المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

587

ولا تتناهى عظمته وقدرته وحكمته وعلمه وجزاؤه الحسن، ورضوانه وجنّته التي عرضها السماوات والأرض، كان ذلك منعّشاً للآمال. ومهما اقترب الإنسان من هدف من هذا القبيل،اشتدّت رغبته إليه، وأحسّ ببعد منتهاه وعمق أغواره، وكأنّ الاُمور المعنويّة تصبح حسّيّة لديه، وكأنّ الاُمور الغيبية تصبح حاضرة عنده «... فهم والجنّة كمن قد رآها، فهم فيها منعّمون، وهم والنار كمن قد رآها فهم فيها معذّبون ...»(1).

 

4 ـ التضحية:

إنّ من أهمّ ما يؤثّر في تزكية النفس وتقوية الروح والاقتراب إلى الله سبحانه وتعالى هي: التضحية في سبيل المبدأ والعقيدة والإسلام، وكذلك في سبيل كلّ خير للناس وللمؤمنين. وأقصد بالتضحية: تقديم مصلحة المبدأ أو الإسلام أو المؤمنين على مصلحة الشخص؛ فإنّ هذا يكسر في النفس طوق ضيق الأُفق المبتلى به الإنسان عادة في بداية أمره المتلخص في أنّه لا يرى إلاّ مصالحه الشخصيّة. وأساس الانحراف لدى الإنسان انطواؤه على مصالحه الخاصّة من ناحية، وضعف الإرادة من ناحية أُخرى. والتضحية تعالج كلتا هاتين المشكلتين. وكلّما كانت التضحية أكبر، كان أثرها في صفاء النفس وارتفاع الروح وعلوّ الهمّة أقوى، حتّى يصل الأمر إلى التضحية بالنفس، فكيف بمن يضحّي بكلّ غال ونفيس، وبالنفس وبالأ هل والمال والعيال والأطفال ثمّ يقول: «... هوّن عليّ ما نزل بي أنّه بعين الله ...»(2).

وقبل التضحية يتحقّق مشهد من مشاهد التقابل بين مصلحة المجتمع أو مصلحة الإسلام أو رضا الله تعالى أو سبيل الجنّة من ناحية، والمصالح الشخصيّة التافهة


(1) المصدر السابق.

(2) بحار الأنوار 45/46.