المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

89

إلاّ بقراءة الألفاظ من دون إنزال المعاني بدقيق الكلمة على أفئدتنا.

وفي الحديث عن الصادق(عليه السلام): «لقد تجلّى الله لخلقه في كلامه، ولكنّهم لا يبصرون»(1). وكلّنا نعلم أنّ كتاب الشخص يمثّل شخصيّته، وحتّى الرسالة المختصرة التي تُردّد بين صديقين قد تُمثّل شخصية صاحب الرسالة، فمن الطبيعي أنّ يقال: «لقد تجلّى الله لخلقه في كلامه ولكنّهم لا يبصرون» وهذا المعنى صادق بلحاظ كتابي الآفاق والأنفس أيضاً، كما قال الله تعالى: ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ ...﴾(2)، إلاّ أنّه بالنسبة للقرآن أوضح وأسهل للدرك لدى الناس الاعتياديين.

وتوجد بعض القصص والحكايات في تأثير التدبّر في القرآن وإحيائه للقلوب من قبيل:

1 ـ ما يُحكى عن الفضيل بن عياض: أنّه كان في أوّل أمره يقطع الطريق بين ابيورد وسرخس، وعشق جارية، فبينما يرتقي الجدران إليها سمع تالياً يتلو: ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ ...﴾(3). فقال: يا ربِّ قد آن، فرجع وأوى إلى خربة، فإذا فيها رفقة، فقال بعضهم نرتحل، وقال بعضهم حتّى نصبح، فإنّ فضيلاً على الطريق يقطع علينا. فتاب الفضيل وآمنهم. وحكي أنّه جاور الحرم حتّى مات(4).

2 ـ قيل: كان لفضيل ولد اسمه عليّ، وكان أفضل من أبيه في الزهد والعبادة، إلاّ أنّه لم يتمتع بحياته كثيراً، وكان سبب موته أنّه كان يوماً في المسجد الحرام واقفاً


(1) البحار 92 / 107.

(2) السورة 41، فصّلت، الآية: 53.

(3) السورة 57، الحديد، الآية: 16.

(4) سفينة البحار 7/103، مادة (الفضيل).