505

8 ـ صلاة الاستخارة

 

(216) وهي صلاة مستحبّة، يطلب بها العبد من ربّه أن يسدّده فى أمره، ويسهّل له ما فيه الصلاح، فقد جاء عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال: « إذا أراد أحدكم شيئاً فليصلّ ركعتين، ثمّ ليحمد الله ويثني عليه، ويصلّي على محمّد وأهل بيته، ويقول: اللهمّ إن كان هذا الأمر خيراً في ديني ودنياي فيسِّره لي وقدِّره، وإن كان غير ذلك فاصرفه عنّي »(1).

 

9 ـ صلاة الحاجة

 

(217) تستحبّ الصلاة ركعتين لطلب قضاء الحاجة، وقد جاءت في كيفيتها صور متعدّدة:

منها: أن يتوضّأ صاحب الحاجة، ويتصدّق بصدقة، ثمّ يدخل المسجد فيصلّي ركعتين، ثمّ يعقّب بعد الركعتين بحمد الله وتمجيده والصلاة على النبي وأهل بيته (عليهم السلام)، ثمّ يطلب من الله حاجته، ويعاهده على أن يأتي بطاعة معيّنة شكراً لله إذا قضيت حاجته، مثلا: يصوم شهر رجب، أو يزور الحسين (عليه السلام)، أو يتصدّق على الفقراء، أو يساهم في مشروع خيري، أو غير ذلك من أوجه الخير والمعروف.

 


(1) وسائل الشيعة 5: 206، الباب 1 من أبواب صلاة الاستخارة، الحديث 7.
506

10 ـ صلاة الاستسقاء

 

(218) وهي صلاة مستحبّة عند اشتداد حاجة البلد إلى الماء وانقطاع الأمطار عنه، وتتكوّن من ركعتين، وكيفيتها تماثل كيفية صلاة العيد المتقدّمة تماماً، بما فيها من تكبيرات وقنوتات إضافية وخطبة بعد الصلاة، غير أنّ المناسب في القنوت الدعاء والتوسّل إلى المولى بإنزال المطر، وسدّ حاجة البلد إلى الماء.

ولا تقع صلاة الاستسقاء إلّا جماعةً، ويتضرّع الإمام والمأموم قبل الصلاة وفيها وبعدها إلى الله أن يكشف ما بهم.

507

الصلاة

3

الشروط والأجزاء العامّة

 

 

○   الشروط العامّة.

○  الأجزاء.

 

 

509

عرفنا سابقاً أنواع الصلاة الواجبة والمستحبة اليومية وغيرها، وصورة كلّ صلاة وماتتميّز به من أحكام. كما عرفنا أيضاً أنّ كلّ الصلوات تشترك في شروط وأجزاء عامّة، وقد ذكرنا مجملا عن هذه الشروط والأجزاء.

ونريد الآن أن نتكلّم عنها وعن كلّ ماترتبط بها من أحكام وتفاصيل، وما قد يطرأ عليها من طوارئ، مثلا: عرفنا في ما تقدم أنّ الركوع جزءٌ عامّ في الصلاة، ولكن كيف يؤدّى بالضبط لكي يقع صحيحاً ؟ وما هو الحدّ الادنى من الانحناء الذي يتحقّق به ؟ وما هي أنواع الذكر التي يسوغ للمكلّف أن يختار واحداً منها في حالة ركوعه ؟ وما هو البديل إذا تعذّر الركوع على المصلّي لمرض ونحوه ؟

هذه هي التفصيلات التي تُشرح هنا، ونتكلّم في ما يلي عن الشروط العامّة أوّلا، ثمّ عن الأجزاء العامّة:

511

الشروط والأجزاء العامّة

الباب الأول

في

الشروط العامّة

 

 

○  القبلة.

○  الملابس.

○  أين يصلّي الإنسان؟

○  النيّة.

 

 

513

يشترط في الصلوات بأقسامها: طهارة البدن، والملابس، والوضوء، وكذلك الغسل إذا كان قد وقع من المكلّف ما يوجب الغسل، على تفصيلات وتوضيحات تقدّمت كلّها في فصول الطهارة.

ونذكر هنا بقية الشروط العامّة:

 

القبلة

 

(1) معنى القبلة بوجه العموم: الجهة، والمراد بالقبلة هنا: الكعبة الشريفة، إذ أمر الله سبحانه وتعالى بالتوجّه نحوها في الصلاة، فسمّيت قبلة، وسمِّي التوجّه نحوها ومواجهتها استقبالا.

وقد أصبحت الكعبة الشريفة ـ بفضل جعلها قبلةً للمسلمين ـ رمزاً لوحدة المسلمين، وأحد معالم شخصية الاُمّة الإسلامية، حيث تتّجه كلّها وبمختلف مذاهبها واتّجاهاتها إلى نقطة واحدة؛ تعبيراً عن وحدتها في الأساس والهدف.

وليست الكعبة قبلةً كبناية فحسب، بل كموضع بامتداده عمودياً إلى أعلى

514

وإلى أسفل، فمن صلّى في الطائرة كفاه أن يستقبل سماء الكعبة؛ على نحو لو كانت هناك طائرة واقفة فوق الكعبة لكان مستقبلا لها، ومن صلّى في طابق أرضيّ منحدر كفاه أن يستقبل أرضية الكعبة، على نحو لو كانت للكعبة طوابق أرضية موازية لكان مستقبلا لها.

ونظراً إلى أنّ الأرض كروية فكثيراً ما لا يمكن أن يكون بين المصلّي والكعبة خطّ مستقيم، بل خطّ منحني، والمقياس في الاستقبال حينئذ أن يختار أقصر خطٍّ من الخطوط المنحنية بينه وبين القبلة، فمن كان يبعد عن الكعبة ويقع في شمالها على نحو تفصله عنها مسافة بقدر ربع محيط الكرة الأرضية ـ مثلا ـ إذا وقف إلى جهة الجنوب كان مستقبلا، وإذا وقف إلى جهة الشمال لم يكن مستقبلا؛ لأنّ الخطّ المنحني الذي يفصله عن الكعبة في الحالة الاُولى يساوي ربع محيط الكرة، والخطّ المنحني الذي يفصله عن الكعبة في الحالة الثانية يساوي ثلاثة أرباع المحيط، فالخطّ الأول أقصر وبه يتحقّق الاستقبال.

والاستقبال شرط لصحة الصلوات الخمس اليومية ولجميع أجزائها، حتى الأجزاء المنسيّة التي تؤدّى بعد الصلاة (وهي السجدة والتشهّد)، ولركعات الاحتياط دون سجود السهو (وهو سجود يجب على المصلّي بعد الفراغ من صلاته أحياناً إذا كان قد تورّط في سهو خلال الصلاة، كما سيأتي)، وكذلك هو شرط لسائر الصلوات الاُخرى واجبة أو مستحبة، فيجب في صلاة الآيات، والصلاة على الأموات، وغير ذلك.

(2) ويستثنى ممّا ذكرناه إذا صلّى الإنسان صلاة النافلة وهو غير مستقرٍّ في وقوفه، كما إذا صـلاّها ماشياً فإنّ الاستقبال في هذه الحالة ليس شرطاً، وكذلك إذا صلّى النافلة وهو راكب في السيارة أو السفينة أو الطائرة وهي تتحرّك

515

به، فإنّه لا يجب والحالة هذه أن يحرص على استقبال القبلة (1).

وأمّا إذا صلّى النافلة وهو مستقرّ وليس في حالة مشي ولا في واسطة نقل متحرّكة فليس من المعلوم أن تصحّ صلاته إلّا إذا استقبل القبلة، كما يفعل في صلاة الفريضة تماماً.

كيف تُعيّن القبلة؟

(3) من الواضح أنّ المتواجد على مقربة من الكعبة الشريفة ـ كالمصلّي في المسجد الحرام الذي تقع الكعبة في وسطه ـ يمكنه أن يعيّن القبلة بسهولة ويستقبلها، ويتحقّق استقباله لها بمواجهته لها.

وأمّا إذا ابتعد المصلّي عن الكعبة كثيراً فيواجه شيئاً من الصعوبة في تعيين القبلة، وكلّما ابتعد أكثر ازدادت الصعوبة.

فالعراقي ـ مثلا ـ الذي يصلّي في بلده يواجه هذه الصعوبة، ومن أجل تذليلها اعتمد الناس هنا فترةً من الزمن على البوصلة التي تحتوي على مؤشّر مغناطيسيّ يحدّد نقطتي الجنوب والشمال، فيتعرّف في ضوء ذلك على جهة


(1) وأظنّ أنّ المقصود بروايات الباب هو التسهيل على مصلِّي صلاة النافلة لدى السير من ناحيتين:
إحداهما: تحوّل جهته بين حين وحين نتيجة السير من القبلة إلى غيرها، فيصعب عليه الالتزام بالقبلة.
والثانية: جهله في كثير من الأحيان في حالة السير بالقبلة ممّا يصعّب أيضاً التقيّد بالقبلة.
وكلّ هذا لا يعني جواز اتجاهه عمداً إلى غير القبلة فيما لو علم بها وكانت القبلة صدفةً بنفس الاتجاه الذي يتطلّبه سيره.
516

الجنوب التي تقع الكعبة ومكّة فيها بالنسبة للعراق مثلا.

ولكي يكون التحديد أكثر ضبطاً وإتقاناً اُدخل في الحساب درجة انحراف مكّة عن الجنوب، حيث إنّ مكّة لاتقع في نقطة الجنوب من الناحية الجغرافية حقيقةً وبالضبط، ولوحظ وجود فارق أيضاً بين الجنوب المغناطيسي الذي تشير إليه البوصلة والجنوب الجغرافي الذي على أساسه تحدّد درجة انحراف هذا البلد أو ذاك عن الجنوب.

وعلى هذا الأساس وضعت حديثاً بوصلة للقبلة خاصّةً فيها إبرة متحرّكة تعيّن الجنوب المغناطيسي، وفيها سهم أسود ثابت يعيّن عند تطبيقه على البلد الذي يريد المصلّي أن يصلّي فيه موضع القبلة، ومقدار التفاوت بينها وبين الجنوب.

والعمل في تحديد القبلة على هذا الأساس صحيح ومجز، ولكن هل العمل على أساسها يعني أن يقف المصلّي أمام السهم الأسود المشير إلى القبلة مباشرةً، أو يكتفي أن يتّجه إلى الجهة التي يشير إليها السهم فيكون الاستقبال مرناً يرخّص فيه بالانحراف يميناً ويساراً بقدر ما ؟

والجواب: أنّ الثاني هو الصحيح، ولكن لكي يتّضح ذلك يجب أن نشرح المقصود من الجهة؛ وذلك كما يلي:

نفترض أنّ عدداً من الناس ـ سبعة مثلا ـ وقفوا على خطٍّ مستقيم فتشكّل صف طويل، فاذا وقفت أمامهم قريباً منهم ووجهك نحوهم فهل تكون مستقبلا ومقابلا للصف بالكامل، أو للفرد الذي وقفت أمامه مباشرةً ؟

من الواضح أنّ الثاني هو الصحيح. أمّا من وجهة النظر الهندسية فلأنّك لو مددت خطّين مستقيمين متقاطعين أحدهما بين يمينك وشمالك والثاني يقطع ذلك الخطّ على نحو يشكّل زاويتين قائمتين ـ فيكون الخطّان متقاطعين

517

متعامدين ـ لو وضعت ذلك وامتدّ الخطّ الثاني من أمامك لالتقى بواحد معيّن في ذلك الصف فقط، وهذا هو المقياس في الاستقبال الهندسي.

وأمّا من وجهة النظر العرفية فواضح أيضاً لدى كلّ إنسان اعتياديّ، بحكم نظرته الساذجة وفهمه الفطريّ أنّك إذا وقفت أمام الصف في الوسط فأنت تستقبل الشخص الرابع من السبعة فقط، دون الأول والأخير.

ولنفرض أنّ الصف كان في أرض منبسطة كالصحراء، وأنّك ابتعدت عنه متقهقراً إلى الخلف آلاف الأمتار، ثمّ أردت أن تستقبل بوجهك اُولئك المصطفّين ففي هذه الحالة إذا استعملنا المقياس الهندسي نرى أنّك أيضاً لا تستقبل إلّا واحداً من السبعة المصطفّين فقط، لو رسمنا خطّاً مستقيماً من موضعك على ما تقدّم لالتقى في امتداده بواحد منهم فقط، وهذا يعني أنّ الاستقبال الهندسي لا يختلف فيه القرب والبعد.

وأمّا إذا لاحظنا الموقف من الوجهة العرفية وبالنظرة الفطرية للإنسان الاعتياديّ نجد أنّك في هذه الحالة تستقبل السبعة جميعاً بوجهك؛ لأنّ الاستقبال كما يفهمه الإنسان الاعتيادي هو كون الشيء يبدو حيال وجهك وفي مقابله. ومن الواضح أنّ الصفّ بالكامل يبدو لك وأنت تستقبله من بعد حيال وجهك؛ نتيجة تضاؤله بسبب البصر، فإنّ تضاؤله يجعله يبدو أصغر حجماً، فكأنّه لا يزيد عن مقدار وجه من يستقبله، وهذا يعني أنّ الاستقبال العرفي يتأثّر بالقرب والبعد، فما تستقبله عن بعد أوسع كثيراً ممّا تستقبله عن قرب، وكلّما بعدت عن الجهة التي تريد أن تستقبلها فأنت تستقبل منها مساحةً أوسع.

وعلى هذا الأساس إذا وقفت عن قرب أمام الشخص الرابع في الصفّ المكوّن من سبعة فأنت مستقبل له خاصّة، فإذا رجعت إلى الخلف مسافةً كبيرةً في خطٍّ مستقيم وجدت نفسك مستقبلا للسبعة جميعاً، أي أنّ منطقة الاستقبال التي

518

كانت مقصورةً على الشخص الرابع اتّسعت من الجانبين، فشملت الصفّ كله.

ويمكننا أن نؤكّد بهذا الصدد أنّ اتّساع منطقة الاستقبال من كلٍّ من الجانبين لا تقلّ عن خمس المسافة بينك وبين المنطقة التي تريد أن تستقبلها، فإذا كنت تبعد عن مكّة ألف كيلومتر، وكان الصفّ المكوّن من سبعة وسط مكّة ـ مثلا ـ فأنت تستقبل على بعد ألف كيلومتر الصفّ المكوّن من سبعة مضافاً إليه مساحة تمتدّ من كلٍّ من الجانبين مائتي كيلومتر، فيكون مجموع منطقة الاستقبال العرفي على هذا البعد أربعمائة كيلومتر، فإذا كانت الكعبة الشريفة واقعةً ضمن هذه المنطقة والمساحة اعتبر ذلك استقبالا عرفياً لها، ولو لم يمكن إيصال خطٍّ مستقيم من الناحية الهندسية بينك وبينها على النحو المتقدم.

وهذه المساحة هي التي نطلق عليها اسم الجهة حين نقول: يجب على البعيد في صلاته أن يستقبل جهة الكعبة.

والنتيجة العملية لذلك: أنّ السهم المؤشّر في البوصلة إلى القبلة لو وضعته على موضع سجودك لأمكنك أن تنحرف عنه يميناً أو يساراً بقدر خمس المسافة بين موضع قدميك وموضع سجودك، والمسافة هي خمسة أشبار عادةً، فيمكنك إذن ان تنحرف عن السهم المؤشّر شبراً إلى اليمين أو إلى اليسار (1).

 


(1) الواقع أنّ المقدّمة التي فرضها اُستاذنا الشهيد (رحمه الله) ـ من أنّ اتّساع منطقة الاستقبال من كلٍّ من الجانبين لا تقلّ عن خمس المسافة بينك وبين المنطقة التي تريد أن تستقبلها ـ لو كانت تامّةً وأمكن إثباتها بالتجربة، أو بحساب خاصٍّ لا تنتج النتيجة المطلوبة، وهي إمكان انحراف الشخص عمّا تؤشّر إليه البوصلة يميناً وشمالاً بقدر خمس المسافة بين موضع قدميه وموضع سجوده وهو شبر مثلاً؛ وذلك لأنّ الاتّساع الذي يُرى في منطقة الاستقبال

519

(4) وإذا لم يتعرّف البعيد على جهة القبلة التي يجب عليه أن يستقبلها أمكنه أن يعتمد على إحدى الوسائل التالية:

أوّلا: شهادة البيّنة.

ثانياً: عمل المسلمين ووجهتهم في مساجدهم، فإذا دخل مسجداً ووجد الناس يتّجهون إلى جهة معيّنة في صلاتهم، أو وجد المحراب الذي يرمز إلى القبلة مشيراً إلى جهة معيّنة أمكنه الاعتماد على ذلك.

ثالثاً: عمل المسلمين في مقابرهم، حيث إنّ الميّت المسلم يجب أن يدفن على جانبه الأيمن موجّهاً بوجهه إلى القبلة، والعمارة التي توضع على القبر تتطابق عادة مع وضع الميّت، فتكون ذاتَ دلالة على جهة القبلة.

وهذه الوسائل كلّها إنّما يسوغ للمصلّي الاعتماد عليها إذا لم يعلم بخطئها (1).

 



يعتبر ـ على الأقلّ في الفهم الحسّي العرفي ـ اتّساعاً في خطٍّ مستقيم، في حين أنّ المقصود بالانحراف المجاز عرفاً هو الانحراف في خطٍّ دائريٍّ مركزه نفس المصلِّي، فلا علاقة بين المقدّمة والنتيجة إطلاقاً.
والأولى الاقتصار في تحديد الجهة التي ترى مطابقةً لاستقبال القبلة على مجرّد الإحالة على فهم العرف مع ترك هذه التدقيقات التي لا تنتج شيئاً.
(1) البيّنة حجّة شرعيّة لا تسقط إلّا بالعلم بالخطأ أو الاطمئنان.
وأمّا عمل المسلمين في مساجدهم ومقابرهم فلا شكّ في حجيّته في الفهم العرفي المتشرّعي الثابت إمضاؤه بعدم الردع، ولكن تقف حجيّته على المقدار المرتكز في العرف المتشرّعي، وليس الحدّ القاطع لحجيّته هو القطع بالخطأ فحسب، بل لو وجدت قرينة معقولة على الخطأ تصبح حجيّته محلّ إشكال.
520

(5) رابعاً: إذا لم يتوفّر شيء من الوسائل السابقة وجب على الإنسان أن يتحرّى جهد المستطيع بحثاً عن القبلة، فإذا حصل له الظنّ بجهة القبلة بسبب العلامات والقرائن التي يلاحظها عمل بظنّه، وفي هذه الحالة إذا أخبره ثقة عارف واحد(1) بجهة القبلة فإن لم يكن تحرّيه شخصياً قد أدّى به إلى الظن بالجهة، أو كان تحرّيه قد أدّى به إلى الظنّ بأنها نفس الجهة التي أخبر عنها الثقة كان له أن يعتمد على خبر الثقة ويصلّي إلى تلك الجهة.

وأمّا إذا كان تحرّيه وجهده الشخصي قد أدّى إلى الظنّ بتعيين جهة اُخرى غير الجهة التي أخبر بها ذلك الثقة، وبقي هذا المتحرّي على ظنّه حتّى بعد إخبار الثقة بخلاف ذلك فعليه احتياطاً وطلباً لليقين بالخروج عن العهدة أن يصلّي مرّةً إلى الجهة التي يظنّها القبلة، ومرّةً إلى الجهة التي قال عنها الثقة إنّها القبلة (2). وإن تحرّى المكلّف وبحث عن القبلة دون أن يظنّ بشيء ولم يحصل على شهادة من ثقة تنير له الموقف كفته صلاة واحدة إلى أيّ جهة يشاؤها.

هذا إن كانت كلّ الجهات على مستوىً واحد في الغموض والخفاء، وإلّا عمل بما هي أقلّ خفاءً، وترك ما هي أكثر غموضاً في ميزان الاحتمال.

ومثال ذلك: أن يكون احتمال القبلة لديه في إحدى جهتين أكثر من خمسين في المائة، واحتمال القبلة في إحدى الجهتين الاُخرَيَين أقلّ من خمسين


(1) في حجيّة خبر الواحد في الموضوعات كالقبلة وغيرها عندنا إشكال، ولكن لو انحصر الأمر في تشخيص القبلة بخبر واحد ولم يورث الظنّ فلا إشكال في أنّ اختيار الجهة التي عيّنها الثقة الواحد هو المطابق للاحتياط.
(2) لا إشكال في أنّ ما ذكره في المتن هو الأحوط، ولكنّ الظاهر كفاية العمل بالظنّ.
521

في المائة، ففي هذه الحالة يجب أن يختار الصلاة إلى إحدى الجهتين الاُولَيَين.

الانحراف عن القبلة:

(6) من صلّى إلى غير القبلة ملتفتاً إلى أنّ صلاته ليست إلى القبلة بطلت صلاته، سواء كان عالماً بأنّ الشارع الأقدس قد أوجب الصلاة إلى القبلة متذكراً لذلك، أو كان جاهلا بهذا الحكم من الأساس، أو كان عالماً به منذ البداية ولكن نسي هذا الحكم حين الصلاة فاتّجه إلى غير القبلة.

(7) وقد يصلّي إلى غير القبلة وهو يتخيّل خطأً أنّه يصلّي إلى القبلة، فماذا يصنع إذا اتّضح له الحال بعد أن فرغ من صلاته؟

والجواب: أنّه إذا كان قد اتّضح له الحال بعد ذهاب الوقت المحدّد لتلك الصلاة صحّت صلاته ولا شيء عليه، وإذا اتّضح له الحال قبل ذهاب الوقت وجبت عليه الإعادة إذا كان انحرافه عن القبلة كثيراً؛ على نحو صارت القبلة إلى يمينه أو شماله أو خلفه. وأمّا إذا كان الانحراف عن القبلة أقلّ من ذلك فلا تجب الإعادة.

(8) وقد تسأل: ما هو الحكم إذا اتّضح للمصلّي واقع الحال وهو في أثناء الصلاة؟

والجواب: إذا كان ما تقدم من صلاته منحرفاً عن القبلة كثيراً ـ على النحو الذي أشرنا إليه قبل لحظة ـ قطع صلاته وأعادها، وإلّا اعتدل إلى القبلة لما بقي، وصحّ ما مضى من صلاته ولا إعادة عليه.

522

الملابس

الواجب من الملابس:

(9) يجب على المصلّي إذا كان رجلا أن يرتدي (يلبس) من الملابس حال الصلاة ما يستر به عورته، سواء صلّى في مكان مكشوف، أو مكان منفرد ليس معه أحد، فإنّ ذلك من الآداب الواجبة في الصلاة على أيّ حال، فلا يسوغ له أن يصلّي عارياً.

ويجب على المرأة إذا صلّت أن تستر جسمها بالكامل، عدا الوجه والكفين والقدمين، وهذا الستر واجب في كلّ الصلوات، عدا الصلاة على الميّت، وواجب في ركعات الاحتياط والأجزاء المنسية، دون سجود السهو.

(10) وعورة الرجل في الصلاة القبل، وهو القضيب والبيضتان، والدبر وهو الحلقة المعلومة، وما عدا ذلك ممّا بين القبل والدبر وحولهما فلا يجب ستره، إلّا إذا توقّف العلم واليقين بستر العورة على ستر أطرافها.

وعلى هذا الأساس يكفي للرجل أن يصلّي في قميص واحد يمتّد على نحو يستر القبل والدبر، كما يكفيه أن يصلّي في مئزر يشدّه على وسطه، أو في سروال.

(11) وأمّا المرأة فتستر ـ على ما تقدّم ـ جسمها بما فيه من شعر، عدا الوجه والكفين إلى الزندين، والقدمين إلى الساقين ظهراً وبطناً، وعلى هذا الأساس يمكن للمرأة أن تلبس ثوباً يستر جسدها، وشيئاً يشبه الخمار تستر به رأسها ورقبتها، بل يكفيها ثوب واحد إذا كان مُصمّماً على نحو يستر منها كلّ ما يجب عليها ستره.

523

(12) والستر الواجب في الصلاة لا يتحقّق بملابس رقيقة لا تستر لون البشرة، بل يجب أن يكون لها من السُمك والتماسك ما يستر بها اللون.

(13) وإذا لم تتوفّر لدى المصلّي ملابس وجب عليه أن يتستّر بغير الملابس ممّا يتيسّر له، كورق الشجر، أو طين، أو نحو ذلك، ويصلّي حينئذ صلاته الاعتيادية.

(14) وإذا لم يتيسّر له الستر حتّى بالورق ونحوه فقد يكون في موضع يعرّضه للنظر، وقد يكون في موضع بعيد عن الناظرين، فإن كان في موضع يعرّضه للنظر صلّى جالساً مومياً إلى الركوع والسجود؛ حرصاً على عدم التكشّف مهما أمكن، وإن كان في موضع بعيد صلّى الصلاة الاعتيادية، والأجدر به أن يضيف إلى ذلك الصلاةَ مرّةً اُخرى جالساً مومياً إلى الركوع والسجود (1).

(15) وإذا انكشف شيء ممّا يجب ستره على المصلّي وهو يؤدّي الفريضة لخالقه وعلم بذلك فتهاون وأهمل بطلت صلاته. أمّا إذا كان جاهلا أو ذاهلا لم يعرف شيئاً ممّا حدث إلّا بعد أن انتهى وأتمّ صلاته فلا شيء عليه، حتّى ولو اتّسع الوقت لإعادة الصلاة واستئنافها من جديد، وكذلك إذا لم يكن يعرف أنّ الستر واجب في الصلاة؛ فلم يهتمّ بستر ما انكشف منه حتّى أنهى صلاته، ثمّ علم بأنّ الستر واجب على المصلّي فإنّ صلاته صحيحة.

(16) وإذا علم المصلّي أثناء الصلاة بأنّ شيئاً ممّا يجب ستره مكشوف قطع صلاته وأعادها متستراً، وكذلك إذا صلّى متكشفاً وهو لا يعرف أنّ الستر واجب على المصلّي وعرف بذلك أثناء الصلاة فإنّه يعيد صلاته.

 


(1) لا يترك هذا الاحتياط.
524

شروط ملابس المصلّي:

قد يلبس المصلّي ثوباً واحداً في الصلاة يتستّر به، وقد يلبس ملابس متعدّدةً، كالسروال والقميص والعباءة مثلا، وعلى أيّ حال فيجب أن تتوفّر في ملابس المصلّي عندنا الشروط التالية:

الأول: الطهارة، وقد تقدّم تفصيل ذلك في فصل أنواع النجاسات الفقرة (54)، وتقدّمت بعض الاستثناءات في الفقرة (78) وما بعدها من ذلك الفصل.

(17) الثاني: أن لا يكون شيء من ملابسه مأخوذاً من حيوان لا يسوغ أكل لحمه، كوبر السباع وجلودها إذا صنعت منها الملابس. فإنّ الصلاة فيها غير سائغة؛ حتى ولو ذبح السبع وذكّيَ بطريقة شرعية ما دام لا يسوغ أكل لحمه، وأكثر من هذا أنّ وقوع شيء من حيوان لا يسوغ أكل لحمه أو من فضلاته على ملابس المصلّي أو بدنه يُبطل الصلاة، فإذا صلّى الإنسان وعلى بدنه أو ملابسه شعرة من قطٍّ بطلت صلاته؛ على الرغم من أنّها طاهرة.

(18) ولا يشمل ذلك أيّ شيء من حيوان لا لحم له وإن حرم أكله، كالبعوضة والبرغوث والنملة والعسل والشمع وما تنتجه دودة القزّ، كما لا يشمل الصدف وهو غلاف اللؤلؤ.

(19) وكذلك لا يشمل أيّ شيء من الإنسان كشعره ولبنه وريقه، فتصحّ الصلاة مع وقوع شعرة إنسان آخر أو قطرة من لبن امرأة على ملابس المصلّي أو بدنه.

(20) ويستثنى من الحيوانات التي لا يسوغ أكل لحمها: الحيوانات المائية

525

بما فيها الخزّ(1)، فإنّ استعمال المصلّي حال الصلاة لملابس مأخوذة منها جائز، حتّى ولو كانت تلك الحيوانات ممّا لا يسوغ أكل لحمها.

(21) ومن شكّ في أنّ هذا اللباس هل هو من حيوان أو من غير الحيوان؟ أو علم بأنّه من الحيوان ولكنّه لا يدري هل هو من الحيوان غير المأكول كي لاتسوغ الصلاة فيه أو من المأكول المذكى شرعاً كي تسوغ وتصحّ؟ فله أن يلبسه ويصلّي فيه (2).

(22) الثالث: أن لا يكون شيء من ألبسة المصلّي ـ إذا كان رجلا ـ من الحرير الحيواني، ونقصد بالحرير الحيواني: الإبريسم الذي تنتجه دودة القز، ويسمّى بالحرير الطبيعي تمييزاً له عن الحرير الصناعي، فلا يشمل إذن كلّ ما كان ناعماً من الأقمشة وإن سمّي حريراً في العرف الآن.

وبكلمة اُخرى يُلخّص بها هذا الشرط والشرط الذي سبقه: أنّ الأقمشة المتّخذة من النباتات ـ كالأقمشة المأخوذة من القطن أو الكتّان ـ سائغة للمصلّي عموماً، والأقمشة التي كانت موادّها مصنّعةً ـ كالنايلون مثلا ـ سائغة للمصلّي أيضاً عموماً، وأمّا الأقمشة المتّخذة من الحيوان فيجب أن يراعى فيها أن لا تكون مادّتها جزءً لحيوان لا يسوغ أكل لحمه، وأن لا تكون من الحرير الذي تنتجه دودة القزّ.

 


(1) دابّة من دوابّ الماء تمشي على أربع تشبه الثعلب، وترعى من البر وتنزل البحر، لها وَبَر [ كان] يصنع منه الثياب قديماً. وقد تصنع الثياب من جلودها أيضاً.(منه (رحمه الله)).
(2) الظاهر أنّ المقصود: إحراز التذكية على كلا التقديرين كي يتمحّض الشكّ في الشك من ناحية حرمة الأكل، ولا يجري عليه حكم الشك في التذكية والذي قد يكون محكوماً بأصالة عدم التذكية.
526

(23) وإنّما تبطل الصلاة في الملابس الحريرية إذا كانت حريراً خالصاً، وأمّا إذا كانت خليطاً من حرير وغيره كالقطن والصوف فيجوز لبسها للمصلّي، إلّا إذا كانت كميّة المادّة الاُخرى التي خلطت مع الحرير ضئيلةً إلى درجة تؤدّي إلى عدم الاعتراف بوجودها في العرف العامّ وعدّ الثوب حريراً خالصاً.

(24) وقد تسأل: هل يسوغ أن تكون بطانة الثوب من الحرير الخالص، أو تزيينه بخيوط منه، أو تكون حواشيه وأطرافه من الحرير، أو أزراره وما يشبهها من خيوط تربط بعض أطرافه ببعض ؟

والجواب: أمّا البطانة فلا، وما عداها كالأزرار وغيرها ممّا جاء في السؤال فلا بأس به ما دام اسم الملبوس لايصدق عليه.

(25) ومن شكّ في أنّ هذا الثوب هل هو من الحرير أو من القطن مثلا ؟ أو شكّ أنّه هل هو من الحرير الطبيعي، أو من الحرير المصنوع ؟ أو علم أنّه من الحرير الطبيعي ولكنّه شكّ في أنّه هل هو حرير محض أو مخلوط بغيره ؟ يسوغ له أن يصلّي فيه (1).

(26) وكلّ ما حَرُمَ على المصلّي أن يصلّي فيه من الحرير حرم عليه أن يلبسه في غير الصلاة أيضاً، على ما يأتي في القسم الثالث من هذه الفتاوى إن شاء الله تعالى.

(27) هذا بالنسبة إلى الرجال. وأمّا بالنسبة إلى النساء فيباح لهنّ لبس الحرير في الصلاة وغير الصلاة.

الرابع: (28) أن لا يكون شيء ممّا يلبسه ذهباً إذا كان المصلّي رجلا حتّى


(1) على أن لا يكون تركه للفحص عن حقيقة الأمر من قبيل إغماض العين عن رؤية أمر واضح وسهل الوصول إليه.
527

ولو كان خاتماً من ذهب، فإنّ الصلاة حال التختّم به غير سائغة. وكذا ما يشبه السوار الذي تثبت ساعة اليد عليه، فإنّه إذا كان ذهبياً فلا يسوغ للمصلّي لبسه، ويقرب منها السلسلة الذهبية التي تعلّق بها الساعة التي توضع في الجيب ويثبت طرف السلسلة في موضع من القميص أو غيره، فإنّ الجدير بالمكلف احتياطاً ووجوباً عدم استعمال هذه السلسلة حال الصلاة أيضاً.

(29) ويسوغ للمصلّي حمل الساعة الذهبية في الجيب، كما يسوغ أن تكون له سِنٌّ ذهبية، سواء كانت ظاهرةً أو خفية، كما لا بأس بالزِرّ من ذهب أيضاً، وبالشارات العسكرية الذهبية التي تعلّق على ملابس العسكريّين فإنّ كلّ ذلك ليس لبساً للذهب.

والمقياس لِلبس الذهب: أن يكون للذهب إحاطةٌ ببدن المصلّي، أو بجزء من بدنه، فالخاتم له إحاطة بإصبع المصلّي، والسوار له إحاطة بمعصم المصلّي، وليس كذلك الساعة المحمولة أو الزِرّ الذي يُزَرّرُ به الثوب.

(30) وكما لا يسوغ لبس الخاتم الذهبي إذا كان كلّه ذهباً خالصاً كذلك إذا كان مشتملا على غير الذهب أيضاً، إذا كانت نسبة غير الذهب ليست كبيرةً على نحو يعتبر الخاتم خاتماً من ذهب في العرف العامّ، وأمّا إذا زادت نسبة غير الذهب فيه إلى درجة لم يعتبر كذلك فلبسه في الصلاة سائغ، وإذا كان الخاتم ذهبياً وطُلِيَ بطلاء فضّيّ أو بطلاء من معدن آخر فلا تسوغ الصلاة فيه لمجرّد ذلك.

(31) وتسوغ الصلاة في خاتم من بلاتين، أو خاتم من ذهب مزج ذهبه بمعدن أبيض كفضّة أو بلاتين حتّى أصبح لونه أبيض.

(32) وكلّ ما لا تسوغ الصلاة فيه من الذهب لا يجوز لبسه، حتّى في غير حالة الصلاة، على ما يأتي في القسم الثالث من الفتاوى الواضحة (السلوك الخاصّ) إن شاء الله تعالى.

528

(33) هذا كلّه بالنسبة إلى الرجال. وأمّا النساء فيباح لهنّ الذهب في الصلاة وغيرها.

(34) ولا يجوز للمكلّف أن يغتصب ثوباً أو أيّ شيء آخر ويلبسه بدون إذن صاحبه، وإذا لبسه كان آثماً، سواء أصلّى فيه أم لا، ولكن إذا صلّى فيه لم تبطل صلاته وإن أثم وعصى لتهاونه بأموال غيره.

(35) وقد يصلّي الإنسان في ما هو مأخوذ من حيوان لا يسوغ أكل لحمه، أو في ثوب حريري، أو في خاتم من ذهب ـ مثلا ـ ناسياً أو جاهلا بأنّ ذلك لا يسوغ له شرعاً، وفي هذه الحالة تصحّ صلاته، ولا إعادة عليه إذا التفت أو علم بالحكم بعد الفراغ من صلاته. وأمّا إذا التفت أو علم بالحكم في أثناء الصلاة فعليه الإعادة.

(36) من لم يجد إلّا ثوباً متنجّساً ولا يتمكّن من تطهيره صلّى فيه وصحّت صلاته.

(37) ومن لم يجد إلّا ثوباً مادته مأخوذة من حيوان لا يسوغ أكل لحمه وجب عليه أن ينزعه حال الصلاة، ويحاول أن يتستّر بورق ونحوه إن أمكن ويصلّي بدون ثوب (1).

(38) ومن لم يجد إلّا ثوباً من الحرير الخالص تركه وصلّى عارياً؛ محاولا



(1) هذا الكلام لا إشكال فيه لو وجد الورق أو الطين ونحوه لستر العورة، أمّا لو لم يجد ذلك ودار الأمر بين أن يعمل بوظيفة العاري أو يصلّي بالساتر المأخوذ من حيوان لا يؤكل لحمه فالأحوط الجمع بتكرار الصلاة مرّةً بهذا الثوب واُخرى عارياً، وإن كان الأقوى كفاية صلاة العاري.

529

أن يتستّر بورق ونحوه (1)، وإذا كان مضطرّاً إلى لبس ذلك الثوب لمرض أو لأيّ سبب آخر طيلة الوقت المضروب للصلاة على نحو لايتيسّر له نزعه طيلة هذه المدة صلّى فيه.

(39) وإذا كان عنده ثوبان أحدهما يحرم لبسه في كلّ الأحوال ولا تسوغ الصلاة فيه ـ كثوب الحرير المحض ـ والآخر ثوب يسوغ لبسه في الصلاة وغير الصلاة، وتعذّر التمييز بينهما والتعيين ولا ثالث تركهما معاً وصلّى عارياً؛ محاولا ستر عورته بورق ونحوه.

(40) وإذا كان كلّ من الثوبين يجوز لبسه في غير الصلاة، ولكن أحدهما لا يسوغ الصلاة فيه ـ كثوب اُخذت مادته من وبر السباع ـ والآخر تصحّ الصلاة فيه كثوب القطن الطاهر وجب على المكلّف إذا لم يميّز بينهما أن يصلّي تارةً في هذا؛ وتارةً في الآخر.

(41) ويسوغ لمن عجز عن الثوب الساتر المطلوب شرعاً أن يبادر إلى الصلاة في أوّل وقتها؛ عارياً أو مع الثوب الساتر الاضطراري؛ وفقاً لما تقدّم من حالات وأحكام؛ حتّى ولو احتمل زوال العذر وارتفاعه في آخر الوقت.

وإذا صلّى في أوّل الوقت، وبعد الفراغ وجد الثوب الساتر المطلوب شرعاً وارتفع العذر والاضطرار فلا تجب الإعادة، إلّا في الحالات التي تجب فيها على العاجز أن يصلّي مومياً إلى الركوع والسجود.



(1) إن أمكن التستّر بمثل الورق فلا إشكال في ذلك، وإلّا فالأحوط الجمع بين الصلاة مع الساتر الذي هو من الحرير تارةً وصلاة العاري تارةً اُخرى، وإن كان الأقوى كفاية صلاة العاري.