختصّ بجنون ما بعد العقد؟

الظاهر أنّنا لو لم نؤمن بدليل آخر لإثبات حقّ الفسخ في جنون ما قبل العقد،

 


(1) مستدرك الوسائل، ج15، ص53، الباب11 من أبواب العیوب والتدلیس، الحدیث الوحید في الباب.

190

كما لو ناقشنا في إطلاق صحيحة الحلبي وفي التعدّي من جنون المرأة إلى جنون الرجل، ولم نقبل بصحّة التمسّك في المقام بقاعدة لا ضرر، وانحصر الدليل في الروايات الواردة في الجنون المتأخّر عن العقد، اتّجه التعدّي في التفصيل إلى جنون ما قبل العقد؛ لأنّ أصل الدليل على فاسخية جنون ما قبل العقد، إنّما كان هو التعدّي من فاسخيّة جنون ما بعد العقد. وبما أنّ المتعدّى منه حكم خاص بالجنون البالغ مرتبة لا يعقل معها أوقات الصلاة، فلا يمكن إثبات أكثر من ذلك في المتعدّى إليه أي: الجنون قبل العقد.

فإن قلت: إنّ خبر علي بن أبي حمزة دلّ بدلالته المطابقية على كون الجنون بعد العقد في الرجل موجباً لحقّ الفسخ، وبالأولويّة العرفية على كون الجنون فيه قبل العقد أيضاً موجباً لحقّ الفسخ، ومرسلة الصدوق قيّدت المطابقيّة من خبر علي ابن أبي حمزة بالجنون الواصل إلى مستوى عدم تعقّل أوقات الصلاة، فسقط إطلاق المطابقية من خبر علي بن أبي حمزة عن الحجّية بلحاظ جنون ما بعد العقد في مرتبة يعقل معها أوقات الصلاة، ولكن لا يسقط بها إطلاق الالتزامية لذلك الخبر في جنون ما قبل العقد، لأنّ الالتزامية إنّما تتبع المطابقية في أصل تكوّن الظهور لا في الحجّية.

قلت: إنّ الكاشف عن إطلاق الالتزامية كان هو إطلاق المطابقية، فإذا انتقص إطلاق المطابقية عن مستوى الحجّية لم تبق لنا حجّة كاشفة عن إطلاق الالتزامية.

نعم لو كان عدم حجّية المطابقية لا لاكتشاف نقص فيها، بل لكون المطابقية في أُصول الدين الذي لابدّ فيها من اليقين ولا يكفي فيها الدليل الظنّي مثلاً، في حين أنّ الالتزامية كانت في الأحكام التي يكفي فيها الظنّ الخاص مثلاً، صحّ القول هنا بأنّ الالتزامية لا تتبع المطابقية في الحجّية. ولكنّ الأمر ليس كذلك في المقام.

191

هذا كلّه لو لم نؤمن بدليل آخر لإثبات حقّ الفسخ في الجنون السابق على العقد غير روايات الجنون اللاحق عليه.

ولكنّنا لمّا آمنّا بدليل آخر لفاسخية الجنون السابق على العقد من صحيحة الحلبي، أو دليل لا ضرر، فالمتّجه هو القول بأنّ الجنون السابق على العقد يورث حقّ الفسخ للمرأة حتّى لو كان يعقل أوقات الصلاة؛ لأنّ الدليل مطلق ولا يمكننا التعدّي في التقييد والتفصيل من جنون ما بعد العقد إلى جنون ما قبله، لاحتمال أشدّية حكم الجنون السابق في إيراث حكم الفسخ من الجنون اللاحق، فلعلّ أمرها بالصبر (فقد بُليت كما ورد في النصّ الماضي) مخصوص بمورد النصّ وهو جنون ما بعد العقد.

ثم إنّ الأصحاب لم يفرّقوا في حقّ الفسخ بين الجنون المطبق والجنون الأدواري، وهذا هو مقتضى إطلاق الروايات، ولو احتملنا انصرافه إلى المطبق لأنّه المجنون المطلق أمكن التمسّك لإثبات حقّ الفسخ في الأدواري بقاعدة لا ضرر.

كما أنّ الظاهر عدم الفرق بين النكاح الدائم والمنقطع، فلو شككنا في إطلاق الروايات واحتملنا انصرافها إلى الدائم أمكن التمسّك في المنقطع بلا ضرر.

العنن

العيب الثاني: العنن. ولا شكّ في كونه موجباً لحقّ الفسخ؛ لتظافر النصوص به من دون فرق بين أن يكون قبل العقد أو يتجدّد بعد العقد، بل لعلّ مورد بعض الروايات هو المتجدّد بعد العقد كصحيحة أبي بصير المرادي قال: «سألت أبا عبدالله(علیه السلام)عن امرأة ابتلي زوجها فلا يقدر على جماع، أتفارقه؟ قال: نعم إن شاءت»(1). وأصرح منها في المتجدّد بعد العقد موثّقة عمار بن موسى، عن أبي عبدالله(علیه السلام)، «أنّه سئل عن رجل أُخذ عن امرأته فلا يقدر على إتيانها، فقال: إذا لم يقدر على إتيان غيرها من

 


(1) وسائل الشيعة، ج21، ص229، الباب14 من أبواب العيوب والتدليس، ح1.

192

النساء فلا يمسكها إلّا برضاها بذلك، وإن كان يقدر على غيرها فلا بأس بإمساكها»(1).

فإن كان العنن سابقاً على العقد فلا إشكال في الخيار؛ إمّا للتعدّي العرفي من مورد مثل تلك الروايات من المتجدّد بعد العقد إلى ما كان من قبل العقد بالأولويّة، وإمّا لإطلاق بعض الروايات الأُخرى من قبيل صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر(علیه السلام)قال: «العنّين يتربّص به سنة، ثم إن شاءت إمرأته تزوّجت، وإن شاءت أقامت»(2).

بل بعض الروايات واردة في خصوص ما قبل العقد، إلّا أنّها ضعيفة سنداً كرواية علي بن جعفر الضعيفة بعبدالله بن الحسن، عن موسى بن جعفر(علیه السلام)قال: «سألته عن عنّين دلّس نفسه لامرأة، ما حاله؟ قال: عليه المهر، ويفرّق بينهما إذا علم أنّه لا يأتي النساء»(3).

بل لا نحتاج بالنسبة لما قبل العقد إلى نصّ خاص لكفاية لا ضرر والتدليس. أمّا الأوّل فواضح، وأمّا الثاني فلأنّ العنن باعتباره في ذاته عيباً مخفيّاً، يكون مجرّد السكوت عنه _ مع كون الأصل الأوّلي عند الناس هو السلامة _ تدليساً.

أمّا بعد العقد فلا تجري لا قاعدة التدليس ولا قاعدة لا ضرر، فإنّ التدليس لا يصدق في فرض تجدّد العنن كما هو واضح، ولا ضرر لا تجري فى العيب المتجدّد بعد العقد كما لا تجري في البيع لو تجدّد عيب في المبيع بعد تمامية البيع، فالدليل في خيار الفسخ في العنن المتجدّد ينحصر في النصّ وقد عرفت ثبوته.

 


(1) وسائل الشيعة، ج21، ص230، الباب14 من أبواب العيوب والتدليس، ح3.

(2) المصدر السابق، ص231، ح5.

(3) المصدر السابق، ص232، ح13.

193

وأصل المسألة واضحة لا غبار عليه، إلّا أنّه يقع الكلام في عدّة أمور:

الأوّل: لو تجدّد العنن بعد العقد والدخول فهل لها خيار الفسخ؟

مقتضى موثّقة إسحاق بن عمّار عدم الخيار، حيث روى عن جعفر عن أبيه(علیهما السلام): أنّ عليّاً(علیه السلام)كان يقول: «إذا تزوّج الرجل امرأة فوقع عليها ثم أعرض عنها فليس لها الخيار، لتصبر فقد ابتليت، وليس لأُمّهات الأولاد ولا الإماء ما لم يمسّها من الدهر إلّا مرّة واحدة خيار»(1).

وتؤيّدها رواية عبّاد أو غياث الضبّي، وهي ضعيفة السند بنفس عبّاد أو غياث، عن أبي عبدالله(علیه السلام)قال «في العنّين: إذا علم أنّه عنّين لا يأتي النساء فرّق بينهما، وإذا وقع عليها وقعة واحدة لم يفرّق بينهما، والرجل لا يردّ من عيب»(2).

وكذلك رواية السكوني الضعيفة بالنوفلي عن أبي عبدالله(علیه السلام)قال: قال أمير المؤمنين(علیه السلام): «من أتى امرأة مرّة واحدة ثم أُخذ عنها فلا خيار لها»(3).

إلّا أنّ الكلام يقع في أنّ إطلاق صحيحة أبي بصير المرادي الماضية، وكذلك موثّقة عمّار بن موسى الماضية، هل تقبل التقييد بعنن ما قبل الدخول أو لا؟

وتوضيح الكلام في ذلك: أنّ الصحيحة والموثّقة ظاهرتان في العنن العارض بعد العقد، والغالب في العنن العارض بعد العقد هو أن يكون بعد الدخول أيضاً؛ لأنّ فرصة ما بين العقد والدخول قليلة، فحملهما على عروض العنن بعد العقد وقبل الدخول حمل على فرد نادر، فهما آبيتان عن هذا التقييد.

إلّا أن يقال: إنّ الندرة غير واصلة إلى حدّ استهجان حمل المطلق عليه، نعم لا شكّ

 


(1) المصدر السابق، ص232، ح8.

(2) المصدر السابق، ص230، ح2.

(3) المصدر السابق، ح4.

194

أنّ إخراج عنن ما بعد الدخول استثناء للأكثر. ولكن قالوا في علم الأصول: إنّ استثناء الأكثر القبيح ليس بمعنى قبح استثناء أكثر الأفراد، فلو كان استثناء أكثر الأفراد بعنوان واحد كما في المقام وهو عنوان ما بعد الدخول لم يكن قبيحاً، وإنّما يقبح استثناء الأكثر بعناوين متكثّرة.

ولو شككنا فمقتضى أصالة اللزوم في العيب الطارئ بعد العقد عدم الفسخ، خرجنا منه يقيناً في العنن قبل الدخول، وبقي العنن بعد الدخول تحت أصالة اللزوم.

إلّا إذا قلنا بالتخيير في الخبرين المتعارضين، وقلنا بأنّ إطلاق الصحيحة والموثّقة آب عن هكذا تخصيص، فيقع التعارض بينهما وبين روايات نفي الخيار بعد الوقوع عليها مرّة واحدة، فبإمكاننا الأخذ بإطلاق الصحيحة والموثّقة.

وقد يقول قائل: إنّ مقتضى إطلاق صحيحة أبي بصير المرادي وموثّقة عمّار بن موسى الساباطي، أنّه متى ما عرض على الزوج العنن ولو بعد الدخول كان للزوجة خيار الفسخ، إلّا أنّه لابدّ لها _ بحكم ما سيأتي من الروايات _ من الصبر سنة بأمل العلاج أو الشفاء، فإن وقع عليها ولو مرّة واحدة سقط خيارها ولكن لا إلى الأخير، بل إلى سنة أي: أنّه لو رجع عليه مرّة أُخرى العجز عن الدخول رافعته مرّة أُخرى وأمهلته سنة.

والدليل على ذلك ذيل ما مضى من موثّقة إسحاق بن عمّار عن جعفر عن أبيه(علیهما السلام): أنّ عليّاً(علیه السلام)كان يقول: «إذا تزوّج الرجل امرأة فوقع عليها ثم أعرض عنها فليس لها الخيار، لتصبر فقد ابتليت، وليس لأُمّهات الأولاد ولا الإماء ما لم يمسّها من الدهر إلّا مرّة واحدة خيار». فإنّ المقصود بصدر الحديث لو كان سقوط الخيار إلى الأخير بوقعة واحدة عليها في الدهر، لم يبق فرق بين الأحرار من ناحية وأُمّهات الأولاد والإماء من ناحية أُخرى، حيث أنّ الذيل صريح في أنّ أُمّهات الأولاد والإماء لا خيار لهنّ لو تزوّجن ولم يمسّهن الزوج من الدهر إلّا مرّة واحدة، والتفصيل قاطع للشركة.

195

فإن وافقنا على هكذا جمع انتفت مشكلة لزوم تخصيص صحيحة المرادي وموثّقة عمار الساباطي بالفرد النادر. نعم، لعلّه يصعب تقييد رواية السكوني ورواية عبّاد أو غياث الضبّي اللّتين مضى ذكرهما بعد موثّقة إسحاق بن عمّار، بكون مدّة سقوط الخيار سنة لا تمام الدهر، لكنّهما ضعيفتان سنداً.

الثاني: مقتضى الإطلاقات وإن كان ثبوت الخيار فوراً بمجرّد حصول العنن، إلّا أنّ هناك روايات تصرّح بالإمهال سنة، كصحيحة أبي حمزة قال: سمعت أبا جعفر(علیه السلام)يقول: «إذا تزوّج الرجل المرأة الثيّب التي تزوّجت زوجاً غيره فزعمت أنّه لم يقربها منذ دخل بها فإنّ القول في ذلك قول الرجل، وعليه أن يحلف بالله لقد جامعها؛ لأنّها المدّعية، قال: فإن تزوّجت وهي بكر فزعمت أنّه لم يصل إليها فإنّ مثل هذا تعرف النساء فلينظر إليها من يوثق به منهنّ فإذا ذكرت أنّها عذراء فعلى الإمام أن يؤجّله سنة فإن وصل إليها وإلّا فرّق بينهما، وأُعطيت نصف الصداق، ولا عدّة عليها»(1).

ومعتبرة الحسين بن علوان، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي(علیهم السلام): «أنّه كان يقضي في العنّين أنّه يؤجّل سنة من يوم ترافعه المرأة»(2). وصحيحة محمد بن مسلم، عن أبي جعفر(علیه السلام)قال: «العنّين يتربّص به سنة، ثم إن شاءت امرأته تزوّجت وإن شاءت أقامت»(3). ونحوها مقطوعة أبي الصباح(4)، ورواية أبي البختري(5) الضعيفتان سنداً. ومقتضى الجمع العرفي تقييد المطلقات بهذه المقيّدات.

الثالث: المطلقات وإن اقتضت حقّ الفسخ من دون مراجعة القاضي، لكن

 


(1) وسائل الشيعة، ج21، ص233، الباب15 من أبواب العيوب والتدليس، ح1.

(2) المصدر السابق، ص232، ح12.

(3) المصدر السابق، ص231، ح5.

(4) المصدر السابق، ح7.

(5) المصدر السابق، ص232، ح9.

196

صحيحة أبي حمزة، ومعتبرة الحسين بن علوان الماضيتان قيّدتا المسألة بمرافعة المرأة، وظاهرهما التفريق من قبل القاضي، وكذلك ما أشرنا إليه من رواية أبي البختري الضعيفة سنداً، ولعلّه أيضاً ظاهر كلمة «يفرّق بينهما» في رواية علي بن جعفر الضعيفة بعبدالله بن الحسن الماضي ذكرها سابقاً، وكذلك رواية الضبّي الماضية الضعيفة بنفس الضبّي.

وقد تقول: إنّ التعبير بـ «إن شاءت فارقت» آبٍ عن التقييد بضرورة تفريق القاضي وعدم جواز الفسخ من قبلها مباشرة، وهذا التعبير أو نحوه وارد في ما مضى ذكره من صحيحة المرادي: «أتفارقه؟ قال: نعم إن شاءت». وصحيحة محمد بن مسلم: «ثم إن شاءت امرأته تزوّجت وإن شاءت أقامت». وكذلك ورد في رواية أبي الصباح الكناني الضعيفة بمحمد بن الفضيل: قال: «سألت أبا عبدالله(علیه السلام)عن امرأة ابتلي زوجها فلا يقدر على الجماع أبداً أتفارقه؟ قال: نعم إن شاءت»(1).

ولكن لا يبعد أن يكون ربط المطلب بمشيئتها سلباً وإيجاباً بسبب أنّها إن شاءت الفراق وجب على القاضي بعد نهاية السنة التفريق بينهما، وإن لم تشأ الفراق لم يجز للقاضي التفريق بينهما. ولو صعب تقييد موثّقة عمّار حتّى بهذا الشكل حيث ورد فيها قوله: «إذا لم يقدر على إتيان غيرها من النساء فلا يمسكها إلّا برضاها بذلك فلا بأس بإمساكها»، أمكن القول بأنّ مراجعة القاضي إنّما هي للإشراف على مضي سنة من حين المرافعة وعدم حصول الدخول، وبعد ذلك لا يجوز له إمساكها إلّا برضاها سواءً فرّق القاضي بينهما أو لم يفرّق.

بل يمكن أن يقال: إنّ مراجعة القاضي إنّما هي في فرض المرافعة، أمّا لو اتّفقا بينهما بلا مرافعة على الصبر سنة بأمل الشفاء ثم العمل بخيار الفسخ، أو لم يكن

 


(1) وسائل الشيعة، ج21، ص231، الباب14 من أبواب العیوب والتدلیس، ح6.

197

عنده أصلاً أمل الشفاء ولم يدّع ذلك، أمكن الفسخ بلا مراجعة القاضي التي تكون عادة لدى المرافعة، وعلى تقدير المرافعة لابدّ أن يكون مبدأ السنة من حين المرافعة.

الرابع: قيّدت موثّقة عمّار الماضية الحكم بما إذا لم يقدر على إتيان غيرها من النساء، وقد يفهم هذا القيد أيضاً من رواية الضبّي «إذا علم أنّه عنّين لا يأتي النساء» ورواية علي بن جعفر: «إذا علم أنّه لا يأتي النساء» وكأنّ ذلك بنكتة أنّه لو قدر على إتيان غيرها من النساء لم يصدق العنن، ولو حصل العلم بالعنن من دون تجربة حاله مع نساء أُخريات لم تلزم التجربة مع الأُخريات، كما هو واضح.

الخامس: روايات العنن كلّها خالية عن وجوب إعطاء الزوج المهر للزوجة في فرض فسخها للعقد إلّا رواية علي بن جعفر الماضية، عن أخيه موسى بن جعفر(علیه السلام)قال: «سألته عن عنّين دلّس نفسه لامرأة، ما حاله؟ قال: عليه المهر ويفرّق بينهما إذا علم أنّه لا يأتي النساء». وهذه الرواية قد فرض فيها التدليس، فيحتمل اختصاص الحكم بفرض التدليس وعدم جريانه في العنن بلا تدليس كما لو كان العنن طارئاً بعد العقد، أو كان ثابتاً قبل العقد ولكن كان يعتقد أنّ المرأة مطّلعة على ذلك فلم يكن سكوته عنه تدليساً.

ومقتضى المناسبة أيضاً كون ضمان المهر كاملاً مجازاةً لتدليسه لا في مقابل مجرّد العيب الذي تخلّصت المرأة منه بالفسخ. وعلى أيّ حال فقد مضى أنّ هذا الحديث ضعيف سنداً بعبدالله بن الحسن.

ومعه يشكل إثبات ضمان المهر حتّى مع التدليس؛ لأنّ ضمان المهر لو فرض بالعقد فالمفروض أنّه مفسوخ فلا يحتمل هذا الضمان، ولو فرض بالدخول فالعنّين عاجز عن الدخول، ولو فرض بالتدليس فكونه موجباً لضمان المهر مشكوك، ومقتضى الأصل _ بعد ضعف الرواية _ عدمه، واستصحاب مالكية المرأة للمهر بعد الفسخ مشكل؛ لأنّه من استصحاب الكلّي القسم الثالث؛ لأنّ الفرد المقطوع حدوثه

198

هو الملكية بالعقد وقد زالت والفرد الآخر وهو الملكية بالتدليس مشكوك الحصول، وأسباب الملكية لعلّها تعتبر عرفاً مفرِّدة للملكية، فالملكية بالإرث مثلاً فرد من الملكية، والملكية بالشراء فرد آخر من الملكية.

وأمّا ضمان نصف المهر فبالإمكان إثباته بصحيحة أبي حمزة الماضية ذكرها في أوّل فرع الإمهال سنة.

الخصاء

العيب الثالث: الخصاء. ورد في صحيحة أو موثّقة بكير، عن أحدهما(علیهما السلام)، «في خصيّ دلّس نفسه لامرأة مسلمة فتزوّجها فقال: يفرّق بينهما إن شاءت المرأة، ويوجع رأسه، وإن رضيت به وأقامت معه لم يكن لها بعد رضاها به أن تأباه»(1).

وموثّقة سماعة عن أبي عبدالله(علیه السلام)، «أنّ خصيّاً دلّس نفسه لامرأة قال: يفرّق بينهما وتأخذ منه صداقها ويوجع ظهره كما دلّس نفسه»(2).

وصحيحة ابن مسكان قال: «بعثت بمسألة مع ابن أعين قلت: سله عن خصيّ دلّس نفسه لامرأة ودخل بها فوجدته خصيّاً، قال: يفرّق بينهما ويوجع ظهره ويكون لها المهر لدخوله عليها»(3).

وصحيحة علي بن جعفر في كتابه عن أخيه قال: «سألته عن خصيّ دلّس نفسه لامرأة (وفي بعض النسخ: خنثى بدل قوله: خصيّ) ما عليه؟ قال: يوجع ظهره ويفرّق بينهما وعليه المهر كاملاً إن دخل بها، وإن لم يدخل بها فعليه نصف المهر»(4).

 


(1) وسائل الشيعة، ج21، ص226، الباب14 من أبواب العيوب والتدلیس، ح1.

(2) المصدر السابق، ص227، ح2.

(3) المصدر السابق، ح3.

(4) المصدر السابق، ص228، ح5.

199

وصحيحة يونس: إنّ ابن مسكان كتب إلى أبي عبدالله(علیه السلام)مع إبراهيم بن ميمون يسأله عن خصيّ دلّس نفسه على امرأة، قال: «يفرّق بينهما ويوجع ظهره»(1).

إلّا أنّ الإشكال في الاستدلال بهذه الروايات هو أنّها جميعاً مقيّدة في موردها بالتدليس، فلا إطلاق لها لفرض الخصاء بدون تدليس، كما لو فرض أنّه كان يعتقد اطّلاع المرأة على حاله فلم تكن في نظره حاجة إلى إخبارها بذلك فلم يصدق التدليس، فإذاً ثبوت خيار العيب في ذلك وبقطع النظر عن التدليس مشكل.

بل في الجواهر(2) نقلاً عن الشيخ في المبسوط(3) والخلاف(4): «أنّه ليس بعيب، لأنّه يولج، بل ربّما كان أبلغ من الفحل؛ لعدم فتوره إلّا أنّه لا ينزل، وهو ليس بعيب، إنّما العيب عدم الوطئ».

وفي كشف اللثام: «ولعلّه تحمل الأخبار على من لا يتمكّن من الايلاج، وليس ببعيد»(5).

أقول: أمّا الحمل على عدم التمكّن من الايلاج فواضح البطلان؛ إذ _ مضافاً إلى عدم ملازمة _ ولو غالبية _ بين الخصاء وعدم التمكّن من الإيلاج فإطلاق الروايات محكّم _ نرى في الروايات ما هي صريحة في الإيلاج من قبيل: صحيحة ابن مسكان، وصحيحة علي بن جعفر بناءً على نسخة خصيّ دون نسخة خنثى، وكذلك تحمل موثّقة سماعة على فرض الإيلاج بقرينة فرض تمام الصداق عليه.

وأمّا إنكار كون ذلك عيباً للتمكّن من الإيلاج فالظاهر أنّه ليس عرفياً، وكلّ نقص

 


(1) المصدر السابق، ص229، ح7.

(2) جواهر الكلام، ج30، ص323

(3) المبسوط، ج4، ص250.

(4) الخلاف، ج4، ص 348.

(5) كشف اللثام، ج7، ص363.

200

في الخلقة يعتبر عيباً بشهادة العرف بذلك المؤيّدة بمرسلة السيّاري، قال: روي عن ابن أبي ليلى «أنّه قدّم إليه رجل خصماً له فقال: إنّ هذا باعني هذه الجارية، فلم أجد على ركبها حين كشفتها شعراً، وزعمت أنّه لم يكن لها قطّ. قال: فقال له ابن أبي ليلى: إنّ الناس يحتالون لهذا بالحيل حتّى يذهبوا به، فما الذي كرهت؟! قال: أيّها القاضي إن كان عيباً فاقض لي به، قال: اصبر حتّى أخرج إليك، فإنّي أجد أذى في بطني، ثم دخل وخرج من باب آخر، فأتى محمد بن مسلم الثقفي فقال له: أيّ شيء تروون عن أبي جعفر(علیه السلام)في المرأة لا يكون على ركبها شعر، أيكون ذلك عيباً؟ قال محمد بن مسلم: أمّا هذا نصّاً فلا أعرفه، ولكن حدّثني أبو جعفر(علیه السلام)عن أبيه، عن آبائه(علیهم السلام)، عن النبيّ(صلى الله عليه و آله) أنّه قال: كلّ ما كان في أصل الخلقة فزاد أو نقص فهو عيب، فقال له ابن أبي ليلى: حسبك، ثم رجع إلى القوم فقضى لهم بالعيب»(1).

بل عيب الخصاء أولى أن يعدّ عيباً من عيب عدم الشعر في الأمة، بلحاظ ما يؤدّي إليه من عدم النسل من ناحية ومن فقدان التذاذ المرأة من قذف الرجل الماء من ناحية أُخرى.

ومن هنا يبدو أنّ العقم أيضاً عيب وإن كان لا يؤدّي عرفاً إلى خيار العيب؛ لأنّ الطرفين غير متبانيين عادة على أصالة السلامة في مثل هذا العيب الذي لا ينكشف إلّا بالتجربة أو بالفحص الطبّي، ولو أرادا الاهتمام بذلك عرّضا أنفسهما للفحص الطبّي. نعم لو عرّض أحدهما نفسه للفحص الطبّي وتبيّن عقيماً، ثم كذب على الآخر بنفي العقم، دخل في خيار التدليس.

وعلى أيّ حال فرغم أنّنا نعترف في المقام بكون الخصاء عيباً، نستشكل في إطلاق روايات الباب للخصاء الذي لم يقترن بالتدليس؛ لأنّها جميعاً ناظرة إلى مورد التدليس.

 


(1) وسائل الشيعة، ج18، ص97، الباب الأول من أبواب أحكام العيوب، ح1.

201

نعم، لا بأس بالإفتاء بخيار الفسخ للمرأة بناءً على القاعدة التي نقّحناها في مستهلّ البحث من أصالة ثبوت حقّ الفسخ بمقتضى القاعدة على أساس لا ضرر. حيث لم يصفُ لنا حديث مقيّد لهذه القاعدة بالدلالة على حصر الفسخ في عيوب الرجل ببعض العيوب.

وهذا الكلام جار في جميع العيوب، إلّا عيباً لا يعتبر الصبر عليه ضرراً عرفاً كما في مثال عدم الشعر. فلو كان الزوج هو الذي لا شعر له في الموضع المخصوص _ على خلاف مورد رواية السيّاري الماضية في الأمة المشتراة _ ولم يعتبر ذلك عرفاً ضرراً على الزوجة لم يوجب ذلك الخيار.

نعم، في مورد شراء الأمة قد يثبت بعدم الشعر في الأمة الخيار، بسبب أنّ خيار العيب في باب البيع منصوص، فإن صحّ ذلك لا يمكن قياس باب النكاح بباب البيع.

ثم إنّ امتلاك نصف المهر من قبل الزوجة لو تمّ الفسخ قبل الدخول يكون على خلاف القاعدة، إلّا أنّه دلّت على ذلك رواية علي بن جعفر الماضية.

ولكنّ عيب هذه الرواية أنّها في نقل قرب الأسناد ضعيفة بعبدالله بن الحسن الذي لم يثبت توثيقه، وفي نقل كتاب علي بن جعفر تامّة سنداً ولكن النسخ مختلفة، ففي بعضها ورد «خصيّ»، وفي بعضها ورد «خنثى»، إلّا أن يدّعي أحد التعدّي العرفي إلى الخصيّ أو إلى كلّ عيب يوجب الفسخ من طرف المرأة.

ثم إنّ الموجوء وفاقد الانثيين خلقةً قد يلحقان بالخصيّ، بل قد يدّعى صدق الخصاء على هاتين الحالتين أيضاً، فإن لم تقبل هذه الدعوى فقد يدّعى تعدّي العرف من روايات الخصاء.

والمهمّ أنّ دليلنا على ثبوت الفسخ في الخصاء مطلقاً لم يكن الروايات؛ لاختصاصها بفرض التدليس، وإنّما الدليل المطلق كان هو لا ضرر، ولا يفرّق في لا ضرر بين الخصاء والوجاء وفقد الانثيين خلقة.

202

ثم إنّ الروايات وإن اختصّت بالخصاء الثابت قبل العقد، لكن قاعدة لا ضرر تشمل الخصاء المقارن بالعقد. أمّا الخصاء المتأخّر عن العقد فهو كالعيب المتأخّر في البيع عن العقد لا تشمله قاعدة لا ضرر، ولا يعتبر عرفاً ضرراً مستنداً إلى العقد.

الجبّ

العيب الرابع: الجبّ. وقد يستدلّ على الفسخ فيه:

تارة: بالفحوى العرفية لروايات العنن ببيان أنّ الفسخ في الجبّ أولى عرفاً؛ لأنّ العنن محتمل العلاج في المستقبل بخلاف الجبّ.

وأُخرى: بالفحوى العرفية لروايات الخصاء ببيان أنّ الفسخ في الجبّ أولى عرفاً؛ لأنّ الخصاء لا يمنع عن أصل الإيلاج في حين أنّه لا إيلاج مع الجبّ.

وثالثة: بدعوى الإطلاق في بعض روايات العنن من قبيل: صحيحة أبي بصير المرادي: قال: «سألت أبا عبدالله(علیه السلام)عن امرأة ابتلي زوجها فلا يقدر على جماع أتفارقه؟ قال: نعم إن شاءت»(1). ورواية أبي الصباح الكناني الضعيفة بمحمد بن الفضيل قال: «سألت أبا عبدالله(علیه السلام)عن امرأة ابتلي زوجها فلا يقدر على الجماع أبداً أتفارقه؟ قال: نعم إن شاءت»(2). هذا لو لم نقل: إنّ عنوان «ابتلي زوجها» ينصرف إلى العنن والعجز عن الجماع دون فقد العضو نهائياً. أمّا لو قلنا بهذا الانصراف فحال هاتين الروايتين حال بقيّة روايات العنن في إمكان التمسّك بفحواها للمقام.

ورابعة: بقاعدة لا ضرر.

وعلى أيّة حال فأصل الإفتاء بحقّ الفسخ في الجبّ شبه مسلّم بين الأصحاب.

ولكن وقع الكلام في بعض الفروع:


(1) وسائل الشيعة، ج21، ص229، الباب 14 من أبواب العيوب والتدليس، ح1.

(2) المصدر السابق، ص231، ح6.

203

الأوّل: لو حدث الجبّ بعد العقد وقبل الوطئ، أو بعده فهل يوجبُ ذلك الخيار أو لا؟

قد يقال: نعم يوجب الخيار وحتّى لو كان بعد الوطئ؛ وذلك تمسّكاً بإطلاق صحيحة المرادي ورواية الكناني، فإنّ التقييد بما قبل الوطئ بناءً على استظهار ذلك من بعض روايات العنن الماضية إنّما ورد في العنن، فيبقى الإطلاق في نوع آخر من عدم القدرة على الجماع وهو الجبّ على حاله.

إلّا أنّ هذا الوجه يتوقّف على تسليم الإطلاق في تلك الروايتين، أمّا لو قلنا أنّ دلالتهما إنّما هي بالفحوى بعد فرض انصراف منطوقهما إلى العنن فحالهما حال باقي روايات العنن، فبعد فرض خروج ما بعد الوطئ من المنطوق ولو بمقيَّد منفصل يسقط إطلاق مفهوم الموافقة عن الحجّية.

وبالإمكان إثبات جواز الفسخ في الجبّ حتّى بعد الوطئ ببيان آخر، وهو أن يكون المدرك للفسخ في الجبّ فحوى روايات العنن مع فرض اختيار احتمال طرحناه في ذلك البحث من ثبوت حقّ الفسخ في العنن حتّى لو كان بعد الوطئ، إلّا أنّ كلّ مرّة من الوطئ يعطي للزوج حقّ المهلة سنة بأمل العلاج، وبما أنّ أمل العلاج في فرض الجبّ غير موجود عادة، فهذا الاستثناء لا يبقى له موضوع، فيثبت حقّ الفسخ بمجرّد قطع العضو، إلّا أنّني لم أجد ولا فتوى واحدة صريحة بهذا الاحتمال.

فإن لم نقبل هذا الإحتمال ولا إطلاق الروايتين الماضيتين، وكان دليلنا على الخيار في الجبّ فحوى روايات العنن، فالنتيجة هي ثبوت الفسخ في ما إذا كان الجبّ قبل العقد أو بعده قبل الوطئ.

وإن لم نقبل أصل الفحوى فالدليل على الفسخ في الجبّ ينحصر بقاعدة لا ضرر، فيختصّ الفسخ بالجبّ الثابت قبل العقد أو المقارن للعقد؛ أمّا ما تحقّق بعد العقد فلا؛ لما أشرنا إليه سابقاً من أنّ لا ضرر لا يثبت خياراً في العيب المتجدّد بعد العقد.

204

الثاني: لو آمنّا بثبوت الخيار في الجبّ المتجدّد بعد العقد بأحد الوجوه السابقة، إلّا أنّ الجبّ لو تجدّد بعد العقد بقطع الزوجة نفسها عضو الرجل، فهل يتمّ لها الخيار أو لا؟

إن كان منشأ الخيار قاعدة لا ضرر _ لو آمنّا بإمكان الاستدلال بها في عيب ما بعد العقد _ فانتفاء الخيار هنا واضح، لأنّ الضرر من قبلها. وإن كان منشأ الخيار فحوى روايات العنن أو الخصاء بدعوى الأولويّة العرفية، فمن الواضح هنا أيضاً أنّه لا أولويّة عرفية ولا مساواة في فرض حدوث العيب بفعل نفس الزوجة، وأمّا إن كان منشأ الخيار إطلاق صحيحة المرادي ورواية الكناني فقد يتوهّم أحد أنّ الإطلاق محكّم في المقام، إلّا أنّ الإنصاف أنّ الإطلاق في الروايتين للجبّ لو تمّ في نفسه ينصرف بمناسبات الحكم والموضوع عمّا حصل بفعل نفس الزوجة.

الثالث: لو قطع منه العضو ولكن بقي منه ما يمكن الجماع معه، فإن كان الدليل على الفسخ فحوى روايات العنن والخصاء أو إطلاق صحيحة المرادي ورواية الكناني فمن الواضح أنّ هذه الأدلّة لا تسري إلى المقام. أمّا لو كان الدليل على الفسخ لا ضرر، وسلّمنا صدق الضرر عرفاً ولو بلحاظ أنّ هذا القطع الناقص يحقّق عيباً موجباً للنفرة، ثبت حقّ الفسخ في المقام.

الجذام والبرص و...

وقد يلحق البعض بالعيوب الماضية الجذام والبرص.

ويمكن إثبات ذلك: إمّا بدعوى إطلاق حديث الحلبي لعيوب الرجل خصوصاً وفق أحد نقلي الشيخ الطوسي(قدس سره): «إنّما يردّ النكاح من البرص والجذام والجنون والعفل»(1)، وقد مضى مفصّلاً النقاش في إطلاقه؛ وإمّا بدعوى التعدّي من عيوب المرأة إلى عيوب الرجل، وقد مضى بحث ذلك؛ وإمّا بقاعدة لا ضرر، وقد مضى أيضاً الحديث عن ذلك.

 


(1) وسائل الشيعة، ج21، ص210، الباب الأول من أبواب العيوب والتدليس، ح10.

205

والوجه الثاني _ وهو التعدّي من عيوب النساء إلى عيوب الرجال _ إن تمّ يأتي في العمى والعرج أيضاً.

والوجه الثالث _ وهو لا ضرر _ إن تمّ يأتي في كلّ عيب حتّى العيوب المستجدّة اليوم كالايدز مثلاً.

هذا تمام الكلام في عيوب الرجال.

عيوب النساء المجوّزة للفسخ

وأمّا الكلام في عيوب النساء فقد ذكروا في ذلك عيوباً سبعة: الجنون، والجذام، والبرص، والقرن، والإفضاء، والعمى، والعرج، وكلّ هذه واردة في النصوص من قبيل:

1_ صحيحة الحلبي عن أبي عبدالله(علیه السلام): «إنّما يردّ النكاح من البرص والجذام والجنون والعفل...»(1).

2_ ومعتبرة عبدالرحمن بن أبي عبدالله رواه الشيخ بسنده، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم، عن أبان، عن عبدالرحمن بن أبي عبدالله، عن أبي عبدالله(علیه السلام)في حديث قال: «وتردّ المرأة من العفل والبرص والجذام والجنون، فأمّا ما سوى ذلك فلا»(2). والقاسم في هذا السند هو الجوهري بقرينة رواية حسين بن سعيد عنه، وهو ثقة بدليل رواية بعض الثلاثة عنه.

3_ وصحيحة داود بن سرحان، عن أبي عبدالله(علیه السلام)«في الرجل يتزوّج المرأة فيؤتى بها عمياء، أو برصاء، أو عرجاء؟ قال: تردّ على وليّها ويكون لها المهر على وليّها»(3).

4_ وصحيحة الحلبي، عن أبي عبدالله(علیه السلام)في حديث أنّه قال «في رجل تزوّج

 


(1) المصدر السابق، ص213، الباب2 من أبواب العيوب والتدليس، ح5.

(2) المصدر السابق، ص210، الباب الأول من أبواب العيوب والتدليس، ح13.

(3) المصدر السابق، ص213، الباب2 من أبواب العيوب والتدليس، ح 6.

206

امرأة برصاء أو عمياء أو عرجاء، قال: تردّ على وليّها ويردّ على زوجها مهرها الذي زوّجها عليه، وإن كان بها ما لا يراه الرجال جازت شهادة النساء عليها»(1).

5_ ورواية محمد بن مسلم، قال: قال أبو جعفر(علیه السلام): «تردّ العمياء والبرصاء والجذماء والعرجاء»(2).

وقد رواه الصدوق(رحمه الله) بسنده، عن عبدالحميد، عن محمد بن مسلم. وعبدالحميد الذي يروي عنه الصدوق في الفقيه شخصان: الأزدي، وابن عوّاض. فإن كان مقصوده هنا ابن عوّاض فسند الصدوق إلى ابن عوّاض تام، وبهذا يتمّ سند الحديث. وإن كان مقصوده هو الأزدي فسنده إليه غير تام.

ولكن للحديث سند آخر موثق مع حذف الجذماء وهو سند الشيخ، عن الحسين ابن سعيد، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سماعة، عن عبدالحميد، عن محمد ابن مسلم، عن أبي جعفر(علیه السلام)قال: «تردّ البرصاء والعمياء والعرجاء»(3).

6_ وموثّقة غياث، عن جعفر، عن أبيه، عن علي(علیه السلام)«في رجل تزوّج امرأة فوجدها برصاء أو جذماء قال: إن كان لم يدخل بها ولم يتبيّن له فإن شاء طلّق وإن شاء أمسك، ولا صداق لها، وإذا دخل بها فهي امرأته»(4).

7_ وصحيحة أبي عبيدة، عن أبي جعفر(علیه السلام)«قال في رجل تزوّج امرأة من ولّيها فوجد بها عيباً بعد ما دخل بها، قال: فقال: إذا دلّست العفلاء والبرصاء والمجنونة والمفضاة ومن كان بها زمانة ظاهرة فإنّها تردّ على أهلها من غير طلاق، ويأخذ الزوج المهر من وليّها الذي كان دلّسها...»(5).

 


(1) وسائل الشيعة، ج21، ص216، الباب4 من أبواب العيوب والتدليس، ح2.

(2) المصدر السابق، ص209، الباب الأول من أبواب العيوب والتدليس، ح7.

(3) المصدر السابق، ص210، ح12.

(4) المصدر السابق، ص211، ح 14.

(5) المصدر السابق، ص211، الباب2 من أبواب العيوب والتدلیس، ح1.

207

إلّا أنّه بقي الكلام في أمور:

الأوّل: أنّنا لم نجد في الإفضاء نصّاً إلّا صحيحة أبي عبيدة الماضية، وهي خاصّة بفرض التدليس.

والثاني: أنّ القرن حتّى لو لم يكن مانعاً عن الجماع يوجب حقّ الفسخ بدليل صحيحة أبي الصباح، قال: «سألت أبا عبدالله(علیه السلام)عن رجل تزوّج امرأة فوجد بها قرناً إلى أن قال: قلت: فإن كان دخل بها؟ قال: إن كان علم بذلك قبل أن ينكحها _ يعني المجامعة _ ثم جامعها فقد رضي بها، وإن لم يعلم إلّا بعد ما جامعها فإن شاء بعد أمسك، وإن شاء طلّق»(1). وقد فُسِّر الطلاق هنا بالمعنى اللغوي؛ لوضوح أنّ حقّ الطلاق بالمعنى المصطلح ثابت للزوج دائماً. ونحوها في المضمون رواية الحسن بن صالح غير التامّة سنداً (2). وقد ورد فيها التعبير بالتسريح لا الطلاق.

ويمكن الاستشهاد أيضاً بإطلاق صحيحة عبدالرحمن بن أبي عبدالله، عن أبي عبدالله(علیه السلام)قال: «المرأة تردّ من أربعة أشياء: من البرص، والجذام، والجنون، والقرن وهو العفل، ما لم يقع عليها فإذا وقع عليها فلا»(3). فمقتضى إطلاق الاستثناء رجوعه إلى الأخير أيضاً وهو العفل أو القرن، والاستثناء محمول على فرض ما إذا انكشف له الحال قبل الوقوع عليها، كما هو واضح.

والثالث: ذكر البعض بدلاً عن العرج الإقعاد، وكأنّه حمل العرج على الإقعاد جمعاً بينه وبين التعبير بـ (الزمانة الظاهرة) الوارد في صحيحة أبي عبيدة الآنفة الذكر، وكذلك التعبير بـ (الزمانة) في ذيل صحيحة داود بن سرحان الماضية، ففي صدرها الماضي قد ورد التعبير بالعرجاء، ولكن في ذيلها ورد التعبير بالزمانة حيث

 


(1) المصدر السابق، ص214، الباب3 من أبواب العيوب والتدليس، ح1.

(2) المصدر السابق، ص215،ح3.

(3) المصدر السابق، ص207، الباب الأول من أبواب العيوب والتدليس، ح1.

208

قال(علیه السلام): «وإن كان بها يعني المرأة زمانة لا تراها الرجال أُجيزت شهادة النساء عليها»(1). بناءً على تفسير الزمانة أو الزمانة الظاهرة بالإقعاد، وحمل العرج على ذلك من باب حمل المطلق على المقيّد، وكلاهما فيه إشكال.

أمّا الأوّل فلأنّ الزمانة لم تفسّر في اللغة بمعنى الإقعاد، بل فسّرت بمعنى المرض المزمن أو العاهة أو نقص العضو. وأمّا الثاني فلأنّه حتّى لو فرض أنّ الزمانة بمعنى الإقعاد وأنّ النسبة بينه وبين العرج عموم وخصوص مطلق، فهذا ليس بابه باب حمل المطلق على المقيّد؛ لعدم التنافي بينهما.

والرابع: يلحق الرتق وهو الالتحام بالقرن بالأولويّة، أو بالتعليل الوارد في صحيحة أبي الصباح(2): ورواية الحسن بن صالح(3) قال: كلّ منهما مستقلّاً: «سألت أبا عبدالله(علیه السلام)عن رجل تزوّج امرأة فوجد بها قرناً، قال: هذه لا تحبل وينقبض زوجها من مجامعتها تردّ على أهلها». إلّا أنّ الثانية غير تامّة سنداً. أو برواية علي بن جعفر عن أخيه(علیه السلام)قال: «سألته عن امرأة دلّست نفسها لرجل وهي رتقاء؟ قال: يفرّق بينهما ولا مهر لها»(4) إلّا أنّ هذه الرواية مخصوصة بفرض التدليس، ومع ذلك فهي ضعيفة سنداً بعبدالله بن الحسن.

والخامس: وردت روايات في زنا أحد الطرفين، وقسم منها ناظر إلى ما بعد العقد وقبل الدخول، وفي بعضها الحكم بالتفريق بينهما، الظاهر في بطلان العقد، وفي بعضها عدم التفريق، والثاني وارد في طرف زنا الزوج فحسب، والأوّل وارد تارة في طرف الزوج وأُخرى فى طرف الزوجة(5).وكلّ هذا خارج عمّا نحن فيه وهو بحث خيار

 


(1) وسائل الشيعة، ج21، ص216، الباب4 من أبواب العيوب والتدليس، ح1.

(2) المصدر السابق، ص208، الباب الأول من أبواب العيوب والتدليس، ح4.

(3) المصدر السابق، ح3.

(4) المصدر السابق، ص214، الباب2 من أبواب العيوب والتدليس، ح8.

(5) راجع المصدر السابق، الباب 6 و17 من أبواب العيوب والتدليس.

209

الفسخ. ولكن وردت ثلاث روايات معتبرة في زنا المرأة قبل العقد تدل على حقّ الفسخ للزوج إن لم يكن يعلم بذلك، أُولاها تتضمّن سكوت وليّها تدليساً، والأُخريان خاليتان عن اعتبار التدليس صريحاً، ولكن ما فيهما من ذكر أخذ الصداق ممّن زوّجها لا يخلو من إشارة إلى ذلك:

الأُولى: صحيحة الحلبي عن أبي عبدالله(علیه السلام)قال: «سألته عن المرأة تلد من الزنى ولا يعلم بذلك أحد إلّا وليّها، أيصلح له أن يزوّجها ويسكت على ذلك إذا كان قد رأى منها توبة أو معروفاً؟ فقال: إن لم يذكر ذلك لزوجها ثم علم بعد ذلك فشاء أن يأخذ صداقها من وليّها بما دلّس عليه كان ذلك على وليّها، وكان الصداق الذي أخذت لها لا سبيل عليها فيه بما استحلّ من فرجها، وإن شاء زوجها أن يمسكها فلا بأس»(1).

والثانية: معتبرة عبدالرحمن بن أبي عبدالله قال: «سألت أبا عبدالله(علیه السلام)عن رجل تزوّج امرأة فعلم بعد ما تزوّجها أنّها كانت قد زنت؟ قال: إن شاء زوجها أخذ الصداق ممّن زوّجها، ولها الصداق بما استحلّ من فرجها، وإن شاء تركها»(2).

والثالثة: صحيحة معاوية بن وهب قال: «سألت أبا عبدالله(علیه السلام)عن رجل تزوّج امرأة فعلم بعد ما تزوّجها أنّها كانت زنت قال: إن شاء زوجها أن يأخذ الصداق من الذي زوّجها، ولها الصداق بما استحلّ من فرجها وإن شاء تركها»(3).

والمشهور لم يفتوا بالخيار لأجل الزنا، واحتمال كون هذه الروايات ناظرة إلى التدليس لا إلى كون مجرّد الزنا موجباً للخيار قويّ.(4)

 


(1) وسائل الشيعة، ج21، ص217، الباب6 من أبواب العيوب والتدليس، ح1.

(2) المصدر السابق، ص219، ح4.

(3) الكافي، ج 5، ص355، باب الزاني والزانية من كتاب النكاح، ح4.

(4) انتهی المؤلف من كتابة البحث يوم الخامس والعشرين من شهر رجب 1418 هـ.