المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

479

الله(صلى الله عليه وآله)بقوله: «اخترت الرفيق الأعلى» قالوا: فهذه الأسفار الأربعة هي للرُسُل بطريق الأصل، وللأتباع بالوراثة والتبعيَّة.

وذكر سماحة آية الله الشيخ جوادي آملي حفظه الله في بيان حقيقة السفر الرابع: أنَّه بعد الرجوع من الوحدة إلى الكثرة (الذي هو السفر الثالث) يسير في الكثرة بمنظار الوحدة(1).

وعبَّر السيّد الإمام ـ رضوان الله تعالى عليه ـ عن هذا السفر باسم السفر من الخلق إلى الخلق، في مقابل السفر من الخلق إلى الحقّ الذي هو السفر الأوَّل، ومن الحقِّ إلى الحقِّ بالحقِّ الذي هو السفر الثاني، ومن الحقِّ إلى الخلق الذي هو السفر الثالث(2).

أقول: إنَّ ما ورد في شرح الكاشاني لمنازل السائرين من اتِّحاد الشاهد والمشهود إن كان من باب اعتقاد أنَّه لا وجود إلاّ لله تعالى، فهذا لو صحَّ في نفسه لكان ثابتاً منذ البدء، بلا حاجة إلى رياضة وتهذيب نفس.

وإن كان بمعنى كشف ذلك فمن الذي ينكشف له ذلك ؟ ! هل الوجود، ولا وجود إلاّ لله بحسب الفرض، وهو مطِّلع على الحقيقة منذ البدء، أو العدم وما معنى الانكشاف للعدم ؟ !

وإن كان بمعنى حصول الاتِّحاد بين المخلوق وخالقه بعد أن كان غيره، فهذا عين الكفر.

وإن كان بمعنى فناء العبد حقيقة من غير اتِّحاد، فمن الذي يواصل بعد ذلك هذه


(1) راجع المقدِّمة التي كتبها سماحة الشيخ جوادي آملي (حفظه الله) على كتاب سرِّ الصلاة للسيّد الإمام رضوان الله تعالى عليه: 13 ـ 14 بحسب طبعة مؤسسة تنظيم ونشر آثار السيّد الإمام(رحمه الله).

(2) راجع مصباح الهداية للسيّد الإمام رضوان الله عليه: 207 ـ 208 بحسب الطبعة المشتملة على ترجمة السيّد أحمد الفهري حفظه الله.