المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

595

البحث مع شخص فيما يعلم أنّ الحقّ مع صاحبه، ولكن حينما يصبح مرجعاً للتقليد يقع التزاحم بين مصلحة الحقّ التي تقتضي التنازل لصاحب له عن المرجعيّة، ومصالحه الشخصيّة التي تنجم من هذا المقام.

ولو أردنا أن نأخذ مثلا من الحياة الماليّة قلنا: قد يقع التصادم بين ولدين في مقتبل عمرهما على دينار واحد بينهما، ولكن حينما يقوى عود التجارات الواسعة لهذا ولذاك، قد يقع التصادم بينهما في الظهور بمظهر الحقّ، على رغم علمه بالبطلان في صفقة واحدة تدرّ عليه بالحقّ تارة وبالباطل أُخرى أرباحاً هائلة، تنوء مفاتحها بالعصبة أُولي القوّة.

فعلى الإنسان أن يعوّد نفسه على تقديم المصلحة الإسلاميّة والأخلاقيّة على المصلحة الشخصيّة من أوّل يوم، فإذا قدر على ذلك قدر عليه في اليوم الثاني؛ لأنّ الفارق ضئيل، وهكذا إلى آخر يوم، في حين أنّه لو لم يربّ نفسه على ذلك من أوّل الأمر إلى أن وصل إلى تزاحمات كبيرة ومصلحتين متصادمتين عظيمتين، فسوف ينهار قبال إغراء المصالح الشخصيّة، ولا يقدر على إنجاء نفسه.

والخامسة: موضوع العناوين الثانويّة يقع فيه كثير من الخلط واللبس في إيهام النفس بحقّانيّة احدى الكفّتين في مقابل الاُخرى حيث تقتضي المصلحة الحقيقيّة الإسلاميّة أو الأخلاقيّة أحياناً اتّخاذ موقف ليس في صالحه الشخصي، فيعمد الشخص فوراً إلى دعوى أنّ العنوان الثانوي يتطلّب منه اتّخاذ الموقف الآخر؛ كي لا ينكسر مثلا، ويبقى قادراً على نصر الإسلام، أو إلى القول بأنّه يجب عليه ترك الجهاد، لأنّه يعرضه للقتل، في حين أنّ الإسلام بحاجة إلى حياته، أو إلى الغيبة والوقيعة والهتك بحجّة أنّ فلاناً وجب فضحه، وجازت غيبته، وما إلى ذلك، فهذا مزلّة لنفوس الكبار، ومزلقة لأقدام العظام، يجب التوجّه إلى ذلك بدقّة كاملة.