المولفات

المؤلفات > دراسات فقهية

186

فكأنّه فرض مفروغاً عنه، ولذا وقع الاحتياج إلى شهادة النساء، فلا إطلاق للحديث في أصل حقّ الفسخ فلعلّه مخصوص بفرض التدليس.

وتشبه هذه الصحيحة صحيحة داود بن سرحان عن أبي عبدالله(علیه السلام)في حديث قال: «وإن كان بها _ يعني المرأة _ زمانة لا تراها الرجال أُجيزت شهادة النساء عليها»(1).

وفرق هذه الصحيحة عن الصحيحة الأُولى أنّه لو تمّ إطلاقها فهو في دائرة أضيق من إطلاق الصحيحة الأُولى، فإنّ الزمانة أخصّ من مطلق العيب، وقد فسّرت الزمانة تارة بمعنى المرض المزمن، وأُخرى بمعنى العاهة، وثالثة بمعنى نقص العضو. وعلى أيّ حال فالنقاش في إطلاق هذا الحديث كالنقاش في إطلاق الحديث السابق.

وقد تبيّن بكلّ هذا العرض أنّ أقوى ما يمكن أن يذكر كدليل على ثبوت حقّ الفسخ في كلّ عيب وعلى الإطلاق هو التمسّك بقاعدة لا ضرر في خصوص طرف المرأة، أي: أنّ من حقّ المرأة فسخ عقد النكاح بكلّ عيب في الرجل، لأنّه اتّضح أنّ روايات الحصر التي تقيّد إطلاق قاعدة لا ضرر إنّما وردت في عيوب المرأة دون الرجل، والتعدّي إلى فسخ الرجل في عيوب المرأة غير ممكن، لأنّ احتمال الفرق وارد ولو بلحاظ أنّ الرجل له حقّ الطلاق على أيّ حال.

فإن أفتينا بذلك _ أعني: أنّ للمرأة فسخ النكاح بأيّ عيب من العيوب في الزوج _ لم يبق موضوع في مسألة الفسخ بالعيوب للإشكال _ الذي يورد كثيراً في عدد من المسائل _ من قِبل أعداء الإسلام على الإسلام من هضمه لحقّ المرأة.

وإن لم نفت بذلك وقلنا: إنّ الحصر ثابت في طرف الرجل والمرأة لإطلاق قوله: «إنّما يردّ النكاح...» مثلاً، فعندئذٍ نقول: إنّ العيوب التي يمكن تواجدها في الرجال

 


(1) المصدر السابق، ح1.