بيانات

بيان (64) بمناسبة العشرة الأخيرة من شهر رمضان المبارك ويوم القدس العالميّ


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله على نبيّنا محمّد و آله الطاهرين

قال الله تعالى في كتابه العزيز: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلاَئِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ﴾(1). صدق الله العليّ العظيم.

السلام عليكم أبناءنا المؤمنين ورحمة الله وبركاته.

أمّا بعد: فإنَّ الربَّ الكريم تفضّلَ علينا مُجدّداً فأشهدنا شهره، ودعانا لضيافتِهِ، وجعلنا من أهل كرامته، وها نحن الآن أشرفنا على العشرة الأخيرة من هذا الشهر المبارك، فله الحمدُ على آلائه ونِعَمِهِ، وعفوِهِ وتجاوزه، ورحمته ورأفته، وألطافه ومِنَنِهِ.

يطيبُ لي أبنائي وأنا أعيشُ هذِهِ الضيافة الربّانيّة أن اُذكّركم بوجوب استثمار هذه الأجواء الروحانيّة السامية، فيُعالجُ كُلُّ شخص نَفسَهُ ويُخلِّصَها ممّا عَلُقَ بها من الشوائب الشيطانيّة، وينحُو بها المناحي الإلهيَّة مادامت الشياطينُ مغلولة، حتّى إذا ما انتهى الشهرُ الكريم يكونُ العبد قد حصلَ على مناعة تردَعُهُ عن اتّباع خُطواتِ عدوِّه الشيطان، ويجدُ اُنساً ولذَّةً في اتّباع أوامر ربِّهِ الرؤوف الرحمن...

ولابدّ لي من التأكيد على اُمور أرى في إبلاغها تكليفاً شرعيّاً لابدّ من أدائه:

أوّلاً: انزِعوا الغِلَّ من صدوركم، وأشيعوا المحبّة والمودّة بينكم، ولتكُن روح التسامح هي الحاكمة فيكم، وليتجاوز بعضكم عن أخطاء الآخرين في حقّه، لتعود السلامة إلى النفوس، اقتداءً بأئمّتنا الطاهرين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.

ثانياً: تحنّنوا على اليتامى والفُقراء، واعلموا أنَّ مواساتَهُم ـ بقدر الوسع ـ مسؤوليّةٌ شرعيّة مضافاً إلى ما تُدِرُّهُ من رحمة الله وبركاتِه.

ثالثاً: اهتمّوا بعوائل الشهداء من ضحايا إرهاب الأمريكان والصدّاميّين والنواصب، ولتكن النظرةُ إليهم نظرة إكبار وإجلال، وكذلك السجناء والمعوَّقين من إخوانكم المؤمنين وعوائلهم.

رابعاً: احرصوا أن يكون ما بقي من هذا الموسم ـ موسم القرب من الله تعالى ـ مناسبةً للتعَرُّف على كنوز الإسلام العزيز التي لا تنضب، ولا يكُن ـ لا سمح الله ـ موسماً لتضييع الوقت وإتلافه في توافه الاُمور فضلاً عن الحرام والعياذُ بالله تعالى.

خامساً: إنّ جمع الصفّ وتوحيد الكلمة واجبٌ، والسعي إليه كذلك، فاطردوا الشياطين الصدّاميّين من أوساطكم، ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم، وتُشمِتُوا بنا الأعداء.

سادساً: اُوجّه خطابي إلى الحكومة مطالباً بإطلاق سراح المعتقلين الذين ارتكبوا أخطاءً يمكن تدارُكها، خصوصاً وأنّ الكثير منهم ذهبوا ضحيّة الدعاوى الكيديّة والأحقاد الشخصيّة، فإلى متى يلبثون في السجون وعوائلُهُم في العراء؟!

إنَّ سجنَ المخطئين والمظلومين، وإطلاق سراح القتلة من النواصب والصدّاميّين سوف يكون مدعاةً لغضب الربّ تعالى وسخط العِباد.

فاستثمروا ما بقي من شهر الرحمة والبركة والمغفرة، واجعلوا الناسَ يهنؤون بعيدهم مع أبنائهم.

سابعاً: أبناءنا الأعزّاء، لا تغفلوا عن إحياء يوم القُدس في آخر جمعة من شهر رمضان حتّى لا يتخَيَّلَ ضعافُ النفوس أنّ شيعة أهل البيت(عليهم السلام)في العراق شغلتهم مصائبهم عن الاهتمام بقضايا الاُمّة المصيريّه، فإنّ القُدس مسرى نبيّنا ومعراجه، ومُصلّى إمامنا عجّل اللهُ فرجه، وإنّ طبيعة العدوّ وسياسته تأبيان أن تُحَرَّرَ بالمفاوضات والمساومات، وتقديم المُبادرات التي لم يجنِ منها الشعب الفلسطينيّ المظلوم إلّا الذُلّ والمهانة.

اللّهمّ اجعل ما بقي من شهرك هذا على اُمّتنا سيّما في عراقنا الجريح خيراً وبركة، وضاعف فيه علينا رحمتك، وحَقّق اُمنيّتنا في دولة كريمة تُعِزُّ بها الإسلام وأهله، وتُذلُّ بها النفاقَ وأهله، وتجعلنا فيها من الدعاة إلى طاعتك، والقادةِ إلى سبيلك.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

19 / رمضان المبارك /1430 هـ . ق

كاظم الحسينيّ الحائريّ

_________________________

(1) سورة فصّلت، الآية: 30 ـ 31.