المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

481

وإن كان المقصود الوصول بمعنى التجلِّي والحضور والشهود، فلا نعرف أحداً من الأنبياء وصل إليه غير رسول الله(صلى الله عليه وآله).

والذي نفهمه من الآية المباركة بشأن موسى على نبينا وآله وعليه الصلاة والسلام (والله أعلم بمقصوده) أنَّه(عليه السلام) لم يكن قابلاً للتجلِّي فبتجلِّي الله ـ تعالى ـ للجبل ـ لا له هو ـ خرَّ صَعِقاً، قال الله تعالى ﴿وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ مُوسَى صَعِقاً فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ﴾(1) فلئن كان هذا حال موسى(عليه السلام)الذي هو رسول الله وكليمه، ويُعدُّ من الأنبياء أُولي العزم، فما ظنُّك بالعارفين الاعتياديين ؟ ! أفلا تستنتج معي أنَّه لو فُرِض تجلِّي الله ـ تعالى ـ للعارف كان حظُّه الهلاك قبل الوصول ؟ ! ولنعم ما قيل بالفارسيّة:

هر چند تو را راى جفا كارى نيست
در سينه تمنّاى دل آزارى نيست
بى پرده بسوى عاشق خود مگذر
كش طاقت آنكه پرده بردارى نيست
دى شانه زد آن ماه خم گيسو را
بر چهره نهاد زلف عنبر بو را
پوشيد بدين حيله رخ نيكو را
تا هر كه نه محرم نشناسد او را


(1) السورة 7، الأعراف، الآية: 143. وقد أوَّل بعض العرفاء المنحرفين عن خطِّ أهل البيت (عليهم السلام) (الجبل) في الآية المباركة بكون الإنسان وإنّيته. وجعل معنى الآية: أنَّه انظر إلى كونك وإنّيتك فسيتجلَّى ربُّك لجبلك هذا، فإن استقرَّ مكانه فسوف تراه، ولكنَّه سيتلاشى بتجلِّي الربّ لفناء المحدث عند تجلِّي القديم، فلا يبقى لك وجود إضافي متقيد بتلك الصورة الكونيَّة، فلا يبقى إلاّ الحقّ، ومعه لن تراني؛ لأنَّك تُفنى بهذا التجلِّي. قال: وهذا النظر هو اللحظ، فإنَّه ينظر إلى وجود الحقِّ بالحقيقة لا من حيث إطلاقه، بل من حيث تقيّده بتلك الصورة الكونيَّة. راجع شرح منازل السائرين للكاشاني باب اللحظ، وهو الباب الأوَّل من قسـم الولايات، أي: القسم الثامن من الكتاب: ص 194.

أقول: ما أجرأهم على تفسير القرآن بالرأي، وهو الذي نهى عنه أئمّتنا(عليهم السلام).