فكان تأثير هذا المشهد وهذا الاهتزاز العميق في نفسه أن سقط إلى الهاوية، واختار الشقاء وقال:
وما عاقلٌ باع الوجود بدين
بل انتهى إلى الشكّ والزندقة وقال:
يقولون إنّ الله خالق جنّة *** ونار وتعذيب وغلّ يدينِ
وإن صدقوا فيما يقولون إنّني *** أتوبُ إلى الرحمن من سنتينِ
وإن كذبوا فزنا بدنيا هنيئة *** وملك عقيم دائم الحجلين(1)
والروايات المؤكِّدة لضرورة ترجيح كفّة الفضيلة والعمل الصالح على كفّة اللذّة الدنيويّة لدى تحقّق مشهد للتزاحم بينهما، كثيرة وبألسن مختلفة:
منها: ما ورد بلسان تقديم الآخرة على الدنيا، وذلك من قبيل:
1 ـ ما في حديث المناهي عن رسول الله(صلى الله عليه وآله): «...ألا ومن عرضت له دنيا وآخرة، فاختار الدنيا على الآخرة، لقي الله ـ عزّوجّل ـ يوم القيامة وليست له حسنة يتّقي بها النار. ومن اختار الآخرة، وترك الدنيا، رضي الله عنه، وغفر له مساوئ عمله»(2).
2 ـ ما روي عن الإمام الصادق(عليه السلام)، عن آبائه، عن النبيّ(صلى الله عليه وآله): «طوبى لمن ترك شهوة حاضرة لموعد لم يره»(3).
ومنها: ما ورد بلسان تقديم رضا الربّ أو الدين على هوى النفس أو المصالح الشخصيّة والمادّية، وذلك من قبيل:
1 ـ ما عن الباقر(عليه السلام) قال: قال الله عزّ وجلّ: «وعزّتي وجلالي، وعظمتي
(1) رياحين الشريعة 4 / 238.
(2) وسائل الشيعة 15 / 209، الباب 9 من جهاد النفس، الحديث 1.
(3) المصدر السابق: ص 210، الحديث 3.