المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

609

﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾(1).

ولا ينبغي أن نغفل عن الدعاء والالتجاء إلى الله سبحانه وتعالى للتوفيق لذلك؛ لأنّ التوفيق من الله؛ فإنَّ الله ـ تعالى ـ يقول: ﴿... وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنكُم مِّنْ أَحَد أَبَداً ...﴾(2)، فلو أنّ الله ـ تبارك وتعالى ـ أراد أن يذكي ضميرنا ووجداننا وعقلنا انتهينا إلى كلِّ خير، ولو أنّ الله ـ تعالى ـ أوكلنا إلى أنفسنا طرفة عين لهلكنا، وكلُّ مساعينا إن هي إلاّ مقدّمات إعدادية للإفاضة من الله سبحانه وتعالى قد تفضَّل الله ـ تعالى ـ علينا بإقدارنا عليها، وأمرنا بالالتزام بها.

وقد ورد في الحديث عن ابن أبي يعفور قال: «سمعت أبا عبدالله(عليه السلام) يقول ـ وهو رافع يده إلى السماء ـ: ربِّ لا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبداً، لا أقلّ من ذلك ولا أكثر، قال: فما كان بأسرع من أن تحدر الدموع من جوانب لحيته، ثُمّ أقبل عليَّ فقال: يابن أبي يعفور، إنّ يونس بن متى وكَّلَه الله ـ عزَّوجلَّ ـ إلى نفسه أقلَّ من طرفة عين فأحدث ذلك الذنب.

قلت: فبلغ به كفراً أصلحك الله؟

قال: لا، ولكنّ الموت على تلك الحال هلاك»(3).

وطبعاً يحمل الذنب في الحديث على معنى ترك الأولى، ممَّا يحسبه الأنبياء والأوصياء والمعصومون بالنسبة لأنفسهم ضلالة ونقصاناً للدرجة، وعلى هذا الأساس ورد في القرآن: ﴿فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾(4).


(1) السورة 29، العنكبوت، الآية: 69.

(2) السورة 24، النور، الآية: 21.

(3) أُصول الكافي 2 / 581، باب دعوات موجزات، الحديث 15.

(4) السورة 37، الصافات، الآيتان: 143 ـ 144.