المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

43

 

 

 

 

النقطة الثانية

حقيقة الوجوب والاستحباب

أو الحرمة والكراهة في منطق العقل العملي

 

بعد أن عرفنا واقعيّة الحسن والقبح وإدراك العقل لهما، ولو على مستويات مختلفة ممّا وصل إليه الناس من الدرك بحسب اختلافهم في مستوى كمالهم العقليِّ بالحركة الجوهريّة، وأسمينا ذلك بالعقل العمليِّ، يقع الكلام في حقيقة الوجوب والاستحباب، أو الحرمة والكراهة في منطق العقل العمليِّ.

والواقع: أنَّ الحديث عن الفرق بين الوجوب والاستحباب، أو بين الحرمة والكراهة في منطق العقل العمليِّ يختلف عن الحديث عن ذلك في فقه الشريعة، ففي الفقه يقال عادة: إنَّ الفرق بين الوجوب والاستحباب هو: أنَّ الوجوب طلبٌ من الشريعة لا يطيب المشرِّع نفساً بمخالفة العبد له. والاستحباب طلبٌ من الشريعة يطيب المشرِّع نفساً بمخالفة العبد له.

وبتعبير أدقّ ـ حسب تحقيق نقَّحناه في علم الأُصول ـ: إنَّ الاستحباب طلبٌ مرافق لرغبة المولى في كون العبد حرَّاً في تصرّفه وأن لا يحسّ بالحرج ولا بدّيّة الإتيان بذلك الفعل. والوجوب طلب لا يرافق رغبة من هذا القبيل، بل يريد المولى إلزام العبد وتقيُّده بذلك المطلوب. وقلْ بنظير ذلك في الفرق بين الحرمة والكراهة.

وسواءٌ عبَّرنا بتعبير طيب نفس المولى بالترك وعدمه أو عبَّرنا بتعبير رغبة