المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

342

 

1 ـ نفخة الصـور الاُولـى

 

المرحلة الاُولى لمراحل عالم الآخرة أو يوم القيامة هي نفخة الصور الاُولى، وقد مرّ بنا استظهار كونها مرحلة الموت الثانية للبشر، فالموت الأوّل عبارة عن موت البدن الدنيوي ومع بقاء النفس أو الروح حيّة حسّاسة تحسّ بعالم البرزخ وما فيه من ثواب أو عقاب، والموت الثاني عبارة عن موت الروح أو النفس لا بمعنى الفناء المطلق الذي يوجب فلسفياً استحالة إعادتها، بل بمعنى الوقوع في حالة السبات الكامل وانتهاء ثواب البرزخ أو عقابه أو أيّ إحساس فيه، ويستثنى من هذا السبات من شاء الله كالشهداء.

والظاهر أنّ هذا هو المقصود بالصعق في قوله تعالى: ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَن شَاء اللَّه﴾(1)، كما أنّ الظاهر أنّ هذا هو المقصود بالموتة الثانية التي صرّح بها القرآن الكريم في موردين:

أحدهما: قوله تعالى عن لسان الكفّار: ﴿رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوج مِّن سَبِيل﴾(2).

ثانيهما: قوله تعالى عن لسان المؤمنين بعد أن يسكنوا الجنّة ويشرفوا على جهنّم ليخاطب كلّ واحد منهم صاحبه الذي سكن النار: ﴿فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاء الْجَحِيمِ * قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدتَّ لَتُرْدِينِ * وَلَوْلاَ نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنتُ مِنَ الْمُحْضَرِين﴾(3)،


(1) س 39 الزمر، الآية: 68.

(2) س 40 غافر، الآية: 11.

(3) س 37 الصافّات، الآية: 55 ـ 57.