617

الأحكام العامّة

3

الخلل

 

 

○   الحالات التي تبطل فيها الصلاة على أيّ حال.

○   الحالات التي لا تبطل فيها الصلاة.

 

 

619

قد يُخِلُّ المصلّي بشيء ممّا يجب عليه في صلاته: إمّا عن عمد والتفات، وإمّا عن غفلة ونسيان، وإمّا عن جهل بالحكم الشرعي. وقد استعرضنا في فصل الأجزاء والشروط العامّة بصورة متفرّقة عدداً كبيراً من هذه الحالات مع أحكامها من خلال عرض تلك الأجزاء والشرائط، ونزيد ذلك توضيحاً واستيعاباً فيما يلي. فنستعرض بصورة متتابعة مجموعةً من الحالات للخلل، ونذكر أحكامها، ثمّ نوضّح القواعد العامّة التي تقوم تلك الأحكام على أساسها.

(33) إذا أخلّ المصلّي بواجبه فترك شيئاً من أجزاء الصلاة أو شرائطها عامداً، أو عالماً بأنّه جزء أو شرط بطلت صلاته؛ لأنّها ناقصة.

(34) وإذا زاد في صلاته عامداً وملتفتاً إلى أنّ ذلك لا يجوز بطلت صلاته، كما تقدّم في الفقرة (156) من فصل الشروط والأجزاء العامّة.

وأمّا في غير حالة العامد الملتفت إذا أنقص أو أزاد فهناك حالات تبطل فيها الصلاة بالنقص أو الزيادة على أيّ حال، وهناك حالات لا تبطل فيها.

620

الحالات التي تبطل فيها الصلاة على أيّ حال

 

(35) أمّا الحالات التي تبطل فيها الصلاة على أيّ حال فهي كما يلي:

1 ـ إذا ترك تكبيرة الإحرام نسياناً أو جهلا ثمّ تفطّن في أثناء الصلاة أو بعدها.

2 ـ إذا ترك الركوع من ركعة حتّى سجد السجدة الثانية منها ثمّ تفطن في أثناء الصلاة أو بعدها.

3 ـ إذا ترك كلتا السجدتين من ركعة إلى أن ركع ركوع الركعة التي بعدها ثمّ تفطّن.

4 ـ إذا ترك القيام حال تكبيرة الإحرام فكبّر جالساً وهو ممّن يجب عليه القيام.

5 ـ إذا ترك القيام في الركوع فركع جالساً وهو ممّن يجب عليه القيام فيه.

6 ـ إذا ركع ناهضاً من حالة الجلوس، لا هاوياً من حالة القيام.

7 ـ إذا صلّى بدون ما يجب عليه من وضوء وغسل وتيمّم، أو صدر منه في أثناء الصلاة ما يوجب الوضوء أو الغسل.

8 ـ إذا صدرت منه تصرّفات أدّت إلى محوِ اسم الصلاة والذهاب بصورتها.

9 ـ إذا صلّى في النجاسة ـ التي لا تسوغ في الصلاة ـ نسياناً، أو جهلا بالحكم.

10 ـ إذا ركع في ركعة واحدة ركوعين.

11 ـ إذا سجد في ركعة واحدة أربع سجدات.

12 ـ إذا صلّى إلى غير القبلة جهلا منه بأنّ استقبال القبلة واجب فصلاته

621

باطلة.

13 ـ إذا كان عالماً بأنّ استقبال القبلة في الصلاة واجب؛ ولكن نسي هذا الوجوب فصلّى إلى غير القبلة نسياناً فصلاته باطلة.

14 ـ إذا صلّى والقبلة عن يمينه أو يساره أو خلفه وهو يعتقد بأنّها أمامه، واكتشف الحال قبل انتهاء الوقت فصلاته باطلة.

15 ـ إذا صلّى قبل الوقت المحدّد جهلا منه بالوقت، أو غفلةً، أو اعتقاداً بدخول الوقت المحدّد لها فإنّ الصلاة تقع باطلة، وكذلك إذا وقعت بداية الصلاة قبل الوقت، إلّا في حالة واحدة تقدمت في فصل أنواع الصلاة الفقرة (80).

622

الحالات التي لا تبطل فيها الصلاة

 

أمّا الحالات التي لا تبطل فيها الصلاة من الناسي أو الجاهل بالحكم الشرعي غير الملتفت إليه فهي ما سوى ذلك، وتنقسم إلى قسمين:

أحدهما: الحالات التي يجب فيها على المصلّي أن يتدارك ما صدر منه ويعود إلى ما نسيه، فيأتي به وما بعده ويواصل صلاته.

والآخر: الحالات التي لا يجب فيها على المصلّي التدارك والإتيان بما نسيه، بل يكتفي بصلاته الناقصة (نريد بالتدارك: الإتيان بما تركه وبما بعده من أعمال).

حالات التدارك:

(36) أمّا حالات التدارك فهي كما يلي:

إذا ترك شيئاً من فاتحة الكتاب أو السورة التي عقيبها وتفطّن قبل الركوع من تلك الركعة فإنّه يأتي بما تركه وما بعده ويواصل صلاته.

إذا ترك شيئاً ممّا يجب مِن قراءة أو تسبيحات في الركعة الثالثة أو الرابعة وتفطّن قبل الركوع من تلك الركعة فإنّه يأتي بما تركه وما بعده ويواصل صلاته.

إذا ترك الركوع وتفطّن قبل أن يسجد السجدة الثانية من تلك الركعة فإنّه يقوم واقفاً ثمّ يأتي بالركوع وما بعده ويواصل صلاته.

إذا ترك السجدتين من ركعة، أو السجدة الثانية منها فقط وتفطّن قبل أن يركع في الركعة اللاحقة رجع إلى السجود وأتى به وبما بعده وواصل صلاته.

623

إذا ترك التشهّد في الركعة الثانية ونهض قائماً وتفطّن قبل أن يركع رجع وأتى بالتشهّد وبما بعده وواصل صلاته.

إذا ترك سجدتين من الركعة الأخيرة أو التشهّد من تلك الركعة أو التسليم وتفطّن قبل أن يحدث ـ أي قبل أن يصدر منه ما يوجب الوضوء أو الغسل ـ أو تنمحي صورة الصلاة وتنقطع نهائياً تدارك وأتى بما تركه وما بعده.

حالات عدم التدارك:

(37) وأمّا حالات عدم وجوب التدارك على مَن ترك نسياناً، أو لعدم الالتفات إلى الحكم الشرعي فهي كما يلي:

إذا ترك القراءة (الفاتحة، أو السورة) أو أيّ جزء من ذلك، أو ما ينبغي أن يقال في الركعة الثالثة والرابعة (الفاتحة، أو التسبيحات) أو أيّ جزء من ذلك وتفطّن بعد أن ركع فلا يجب عليه التدارك، ويواصل صلاته.

إذا ترك الذكر في ركوع أو سجود وتفطّن بعد أن رفع رأسه وخرج عن حالة الراكع أو الساجد فلا يجب عليه التدارك، ويواصل صلاته.

إذا ترك السجدة الثانية من أيّ ركعة، أو التشهّد من الركعة الثانية، أو شيئاً من هذا التشهّد حتىّ ركع في الركعة اللاحقة فلا يجب عليه التدارك، ويواصل صلاته، ولكن عليه أن يقضي ما نسيه بعد الانتهاء من الصلاة على ما يأتي.

إذا ترك السجدة الثانية من الركعة الأخيرة، أو التشهّد منها، أو التسليم وتفطّن بعد أن مضت فترة طويلة وذهبت صورة الصلاة نهائياً فقد صحّت صلاته ومضت، ولكن عليه أن يقضي ما نسيه من السجدة أو التشهّد على ما يأتي.

وإذا ترك القيام حال القراءة فقرأ جالساً وتفطّن بعد أن أكمل القراءة

624

فلا يجب عليه أن يتدارك، بل يواصل صلاته (1).

توضيح مصطلحات:

(38) وكلّ واجب من واجبات الصلاة تبطل الصلاة بتركه ولو من الناسي أو الجاهل يسمّى ركناً.

وكلّ ركن فهو ممّا تبطل الصلاة بزيادته أيضاً من الناسي أو الجاهل، إلّا تكبيرة الإحرام فإنّ زيادتها من الناسي أو الجاهل غير مبطلة.

وكلّ واجب لا تبطل الصلاة بتركه إلّا في حالة العمد والالتفات إلى الحكم الشرعي يسمّى واجباً غير ركني.

وكلّ واجب من واجبات الصلاة مرتبط بجزء معيّن من أجزائها على نحو يجب ضمن ذلك الجزء فهو من واجبات الجزء، وليس من واجبات الصلاة مباشرةً، فالذكر في السجود من واجبات السجود، وأ مّا التشهّد فهو من واجبات الصلاة مباشرةً.

ومن أمثلة واجبات الجزء: الذكر في الركوع والقيام حال القراءة؛ فإنّه من واجبات القراءة، والطمأنينة في حالة الذكر فإنّها من واجبات الذكر، وكذلك الطمأنينة في حالة القراءة أو التشهّد أو التسليم.

ومن أمثلة ذلك: الجهر والإخفات في القراءة.

(39) وعلى هذا الأساس نستطيع أن نحدّد القاعدة لحالات وجوب


(1) وكذلك لو تفطّن في أثناء القراءة فالمقدار الذي فرغ منه من القراءة لا إعادة عليه ولكنّه يقوم لتتميم القراءة.
625

التدارك؛ لأنّ التدارك يجب كلّما أمكن، وهو ممكن دائماً؛ إلّا في حالات:

(40) الاُولى: أن يكون المصلّي قد أتى قبل أن يتفطّن إلى نسيانه أو جهله بركن فلا يتاح له حينئذ أن يتدارك؛ لأنّ التدارك ـ كما قلنا سابقاً ـ معناه أن يأتي بما تركه وما بعده، ولو صنع ذلك والحالة هذه لأدّى به إلى تكرار الإتيان بذلك الركن مرّةً ثانية، والزيادة في ذلك الركن مبطلة، ومن هنا يقول الفقهاء في مثل ذلك: إنّ محلّ التدارك قد فات.

(41) الثانية: أن يكون المتروك من واجبات الجزء وقد أتى المصلّي بذلك الجزء وفرغ منه، كما إذا نسي الذكر في سجدته الثانية ـ مثلا ـ حتّى رفع رأسه منها فلا يتاح له حينئذ أن يتدارك؛ لأنّه إن ذكر بدون سجود فلا قيمة له؛ لأنّ الواجب إنّما هو الذكر في السجود. وإن سجد مرّةً ثالثةً وذكر فلا قيمة له أيضاً؛ لأنّ الذكر من واجبات الجزء، والجزء إنّما هو السجدة الاُولى والثانية، دون الثالثة.

(42) الثالثة: أن يفرغ المصلّي من صلاته وتنمحي صورتها نهائياً، أو يفرغ من صلاته ويصدر منه ما يوجب الوضوء أو الغسل، ففي هذه الحالة لا يمكن التدارك أيضاً.

(43) وفي كلّ حالة لا يمكن فيها التدارك إن كان المتروك ركناً فالصلاة باطلة، وإن كان المتروك واجباً غير ركنيّ فالصلاة صحيحة؛ وعليه أن يواصلها.

وفي كلّ حالة يمكن فيها التدارك يجب التدارك؛ وتصحّ الصلاة بذلك، فإذا أهمل التدارك وواصل صلاته بطلت.

626

إذا شكّ في إمكان التدارك:

(44) هناك واجبات ليس من الواضح بصورة مؤكّدة هل أنّها واجبات الجزء، أو واجبات الصلاة بصورة مباشرة؟

ومن أمثلة ذلك: وضع المصلّي الكفّين والركبتين والإبهامين على ما يصلّي عليه عند السجود، فان كان هذا من واجبات السجود ترتّب على ذلك أنّه إذا سجد ولم يضع كفّه على مصلاّه سهواً وتفطّن بعد أن رفع رأسه لم يجب عليه التدارك، وإن كان هذا من واجبات الصلاة مباشرةً وجب عليه التدارك بأن يسجد من جديد بصورة متقنة، وما دام الأمر غير واضح فالأجدر بالمكلّف احتياطاً أن يواصل صلاته بدون تدارك ثمّ يعيدها.

قضاء الجزء المنسي:

(45) من ترك سهواً سجدةً واحدةً، أو ترك التشهّد كلّه أو بعضه وتفطّن حيث لا يمكنه التدارك واصل صلاته؛ وعليه أن يقضي ما نسيه من سجدة أو تشهّد(1) أو بعضه، ويشترط فيهما عند القضاء الطهارة، والاستقبال، والساتر، وسائر ما يشترط فيهما عند الأداء، أي عند إتيانهما في أثناء الصلاة. وكذلك نيّة البدل عمّا فات.

ولا يسوغ بحال أن يفصل بين قضاء السجدة والتشهّد من جهة وبين الصلاة من جهة ثانية بأيّ شيء يبطل الصلاة، ولا يُقضى أيّ جزء منسيّ غير السجدة والتشهّد.

 


(1) قضاء التشهّد الأوّل في صلاة مشتملة على تشهّدين مبني على الاحتياط.
627

سجود السهو:

(46) كلّما طرأ للمصلّي سهو ونسيان أدّى إلى بطلان صلاته فليس عليه إلّا إعادتها، وإذا كان من السهو والنسيان الذي لا يبطل الصلاة: فإن تفطّن المصلّي إلى ذلك. وتدارك فلا شيء عليه، وإن تفطّن حين لا يمكن التدارك وواصل صلاته صحّت صلاته ولا شيء عليه إضافةً إلى ذلك؛ إلّا في حالات معيّنة تجب فيها سجدتا السهو.

وفيما يلي نذكر تلك الحالات تحت عنوان موجبات سجود السهو، ثمّ نشرح كيفية هذا السجود، وأحكامه.

موجبات سجود السهو:

(47) تجب سجدتا السهو للأسباب التالية فقط:

الأول: أن يتكلّم المصلّي ساهياً عن صلاته، أو لتوهّم الفراغ منها.

الثاني: أن يأتي المصلّي بالتسليم في غير محلّه بسبب الغفلة والذهول، كما لو أتى به بعد التشهّد الأول في الصلاة الرباعية، التشهّد الأول: هو التشهّد الواقع عقيب الركعة الثانية منها.

الثالث: أن يشكّ ويتردّد في عدد الركعات بين الأربع والخمس والستّ، على ما يأتي في أحكام الشكّ الفقرة (70) و (74).

الرابع: أن ينسى السجدة(1) أو التشهّد كلاًّ أو بعضاً؛ فإنّه يقضي ما نسيه(2)


(1) الحكم بوجوب سجدتي السهو لنسيان السجدة حكم احتياطي.
(2) قضاء التشهّد الأوّل في صلاة مشتملة على تشهّدين حكم احتياطي.وإذا نسي السجدة الأخيرة أو التشهّد الأخير وتذكّر بعد السلام وقبل صدور مناف ينافي الصلاة

628

ويسجد بعد القضاء سجدتي السهو.

الخامس: أن يغفل عن جلوس واجب، كما إذا تفطّن عند إكمال الصلاة أنّه لم يجلس جلسة الاستراحة عقيب السجدة الثانية في الركعة الاُولى مثلا.

السادس: أن يغفل عن قيام واجب، كما إذا تفطّن عند إكمال الصلاة أنّه هوى من الركوع إلى السجود رأساً دون أن ينتصب واقفاً.

كيفية سجود السهو:

(48) وصورة هذا السجود: سجدتان لا فاصل بينهما؛ كأ يّة سجدتين من ركعة واحدة، ولكن لا يجب فيهما الاستقبال، ولا الطهارة، ولا الساتر، ولا التكبير.

وتجب فيهما: نيّة القربة، ووضع الكفّين والركبتين والابهامين، وأن يكون موضع الجبهة ممّا يصحّ السجود عليه في الصلاة.

ويستحبّ في كلّ سجدة ذكر الله ونبيّه بهذا اللفظ « بسم الله وباللهِ، والسلامُ عليْكَ أيّها النبي ورَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ ».

وبعد السجدتين الأجدر والأحوط وجوباً أن يتشهّد الساجد ويسلّم.

وجوبه:

(49) يجب سجود السهود بأحد الموجبات المتقدّمة، كما عرفت، غير أنّه واجب مستقلّ، بمعنى أنّه لا يعتبر جزءً من الصلاة، ولا مكمِّلا لها، فلا تبطل



حتّى في حال السهو كاستدبار القبلة أو محو صورة الصلاة أتى بما نسيه مع ما بعده، ثمّ يسجد بعد السلام سجدتي السهو للسلام الأوّل الذي وقع في غير محلّه.
629

الصلاة بتركه عمداً فضلا عن السهو.

ووجوبه فوري، بمعنى أن يعجِّل المصلّي بإيقاعه مباشرةً بعد الفراغ من الصلاة وما يتبعها من ركعات احتياط وقضاء أجزاء منسية، وقبل أن يأتي بأيّ شيء مبطل ومباين لها، ومتى نسيه عند الفراغ من الصلاة أدّاه عند التذكّر، وإذا تذكّره وهو في أثناء صلاة اُخرى أمكنه تأجيله إلى حين الفراغ من الصلاة.

أحكامه:

(50) يتكرّر سجود السهو بتكرّر موجبه؛ ولو كان الموجب المتكرّر من جنس واحد، فمن أتى غفلةً منه بالتسليم مرّتين في غير محلّه يسجد للسهو مرّتين، ومن تكلّم سهواً مرّتين على نحو يعتبر كلّ منهما كلاماً مستقلا عن الآخر يسجد للسهو مرّتين، سواء كان السهو الباعث على الكلام الثاني نفس السهو الأول، أو أنّ المصلّي تفطّن إلى سهوه الأول ثمّ سها من جديد فصدر منه الكلام الآخر.

وإذا وجب عليه أن يسجد أكثر من مرّة سجود السهو فهل يجب عليه أيضاً الترتيب عند التأدية والامتثال بأن يبدأ بالأول فالأول تبعاً لزمن السبب الموجب؟

الجواب: هذا الترتيب ليس بواجب، وللمكلف الخيار في أن يقدّم المتأخّر، بل لا يجب عليه تعيين السبب الموجب للسجود بالضبط، بل يكفيه أن يسجد سجدتي السهو مرّتين؛ ولو لم يتذكّر ما هو السهو الذي أوجب عليه ذلك بالضبط.

(51) ومن شكّ في أنّه هل صدر منه سهو يلزمه بسجدتي السهو؟ فليس عليه شيء؛ لأنّ الأصل عدم المسؤولية، ومن علم بالمسؤولية عنه وشكّ في الخروج عن عهدتها ولم يدرِ هل سجد أم لا؟ فالأصل بقاء المسؤولية وعليه أن يسجد.

630

ومن علم أنّه مطلوب بهذا السجود مرّة واحدةً وشكّ في الزائد فالأصل عدم الزيادة، ومن علم أنّه سجد مرّةً وشكّ في السجدة الثانية فعليه أن يسجدها؛ حتّى ولو كان قد دخل في التشهّد أو التسليم.

ومن سجد سجود السهو ثمّ شكّ في صحّته ووقوعه على الوجه المطلوب شرعاً بنى على صحّته؛ ولا شيء عليه.

631

الأحكام العامّة

4

الشكّ

 

 

○   الشكّ في وقوع الصلاة.

○   الشكّ في واجبات الصلاة.

○   الشكّ في عدد الركعات.

 

 

633

الشكّ في الصلاة يمكن تصنيفه إلى ثلاثة أقسام:

الأول: شكّ المكلّف في أصل وقوع الصلاة منه.

الثاني: شك المصلّي في استيعاب واجباتها من أجزاء أو شرائط.

الثالث: شكّ المصلّي في عدد ركعات الصلاة.

وسنتكلّم عن هذه الأقسام تباعاً:

 

الشكّ في وقوع الصلاة منه

 

(52) من شكّ ولم يدرِ هل أدّى الفريضة أوْ لا؟ ينظر:

فإن كان وقت الصلاة ما زال باقياً وقائماً فعليه أن يصلّي، كما لو أيقن بأنّه لم يأتِ بالصلاة، وإن حدث الشكّ والتردّد في خارج الوقت يمضي ولا شيء عليه.

وإذا شكّ في تأدية الفريضة وأيضاً شكّ في بقاء وقتها عجَّلَ وأتى بها. وحكم الظنّ والشكّ هنا وفي الفرض السابق بمنزلة سواء.

وإذا ذهب النهار إلّا قليلا لا يتّسع لركعة واحدة من الصلاة فكأنّه قد ذهب بالكامل، ووجود هذا القليل كعدمه. وإذا اتّسع الباقي من آخر الوقت لركعة أو

634

أكثر إلى أربع ركعات وشكّ المكلّف في أنّه هل صلّى الصلاتين ـ الظهر والعصر ـ؟ فعليه أن يصلّي العصر حيث لا وقت للظهر، وإن اتّسع الباقي لخمس ركعات صلّى الصلاتين معاً.

وإذا شكّ وهو في أثناء العصر هل صلّى الظهر؟ بنى على عدم الإتيان بالظهر، وعدل إن كان الوقت يتّسع لإكمالها وللإتيان بصلاة العصر ـ أو بركعة منها على الأقلّ ـ قبل خروج الوقت. وإن كان الوقت لا يتّسع لذلك أكملها عصراً، وخرج عن عهدة الظهر بخروج وقتها.

(53) كلّ ذلك إذا كان إنساناً اعتيادياً في شكّه، وأمّا إذا كان ممن تتراكم عليه الشكوك في هذه الناحية على نحو يبدو أنّه شاذّ ومفرِط في الشكّ فلا يكترث بشكّه.

 

الشكّ في واجبات الصلاة

 

(54) كلّما شكّ المصلّي في أداء واجب من واجبات الصلاة بنى على أنّه لم يؤدّه، سواء كان شكّاً متعادلا أو حصل له ظنّ بأنّه قد أتى به، وتستثنى من ذلك الحالات التالية:

(55) الاُولى: إذا شكّ في جزء من أجزاء الصلاة بعد أن تجاوز مكانه المقرّر له فيها تبعاً لترتيبها وتنسيقها؛ ودخل في الجزء الواجب الذي يليه بلا فاصل فيمضي الشاكّ ولا يعتني؛ كأنّه لم يشكّ، فإذا شكّ في تكبيرة الإحرام وهو يقرأ الفاتحة يمضي ولا يكترث، وإذا شكّ في القراءة وهو في القنوت يعتني بشكّه ويرجع إلى القراءة؛ لأنّ القنوت الذي دخل فيه ليس جزءً واجباً، وإذا شكّ في القراءة وهو راكع يمضي ولا يكترث، ولكن إذا شكّ في ذلك وهو يهوي إلى الركوع ولم يصلّ بعدُ إلى مستوى الراكع فعليه أن يعتني بشكّه؛ لأنّ الهوي إلى

635

الركوع ليس من أجزاء الصلاة، بل هو مجرّد تمهيد ومقدمة للركوع.

وهذا الحكم العامّ بعدم الاعتناء بالشكّ في شيء بعد التجاوز والدخول في الجزء الواجب الذي يليه يسمّى لدى الفقهاء بقاعدة التجاوز، وقد مرّت بنا من خلال استعراض أجزاء الصلاة تطبيقات كثيرة لهذه القاعدة.

كما أنّ وجوب الاعتناء بالشكّ إذا حصل في جزء قبل التجاوز عن مكانه المقرّر له يسمّى عند الفقهاء بقاعدة الشكّ في المحلّ، وبموجب هذه القاعدة يجب على كلّ من يشكّ في جزء وهو لم يتجاوز إلى الجزء الواجب الذي يليه أن يعتني بشكّه، ويفترض بأنّه لم يأتِ بذلك الجزء المشكوك فيؤدّيه.

(56) الحالة الثانية: إذا شكّ في صحة الجزء الواقع وفساده لا في أصل وقوعه ووجوده فالحكم فيه الصحة على أيّ حال، سواء كان حين الشكّ قد تجاوز المحلّ المقرّر لذلك الجزء ودخل في الجزء الذي يليه، أم لم يتجاوز ولم يدخل. فمن كبّر للإحرام ثمّ شكّ في صحة التكبير فالتكبير صحيح وإن لم يكن قد قرأ بعد، وكذا من شكّ في صحة القراءة ولم يكن قد ركع.

وهذا الحكم العامّ بعدم الاعتناء بالشكّ في صحة ما وقع إذا حصل هذا الشك بعد وقوعه يسمّى لدى الفقهاء بقاعدة الفراغ، وقد مرّت تطبيقات عديدة له من خلال استعراض أجزاء الصلاة.

(57) الحالة الثالثة: إذا بدأ الصلاة وشروطها متوفّرة ثمّ شكّ في أنّ هذه الشروط هل استمرّت مع صلاته أو اختلّ شيء منها في أثناء الصلاة ؟ مضى ولم يعتنِ بشكّه.

ومثاله: من بدأ صلاته مستقبلا للقبلة ثمّ شكّ في أنّه هل انحرف عنها في بعض الأجزاء السابقة أو لا.

ومثال آخر: امرأة بدأت صلاتها وهي ساترة لشعرها، ثمّ تشكّ في أنّه هل انكشف شعرها في الأثناء أم لا ؟ والحكم هو المضي وعدم الاعتناء؛ لأنّ الأصل

636

بقاء الحالة السابقة.

ومن أمثلة ذلك أيضاً: أن يشكّ في وقوع مبطل من المبطلات، أو صدور زيادة مبطلة منه فإنّه لا يعتني بكلّ ذلك.

(58) الحالة الرابعة: قد يكون الإنسان كثير الشكّ ـ ونريد به هنا من كان يشكّ في كلّ ثلاث صلوات متواليات مرّةً، أو في كلّ ستّ صلوات متتالية مرّتين، وهكذا ـ فإذا شكّ هذا الإنسان في أنّه هل أتى بهذا الجزء أو بذاك ؟ مضى ولم يعتنِ، وافترض أنّه قد أتى به.

وقد يكون المصلّي كثير الشكّ في شيء خاصٍّ ومعيّن، كتكبير الإحرام ـ مثلا ـ دون غيره، وعليه حنيئذ أن يُلغِيَ شكّه في هذا التكبير. وأمّا إذا شكّ في شىء آخر جرى عليه حكم الإنسان الاعتيادي تبعاً لحالة شكّه.

وقد يعرض الشكّ ويتراكم على المرء من باب الصدفة والاتّفاق؛ لظروف خاصّة وطارئة توجب الأذى والقلق، مثل أن يكون مطارَداً من قوى طاغية، أو مصاباً بكارثة عائلية، أو غير ذلك ممّا يوجب الشكّ لأغلب الناس لو اُصيبوا بمثله، وهذا لا يلحق بكثير الشكّ، ولا يجري عليه حكمه، بل يعالج بما تستوجبه سائر القواعد الشرعية: من قاعدة التجاوز، وقاعدة الفراع، وقاعدة الشكّ في المحلّ، وغير ذلك.

وإذا شكّ الإنسان بعد أن عرض له الشكّ عدّة مرّات في أنّه هل أصبح كثير الشكّ ـ وفقاً لما ذكرناه من تعريف له ـ ؟ فعليه أن يبني على أنّه ليس كثير الشكّ حتّى يحصل له اليقين بذلك.

وإذا كان على يقين بأنّه كثير الشكّ، ثمّ احتمل أنّه عُوفِيَ من ذلك وأصبح شكّه اعتيادياً بنى على أنّه لا يزال كثير الشكّ حتى يحصل له اليقين بالعافية.

(59) الحالة الخامسة: إذا حصل الشكّ لدى الإمام أو المأموم في جزء من

637

أجزاء الصلاة التي لا يحتمل وقوع الاختلاف بينهما من أجلها، إذا حصل ذلك كان على الشاكّ منهما أن لا يعتني بشكّه، ويعمل بوظيفة الحافظ الضابط.

وأمّا إذا شكّ المأموم ـ مثلا ـ في أنّه هل سجد مع الإمام سجدتين أو تخلّف عنه فلم يتابعه في السجدة الثانية؟ فلا يفيده هنا حفظ الإمام ويقينه بالسجدتين ما دام يحتمل تخلّفه عنه، بل عليه أن يسجد السجدة الثانية ما دام لم يتجاوز المحلّ المقرّر للسجود شرعاً.

(60) وفي كلّ حالة كان الحكم فيها المضي وعدم الاعتناء بالشكّ إذا طبّق المصلّي هذا الحكم ثمّ انكشف أنّه لم يكن قد أتى بالجزء المشكوك حقّاً فماذا يصنع؟

والجواب: إذا كان بإمكانه التدارك ـ بالمعنى المتقدّم في الفقرة (40 ـ 42) ـ رجع وتدارك، وإلّا مضى وصحّت صلاته ما لم يكن الجزء المتروك ركناً؛ فإن كان ركناً فالصلاة باطلة.

(61) وفي كلّ حالة كان الحكم فيها هو الاعتناء بالشكّ والإتيان بما يشكّ فيه تبعاً لقاعدة الشكّ في المحلّ إذا طبّق المصلّي هذا الحكم، فأتى بالجزء المشكوك ثمّ اتّضح له أنّه كان قد أتى به سابقاً مضى في صلاته؛ ما لم يكن ذلك الجزء ركوعاً وقد كرّره مرّتين أو سجدتين وقد سجد أربع سجدات فتبطل عندئذ صلاته.

 

الشكّ في عدد الركعات

 

(62) الشكّ في عدد الركعات إذا وقع بعد الفراغ من الصلاة فلا أثر له؛ ولا يعتني به. وأمّا إذا كان في أثناء الصلاة فهو على أقسام:

638

لأنّ منه ما هو مبطل للصلاة، ومنه غير مبطل وبحاجة إلى علاج شرعاً، ومنه غير مبطل وليس بحاجة إلى علاج. فهذه أقسام ثلاثة.

ونبدأ في ما يلي: بالشكّ الذي ليس مبطلا للصلاة ولا بحاجة إلى علاج، وهو يتمثّل في إحدى الصور التالية:

(63) الاُولى: أن يجد المصلّي نفسه وهو يتشهّد، أو قد أكمل تشهّده وشكّ في أنّه هل فرغ من الركعة الثانية ـ وهذا هو التشهّد المطلوب منه في مثل هذا الموضع ـ أو أنّه لم يفرغ حتى الآن إلّا من الركعة الاُولى وقد وقع هذا التشهّد منه سهواً ؟ ففي هذه الحالة يبني المصلّي على أنّه قد صلّى ركعتين، وأنّ هذا هو التشهّد المطلوب منه، ويقوم لأداء الركعة الثالثة إذا كانت صلاته ثلاثيةً أو رباعيةً؛ ولا شيء عليه. وأمّا إذا كانت صلاته ثنائيةً ـ ذات ركعتين ـ فعليه أن يكمل تشهّده وتسليمه وتصحّ صلاته.

(64) الثانية: أن يصلّي الإنسان صلاةً رباعيةً ـ ذات أربع ركعات ـ فيجد نفسه يتشهّد، أو قد أكمل تشهّده وهو على يقين بأنّه تجاوز الركعة الثانية إلى ما بعدها من ركعات وشكّ في أنّه هل فرغ من الركعة الرابعة ـ وهذا هو التشهّد المطلوب منه في مثل هذا الموضع ـ أو أنّه لا يزال في الركعة الثالثة وقد وقع منه هذا التشهّد سهواً ؟ ففي هذه الحالة يبني على أنّه في الرابعة، ويكمل صلاته على هذا الأساس ولا شيء عليه.

(65) الثالثة: أن يصلّي الإنسان صلاةً ثلاثيةً ـ ذات ثلاث ركعات ـ فيجد نفسه مشغولا بالتسليم، ويشكّ في أنّه هل فرغ من الركعة الثالثة ـ وهذا التسليم هو المطلوب منه في مثل هذا الموضع ـ أو أنّه لا يزال في الركعة الثانية وقد وقع منه هذا التسليم سهواً ؟ ففي هذه الحالة يبني على أنّه أتى بالثالثة، ويكمل تسليمه ولا شيء عليه.

639

وأمّا الشكّ الذي ليس مبطلا للصلاة وبحاجة إلى علاج فهو ما كان في صلاة رباعية ضمن إحدى الصور التسع التالية:

(66) الصورة الاُولى: أن يرفع المصلّي رأسه من السجدة الثانية، أو يكمل الذكر فيها ـ على الأقلّ ـ ثمّ يشكّ في أنّ هذه الركعة التي فرغ منها الآن هل هي ثانية أو ثالثة ؟ فالثانية متيقّنة لا ريب فيها، والثالثة محلّ الريب، فيبني على أنّها ثالثة، ويأتي بالرابعة، ويتشهّد ويسلّم، وقبل أن يفعل أيّ مبطل ومناف للصلاة يقوم ناوياً أن يصلّي صلاة الاحتياط قربةً إلى الله تعالى؛ فيكبّر تكبيرة الإحرام ويصلّي ركعةً واحدة من قيام، إن كان مكلّفاً بالصلاة من قيام، وإن كان عاجزاً عن القيام ومكلّفاً بالصلاة جالساً احتاط بالإتيان بركعة واحدة جالساً، فإن كانت صلاته التي شكّ فيها أربع ركعات في الواقع اعتبرت صلاة الاحتياط نافلةً ومستحبّةً، وإن كانت ثلاث ركعات اعتبرت صلاة الاحتياط مكمّلةً لها.

(67) الثانية: أن يشكّ هل صلّى ثلاث ركعات أو أربع ؟ فإنّه يبني على الأربع ـ سواء أوَقَع الشكّ منه حال القيام، أم الركوع، أم السجود، أم بعد رفع الرأس من السجود ـ ثمّ يتشهّد ويسلّم.

وإذا كان المصلّي مكلّفاً بالصلاة قائماً فله هنا الخيار بين الاحتياط بركعة من قيام والاحتياط بركعتين من جلوس، وإن كان عاجزاً عن القيام ومكلّفاً بالصلاة من جلوس فعليه الاحتياط بالإتيان بركعة واحدة جالساً.

هذا كلّه إذا لم يطرأ هذا الشكّ على المصلّي وهو يتشهّد؛ وإلّا كان من الصورة الثانية للقسم السابق الذي تصحّ معه الصلاة بلا علاج.

(68) الثالثة: أن يشكّ بين الركعتين والأربع بعد إكمال السجدتين؛ وذلك بالفراغ من الذكر من السجدة الثانية، أو برفع الرأس منها، فيبني على الأربع ويتمّ الصلاة، ويأتي بركعتين من قيام. وإن كان المصلّي ممّن يصلّي جالساً احتاط

640

بركعتين من جلوس.

(69) الرابعة: أن يشكّ بين الركعتين والثلاث والأربع أيضاً بعد إكمال السجدتين، فيبني على الأربع ويتمّ الصلاة، ويأتي أوّلا بركعتين من قيام ثمّ بركعتين من جلوس. وإن كان المصلّي جالساً احتاط بركعتين من جلوس ثمّ بركعة جالساً.

(70) الخامسة: أن يشكّ بين الأربع والخمس بعد إكمال السجدتين ـ بالمعنى المتقدّم ـ فيبني على الأربع ويتمّ الصلاة؛ ويسجد سجدتي السهو.

(71) السادسة: أن يشكّ بين الأربع والخمس حال القيام؛ فيجلس، وبهذا يرجع شكّه إلى الشكّ بين الثلاث والأربع؛ لأنّه بجلوسه هدم الركعة التي كان فيها وقطعها، وهذا يعني أنّها لو كانت هي الرابعة فقد بقي له ثلاث ركعات، ولو كانت هي الخامسة فقد بقي له أربع ركعات، فهو الآن بين الثلاث والأربع، فيبني على الأربع ويتمّ الصلاة؛ ويأتي بركعة قائماً أو بركعتين جالساً؛ تطبيقاً لِمَا تقدّم في الصورة الثانية.

(72) السابعة: أن يشكّ بين الثلاث والخمس وهو قائم؛ فيجلس، ويرجع شكّه إلى الشكّ بين الاثنتين والأربع، فيبني على الأربع ويتمّ الصلاة، ويأتي بركعتين من قيام؛ تطبيقاً لِمَا تقدّم في الصورة الثالثة.

(73) الثامنة: أن يشكّ بين الثلاث والأربع والخمس حال القيام؛ فيجلس، ويرجع شكّه إلى الشكّ بين الاثنتين والثلاث والأربع، فيبني على الأربع ويتمّ الصلاة، ويأتي أوّلا بركعتين من قيام ثمّ بركعتين من جلوس؛ تطبيقاً لِمَا تقدّم في الصورة الرابعة.

(74) التاسعة: أن يشكّ بين الخمس والستّ وهو قائم؛ فيجلس، ويرجع شكّه إلى الشكّ بين الأربع والخمس، ويتمّ صلاته؛ ويسجد سجدتي السهو؛ تطبيقاً

641

لِمَا تقدّم في الصورة الخامسة.

ففي هذه الصور التسع تصحّ الصلاة بالعلاج الذي حدّدناه. ويستثنى من ذلك الحالات التالية:

(75) أوّلا: إذا حصل للشاكّ ترجيح معيّن لأحد الاحتمالات ـ وهو ما يسمّى بالظنّ، فيعتمد على ظنّه ـ فإذا غلب على ظنّ المصلّي وترجّح في نظره أنّ هذه الركعة التي هو فيها الآن هي ثالثة أو رابعة أو ثانية ـ مثلا ـ عمل بظنّه هذا تماماً، كما يعمل بعلمه في عدد الركعات ولا شيء عليه (1)، ولا يحتاج إلى علاج.

وإذا شكّ وتردّد المصلّي أنّ الذي عرض له الآن هل هو ظنّ أو شكّ ؟ يكون ذلك ظنّاً ويعمل على أساسه.

(76) ثانياً: إذا كان الإنسان مُفرِطاً في الشكّ وخارجاً عن الحالة الاعتيادية، على نحو يشكّ عادةً في كلّ ثلاث صلوات متتالية مرّةً واحدةً على الأقلّ، أو في كلّ ستّ صلوات متتالية مرّتين... وهكذا فعليه أن يلغي شكّه، ويفترض أنّه قد أتى بما شكّ فيه من ركعات، أي أنّه يبني على الأكثر. فإذا شكّ في أنّه هل أتى بركعتين أو ثلاث بنى على الثلاث، وإذا شكّ بين الثلاث والأربع بنى على الأربع؛ وأتمّ صلاته ولا شيء عليه ولا يحتاج إلى علاج، إلّا إذا كان الأكثر مبطلا للصلاة بنى على الأقلّ وأتمّ صلاته بدون علاج، فإذا شكّ بين الأربع والخمس بنى على الأربع؛ لأنّ البناء على الخمس يبطل الصلاة.

(77) ثالثاً: إذا كان الشاكّ في عدد الركعات إماماً أو مأموماً وكان مأمومه أو إمامه حافظاً وضابطاً للعدد رجع إليه واعتمد على حفظه، سواء كان حفظه على


(1) قد يتعلق ظنّه بما يكون مبطلاً، كما لو شكّ بعد الركوع بين أن تكون ما بيده الرابعة أو الخامسة وظنّ بالخمس، والأحوط عندئذ أن يسجد أوّلاً سجدتي السهو ثمّ يعيد الصلاة.