المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

464

فاسق، فخرجا من المسجد والفاسق صدِّيق والعابد فاسق؛ وذلك أنَّه يدخل العابد المسجد مدلاًّ بعبادته يدلُّ بها، فتكون فكرته في ذلك، وتكون فكرة الفاسق في التندم على فسقه ويستغفر الله عزّوجلّ ممَّا صنع من الذنوب»(1).

ويشبه هذا الحديث ما نقله في المحجَّة(2) عن إحياء العلوم من «أنَّ رجلاً في بني إسرائيل يقال له: خليع بني إسرائيل؛ لكثرة فساده، مرَّ برجل آخر يقال له: عابد بني إسرائيل، وكانت على رأس العابد غمامة تظلُّه، فلمَّا مرَّ الخليع به قال الخليع في نفسه،: أنا خليع بني إسرائيل وهذا عابد بني إسرائيل، فلو جلست إليه لعلَّ الله يرحمني، فجلس إليه. فقال العابد في نفسه: أنا عابد بني إسرائيل، وهذا خليع بني إسرائيل، كيف يجلس إليَّ. فأنف منه وقال له: قم عنّي. فأوحى الله إلى نبيِّ ذلك الزمان مرهما فليستأنفا العمل، فقد غفرت للخليع، وأحبطت عمل العابد. وفي حديث آخر: فتحولت الغمامة إلى رأس الخليع».

وأيضاً من أسباب التكبُّر الإحساس بالصَغار والذلِّ والهوان، فكأنَّه يريد أن يجبر ذلك بالكِبْر، أو ينتقم من الناس الذين يرى نفسه حقيراً عندهم بالتكبر عليهم كما ورد في الحديث عن الصادق(عليه السلام): «ما من رجل تكبَّر أو تجبَّر إلاَّ لذلَّة وجدها في نفسه»(3).

ومن أسباب علاج الكِبْر علاج سببه؛ فإن كان سببُ الكِبْرِ الإحساسَ بالذلِّ والصَغار، فليعرف صاحبه أنّ الله ـ تعالى ـ خَلَقَ البشر عزيزاً كما قال سبحانه وتعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ ...﴾(4)، وقال: ﴿ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ﴾(5).


(1) المصدر السابق: ص 314.

(2) المحجة 6 / 239.

(3) الكافي 2 / 312.

(4) السورة 17، الإسراء، الآية: 70.

(5) السورة 44، الدخان، الآية: 49.