209

وأقلّ ما يرد على ذلك: أنّنا بعد أن أنكرنا مفهوم الشرط في علم الأُصول يكفي فائدة لذكر هذا القيد دخله في ثبوت مجموع الجزاءات التي منها كمال المروءة ولو لم يكن دخيلاً في خصوص ظهور العدل.

ويمكن أيضاً الاستدلال على شرط عدم مخالفة المروءة بمرسلة أبي عبدالله الأشعري عن بعض أصحابنا رفعه عن هشام بن الحكم عن أبي الحسن موسى بن جعفر(علیه السلام) في حديث طويل: «...يا هشام لا دين لمن لا مروّة له، ولا مروّة لمن لا عقل له...» ، ولكن بقطع النظر عن سقوط الحديث سنداً من الواضح أنّ المروّة في هذا الحديث قصد بها معنى يمكن نفي الدين بوجه من الوجوه عمّن يفقدها، إذاً ليست هذه مروءة بمستوى أرفع من مستوى ترك المعاصي.

ويمكن أيضاً الاستدلال على ذلك بروايات عدم قبول شهادة السائل بكفّه ، بناءً على أنّ السؤال بالكفّ ليس حراماً ولكنّه خلاف المروءة، ولكن الظاهر أنّ هذه ليست ناظرة إلى شرط المروءة، كما يوضّح ذلك التعليل الوارد في بعض تلك الروايات بأنّه لا يؤمن على الشهادة؛ لأنّه إن أُعطي رضي وإن منع سخط، فإن شئت فقل:


(1) الكافي، ج1، ص19، كتاب العقل والجهل، ح12.

(2) وسائل الشيعة، ج27، ص382، الباب35 من کتاب الشهادات.

210

إنّ هذا يعني عدم قبول الشهادة بنكتة ارتفاع الثقة بشهادته لأنّه بحكم طبيعة السائل بالكفّ يحتمل بشأنه الشهادة بالرشوة، وإن شئت فقل: إنّ ظاهر حال هذا الشخص لا يدل على عدالته؛ لأنّ شهادته بالرشوة أمر غير مستبعد بشأنه وهي من المحرّمات.

ويمكن أيضاً الاستدلال على ذلك بما مضى من رواية عبدالله بن أبي يعفور: «والدلالة على ذلك كله أن يكون ساتراً لجميع عيوبه»، حيث يقال: إنّ مخالفة المروءة أيضاً عيب فهو داخل تحت إطلاق الحديث فيجب سترها، ومن المعلوم أنّ قوام مخالفة المروءة إنّما هو بالإظهار، أمّا من فعل شيئاً مباحاً تحت الستر فليس ذلك منه خلاف المروءة. إذاً فمفاد إطلاق الحديث مضرّيّة مخالفة المروءة.

والجواب: أنّ الظاهر من كلمة العيوب في المقام الواردة في نصّ شرعي ما يكون عيباً في منطق الشرع وهو الذنوب، فمخالفة المروءة إن كانت واصلة إلى حدّ الحرام لم تكن مانعاً مستقلّاً عن العدالة أو عن صحّة ما يشترط فيه العدالة، وإن لم تكن واصلة إلى هذا الحدّ فهي ليست عيباً شرعيّاً؛ لأنّ المفروض حلّيّتها شرعاً.

211

مصادر البحث

1. القرآن الکريم

2. بحار الأنوار؛ المجلسي، محمد¬باقر (1110هـ)؛ لبنان، بيروت، دار إحياء التراث العربي، الطبعة الثانية، 1403هـ.

3. بحوث في شرح العروة الوثقی؛ الصدر، محمدباقر(1400هـ)؛ إيران، قم، دار الصدر، الطبعة الثانية، 1408هـ.

4. تحف العقول؛ الحراني، ابن شعبه حسن بن علي(381هـ)؛ إيران، قم، مؤسسة النشر الإسلامي، الطبعة الأُولی، 1404هـ.

5. تمهيد الأوائل وتلخيص الدلائل؛ الباقلاني، أبي بکر محمد بن الطبيب (403هـ)؛ لبنان، بیروت، مؤسسة الکتب الثقافية، الطبعة الثالثة، 1414هـ.

6. التنقيح في شرح العروة الوثقی؛ الموسوي الخوئي، أبوالقاسم(1413هـ)؛ إيران، قم، اللطفي، الطبعة الأُولی، 1418هـ.

212

7. تهذيب الأُصول؛ الموسوي الخميني، روح الله(1409هـ)، تقرير: جعفر السبحاني؛ مؤسسة تنظيم ونشر آثار الإمام الخميني؟ره؟، الطبعة الأُولی، 1423هـ.

8. رجال النجاشي؛ النجاشي، أحمد بن علي(450هـ)؛ إيران، قم، مؤسسة النشر الإسلامي، الطبعة السادسة، 1365ش.

9. الرسائل؛ الموسوي الخميني، روح الله(1409هـ)؛ إيران، طهران، مؤسسة تنظيم ونشر آثار الإمام الخميني؟ره؟، الطبعة الأُولی، 1423هـ.

10. الغدير؛ الأميني، عبدالحسين(392هـ)؛ لبنان، بيروت، دار الکتاب العربي، الطبعة الثالثة،1387ش.

11. الفتاوی الواضحة؛ الصدر، محمد¬باقر(1400هـ)؛ إيران، قم، دار الصدر، الطبعة الثانية، 1430هـ.

12. الفهرست؛ الطوسي، أبو جعفر محمد بن حسن(460هـ)؛ العراق، النجف الأشرف، المکتبة الرضوية، الطبعة الأُولی.

13. القضاء في الفقه الإسلامي؛ الحسيني الحائري، کاظم؛ إيران، قم، دار الرسالة، الطبعة السابعة، 1440ق.

14. الکافي؛ الکليني، محمد بن يعقوب(329هـ)؛ إيران، طهران، دار الکتب الإسلامية، الطبعة الرابعة، 1407هـ.

213

15. مباحث الأُصول، الصدر، محمد¬باقر(1400هـ) تقرير: السيد کاظم الحسيني الحائري، إيران، قم، الطبعة الأُولی، 1408هـ.

16. المحاسن؛ البرقي، أحمد بن محمد بن خالد(274هـ)؛ إيران، طهران، دار الکتب الإسلامية، الطبعة الثانية، 1371هـ.

17. مستمسک العروة الوثقی؛ الطباطبائي الحکيم، محسن(1390هـ)؛ إيران، قم، دار التفسير، الطبعة الأُولی، 1416هـ.

18. معجم رجال الحديث؛ الموسوي الخوئي، أبوالقاسم(1413هـ)؛ لبنان، بيروت، الطبعة الثالثة، 1403هـ.

19. من لا يحضره الفقيه، ابن بابويه، محمد بن علی(381هـ)، النشر الإسلامي، قم، إيران، الطبعة الثانية، 1413هـ.

20. منهاج الصالحين؛ الطباطبائي الحکيم، محسن (1390هـ)، تعليق: محمد باقر الصدر، إيران، قم، دار الصدر، الطبعة الأُولی، 1430هـ.

21. منهاج الصالحين؛ الموسوي الخوئي، أبوالقاسم(1413هـ)؛ إيران، قم، مدينة العلم، الطبعة الثامنة والعشرون، 1410هـ.

22. نهج البلاغة؛ الشريف الرضي، محمد بن حسن(406هـ)، تحقيق: صبحي الصالح؛ إيران، قم، الهجرة، الطبعة الأُولی، 1414هـ.

23. وسائل الشيعة؛ العاملي، محمد بن حسن(1104هـ)؛ إيران، قم، مؤسسة آل البيت؟عهم؟، الطبعة الأُولی، 1409هـ.

215

الفهرس

کلمة المکتب 7

وجوب التقليد أو الاجتهاد أو الاحتیاط 10

کفاية التقليد 11

أدلّة جواز التقليد 12

أدلّة عدم جواز التقليد 19

تقليد من له ملكة الاستنباط 21

وظيفة المتجزّي 25

وظيفة غير الأعلم 36

تحليل وفلسفة عملية الإفتاء والتقليد 38

إجزاء العمل بالفتوی السابقة عن القضاء والإعادة 48

معنی التقليد وأحکامه 62

تقليد الميّت 64

216

العدول عن الميّت إلی الحيّ ثم العود إلی الميّت 78

التخيير بين تقليد المتساويين 80

هل التخيير استمراري؟ 106

تقليد الأعلم 116

شورى الإفتاء 128

تقسيم الفقه إلى تخصّصات 131

إذا لم يکن للأعلم فتوی في المسألة 133

البقاء علی تقليد الميّت بفتوی الأعلم 136

المقصود بالأعلم 156

حجّية البيّنة في الموضوعات بما فيها الاجتهاد 159

إثبات الاجتهاد بخبر الواحد 172

شروط المجتهد المقلَّد 191

معنی العدالة 202

مصادر البحث 211

الفهرس 215