المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

54

يفعل) وحالة (عليه أن يفعل). والعقل ينتزع من السلطنة ـ باعتبار وجدانها لهذه النكات ـ مفهوم الاختيار بالمعنى المنسجم مع الحسن والقبح الخُلُقيَّين.

يبقى شيء وهو: أنَّنا لو حصلنا على برهان على ثبوت هذه السلطنة في الإنسان ثبت الاختيار بالمعنى المصحِّح لقضايا الأخلاق بالبرهان، ولو لم نحصل على برهان على ذلك فمجرد تصوُّرنا البديهيِّ لمفهوم السلطنة في مقابل مفهوم الوجوب والإمكان، وتصديقنا بأنَّه لو وجد لذلك مصداق ثبت الاختيار، وصحَّ وجود الفعل من دون أن يجب، كاف في إبطال برهان الجبر القائم على أساس تخيُّل أن المصحِّح للوجود لا يمكن أن يكون إلاَّ الوجوب، فإذا بطل برهان الجبر سهل على الإنسان الرجوع إلى وجدانه الذي كان لدى صاحب الشبهة مغطَّى بالبرهان المتُخيَّل.

والسلطنة التي تكلَّمنا عنها بعد فرض عدم امتلاك برهان عليها ينحصر أمر إثباتها خارجاً للإنسان بالشرع أو بالوجدان، بأن يقال مثلاً: إنَّنا ندرك مباشرة بالوجدان ثبوت السلطنة فينا، وأنَّنا حينما يتمُّ الشوق الأكيد في أنفسنا نحو عمل ما لا نقدم عليه قهراً، ولا يدفعنا إليه أحد، بل نقدم عليه بالسلطنة بناءً على دعوى أنَّ حالة السلطنة من الاُمور الموجودة لدى النفس بالعلم الحضوريِّ، من قبيل: حالة الجوع، أو العطش، أو حالة الحبِّ، أو البغض، وهذا يعني: وجدانيّة الاختيار.