المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

482

أمَّا ما ورد في كلمات أئمّتنا(عليهم السلام) بالنسبة لعامَّة الناس من عنوان رؤية الله تعالى، أو عنوان السفر إلى الله تعالى، فهو محمول على المستويات النازلة المناسبة لعامَّة الناس؛ فإنَّ التجلِّي والشهود أو الحضور غير محتمل بشأن عموم الناس. ومثال ذلك:

1 ـ ما عن إمامنا أميرالمؤمنين(عليه السلام)، وقد سأله ذِعْلب اليماني: «هل رأيت ربَّك يا أميرالمؤمنين ؟

فقال(عليه السلام): أفأعبد ما لا أرى ؟ !

فقال: وكيف تراه ؟

قال(عليه السلام): لا تدركه العيون بمشاهدة العيان، ولكن تدركه القلوب بحقائق الإيمان...»(1).

والدليل على كون هذه الرواية ناظرة إلى حال عامَّة الناس، وكون المقصود بالرؤية وإدراك القلب: مجرَّد العلم والإيمان الحاصل لكلِّ مؤمن هو: تعليقه (عليه السلام)العبادة على الرؤية، واستفهامه الاستنكاري من العبادة مع فرض عدم الرؤية. ومن الواضح: أنَّه تكفي لوجوب العبادة الرؤية البرهانيَّة عن طريق رؤية آياته.

2 ـ ما عن إمامنا زين العابدين(عليه السلام) «... وأنَّ الرَّاحل إليك قريب المسافة. وأنَّك لا تحتجب عن خلقك، إلاّ أن تحجبهم الأعمال دونك...»(2).

والدليل على كون المقصود هو السفر الثابت لعامَّة المؤمنين الملتزمين، وأنَّه لا ينظر إلى الخواصِّ هو: أنَّه حصر الحجاب بالأعمال، يعني: المعاصي، فإذن المقصود هو ذاك المستوى من الحجاب المرتفع عن بصيرة كلِّ مؤمن ملتزم دون اختصاص لذلك بالخواص. ولنعم ما قيل بالفارسيّة:


(1) نهج البلاغة: 344، رقم الخطبة: 179.

(2) دعاء أبي حمزة.