المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

53

بأنَّ الحادث لو وُجِدَ بلا علَّة ووجوب لَزِمَ ترجيح أحد المتساويين على الآخر بلا مرجِّح، وهو محال، لكنَّك ترى أنَّ استحالة الترجيح أو الترجُّح بلا مرجِّح هي عبارة أُخرى عن أنَّ المعلول لا يوجد بلا علَّة. إذن، فلابدَّ من الرجوع في هذه القاعدة إلى الفِطرة السليمة مع التخلُّص من تشويش الاصطلاحات والألفاظ؛ لنرى ماهو مدى حكم الفطرة والوجدان بهذه القاعدة؟

والفِطرة السليمة تحكم بأنَّ مجرّد الإمكان الذاتي لا يكفي للوجود.

وهنا أمران إذا وُجِد أحدهما رأى العقل أنّه يكفي لتصحيح الوجود:

أحدهما: الوجوب بالغير، فانه يكفي لخروجه من تساوي الطرفين ويصحِّح الوجود.

والثاني: السلطنة، فلو وجدت لفاعل ما السلطنة رأى العقل بفطرته السليمة أنَّ هذه السلطنة تكفي للوجود.

وتوضيح ذلك: أنَّ السلطنة تشترك مع الإمكان في شيء، ومع الوجوب في شيء، وتمتاز عن كلّ منهما في شيء:

فهي تشترك مع الإمكان في أنَّ نسبتها إلى الوجود والعدم متساوية، لكن تختلف عن الإمكان في أنَّ الإمكان لا يكفي لتحقق أحد الطرفين، بل يحتاج تحقّقه إلى مؤونة زائدة، وأمّا السلطنة فيستحيل فرض الحاجة معها إلى ضمِّ شيء آخر إليها لأجل تحقّق أحد الطرفين؛ إذ بذلك تخرج السلطنة عن كونها سلطنة، وهو خلف، بينما في الإمكان لا يلزم من فرض الحاجة إلى ضمِّ ضميمة خلفُ مفهوم الإمكان، إذن، فالسلطنة لو وُجِدت فلابدَّ من الالتزام بكفايتها.

وهي تشترك مع الوجوب في الكفاية لوجود شيء، بلا حاجة إلى ضمِّ ضميمة، وتمتاز عنه بأنَّ صدور الفعل من الوجوب ضروريٌّ، ولكن صدوره من السلطنة ليس ضروريّاً؛ إذ لو كان ضروريّاً لكان خلف السلطنة. وفرق بين حالة (له أن