76

القاسم المشترك بين مصرف الخمس ومصرف مجهول المالك.

110 ـ السابع: ما يفضل من مؤونة سنته له ولعياله من فوائد الصناعات، والزراعات، والتجارات، والإجارات، وحيازة المباحات، والفوائد والهدايا والجوائز، ونحو ذلك بعد استثناء المؤونة.

111 ـ والأحوط وجوباً إلحاق الهدايا والجوائز المهمّة التي تعتبر غنيمة استثنائيّة بمسألة الغنائم، أي: إنّها تخمّس فوراً وجميعاً من دون استثناء مؤونة السنة.

112 ـ أمّا الهبة الاعتياديّة فتلحق بأرباح المكاسب، وتخمّس في آخر السنة لو زادت على المؤونة.

113 ـ وقد حُلِّل للشيعة في أيّام الغيبة أمران:

أحدهما: الغنائم أو خصوص الجواري المَسْبيّة من قِبَل حكومة إسلاميّة سنّيّة غنمتها من الكفّار بمثل الحرب، ثُمّ انتقلت منها إلى الشيعيّ. والمتيقّن من ذلك

77

هي الجواري لا مطلق الغنائم.

وثانيهما: الخمس المتعلّق بمال مَنْ لا يخمّس حينما ينتقل إلى الشيعيّ بغير الإرث.

114 ـ ويستثنى من الخمس المهر وعوض الخلع والإرث.

نعم، الميراث الذي لا يحتسب ملحق في الحكم بغنيمة الحرب في تخميسه كلاًّ ومن دون استثناء المؤونة.

115 ـ والمقصود باستثناء المؤونة: استثناء مؤونة السنة مخيّراً بين اختيار السنة القمريّة والسنة الشمسيّة.

116 ـ وهناك طريقان لحساب السنة:

أحدهما: أن يحسب سنة كلّ ربح مستقلاًّ، فما لم يصرف في المؤونة إلى آخر سنته كان عليه الخمس.

ولا يجوز استثناء مؤونة متقدّمة على حصول ربح مّا من ذاك الربح المتأخّر.

78

وثانيهما: أن يحسب سنة مجموعيّة لكلّ الأرباح تبدأ بأوّل ربح، فيجوز له عندئذ أن يستثني مؤونة متقدّمة على حصول ربح مّا من ذاك الربح المتأخّر.

والحساب الأوّل هو الحساب الواقعيّ.

والحساب الثاني حساب ظاهريّ يشترط فيه عدم العلم بخسران الإمام(عليه السلام) في هذا الحساب بالقياس إلى ما لو كان المكلّف محاسباً ذاك الحساب الدقيق.

117 ـ ويجوز له التلفيق بين الطريقين، فيحسب مثلاً حساب السنة المجموعيّة لجميع أرباحه، ويستثني ربحاً مهمّاً له في أواخر السنة بجعل سنة خاصّة له من حين حصوله بشرط أن لا يستثني منه مؤونة متقدّمة على هذا الربح.

118 ـ ولو صرف من ربح سنته الحاليّة على مؤونة سنة قادمة من دون أن يملك حاليّاً أمراً مادّيّاً، لم يتعلّق به الخمس، من قبيل:

أ ـ أن يشتري خطّاً هاتفيّاً لا يعطى إلّا بعد سنين

79

وهو من مؤونته حينما يعطى.

ب ـ أو يشتري سيّارة لا تُسلَّم إلّا بعد سنين وهي من مؤونته حينما تُسلَّم.

ج ـ أو يسجّل للحجّ بما قدّمه من المال ولا يصل وقت حجّه إلّا بعد سنين.

د ـ أو يشتري خطّ الكهرباء أو الماء ولا يُسلَّم إلّا بعد سنين وهو من مؤونته في وقت التسليم.

119 ـ ولو ارتفعت القيمة السوقيّة لماله المخمّس لم يتعلّق بالارتفاع الخمس ما لم يترجمه بمال عن طريق المبادلة ولو كان في معرض التجارة.

120 ـ والربح إنّما يدخل تحت دائرة السنة الخمسيّة من حين دخوله تحت السلطة بمثل الاستلام، أو الدخول في الحساب المصرفيّ، أو سيطرة الشخص على استلامه ممّن هو في ذمّته، ونحو ذلك.

121 ـ ورأس المال إن لم يكن من مستثنيات الخمس كالإرث ونحوه، بل كان من الأرباح التي

80

يتعلّق بها الخمس: فإن كان يدرّ بربحه على المؤونة، كالبقرة الحلوب التي يعيش صاحبها واُسرتُه في مؤونته على حليبها، أو الشجرة المثمرة التي يعيش صاحبها واُسرتُه في مؤونته على ثمرتها، أو البيت الذي يصرف سكناه في مؤونته بأن يسكن فيه، أو يسكّن أهله فيه، أو يؤجره لصرف اُجرة سكناه في مؤونته دون أن يصرف مالاً آخر في تلك المؤونة ويضيف اُجرة هذا البيت إلى ماله، فهنا لا إشكال في عدم تعلّق الخمس برأس المال هذا ما دام داخلاً في مؤونته بهذا الشكل.

أمّا لو كان يُدخل أرباح رأس المال في خزانته، أو يدّخرها لمؤن السنوات القادمة ويصرف في مؤونة هذه السنة أموالاً اُخرى، فلابدّ من تخميس رأس المال.

122 ـ لو خرجت المؤونة عن كونها مؤونة كحليّ المرأة الذي خرج عن حاجتها في الزينة بسبب تقدّمها

81

في السنّ، أو البقرة الحلوب التي خرجت بعد حين عن عيش صاحبها في مؤونته بحليبها، دخل المال عندئذ من ذاك الحين تحت نظام الخمس، فلو بقي خارجاً عن المؤونة من ذاك الحين حتّى نهاية السنة، وجب تخميسه.

123 ـ ويشترط في تعلّق الخمس بأرباح المكاسب البلوغ والعقل، فلو كان صغيراً أو كان مجنوناً من أوّل السنة، لم يتعلّق بماله الخمس، ومتى ما أفاق أو بلغ كان ذلك أوّل سنته بالنسبة إلى ما يملكه من المال، فلو زاد عن مؤونة سنته بعد الإفاقة أو البلوغ، وجب عليه تخميس الزيادة.

 

83

 

 

الفيء والأنفال

 

 

85

 

 

 

 

124 ـ والآن ننتقل ـ بحول الله وقوّته ـ إلى مثال ثان لما يكون ملكاً للدولة، وهو الفيء والأنفال.

قال الله تعالى: ﴿وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْل وَلاَ رِكَاب وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَن يَشَآءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْء قَدِيرٌ * مَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الاَْغْنِيَآءِ مِنكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾(1).


(1) سورة الحشر، الآية: 6 ـ 7.

86

وقال الله تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾(1).

والأنفال الواردة في مصطلح أئمّتنا(عليهم السلام) أو تعابير فقهائنا ـ رضوان الله عليهم ـ اُمور عديدة، وما نعدُّ منها هنا ما يلي:

125 ـ الأوّل: كلّ ما يغنمه المسلمون من الكفّار بغير قتال.

والحكم يشمل الغنائم المنقولة أيضاً، ولا يختصّ بالأراضي، كما أنّ الحكم يشمل حتّى الأرض المحياة إحياءً بشريّاً.

126 ـ والثاني: الأرضون الموات بالأصالة، أو التي باد أهلها وانجلوا، فلم يكن لها مالك معلوم.

127 ـ والثالث: كلّ أرض لا ربّ لها.


(1) سورة الأنفال، الآية: 1.

87

128 ـ والرابع: رقبة الأرض. ومن أحياها من الشيعة بل ومن المسلمين في زمن الغيبة، فله حقّ الاختصاص، فلو خربت وأهملها خرجت عن اختصاصه حتّى ولو كان إهماله بسبب فقره الماليّ، أمّا لو كان إهماله بعجز تكوينيٍّ منه كغياب لا يستطيع قطعه حتّى يحضر لإعمار الأرض، أو غصبِ حاكم ظالم، أو رجل جائر، أو سجن، أو نحو ذلك، لم يسقط حقّه.

129 ـ ولو كانت الأرض وقفاً فاُهملت بعد الخراب بإهمال المتولّي الشرعيّ، فقد رجعت الأرض إلى حالتها الاُولى، أمّا لو اُهملت بمثل تحطيم الحكومة الغاصبة، فهي باقية على وقفيّتها.

130 ـ ولو كانت الأرض خراجيّة لم تخرج بالخراب عن كونها أرض خراج. نعم، هي محلّلة للشيعة في عصر الغيبة في ظلّ الحكومات الجائرة خاصّة بعد عصر الخلافة الإسلاميّة.

88

131 ـ والخامس: قطائع الملوك وصفاياهم.

132 ـ والسادس: صفو الغنيمة، أي: ما يصطفيه الإمام منها قبل القسمة.

133 ـ والسابع: الغنائم المنقولة في حرب الكفّار ابتداءً بغير إذن الإمام أو نائبه.

134 ـ والثامن: المعادن. والاكتفاء بتخميسها الذي مضى سابقاً إنّما هو حكم إرفاقيّ من قِبَل الإمام.

ونلحق بها الغوص والكنز الذي تقادم عليه الدهر.

135 ـ والتاسع: ميراث من لا وارث له.

136 ـ والعاشر: المياه العامّة.

 

اللقطة ومجهولة المالك

137 ـ ويلحق بالأنفال اللقطة التي لم يمكن معرفة مالكها ومجهولة المالك وإن لم يجر الاصطلاح الفقهيّ على ذلك.

89

ونحن نلخّص هنا أحكام اللقطة ومجهولة المالك في بنود:

أوّلاً: اللقطة القابلة للتعريف يجب على المكلّف تعريفها سنة، وبعد ذلك خيّر الأئمّة(عليهم السلام) المكلّف بين التصدّق بها وتملّكها، وعلى كلا التقديرين يضمن المال لصاحبه لو وجِدَ مصادفة بعد ذلك، فيخيّره بين قبول ثواب المال وبين المطالبة بالمبلغ.

ثانياً: اللقطة غير القابلة للتعريف على أساس سعة دائرة الجهالة قد جوّزوا(عليهم السلام)تملّكها من دون تعريف وإن كان الأحوط استحباباً التصدّق بها مع الضمان كما بعد التعريف في القسم الأوّل.

ثالثاً: اللقطة غير القابلة للتعريف على أساس عدم العلامة الأحوط وجوباً التصدّق بها بإذن حاكم الشرع، أو إيكالُ أمرها إلى حاكم الشرع.

رابعاً: مجهولة المالك غير اللقطة، وهذه ليس

90

حكمها الفحص بمقدار سنة، بل قد سمح الإمام(عليه السلام)لمن يستطيع الفحص عنها بالفحص بقدر حصول اليأس من مالكها، ثُمّ التملّك أو التصدّق بها مع الضمان الذي ذكرناه.

أمّا مع عدم القدرة على الفحص فهي للإمام.

 

91

 

 

أرض الخراج

 

 

93

 

 

 

 

138 ـ وهذه مثال للقسم الثالث من الأموال العامّة: وهو ما يكون مملوكاً لعموم المسلمين.

وأرض الخراج: هي التي فتحت بالقتال من قِبَل المسلمين في حرب مشروعة، وكانت عامرة حين الفتح. وخراجها للمسلمين(1).

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.

19 / ربيع الآخر / 1426 هـ

 


(1) وللتشابك الموجود بين هذا البحث وبحث الأنفال اضطررنا فيما سبق أن نورد شيئاً من هذا البحث، ونحيل التفاصيل بأكثر ممّا مضى إلى بحث الجهاد إن وفّقنا الله لذلك إن شاء الله.