المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

467

فقال له: كيف صلاتك ؟

فقال: مثلي يُسأل عن صلاته ؟ ! وأنا أعبد الله منذ كذا وكذا.

قال: فكيف بكاؤك ؟

قال: أبكي حتّى تجري دموعي.

فقال له العالم: فإنَّ ضحكك وأنت خائف أفضل من بكائك وأنت مدلٌّ، إنّ المدلَّ لا يصعد من عمله شيء»(1).

أمّا مَنْ كان عابداً لله عن علم ووعي، ولم تكن عبادته عبادةَ الجهلاء، وكان مخلصاً في عمله، فهو بعيدٌ عن الكِبْر أشدّ البعد.

وناهيك ـ إذن ـ من الأنبياء والمرسلين. ومن هنا نرى أن العلاَّمة المجلسي (رحمه الله)يأوّل الرواية الواردة في قِصَّة يوسف الصدّيق على نبيّنا وآله وعليه الصلاة والسلام، فقد ورد في الكافي عن الصادق(عليه السلام) قال: «إنَّ يوسف(عليه السلام) لمَّا قدم عليه الشيخ يعقوب(عليه السلام) دخله عزُّ المُلْك، فلم ينزل إليه، فهبط جبرئيل(عليه السلام)، فقال: يا يوسف ابسط راحتك (يعني: باطن الكفّ) فخرج منها نور ساطع فصار في جوّ السماء، فقال يوسف(عليه السلام): يا جبرئيل ما هذا النور الذي خرج من راحتي ؟ فقال: نزعت النبوَّة من عقبك عقوبة لما لم تنزل إلى الشيخ يعقوب، فلا يكون من عقبك نبيّ»(2).

قال المجلسي(رحمه الله): «ينبغي حمله على أنَّ ما دخله لم يكن تكبُّراً وتحقيراً لوالده؛ لكون الأنبياء مُنزَّهين عن أمثال ذلك، بل راعى فيه المصلحة؛ لحفظ عزَّته عند عامَّة الناس؛ لتمكِّنه من سياسة الخَلْق، وترويج الدين؛ إذ كان نزول الملك عندهم لغيره موجباً لذُلِّه. وكان رعاية الأدب للأب مع نبوَّته ومقاساة الشدائد لحبّه أهمَّ


(1) الكافي 2 / 313.

(2) الكافي 2 / 311 ـ 312.