المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

80

سَعتها خطرَ استيعاب السواد للقلب، وسقوط الإنسان إلى ما لا رجعة له منه، كما ورد في الحديث عن أَبي بصير قال: سمعت أَبا عبدالله(عليه السلام) يقول: «إِذا أَذنب الرجل خرج في قلبه نكتة سوداء، فإِن تاب انمحت، وإِن زاد زادت حتى تغلب على قلبه، فلا يفلح بعدها أَبداً»(1).

وورد عن زرارة، عن أَبي جعفر(عليه السلام)(2) قال: «ما من عبد إِلاَّ وفي قلبه نكتة بيضاء، فإِذا أَذنب ذنباً خرج في النكتة نكتة سوداء، فإِن تاب ذهب ذلك السواد، وإِن تمادى في الذنوب زاد ذلك السواد حتى يغطِّي البياض، فإِذا غطَّى البياض لم يرجع صاحبه إلى خير أَبداً، وهو قول الله عزَّ وجلَّ: ﴿ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَا كَانُوا يَكْسِبُون﴾(3)».

وقد ورد عن أَبي محمّد الحسن العسكري(عليه السلام)، عن آبائه(عليهم السلام)، قال: كتب الصادق (عليه السلام) إلى بعض الناس: «إِن أَردت أَن يُختمَ بخير عملك حتى تُقبض وأَنت في أَحسن الأَعمال، فعظِّم لله حقَّه، أَن تبذل نعمائه في معاصيه، وأَن تغترَّ بحلمه عنك، وأَكرمْ كلَّ مَنْ وجدته يذكرنا أَو ينتحل مودَّتنا، ثُمَّ ليس عليك صادقاً كان أَو كاذباً، إِنَّما لك نيَّتك وعليه كذبه»(4).

إِنَّ السلوك إلى الله ـ سبحانه وتعالى ـ بعد تكميل أُصول العقائد بحاجة إلى أركان ثلاثة: إلى كتاب يكون دستوراً لعمله، وإلى عبادة بينه وبين ربِّه يختلي فيها مع الله سبحانه، وإلى سلوك مع الطبيعة ومع الناس، أو قلْ: ارتباط مع المخلوقات،


(1) الوسائل 15/302، الباب 40 من جهاد النفس، الحديث 12.

(2) المصدر السابق 15 / 303، الحديث 16.

(3) السورة 83، المطففين، الآية: 14.

(4) البحار 78/195.