40

46 ـ لا يجب في النيّة إخطار الصورة التفصيليّة لفريضة حجّ التمتّع، بل له أن يقصد الإتيان بواجباتها إجمالاً ثُمّ يتعلّمها ويأتي بها بالتدريج، كما لايجب الإشارة إلى الوجوب أو الاستحباب.

47 ـ إذا شكّ في أنّه لبّى أو لا، بنى على عدمها حتّى لو كان قد تجاوز الميقات والمكان الذي كان يجوز تأخير التلبية إليه(1).

وإذا لبّى وشكّ في صحّة تلبيته بنى على الصحّة.

48 ـ يُستحبّ الغسل في الميقات للإحرام، ويصحّ من الحائض والنفساء ـ أيضاً ـ على الأظهر، وإذا خشى المسافر عدم تيسّر الماء في الميقات، جاز له أن يغتسل قبل ذلك، فإن وجد الماء في الميقات أعاد، وإذا اغتسل ثُمّ أحدث بالأصغر أو أكل أو لبس ما يحرم على المحرم قبل أن يحرم، أعاد غسله.

 

3 ـ ما يجب على المحرم

49 ـ يجب على المحرم الرجل أن يحرم في ثوبين: هما الإزار والرداء، ويكفي منهما ما يصدق عليه الاسم عرفاً، ولاخلاف في صدق الإزار على ما كان ساتراً بين السرّة والركبتين، وصدق الرداء على ما كان ساتراً للمنكبين، ولا بأس بزيادتهما على الحدّ المذكور.

 



(1) لعدم التجاوز الشرعي الذي يكون بالدخول في الجزء المترتب أو بالعجز الشرعي عن الإعادة.

41

فالمحرم الرجل يتجرّد من ملابسه الاعتياديّة، ويتّزر بقطعة قماش غير مخيطة يستر بها مابين السرّة والركبة، ويرتدي قطعة قماش كذلك يستر بها ما بين المنكبين، ويحرم في حالة لبسه لهذين الثوبين، ويطلق عليهما اسم ثوبي الإحرام.

50 ـ الأقرب أنّ لبس ثوبي الإحرام ليس شرطاً في صحّة الإحرام، وإنّما هو واجب على من يحرم، فمن ترك لبسهما وأحرم من دونهما صحّ إحرامه، وحرمت عليه الأشياء التي تحرم على المحرم، وإن كان آثماً بتركه لبس الثوبين.

51 ـ يعتبر في ثوبي الإحرام نفس الشروط المعتبرة في لباس المصلّي: فيلزم أن لا يكونا من الحرير الخالص، ولا من أجزاء ما لايؤكل لحمه، ولا من الذهب على نحو يكون لبساً للذهب، ويلزم طهارتهما، نعم لا بأس بتنجّسهما بنجاسة معفوّ عنها في الصلاة، ويعتبر في الثوبين على الأحوط أن يكونا من المنسوج، أي: من قبيل القماش لاالجلد، وأن يكونا ساترين للبشرة غير حاكيين عنها.

52 ـ وجوب لبس ثوبي الإحرام مختصّ بالرجال، فالمرأة يجوز لها أن تحرم في ملابسها الاعتياديّة، والأحوط لهامراعاة الشروط التي تقدّمت في الفقرة (51) في تلك الملابس الاعتياديّة التي تحرم فيها بما فيها عدم كون الثياب من الحرير،

42

بل الأحوط أن لاتلبس شيئاً من الحرير الخالص في جميعأحوال الإحرام.

53 ـ يجوز للمحرم أن يزيد على الثوبين، ويلبس غيرهما ممّا يصلح للمحرم أن يلبسه في ابتداء الإحرام وفي أثنائه، كما يجوز له تبديل الثوبين بآخرين واجدين لنفس الشرائط، ويجوز للمحرم بعد عقد الإحرام والتلبية التجرّد منهما من دون بديل مع الأمن من الناظر أو كون العورة مستورة بشيء آخر.

54 ـ إذا تنجّس أحد الثوبين أو كلاهما بعد صيرورته محرماً، فالأحوط المبادرة إلى التبديل أو التطهير.

55 ـ يُكره الإحرام في الثياب الوسخة وفي الثوب الأسود، ويُستحبّ أن يكون ثوبا الإحرام من القطن.

 

4 ـ آداب الإحرام ومستحبّاته

56 ـ تقدّم مايجب على المحرم مراعاته في إحرامه، وفيما يلي نستعرض جملة من آداب الإحرام المستحبّة:

 

مقدّماته العامّة:

يُستحبّ تمهيداً للإحرام:

أوّلاً: أن يؤفّر الرجل شعر رأسه منذ بداية شهر ذي القعدة، فلا يأخذ منه شيئاً إذا كان من قصده الحجّ منذ ذلك الحين.

 

43

ثانياً: أن ينظّف الإنسان جسده، ويقلّم أظفاره، ويزيل الشعر عن الإبطين والعانة، ويأخذ من شاربه، وينظّف أسنانه بالسواك.

ثالثاً: أن يغتسل غسل الإحرام، وقد تقدّم بيان أحكامه في بحث كيفيّة الإحرام، وقد قدّمناه هناك لمزيد أهمّيته.

ومن المأثور أن يدعو المكلّف عند الغسل بهذا الدعاء:

«بِسْم اللهِ وَباللهِ. اللَّهُمَّ، اجْعَلْهُ لِي نُوراً وَطهُوراً وَحِرْزاً وَأمْناً مِنْ كُلِّ خَوْف وَشِفاءً مِنْ كُلِّ دَاء وَسُقْم. اَللَّهُمَّ، طَهِّرني، وَطهِّر قَلْبي، وَاشْرَحْ لِي صَدْري، وَأجْرِ عَلىْ لِسَانِي مَحبَّتكَ وَمِدْحَتَكَ وَالثَنَاءَ عَلَيْكَ؛ فَإنّه لاقُوَّةَ لِي إلّا بِكَ، وَقَدْ عَلِمْتُ أنّ قَوامَ دِيْني التَسْليمُ لَكَ وَالاتّباعُ لِسُنّةِ نَبيِّكَ صَلَواتُكَ عَليهِ وآلِه».

 

مقدّماته المتّصلة به:

يُستحبّ للمكلّف عند إرادة الإحرام أن يحرم عند الزوال عقيب فريضة الظهر، فإن لم يتمكّن فبعد فريضة اُخرى، وإلّا فبعد التنفّل بركعتين في الأقل، وورد في بعض الروايات بستّ ركع وفي بعضها أربع ركع.

فإذا فرغ من الصلاة حمد الله وأثنى عليه، وصلّى على النبيّ(صلى الله عليه وآله) وقال: «اللَّهُمَّ، إنّي أسألُكَ أنْ تَجْعَلَنِي مِمَّنْ استَجابَ لَكَ، وَآمَنَ بِوَعْدِكَ، وَاتَّبَعَ أمْرَكَ؛ فَإنّي عَبْدُكَ وَفِي قَبْضَتِكَ، لااُوقى إلّا ما

44

وَقَيْتَ، وَلا آخُذُ إلّا ما أعطَيْتَ، وَقَدْ ذكرْتَ الحجَّ فأسأ لُكَ أنْ تَعْزِمَ لي عَليهِ على كتابِكَ، وسُنّةِ نبيِّكَ صَلَواتُكَ عَليهِ وآلِه، وتُقوِّيني على ما ضَعُفتُ، وتُسلم لي مناسِكي في يُسر منك وعافية، واجْعَلْني مِنْ وَفْدِكَ الَّذي رَضِيتَ وارْتَضَيْتَ وَسمَّيتَ وكتبت. اللَّهُمَّ، إنِّي خَرَجتُ مِنْ شُقَّة بَعيدَة، وأنفَقْتُ مَالي ابتغاءَ مَرْضاتِكَ. اللَّهُمَّ، فَتَمّمْ لي حجَّتي وعُمْرتي. اللَّهُمَّ، إنّي اُريدُ التَمتُّع بالعُمْرةِ إلى الحَجَّ عَلى كتابِك وسُنَّةِ نبيِّكَ صلواتُكَ عليه وآله، فإنْ عَرضَ لي عارض يحبسُني فحلّني حيثُ حبستَني بقَدَركَ الَّذي قدَّرت عَليَّ. اللَّهُمَّ، إنْ لَمْ تَكُنْ حجَّةٌ فَعمْرةٌ أحْرَمَ لَكَ شعري وبَشري ولَحمي ودَمي وعِظَامي ومُخّي وعَصبي من النّساء والثياب والطِّيب، أبتغي بذلكَ وجْهَكَ والدّار الآخرة».

وإذا كان المحرم الرجل لايزال غير متجرّد من ملابسه، فليتجرّد منها، ويلبس ثوبي الإحرام، ويناسب أن يقرأ عند لبس ثوبي الإحرام:

«الحَمدُ للهِ الّذي رزَقَني مَا أُواري بِهِ عَوْرَتي، وأُؤدِّي فيه فَرْضي، وأعبُدُ فيه ربِّي، وأنتهي فيه إلى ما أمرَني. الحَمدُ لِلّهِ الّذي قَصدتُهُ فَبلَّغني، وأرَدْتُه فأعَانَني وقَبِلني ولم يقطَع بي، وَوَجْهَهُ أردتُ فَسَلَّمني، فهو حِصني وكهفي وحِرْزي وَظهري ومَلاذي ورَجائي ومَنْجاي وذُخْري وعُدَّتي في شِدَّتي ورَخائي».

وعند ذلك يكون متهيّئاً للإحرام، فينوي ويلبّي.

45

المستحبّات في كيفيّـته:

إذا أحرم في مسجد الشجرة استحبّ له الجهر بالتلبية في البيداء، وهي على ميل بعد الشجرة. وتستحبّ قراءة (ذي المعارج) من بعد التلبيات الماضية في الفقرة (42):

«لَبَّيكَ ذَا المَعَارِج لَبَّيكَ، لَبَّيكَ دَاعياً إلى دَارِ السَّلامِ لَبَّيكَ، لَبَّيكَ غَفّارَ الذُنوب لَبَّيكَ، لَبَّيكَ أهلَ التَلْبيةِ لَبَّيكَ، لَبَّيكَ ذا الجَلالِ والإكْرَامِ لَبَّيكَ، لَبَّيكَ تُبْدئُ والمَعادُ إليكَ لَبَّيكَ، لَبَّيكَ تَستَغْني ويُفتَقرُ إليكَ لَبَّيكَ، لَبَّيكَ مَرْهوباً ومَرعُوباً إليكَ لَبَّيك، لَبَّيكَ إله الحَقِّ لبَّيْك، لَبَّيك ذَا النَعْمَاءِ والفَضْلِ الحَسنِ الجَميلِ لَبَّيكَ، لَبَّيكَ كشَّافَ الكُربِ العِظام لَبَّيكَ، لَبَّيكَ عَبدُكَ وابنُ عبديكَ لَبَّيكَ، لَبَّيكَ يا كَريمُ لَبَّيك».

 

بعد الإحرام:

ويُستحبّ تكرار التلبية كلّما لقي راكباً أو علا مرتفعاً أو هبط وادياً، ومن آخر الليل وفي أدبار الصلاة.

ولايقطعها في عمرة التمتّع إلى أن يشاهد بيوت مكّة القديمة، ولايقطعها في حجّ التمتّع إلى زوال يوم عرفة، ولايقطعها في العمرة المفردة إلى أن يدخل الحرم، بل إلى أن يشاهد بيوت مكّة، وتظهر له معالمها.

وفي خصوص من أحرم بالعمرة المفردة من أدنى الحلّ يقطع التلبية إذا رأى المسجد الحرام.

 

46

5 ـ محرّمات الإحرام

قلنا فيما سبق: إ نّ الإحرام ينعقد شرعاً بالتلبية، فإذا أحرم ولبّى فقد أصبح محرماً، وحرمت عليه اُمور معيّنة في الشريعة.

وهي على ثلاثة أقسام: فمنها ما يحرم على الرجل والمرأة، ومنها ما يحرم على الرجل خاصّة، ومنها ما يحرم على المرأة خاصّة، فنذكر الأقسام فيما يلي تباعاً:

 

القسم الأوّل: ما يحرم على الرجل والمرأة معاً:

وهو يشتمل على اُمور:

 

1 ـ صيد الحيوان البرّيّ

57 ـ لايجوز للمحرم ـ رجلاً كان أم امرأة ـ صيد الحيوان البرّيّ أو إعانة شخص آخر ـ ولو كان الشخص الآخر محلاًّ ـ على صيده: بأن يشير إليه نحوه أو بغير ذلك من ألوان الإعانة. كما لايجوز له الأكل من لحم الصيد ولو كان قد اصطاده غيره، بل لايسمح له حتّى بمجرّد إمساك الصيد المذكور والاحتفاظ به وإن كان اصطياده له قبل إحرامه.

نعم، ليس المقصود بذلك إطلاق الحكم لصيد كان في منزله الذي في بلده غير مصطحب معه؛ فإنّه لايوجد فيه إشكال.

47

والصيد إنّما ينطبق على الحيوانات النافرة كالطيور مثلاً، وأمّا الحيوانات الأهليّة كالدجاج والغنم والبقر والإبل، فلايعتبر أخذها صيداً، ولايحرم على المحرم إمساكها وذبحها والأكل من لحمها.

وكما يحرم صيد الحيوانات التي ينتفع عادةً بلحومها كالطيور كذلك يحرم صيد غيرها ـ أيضاً ـ كالسباع، إلّا فيما إذا خيف منها على النفس.

ويختصّ التحريم بالحيوانات البرّيّة، فلايحرم صيد الحيوانات البحريّة كالسمك وغيره.

ويلحق بصيد الحيوان البرّيّ إمساك الجراد، فيحرم صيده والاحتفاظ به وأكله على المحرم. ويرخّص للمحرم في أن يرمي الغراب الأبقع والحدأة.

وكلّ ما يحرم من الصيد على المحرم يحرم على المحلّ ـ أيضاً ـ في منطقة الحَرَم، فالفارق بين المحرم والمحلّ: أنّ المحرم يحرم عليه الصيد في الحلّ والحرم معاً، والمحلّ يحرم عليه الصيد في الحرم.

 

2 ـ الاستمتاع

58 ـ يحرم على الرجل الاستمتاع بالمرأة جماعاً وتقبيلاً ولمساً بشهوة ونظراً مركّزاً مؤدّياً إلى الإمناء، ولايحرم عليه المسّ من دون شهوة، ولا النظر إلى زوجته من دون إمناء ولو كان بشهوة، ويحرم على المرأة ما يناظر ذلك.

48

كما يحرم على المحرم الاستمناء والتزويج لنفسه(1) أو غيره سواء كان ذلك الغير محرماً أم محلاًّ، والأحوط استحباباً أن لايتعرّض لخطبة النساء، ويجوز له الطلاق والرجوع إلى زوجته المطلّقة الرجعيّة.

وإذا ارتكب المحرم لعمرة التمتّع شيئاً من الاستمتاعات جهلاً أو نسياناً، فعمرته صحيحة ولاشيء عليه، وإذا ارتكب ذلك عالماً عامداً فعمرته ـ أيضاً ـ صحيحة، ولكنّه آثم، وعليه الكفّارة. وفيما يلي بعض تفصيلاتها:

1 ـ يكفي في كفّارة الجماع أن يكفّر بذبح ناقة أو جمل قد أكملا خمس سنوات، ودخلا في السادسة.

2 ـ كفّارة الاستمناء ككفّارة الجماع.

3 ـ يكفي في كفّارة التقبيل بشهوة ناقة أو جمل بالسنّ المتقدّم، ويكفي في كفّارة التقبيل من دون شهوة شاة، ولايلحق بذلك تقبيل الاُمّ تقبيل رحمة.

4 ـ يكفي في كفّارة المسّ بشهوة شاة.



(1) ولو عقد على امرأة عالماً بحرمة ذلك، حرمت عليه حرمة مؤبّدة، ولو كان جاهلاً بالحرمة، أي: كان يعتقد عدم الحرمة، أو كان غافلاً بالمرّة عن تصوّر هذا الحكم، لم تحرم عليه مؤبّداً، راجع الوسائل، باب 31 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة ونحوها، الحديث 1 .

49

5 ـ يكفي في كفّارة النظر المركّز المؤدّي إلى الإمناء أو الملاعبة المؤدّية إلى ذلك ما كان يكفي في كفّارة الجماع.

 

3 ـ الطيب والرياحين

59 ـ يحرم على المحرم ـ رجلاً كان أم امرأةً ـ استعمال الزعفران والعود والمسك والورس والعنبر بالشمّ والدلك والأكل والمسّ، وكذلك لبس مايكون عليه أثر منها.

ويحرم ـ أيضاً ـ استعمال الطيب بصورة عامّة بكلّ هذه الألوان من الاستعمال.

والطيب: هو كلّ مادّة لها رائحة طيّبة، وتتّخذ للشمّ والتطيّب كعطر الورد والقرنفل وغيره، وكما يحرم على المحرم استعمال الطيب كذلك يجب عليه أن يحاول التخلّص منه إذا ابتلي به عن عمد أو غير عمد.

ويستثنى من الطيب المحرّم ما تُطيَّب به الكعبة الشريفة، فلابأس بشمّه وتركه في الثوب إذا أصابه.

وليست الفاكهة من الطيب ولو كانت ذات رائحة طيّبة، فلايحرم الأكل منها، ولايجب على المحرم أن يُمسك عن شمّها وإن كان الأحوط استحباباً ذلك.

وأمّا الرياحين ـ النبات ذو الرائحة الطيّبة ـ فما كان منها نباتاً برّيّاً لايتّخذ منه مادّة للطيب، فلابأس بشمّها كالخزامى والقيصوم،

50

وأمّا غير ذلك من الرياحين كالورد والياسمين وغيرهما، فالأحوط وجوباً في ورودها التي تتّخذ للاستشمام ولاستخراج العطر حرمة مسّها والتلذّذ بشمّها، كما أنّ الأحوط استحباباً في الأوراق غير الورود عدم المسّ والاستشمام.

ولايمنع المحرم من النظر إلى الطيب أو الريحان، ولامن بيعه وشرائه.

ويحرم على المحرم أن يمسك على أنفه من الروائح الكريهة، وإذا أراد التخلّص منها بالإسراع بالمشي جاز له ذلك.

وإذا مارس المحرم الطيب جاهلاً أو ناسياً فلاشيء عليه، وإذا مارسه عالماً عامداً كان آثماً، ولم تبطل عمرته، وليست عليه كفّارة إلّا إذا كانت ممارسته للطيب بالأكل منه أو من طعام فيه طيب، فعليه ـ حينئذ ـ كفّارة شاة، والأحوط استحباباً في لبس ما عليه أثر من الطيب كفّارة شاة.

 

4 ـ الزينة

60 ـ تحرم الزينة على المحرم ـ رجلاً كان أم امرأة ـ سواء كان الدافع إليها قصد الزينة أو كان له غرض آخر، ويستثنى من ذلك بالنسبة إلى المرأة الحليّ التي كانت تعتاد لبسها قبل إحرامها؛ فإنّه يجوز لها التحلّي بها، ولكنّها لاتظهرها لزوجها ولالغيره من الرجال، كما يستثنى من ذلك بالنسبة إلى الرجال التختّم إذا لم يكن

51

بقصد الزينة؛ فإنّه جائز ولو اعتُبر زينة عرفاً، وأمّا إذا كان بقصد الزينة فلايجوز. ويحرم استعمال الحنّاء فيما إذا عدّ زينة عرفاً على الرجل والمرأة وإن لم يكن التزيّن مقصوداً للمحرم، ولاكفّارة على المخالفة.

 

5 ـ النظر في المرآة

61 ـ يحرم على المحرم ـ رجلاً كان أم امرأة ـ النظر في المرآة إذا كان المقصود بالنظر إصلاح الهندام والوضع، وأمّا النظر بدافع آخر كالتأكّد من عدم وجود حاجب على البشرة أو تعرّف سائق السيّارة على ما خلفه، فلايحرم. ولايعتبر من النظر في المرآة لبس النظّارة، فلايحرم لبسها إذا لم تكن للتزيّن بل لغرض طبّي أو للوقاية من الشمس ونحو ذلك، ولابأس بالنظر في غير المرآة من الأجسام الشفّافة التي ينطبع فيها وجه الناظر، كالماء الصافي وغيره على ما هو المألوف من أنّه ليس للزينة أو إصلاح الهندام.

ولاكفّارة على المحرم إذا نظر في المرآة.

 

6 ـ الاكتحال

62 ـ يحرم الاكتحال للزينة على المحرم رجلاً كان أم امرأة، وإذا كان الكحل أسود فهذا يعتبر شرعاً للزينة، فيحرم على الأحوط سواء قصد المكتحل الزينة فعلاً أو لا، وإذا لم يكن الكحل

52

أسود ولم يقصد به الزينة، فلايحرم إلّا إذا اعتبر زينة في العرف العام.

وإذا ارتكب المُحرم هذا المحرّم عامداً عالماً اعتبر آثماً، ولاكفّارة عليه.

 

7 ـ إخراج الدم من البدن

63 ـ يحرم على المحرم ـ رجلاً كان أم امرأة ـ إخراج الدم من بدنه وإن كان ذلك بحكّ، وأمّا إذا خرج الدم نتيجة استعمال السواك فلابأس بذلك ولو كان المستعمل يعلم سابقاً بالأمر، ويجوز إخراج الدم في حالات الضرورة أو دفع الأذى، كما يجوز للمحرم قلع الضرس بنحو لايخرج به الدم.

وإذا ارتكب المحرم هذا الحرام عالماً عامداً اعتبر آثماً، ولاكفّارة عليه.

 

8 ـ الفسوق

64 ـ الفسوق: هو الكذب والسبّ، وهما محرّمان على كلّ مكلّف، غير أنّهما محرّمان بوجه خاصّ أكيد على المحرم رجلاً كان أم امرأة. ومن ألوان السبّ المفاخرة التي تشتمل على الحطّ من الطرف المقابل وانتقاص قدره.

53

9 ـ الجدال

65 ـ لايجوز للمحرم ـ رجلاً كان أم امرأة ـ أن يستعمل الحلف في مقام الخصومة والمخالفة، فيقول ـ مثلاً ـ: «لا والله» و«بلى والله» أو أيّ عبارة مؤدّية لنفس المعنى سواء كان صادقاً أو كاذباً. ويسمّى ذلك (جدالاً)، وأمّا الخصومة والمقابلة بالكلام من دون حلف بالله تعالى، فليس جدالاً شرعاً وإن كان الأحوط الأولى اجتنابه.

وإذا توقّف استنقاذ الحقّ على الجدال واليمين جاز.

وفي حالة حرمة الجدال إذا جادل المحرم فإن كان كاذباً في قوله فعليه كفّارة شاة للمرّة الاُولى، وشاتين للمرّة الثانية، وبقرة للمرّة الثالثة، وإذا كان صادقاً فلاكفّارة عليه مالم يتكرّر حلفه ثلاث مرّات، غير أنّه يستغفر ربّه، فإن تكرّر ثلاث مرّات كانت عليه كفّارة شاة.

والأحوط إلحاق السبّ وما فوقه كالضرب بالجدال في الكفّارة بشاة ولو في المرّة الاُولى.

 

10 ـ قتل هوامّ الجسد

66 ـ لايجوز للمحرم ـ رجلاً كان أم امرأة ـ قتل القمّل، وكذلك لايجوز على الأحوط قتل البقّ والبرغوث في حالة عدم الضرر.

وأمّا مع الضرر فإنّما يجوز قتله لو كان تحمّله حرجيّاً، أمّا الضرر المتعارف في مثل البقّ والبرغوث فلايجوّز القتل، ولو أمكن

54

رفع الحرج بمثل إلقائه عن البدن لاتصل النوبة إلى جواز قتله.

ويجوز للمحرم إلقاء القمّل أو غيره عن جسده حتّى من دون حرج، وكذلك نقله من مكان إلى آخر.

والأحوط استحباباً في قتل القمّل أو طرحه التكفير بالتصدّق بكفّ من الطعام.

 

11 ـ الدهن

67 ـ يحرم على المحرم ـ رجلاً كان أم امرأة ـ التدهين سواء كان الدهن ذا رائحة طيّبة أم لا، ما لم تقع حالة ضرورة كالعلاج مثلاً، وكذلك يحرم على الأحوط مسّ الدهن. نعم، لابأس بمسّ الطعام الدهين، وإذا كان الدهن طيّباً فيحرم على الإنسان التدهين به قبل الإحرام ـ أيضاً ـ في الفترة التي يستمرّ فيها أثر الطيب إلى ما بعد الإحرام.

وإذا دهّن المحرم شيئاً من جسده عالماً عامداً فعليه كفّارة شاة على الأحوط استحباباً.

 

12 ـ إزالة الشعر عن البدن

68 ـ لايجوز للمحرم ـ رجلاً كان أم امرأة ـ أن يزيل الشعر عن بدنه، وكذلك عن بدن غيره سواء كان الغير محرماً أم محلاًّ، ويسمح

55

بذلك في حالات الضرورة أو التأ لّم من وجود الشعر. وإذاتساقطت شعرات عفواً بسبب حكّ الإنسان لجسده دون أن يكون الإنسان قاصداً لذلك، فالأحوط التصدّق بمثل كفّ من طعام. ولاشيء على إزالة الشعر جهلاً أو نسياناً.

أمّا في حالات العلم والعمد فإذا حلق المحرم رأسه عالماً عامداً فإن كان من دون ضرورة فكفّارته شاة، وإن كان لضرورة وعذر أمكنه أن يكفّر بشاة أو بصوم ثلاثة أيّام أو بإطعام ستّة مساكين لكلّ واحد مدّان من الطعام، أي: نحو كيلو ونصف.

وإذا نتف المحرم شعره النابت تحت إبطيه أو أحدهما فكفّارته شاة، وإذا نتف المحرم شيئاً من شعره فعليه أن يطعم مسكيناً بكفّ من طعام. وإذا أزال شعر غيره فلاكفّارة عليه.

 

13 ـ تقليم الأظفار

69 ـ لايجوز للمحرم ـ رجلاً كان أم امرأة ـ تقليم ظفره ولو بعضه، إلّا في الحالات التي ينشأ من بقائه الضرر أو الأذى، ولاشيء على المخالف في حالة الجهل أو النسيان، وأمّا في حالة العلم والعمد فكفّارة تقليم كلّ ظفر مدّ من الطعام، فإذا قلّم أظفار اليدين العشرة في مجلس واحد كان عليه التكفير بشاة، وكذلك إذا قلّم أظفار رجليه العشرة في مجلس واحد، أو جمع بين أظفار اليدين والرجلين العشرين في مجلس واحد.

56

وأمّا إذا قلّم أظفار يديه في مجلس وأظفار رجليه في مجلس آخر، فعليه التكفير بشاتين.

 

14 ـ الارتماس

70 ـ يحرم على المحرم ـ رجلاً كان أم امرأة ـ الارتماس في الماء: وهو إدخال الرأس بكامله في الماء، والأحوط وجوباً إلحاق غير الماء من المائعات به. ولاكفّارة على المخالفة.

 

15 ـ حمل السلاح

71 ـ لايجوز للمحرم حمل السلاح كالسيف والبندقيّة ونحوها، ويلحق بها في التحريم على الأحوط آلات القتال الوقائيّة كالدرع مثلاً، ولابأس بوجود السلاح في حيازة المحرم وأمتعته، كما لابأس بحمله عند الضرورة.

وكفّارة حمل السلاح إذا ارتكبه المحرم عالماً عامداً من دون ضرورة شاة على الأحوط.

 

16 ـ قلع شجر الحرم ونبته

72 ـ يحرم على المحرم ـ رجلاً كان أم امرأة ـ بل على كلّ مكلّف ولو لم يكن محرماً أن يقلع أو يقطع أيّ شيء نبت في الحرم

57

من شجر وغيره، ولابأس بما ينقطع عند المشي المترسّل. وهناك استثناءات لهذا التحريم:

منها: استثناء النخل وشجر الفاكهة.

ومنها: استثناء ما غرسه الشخص نفسه أو نما في داره أو في ملكه.

وكفّارة قلع الشجرة قيمة تلك الشجرة يتصدّق بها. ولاكفّارة في قلع الأعشاب.

 

القسم الثاني: مايحرم على المحرم الرجل خاصّة:

ويشتمل هذا القسم على اُمور:

 

1 ـ لبس الثياب الاعتياديّة

73 ـ يحرم على المحرم الرجل أن يلبس الملابس الاعتياديّة التالية:

أوّلاً: الملابس والثياب التي تُسلك في العنق، وكلّ ثوب يُسلك في العنق يسمّى (قميصاً).

ثانياً: الملابس والثياب التي لها يدان أو فتحتان على نحو يتيح للاّبس أن يُدخل يديه فيهما، وكلّ ثوب من هذا القبيل يسمّى (الدرع) وهو محرّم ولو لم يُسلك في العنق كالعباءة. وليست الحرمة هنامرتبطة بإدخال اليدين فعلاً في يدي العباءة ونحوها، فلو لبس العباءة بصورتها الاعتياديّة دون أن يدخل يديه في يديها، كان حراماً أيضاً.

58

ثالثاً: السروال: وهو ما تستر به العورة من الملابس الاعتياديّة.

رابعاً: الثوب الذي فيه أزرار وتعقد بعضها ببعض، ويسمّى بــ (الثوب المزرّر)، وهو حرام حتّى ولو لم يسلك في العنق ولم تكن له يدان، كما إذا لبس ممّا دون إبطيه ثوباً مزرّراً. وليست الحرمة قائمة بوجود الأزرار، بل باستعمال تلك الأزرار بعقد بعضها بالبعض الآخر.

وهذه الأقسام الأربعة من الثياب محرّمة سواء صنعها بهذه الأنحاء عن طريق الخياطة أو عن طريق آخر، فما ينسج من الثياب على نحو يُسلك في العنق أو له يدان حرام أيضاً، وكذلك ما يعوّض فيه عن الأزرار بمادّة لاصقة مثلاً.

وأمّا استعمال المحرم للمخيط على غير هذه الأنحاء الأربعة فهو جائز، من قبيل أن يغطّي جسده باللّحاف المشتمل على الخياطة؛ لأ نّ هذا ليس تقمّصاً للّحاف وادّراعاً له، ومن قبيل الحزام أو الهميان الذي توضع فيه النقود، ورباط الفتق الذي يستعمل لحفظ الاُنثيين من النزول وغير ذلك.

والأحوط وجوباً ترك شدّ العمامة ونحوها على الصدر(1)،



(1) ولا كفّارة فيه؛ لأنّ دليل الكفّارة ورد بعنوان لبس الثياب المحرّمة، وهذا العنوان لا يشمل شدّ الصدر بمثل العمامة، راجع الوسائل، باب 8 و 9 من بقيّة الكفّارات.

59

وكذلك يترك عقد الإزار على العنق، والأحوط وجوباً ترك مطلق عقد الإزار والرداء.

وإذا لبس المحرم عالماً عامداً شيئاً ممّا حرم لبسه عليه، فكفّارته شاة.

والأحوط لزوم الكفّارة عليه ولو كان لبسه للاضطرار وإن لم يعتبر آثماً باللّبس في حالة الاضطرار. ولاشيء على الجاهل والناسي.

 

2 ـ لبس الخفّ والجورب

74 ـ يحرم على الرجل المحرم لبس الخفّ ـ وهو حذاء يستر ظهر القدم ـ والجورب ولبس كلّ ما يستر تمام ظهر القدم. وأمّا سترتمام ظهر القدم من دون لبس كأن يضع عليه منديلاً ـ مثلاً ـ أو غطاءاً، فلابأس بذلك.

وإذا لبس شيئاً من ذلك جاهلاً أو ناسياً فلا شيء عليه، وإذا لبسه عالماً عامداً كفّر بشاة.

 

3 ـ ستر الرأس

75 ـ لايجوز للرجل المحرم ستر رأسه كلّه أو بعضه، ولاستر الاُذنين مهما كان نوع الساتر اعتياديّاً كالمنديل مثلاً، أو غير اعتياديّ كالطين، بل الأحوط عدم ستر الرأس بحمل شيء عليه أيضاً، وعدم الستر في وقت النوم أيضاً.

60

ويجوز الستر في حالة الضرورة والصداع ونحو ذلك.

ولاتجب الكفّارة على المرتكب إذا كان ناسياً أو جاهلاً أو معذوراً للاضطرار، أمّا في غير ذلك فالمشهور وجوب التكفير بشاة، وهو الأحوط الأولى، ولايبعد كفاية التصدّق بإطعام مسكين، بل وحتّى هذا غير واجب، وإنّما ورد في تغطية الوجه إطعام مسكين في يده ـ الوسائل، الباب 55، من تروك الإحرام، الحديث 4 ـ وهو محمول على الاستحباب؛ لعدم حرمة تغطية الوجه على الرجل المحرم. وصاحب الوسائل قد أنهى هذا الحديث في هذا الباب إلى أبي عبدالله(عليه السلام) في حين أنّه لم ينهه الشيخ في التهذيب إلى أبي عبدالله.

 

4 ـ التظليل

76 ـ المحرم تارة يكون في حالة حركة، واُخرى يكون متوقّفاً كما في حال القعود والنوم ونحوهما، فإن كان متوقّفاً جاز له أن يستظلّ بسقف وغيره، وأمّا إذا كان في حالة حركة ماشياً أو راكباً فقد يوجد فوق رأسه سقف ثابت أو ما يشبه السقف الثابت، ففي هذه الحالة يجوز له الاستظلال به والمشي تحته كالسائر في سوق مسقّف.

وقد يوجد فوق رأسه ما يتحرّك بتحرّكه كسقف السيّارة والطائرة في حالة حركتهما؛ فإنّ السقف والراكب يتحرّكان معاً،

61

وكذلك المظلّة التي يحملها الإنسان ويستظلّ بها حال سيره. وهذا هو التظليل الحرام على المحرم الرجل، فلايجوز له التظليل حال مسيره بما ينتقل بانتقاله ويكون فوق رأسه، سواء كان الانتقال اُفقيّاً كما في راكب السيّارة، أو عموديّاً كالواقف في المصعد الكهربائيّ وهو يصعد أو ينزل على أن لايكون المصعد تحت سقف ثابت يمنعه عن أيّ تأثير من شمس أو مطر أو حرّ أو برد أو نحو ذلك. ويجوز التظليل بما يكون على أحد جانبيه بمثل جدار السيّارة التي يكشف منها الجزء الواقع فوق رأس الإنسان، أمّا أخذ المظلّة بطرف الشمس الواقعة على أحد الجوانب، فالأحوط وجوباً تركه.

ويجوز للمحرم أن يستتر من الشمس بيديه.

ويرخّص للرجل المحرم بالتظليل للضرورة والخوف على صحّته من حرّ أو برد، أو الخوف على سيّارته من الضياع إذا كان قد اصطحب سيّارته ويخشى عليها لو تركها إلى سيّارة مكشوفة.

وإذا ظلّل جاهلاً أو ناسياً فلاشيء عليه.

وإذا ظلّل عالماً عامداً كان عليه التكفير بشاة عن كلّ إحرام ظلّل في أثنائه، سواء كان تظليله لضرورة أو من دون ضرورة. ولو ظلّل في إحرام واحد مرّات عديدة فلا يتكرّر التكفير، إلّا إذا كفّر ثُمّ ظلّل مرّة اُخرى.

62

القسم الثالث: ما يحرم على المرأة خاصّة:

77 ـ يحرم على المرأة المحرمة ستر وجهها كلّه أو بعضه ببرقع أو نقاب أو غيرهما، ويرخّص لها في تغطية وجهها حال النوم، وكذلك في ستر بعض وجهها عند الصلاة مقدّمة لستر الرأس، كما يجوز لها أن تتحجّب عن الأجنبي: بأن تُنزِل ما على رأسها من الخمار أو نحوه من ملابسها إلى ما يحاذي أنفها أو ذقنها وإن مسّ ذلك وجهها مباشرة.

ويقال: إنّ كفّارة ستر الوجه شاة إذا ارتكبت المرأة ذلك عالمة عامدةً، وهو الأحوط الأولى.

ويحرم على المرأة ـ أيضاً ـ لبس القفّازين(1)، وكذلك يحرم عليها لبس الحرير الخالص.

 

آداب دخول الحرم ومكّة والمسجد الحرام

78 ـبعد أن يُكمل الحاجّ إحرامه لعمرة التمتّع يتّجه نحو مكّة، فيدخل منطقة الحرم أوّلاً، ثُمّ مكّة المكرّمة، ثُمّ المسجد الحرام.

 



(1) بدليل صحيحة عيص بن القاسم في الكافي، ج 4 بحسب طبعة الآخونديّ، باب ما يجوز للمحرمة أن تلبسه من الثياب والحليّ وما يكره لها من ذلك، ح 1، ص 344. ويحتمل أن يكون المقصود بالقفّاز مطلق ما يُلبس في الكفّ والمسمّى باللغة الدارجة بــ (الچفوف).

63

عند دخول الحرم

فإذا وصل إلى الحرم استحبّ له أن يغتسل، وقال الصدوق(رحمه الله)في الفقيه: «قل عند دخول الحرم: اللَّهُمَّ، إنَّكَ قُلْتَ فِي كِتَابِكَ المُنْزَلِ وَقَوْلُكَ الحَقّ: ﴿وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِر يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجّ عَمِيق﴾ اللَّهُمَّ، وإنّي أرجُو أن أكون مِمّن أجابَ دَعْوَتك، قد جِئتُ من شُقّة بعيدة وفَجٍّ عميق سامعاً لِندائِكَ ومُستَجِيباً لَكَ مُطيعاً لأمرِكَ، وكُلُّ ذَلكَ بِفَضلِكَ عَلَيِّ وإحسانِك إليّ، فَلك الحمدُ على ما وفّقَتني له، أبتغي بذلك الزّلفةَ عندك والقربةَ إليك والمَنزِلةَ لديك والمَغْفِرةَ لذنوبي والتّوبةَ عَليّ منها بِمنّك. اللّهمّ، صلِّ على محمّد وآل محمّد، وحرّمْ بَدَني على النّار، وآمنّي من عَذابِكَ وعِقابِكَ بِرَحْمَتك يا أرحَمَ الرّاحِمين».

 

عند دخول مكّة والمسجد

ويُستحبّ الغُسل قبل دخول مكّة تمهيداً لدخولها، وأن يدخلها الحاجّ بسكينة ووقار وتواضع حتّى يصل إلى المسجد الحرام. ومن المأثور أن يقف على باب المسجد ويقول: «بِسمِ اللّهِ وباللّهِ، ومِن اللّهِ وإلى اللّهِ، ومَا شاءَ اللّهُ، وعلى ملّةِ رسولِ اللّه(صلى الله عليه وآله)، وخيرُ الأسماءِ للّهِ، والحمدُ للّهِ، والسّلامُ على رسولِ اللّه، السّلام على محمّد بن عبداللّه، السّلامُ عليك أيّها النّبيُّ ورَحمةُ اللّهِ وبركاتُه،

64

السّلامُ عَلى أنبياءِ اللّه ورُسُلِه، السّلامُ على إبراهيمَ خَليلِ الرّحمنِ، السّلامُ على المُرسَلين، والحمدُ للّهِ رَبِّ العالمين، السّلامُ عَلينا وعَلى عبادِ اللّهِ الصّالحين. اللّهمّ، صَلّ على محمّد وآلِ محمّد، وبارِكْ على محمّد وآلِ محمّد، وارحَمْ محمّداً وآلَ محمّد، كما صَلّيتَ وبَاركتَ وتَرحّمتَ على إبراهيمَ وآلِ إبراهيمَ إنّك حميدٌ مجيدٌ. اللّهمّ، صلّ على محمّد عبدِكَ ورسولِكَ، وعلى إبراهيمَ خليلِكَ، وعلى أنبيائِكَ ورُسُلِكَ، وسَلّم عَلَيهِم، وسَلامٌ عَلى المُرسَلِين، والحمدُ للّهِ ربِّ العالمين. اللّهمّ، افتَحْ لي أبوابَ رَحْمَتِك، واستعمِلْني في طاعَتِك ومرضاتِكَ، واحفظْني بحفظِ الإيمانِ أبداً ما أبقيتني، جلّ ثناء وجهك. الحمدُ للّهِ الّذي جَعلنِي مِنْ وَفدِهِ وزَوّارِهِ، وجَعَلنِي ممّن يَعمرُ مَساجِدَه، وجَعَلنِي ممّن يُناجِيهِ. اللّهمّ، إنّي عَبدُكَ وزائِركَ في بَيتِكَ، وعلى كلّ مأتيٍّ حقٌّ لِمَنْ أتَاهُ وُزَارَه، وأَنتَ خَيرُ مأتيٍّ، وأكرمُ مزور، فأسألُكَ يا اللّهُ يا رحمنُ، وبأنّكَ أَنتَ اللّهُ لا إلهَ إلّا أنتَ، وحدك لا شَرِيكَ لك، وبأنّك واحدٌ أحدٌ صمدٌ، لَم تَلِدْ ولَمْ تُولَدْ، ولَم يَكُنْ لَكَ كُفواً أحدٌ، وأنّ مُحمّداً عَبدُكَ ورَسُولُكَ صلّى اللّهُ عليه وعلى أهل بيته. يا جَوادُيا ماجدُ يا جبّارُ يا كريمُ، أسألُكَ أن تَجْعلَ تُحْفَتَكَ إيّاي بِزيارَتي إيّاكَ أن تُعطيني فَكَاكَ رَقَبتي من النّار». ثُمّ يقول ثلاثاً: «(اللّهمّ،فُكّ رَقبتِي من النّار) وأوسِعْ عليّ مِن رِزقِكَ الحلالِ الطيّبِ،