المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

480

الأسفار ؟ ! فهل الله ـ تعالى ـ هو الذي يسافر ويكتمل ؟ ! تعالى الله عن ذلك علوَّاً كبيراً.

ثُمَّ: ما هو المقصود بما ورد في شَرْحي منازل السائرين من أنَّ السالك حينما يصل إلى الله يفتُر عن أعماله الشاقَّة ؟ ! وكأنَّهم افترضوا أنَّ الوصول له نهاية، فإذا انتهينا إلى نهاية الوصول فلا حاجة إلى الأعمال الشاقَّة، فلئن كان المقصود بالأعمال الشاقَّة: رياضات اختراعيَّة من عند أنفسهم، فهي لهم، وليست للأنبياء والأئمَّة ولأتباعهم،فهم لا يقتربون إليها منذ البدء، ولئن كان المقصود: الطاعات والعبادات والاحتراق ضمن حالات المناجاة والبكاء والتضرُّع وما إلى ذلك، فسيِّد الرسل(صلى الله عليه وآله) وأوصياؤه لم يفتروا عن ذلك و﴿كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ الَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالاَْسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾(1) وكانت ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً ...﴾(2) وفي الحديث الصحيح سنداً عن الصادق(عليه السلام) قال: «كان رسول الله(صلى الله عليه وآله) إذا كان العشر الأواخر ـ يعني: من شهر رمضان ـ اعتكف في المسجد، وضُرِبت له قُبَّة من شعر، وشمَّر المئزر، وطوى فراشه...»(3).

وأخيراً ما هو المقصود بالوصول إلى الله ـ سبحانه وتعالى ـ في نهاية السفر الأوّل؟:

إن كان المقصود الوصول إليه بمعنى الفناء واتِّحاد الشاهد والمشهود، فقد مضت الإشارة إلى جوابه أعلاه.

وإن كان المقصود الوصول بالعلم والبرهان (وليس هذا هو المقصود)، فهذا أوَّل الطريق، وليس آخر الطريق، بل قد يثبت حتّى للكفَّار الذين جحدوا بها واستيقنتها أنفسهم.


(1) السورة 51، الذاريات، الآيتان: 17 ـ 18.

(2) السورة 32، السجدة، الآية: 16.

(3) البحار: 16 / 273 ـ 274.