المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

590

فكان تأثير هذا المشهد وهذا الاهتزاز العميق في نفسه أن سقط إلى الهاوية، واختار الشقاء وقال:

وما عاقلٌ باع الوجود بدين

بل انتهى إلى الشكّ والزندقة وقال:

يقولون إنّ الله خالق جنّة *** ونار وتعذيب وغلّ يدينِ

وإن صدقوا فيما يقولون إنّني *** أتوبُ إلى الرحمن من سنتينِ

وإن كذبوا فزنا بدنيا هنيئة *** وملك عقيم دائم الحجلين(1)

والروايات المؤكِّدة لضرورة ترجيح كفّة الفضيلة والعمل الصالح على كفّة اللذّة الدنيويّة لدى تحقّق مشهد للتزاحم بينهما، كثيرة وبألسن مختلفة:

منها: ما ورد بلسان تقديم الآخرة على الدنيا، وذلك من قبيل:

1 ـ ما في حديث المناهي عن رسول الله(صلى الله عليه وآله): «...ألا ومن عرضت له دنيا وآخرة، فاختار الدنيا على الآخرة، لقي الله ـ عزّوجّل ـ يوم القيامة وليست له حسنة يتّقي بها النار. ومن اختار الآخرة، وترك الدنيا، رضي الله عنه، وغفر له مساوئ عمله»(2).

2 ـ ما روي عن الإمام الصادق(عليه السلام)، عن آبائه، عن النبيّ(صلى الله عليه وآله): «طوبى لمن ترك شهوة حاضرة لموعد لم يره»(3).

ومنها: ما ورد بلسان تقديم رضا الربّ أو الدين على هوى النفس أو المصالح الشخصيّة والمادّية، وذلك من قبيل:

1 ـ ما عن الباقر(عليه السلام) قال: قال الله عزّ وجلّ: «وعزّتي وجلالي، وعظمتي


(1) رياحين الشريعة 4 / 238.

(2) وسائل الشيعة 15 / 209، الباب 9 من جهاد النفس، الحديث 1.

(3) المصدر السابق: ص 210، الحديث 3.