المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

607

4 ـ ﴿وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ﴾(1).

5 ـ ﴿وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالاَْبْصَارَ وَالاَْفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ﴾(2).

6 ـ ﴿... وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالاَْبْصَارَ وَالاَْفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ﴾(3).

وهذه القوى الثلاث: أعني أوَّلاً الضمير أو الوجدان، وثانياً الفطرة، وثالثاً القلب أو الفؤاد، هي خير أدوات لهداية البشر ﴿ صِبْغَةَ اللّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ صِبْغَةً ...﴾(4).

ووظيفتنا تجاه هذه النعم القيِّمة والتي تصلح أن تكون خير محفِّز للخيرات والفضائل والحسنات والكمالات، هي جلاؤها وصقلها، وتقويتها، ونفض الغبار عنها.

وإن شئت توضيحاً أكثر من ذلك قلنا: إنّ الضمير المودع من قبل الله سبحانه وتعالى في نفس كلِّ فرد من أفراد البشر، لا يخطأ في فهمه وإدراكه، وهي الجوهرة الربَّانيَّة والرسول الباطني الذي أُرسل لهداية البشر، بمعونة العقل النظري في النظريّات المحتاج إليها للوصول إلى النتائج الخارجيّة: من إدراك الخالق، أو معرفة الرسول، وما شابه ذلك، ولكن هذا الضمير على رغم ماله في حدِّ ذاته من صفاء ونور وجلاء، يبتلى هو أو يبتلى الإنسان بالقياس إليه بمشكلتين:

الأُولى: أنّ الشهرة أو العادة أو العقل الجمعي أو القرار الاجتماعي على شيء لأجل المصالح أو لأجل نزعات نفسيَّة أو لأيِّ عامل آخر وما إلى ذلك، تخلق في النفس في كثير من الأحيان قناعات معيَّنة، وقد تُسمَّى أو يُسمّى بعضها بالمشهورات أو الآراء المحمودة، فيقع الاشتباه في النفس ـ أحياناً ـ بين هذه


(1) السورة 7، الأعراف، الآية: 179.

(2) السورة 23، المؤمنون، الآية: 78.

(3) السورة 32، السجدة، الآية: 90، والسورة 67، الملك، الآية: 23.

(4) السورة 2، البقرة، الآية: 138.