337

 

ختم الكلام

 

وهنا نختم حديثنا عن البرزخ بذكر هذه الرواية عن سعيد بن المسيّب قال: كان عليّ بن الحسين (صلوات الله عليه) يعظ الناس ويزهّدهم في الدنيا ويرغّبهم في أعمال الآخرة بهذا الكلام في كلّ جمعة في مسجد الرسول(صلى الله عليه وآله)، وحفظ عنه وكتب، كان يقول: «أيّها الناس، اتّقوا الله واعلموا أنّكم إليه ترجعون، فتجد كلّ نفس ما عملت في هذه الدنيا من خير محضراً وما عملت من سوء، تودّ لو أنّ بينها وبينه أمداً بعيداً ويحذّركم الله نفسه. ويحك ابن آدم الغافل وليس بمغفول عنه! ابن آدم، إنّ أجلك أسرع شيء إليك، قد أقبل نحوك حثيثاً يطلبك ويوشك أن يدركك، وكأن قد اُوفيت أجلك وقبض الملك روحك وصرت إلى منزل وحيداً فردّ إليك فيه روحك، واقتحم عليك فيه ملكاك: منكر ونكير لمساءلتك وشديد امتحانك، ألا وإنّ أوّل ما يسألانك عن ربّك الذي كنت تعبده، وعن نبيّك الذي اُرسل إليك، وعن دينك الذي كنت تدين به، وعن كتابك الذي كنت تتلوه، وعن إمامك الذي كنت تتولاّه، ثُمّ عن عمرك في ما أفنيته؟ ومالك من أين اكتسبته؟ وفي ما أتلفته؟ فخذ حذرك وانظر لنفسك، وأعدّ للجواب قبل الامتحان والمساءلة والاختبار، فإن تك مؤمناً تقيّاً عارفاً بدينك متّبعاً للصادقين موالياً لأولياء الله لقّاك الله حجّتك، وأنطق لسانك بالصواب فأحسنت الجواب، فبشّرت بالجنّة والرضوان من الله والخيرات الحسان، واستقبلتك الملائكة بالروح

338

والريحان، وإن لم تكن كذلك تلجلج لسانك ودحضت حجّتك، وعميت عن الجواب، وبشّرت بالنار، واستقبلتك ملائكة العذاب بنزل من حميم وتصلية جحيم(1). فاعلم ابن آدم: إنّ من وراء هذا ما هو أعظم وأفظع وأوجع للقلوب يوم القيامة، ذلك يوم مجموع له الناس، وذلك يوم مشهود...»(2).

 

 

 

 

 


(1) إلى هنا ورد في البحار 6: 223 ـ 224.

(2) والحديث طويل، اُنظر البحار 78: 143 ـ 146.

339

الفصل الخامس

 

 

 

المعاد

 

 

○ 1 ـ نفخة الصور الاُولى.

○ 2 ـ نفخة الصور الثانية والمعاد الجسماني.

○ 3 ـ الحساب.

○ 4 ـ سوق الكفّار والمؤمنين إلى مثواهم الأخير

○ خاتمة في الشفاعة.

○ ختامه مسك.

 

 

341

 

 

 

 

 

قال الله تعالى: ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَن شَاء اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُم قِيَامٌ يَنظُرُونَ * وَأَشْرَقَتِ الاَْرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاء وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ * وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْس مَّا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ * وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ * قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ * وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ * وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الاَْرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاء فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ * وَتَرَى الْمَلاَئِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِين﴾(1).

يظهر لنا من هذه الآيات المباركات تسلسل مراحل يوم القيامة إلى أربع مراحل نذكرها واحدة بعد اُخرى، وبعد ذلك نتعرّض إلى مسألة الأعراف.


(1) س 39 الزمر، الآية: 68 ـ 75.

342

 

1 ـ نفخة الصـور الاُولـى

 

المرحلة الاُولى لمراحل عالم الآخرة أو يوم القيامة هي نفخة الصور الاُولى، وقد مرّ بنا استظهار كونها مرحلة الموت الثانية للبشر، فالموت الأوّل عبارة عن موت البدن الدنيوي ومع بقاء النفس أو الروح حيّة حسّاسة تحسّ بعالم البرزخ وما فيه من ثواب أو عقاب، والموت الثاني عبارة عن موت الروح أو النفس لا بمعنى الفناء المطلق الذي يوجب فلسفياً استحالة إعادتها، بل بمعنى الوقوع في حالة السبات الكامل وانتهاء ثواب البرزخ أو عقابه أو أيّ إحساس فيه، ويستثنى من هذا السبات من شاء الله كالشهداء.

والظاهر أنّ هذا هو المقصود بالصعق في قوله تعالى: ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَن شَاء اللَّه﴾(1)، كما أنّ الظاهر أنّ هذا هو المقصود بالموتة الثانية التي صرّح بها القرآن الكريم في موردين:

أحدهما: قوله تعالى عن لسان الكفّار: ﴿رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوج مِّن سَبِيل﴾(2).

ثانيهما: قوله تعالى عن لسان المؤمنين بعد أن يسكنوا الجنّة ويشرفوا على جهنّم ليخاطب كلّ واحد منهم صاحبه الذي سكن النار: ﴿فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاء الْجَحِيمِ * قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدتَّ لَتُرْدِينِ * وَلَوْلاَ نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنتُ مِنَ الْمُحْضَرِين﴾(3)،


(1) س 39 الزمر، الآية: 68.

(2) س 40 غافر، الآية: 11.

(3) س 37 الصافّات، الآية: 55 ـ 57.

343

وهنا يقول الله تعالى عن لسان المؤمنين ضمن خطابهم هذا للكفّار والمشركين: ﴿أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ * إِلاَّ مَوْتَتَنَا الاُْولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِين﴾(1).

وهذا البحث بحاجة فلسفيّاً إلى إثبات الثنائية بين النفس والبدن وإثبات تجرّد النفس، وقد مرّ كلّ هذا في ضمن الأبحاث السابقة فلا حاجة إلى إعادته.

 

 

 

* * *

 


(1) س 37 الصافّات، الآية: 58 ـ 59.

344

 

2 ـ نفخة الصـور الثانية والمعاد الجسماني

 

المرحلة الثانية لمراحل عالم الآخرة أو يوم القيامة هي نفخ الصور الثانية: ﴿ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُم قِيَامٌ يَنظُرُونَ * وَأَشْرَقَتِ الاَْرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا﴾(1)، وبها يتمّ أمران: أحدهما: إنهاء السبات للنفس واستعدادها للثواب والعقاب، وثانيهما: إعادة البدن أيضاً، ويسمّى هذا بالمعاد الجسماني، والبحث الفلسفي المرتبط بهذه المرحلة بحثان:

أحدهما: إثبات بقاء النفس أو الروح. وهذا ما مرّ في ضمن الأبحاث السابقة، ولا حاجة إلى الإعادة.

ثانيهما: إبطال استبعاد المعاد الجسماني والذي هو صريح القرآن.

والواقع أنّ الاستبعاد الذي قد يؤدّي إلى إنكار المعاد الجسماني في أقوى وجوهه أحد أمرين:

 

1 ـ شبهة الآكل والمأكول:

إنّ شبهة الآكل والمأكول مبنيّة على تخيّل اشتراط رجوع كلّ من الآكل والمأكول بكامل بدنه، في حين أنّ النسبة بين بدن الآكل وبدن المأكول تكون عادة عموماً من وجه.

ولكن لا مبرّر لاشتراط رجوع كلّ منهما بكامل بدنه السابق ولا دليل على ذلك، فبإمكانه سبحانه وتعالى إرجاع قسم من موادّ البدن وتنميتها أو صياغتها


(1) س 39 الزمر، الآية: 68 ـ 69.

345

إلى بدن كامل للآكل وبدن كامل للمأكول، والأدلّة اللفظية لم تدلّنا على أكثر من ذلك، بل بالإمكان تصوير ذلك حتّى لو فرضت وحدة بدنهما بأن يصبح تمام بدن الآكل هو تمام بدن المأكول، على أنّ هذا الفرض مجرّد وهم وخيال.

 

2 ـ شبهة لزوم رجوع ما بالفعل إلى القوّة:

إنّ شبهة لزوم رجوع ما بالفعل إلى القوّة من المعاد الجسماني قائمة على أساس تصوّر أنّ الموت كمال للإنسان باعتبار تحوّله بذلك من مرحلة شوب المادّة إلى مرحلة التجرّد البحت، وأنّ خلق الله سبحانه وتعالى إيجاد لما يتحرّك بالحركة الجوهرية من النقص إلى الكمال، فما معنى رجوع الكامل مرّة اُخرى إلى النقص؟! وهل يعقل رجوع ما تكامل بخروج القوّة إلى الفعل إلى القوّة مرّة اُخرى؟!

ولعلّ هذه الشبهة أقوى فلسفيّاً من الشبهة الاُولى.

إلّا أنّ هذه الشبهة أيضاً لا محلّ لها؛ فإنّ الموت لو كان عبارة عن تحوّل البدن إلى مستوى التجرّد، وكان التجرّد الكامل للإنسان بالموت بمعنى أنّ الإنسان أصبح بكلّ مراتبه مجرّداً بعد أن كان مزيجاً من مرتبة المادّة ومرتبة الروح أو النفس، لكان لهذه الشبهة مجال، ولكن هذا باطل بدليلين:

الأوّل: إحساسنا بأنّ البدن لم يتحوّل بحركة جوهرية إلى الروح أو النفس، وإنّما انفصل عن الروح أو النفس وأصبح فاسداً.

الثاني: ما مضى سابقاً من بعض البراهين على تجرّد الأنا وبها تثبت أيضاً بساطته، ولهذا نرى أنّ الأنا لا ينقسم إلى قسمين أو عدّة أقسام بمجرّد تقطيع البدن إلى قطعتين أو عدّة قطعات، فالبدن إذن ليس جزءاً من الأنا أو مرتبةً منه وإنّما هو أمانة من قبل الله تعالى بيد الأنا كي يكون في خدمته، والموت عبارة

346

عن تجريد الأنا من الأمانة التي اُعطيت إيّاه، والإحياء عبارة عن إرجاع الأمانة إليه مرّة اُخرى.

والغفلة عن هذه النكتة هي التي جعلت المجرمين لا يتوقّعون أن يُختم على أفواههم وتكلّم الله أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون(1)؛ ولهذا يعترضون في يوم القيامة على أعضائهم كما يتحدّث عنهم القرآن بقوله تعالى: ﴿وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْء وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّة وَإِلَيْهِ تُرْجَعُون﴾(2). أمّا بعد الالتفات إلى هذه النكتة فيصبح إمكان شهادة الجلود والأعضاء لله على الإنسان من الواضحات؛ فإنّ البدن مخلوق مطيع لله يجعله الله تعالى في خدمة النفس حينما يريد، ويسلخه عن خدمتها حيناً آخر.

وبالالتفات إلى هذه النكتة ينعدم تماماً الإشكال الذي عرفته على المعاد الجسماني.

 

العقليّة الماديّة المستبعدة للمعاد الجسماني:

بعد ما اتضح بطلان الشبهتين المتقدّمتين في المعاد الجسماني يبقى مجرّد استبعاد المعاد الجسماني، وهذا الاستبعاد ينتج من العقليّة المادّية التي يصعب عليها تصوّر إعادة الحياة بعد الموت، وهي تكون بأحد شكلين:

الأوّل: العقلية التي قد لا تفهم الحياة إلّا بمعنى الروح النباتية التي تنعدم بالموت، ويستبعد الإنسان المادّي إيجادها مرّة اُخرى من الجسم الذي مات.

 


(1) إشارة إلى الآية 65 من سورة 36 يس.

(2) س 41 فصّلت، الآية: 21.

347

الثاني: العقلية التي قد يكون لها نوع تصوّر إجمالي عن النفس، ولكنها تستبعد على أيّة حال إرجاعها إلى الجسم الذي مات.

ومن هنا نرى القرآن الكريم قد أعدّ تنظيرين في آياته لتقريب المعاد: أحدهما أنسب بالردّ على العقلية الاُولى، والثاني أنسب بالردّ على العقلية الثانية.

أمّا ما يناسب الردّ على العقلية الاُولى فهو التنظير بالأرض والأشجار والنباتات التي تموت في الخريف والشتاء، وتحيى مرّة اُخرى في الربيع، وذلك من قبيل قوله تعالى:

1 ـ ﴿فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الاَْرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْء قَدِير﴾(1).

2 ـ ﴿وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً كَذَلِكَ الْخُرُوج﴾(2).

3 ـ ﴿وَيُحْيِي الاَْرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُون﴾(3).

4 ـ ﴿وَتَرَى الاَْرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْج بَهِيج * ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْء قَدِير﴾(4).

5 ـ ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الاَْرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْء قَدِير﴾(5).

6 ـ ﴿وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَد مَّيِّت فَأَحْيَيْنَا بِهِ الاَْرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُور﴾(6).


(1) س 30 الروم، الآية: 50.

(2) س 50 ق، الآية: 11.

(3) س 30 الروم، الآية: 19.

(4) س 22 الحج، الآية: 5 و 6.

(5) س 41 فصّلت، الآية: 39.

(6) س 35 فاطر، الآية: 9.

348

7 ـ ﴿وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَد مَّيِّت فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْموْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون﴾(1).

وأمّا ما يناسب الردّ على العقلية الثانية فهو تنظير إرجاع النفس إلى الجسد بنفخها في الجسد أوّل مرّة، من قبيل قوله تعالى:

1 ـ ﴿أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيّ يُمْنَى * ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى * فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالاُْنثَى * أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِر عَلَى أَن يُحْيِيَ الْمَوْتَى﴾(2).

2 ـ ﴿وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّة وَهُوَ بِكُلِّ خَلْق عَلِيم﴾(3).

3 ـ ﴿فَلْيَنظُرِ الاِْنسَانُ مِمَّ خُلِقَ * خُلِقَ مِن مَّاء دَافِق * يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ * إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِر﴾(4).

4 ـ ﴿وَيَقُولُ الاِْنسَانُ ءَإِذا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيّاً * أَوَلاَ يَذْكُرُ الاِْنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً﴾(5).

 

إثبات المعاد الجسماني:

قد يدّعي بعض ـ على العكس تماماً من شبهات المنكرين ـ أنّ العقل يدرك ضرورة المعاد الجسماني؛ لأنّ الإنسان لا يتكامل إلّا بجنبتيه: جنبة النفس وجنبة البدن، وسواءٌ فسّرناهما بمعنى شخصية واحدة مركّبة من المادّة وما فوق


(1) س 7 الأعراف، الآية: 57.

(2) س 75 القيامة، الآية: 37 ـ 40.

(3) س 36 يس، الآية: 78 ـ 79.

(4) س 86 الطارق، الآية: 5 ـ 8.

(5) س 19 مريم، الآية: 66 ـ 67.

349

المادّة، أو بمعنى شخصية واحدة ذات مرتبتين، أو بمعنى أنّ الجسم جُعل في خدمة النفس، لا إشكال في أنّ النفس تصل إلى نبذة مهمّة من اللذائذ أو الآلام عن طريق البدن، فلكي يكتمل الثواب والعقاب في يوم القيامة لابدّ من إرجاع هذا الائتلاف الذي كان محفوظاً بينهما في الدنيا في يوم القيامة(1).

إلّا أننا لا نعير أهميّة لهذا البيان إلّا بمقدار افتراضه اعتباراً عقلياً ولا يصل إلى مستوى البرهان.

والمهم عندنا في إثبات المعاد الجسماني هو تصريح القرآن الكريم به بشكل لا يقبل الشكّ أبداً، وذلك في آيات كثيرة منتشرة في القرآن، من قبيل قوله تعالى:

1 ـ ﴿وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّة وَهُوَ بِكُلِّ خَلْق عَلِيم﴾(2).

2 ـ ﴿أَيَحْسَبُ الاِْنسَانُ أَن لَّن نَّجْمَعَ عِظَامَهُ * بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَه﴾(3).

ومن الطريف الإشارة الموجودة في هذه الآية إلى قدرة الله على إعادة ما هو من أطرف شيء في جسم الإنسان، ألا وهي خطوط البنان التي لا يشبه فيها إنسان إنساناً آخر على الإطلاق.

3 ـ ﴿وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لاَّ رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَن فِي الْقُبُور﴾(4).

4 ـ ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الاَْجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُون﴾(5).

 


(1) راجع پيام قرآن 5: 334 ـ 335.

(2) س 36 يس، الآية: 78 ـ 79.

(3) س 75 القيامة، الآية: 3 ـ 4.

(4) س 22 الحج، الآية: 7.

(5) س 36 يس، الآية: 51.

350

ونحو هاتين الآيتين ممّا يشهد للخروج من القبر، فإنّ هذا إشارة إلى خروج البدن.

5 ـ ﴿مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى﴾(1).

6 ـ ﴿وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الأَرْضِ نَبَاتاً * ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجاً﴾(2).

7 ـ ﴿قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُون﴾(3).

ونحو هذه الآيات الثلاث ممّا يشهد للخروج من التراب، فإنّ هذا إشارة إلى خروج البدن.

8 ـ الآيات التي تجعل النشور في يوم القيامة من قبيل إحياء النباتات والأراضي في الربيع من بعد موتها في الخريف، وقد مضى بعضها، ومن الواضح أنّ هذا إحياء للمادّة.

9 ـ ﴿الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون﴾(4).

10 ـ ﴿يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُون﴾(5).

11 ـ ﴿حَتَّى إِذَا مَا جَاؤُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْء﴾(6).

فإنّ هذه الآيات صريحة في الثنائية بين أنفسهم وأبدانهم في يوم القيامة، وشهادة أعضائهم على أنفسهم آنذاك، وهذا لا يكون إلّا بمعاد الجسم.


(1) س 20 طه، الآية: 55.

(2) س 71 نوح، الآية: 17 ـ 18.

(3) س 7 الأعراف، الآية: 25.

(4) س 36 يس، الآية: 65.

(5) س 24 النور، الآية: 24.

(6) س 41 فصّلت، الآية: 20 ـ 21.

351

 

3 ـ الحساب

 

المرحلة الثالثة لمراحل عالم الآخرة أو يوم القيامة هي مرحلة الحساب وهي تتمثّل في الكتاب والشهادة والميزان:

 

الكتاب

 

إنّ الآية التي بدأنا بها الحديث عن المعاد أشارت بعد ذكر النفختين إلى وضع الكتاب، وقد تكرّرت الإشارة إلى الكتاب في آيات اُخرى أيضاً كقوله تعالى: ﴿وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا﴾(1).

وقيل: إنّ الكتُب في يوم القيامة ثلاثة أو أكثر(2):

أوّلها وأشهرها على الألسن عندنا: الكتاب المخصوص بكلّ أحد، وقد نصّ عليه القرآن في بعض الآيات ولعلّه الظاهر من مثل:

1 ـ قوله تعالى: ﴿وَكُلَّ إِنسَان أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنشُوراً * اقْرَأْ كَتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً﴾(3).

قيل: إنّ العرب كانوا يتفاءلون ويتطايرون ببعض أقسام الطير، فلعلّ الآية الكريمة أشارت إلى خرافية هذه العقيدة بالنسبة للطيور، وأنّ الطير اليُمن أو الشؤم إنّما هو عملك، وهو ملتزم بعنقك ولا ينفكّ منك حتّى يخرجه الله تعالى


(1) س 18 الكهف، الآية: 49.

(2) راجع پيام قرآن 6: 110 ـ 111.

(3) س 17 الإسراء، الآية: 13 ـ 14.

352

في يوم القيامة كتاباً منشوراً، ويكون الكتاب واضحاً جليّاً غير قابل للإنكار أو النقاش، وغير محتاج إلى القراءة والتفسير من قبل شخص آخر، بل أنت تقرأه وتحاسب نفسك به، وكفى بنفسك اليوم عليك حسيباً، ونظيره ما جعله الله في الدنيا بين جنبيك ـ وإن لم يكن بذلك المستوى من الوضوح ـ من قوّة الذاكرة من ناحية، والضمير أو الوجدان من ناحية اُخرى، فهما بمجموعهما يُقرئانك كثيراً من جزئيّات أعمالك، ويحاسبانك عليها ولا ترى لنفسك سبيلاً إلى الإنكار.

وفي الحديث عن خالد بن نجيح عن الصادق(عليه السلام): «إذا كان يوم القيامة دُفع إلى الإنسان كتابه ثُمّ قيل له: اقرأ. قلت: فيعرف ما فيه؟ فقال: إنّ الله يذكّره، فما من لحظة ولا كلمة ولا نقل قدم ولا شيء فعله إلّا ذكره كأنّه فعله تلك الساعة، ولذلك قالوا: ﴿يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا﴾ »(1).

والكلمة التي تشدّد في الآية المباركة التشويش والحزن والأسى على الذهن هي كلمة ﴿يَلْقَاهُ مَنشُوراً﴾؛ إذ يوجد فيها احتمال كون المقصود منشوراً بالنشر العلني، فيوجب الفضيحة على الملأ بسيئات أعمالنا إلّا من رحم الله، حيث ينهتك السر المرخى علينا في هذه الدنيا، وقد قال الله تعالى:﴿يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ * فَمَا لَهُ مِن قُوَّة وَلاَ نَاصِر﴾(2).

2 ـ قوله تعالى: ﴿إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِن قَوْل إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد﴾(3).

قيل: إنّ الرقيب يقصد به ملك اليمين، والعتيد يقصد به ملك الشمال، ولكن الأقوى القول الآخر وهو أنّهما وصفان لكلّ واحد منهما، فكلّ واحد منهما


(1) البحار 7: 315، الباب 16 من أبواب المعاد وما يتبعه ويتعلّق به، الحديث 10.

(2) س 86 الطارق، الآية: 9 ـ 10.

(3) س 50 ق، الآية: 17 ـ 18.

353

يراقب الإنسان وأعماله، وكلّ واحد منهما جاهز للتسجيل والتثبيت.

وروي عن جابر عن الباقر(عليه السلام) قال: «سألته عن موضع الملكين من الإنسان قال: ها هنا واحد وها هنا واحد. يعني عند شدقيه»(1).

وعن إمامنا أمير المؤمنين(عليه السلام): «اعلموا عباد الله أنّ عليكم رصداً من أنفسكم وعيوناً من جوارحكم وحفّاظ صدق يحفظون أعمالكم وعدد أنفاسكم، لا تستركم منهم ظلمة ليل داج، ولا يكنّكم منهم باب ذو رتاج»(2).

وورد في الحديث: «إنّ صاحب اليمين أمير على صاحب الشمال، فإذا عمل حسنة كتبها له صاحب اليمين بعشر أمثالها، وإذا عمل سيّئة فأراد صاحب الشمال أن يكتبها قال له صاحب اليمين: أمسك. فيمسك عنه سبع ساعات، فإن استغفر الله منها لم يكتب عليه شيء، وإن لم يستغفر الله كتبت له سيّئة واحدة»(3).

وفي دعاء كميل: «فَأَسْأَلُكَ بِالْقُدْرَةِ الَّتي قَدَّرْتَها، وَبِالْقَضِيَّةِ الَّتي حَتَمْتَها وَحَكَمْتَها وَغَلَبْتَ مَنْ عَلَيْهِ أَجْرَيْتَها: أَنْ تَهَبَ لي فِي هذِهِ اللَيْلَةِ وَفي هَذِهِ السّاعَةِ كُلَّ جُرْم أَجْرَمْتُهُ، وَكُلَّ ذَنْب أَذْنَبْتُهُ، وَكُلَّ قَبِيْح أَسْرَرْتُهُ، وَكُلَّ جَهْل عَمِلْتُهُ، كَتَمْتُهُ أَوْ أَعْلَنْتُهُ، أَخْفَيْتُهُ أَوْ أَظْهَرْتُهُ، وَكُلَّ سَيِّئَة أَمَرْتَ بِإِثْباتِهَا الْكِرامَ الْكاتِبينَ الَّذينَ وَكَّلْتَهُمْ بِحِفْظِ ما يَكُونُ مِنّي وَجَعَلْتَهُمْ شُهُوداً عَلَيَّ مَعَ جَوارِحي، وَكُنْتَ أَنْتَ الرَّقيب عَلَيَّ مِن وَرآئِهِمْ، وَالشّاهِدَ لِما خَفِيَ عَنْهُمْ، وَبِرَحْمَتِكَ أَخْفَيْتَهُ وَبِفَضْلِكَ سَتَرْتَه».

 


(1) البحار 5: 322، الباب 17 من أبواب العدل، الحديث 4. والشدق: زاوية الفم من باطن الخدّين.

(2) نهج البلاغة، الخطبة 157.

(3) البحار 5: 321، الباب 17 من أبواب العدل.

354

3 ـ قوله تعالى: ﴿وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَاماً كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُون﴾(1).

يحتمل أن يكون المقصود بالحفظ حفظ الأعمال، ويحتمل أن يكون المقصود الحفظ من الآفات كما يفهم من قوله تعالى: ﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّه﴾(2)، وعلى الاحتمال الثاني فنفس الملائكة الحفظة للإنسان من الآفات والعثرات هم الكاتبون أيضا للأعمال.

وفي الحديث عن إسحاق بن عمّار قال: «قلت لأبي عبدالله(عليه السلام): أخبرني بأفضل المواقيت في صلاة الفجر. فقال: مع طلوع الفجر، إنّ الله تعالى يقول: ﴿وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً﴾(3) يعني صلاة الفجر تشهدها ملائكة الليل وملائكة النهار، فإذا صلّى العبد الصبح مع طلوع الفجر اُثبتت له مرّتين، أثبتها ملائكة الليل وملائكة النهار»(4)، وهذا يعني أنّ ملائكة الليل وملائكة النهار تتعاقبان في وقت الفجر، وكلّ منهما تثبّت ما ترى، وبالتالي تثبّت صلاة الصبح التي تؤدّى في أوّل وقتها مرّتين. وفي حديث آخر عن الإمام الصادق(عليه السلام): «إنّ ملائكة الليل تصعد وملائكة النهار تنزل عند طلوع الفجر، فأنا اُحبّ أن تشهد ملائكة الليل وملائكة النهار صلاتي»(5).

4 ـ قوله تعالى: ﴿فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيهْ * إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاَق حِسَابِيهْ * فَهُوَ فِي عِيشَة رَّاضِيَة * فِي جَنَّة عَالِيَة * قُطُوفُهَا


(1) س 82 الانفطار، الآية: 10 ـ 12.

(2) س 13 الرعد، الآية: 11.

(3) س 17 الإسراء، الآية: 78.

(4) البحار 5: 321، الباب 17 من أبواب العدل، الحديث 2، وانظر الوسائل 4: 212، الباب 28 من أبواب المواقيت، الحديث 1.

(5) اُنظر وسائل الشيعة 4: 213 ـ 214، الباب 28 من أبواب المواقيت، الحديث 3.

355

دَانِيَةٌ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الاَْيَّامِ الْخَالِيَةِ * وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيهْ * وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيهْ * يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ * مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيهْ * هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيهْ﴾(1).

وقد ورد عن عبدالله بن غسيل الملائكة حنظلة تفسير هذه الآية: بأنّ من اُوتي كتابه بيمينه تكتب له سيئاته في ظهر الكتاب فلا يطّلع عليها غيره، ويثق بأنّ المكشوف للناس كلّه حسنات؛ ولهذا يقول: ﴿هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيهْ﴾(2).

5 ـ قوله تعالى: ﴿فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً * وَيَنقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُوراً * وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاء ظَهْرِهِ * فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُوراً * وَيَصْلَى سَعِيراً﴾(3).

ويظهر من قوله تعالى: ﴿حِسَاباً يَسِيراً﴾ أنّ المحاسبة على السيّئات لابدّ منها ولو كان صاحبها من المؤمنين ومن المغفورين له، إلّا أنّ الحساب سيكون عندئذ حساباً يسيراً وبلطف ومغفرة.

ويظهر من الجمع بين هذه الآية والآية السابقة أنّ الذي يؤتى كتابه وراء ظهره هو الذي يؤتى كتابه بشماله، ولا نعلم هل هذا يعني أنّ المجرم هو الذي يأخذ كتابه بشماله من وراء ظهره بعمد والتفات، خجلاً ممّا في الكتاب وحذراً من الفضيحة باطّلاع الناس على ما في الكتاب؟ أو يعني أنّ الله تعالى قد شدّ شماله بوراء ظهره؟ أو أنّ رأسه قد ركّب بالشكل الذي يكون وجهه إلى جهة ظهره؟ نعوذ بالله من كلّ ذلك.

ثانيها: الكتاب الجامع لكلّ اُمّة؛ فكأنّ هناك كُتباً بعدد الاُمم من الناس ومن غير الكتب الشخصية، وقيل: إن هذا يستفاد من بعض الآيات كقوله تعالى:


(1) س 69 الحاقّة، الآية: 19 ـ 29.

(2) پيام قرآن 6: 95 ـ 96.

(3) س 84 الانشقاق، الآية: 7 ـ 12.

356

﴿وَتَرَى كُلَّ أُمَّة جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّة تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ * هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُون﴾(1).

وكلمة الاستنساخ توحي إلى أذهاننا أحد معنيين:

إمّا أخذ النسخة من أعمالنا شبيهاً بصور التلفاز، أو الإشعاعات النوريّة التي تنفصل عن أجسامنا وتبقى تتحرّك وتنفذ حتّى بعد فرض انعدام الجسم. وإمّا جمع الآثار التي تخلّف أعمالنا في ما حوالينا شبيهاً بطبعة بصمات الأصابع، وآثار كلّ الانصدامات التي تتحقّق بين أجسامنا وما حوالينا، بل وحتّى التي تتحقّق بين الهواء ومخارج الحروف في حالة النطق، وكلّ هذا يؤخذ فيه بعين الاعتبار ضيق نظرنا وقصور تصوّراتنا عن النفوذ إلى أكثر ممّا هو محصور في عوالم الحسّ الدنيوي لنا.

وقد يضاف إلى تصوّر الكتاب لكلّ اُمّة تصوّر كتاب لمجموع الأبرار، وكتاب آخر لمجموع الفجّار استلهاماً من قوله تعالى: ﴿كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّين * وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ * كِتَابٌ مَّرْقُوم﴾(2)، وقوله تعالى: ﴿كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الاَْبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ * كِتَابٌ مَّرْقُومٌ * يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُون﴾(3).

ثالثها: كتاب عامّ لجميع الناس، وهذا ما قد يستظهر من مثل قوله تعالى في الآية التي بدأنا بها حديث المعاد: ﴿وَوُضِعَ الْكِتَاب﴾(4)، أو آية سورة الكهف: ﴿وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَا لِهَذَا الْكِتَابِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا﴾(5)، أو قوله تعالى: ﴿وَكُلَّ شَيْء أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَام مُبِين﴾(6).

 


(1) س 45 الجاثية، الآية: 28 ـ 29.

(2) س 83 المطفّفين، الآية: 7 ـ 9.

(3) س 83 المطفّفين، الآية: 18 ـ 21.

(4) س 39 الزمر، الآية: 69.

(5) س 18 الكهف، الآية: 49.

(6) س 36 يس، الآية: 12.

357

 

الشهادة

 

إنّ المقدار المشار إليه من الشهود في القرآن الكريم اُمور عديدة من قبيل:

1 ـ الله جلّ جلاله.

قال تعالى: ﴿فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُون﴾(1).

2 ـ الأنبياء(عليهم السلام).

قال تعالى: ﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّة بِشَهِيد وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَـؤُلاء شَهِيداً﴾(2)، وقد احتمل في هذه الآية المباركة تفسيران:

أحدهما: أنّ كلّ نبيّ هو شهيد على اُمّته، والمرجع لاسم الإشارة في قوله ﴿عَلَى هَـؤُلاء﴾ هم اُمّة الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله)، ولعلّ وجه شهادة النبيّ على اُمّته رغم غيابه الظاهري عنهم بعد موته هو عرض أعمال الاُمّة عليه في كلّ اُسبوع أو أقلّ أو أكثر، أو لعلّ له حضوراً في الاُمّة حتّى بعد موته بمستوى لا ندركه نحن.

ثانيهما: أنّ كلّ نبيّ شهيد على اُمّته، ونبيّنا(صلى الله عليه وآله) شاهد على الأنبياء بحضور له في مستوى الرسالة والنبوّة لا ندركه نحن، فيكون المرجع لاسم الإشارة هم الأنبياء.

ويظهر من بعض الآيات أنّ محاسبة كلّ اُمّة يكون بإشراف نبيّها قال الله تعالى: ﴿وَلِكُلِّ أُمَّة رَّسُولٌ فَإِذَا جَاء رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ وَهُمْ


(1) س 10 يونس، الآية: 46.

(2) س 4 النساء، الآية: 41.

358

لاَ يُظْلَمُون﴾(1)، وقال عزّ وجلّ: ﴿وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ﴾(2).

3 ـ الملائكة.

قال تعالى: ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ * وَجَاءتْ كُلُّ نَفْس مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ * لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَة مِّنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ * وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيد﴾(3).

4 ـ الأعضاء والجلود.

قال تعالى: ﴿يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُون﴾(4)، وقال عزّ وجلّ: ﴿حَتَّى إِذَا مَا جَاؤُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْء وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّة وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ * وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلاَ أَبْصَارُكُمْ وَلاَ جُلُودُكُمْ وَلَكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اللَّهَ لاَ يَعْلَمُ كَثِيراً مِّمَّا تَعْمَلُون﴾(5)، وقال سبحانه: ﴿الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون﴾(6).

وقد ورد في بعض الأحاديث: «إذا جمع الله الخلق يوم القيامة دفع إلى كلّ إنسان كتابه، فينظرون فيه فينكرون(7) أنّهم عملوا من ذلك شيئاً، فيشهد عليهم الملائكة، فيقولون: يا ربّ، ملائكتك يشهدون لك. ثُمّ يحلفون أنّهم لم يعملوا من ذلك شيئاً وهو قوله: ﴿يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ﴾(8)،


(1) س 10 يونس، الآية: 47.

(2) س 39 الزمر، الآية: 69.

(3) س 50 ق، الآية: 20 ـ 23.

(4) س 24 النور، الآية: 24.

(5) س 41 فصّلت، الآية: 20 ـ 22.

(6) س 36 يس، الآية: 65.

(7) أي: بعضهم.

(8) س 58 المجادلة، الآية: 18.

359

فإذا فعلوا ذلك ختم على ألسنتهم، وينطق جوارحهم بما كانوا يكسبون»(1).

وهنا يأتي سؤال وهو: أنّ الذي ينكر ما شهدت عليه الملائكة ويكذّبهم ينكر ما شهدت عليه الأعضاء أيضا ويكذّبها، فأيّ فرق بينهما؟

ولكن الواقع أنّنا لا نعلم بالدقّة طريقة شهادة الشهود ومنها شهادة الجوارح، فلربّ بعض الشهادات أوضح من بعض وأبعد من قابلية الإنكار، كما هو الحال في هذه الدنيا من قبيل ما نرى من أنّ شهادة الصورة التلفازية أبعد عن قبول الإنكار من شهادة البيّنة العادلة، فلعلّ الأعضاء والجلود تبرز مثلاً ضمن شهادتها الآثار التكوينية الّتي خلّفت الأعمال فيها، فيتجلّى الأمر بشكل يصبح أبعد عن الإنكار.

وورد في الحديث عن الإمام الباقر(عليه السلام):«... وليست تشهد الجوارح على مؤمن، إنّما تشهد على من حقّت عليه كلمة العذاب، فأمّا المؤمن فيعطى كتابه بيمينه...»(2).

5 ـ الأرض.

قال تعالى: ﴿يَوْمَئِذ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا﴾(3).

وقد ورد في الحديث عن الإمام الصادق(عليه السلام) سأله أبو كهمس: «يصلّي الرجل نوافله في موضع أو يفرّقها؟ قال: لا بل هاهنا و هاهنا، فإنّها تشهد له يوم القيامة»(4).

 


(1) البحار 7: 312، الباب 16 من أبواب المعاد، الحديث 3.

(2) البحار 7: 318، الباب 16 من أبواب المعاد، الحديث 14، والكافي 2: 32.

(3) س 99 الزلزال، الآية: 4 ـ 5.

(4) البحار 7: 318، الباب 16 من أبواب المعاد، الحديث 15.

360

وفي صحيحة معاوية بن وهب قال: «سمعت أبا عبدالله(عليه السلام) يقول: إذا تاب العبد توبة نصوحاً أحبّه الله فستر عليه في الدنيا والآخرة. فقلت: كيف يستر عليه؟ قال: يُنسي ملكيه ما كتبا عليه من الذنوب، ويوحي إلى جوارحه: اكتمي عليه ذنوبه. ويوحي إلى بقاع الأرض: اكتمي عليه ما كان يعمل عليك من الذنوب. فيلقى الله حين يلقاه، وليس شيء يشهد عليه بشيء من الذنوب»(1).

وقد اُلحق في الروايات بهؤلاء الشهود الخمسة شاهدان آخران:

أحدهما: الأئمّة المعصومون(عليهم السلام)، ففي الحديث عن سماعة قال: «قال أبو عبدالله(عليه السلام)في قول الله عزّ وجلّ: ﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّة بِشَهِيد وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَـؤُلاء شَهِيداً﴾(2) قال: نزلت في اُمّة محمّد(صلى الله عليه وآله) خاصّة، في كلّ قرن منهم إمام منّا شاهد عليهم، ومحمّد(صلى الله عليه وآله)شاهد علينا»(3).

وعن سليم بن قيس الهلالي عن أمير المؤمنين(عليه السلام) قال: «إنّ الله تبارك وتعالى طهّرنا وعصمنا وجعلنا شهداء على خلقه وحجّته في أرضه، وجعلنا مع القرآن، وجعل القرآن معنا لا نفارقه ولا يفارقنا»(4).

ثانيهما: الزمان. ففي الحديث عن الصادق(عليه السلام) قال: «إنّ النهار إذا جاء قال: يابن آدم، اعمل في يومك هذا خيراً أشهد لك به عند ربّك يوم القيامة، فإنّي لم آتك في ما مضى ولا آتيك في ما بقي. وإذا جاء الليل قال مثل ذلك»(5).


(1) البحار 7: 317 ـ 318، الباب 16 من أبواب المعاد، الحديث 12، وانظر الكافي 2: 430 ـ 431.

(2) س 4 النساء، الآية: 41.

(3) الكافي 1: 190، الباب 9 من كتاب الحجّة، الحديث 1.

(4) المصدر السابق: 191، الحديث 5.

(5) البحار 7: 325، الباب 16 من أبواب المعاد، الحديث 22.

361

 

الميزان

 

قال سبحانه وتعالى: ﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّة مِّنْ خَرْدَل أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِين﴾(1)، وقال تعالى: ﴿وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذ الْحَقُّ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَـئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُم بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يِظْلِمُون﴾(2).

وورد في الحديث: «بينا رسول الله(صلى الله عليه وآله) ذات يوم واضع رأسه في حجر عائشة قد أغفى إذ سالت الدموع من عينها، فقال: ما أصابك؟ ما أبكاك؟ قالت: ذكرت حشر الناس، وهل يذكر أحد أحداً؟ فقال لها: يحشرون حفاة عراة. وقرأ: ﴿لِكُلِّ امْرِى مِّنْهُمْ يَوْمَئِذ شَأْنٌ يُغْنِيه﴾(3) لا يذكر فيها أحداً عند الصحف، وعند وزن الحسنات والسيّئات»(4).

وروي «أنّ داود(عليه السلام) سأل ربّه أن يُريه الميزان، فأراه كلّ كفّة كما بين المشرق والمغرب، فغشي عليه ثُمّ أفاق فقال(عليه السلام): الهي، من الذي يقدر أن يملأ كفّته حسنات؟ فقال: يا داود، إنّي إذا رضيت عن عبدي ملأتها بتمرة»(5).

إنّ أصل وجود الميزان في محكمة عدل الله في يوم القيامة ممّا لا شكّ فيه؛ لأنّه صرّح به القرآن، ولكن كيفيّة الميزان ليست واضحة تمام الوضوح، فقد


(1) س 21 الأنبياء، الآية: 47.

(2) س 7 الأعراف، الآية: 8 ـ 9.

(3) س 80 عبس، الآية: 37.

(4) البحار 7: 245، الباب 10 من أبواب المعاد.

(5) پيام قرآن 6: 172.